الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة شكر وتقدير
الحمد للَّه رب العالمين أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بمناسبة إنتهائي من إعداد رسالة "الدكتوراه" وهي دراسة وتحقيق كتاب "لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية للعلامة السفاريني رحمه الله.
فإنى أتوجه بالشكر للَّه سبحانه الذي وفقني وأمدني بعون من عنده ثم أتقدم بالشكر والثناء لكل من قدم لي مساعدة وعونا في إعداد هذه الرسالة وأخص بالذكر استاذي فضيلة الدكتور أحمد مرعي العمري المشرف على رسالتي والذي لقيت منه كل مساعدة وتشجيع. والذي قدم لي الكثير من التوجيه والإرشاد والملاحظات القيمة التي كان لها أثر كبير في هذه الرسالة فجزاه اللَّه خيرًا وبارك فيه.
كما أشكر الزملاء في قسم العقيدة وعلى رأسهم الدكتور صالح العبود الذي نلقى منه كل عناية وتشجيع وجزى اللَّه القائمين على هذه الجامعة المباركة خير الجزاء ووفقهم وسدد خطاهم وبارك في أعمالهم.
كما أشكر الأخ القاضل الشيخ عمر بن سعود العيد الذي ساعدني في الحصول على إحدى مخطوطتي الكتاب وهي نسخة الظاهرية بدمشق فجزاه اللَّه خيرا.
كما أشكر الأخ محمد بن عبد اللَّه السمهري الذي صور لي مقدمته لتحقيق
كتاب البحور الزاخرة في علوم الآخرة، والذي استفدت منه في دراستي هذه. فجزاه اللَّه خيرًا.
كما أشكر الأخوين الفاضلين عبد الرحمن بن محمد البصيري وعبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف الذين قاما بمساعدتي أثناء المقابلة، فجزاهما اللَّه خير الجزاء.
وختامًا أسأل اللَّه عز وجل أن يجعل عملي هذا وكل أعمالي خالصة لوجهه الكريم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
إنه سميع مجيب.
* * *
مقدمة
إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب اللَّه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (1).
أما بعد: فإن اللَّه تعالى بعث نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في اللَّه حق جهاده، وما توفي صلوات اللَّه وسلامه عليه حتى كمّل اللَّه به الدين وأتم به نعمته على المسلمين.
(1) هذه الخطبة تسمى (خطبة الحاجة) وهي تشرع بين يدي كل حاجة مهمة، وقد أفرد فيها العلامة الألباني رسالة خاصة جمع فيها الأحاديث الواردة فيها وطرقها فلتراجع.
كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} . [المائدة: 3].
فكان مما جاء به وبينه صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بذات اللَّه من توحيد الأسماء والصفات.
وهذا النوع من التوحيد -أي توحيد الأسماء والصفات منزلته في الدين عالية وأهميته عظيمة ولا يمكن أحدًا أن يعبد اللَّه على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء اللَّه تعالى وصفاته ليعبده على بصيرة قال اللَّه تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180].
ولما كانت حاجة العباد إلى معرفة هذا النوع ماسة بل إن حاجتهم إليه أعظم من حاجتهم إلى الماء والغذاء فقد بينه اللَّه في كتابه بيانًا شافيًا واضحًا وهذا من رحمته تعالى أن ما كانت حاجة الناس إليه أشد كان بيانه واضح ووجوده أعم.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد وصف اللَّه بما وصف به نفسه في كتابه الذي أنزله ليكون هدى للعالمين ومنارًا للسالكين، فأخبر الناس بأنه تعالى يرحم ويغضب ويرضى ويسخط ويحب ويبغض وأنه مستو على عرشه عال على خلقه وأنه يسمع ويبصر ويعطى ويمنع ويخفض ويرفع وأنه ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، أخبرهم بذلك وغيره فآمن الصحابة به وتلقوه بالقبول من غير شك ولا ارتياب وعاش أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على هذه العقيدة الصحيحة الصافية الخالية من الشوائب والأكدار، ثم واصلوا مسيرة الخير والنور فانتشر الإِسلام انتشارًا لم يعهد له نظير في سالف الدهر ولاحقه لأي دعوة من الدعوات وبسرعة عجيبة فطبق المعمورة شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا فدخل في الإسلام شعوب مختلفة العادات والأفكار واللغات ولها حضارات وأديان فاعتاضوا عن ذلك كله بالإِسلام.
عند ذلك ثارت ثائرة المجوسية الحاقدة واليهودية الماكرة بغيًا وحسدًا وأخذوا
يخططون لكيد الإسلام وأهله فكان أول هذه المكائد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم عثمان رضي الله عنه، ثم خروج الخوارج على علي رضي الله عنه وقتلهم إياه ثم ظهر في مقابلتهم التشيع البغيض ثم استفحل إلى الرفض والغلو المفرط ثم ظهرت القدرية المنقصة للَّه ثم كان الإرجاء والتجهم والإعتزال ثم جاءت الأشعرية بتأويلاتها وتحريفاتها وتناقضاتها (1).
وفي مقابل هذه الفرق الضالة والبدع الحادثة هيأ اللَّه لهذه العقيدة من ينصرها ويدافع عنها ويقوم ببيانها وتوضيحها على مر العصور أمثال الإمام أحمد والإمام البخاري وأبى سعيد الدارمي والإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم من العلماء ممن يطول ذكرههم رحمهم الله.
ومن هؤلاء العلماء البارزين العلامة محمد بن أحمد بن سالم السفاريني من علماء القرن الثاني عشر الذي ألف عدة مؤلفات في بيان عقيدة السلف والدعوة إليها والرد على الفرق المخالفة.
ومن هذه المؤلفات كتابه: "لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية" وهو هذا الكتاب الذي قمت بدراسته وتحقيقه.
هذا وقد بذلت جهدي وأفرغت وسعي في سبيل خدمة هذا الكتاب وأرجو أن أكون قد وصلت به إلى ما يفيد القارئ الكريم وأسأل اللَّه أن ينفع به وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا ولا أبرئ نفسى من الخطأ والتقصير فهذا من طبع البشر إلا من عصمه اللَّه من رسله وأنبيائه، لكن عذري أني قد بذلت جهدي فما كان فيه من صواب فمن
(1) استفدت في هذه المقدمة من كتاب: ثبات العقيدة أمام التحديات للشيخ عبد اللَّه الغنيمان.
اللَّه وله الحمد والمنة وما كان فيه من نقص وتقصير فمنى واستغفر اللَّه.
وإلى القارئ الكريم بيان عملي ومنهجي في دراسة الكتاب وتحقيقه:
يتكون عملي هذا من قسمين:
القسم الأول: الدراسة.
القسم الثاني: التحقيق والتعليق.
أما الدراسة فستكون في فصلين:
الفصل الأول: دراسة عن المؤلف وفيه مباحث:
المبحث الأول: عصر المؤلف من الناحية السياسية والدينية والعلمية.
المبحث الثاني: حياته الشخصية وفيه الأمور الآتية:
اسمه ونسبه ونسبته.
مولده ونشأته.
أسرته وأصله.
صفاته وسيرته وأخلاقه.
وفاته.
المبحث الثالث: حياته العلمية وفيه:
طلبه العلم ورحلاته وتحصيله العلمي - شيوخه - تلاميذه - مكانته العلمية وثناء العلماء عليه - مؤلفاته - عقيدته ومذهبه.
الفصل الثاني: دراسة الكتاب وفيه مباحث:
المبحث الأول:
1 -
اسم الكتاب.
2 -
موضوع الكتاب.
3 -
سبب تأليف الكتاب.
4 -
توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف.
5 -
منهج المؤلف في الكتاب.
6 -
مصادر الكتاب.
7 -
موازنة بين الكتاب وبين كتاب "لوامع الأنوار" للمؤلف وبيان أهميتهما.
8 -
بعض المآخذ على الكتاب.
المبحث الثاني:
1 -
وصف النسخة الخطية للكتاب.
2 -
تاريخ النسخ.
3 -
الناسخ.
أما منهج التحقيق والتعليق فقد سرت فيه على النحو الآتي:
1 -
قراءة النص ومقابلة النسختين واثبات الفروق في الهامش مع المقابلة بكتاب لوامع الأنوار للمؤلف في كثير من المواضع وقد ساعدني كثيرًا في تقويم بعض النصوص التي يتفقان فيها.
وكذلك رجعت إلى المصادر التي ينقل عنها المؤلف وذلك لتوثيق النص وتصويبه
للوصول به إلى أقرب صورة إلى الصواب.
2 -
تحرير نسبة الأقوال والآراء التي يسندها المؤلف إلى أصحابها وعزوها إلى مصادرها من كتبهم ما أمكن ذلك.
3 -
التعليق على المواضع التي رأيت أنها تحتاج إلى بيان وتوضيح وخاصة ما يتعلق بالعقيدة.
4 -
نبهت على الأوهام التي وقعت للمؤلف.
5 -
ذكرت مواضع الآيات القرآنية من كتاب اللَّه.
6 -
خرجت الأحاديث والآثار الواقعة في الكتاب مع بيان ما قاله أهل العلم في الحكم على الحديث بإيجاز.
7 -
ترجمت للأعلام الواقع ذكرهم في الكتاب ولم أترجم للصحابة لشهرتهم.
8 -
شرحت المفردات الغريبة في الكتاب.
9 -
وقعت بعض الأخطاء في نصوص الكتاب فإذا كان النص للمؤلف فإني أبقي النص كما هو -في الغالب- مع الإشارة في الهامش إلى ما رأيت أنه الصواب.
أما إذا كان النص لغير المؤلف ووجدته في أصوله فإني أثبت ما في الأصول مع الإشارة في الهامش إلى ما في أصل النص.
10 -
عرفت تعريفًا موجزًا بالفرق والبلدان والأماكن الوارد ذكرها في الكتاب.
11 -
جعلت نص القصيدة بين قوسين تمييزًا له عن شرح المؤلف.
12 -
وضعت فهارس للكتاب وهي:
- فهرس الآيات.
- فهرس الأحاديث.
- فهرس الآثار.
- فهرس الأشعار.
- فهرس الفرق.
- فهرس الأعلام.
- فهرس الموضوعات.
وباللَّه التوفيق.
* * *
القسم الأول:
الدراسة
الفصل الأول دراسة حياة المؤلف وعصره
وفيه مباحث:
المبحث الأول: عصر المؤلف من الناحية السياسية، والعلمية، والدينية
المبحث الثاني حياته الشخصية
المبحث الثالث في حياته العلمية