الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
الموعظة
الحسنة وأنواعها:
الموعظة: هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، والقول الحق الذي يُلين القلوب، ويؤثر في النفوس، ويكبح جماح النفوس المتمردة، ويزيد النفوس المهذبة إيماناً وهداية (1)، قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (2)، وقال سبحانه:{يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (3).
والداعية إلى اللَّه - تعالى - ينبغي أن يكون وعظه للناس بالقول الحكيم على نوعين: تعليم، وتأديب.
النوع الأول: وعظ التعليم:
وهذا النوع يكون ببيان عقائد التوحيد، وبيان الأحكام الشرعية الخمسة: من الواجب، والحرام، والمسنون، والمكروه، والمباح، ويراعى في ذلك كله ما يُناسب كل طبقة، والحث على التمسك بها، والتحذير من التهاون فيها.
(1) انظر: فتاوى ابن تيمية، 19/ 164، ومفتاح دار السعادة لابن القيم، 1/ 195، والتفسير القيم لابن القيم، ص344، وهداية المرشدين لعلي محفوظ، ص71.
(2)
سورة النساء، الآية:66.
(3)
سورة النور، الآية:17.
ومن تدبر أسلوب القرآن علم أن الأحكام ينبغي أن تُساق إلى الناس مساق الوعظ الذي يليِّن القلوب، ويبعثها على العمل، ولا تسرد سرداً خالية من وسائل التأثير، ومما يوضح ذلك قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (1).
فالأمر بتقوى اللَّه بعد النهي عن إتيان النساء في المحيض، والأمر بإتيانهن في موضع الحرث، والأمر بالتقديم لأنفسنا تحذيراً من مخالفة هذا الهدي الإلهي، وقوله:{وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ} إنذار للذين يُخالفون عن أمره بأنهم يُلاقون جزاء مخالفتهم في الآخرة، ويحاسبون على أعمالهم. وقوله تعالى:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} تبشير للطائعين الذين يقفون عند الحدود، ويتبعون هدى اللَّه – تعالى – والمبشر به عام يشمل منافع الدنيا، ونعيم الآخرة، وحصول كل خير، واندفاع كل شر – رتّب على الإيمان – داخل في هذه الآية.
ومما يزيد ذلك وضوحاً وبياناً أن اللَّه عز وجل بعد أن ذكر أحكام
(1) سورة البقرة، الآيتان: 222 - 223.