المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كلام ابن فورك في مسألة الكلام - التسعينية - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌الجهمية من المعتزلة وغيرهم خالفوا ذلك من ثلاثة أوجه]

- ‌ الذين قالوا: كلامه مخلوق أرادوا أنَّه لم يكن متكلمًا حتَّى خلق الكلام

- ‌ لفظ (الغير) مجمل

- ‌ قول القائل: إن القرآن حرف وصوت قائم به بدعة، وقوله: إنه معنى قائم به بدعة

- ‌الصواب الَّذي عليه سلف الأمة

- ‌ يكره تجريد الكلام في المداد الَّذي في المصحف وفي صوت العبد

- ‌ القول بحدوث حروف القرآن قول محدث

- ‌ قدماء الجهمية ينكرون جميع الصفات

- ‌ الألفاظ نوعان:

- ‌الوجه السابع:أنَّه عدل عن الطريقة المشهورة لأصحابه في هذا الأصل

- ‌ النزاع في مسألة الكلام في مسائل كل واحدة غير مستلزمة للأخرى

- ‌الوجه الخامس عشر:أن طوائف يقولون لهم: معنى الخبر لم لا يجوز أن يكون هو العلم

- ‌الوجه السادس عشر:أن هذه الحجة التي ذكروها في معنى الخبر وأنه غير العلم، قد أقروا هم بفسادها

- ‌الوجه السابع عشر:إن هذا يهدم عليهم إثبات العلم بصدق الكلام النفساني القائم بذات الله

- ‌ الَّذي انعقد عليه الإجماع، ونقله أهل التواتر عن المرسلين، هو الكلام الَّذي تسميه الخاصة والعامة كلامًا، دون هذا المعنى

- ‌الجهمية أعظم قدحًا في القرآن وفي السنن وفي إجماع الصحابة والتابعين من سائر أهل الأهواء

- ‌ كلام ابن فورك في مسألة الكلام

- ‌الوجه السابع والأربعون:أن يقال كون الشيء الواحد ليس بذي أبعاض إما أن يكون معقولًا أو لا يكون

- ‌معنى كون الكلام ليس بمنقسم يراد به شيئان:

- ‌تحقيق الأمر: أن هؤلاء يجمعون بين إثبات الباري ونفيه وبين الإقرار به وإنكاره

- ‌ الترتيب والتعاقب نوعان:

الفصل: ‌ كلام ابن فورك في مسألة الكلام

فيمكن على هذا تقدير المأمور به منهيًا عنه وبالعكس، ولم يتغير شيء من الحقائق.

الوجه الخامس والثلاثون (1):

أنهم قد ذكروا حجتهم على ذلك، وإذا تدبرها الإنسان علم فسادها وبناءها على أصل فاسد وتناقضهم فيها.

قال الأستاذ أبو بكر بن فورك (2): "أمره سبحانه للمؤمنين (3) بالإيمان، هو نهيه عن الكفر، وأمره بالصلاة إلى بيت المقدس في وقت بعينه، هو نهيه عن الصلاة إليه في وقت غيره.

قال (4): وكذلك نقول (5): إن مدحه للمؤمنين على إيمانه (6) بكلامه الذي هو ذم للكافرين، ولا نجيز (7) القول بتغاير كلامه واختلاف أنواعه، بل نقول فيه كما نقول في علمه وقدرته وسمعه وبصره، فنقول: إن علمه بوجود الموجود هو علمه بعدمه إذا عدم، وقدرته عليه قبل أن يوجده هي مقدرته عليه في حال إيجاده، ولا يقال: إنها قدرة عليه في حال بقائه، ورؤيته لآدم وهو في الجنة هي رؤيته له وهو في الدنيا،

(1) في هامش س:‌

‌ كلام ابن فورك في مسألة الكلام

ورده.

(2)

لم أقف على هذا النقل في مشكل الحديث وبيانه، وانظره في "الأسنى في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى" لأبي عبد الله القرطبي -مخطوط- اللوحة 243.

(3)

للمؤمنين: ساقطة من: الأسنى.

(4)

القائل أبو بكر بن فورك، والكلام متصل بما قبله في "الأسنى".

(5)

في جميع النسخ: يقول. والمثبت من: الأسنى.

(6)

في الأسنى: للمؤمنين على إيمانهم.

(7)

في س: ولا يخير. وفي ط: ولا يتغير.

وقد ورد في الأسنى: للكافرين على كفرهم لا نجيز.

ص: 709

وسمعه لكلام زيد هو سمعه لكلام عمرو من غير تغير واختلاف في شيء من أوصافه ونعوته لذاته".

وقال (1): "فإن قيل: كيف يعقل كلام واحد يجمع أوصافًا (2) مختلفة حتى يكون أمرًا نهيًا خبرًا استخبارًا، ووعدًا ووعيدًا؟.

قيل: يعقل ذلك بالدليل الموجب لقدمه، المانع من كونه متغايرًا مختلفًا على خلاف كلام المحدثين، كما يعقل متكلم هو شيء واحد ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا آلات، والذي أوجب كونه كذلك قدمه، ووجب (3) مخالفته للمتكلمين المحدثين، وإن كان لا يعقل (4) متكلم هو (5) شيء واحد لا ينقسم ولا يتجزأ في المحدثات".

فيقال له: ليس هذا (6) جوابًا عن السؤال، فإن السائل قال: كيف يعقل أن يكون الواحد الذي لا اختلاف فيه مختلفًا؛ فإن هذا مثل قول النصارى هو جوهر واحد هو ثلاثة جواهر، وما ذكره إنما هو إقامة الدليل على ثبوت ما ادعاه ليس جوابًا عن المعارضة، وهذه عادة ابن فورك وأصحابه، فإنه لما نوظر (7) قدام محمود بن

(1) في الأصل: أوصاف. والمثبت من: س، ط.

(2)

أي: ابن فورك. والنقل عنه في "الأسنى في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى" لأبي عبد الله القرطبي -مخطوط- اللوحة 241، 242.

(3)

في الأسنى: ووجوب.

(4)

في الأسنى: وإن كنا لا نعقل.

(5)

هو: ساقطة من: س.

(6)

في س، ط: هذا ليس.

(7)

في هامش س: كتاب ابن فورك إلى أبي إسحاق الإسفرائيني لما نوظر قدام محمود بن سبكتكين.

وهذه المناظرة ذكرها شيخ الإِسلام رحمه الله في كتابه درء تعارض العقل والنقل 6/ 253، فقال:

"وأظهر السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر، وأظهر =

ص: 710

سبكتكين (1) أمير المشرق فقيل له: لو وصف المعدوم لم يوصف إلا بما وصفت به الرب من كونه لا داخل العالم ولا خارجه، كتب إلى أبي إسحاق الإسفرائيني في ذلك، ولم يكن جوابهما إلَّا أنه لو كان خارج العالم (2) للزم أن يكون جسمًا.

فأجابوا لمن عارضهم بضرورة العقل بدعوى الحجة.

[قلت](3) فنظره (4) كذلك في هذا المقام، فإن كون الواحد الذي لا اختلاف فيه ولا تعدد ولا تغاير أصلًا يكون أشياء مختلفة هو جمع بين النقيضين، وذلك معلوم الفساد ببديهة العقل [فإذا قيل للشخص: هذا الكلام معلوم الفساد ببديهة العقل] (5) هل يكون جوابه أن يقيم دليلًا على صحته؟ بل يبين أنه لا يخالف بديهة العقل وضرورته، وهو لم يفعل ذلك

= السنة، وتناظر عنده ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو، فرأى قوة كلام ابن الهيصم، فرجح ذلك، ويقال: إنه قال لابن فورك: فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا؟

أو قال: فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم؟ وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحاق الإسفرائيني يطلب الجواب عن ذلك، فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسمًا".

وانظر البداية والنهاية -لابن كثير- 12/ 33. فقد أشار إلى هذه المناظرة.

(1)

هو: أبو القاسم محمود بن سبكتكين الغزنوي التركي، فاتح الهند، الملقب بيمين الدولة، آلت إليه السلطة سنة 389 هـ بعد وفاة والده ناصر الدولة بعد حرب مع إخوته ظفر بها. توفي سنة 421 هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء -للذهبي- 483/ 17 - 495. وطبقات الشافعية -للسبكي- 5/ 314 - 327. والأعلام للزركلي- 8/ 47، 48.

(2)

في الأصل: العلم. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.

(3)

ما بين المعقوفتين زيادة من: ط. وبياض بقدر كلمة في: الأصل، س.

(4)

في الأصل: بنظرة. والمثبت من: س، ط. وبه يستقيم السياق. وبعد هذه الكلمة بياض بقدر كلمة في: الأصل، س. لا يخل بالمعنى.

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من: س.

ص: 711

ولا يمكن أحد (1) أن يفعل ذلك بحق، فإن البديهيات (2) لا تكون باطلة، بل القدح فيها سفسطة، وهم دائمًا ينكرون على غيرهم من (3) يخالف (4) ما هو دون هذا، كما سننبه على بعضه.

الوجه السادس والثلاثون:

أن يقال: إما أن يكون (5) أقمت دليلًا على كونه قديمًا واحدًا ليس بمتغاير ولا مختلف أولم تقم، فإن لم تقم بطل ذلك ذلك، وإن أقمت دليلًا فلا ريب أنه نظري إذ ليس من الأمور البديهية (6) الضرورية، والعلم بأن الواحد الذي ليس فيه تغاير ولا اختلاف لا يكون حقائق مختلفة ولا موصوفًا بأوصاف مختلفة أو متضادة هو من العلوم (7) البديهية (8) الضرورية، والضروري لا يعارض النظري؛ لأن الضروري أصله فالقدح فيه قدح في أصله [وبطلان أصله](9) يوجب بطلانه في نفسه.

فعلم أن معارضة الضروري بالنظري يوجب بطلان النظري، وإذا بطل النظري المعارض لهذا الضروري لم يكن البتة دليلًا صحيحًا وهو المطلوب.

(1) في الأصل: أحدًا. والمثبت من: س، ط.

(2)

في س، ط: البديهات.

(3)

من: ساقطة من: ط.

(4)

في س، ط: مخالفتهم.

(5)

في ط: تكون.

(6)

في س: البديهة.

(7)

في الأصل، س: المعلوم. والمثبت من: ط.

(8)

في س: البديهة.

(9)

ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

ص: 712

الوجه السابع والثلاثون:

أن يقال: المانع من ذلك إما قدمه أو شيء آخر، وأنت لم تذكر شيئًا آخر، والقدم لا (1) دليل لك عليه، كما سبق بيانه من أنهم لم يقيموا حجة على كونه قديمًا، كالعلم من كل وجه.

الوجه الثامن والثلاثون:

هب (2) أنه قديم، فكونه قديمًا لا يوجب أن يكون صفة واحدة، فإنك تقول: إن صفات الرب من العلم والقدرة والسمع والبصر والحياة وغير ذلك قديمة، ولم يكن قدمها موجبًا لأن تكون هذه الصفة هي هذه الصفة، فمن أين أوجب قدم الأمر أن يكون هو عين النهي (3) وأن يكون النهي عين الخبر؟ وهلا قلت في أنواع الكلام ما قلته في الصفات كما قاله بعض أصحابك؟

الوجه التاسع والثلاثون:

أن المحققين من أصحابك يعلمون أنه (4) لا دليل على نفي سوى ما علموه من الصفات، فإنه لم يقم على النفي دليل شرعي ولا عقلي، فالنفي بلا دليل قول (5) بلا علم، وعدم العلم ليس علمًا بالعلم، وعدم الدليل عندنا لا يوجب انتفاء المطلوب الذي يطلب العلم به والدليل

(1) في الأصل، س: فلا. والمثبت من: ط.

(2)

في جميع النسخ: أنه هب أنه والكلام يستقيم بما أثبته.

(3)

في الأصل: غير الذهن. وفي ط: غير النهي. وهو خطأ. والمثبت من: س.

(4)

في الأصل: على أنه. والكلام يستقيم بالمثبت من: س، ط.

(5)

في س، قوله.

ص: 713

عليه، وهذا من أظهر البديهيات (1)، وإذا كان كذلك فمن أين لك أن الكلام لا يكون صفات كثيرة؟ ولم أوجبت أن يكون واحدًا أو معدودًا بعدد معين؟ فإن ما ذكرت من قدمه لا يمنع تعدده إذ (2) الصفات عندك متعددة وقديمة، والمعلوم أن القديم هو إله واحد، أما أنه ليس له صفة قديمة فهذا باطل بالضرورة لامتناع وجود لا صفة له، كما هو مقرر في غير هذا الموضع، وهم يسلمون ذلك، وإن لم يسلموا بطل قولهم في مسألة الكلام بالكلية.

الوجه الأربعون:

أن قولك يعقل ذلك بالدليل الموجب لقدمه المانع من كونه متغايرًا مختلفًا.

يقال لك: الدليل على قدمه لا يوجب كونه معنى واحدًا (3)، كما تقدم وإذا لم يوجب كونه معنى واحدًا (3) لم يوجب أن يكون الأمر هو النهي وهو الخبر وهو الاستخبار.

وقولك (4) بعد هذا: بالدليل المانع من كونه متغايرًا مختلفًا.

يقال لك: إذا لم تقدم الدليل على [أن](5) هذا هو هذا، بل علم أن هذا ليس هو هذا، فيقال فيه ما يقال في السمع والبصر وإن اشتركا في مسمى الإدراك فليس أحدهما هو الآخر، ثم هل يقال: أحدهما غير الآخر، أو مخالف (6) له؟ أو يقال: ليس بغير له ولا مخالف (6) له، أو

(1) في س، ط: البديهات.

(2)

في س: إذا.

(3)

في الأصل: واحد. والمثبت من: س، ط.

(4)

في الأصل، س: بقولك. وأثبت ما رأيته مناسبًا للسياق من: ط.

(5)

ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

(6)

في الأصل: مخالفًا. والمثبت من: س، ط.

ص: 714

لا يقال: لا هذا ولا هذا، أو يقال: هذا باعتبار، وهذا باعتبار (1).

هذه منازعات لفظية بين الناس وكل قول يختاره فريق، والمنازعات في الألفاظ التي لم ترد بها الشريعة لا حاجة بنا إليها، بل المقصود المعنى، نعم إذا كان اللفظ شرعيًّا كنا مأمورين بحفظ حده، كما قال تعافي:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} (2)، وإذا كان الأمر كذلك علم أن قولك بالدليل الموجب لقدمه المانع من كونه متغايرًا مختلفًا دعوى مجردة لا حقيقة لها.

الوجه الحادي والأربعون:

أن قولك: على خلاف [كلام](3) المحدثين.

يقال لك: كونه على خلاف كلام المحدثين لا يسوغ ما يعلم بالعقل امتناعه كاجتماع النقيضين، وكون الواحد الذي لا تغاير فيه ولا اختلاف حقائق مختلفة معلوم الفساد ببديهة العقل، وكون (4) صفة الله على خلاف صفة المخلوقين لا يسوغ هذا الممتنع.

الوجه الثاني والأربعون:

أن قولك: على خلاف كلام المحدثين:

إن عنيت به أن حقيقة كلام الله ليست (5) كحقيقة كلام المخلوقين كما أنه هو كذلك وسائر صفاته كذلك فهذا حق، لكن لا يفيدك، فإن كونه كذلك لا يوجب أن يثبت ما يعلم بالعقل انتفاؤه، فإن ما يعلم بالعقل انتفاؤه لا يثبت شاهدًا ولا غائبًا، وكون الواحد الذي لا تغاير فيه

(1) هذا باعتبار: كررت في: س، ط.

(2)

سورة التوبة، الآية:97.

(3)

ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

(4)

في الأصل: يكون. وفي س: يكون. وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: ط.

(5)

في س: لست.

ص: 715

ولا اختلاف [هو حقائق](1) مختلفة معلوم الفساد بالعقل، فلا يثبت لله ولا لغيره.

وإن عنيت بقولك على خلاف كلام المحدثين شيئًا غير ذلك، وهو أن كونه معنى قائمًا بالنفس، أو كونه ليس بحرف ولا صوت هو مخالف في ذلك لكلام المحدثين، فليس الأمر عندك كذلك، فإن القديم والمحدث يشتركان في هذا الوصف عندك.

وإن عنيت أنه واحد وكلام المخلوقين ليس بواحد، فيقال: هذا هو محل النزاع فما الدليل على أنه مخالف لكلام المحدثين من هذا الوجه يقرر ذلك.

الوجه الثالث والأربعون:

وهو أن الكلام والعلم والقدرة وسائر الصفات يجمع (2) هؤلاء وغيرهم (3) بينها وبين الصفات المخلوقة من وجه ويفرقون بينها من وجه، كما يجمع بين الوجود القديم الواجب القائم بنفسه الخالق، وبين الوجود الممكن المخلوق من وجه، ويفرق بينهما من وجه، ولهذا يجمعون بين الشاهد والغائب بالحد والدليل والعلة والشرط، فيقولون: حد العالم من قام به العلم، والحقائق لا تختلف شاهدًا ولا غائبًا، والعلم والقدرة مشروطان (4) بالحياة في الشاهد والغائب، والأحكام دليل على العلم في الشاهد والغائب ويقول (5) من يثبت الأحوال منهم (6): العلم موجب

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

(2)

في الأصل، س: تجمع. والمثبت من: ط.

(3)

بعد كلمة "غيرهم" بياض بالأصل، س، بقدر كلمتين. والكلام متصل في: ط. والمعنى يستقيم بما أثبت.

(4)

في الأصل، س: مشروط. وأثبت ما يستقيم به الكلام من: ط.

(5)

في الأصل: يقولون. والمثبت من: س، ط.

(6)

كالقاضي أبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي الجويني. انظر: غاية المرام- =

ص: 716

لكون العالم عالمًا، وذلك لا يختلف في الشاهد والغائب، وإذا كان الأمر كذلك فمخالفة كلامه لكلام المخلوقين من وجه لا يقتضي أن يكون واحدًا إن لم تبين أن تلك المخالفة موجبة لوحدته، وأنت لم تذكر ذلك ولا سبيل إليه أكثر ما (1) ذكرت أنك قسته على المتكلم، فقلت: يجب أن يكون واحدًا لأن المتكلم واحد، وسنتكلم على ذلك.

الوجه الرابع والأربعون:

إنك اعتمدت في كون الكلام معنى واحدًا قديمًا على قياسه على المتكلم، فلما قيل لك كيف يعقل كلام [واحد](2) يجمع أوصافًا (3) مختلفة حتى يكون أمرًا نهيًا خبرًا استخبارًا وعدًا ووعيدًا؟.

قلت: يعقل ذلك بالدليل الموجب لقدمه المانع من كونه متغايرًا مختلفًا على خلاف كلام المحدثين، كما يعقل متكلم هو شيء واحد ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا آلات، وإن كان لا يعقل متكلم هو شيء واحد لا ينقسم ولا يتجزأ في المحدثات، فقولك: كما يعقل متكلم هو شيء واحد وإن كان لا يعقل متكلم هو شيء واحد في المحدثات، أي: كما يعقل هذا في الموصوف فليعقل في صفته ذلك.

فيقال لك: لا يخلو إما أن يكون الدليل الحق قد دل على هذه الوحدة التي أثبتها للمتكلم أو لم يدل عليها، فإن لم يدل عليها كنت قائسًا لدعوى على دعوى بلا حجة، وكانت المطالبة لك واحدة فصارت اثنتين، وإن دل عليها، فيقال لك: وحدة الموصوف علمت بذلك الدليل الدال عليها فمن أين يجب إذا علم أن الموصوف واحد أن يكون

= للآمدي- ص: 27. وتقدم الكلام على هذه المسألة ص: 608.

(1)

في ط: فما.

(2)

ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

(3)

في س: أوصاف.

ص: 717

كلامه معنى واحدًا؟ مع أن هذا الموصوف الواحد موصوف عندك وعند عامة المثبتة بصفات متعددة، فلم يلزم من وجدته في نفسه وحدة صفته، فلم لزم من وجدته وحدة كلامه بلا حجة؟

الوجه الخامس والأربعون:

أن ما ذكرته في هذا الجواب إما أن تذكره (1) لإثبات كون الكلام معنى واحدًا أو لإمكان أن المعنى الواحد يكون حقائق مختلفة قياسًا على الموصوف [فإن كان لإثبات الأول فليس ذلك بحجة أصلًا إذ مجرد كون الموصوف](2) واحدًا (3) لا يقوم أن يكون (4) صفته معنى واحدًا، وهذا معلوم بالضرورة والاتفاق، وهو يسلم ذلك، وأيضًا فإن هذه الحقيقة لا تفيد إمكان ذلك -كما سنبينه- فإنه لا (5) يفيد ثبوت ذلك، ووجوده أولى وأحرى، وإن كان ذكره (6) لبيان إمكان ذلك، فيقال لك: ليس كل ما أمكن في الموصوف أمكن في الصفة، ولا كل ما يمتنع في الصفة - يمتنع في الموصوف وهذا معلوم، فإن لم يبين أنه يلزم من كون الموصوف واحدًا بهذه الوحدة التي أثبتها أن تكون صفته يمكن فيها ما أثبته لم يكن ما ذكرته كلامًا مفيدًا ولا قولًا سديدًا.

الوجه السادس والأربعون:

أن يقال لك: قياسك الوحدة التي أثبتها للكلام على الوحدة التي أثبتها للمتكلم قياس للشيء على ضده لا على نظيره، وذلك أنك جعلت

(1) في س: يذكره.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من: س.

(3)

في الأصل: واحد. وهو خطأ. والمثبث من: س، ط.

(4)

في ط: لا يفيد أن تكون.

(5)

في ط: فإن من لا.

(6)

في الأصل: ذلك. وأثبت ما يستقيم به الكلام من: س، ط.

ص: 718

الكلام معنى واحدًا، وهذا المعنى الواحد هو حقائق مختلفة هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، لم تقل: إن الأمر والنهي والخبر والاستخبار صفات قائمة بالكلام كالصفات القائمة بالمتكلم، ولا يمكنك أن تقول ذلك؛ لأن الصفة لا تقوم بالصفة بل هما جميعًا يقومان بالموصوف، فلو قلت ذلك لكان الأمر والنهي والخبر صفات مختلفة قائمة بالله وذلك الذي فررت (1) منه، ولكن هذا يناسب قول من قال: الكلام صفات، والرب الواحد لم تقل (2): إنه في نفسه شيئان، بل قلت: إنه ليس بذي أبعاض ولا أجزاء، فكان نظير هذا أن تقول الكلام ليس بذي أبعاض ولا أجزاء وليس هو مع ذلك حقائق مختلفة، فليس هو في نفسه أمرًا ولا خبرًا ولا استخبارًا كما تقول مثل ذلك في (3) الموصوف، ولعل هذا هو الذي لحظه ابن كلاب إذ كان أقدم وأحذق من الأشعري، حيث لم يصف الكلام في الأزل بأنه أمر ونهي وخبر واستخبار، وجعل ذلك أمورًا نسبية تعرض (4) له، وهذا أقرب إلى المعقول وطرد أصولهم في قول الأشعري وأن هذا باطل، فأما أن يكون الموصوف عندك واحدًا بمعنى أنه ليس بذي أبعاض، وليس هو عندك حقائق مختلفة بل موصوفًا بصفات، ثم تقول (5): الكلام هو معنى واحد ليس بذي أبعاض وهو حقائق مختلفة أمر

(1) في ط: قررت.

(2)

في الأصل، س: يقل. وأثبت ما يناسب السياق من: ط.

(3)

في: ساقطة من: س، ط.

(4)

تقدم الكلام على مذهب ابن كلاب، وأنه يقول: "إن كلام الباري في الأزل لا يتصف بكونه أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط التكليف، فإذا أبدع الله العباد وأفهمهم كلامه على قضيته أمر، وموجب زجر، أو مقتضى خبر اتصف عند ذلك بهذه الأحكام.

انظر: نهاية الإقدام -للشهرستاني- ص: 303، 304.

(5)

في جميع النسخ: يقول. والمعنى يستقيم بما أثبته.

ص: 719