الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك فالذين نقلوا عن الأنبياء عليهم السلام أن الله يتكلم ويأمر وينهى، والذين أجمعوا على ذلك، إذا لم يذكر أحد منهم أنَّه أراد هذا المعنى الخفي المشكل الَّذي ليس يتصور بحال، أو لا يتصور إلا بشدة عظيمة، لم يجز أن يقال: إنهم كانوا متفقين على نقل هذا المعنى والإجماع عليه، ولم يجز أن يقال: إنهم أجمعوا على ثبوت معنى لا يفهمونه، ونقلوا عن الأنبياء عليهم السلام أن الله تعالى يتكلم ويقول، وهم لا يفهمون معنى لفظ الكلام والقول، فإن هذا -أيضًا- معلوم الفساد بالضرورة.
وإذا بطل القسمان (1)، علم أن
الَّذي انعقد عليه الإجماع، ونقله أهل التواتر عن المرسلين، هو الكلام الَّذي تسميه الخاصة والعامة كلامًا، دون هذا المعنى
، والله - سبحانه - أعلم.
وهذا بين واضح يدل على فساد مذهب المخالف، وعلى صحة مذهب أهل السنة، وبمثل هذا الوجه - يبطل -أيضًا- مذهب الجهمية من المعتزلة (2) ونحوهم، فإن كون الكلام يكون منفصلًا عن المتكلم قائمًا بغيره، مما لا تعرف العامة والخاصة أنَّه يكون كلامًا للمتكلم، وإن أثبت ذلك فإنما يثبت بأدلة خفية (3) مشكلة.
وإذا كان أهل التواتر نقلوا أن الله تكلم بالقرآن، وأجمع المسلمون
(1) وهما: الاتفاق على نقل معنى خفي مشكل لا يتصور بحال، أو يتصور بشدة عظيمة وأدلة خفية.
والقسم الآخر: الإجماع على ثبوت معنى لا يفهمونه، وكلاهما باطل كما ذكر الشيخ رحمه الله.
(2)
المعتزلة لهم رأي شاذ في مسألة كلام الله تعالى، ولمعرفة أقوالهم بالتفصيل، ومناقشتها وبيان بطلانها تراجع الدراسة لأهم مسائل هذا الكتاب وذكره هناك يغني عن الإعادة هنا.
(3)
في س: حقية. وهو تصحيف.
على ذلك، ولم يجز إرادة هذا المعنى، علم أن التواتر (1) والإجماع إنما هو على المعنى المعروف، وهو: أنَّه - سبحانه - تكلم بالقرآن كله حروفه ومعانيه، وإن المتكلم لا بد أن يقوم به كلامه وإن كان يتكلم (2) إذا شاء.
الوجه السابع والعشرون:
أن يقال: لا ريب أنَّه قد اشتهر عند العامة والخاصة اتفاق السلف على أن القرآن كلام الله، وأنهم أنكروا على من جعله مخلوقًا خلقه الله كما خلق سائر المخلوقات من السماء والأرض، كما يقوله الجهمية، حتَّى قال علي بن عاصم (3) لرجل: أتدري ما يريدون بقولهم القرآن مخلوق؟ يريدون أن الله عز وجل لا يتكلم، وما الذين قالوا: إن لله ولدًا بأكفر من الذين قالوا: إن الله لا يتكلم، لأن الذين قالوا لله [ولد](4) شبهوه بالأحياء، والذين قالوا: لا يتكلم شبهوه بالجمادات.
وأنتم فلا ريب كلما (5) يقول هؤلاء: إنه مخلوق، تقولون (6): إنه مخلوق لا تنازعونهم (7) في أن الكلام الَّذي يقولون هو مخلوق تقولون (8) أنتم -أيضًا- إنه مخلوق، فالذي قال هؤلاء إنه مخلوق إما أن يكون مخلوقًا أو لا يكون فإن لم يكن مخلوقًا كنتم أنتم وهم ضالين، حيث
(1) في الأصل: علم بالتواتر. وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: س، ط.
(2)
في الأصل: المتكلم. والكلام يستقيم بالمثبت من: س، ط.
(3)
تقدم التعريف به ص: 278.
وقد ذكر البخاري في "خلق أفعال العباد" ص: 32 بعض قوله هذا.
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط. وردت في س: ولدًا.
(5)
في س، ط: أن كلما.
(6)
في الأصل، س: يقولون. وأثبت ما يناسب سياق الكلام من: ط.
(7)
في الأصل: لا ينازعونهم. وأثبت ما يناسب الكلام من: س، ط.
(8)
في ط: بل تقولون.
حكمتم (1) بخلقه، وإن كان مخلوقًا لم يجز ذم من قال: إنه مخلوق ولا عيبه (2) بذلك، ولا يقال: إنه جعل كلام الله الَّذي ليس بمخلوق مخلوقًا، ولا إنه جعل كلام الله في المخلوق، ولا إنه جعل الشجرة هي القائلة: إنني أنا الله، ونحو ذلك من الأقوال التي وصف بها السلف مذهب الجهمية، كما قال عبد الله بن المبارك (3):"من قال: إنني (4) أنا الله لا إله إلَّا أنا مخلوق فهو كافر، ولا ينبغي لمخلوق أن يقول ذلك".
وقال سليمان بن داود الهاشمي (5): "من قال إن (6) القرآن مخلوق فهو كافر، وإن كان القرآن مخلوقًا كما زعموا، فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار إذ قال:{أَنَاْ رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (7).
وزعموا (8) أن هذا مخلوق، و [الَّذي] (9) قال:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي} (10)[هذا أيضًا](11) قد (12) ادعى ما
(1) في س: حكمهم جميعًا. وفي ط: حكمتم جميعًا.
(2)
في الأصل: صيبه. وأثبت المناسب للمعنى من: س، ط.
(3)
قول ابن المبارك أورده البخاري في خلق أفعال العباد ص: 31.
(4)
في س: ايتي. وهو تصحيف.
(5)
قول الهاشمي في خلق أفعال العباد -للبخاري- ص: 36.
(6)
إن: ساقطة من: خلق أفعال العباد.
(7)
سورة النازعات، الآية:24.
(8)
في ط: ومن زعم.
(9)
ما بين المعقوفتين زيادة من: خلق أفعال العباد. يقتضيها السياق.
وقد ورد في ط: مخلوق وقول.
وقد تقدم في جميع النسخ بعد قوله: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} "وقال غيره"{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي} . راجع ص: 278 من هذا الكتاب.
(10)
سورة طه، الآية:14.
(11)
ما بين المعقوفتين زيادة من: خلق أفعال العباد.
وكذلك من: الأصل، س، ط: في غير هذا الموضع. راجع ص: 278.
(12)
في جميع النسخ: فقد. والمثبت من: خلق أفعال العباد.
ادعى (1) فرعون، فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار من هذا؟ وكلاهما (2) عنده مخلوق، ووافقه أبو عبيد (3) على مثل هذا (4) واستحسنه [وأعجبه](5).
وغاية ما يعاب به عندكم أنَّه نفي عن الله معنى آخر يثبتونه (6) له، وذاك (7) المعنى أكثر الناس لا يتصورونه، لا المعتزلة (8) ولا غيرهم، فضلًا عن أن يحكموا عليه بأنه مخلوق، وذلك المعنى لا يتصور أن يقوم بالشجرة ولا غيرها، حتَّى تكون الشجرة هي القائلة له، والسلف لم يعيبوهم (9) بهذا، ولا قالوا لهم ما ذكرتم أنَّه مخلوق، فهو مخلوق لكن ثم (10) معنى آخر ليس بمخلوق، ولا قالوا هذا الَّذي قلتم إنه مخلوق،
(1) في س: ما الدعي.
(2)
في س، ط: وكلامهما.
وتقدم في غير هذا الموضع في النسختين كما هو مثبت. راجع 278، وفي خلق أفعال العباد: وكلًّا منهما.
(3)
في خلق أفعال العباد: فأخبر بذلك أبو عبيدة. وكذا في جميع النسخ في الموضع المشار إليه في الحاشية السابقة.
(4)
على مثل هذا: ساقطة من: خلق أفعال العباد. وساقطة من جميع النسخ في الموضع المشار إليه في ص: 278.
(5)
ما بين المعقوفتين زيادة من: خلق أفعال العباد.
وفي جميع النسخ بياض بعد كلمة "استحسنه" بقدر كلمتين. ولعله ما أثبت.
(6)
في الأصل: يثبتون. والمثبت من: س، ط. وهو ما يناسب السياق.
(7)
في س، ط: وذلك.
(8)
بل إن محل النزاع بين المعتزلة والأشاعرة هو نفي المعنى القائم بالنفس وإثباته فالمعتزلة ينكرونه ولا يثبتونه.
ولذا نجد الإيجي في "المواقف" ص: 294، بعد أن ذكر مذهب المعتزلة في كلام الله، وبين أنَّه لا نزاع بينهم وبين المعتزلة إلَّا في المعنى القائم بالنفس يقول:". . وما نقوله من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته. . ".
(9)
في الأصل: لا يعيبونهم. والمثبت من: س، ط.
(10)
ثم: ساقطة من: س.
هو مخلوق لكنه ليس هو بكلام الله، ولا نحو ذلك، فإن كان هذا الَّذي قالوا هو مخلوق، هو مخلوق كما قالوا، ليس هو كلام الله وإنما كلام (1) الله معنى آخر، فلا ريب أن السلف مخطئون ضالون في هذه المسألة، فأحد الأمرين لازم، إما تضليلكم والمعتزلة، أو تضليل السلف، والثاني ممتنع فتعين (2) الأول يؤيد هذا.
الوجه الثامن والعشرون:
وهو أن الأمة إذا اختلفت في مسألة على قولين: لم يكن لمن بعدهم إحداث قول ثالث (3)، فإذا لم يكن في صدر الأمة إلّا قول السلف وقول المعتزلة، تعين أن (4) يكون الحق في أحد القولين، ومن المعلوم بالشرع والعقل أن قول المعتزلة باطل للوجوه (5) الكثيرة منها:
أن من تأمل كلام أهل الإجماع، وما نقل عن الأنبياء بالتواتر، علم بالاضطرار أنهم [إذا](6) وصفوا الله بالكلام وصفوه بأنه هو يتكلم، لا أن الكلام يكون مخلوقًا له كالسماء والأرض وما فيهما، كما يقولون: كلام الله مثل أسماء الله، ويعلم باضطرار أن إضافة القول والكلام إلى الله
(1) في ط: كلا.
(2)
فتعين: ساقطة من: س.
(3)
هذا هو رأي الجمهور في هذه المسألة، وخالفهم فيها بعض الحنفية وأهل الظاهر.
يقول ابن قدامة في كتابه "روضة الناظر وجنة المناظر" ص: 75، 76، بعد أن أورد حجج المخالفين:
"ولنا أن ذلك يوجب نسبة الأمة إلى تضييع الحق والغفلة عنه، فإنه لو كان الحق في القول الثالث كانت الأمة قد ضيعته وغفلت عنه وخلا العصر عن قائم لله بحجته ولم يبق منهم على أحد، وذلك محال".
(4)
في س: أنَّه.
(5)
في س: فلوجوه.
(6)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط. يقتضيها السياق.
ليس كإضافة الخلق إليه، وأن باب "قال" عند الأنبياء والمؤمنين غير باب "خلق"، وبطلان قول المعتزلة له موضع غير هذا، وإذا كان باطلًا، وقولهم -أيضًا- باطل (1)، تعين صحة مذهب السلف يؤكد (2) هذا.
الوجه التاسع والعشرون:
وهو أن السلف والمعتزلة جميعًا اتفقوا على أن كلام الله ليس هو مجرد هذا المعنى الَّذي تثبتونه أنتم، بل الَّذي سمته المعتزلة كلام الله وقالوا: إنه مخلوق، وافقهم السلف على أنَّه كلام الله، لكن قالوا: إنه غير مخلوق، وأنتم تقولون: إنه ليس بكلام الله، فكان قولك خرقًا لإجماع السلف والمعتزلة، وذلك خرق (3) لإجماع الأمة جميعها، إذ (4) لم يكن في عصر السلف إلّا هذان القائلان، ولم يكن في ذلك الزمان من يقول: إن القرآن الَّذي قالت المعتزلة: إنه مخلوق ليس هو كلام الله (5).
(1) في س: باطلًا.
(2)
في الأصل، س: يتوكد. وأثبت المناسب للكلام من: ط.
(3)
في الأصل: خرقًا. وأثبت ما رأيته صوابًا من: س، ط.
(4)
في س، ط: إذا.
(5)
نقل الشهرستاني في نهاية الإقدام ص: 313 عن السلف هذا الاتفاق بينهم وبين المعتزلة، وأن الأشاعرة خرقوا الإجماع بقولهم، فقال:
"قالت السلف والحنابلة: قد تقرر الاتفاق على أن ما بين الدفتين كلام الله وأن ما نقرؤه ونسمعه ونكتبه عين كلام الله، فيجب أن تكون الكلمات والحروف هي بعينها كلام الله، ولما تقرر الاتفاق على أن كلام الله غير مخلوق، فيجب أن تكون الكلمات أزلية غير مخلوقة، ولقد كان الأمر في أول الزمان على قولين:
أحدهما: القدم.
والثاني: الحدوث.
والقولان مقصوران على الكلمات المكتوبة والآيات المقروءة بالألسن، فصار =
الوجه الثلاثون:
إنه لا يحل لكم أن تحكوا (1) عن المعتزلة أنهم قالوا بخلق القرآن، وبخلق كلام الله، كما يحكيه عنهم السلف وأئمة الحديث والسنة، وكما يقولون هم ذلك، وإن حكيتم ذلك عنهم فلا يحل لكم أن تذموهم بذلك كما ذموهم (2) السلف به، بل تمدحونهم بذلك كما يمدحون بذلك أنفسهم، فلا بد لكم من مخالفة السلف والمعتزلة جميعًا، أو مخالفة السلف وموافقة المعتزلة، وذلك لأن الَّذي قالت المعتزلة: إنه مخلوق، وأنتم تقولون: إنه مخلوق -أيضًا-، وذلك واجب عندكم، ومن قال عن ذلك إنه ليس بمخلوق فهو ضال عندكم أو كافر، ثم المعتزلة تسميه كلام الله وتقول كلام الله مخلوق، والسلف تسميه كلام الله وتقول (3) هو غير مخلوق، وأما أنتم فمع قولكم إنه مخلوق هل يطلق عليه كلام (4) الله
= الآن إلى قول ثالث، وهو حدوث الحروف والكلمات، وقدم الكلام والأمر الَّذي تدل عليه العبارات. .
فكانت السلف على إثبات القدم والأزلية لهذه الكلمات، دون التعرض لصفة أخرى وراءها.
وكانت المعتزلة على إثبات الحدوث والخلقية لهذه الحروف والأصوات، دون التعرض لأمر وراءها.
فأبدع الأشعري قولًا ثالثًا، وقضى بحدوث الحروف، وهو خرق الإجماع، وحكم بأن ما نقرؤه كلام الله مجازًا لا حقيقة، وهو عين الابتداع".
انظر: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين -للرازي- ص: 174. فقد بين أن المعنى القائم بالنفس لم يقل به إلا أصحابه.
(1)
في الأصل: تحكموا. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(2)
كذا في جميع النسخ، وهي لغة. والأصح: ذمهم.
(3)
في س، ط: يقولون.
(4)
كلام: كررت في: س.
مجازًا وتنفي (1) الحقيقة، كمأ قاله جمهوركم؟ أو يقال: بل سمي كلام الله على الاشتراك بينه وبين غيره كما قاله بعضكم؟ على قولين (2):
فإن قلتم بالأول: لزمكم أن لا تكون المعتزلة تعتقد في الحقيقة أن كلام الله مخلوق بحال، وإن تلفظوا بذلك بألسنتهم فهم مخطئون في هذا اللفظ، وهم بمنزلة من قال: إني زنيت بأمي، أو قتلت نبيًّا، ولم يكن المزني بها أمه، ولا المقتول نبيًّا، فهو مخطئ في هذا الظن فيما يحكيه عن نفسه، لكن هذا القول يظن القائل أنَّه به مذموم، والمعتزلة لا تذم أنفسها (3)، وإن كانت الجماعة تذمهم بذلك، فنظير ذلك أن يعتقد بعض الكفار أنَّه قد قتل إمام المسلمين، أو أخذ كتابًا فمزقه يظن أنَّه المصحف، أو قتل أقوامًا يظنهم (4) علماء المسلمين، وهو عند نفسه متدين بذلك، ولم يكن الأمر كذلك، وهكذا هم المعتزلة عندكم، فإنهم قالوا في الَّذي اعتقدوا أنَّه كلام الله: إنه مخلوق، فقلتم أنتم لا ريب أنَّه مخلوق كما لا ريب في قتل أولئك النفر وتمزيق ذلك
(1) في الأصل، س: ينفي. وأثبت المناسب للكلام من: ط.
(2)
ذكرهما إمام الحرمين الجويني في "الإرشاد" ص: 108 فقال: ". . الطريقة المرضية عندنا أن العبارات تسمى كلامًا على الحقيقة، والكلام القائم بالنفس كلام، وفي الجمع بينهما ما يدرأ تشغيب المخالفين.
ومن أصحابنا من قال: الكلام الحقيقي هو القائم بالنفس، والعبارات تسمى كلامًا تجوزًا كما تسمى علومًا تجوزًا، إذ قد يقول القائل: سمعت علمًا وأدركت علومًا، وإنما يريد إدراك العبارات الدالة على العلوم، ورب مجاز يشتهر اشتهار الحقائق". انظر: نهاية الإقدام -للشهرستاني- ص: 320، 321.
أقول: ومرادهم بالعبارات هي ما تدل على الكلام القائم بالنفس -أي: المعنى- تارة، وما يصطلح عليه من الإشارات أخرى، فالعبارات عندهم غير المعنى القائم بالنفس.
(3)
في س، ط: أنفسها بذلك.
(4)
في س: بظنهم.
الكتاب، لكن هذا ليس كلام الله وإن اعتقدتم أنَّه كلام الله، وأن القول بخلقه تعظيم لله، كما اعتقد أولئك أن هؤلاء أئمة المسلمين وأن قتلهم عبادة لله، وأن هذا المصحف هو القرآن وتمزيقه عبادة لله، وإذا كان كذلك لم يجز أن يقال: إن هؤلاء قتلوا أئمة المسلمين، ولا مزقوا المصحف، وإن كانوا قصدوا ذلك واعتقدوه، فكذلك لا يجوز على أصلكم أن يقال: إن المعتزلة قالت: إن كلام الله مخلوق، وإن كانوا هم قصدوا ذلك واعتقدوه، فإن الَّذي قالوا (1): إنه مخلوق إن كان مجازًا فلم يحكموا على ما هو كلام الله في الحقيقة بأنه مخلوق.
[وإن كان مشتركًا فهم إنما قالوا: إنه مخلوق](2) بأحد المعنيين دون [الآخر، واللفظ المشترك لا يجوز إطلاقه بـ[إرادة](3) أحد المعنيين] (4) بل هو عند الإطلاق مجمل، فلا يقال على هذا القول بأنهم قالوا: كلام الله مخلوق، ولا قالوا: إنه غير مخلوق، وهذا كله خلاف إجماع السلف والمعتزلة، ولم يكن قديمًا عندهم، فهو خلاف الإجماع مطلقًا.
الوجه الحادي والثلاثون:
إن هذا النقل عنهم إذا قيل: إنه صحيح إما باعتبار [المجاز](5) وإحدى الحقيقتين، أو باعتبار قصدهم فإنهم لا يذمون على القول بخلق ذلك عندهم، بل يحمدون على ذلك، إذ أنتم وهم متفقون على ذلك،
(1) في الأصل: قال. وأثبت المناسب للسياق من: س، ط.
(2)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: ط.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(5)
ما بين المعقوفتين زيادة أرى أن الكلام يستقيم بها. وهو بياض في جميع النسخ بقدر كلمتين.