الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: حكمة القول التصويرية
من حكمة القول في الدعوة إلى اللَّه - تعالى - استخدام الأساليب التصويرية التي تدخل على القلوب مباشرة فتؤثر فيها، وتشد أذهان المدعوين، وتشوقهم إلى الاستماع والاستفادة، ومن ذلك على سبيل المثال ما يلي:
المسلك الأول: القصص الحكيم:
القصة من خير ما يتوصل به الداعية الحكيم لإبلاغ دعوته إلى أعماق القلوب؛ لأن النفس تميل إليها، وترغب فيها، يقول سيد قطب رحمه الله:((مما لا شك فيه أن للقصص طريقته الخاصة في عرض الحقائق وإدخالها إلى القلوب في صورة حية عميقة الإيقاع بتمثيل هذه الحقائق في صورتها الواقعية، وهي تجري في الحياة البشرية، وهذا أوقع في النفس من مجرد عرض الحقائق عرضاً تجريديّاً)) (1).
وأفضل القصص ما جاء في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، فقد بيّن اللَّه عز وجل في كتابه العزيز أخبار الأمم الماضية أحسن بيان، ومن ذلك قصص الأنبياء وأقوامهم، وأثنى على أنبيائه ومن تبعهم من المؤمنين، وبيّن سنته في نصرتهم وتأييدهم، وذم الأمم التي كذبت رسلها، وبين سنته فيهم، وما أوقع بهم من العذاب والدمار،
(1) في ظلال القرآن، 1/ 390.
وغير ذلك من القصص العظيم الحسن كما قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (1)، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} (2).
أما القصص من السنة فإن قدوة الداعية في ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقصّ على أصحابه القصص الذي ينفعهم، ويرغبهم في الخير، ويخوفهم من الوقوع في ضده، ومن ذلك: قصة الأبرص والأعمى والأقرع (3)، ففي هذه القصة التحذير من كفران النعم والبخل، والتشويق إلى شكر النعم، والاعتراف بها للخالق، والإحسان إلى الناس (4).
وقصة الغلام مع الملك والساحر والراهب (5)، وفيها تشويق الناس في الثبات على دين اللَّه، والتضحية بكل غال ورخيص في سبيل نصرة دين اللَّه وإظهاره.
(1) سورة يوسف، الآية:3.
(2)
سورة يوسف، الآية:111.
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع من بني إسرائيل، 6/ 500، (رقم 3464)، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2964، 4/ 2275.
(4)
انظر: فتح الباري 6/ 503.
(5)
انظر: صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والغلام، 4/ 229،9 (رقم 3005).