الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ* ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ للَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِير} (1)، وقال تعالى:{وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ، لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (2).
وغير ذلك من أنواع العذاب النفسي، فإنهم عندما يسألون الخروج من النار، ثم تردُّ عليهم مسألتهم تتقطع قلوبهم همًّا وغمًّا (3).
القسم الثاني: الترهيب بذكر الوعيد بالعذاب والعقوبات على أنواع الذنوب وآحادها:
هذا قسم مهمٌّ، والناس بحاجة إليه، ليبتعدوا عن آحاد المعاصي، ويُقلعوا عما تلبسوا به منها، ويُظهروا توبتهم الصادقة.
فينبغي للداعية إلى اللَّه - تعالى - أن يهتم بهذا القسم، ويذكر ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد بالعذاب والعقوبات والنقم على آحاد الذنوب وأنواعها كالتهاون ببعض أمور العقيدة الإسلامية،
(1) سورة غافر، الآيات: 10 - 12.
(2)
سورة الزخرف، الآيتان: 77 - 78.
(3)
انظر: أنواع وأصناف عذاب أهل الناس وصفاتهم وبعض ما أعد الله لهم في جامع الأصول لابن الأثير، 10/ 512 - 523، ثم 10/ 537 - 564، والتخويف من النار لابن رجب، ص64 - 283.
وكالتهاون بالصلاة والزكاة والصوم والحج عند الاستطاعة، والتحذير من عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والتهاجر بين المسلمين، والشحناء، والإنذار من قتل النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، والزنا، واللواط، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والسرقة، وأكل أموال الناس بالباطل، وشرب الخمر، ولعب الميسر، والقذف، والغيبة، والنميمة، وأعظم من ذلك التحذير من الشركيات والبدع المحدثة في الدين، والسحر، وإتيان الكهنة، والعرافين، والتعلق بالأولياء والصالحين، وغير ذلك من أنواع المعاصي.
ويلزم الداعية أن يحذر الناس بالقول الحكيم من أنواع الرذائل الخلقية: كالجبن، وعدم العفّة، والكذب، ونقض العهد، والغدر، والخيانة، والنفاق، والرياء، والغضب، والكبر، والبخل، والشحّ، والجزع عند المصائب، والحقد، والحسد، والتحذير من كل ما يضرّ الأمة في دينها ودنياها (1).
فإذا ذكر الداعية ما ورد في ذلك من التحذير بالقول الحكيم أثمر ذلك مجتمعاً مستقيماً – بإذن اللَّه تعالى -.
ونظراً لسعة هذا القسم وكثرة أنواعه فسأكتفي بالأمثلة الآتية:
قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ
(1) انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص180 - 305، وهداية المرشدين، ص215.
النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (1)، وقال تعالى:{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2)، وقال سبحانه:{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (3).
أما الأمثلة من السنة، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم:((اجتنبوا السبع المُوبقات)) قالوا: يا رسول اللَّه، وما هنّ؟ قال:((الشرك باللَّه، والسّحر، وقتل النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقدف المحصنات المؤمنات الغافلات)) (4).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتى يعلنوا بها إلا فشَا فيهم الطاعون، والأوجاع، الت لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا الزكاة إلا مُنِعُوا القطرَ من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللَّه وعهد رسوله
(1) سورة المائدة، الآية:72.
(2)
سورة النساء، الآية:93.
(3)
سورة الرعد، الآية:25.
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب الوصايا، باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا
…
}، 5/ 393، (رقم 2766)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وكبرها، 1/ 92، (رقم 89).
إلا سلط اللَّه عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللَّه ويتخيَّروا مما أنزل اللَّه إلا جعل اللَّه بأسهم بينهم)) (1).
وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فقد وقع ذلك كله بمن وقع في هذه المعاصي، ومن الأدلة المحسوسة على ذلك مرض الإيدْز، الذي وقع بمن أباحوا الفواحش.
وقد لعن صلى الله عليه وسلم من لعن والديه، ومن ذبح لغير اللَّه، ومن آوى محدثا، ولعن على فعل ذنوب كثيرة غير ذلك (2).
وذكر الداعية ذلك مما يدفع العصاة على الفرار من الذنوب والرجوع إلى اللَّه – تعالى – والنَّدم على ما مضى، واللَّه الموفق سبحانه (3).
(1) ابن ماجه، كتاب الفتن، باب العقوبات 2/ 1332، (رقم 4019)، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 4/ 540، وانظر: صحيح ابن ماجه، 2/ 370، وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، 1/ 216 - 217، برقم 106.
(2)
انظر أنواعاً من المعاصي التي لعن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجواب الكافي لابن القيم، ص115 - 119.
(3)
انظر في الترهيب بالوعيد بالعذاب على أنواع الذنوب وآحادها: كتاب الترغيب والترهيب للمنذري، وكتاب الكبائر للذهبي، وكتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الهالكين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين، للإمام محيي الدين أبي زكريا، أحمد بن إبراهيم بن النحاس الدمشقي، المتوفى سنة 814هـ.