الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تزل قدمك
للداعي خط واضح يكفي أنه سائر على طريق غير مستوحش فيه لأن أقدام الأنبياء والصالحين سارت عليه .. فهو يسير على الخطى ويقتفي الأثر.
وقد جمعتني ببعض الأحبة مناسبة أسلم فيها بعض الأجانب وكان محور الحديث فيها عن الإسلام وكيف أسلم كل فرد
منهم.
وعندما أتى الحديث إلى أحدهم قال: كنت طبيبًا ولا أزال وأعمل مع الموجودين في المجلس وأحمد الله أن منَّ علي بنعمة الإسلام. ثم ذكر بداية معرفته بالإسلام فأشار إلى بعض الحاضرين وقال: هذا دعاني مرة وأخرى وثالثة وأنا معرض عنه حتى أتى يومًا فتحدث لي عن الإسلام وكنت غضبان فنهرته وطردته من مكتبي فلم يعد إلي مرة أخرى ولكن كانت هناك محاولات أخرى مع زوجتي وهي طبيبة في نفس المستشفى فكان أن أتى الإسلام إلى منزلنا عن طريقها فأسلمت ثم أسلمت ولله الحمد. وأنا أعتذر للأخ الذي نهرته ولكني ألومه الآن، لماذا لم يعد عندما نهرته وغضبت عليه؟ ! فالدعوة تحتاج إلى صبر وتضحية ومعاودة مرة ثانية.
وفي أمر الدعوة يجب أن يلاحظ الداعي احتياجات الشخص فمن كان التقرب إليه بالمال دفعنا له مالاً ولا يستعجب من ذلك فهذا الذي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه ما يريد من الدنيا عاد
لقومه ليقول لهم: أتيت من عند من يعطي عطاء من لا يخاف الفقر .. لم ينظر إلا من هذه الزاوية ولذا لم يقل أتيت من عند نبي الله أو هلموا لأكمل الأديان وأتمها. لا بل نظر إلى ذلك من زاوية الدنيا وهي التي لفتت انتباهه وهي التي رغبته في الإسلام .. وبعض المدعوين ينقاد من هذه الزاوية أو من زوايا أخرى فلا يتعجب في البداية من ذلك وليكن الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة في الدعوة.
في أحايين كثيرة من الدعوة يحسم الموقف عند حد معين خاصة إذا كان المدعو بدأ ينفعل وينتصر لرأيه فربما يكون في ذلك ضرر عليه في دينه إن كان مسلمًا فيجب التوقف والانسحاب فالداعي صاحب دعوة لا صحاب انتقام وتشفي.
فهناك جهلة كثيرون .. وهناك مكابرون ومعاندون ولكن الداعي يسير على نور من ربه في طريق مرسوم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} .
والحذر أن يكون للداعي موقف يأخذه الشيطان فيرى أن ينتصر لنفسه ويشفي صدره وهذا ليس بأسلوب الدعاة بل الانتصار لله ولرسوله، وتهان النفس وتذل في سبيل الدعوة. لأنه يستقي علمه ومسير حياته من تعاليم القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ربما يقف يومًا يحتار فيه حتى يقرأ هذا الآية فتنجلي الحيرة وتتضح الرؤية:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}
[السجدة: 34 - 35].
يجب الحرص وعدم التحدث عند الآخرين بأن فلانًا به كذا وكذا وينقصه كذا وكذا، إلا إذا كان في أخبارهم فائدة لدعوة المدعو؛ لأن ذلك ينفر عن الداعي ويجعله غير محبوب. كما أنه يفتح باب الغيبة بين المسلمين.