الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
قال وهيب بن الورد:
إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحدٌ فافعل.
وسارعوا
قال الله جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئًا» رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم» رواه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم.
وقد جاءت الآيات الكثيرة والأحاديث الشهيرة بالحث على الدعوة إلى الله، وبيان وجوبها، وما للداعي فيها من الأجر العظيم.
والآيات القرآنية الدالة على الدعوة أكثر من آيات الصوم والحج اللذين هما ركنان من أركان الإسلام الخمسة. فالدعوة إلى الله من أعظم واجبات الشريعة المطهرة، وأصل عظيم من أصولها، بها يكمل نظام الشريعة، ويرتفع شأنها.
فإن مهمة الدعوة إلى الله مهمة كبرى، مهمة عظيمة، مهمة فاضلة، مهمة رتب عليها من الأجر العظيم ما الله به عليم، ولذا اختار الله سبحانه وتعالى لها أفضل الخلق وأكرم البشر، اختار لها سادات القوم وصفوة الأمة وفضلاءها.
فالدعوة عمل الأنبياء والرسل .. ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم.
إنها نقاط ووقفات لدعوة شخص بعينه ذكرًا كان أو أنثى.
ولم أذكر نقاطًا دعوية جماعية مثل الوعظ في المساجد وإلقاء المحاضرات .. لعلمي أن ذلك معلوم للكثير ويختص بفئة معينة من الدعاة وطلبة العلم وإنما قصدت دعوة شخص بعينه.
-أخي الحبيب-:
استمر نبي الله نوح عليه السلام يدعو قومه سنوات طويلة قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} .
وقام يوسف عليه السلام بأمر الدعوة وهو في السجن فدعا من معه إلى عبادة الله جل وعلا: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} .
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم استمر في الدعوة طوال حياته ولاقى من الجهد والعنت ما حفظه لنا القرآن الكريم وكتب الحديث والسير .. ها هو في الرمق الأخير ولم ينس أمر الدعوة كما قالت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي توفي
فيه: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» فما زال يقولها حتى ما يفيض بها لسانه. [رواه البيهقي في شعب الإيمان وروى أحمد وأبو داود ونحوه عن علي].
وكان من آخر كلماته الدعوة إلى الله: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه الشيخان.
وهذا أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشغله حزن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر الدعوة بل سارع في وسط هذا الحزن إلى تأكيد أمر الدعوة إلى الله وأهميتها فعقد الألوية وسير الجيوش إلى جهات كثيرة لقطع دابر المرتدين.
وهذا فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دمًا وهو على فراش الموت لم يترك أمر الدعوة فعلى ضعفه وانحطاط قوى جسمه ينادي شابًا أدبر وإزاره يمس الأرض فيقول: «ردوا علي الغلام» ثم قال له: «يابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك» .
ومن تتبع سير السلف الصالح وعلماء هذه الأمة يجد منهم الحرص والجلد والمثابرة حتى أصبحت الدعوة إلى الله هي شغلهم الشاغل، وما بقاؤهم في هذه الدنيا إلا للطاعة والعبادة ونصرة هذا الدين.
فلا شك أن الدعوة إلى توحيد الله وعبادته وإرشاد الخلق ونصحهم هي وظيفة المرسلين وأتباعهم المصلحين والدعاة الناصحين.
ومعلوم أنه ما قام دين من الأديان ولا انتشر مذهب من المذاهب ولا نبت مبدأ من المبادئ إلا بالدعوة، ولا هلكت أمة في الأرض إلا بعد أن أعرضت عن الدعوة، أو قصر عقلاؤها في الأخذ على يد سفائها، وما تداعت أركان ملة بعد قيامها ولا درست رسوم طريقة بعد ارتفاع أعلامها إلا بترك الدعوة .. فإذا أهملت الدعوة فشت الضلالة وشاعت الجهالة وخربت البلاد وهلك العباد.
أيها الحبيب:
إن أثر الدعوة واضح وجلي .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر ثم تبعه الباقون حتى قامت صروح الدعوة على يديهم وتضاعف العدد حتى عم مكة وامتد النور إلى المدينة النبوية.
إنها تشمير إلى المعالي .. اجعل نصب عينك شخصًا بعينه قريبًا أو بعيدًا .. ادعه وارفع درجة التزامه، فإن أخلصت ورزقك الله التوفيق فلك مثل أجر عمله إلى يوم القيامة .. ها هو يقوم الليل وأنت نائم، ويصوم وأنت مفطر، ويحج وأنت مقيم، ويجاهد وأنت جالس .. ولكن يجري لك من الأجر مثل أجره ولا ينقص من أجره شيئًا .. فما ظنك إذا اهتدى على يديه أكثر من واحد ثم أكثر من عشرة وهكذا مضاعفات الأعداد .. إنها فرصة ثمينة وباب من أبواب العبادة.
إنها دعوة للخير فربما تدعو شخصًا في اليوم وربما عشرة .. هذا في الورشة وذاك في المنزل وآخر في المسجد ورابع في الشارع العام وخامس عبر مكالمة هاتفية وهكذا .. لكن لكل فرد ما يناسبه
من الوسائل الدعوية.
إنها دعوة يسيرة يستطيع أن يقوم بها كل شخص كبر أو صغر متعلم أو عامل بل حتى الأمي .. تقوم بتقديم شريط أو كتيب فقط تكون بهذا داعية .. بل إلقاء كلمة طيبة وأنت سائر تكون أخذت من الدعاة بسهم من عملهم.
أخي المسلم:
وأنت تسير في الصحراء تتلمس طريقك .. إذا بمن يمسك بمنكبيك بقوة ويرفع صوته: انتبه .. قف أمامك هوة سحيقة .. نظرت فإذا بصدق حديثه .. فرحت ودعوت له .. هذه هي الدعوة المخلصة والنصيحة الصادقة.
بعضهم يقول لم أر تلك الهوة! ! أين هي؟ ! لن تعيقنا عن السير ..
وآخرون يكابرون ويدعون أنهم رأو الهوة كذبًا .. كيف رأى الهوة السحيقة وهو واضع أولى قدميه في هوة السقوط .. ولكنه يكابر ويقول: كنت منتبهًا فقط أردت أن أجري .. كذب وخاب وخسر ..
إنها مواقف ستمر عليك وتلمسها بنفسك وتسمعها بأذنك .. ينالك الخير ويطولك الأذى.