المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أهم النتائج التي أعانني الله ويسر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي: - كيفية دعوة عصاة المسلمين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌توطئة:

- ‌القسم الأول من المسلمين: وهم الذين ينقادون للحق ولا يعاندون

- ‌ القسم الثاني من المسلمين: وهم الذين عندهم غفلة وشهوات وأهواء

- ‌المبحث الأول:‌‌ الموعظةالحسنة وأنواعها:

- ‌ الموعظة

- ‌النوع الأول: وعظ التعليم:

- ‌النوع الثاني: وعظ التأديب:

- ‌وإذا أراد الداعية أن تكون موعظته مُؤثرة بليغة، فإن عليه الآتي:

- ‌1 - ينظر إلى المنكرات المنتشرة

- ‌2 - ثم يقدم من هذه المنكرات أكبرها ضرراً، وأسوأها أثراً

- ‌3 - ثم يفكر فيما ينشأ عن هذا المنكر من الأضرار:

- ‌4 - ثم يستحضر ما جاء في ذلك من الآيات

- ‌5 - ثم يأخذ في كتابة الموضوع إن شاء كتابته، ويضمنه ما فيه من تلك المضارّ

- ‌أما إذا أراد الحثّ على العمل الصالح النافع

- ‌1 - يفكر في مزاياه وآثاره الحسنة تفكيراً عميقاً

- ‌2 - يستحضر ما يُناسبه من الكتاب وصحيح السنة وآثار الصحابة

- ‌3 - ثم يسلك في الكتابة المسلك السابق

- ‌المبحث الثاني: الترغيب والترهيب

- ‌المسلك الأول: الترغيب والتبشير

- ‌والترغيب قسمان:

- ‌القسم الأول: الترغيب في جنس الطاعات

- ‌النوع الأول: الترغيب بالوعد بالخير العاجل في الدنيا:

- ‌1 - الترغيب بالوعد بالحياة الطيبة والسلامة من كل مكروه

- ‌2 - الترغيب بالوعد بالاستخلاف في الأرض والتمكين:

- ‌3 - الترغيب بالوعد بالإمداد بأنواع الخيرات والزيادة مع الشكر

- ‌4 - الترغيب بالمد في العمر إلى استيفاء الآجال، وعدم المعاجلة بالعقوبة

- ‌5 - الترغيب بالوعد بأنواع التأييد والنصر والتوفيق:

- ‌(أ) الوعد بولاية اللَّه - تعالى

- ‌(ب) الوعد بالدفاع عنهم:

- ‌(ج) الوعد بالكفاية:

- ‌(د) الوعد بالنصر:

- ‌(هـ) الوعد بالعزة والعلو:

- ‌(و) الوعد بمحبة اللَّه للمؤمنين:

- ‌(ز) الوعد بمحبة عباد اللَّه للمؤمنين

- ‌(ح) الوعد بالهداية والتوفيق

- ‌(ط) الوعد بعدم تسليط الأعداء عليهم:

- ‌(ك) الوعد بحفظ سعي المؤمنين:

- ‌(ل) الوعد بازديادهم من العلم والفهم:

- ‌النوع الثاني: الترغيب بذكر سنة اللَّه تعالى فيمن مضى من عباده المخلصين:

- ‌1 - إجابة اللَّه لدعوة آدم وحواء بعد أن وقَعَا في المعصية

- ‌2 - إجابته تعالى لنبيه أيوب بعد أن بلغ به الضر منتهاه:

- ‌3 - استجابته تعالى ليونس:

- ‌4 - إنجاؤه تعالى لأنبيائه وعباده المؤمنين عند حلول العذاب بأقوامهم المكذبين

- ‌النوع الثالث: الترغيب بالوعد بالخير الآجل الأعظم في الآخرة:

- ‌النوع الرابع: الترغيب بذكر أحوال المؤمنين في الجنة وما أعد اللَّه لهم:

- ‌القسم الثاني: الترغيب في أنواع الطاعات:

- ‌المسلك الثاني: الترهيب والإنذار:

- ‌والترهيب قسمان:

- ‌القسم الأول: الترهيب بذكر الوعيد بالعذاب والعقوبات على جنس المعاصي والذنوب

- ‌النوع الأول: الترهيب بذكر الوعيد بالحرمان من الخير العاجل

- ‌الضرب الأول:

- ‌الضرب الثاني:

- ‌النوع الثاني: الترهيب بالإنذار من حلول العذاب العاجل:

- ‌النوع الثالث: الترهيب بذكر مصير الأمم التي كذبت رسلها:

- ‌1 - قوم نوح: أهلكهم اللَّه عز وجل بالغرق

- ‌2 - عاد قوم هود: سلط اللَّه عليهم الريح

- ‌3 - ثمود قوم صالح: أرسل اللَّه عليهم الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم

- ‌4 - قوم لوط: رفع اللَّه قراهم إلى السماء، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها

- ‌5 - مدين قوم شعيب: أظلتهم سحابة وأمطرت عليهم شرراً من نار، ولهباً ووهجاً

- ‌6 - فرعون وقومه: أغرقهم اللَّه في البحر

- ‌7 - قارون: خسف اللَّه به وبداره الأرض

- ‌النوع الرابع: الترهيب بالوعيد بالعذاب الآجل في الآخرة:

- ‌النوع الخامس: الترهيب بوصف حال الكفار والمجرمين وما أعد اللَّه لهم من عذاب في الآخرة:

- ‌النوع السادس: الترهيب بالعذاب النفسي يوم القيامة:

- ‌القسم الثاني: الترهيب بذكر الوعيد بالعذاب والعقوبات على أنواع الذنوب وآحادها:

- ‌المبحث الثالث: حكمة القول التصويرية

- ‌المسلك الأول: القصص الحكيم:

- ‌المسلك الثاني: التشبيه وضرب الأمثال:

- ‌المسلك الثالث: لفت الأنظار والقلوب إلى الصور المعنوية وآثارها:

- ‌المسلك الرابع: لفت الأنظار والقلوب إلى الآثار المحسوسة:

- ‌المبحث الرابع: الدعوة بالقوة الفعلية مع عصاة المسلمين

- ‌المطلب الأول: أسباب استخدام القوة مع عصاة المسلمين

- ‌المطلب الثاني: الكلمة القوية والفعل الحكيم

- ‌المطلب الثالث: التهديد الحكيم والوعيد بالعقوبة:

- ‌المطلب الرابع: حكمة القوة بالعقوبات الشرعية

- ‌توطئة:

- ‌المسلك الأول: عقوبة الهجر الحكيم:

- ‌المسلك الثاني: عقوبة التعزير:

- ‌المسلك الثالث: القصاص:

- ‌المسلك الرابع: حد الزنا واللواط:

- ‌(أ) الزاني إن كان مُحصناً؛ فإنّهُ يُرجم بالحجارة حتى يموت

- ‌(ب) وإن كان الزَّاني غير مُحصَن؛ فإنه يُجلد مائة جلدة بكتاب اللَّه تعالى:

- ‌(ج) وأما اللواط فالصحيح الذي اتفق عليه الصحابة أنه يقتل الإثنان:

- ‌المسلك الخامس: حد القذف:

- ‌المسلك السادس: حد شرب الخرم:

- ‌المسلك السابع: حد السرقة:

- ‌المسلك الثامن: حد المحاربين قطاع الطريق:

- ‌المسلك التاسع: عقوبة المرتد:

- ‌المسلك العاشر: قتال أهل البغي:

- ‌الخاتمة

- ‌ أهم النتائج التي أعانني اللَّه ويسّر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي:

- ‌أما التوصيات والمقترحات:

الفصل: ‌ أهم النتائج التي أعانني الله ويسر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي:

نقص فتلك سنة اللَّه في بني الإنسان، فالكمال للَّه وحده، والنقص والقصور واختلاف وجهات النظر من صفات الجنس البشري، ولا أدعي الكمال، وحسبي أني قد حاولت التسديد والمقاربة، وبذلت الجهد ما استطعت بتوفيق اللَّه – تعالى – وأسأل اللَّه أن ينفعني بذلك، وينفع به جميع المسلمين؛ فإنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

أما‌

‌ أهم النتائج التي أعانني اللَّه ويسّر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي:

1 -

إن الحكمة في الدعوة إلى اللَّه لا تقتصر على الكلام اللين والتّرغيب والرفق والحلم والعفو والصَّفح، بل تشمل جميع الأمور التي عُملت بإتقان وإحكام، وذلك بأن تنزل في منازلها اللائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند، والمستكبر في موضعها، والزَّجر والغلظة والقوة في مواضعها، وكل ذلك بإحكام وإتقان، ومراعاة لأحوال المدعوين، والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، مع إحسان القصد والرغبة فيما عند الكريم المنان.

2 -

إنّ الدّاعية الحكيم هو الذي يدرس ويعرف أحوال المدعوين: الاعتقادية، والنفسية والاقتصادية، والاجتماعية، والعلميّة، ويعرف مراكز الضّلال ومواطن الانحراف، وعاداتهم

ص: 62

ولغتهم ولهجاتهم، والإحاطة بمشكلاتهم، ومستواهم الجدلي، ونزعاتهم الخلقية، والشّبه التي تعلق بأذهانهم، ثم ينزل الناس منازلهم ويدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم، ويُعطِي الدّواء على حسب الداء.

3 -

إن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة للدُّعاة الحكماء، فقد كان يُلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى اللَّه – عز وجل – وهذا من فضل اللَّه عليه وعلى أتباعه، فقد أرسل جبريل ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم أفرغ في صدره طستاً من ذهب ممتلئ حكمةً وإيماناً (1)، وأقبل الناس، ودخلوا في دين اللَّه أفواجاً بفضل اللَّه ثم بحكمة هذا النبي الكريم، وما من خلق كريم ولا سلوك حكيم إلا كان له منه أوفر الحظ والنصيب.

4 -

إن أحسن الطرق في دعوة الناس ومخاطبتهم ومجادلتهم طريقة القرآن الكريم، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وسوق النص القرآني والحديث النبوي في ألصق الأمور مساساً بها من أعظم الحكم التي من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً.

5 -

إن الحكمة تجعل الداعي إلى اللَّه يقدر الأمور ويعطيها ما تستحقه، فلا يزهد في الدنيا والناس في حاجة إلى النشاط والجد والعمل، ولا يدعو إلى الانقطاع والانعزال عن الناس، والمسلمون

(1) انظر: البخاري مع الفتح، 1/ 458، ومسلم، 1/ 148، وتقدم تخريجه.

ص: 63

في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم وأعراضهم، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء، وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وينشرح له صدورهم، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم.

6 -

إن البصيرة في الدعوة إلى اللَّه هي أعلى درجات الحكمة والعلم، وهذه الخاصية اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه، والمخلصين من أتباعه، وهي أعلى درجات العلماء، وحقيقتها الدعوة إلى اللَّه على علم ويقين وبرهان عقلي وشرعي، وترتكز البصيرة في الدعوة إلى اللَّه على ثلاثة أمور:

(أ) أن يكون الداعية على بصيرة، وذلك بأن يكون عالماً بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه.

(ب) وأن يكون على بصيرة في حال المدعو حتى يقدم له ما يناسبه.

(ج) وأن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة.

7 -

إن العلم النافع المقرون بالعمل الصالح، والحلم والأناة من أعظم الأسس التي تقوم عليها الحكمة في الدعوة إلى اللَّه – تعالى -، ولهذا فقد يكون المرء عالماً أو حليماً، ولا يكون حكيماً حتى يجمع هذه الأسس الثلاثة.

8 -

إن العلم والحلم والأناة لها أسباب تؤدي وتوصل إليها،

ص: 64

وأسباب تعين على التمسك بها، والمحافظة عليها.

9 -

إن العلم لا يكون من دعائم الحكمة إلا باقترانه بالعمل الصالح، وقد كان علم الصحابة مقروناً بالعمل والإخلاص والمتابعة، ولهذا كانت أقوالهم وأفعالهم وسائر تصرفاتهم – في دعوتهم إلى اللَّه وأمورهم – تزخر بالحكمة.

10 -

إن العجلة وعدم التثبت والتأني والتبصر أو التباطؤ والتقاعس، كل ذلك يؤدي إلى كثير من الأضرار والمفاسد، والداعية أولى الناس بالابتعاد عن ذلك كله، فمقتضى الحكمة أن يعطي كل شيء حقّه، ولا يعجّله عن وقته، ولا يؤخّره عنه، فالأشياء لها مراتب وحقوق تقتضيها، ونهايات تصل إليها ولا تتعداها، ولها أوقات لا تتقدّم عنها ولا تتأخر.

11 -

إن الحلم من أعظم ركائز الحكمة ومبانيها العظام، وقد كان خلقاً من أخلاق النبوة والرسالة، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم عظماء البشر، وقدوة أتباعهم من الدعاة إلى اللَّه، والصالحين في أخلاقهم كافة، وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه.

12 -

إن الأناة عند الداعية تسمح له بأن يحكم أموره، فلا يُقدم على أي عمل إلا بعد النظر والتأمل ووضوح الغاية الحميدة التي سيجنيها، ولا يتعجَّل بالكلام قبل أن يُديره على عقله، ولا بالفتوى قبل أن يعرف دليله وبرهانه الذي اعتمد عليه وبنى عليه فتواه.

فالداعية بحاجة ماسَّة إلى الأناة، لما يحصل بذلك من الفوائد

ص: 65

الكثيرة، والكف عن شرور عظيمة، وهذا يجعل الداعية بإذن اللَّه – تعالى – في سلامة عن الزلل.

13 -

إنّ الداعية لا يكون حكيماً في أقواله وأفعاله وسائر تصرفاته وأفكاره، وموافقاً للصواب في جميع أموره إلا بتوفيق اللَّه – تعالى – له، ثم بسلوك طرق الحكمة، وذلك بالتزام السلوك الحكيم، والسياسة الحكيمة مع مراعاة التسديد والمقاربة والأساليب الحكيمة، وفقه أركان الدعوة، وأن يكون عاملاً بما يدعو إليه مخلصاً متخذاً في ذلك محمداً صلى الله عليه وسلم قدوةً وإماماً.

14 -

إن الخبرات والتجارب والمران من أعظم ما يُعين الداعية على التزام الحكمة واكتسابها، فهو بتجاربه بالسفر ومعاشرة الجماهير سيكون له الأثر الكبير في نجاح دعوته، وابتعاده عن الوقوع في الخطأ في منهجه ودعوته إلى اللَّه؛ لأنه إذا وقع في خطأ مرة لا يقع فيه أخرى، فيستفيد من تجاربه وخبراته.

15 -

إن تحري أوقات الفراغ والنشاط والحاجة عند المدعوين وتخولهم بالموعظة والتعليم من أعظم ما يعين الداعية على استجلاب الناس وجذب قلوبهم إلى دعوته.

16 -

إن المصالح إذا تعارضت أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدئ بالأهم، فيدفع إحدى المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.

ص: 66

17 -

إن لتأليف القلوب بالمال والعفو والصفح والرفق واللين والإحسان بالقول أو الفعل أعظم الأثر في نفوس المدعوين.

18 -

إن من أعظم الأساليب البالغة في منتهى الحكمة عدم مواجهة الداعية أحداً بعينه عندما يريد أن يؤدبه أو يعاتبه أو يزجره مادام يجد في الموعظة العامة كفاية، وذلك إذا كان المدعو المقصود بين جمهور المخاطبين أو يبلغه ذلك، كأن يقول الداعية: ما بال أقوام، أو ما بال أناس، أو ما بال رجال يفعلون كذا، أو يتركون كذا.

19 -

إن الداعية لا يكون حكيماً في دعوته إلا بفقهه لركائز الدعوة، وذلك: بمعرفة ما يدعو إليه، وما هي الصفات والأخلاق والآداب التي ينبغي أن يلتزم بها الداعية، ومعرفة المدعوين وأصنافهم، والوسائل والأساليب التي تستخدم في نشر الدعوة وتبليغها.

20 -

إن الدعوة بالمواقف الحكيمة المشرفة، لها الأثر البالغ في قلوب المدعوين؛ لأنها تدفعهم إلى التفكير والتأمل، ثم تكون نقطة التحول في نظام حياتهم بإذن اللَّه تعالى.

21 -

إن اطلاع الداعية على مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الحكيمة في عفوه وصفحه، ورفقه وحلمه وأناته، وشجاعته، وجوده وكرمه، وإصلاحه، من أعظم ما يفيد الداعية في حياته، وخاصة في دعوته إلى اللَّه – تعالى -.

22 -

إن للصحابة وأتباعهم ومن سار على نهجهم مواقف

ص: 67

حكيمة في دعوتهم إلى اللَّه – تعالى -، تدل على صدقهم ورغبتهم فيما عند اللَّه تعالى، وتبين مدى جهودهم، وتغذي وتربي من اطلع عليها من الدعاة إلى اللَّه تعالى.

23 -

إن من أعظم الحكمة في دعوة الملحدين أن تقدّم لهم الأدلّة الفطريّة على وجود اللَّه – تعالى – وربوبيته، والبراهين العقليّة القطعية بمسالكها التفصيلية، والأدلة الحسية المشاهدة، ثم يختم ذلك بالأدلة الشرعية.

24 -

إن من الحكمة في دعوة الوثنيين بالحكمة القولية: أن يقدم لهم الداعية الحجج والبراهين العقلية على إثبات ألوهية اللَّه – تعالى -، وأن الكمال المطلق له من كل الوجوه، وما عبد من دونه ضعيف من كل وجه، وأن التوحيد الخالص دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام والغلو في الصالحين سبب كفر بني آدم، والشفاعة لا تنفع إلا بإذن اللَّه للشافع ورضاه عن الشافع والمشفوع له، وأن البعث ثابت بالأدلة العقلية والنقلية القطعية، وأن اللَّه الذي سخر جميع ما في هذا الكون الفسيح لعباده، فهو في الحقيقة المستحق للعبادة وحده.

25 -

إن دعوة اليهود بالحكمة القولية إلى اللَّه – تعالى – ترتكز على إثبات نسخ الإسلام لجميع الشرائع، وإظهار وإثبات وقوع التحريف في التوراة، واعتراف المنصفين من علمائهم، وإثبات رسالة عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام.

ص: 68

26 -

إن دعوة النصارى بالحكمة القولية إلى الإسلام تقوم على إبطال عقيدة التثليث، وإثبات وحدانية اللَّه – تعالى -، وتقديم الأدلة العقلية والبراهين القطعية على إثبات بشرية عيسى صلى الله عليه وسلم، وأنه عبد اللَّه ورسوله، ثم تقدم البراهين على إبطال قضية الصلب والقتل، وإثبات وقوع النسخ والتحريف في الأناجيل، وتتويج ذلك بالاعترافات الصادقة من المنصفين من علماء النصارى.

27 -

إن من حكمة القول مع أهل الكتاب وغيرهم من الكفار أن تقدم لهم الأدلة والبراهين القطعية على صدق رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك ببيان معجزات القرآن الكريم التي عجز عنها جميع الجن والإنس، ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية المشاهدة، ثم تتويج ذلك بالأدلة القطعية على عموم رسالة الإسلام في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة.

28 -

إن من مقتضى العقول السليمة والحكمة السديدة أن لا يخاطب المسلم – في توجيهه وإرشاده وحثه على الالتزام بدينه – كما يخاطب الملحد، أو الوثني، أو الكتابي، أو غيرهم من الكفار.

29 -

إن من الدعوة إلى اللَّه بالحكمة أن يبدأ الداعية بالمهم، ثم الذي يليه، وأن يجعل للمدعو من الدروس ما يسهل عليه حفظها وفهمها، والتفكر التام فيها، وأن يعلم العوام ما يحتاجون إليه بألفاظ وعبارات قريبة من أفهامهم تناسب مستواهم مع مراعاة التنويع في الأسلوب والتشويق.

ص: 69

30 -

إن مراتب الدعوة بحسب مراتب البشر، فالقابل للحق يدعى بالحكمة، فيبين له الحق بدليله: علماً وعملاً واعتقاداً، فيقبله ويعمل به. وهذا هو القسم الأول من المسلمين، والقابل للحق الذي عنده شهوات تصده عن اتباع الحق يدعى بالموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل، ويغذى بالحكمة التصويرية: من القصص الحكيم، وضرب الأمثال، ولفت القلوب والأنظار إلى الصور المعنوية وآثارها، والآثار المحسوسة. وهذا هو القسم الثاني من المسلمين وهم العصاة.

والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن.

والظالم الذي عاند وجحد ولم يقبل الحق بل وقف في طريقه، فهذا يدعى بالقوة إن أمكن.

فهذه مراتب الدعوة بحسب مراتب البشر، ويلاحظ أن مرتبة الحكمة ملازمة لجميع المراتب الأخرى، وذلك؛ لأن الحكمة في الحقيقة هي وضع الشيء في موضعه والإصابة في الأفعال والأقوال والاعتقادات إصابة محكمة متقنة.

31 -

إن استخدام القوة الفعلية في الدعوة إلى اللَّه – تعالى – من أعظم الحكم عند الحاجة إليها، وهي تكون بقوة الكلام، والتأديب، وبالضرب، وبالجهاد في سبيل اللَّه تعالى.

ومفهوم القوة الحكيمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: حكمة القوة مع جميع الكفار: من الملحدين،

ص: 70