الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يموت الحق
للشاعر الأستاذ عمر أبو ريشة
القصيدة الرائعة التي ألقاها شاعر العرب
الأستاذ عمر أبو ريشة بمناسبة عيد الجلاء
يا عروسَ المجدِ، تيهي واسحبي
…
من مغانينا ذيولَ الشُّهُبِ
لم ترَيْ حفنةَ رملٍ فوقها
…
لمْ تُعَطَّرْ بِدِمَا حُرٍّ أَبِي
درجَ البغيُ عليها حِقبةً
…
وهوى دونَ بلوغِ الأَرَبِ
وارتمى كبرُ الليالي دونها
…
ليِّنَ النّابِ كليلَ المِخْلَبِ
لا يموتُ الحقُّ، مهما لَطَمَتْ
…
عَارِضَيه، قبضَةُ المُغْتَصِبِ!
. . . . . .
من هنا شقَّ الهدى أكمامَهُ
…
وتهادى موكِباً في موكِبِ
وأتى الدنيا فرقَّت طرباً
…
وانتَشَتْ من عبقِهِ المُنْسَكِبِ
وتغنَّتْ بالمروءاتِ التي
…
عرفَتْها في فَتَاهَا العَرَبِيّ
أصيد، ضاقت به صحراؤه
…
فأعدتهُ لأفقٍ رحبِ
هبَّ للفتح، فأَدمى تحتَه
…
حافرَ المهرِ جبينُ الكوكبِ
وأمانيهِ انتفاضُ الأرضِ من
…
غيهب الذُّلِّ، وذلِّ الغيهب
وانطِلاقُ النُّورِ حتّى يرتَوي
…
كلُّ جفنٍ بالثّرى مختضبِ
حلمٌ ولَّى ولم يجرح به
…
شرف المسعى ونُبْلُ المَطْلَبِ
. . . . . .
يا عروسَ المجدِ، طابَ المُلتقى
…
بعدَ ما طال جوى المغتربِ
سَكِرتْ أَجيالُنا في زَهوِها
…
وغفتْ عنْ كيد دهر قُلَّبِ
وصحونا، فإذا أعناقنا
…
مثقلاتٌ بقيودِ الأجنبي
فدعوناكِ فلم نسمعْ سوى
…
زفرةٍ من صدركِ المكتئبِ
قدْ عرفنا مهركِ الغالي فلم
…
نرخصِ المهرَ ولم نحتسبِ
فحملنا لكِ إكليلَ الوفا
…
ومشينا فوق هامِ النُّوَبِ
وأرقناها دماءً حُرَّةً
…
فاغْرُفِي ما شِئتِ مِنها واشرَبي!
وامسحي دمعَ اليتامى وابسمي
…
والمسي جرحَ الأيامى واطرَبي
نحن من ضعفٍ بنينا قوَّةً
…
لم تَلِنْ للمارجِ الملتهبِ
كم لنا من ميسلونَ نفضَتْ
…
عن جناحيها غبارَ التّعبِ
كم نَبَتْ أسيافنا في ملعبٍ
…
وكَبَتْ أَجيادُنا في ملعبِ
من نضالٍ عاثرٍ مصطخِبٍ
…
لنضالٍ عاثِرٍ مصطخبِ
شرفُ الوثبةِ أن ترضي العلا
…
غُلِبَ الواثِبُ أم لم يُغلَبِ!!
فالتَفِتْ من كوَّةِ الفردوسِ يا
…
فيصلَ العلياءِ واعجبِ
أترى كيف اشتفى الثّأرُ م
…
ن الفاتح المسترقِ المستلبِ
وطوى ما طالَ من راياتهِ
…
في ثنايا نجمهِ المحتجبِ
ما نسينا دمعةً عاصيتها
…
في وداع الأملِ المرتَقَبِ
رجفتْ بالأمسِ سكرى ألمٍ
…
فأسلّها اليومَ سكرى طَرَبِ
يا لنعمى! خفَّ في أظلالها
…
ما حملنا في ركابِ الحُقبِ
أينما جالَ بنا الطَّرْفُ انثنى
…
وطيوف الزّهوِ فوقَ الهُدُبِ
هذه تربتنا لن تزدهي
…
بِسوانا من حماةٍ نُدُبِ
فلنَصُن من حَرَمِ المُلكِ لها
…
منبر الحقدِ، وسيف الغضبِ
ولنسلُ حُنجُرَةَ الشَّدوِ بها
…
بينَ أطلال الضّحايا الغيَبِ
ضلَّت الأمَّةُ إنْ أرختْ على
…
جرحِ ماضيها كثيرَ الحُجُبِ
ما بلغنا بعدُ، من أحلامنا
…
ذلك الحلم الكريمَ الذَّهبي
أينَ في القدسِ ضلوعٌ غضَّةٌ
…
لم تلامسها ذُنابى عقربِ
وقفَ التّاريخُ في محرابها
…
وقفةَ المرتجفِ المضطربِ
كم روى عنها أناشيد النّهى
…
في سماع العالم المستغرِبِ
أيُّ أنشودة خزيٍ غصّ في
…
بثِّها بين الأسى والكربِ
ما لأبناء السبايا ركِبوا
…
للأماني البيضِ أشهى مركبِ
ومتى هزّوا علينا رايةً
…
ما انطوتْ بين رخيصِ السُّلُبِ
ومن الطّاغي الذي مدَّ لهم
…
من سرابِ الحقِّ أو هيَ سببِ
أو ما كنّا له في خطبِهِ
…
معقِلَ الأمنِ وجسر المهرَبِ
ما لنا نلمحُ في مِشيته
…
مخلبَ الذّئبِ وجلد الثّعلب
يا لِذلّ العهد إن أغضى أسىً
…
فوق صدرِ الشّرفِ المنتحبِ
يا روابي القدس يا مجلى السّنا
…
يا رؤى عيسى على جفن النّبي
لن تبليَ غِلَّة الأيام من
…
منهل الضَّيم ووِرد العطبِ
دون عليائك في الرّحب المدى
…
صهلة الخيلِ ووهجُ القُضُبِ
لمّت الأيام منّا شملنا
…
ونمت ما بيننا من نسبِ
فإذا مصرٌ أغاني جُلَّقٍ
…
وإذا بغدادُ نجوى يثربِ
ذهبتْ أعلامُها خافقةً
…
والتقى مشرِقُها بالمَغرِبِ
كلّما انقضّ عليها عاصِفٌ
…
دفنته في حنايا السُّحُبِ
بوركَ الخطبُ فقد لفَّ على
…
سهمهِ أشتاتَ شعبٍ مغضَبِ
. . . . . .
يا عروسَ المجدِ، حسبي عِزَّةً
…
أن أناجيكِ، وأن تشمخي
أنا لولاكِ لما طَوَّفتُ في
…
كلِّ قفرٍ مترامٍ مجدبِ
لا أبالي بعدَ إرضائكِ إن
…
عتب العاتب أم لم يعتبِ
رُبَّ لحنٍ سالَ عن قيثارتيْ
…
هزَّ أعطافَ الجهاد الأشيبِ
لبلادي. . . ولروّاد السّنا
…
كلُّ ما ألهمتني من أدبِ