الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشاكل التعليم
مؤتمر تعليمي في حوران
لمّا كان التعارف والتضامن بين المعلّمين في حقل التربية والتعليم، وتعيين أهدافهم وسيَرهم على خطّةٍ موحّدةٍ لبلوغها وإيجاد التناسق بين ما يقومون به من عملٍ ويبذلونه من جهدٍ من أهم الدعائم التي يقوم عليها كيان المعرفة في البلاد. لذلك رأى مدير معارف حوران أن يدعو معلّمي ومعلمات المحافظة لعقد اجتماعٍ تربويّ في الساعة الرابعة من بعد ظهر الخميس الواقع في 17 تشرين الأوّل سنة 1947، في بهو المدرسة الإكمالية بدرعا. وفي الوقت المعيّن كان مقرّ الاجتماع غاصّاً بجميع معلّمي الملحقات، ولم يتخلّف عن حضوره إلا من بعدت به الشّقة، ولم تسعفه وسائل السّفر.
افتتح الاجتماع مدير المعارف الدكتور الأستاذ جميل سلطان بكلمةٍ بليغةٍ رحّب فيها بالمجتمعين وشرح الغاية من هذا الاجتماع وهي بحث ناحيتين من نواحي التعليم. وهما الناحية المسلكيّة، والناحية والناحية الإدارية.
وعلى الأثر نهض السيد شكري فلوّح مدير مدرسة جباب فألقى كلمةً باسم المعلّمين والمعلّمات شكر فيها مدير المعارف لاهتمامه بمعالجة هذه النواحي الهامّة في التعليم، وبيّن الفوائد التي تعود على المعلّمين والطلاب من مثل هذه الاجتماعات وما يعالج فيها من أبحاثٍ وأنّ حوران لَفي حاجةٍ ماسّةٍ لأمثالها. وأهاب بالمجتمعين أن يحققوا بما عرف فيهم من تضحية، ويطبّقوا بما عرف فيهم من حزمٍ ما تسفر عنه أبحاث هذا الاجتماع من تقرير أو توجيه يعود بالفائدة على أبناء الجيل الجديد وبعد ذلك أخذ المدير يشرح النواحي المسلكية في التعليم والتي تلخّص فيها ما يلي:
1 -
الغاية الأساسية من التعليم هي الإنقاذ من الأمية والجهل والمرض وإيجاد جيل قوي بفكره وجسمه. وجعل الطلاب فاعلين لا منفعلين، كثيري النشاط.
2 -
القاعدة الأساسية في التعليم أن يعلّم الطالب ما دام يجد في نفسه نشاطاً لتلقّي المادة المقرّرة. وأن نوجد له النشاط إذا كان فاقداً إيّاه ويكون ذلك بتوزيع وتقسيم الحصص الدرسية. والانتقال من مادة إلى أخرى على أن تكون المادتين متناسبتين، فالقراءة يناسبها المحادثة والاستظهار والحساب يناسبه الرسم والأشغال. وبوضع الدروس السهلة إلى جانب
الصعبة.
3 -
الطريقة المختارة في التعليم هي الاعتماد على المحسوس النادّي. وضرب الأمثلة من البيئة والمحيط. والإكثار من التمارين تطبيقاً على ذلك.
4 -
وظيفة المعلّم الوطنية والعلمية. كونه مربّياً ومرشداً شاعراً بالمسؤولية. محافظاً على الكرامة. فإهماله لواجبه وتهاونه في أدائه، وتمارضه للتملّص منه يذهب بقدسية عمله ويحبط ما يعلّق عليه من آمال.
5 -
النشاط المدرسي. يكون باستعمال الوقت المخصّص للأعمال الحرّة. للرحلات والمباريات والتمارين الرياضية في الربيع والخريف. وممارسة التمثيل والخطابة فيما عدا ذلك.
بعد أن انتهى القسم النظري من النواحي المسلكية في التعليم، بُدِئ بالقسم العملي منه وهو المتعلّق بالبرامج وبعض طرق التدريس وقد افتتحه السيد مقداد مدير مدرسة بصرى بتلاوة كتاب وزارة المعارف وتقسيم الحصّة الدرسية فيها غلى مادّتين، وقد جرت مناقشة حول هذا الكتاب انتهت بالاتفاق على ما يلي:
أ - أن يبقى منع استعمال الكتب ما عدا القراءة في الصفوف الثلاثة الأولى نافذاً.
ب - أن تقسّم الحصة الدرسية إلى مادتين. الأولى أساسية والثانية مساعدة لها.
ج - أن تستعمل وسائل الإيضاح بكثرةٍ ليكون الدرس محسوساً ومفهوماً.
د - أن تكون الأمثلة المضروبة تطبيقاً على قاعدةٍ ما مأخوذةٍ من محيط الطالب. يمكنه تصوّرها وإدراكها بناءً على مشاهدته السابقة.
ثم أعقبه السيد حنّا المع مدير المدرسة الأموية بدرعا بكلمةٍ عن أهمية اللغة العربية في التعليم، وأنه حتى يتمكّن الطالب من النطق بها نطقاً صحيحاً، وكتابة أي موضوعٍ كان كتابةً خاليةً من الخطأ، لا يكتفى بدروس القواعد وحدها، بل يجب أن يعقب ذلك تمارين تطبيقيّة على كيفيّة استعمال المذكّرة والمؤنّثة والمفردة والمثنّاة والجمع، ومطابقتها مع الأفعال، وكذلك الشأن فيما يتعلّق بالضمائر. وقد جاء بأمثلة ونماذج على اللوح الأسود توضّح ما ذكر. وأبان متى وكيف تطبّق هذه التمارين بالنسبة للصفوف والدروس. وبحث كذلك أهمية الحساب الذهني وما له من اثر في ترقية مواهب الطلاب العقلية، وتعويدهم
سرعة التفكير والمحاكمة. وإنّ أسئلة الحساب الذّهني إذا كانت موضوعة بشكل يتناسب مع سنّ الطالب تشكّل مقياساً صحيحاً لذكائه.
وقد أتى بأمثلةٍ ونماذج تطبيقية لدروس الحساب الذّهني في الصفّين الأوّل والثاني، وبذلك انتهت الجلسة الأولى من جلسات الاجتماع.
أمّا الجلسة الثانية فقد بحثت فيها النواحي الإدارية في التعليم من قبل مدير المعارف وأمين سرّه السيد ماجد صرّاف. وكان المجتمعون يناقشون كلّ فكرةٍ توردها المديرية ويبيّنون ما يعترض تطبيقها من مصاعب مادّية ومتطلّبات معنويّةٍ. كما أنّ المدير كان يأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المعلّمين حول المواضيع المثارة ويحاول التوفيق بين المصلحة والواجب. ويمكن تلخيص نتيجة هذه الأبحاث فيما يلي:
1 -
ضرورة سير المدسة حسب التعليمات الآتية:
أ - اصطفاف الطلاب صباحاً وإجراء التفتيش حول النظافة وقيافة الطلاب ويستحسن في هذه الحال تعميم إلباسهم الصدرية السوداء
ب - بيان وظائف العلّم المناوب بتنظيم العاب الطلاب وفضّ خلافاتهم ومعاقبتهم على ما يبدر منهم من ألفاظ نابية وتصرّفات شاذّة. وتنظيم خروجهم ودخولهم وانصرافهم.
ج - تذكيرهم بكلّ مناسبة بآداب الطريق وواجباتهم كطلاّبٍ في البيت والمدرسة.
2 -
أن لا يتّخذ المعلّمون في المدرسة وأوقات الدروس ما يعينهم على استكمال تحصيلهم الشخصي ضاربين عرض الحائط بالواجب الذي يطلب منهم أداؤه.
3 -
ضرورة تحضير الدروس مع التوسّع بذكر الأمثلة والتمارين والوظائف ووسائل الإيضاح ومراقبة هذه الدفاتر من قبل المديرين وتوقيعها.
4 -
المعلّمون المعيّنون حديثاّ بسبب عدم خبرتهم بنواحي التعليم يجب عليهم أن يسترشدوا بزملائهم القدماء. وألا يجدوا غضاضةً بعملهم هذا، وأن يستعينوا بكتب أصول التدريس.
5 -
العقوبات المدرسية يجب أن لا يكون الباعث عليها الانتقام من التلميذ بل مساعدته على حفظ دروسه وإنماء ملكاته.
6 -
كيفيّة تنظيم برنامج خاصّ للمدارس ذات المعلّم الواحد والصفوف الثلاثة وذات المعلّمين والصفين الأربعة ينظّم العمل فيها.
7 -
إنّ توزيع الصفوف في مدرسةٍ ذات ثلاثة معلّمين وخمسة صفوف يكون على الشكل الآتي: الأول مستقلّ. والثاني والثالث مجتمعان. الرابع والخامس مجتمعان.
8 -
ضرورة التقيّد بالبلاغات الواردة من مقام الوزارة والمرسلة من قبل المديرية ليكون المعلّم على صلةٍ لسير العمل الإداري في المدرسة.
9 -
تنظيم برامج الدروس على نسختين حسب ما تقدّم وإرسالها إلى مدير المعارف للتصديق عليها.
10 -
تكليف بعض الرياضيين وقادة الكشّاف بمساعدة الحركتين الكشفيّة والرياضية في المدارس.
هذا وقد جرت أبحاث متفرّقة تتعلّق بازدحام الصفوف ونقص المقاعد والمعلّمين الوكلاء. ثمّ انتهى الاجتماع بأنّ وجَّه المدير اهتمام المعلّمين لحثّ الأهلين على التبرّع لبناء المدارس، ومراقبة ما بني وما يبنى منها، مسترشدين بالحكمة القائلة: كلّما بنيت مدرسةٌ أُغبق سجنق.