الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه أوصاف تجذب القلوب الحية، وتلفت الأنظار إلى هذه الصفات العالية وآثارها الحميدة، ومن أعظم آثارها الفوز بالفردوس الأعلى في الجنة، وكتاب اللَّه يزخر بأوصاف عباد اللَّه المؤمنين، وآثار هذه الأوصاف في الدنيا والآخرة (2).
فحري بالداعية أن لا يغفل هذا الجانب؛ فإن له الأثر الحميد بتوفيق اللَّه تعالى.
المسلك الرابع: لفت الأنظار والقلوب إلى الآثار المحسوسة:
من حكمة القول التصويرية لفت أنظار الناس إلى آثار الأمم
(1) سورة المؤمنون، الآيات: 1 - 11.
(2)
انظر كثيراً من هذه الأوصاف وآثارها في سورة البقرة، الآية: 177، وآل عمران، الآيات: 15 - 17، 132 - 136، والتوبة، الآية: 71، والفرقان، الآيات: 63 - 74، والأحزاب الآية: 35، والذاريات، الآيتان: 15 - 16، والمعارج، الآيات: 22 - 35.
الماضية، والأفراد والجماعات الظالمة، والقُرى والأمصار المكذبة المجرمة، وقد تكون الآثار في الأزمان القريبة أو الأماكن والأزمان المعاصرة المتأخرة؛ فإن في النظر فيما حلّ بهم من الهلاك والدمار والزلازل والمحن والأمراض، أعظم العبر لمن اعتبر وتفكّر، ونظر واتعظ، والنظر في مساكنهم وديارهم، وكيف أبادهم وأهلكهم وأذلهم، وخذلهم الملك الجبار، وجعل أخبارهم عبرة لأولي الأبصار (1)؟!
وقد أمر اللَّه عباده بالسير والنظر والتأمل في هذه الآثار في آيات كثيرة، منها قوله تعالى:{قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (2)، وقال تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (3).
والأمر بالسير يشمل السير بالأبدان، والتفكر بالقلوب للنظر والتأمل في عواقب المكذبين والمجرمين، والنظر بالأبصار والبصيرة في آثار هؤلاء من المساكن الخاوية، والديار المهجورة،
(1) انظر: تفسير ابن كثير، 2/ 125، 3/ 563، 428، والسعدي، 2/ 377، 6/ 114، 135، 330، 519، 554، 7/ 68.
(2)
سورة الأنعام، الآية:11.
(3)
سورة الروم، الآية:9.
والسماع بالآذان الأخبار المفزعة، وإلا فمجرد نظر العين الجامدة، وسماع الأذن المسدودة، وسير البدن الخالي من القلب المتفكر المعتبر غير مفيد، ولا موصل إلى المطلوب (1).
(1) انظر: تفسير السعدي، 6/ 135، 330.