المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجاهدة انتظار النتائج والحرص على حصول الإيجاب أمر لم نؤمر به. - ليس عليك وحشة

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌المجاهدة انتظار النتائج والحرص على حصول الإيجاب أمر لم نؤمر به.

‌المجاهدة

انتظار النتائج والحرص على حصول الإيجاب أمر لم نؤمر به. إنما أمرنا بالدعوة فقط وليس علينا تتبع النتائج وإن كانت النفس البشرية تفرح بالحصاد المبكر .. لكن ربما يكون هناك إحباط في حالة عدم القبول وتكاسل حين الإعراض بل هناك دعوة لا تستطيع أن تتلمس أثرها مثل إهداء كتاب في طريقك وأنت مسافر .. لا تعلم هل صلح حال المدعو أم لا؟ كذلك إلقاء كلمة أمر أو نهي في المحل التجاري ربما تكون هذه الكلمة سببًا في استقامة المدعو بعد حين، وهكذا.

يأتي أحدهم .. يقول: حاولت فلم أستطع ..

جرب فربما أن له نفحة توافق دعوتك .. مرة بالشريط وأخرى بالكتاب وثالثة في شهر رمضان ورابعة في حالة مصيبة عندهم وخامسة في مناسبة فرح .. وأنت مأجور في كل مرة .. فلا تيأس، ولو كل من دعا أو نصح نصيحة لم تقبل منه توقف عن أمر الدعوة فكيف يقوم هذا الدين؟ ! عليك المعاودة مرة بعد أخرى.

فالدعوة إلى الله ليست دعوة لمرة واحدة فإن أثمرت وإلا توقف الداعي .. بل هي دعوة متصلة مرة بعد أخرى بأساليب مختلفة ووسائل متعددة، فكلما وجد الداعي مناسبة دعوية أعاد وكرر وصبر على طول المدة وعدم القبول السريع.

وقد حدثني أحد كبار السن -وكان حليقًا- أن طريق أحد

ص: 78

العلماء كل أسبوع يمر على مكتبه فيدخل عليه ويذكره بالله وبحكم تحريم حلق اللحية واستمر على ذلك سنوات طويلة دون كلل أو ملل حتى أطلق الرجل لحيته وأعفاها.

والتأخر عن المعاودة حرمان للأجر وإلا فما المانع من كسب الأجر والمثوبة عند معاودة الدعوة وإذلال النفس لله واختيار المناسبات والأوقات التي يرى الداعي أن حال المدعو ربما تكون مهيأة لقبول الدعوة، وفي معاودة الدعوة وعدم الاستجابة لها في المرة الأولى مباشرة حكمة بالغة وإلا لو كل من دعي من المرة الأولى استجاب لما تردد كثير من الناس في أمر الدعوة .. إنما هي جهاد وصبر واحتساب، ولنا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر الدعوة والصبر عليها ومعاودتها منهاج دعوة ونبراس حياة.

ولهذا يجب أن يكون الداعية صاحب نفس طويل وصبر متواصل، وأنه يسعى لإنقاذ المدعوين من نار جهنم. أمر يستدعي الصبر والمداومة .. استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوات طويلة يدعو في مكة المكرمة والمدينة المنورة حتى توفاه الله عز وجل.

أخي الحبيب:

من الحكمة في الدعوة التدرج والتمهيد للأمور وإعطاء البديل إذ النفوس تبحث عن بديل خاصة لمن كان لديه ضعف ووهن .. ولا شك أن التوحيد لا يجوز تأخير بيانه مراعاة لخاطر فلان وفلان أو الخوف من رد الفعل عند المدعو لأن اللحظات تجري وربما يموت

ص: 79

المدعو على الشرك فلا بد من البدار لما فيه مصلحة وفي تأخيره عن وقته مضرة.

ولا شك أنك تحب المدعو لما فيه من خير، وتكره ما فيه من الشر ولذا تحبه محبة لله وفي الله لأنه يصلي ويؤدي الفرائض وتكره تهاونه في أمر إعفاء اللحية مثلاً ولذا تبحث عن كل ما يدعه يتجنب هذه المعصية .. لا شك أنه أخ في الله .. وكلنا ذوو خطأ. ويحتاج منك إلى صبر وجلد وطول نفس ولذا يجب التضحية ببعض الوقت للدعوة وإذلال النفس في سبيل الله .. هناك من يضي بنفسه ودمه، وآخر بعمره وأنت لا تضحي بأيام، بل بساعات .. فإذا وجدت فرصة رحلة برية أو زيارة لقريب فاستفد من ذاك الوقت وأجل بعض أعمالك إلى وقت آخر فهذه فرصة قد لا تكرر وأعمالك تنقضي على مهل .. والأعمال لا تنتهي وإلا فالميت يموت ولديه مواعيد ومراجعات وقائمة مليئة بالأعمال.

ص: 80