الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما بال أقوام
بعض أنواع النصيحة المباشرة في مجتمعنا الحالي لها بعض المحاذير لسوء الأنفس وعدم تعودها للنصح منذ الصغر .. وهذا ملاحظ في كثير من الأفراد حتى بعض الأخيار منهم إذا نصحته مباشرة ربما سببت هذه النصيحة بعض الجفوة بينك وبينه.
وأذكر أن أحد الشباب نصح أخًا له عن رائحة كانت تصدر من أبطيه وأشار عليه ببعض المستحضرات التي توقف انتشار هذه الرائحة وأنها موجودة في الصيدليات وقال له .. كنت أعاني ما تعاني منه حتى بدأت أستعمله فاختفت الرائحة .. فكان أن شكره ولكنه بدأ يتثاقل زيارته حتى طالت الوحشة بينهما.
والعجيب أمر التربية في هذا الجانب لو رأيت ملاحظة على بعض من تعود النصيحة وهو من الكفار واستدركت عليه أمرًا لشكرك على ملاحظاتك .. وهذا من التعود، فينشأ منذ الصغر على قبول الاستدراك والملاحظة ونحن أولى بهذا منهم.
ومن رأى أن النصيحة ربما تجدي في أمر من الأمور فإن من حسن الأدب تقديم ثناء محق على المنصوح بأنه فيه كذا وكذا .. ثم يكمل: غير أنني رأيت فيك خلة عجبت أن لا تتداركها وهي كذا .. فربما أن المنصوح من أصحاب القلوب المفتوحة والصدور السليمة فيقبل شاكرًا داعيًا.
والنصيحة المباشرة قد تكون ضرورة لبعض الأفراد الذين لا يمكن طرق الأساليب الأخرى معهم للتعنت الذي يبدونه فينصحهم
مباشرة شخص له مكانته ومنزلته .. ويكون في حالة المكابرة نوع من العقاب والتأديب بل والفرض والإلزام أحيانًا.
وبعض الناصحين يتدارك المواقف الحرجة حين النصح ويأتي بعده بنكتة لطيفة أو كلمة تضفي جو الدعابة حتى لا يحرج المنصوح.
وهناك مواقف سريعة مثل وجود منكر في السوق للداعي وليس له وسيلة للدعوة إلا الإنكار باللسان مثلاً فلا يتأخر.
التعريض في الحديث وسيلة دعوية غير مباشرة قد تجدي كثيرًا مع أصحاب الفطر السليمة ممن يغلب عليهم الحياء وربما يصدمهم النصح المباشر فيكون التعريض أسلوبًا يرفع الحرج عنهم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض في خطبه كثيرًا .. بقوله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام .. » .
وللتعريض أسلوب يطرح فيه بحيث يكون ضمن حديث غير متكلف وهذا يرجع إلى مهارة المتكلم وتسلسل أفكاره .. في وسط الحديث أو في نهايته حسب الحال.
فمثلاً يعرض بقوم هم جيران المسجد ولا يصلون ومن عوائل معروفة مع الأسف ولقد تحدث جماعة المسجد عنهم كثيرًا.
وهكذا يعرض للمرأة بأن الرجال ينتقدون المرأة الخراجة الولاجة التي لا يهنأ لها بال حتى تطأ قدمها عتبة السوق .. وتعرض الداعية بما رأته كثيرًا في حفلات الزواج من اللباس غير المحتشم، وتستدل بالفتاوى في ذلك .. وهي تقصد المتحدثة إليها ..
أيها الحبيب:
للرسائل الشخصية أثر محمود قد لا يتوفر في غيرها من الوسائل ومن أهمها أنها تبقى مدة في يد المرسل إليه يقلبها ويقرأها ويتمعن فيها .. بل ويعاود تفسير معانيها ومراجعة كلماتها مرات عدة بدون حرج، ثم إنه لا يعلم من المرسل لكي يتتبعه إن كان ذو طوية سيئة أو يشتمه أو يعاديه. كما أن في عدم معرفة المرسل الحرية في ذكر كل ما يريد أن ينصح به.
وللرسالة شروط النصيحة بشكل عام فلا يفتري عليه أو على أهل بيته بشيء وتجمل الرسالة بكلمات المحبة والأخوة في الله .. ويتلطف في النصح حتى لا يحدث رد فعل ويدعو له بالهداية والتوفيق والفلاح والنجاح. ويبتعد في رسالته عن الأمور الخاصة التي لا يعلمها إلا قلائل حتى لا يظن بأحدهم ثم يكرهه .. بل تكون عموميات وإن كان لا بد من ذكر الأمر الخاص فيضيف له أمورًا أخرى حتى لا يبقى التركيز منصبًا على الأمر الخاص بعينه. وتكتب بخط جميل واضح وإن كان بجهاز الكمبيوتر فهو أولى.
وللرسالة الخاصة وقع كبير وأثر محمود يلمسه كل ناصح ومحب ومشفق.
والنصيحة كلمة عامة جامعة يعبر بها عن جملة إرادة الخير.
قال الشاعر:
تعمدني بنصحك في انفراد
…
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
…
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
…
فلا تجزع إذا لم تعط طاعة