المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سير التربية في العالم - مجلة «المعرفة» السورية - جـ ٥

[عادل العوا]

الفصل: ‌سير التربية في العالم

‌سير التربية في العالم

مصر

أهداف التعليم

تحدّث وزير معارف مصر الأستاذ السنهوري عن أهداف التعليم في وزارته فقال: تهدف السياسة التي تجري عليها وزارة المعارف إلى توحيد المرحلة الأولى من مراحل التعليم، بعد أن تعدّدت مدارسها وتنوّعت. فهناك المدارس الأولية ورياض الأطفال والمدارس الإلزامية والمدارس الابتدائية، وليس هناك من شكٍّ في أنّ الديمقراطية الصحيحة تملي علينا وتفرض توحيد هذه المرحلة وجعلها إجبارية وبالمجّان لجميع الشعب، حتى تتاح الفرصة لكلّ فردٍ لنيل حظّه من التعليم وتظهر مواهبه واستعداداته ونبوغه ومميزاته التي يقبرها الفقر ويقضي عليها الجهل.

وترمي سياستنا إلى تنويع المرحلة الثانية من مراحل التعليم حتى يجد كلّ طالبٍ المدرسة التي توافق مواهبه واستعداداته، فلا يتكدّس غالبية أبناء الأمة في ناحية من النواحي دون غيرها.

وهناك ناحية أخرى هي أخرى هي مكافحة الأمية ونتابع الجهد حتى تتمكّن الوزارة من محو وصمة الأمية التي لحقت التي لحقت بالبلاد وأعتقد أنّ محو الجهل سيتبعه حتماً محو الفقر ومقاومة المرض بل وسيعمل على تدعيم الأخلاق وإبراز تلك الفضائل الكامنة في الشعب المصري ويوجّهها إلى ميدان الإنتاج والعمل.

أميركا

كرامة العيش

تعجّ مجلات التربية هذه الأيام بأحاديث الإدبار عن مهنة التعليم، والعسر المالي الذي يعيش به المربّون. وإليك نماذج منها:

كتبت أرملة المرحوم الرئيس روزفلت تقول: من الصعب هذه الأيام أن نرغب الناس مهنة التعليم، وحتى النساء منهم. ولقد تحقّق في مؤتمر المعلمين المنعقد في نيويورك أنّ الشعور بهذه المأساة أصبح قويّاً، لا في البلاد الناطقة بالإنكليزية حسب، وإنّما في العالم أجمع.

ص: 83

ذلك أنّ احترام مهنة التعليم أخذ يتضاءل بنمو حضارتنا الصناعية المادّية. وإذا أريد لأجيال المستقبل معلّمون من ذوي الكفاءات والمواهب، فلابدّ أن تزاد رواتب المعلّمين، بحيث يعيشون مرفّهين، أسوةً بأقرانهم الذين في التجارة والمهن الأخرى.

ومن اللازم أيضاً أن تمنح مهنة التعليم حرية الفكر والعمل، فلا يحقّ للهيئات المشرفة على التعليم أن تضيِّق الخناق على تفكير المعلّمين، وإلا لن نظفر بمعلمٍ يحترم نفسه، ويرضى هذا العسر المالي، وهذه الرقابة.

وقال مدير معهد الفيزياء الأميركي: لم تحظَ رواتب المعلّمين بغير زياداتٍ طفيفةٍ بينما ارتفعت إيرادات المهن الأخرى قفزاً وطفراً. ولن نستطيع الاحتفاظ بتفوّقنا العلمي في هذا العصر الذرّي ما لم نعالج هذه المشكلة.

ومما كتبته مجلّة لايف: مدارسنا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى معلّمين قديرين، ومعلّمونا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى كرامة العيش!.

وسائل إيضاح

رغم عظمة المباني المدرسية في أمريكا وفخامة أثاثها ومعدّاتها، مما قد يعدّ إسرافاً وترفاً لا مبرر لهما في كثيرٍ من الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، فإنّ الأخصّائيين من رجال التربية يطالبون بعدّة إصلاحاتٍ في هذه المباني، في أول فرصةٍ ممكنةٍ، ومن هذه الإصلاحات أن تشمل المكتبات المدرسية موائد ومقاعد خاصّة معدّة بسماعات يضعها الطلاب على آذانهم ليستمعوا إلى أسطوانات موسيقية من جميع أنواع الموسيقا الكلاسيك والشعبية وأن تشمل المكتبات كذلك مثل هذه الأجهزة لمن يريد الاستماع إلى الراديو، وان يكون في كل حجرةٍ من حجر الدراسة جهاز للصور المتحرّكة وغير المتحرّكة وأن يكون بناء هذه الغرف ومعدّاتها مجهّزاً بالوسائل التي تجعل استعمال هذه الصور والرسوم والقطع الخاصة من أفلام معيّنة أمراً ميسوراً في أقلّ وقتٍ ممكنٍ، ثم أن تعمّم أجهزة التلفون في كل غرف الدراسة في جميع معاهد التعليم وهي الآن في كثير من المدارس الابتدائية والثانويّة في كلّ حجرة من حجر الدراسة.

إعداد الطلبة للحياة

يرى علماء التربية أن منهج الدراسة يجب أن يشمل دراسات عملية تعدّ الطلاب لمجابهة

ص: 84

الحياة والنجاح فيها.

وعلى هذا الأساس نشأت مدرسة شوكي في مدينة دنيتيكا بولاية ألينواز إحدى الولايات المتّحدة.

كانت الأطباق تتعرّض للكسر أثناء تناول الطلبة غذائهم فتألّفت شركة للتأمين استطاعت بعد أيامٍ أن تدفع أرباحاً مغرية للمساهمين فيها. ثم أنشئت مزرعة نموذجية لتربية الدواجن والماشية وعقد الطلاب سوقاً أسبوعيّاً لبيع منتجات المزرعة، وكذلك صنع الطلاب المداد ومعجون الأسنان والروائح العطرية.

ويشرف المدرّسون على أعمال الطلبة ويوجّهونهم، ويعزون السبب في تفوّق الطلبة على الجو المرح الذي يسود الدراسة ويحفّزهم إلى العمل.

انكلترا

إصلاح التعليم

نلخّص فيما يلي مقالاً للمستر فريد كلارك، مدير معهد التربية في جامعة لندن، قال الكاتب:

وافق البرلمان البريطاني عام1944م على اتّخاذ أشمل التدابير بصدد إصلاح التعليم، ومع أنّ القانون الجديد يعترف بقوّة التقاليد التربوية وعمقها في حياة الأمّة إلا أنّه طبقاً لمستحدثاته وما أدخله من وسائط وغايات بجعل تتلك التقاليد عرضة للتعديل الصارم، والحق إن القانون يرمي لجعل ما كان وفقاً على الخاصة مباحاً للعامة أيضاً.

ويتلخّص القانون بثلاثة مبادئ عامة يعبّر عنها بأسلوب لا يقبل الجدل - فالمبدأ الأول يتطلّب إذكاء الفهم بإعطاء الفرصة للجميع بالنسبة لمؤهّلاتهم الطبيعية واستعمال الوسائط المختلفة لمصلحة الطالب المتدرّج.

وبفرض المبدأ الثاني على السلطات التربوية المحلية واجب تيسير فرص التعليم لجميع الطلاب على أن تلقى عليهم أنواع مختلفة من الإرشاد والتدريب تتلائم مع أعمارهم ومواهبهم المتباينة.

ويقسم المبدأ الثالث أدوار التعليم إلى ابتدائي وثانوي وعالٍ تحديد تربوي عصري يبيّن الغايات المرجوّة من كل دور.

الإتّحاد السوفييتي

ص: 85

مكافحة الأمية وانتشار التعليم

إنّ من أهم الدلائل على ارتفاع المستوى الثقافي في الإتحاد السوفييتي نجاحه في مكافحة الأمية بين أبناء شعوبه، فقد أصدر مجلس مفوّضي الشعب مرسوماً في 26 - 12 - 1919م جاء فيه: لكي يتمكّن جميع المواطنين، من مختلف القوميّات، أن يشتركوا في الحياة السياسية للبلاد، يجب على كلّ أمّيٍّ منهم من سنّ (8 - 50) سنة أن يتعلّم القراءة والكتابة، إمّا بلغة بلاده الأصلية أو باللغة الروسية كما يختار ويرضى. وبدأ منذ ذلك الحين العمل المنظّم للقضاء على الأمية، فافتتحت مدارس موسمية للمراهقين وهيئت صفوف خاصة ليلية وأعطيت دروس إفراديّة.

واتّجه افتتاح المدارس ومكافحة الأمية اتّجاهاً تقدّمياً واسعاً فانتشر التعليم حتى في أقصى الشمال، حيث لم تكن الكتابة معروفة قبل الحكم السوفياتي بين القبائل المستوطنة تلك الأصقاع النائية، وانتشرت كذلك في سهول آسيا الوسطى وفي القرى المنتشرة في سفوح جبال القوقاز، وكان من جرّاء ذلك أن بني خلال عشرين سنة من الحكم السوفياتي، عدد من المدارس أكبر مما بني خلال مئتي سنة من الحكم القيصري.

ومن الأمور التعليمية التي انفرد بها الإتّحاد السوفياتي جعله التعليم الثانوي إجباريّاً في المدن، ودفعه رواتب كافية علاوةً عن المصاريف المدرسية لطلاّب الجامعات.

فرنسا

النظام الحديث

نشرت مدام ريو في مجلّة (الطرائق الفاعلة) مقالاً عن النظام في التربية الحديثة، فبيّنت بوضوح الفوارق التي تفصل بين النظام التقليدي القديم وبين نظام المدرسة الحديثة وقد جاء فيها: إنّ هذين النظامين هما طريقتان للتربية متعاكستان. . . هما فلسفتان ونظرتان مختلفتان بالنسبة إلى شعور وقيمة الحياة الإنسانية، النظام القديم يرى في الطفل مخلوقاً صغيراً والنظام الحديث يساير نظرة التربية الحديثة التي ترى في الطفولة مرحلةً من مراحل الحياة الإنسانية لها، هي أيضاً، مشاعرها وأهدافها وغايتها.

اليونان

ص: 86

المؤسسات التربوية

تدرّس التربية في جامعة أثينا لمدّة سنتين للطلاب الذين سيتخرّجون أساتذةً في المدارس الثانويّة من كلّيتي الآداب والعلوم.

وعدا هذه الدروس النظرية يتابع الطلاب الدروس العملية في معهد التربية التجريبية وغاية هذا المعهد تمرين طلاب دور المعلّمين على الطرق الحديثة والدراسات التربويّة وتهيئة الوسائل العلمية لتطبيق هذه الطرائق، ومن ثم القيام بدراسات حول الطفل والشاب اليوناني من الوجهة الجسمية والعقلية والخلقيّة، ومن هذه الدراسات التي قام بها: ذكاء الطفل، حبّ المطالعة، ملكة الرسم، أثر الوسط العائلي في الطفل، الاستعداد الفطري والتوجيه المسلكي.

وإلى جانب معهد التربية التجريبية هناك المدرسة التجريبية التي تطبّق فيها نظريّات التعليم والتربية الحديثة وتحوي مجموعة كاملة من المدارس، والصف فيها لا يتجاوز عدد طلابه الثلاثين.

والتعليم في الصفوف الأربعة الأولى مستمدٌّ من حياة الطفل ومحيطه بطريقةٍ بسيطةٍ طبيعيّةٍ، ويعتني في الصفّين الأخيرين من المدرسة الابتدائية بتنمية روح التعاون بين الطلاب بأن يعهد إلى جماعاتٍ منهم بالقيام بعمل مشترك، وبإنشاء الجمعيات المدرسية الفنية والأدبية والرياضية. ويترك في هذه الصفوف للطلاب وقت كافٍ بعد الظهر ليقوموا بأعمال اختيارية حسب أذواقهم وذلك للتعرّف على استعداداتهم الخاصة وميولهم.

ص: 87