المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا إيمان لمن لا - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٥

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌ المقالة الأولى: في النظر في أحوال الرواة

- ‌الباب الأول: في الإسلام

- ‌ الباب الثاني: في البلوغ

- ‌الباب الثالث: في العقل

- ‌ الباب الرابع: في العدالة

- ‌ فصل ــ 1الصحابة

- ‌ فصل ــ 2التابعون

- ‌ فصل ــ 9في المبتدع

- ‌ فصل ــ 10في المُعَدِّل والجارح

- ‌ النظر في النصوص

- ‌الطريقة الثانية:

- ‌ الطريقة الثالثة

- ‌فصلالمراد بالمؤمنين في الآية

- ‌فصلالعدالة

- ‌فصلالمجهول

- ‌الإشكال الثاني:

- ‌الإشكال الثالث:

- ‌الإشكال الرابع

- ‌في الحديث نظرٌ من وجوه:

- ‌فائدة(1):قد ترِدُ (عن) ولا يُقصد بها الرواية

- ‌ الثالث: ما حُكي عن أبي داود أنه يحتجّ بالضعيف إذا لم يكن في الباب غيره

- ‌ فصل

- ‌ومنها: أن في العمل بالضعيف احتياطًا

- ‌ومنها: أن المباح يصير قُرْبةً بالنية

- ‌[تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم وهل هو حجة]

- ‌حفظ علماء السلف لتراجم الرجال

- ‌طائفة من مشاهير المكثرين من الجرح والتعديل

- ‌تدوينُ العلم وحَظُّ علم الرجال منه

- ‌ التدوين بالترتيب والتأليف:

- ‌ التأليف في أحوال الرجال

- ‌طريقة العلماء في وضع كتب الرِّجال

- ‌وضع التراجم

- ‌إحياء كتب الرجال، ولمن الفضل في ذلك

- ‌أ) من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا

- ‌ب) من احتمل الأئمة تدليسه لإمامته، أو لأنه كان لا يروي إلا عن ثقة

- ‌ج) من أكثر من التدليس فلم يحتجّ إلا بما صرّحوا، وقَبِلهم بعضٌ مطلقًا، وردَّهم بعضٌ مطلقًا

- ‌د) من اتفق على أنه لا يحتج إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل:

- ‌هـ) من ضُعِّف بأمر آخر سوى التدليس؛ فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع، إلا أن يوثق من كان ضعفه يسيرًا كابن لهيعة

- ‌[الجواب عن مطاعن الكوثري على الإمام الشافعي في اللغة]

- ‌ تفسير الفِهْر

- ‌وصف الماء بالمالح

- ‌ ثوب نسوي

- ‌ العَفْريت

- ‌ أشْلَيت الكلبَ

- ‌ وليست الأذنان من الوجه فيغسلان

- ‌ الواو للترتيب، والباء للتبعيض

- ‌ فصل[زَعْم الكوثري: تتلمذ الشافعي على محمد بن الحسن]

- ‌ المسائل التي يقول الشافعي: "فيها قولان" ولا يرجّح

- ‌خلاصة البحث:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌الأمر الرابع:

- ‌الأمر الخامس:

- ‌الأمر السادس:

- ‌الأمر السابع:

- ‌1).[1]باب الدليل على أن الصوفية هم رُفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[2] باب من صفة الفقراء

- ‌3).* * * *[3]باب استعمال الخُلُق ولو مع الكفار

- ‌[4] باب فيمن تخلّى من جميع ماله ثقةً بالله عز وجل

- ‌[5] باب في جواز الكرامات للأولياء

- ‌[6] باب استعمال مكارم الأخلاق والحث على الإنفاق كراهية الادخار والوقوف عند الشبهات

- ‌[7] باب في صفة المؤمنين وصفة العلماء

- ‌[8] باب في الاكتفاء من الدنيا بأقلّ القليل وكراهية مخالطة الأغنياء

- ‌[9] باب في القناعة

- ‌[10] باب في طلب المدعين بصحة دعواهم

- ‌[12] باب المواظبة على الذكر والشكر والصبر

- ‌[13] باب في سبيل المنقطعين إلى الله تعالى

- ‌1).* * * *[14]باب في تركهم الدنيا وإعراضهم عنها

- ‌[15] باب في حب الفقراء والفقر وسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه

- ‌1).* * * *[16]باب في ترك ما لا يعنيهم من الأمور

- ‌[17] باب في كتمانهم المصائب

- ‌10(4).* * * *[18]باب في أحوال الاستقامة

- ‌[19] باب في لبس البِذْلة من الثياب

- ‌[20] باب الدليل على أن لله في الأرض أولياء وبُدَلاء

- ‌[21] باب في السخاء بالطعام ووضع المائدة دائمًا

- ‌[22] باب الدليل على أن اليد العليا هي المتعفِّفة عن السؤال

- ‌[23] باب فيمن عبد الله سرًّا فكافأه على ذلك

- ‌[24] باب في القناعة والوَرَع والشفقة على المسلمين وحُسْن المجاورة وقلة الضحك

- ‌[25] باب في اختيار الفقر على الغنى

- ‌[26] باب في الابتداء بتعهُّد الفقراء دون الأهل والعيال

- ‌[27] باب إباحة الكلام على لسان التفريد

- ‌[28] باب في خدمة المشايخ بأنفسهم الوافدَ عليهم والغريبَ

- ‌[29] باب في اتخاذ المُرَقَّعة ولبسها

- ‌[30] باب في أَخْذ الرَّكْوة في الأسفار

- ‌[31] باب السنة في الاجتماع على الطعام وكراهية الأكل فُرادَى

- ‌[32] باب إباحة الكلام في باطن العلم وحقيقته

- ‌[33] باب ترك التكلف للضيف وإحضاره ما حضره

- ‌3.* * * *[34]باب في ترك التنعُّم

- ‌[35] باب في ما جاء في تصحيح الفراسة

- ‌[36] باب استجلاب محبة الله تعالى بالمداومة على خدمته

- ‌[37] باب كراهية جمع المال لئلا يرغب العبد في الدنيا

- ‌[38] باب في صفة العقلاء

- ‌[39] باب في إباحة السماع

- ‌[40] باب في إباحة الرقص

- ‌المراجع(1)الكتب المُحال عليها في التعليق

الفصل: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا إيمان لمن لا

قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"

(1)

.

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"

(2)

عن أنس قال: قلّما خطَبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ قال.

بل ظاهر هذا الحديث أنّ كلاًّ من الخيانة والغدر بالعهد كفرٌ على حِدَته.

وأمّا قول من قال: "المقصود بالنفاق النفاق اللغوي وهو مخالفة الباطن للظاهر"

(3)

.

فيقال له: كلامُ الشارع محمولٌ على اصطلاحه، ولا يحمل على خلافه إلا بدليلٍ ولا حاجة إليه.

ف‌

‌خلاصة البحث:

أنّ من غلب عليه الكذب في الحديث، والغدرُ بالعهد، والخيانةُ بالأمانة مهما كانت= فهو منافقٌ خالصٌ. لا يقال: إنّ الحديثين مُطْلِقان للأمانة وحديث مقاتل عن الحسن ــ إن صحّ ــ مقيِّدٌ لها بالدِّين فيُحْمَل المطلق على المقيّد؛ لأننا نقول: إنّما يُحْمَل المطلق على المقيَّد إذا كان ذكرُ المقيّد تأصيلاً، كذكر الغدر بالعهد في الحديث الثاني، وأمّا إذا ذُكِر تمثيلاً كحديث مقاتل فلا؛ لأنّه إنّما استدل على أنّ خيانة الأمانة

(1)

أخرجه أحمد (12383)، وأبو يعلى (2863)، وابن حبان (194)، والبيهقي (6/ 288) وغيرهم من حديث أنسٍ رضي الله عنه. وسنده حسن.

(2)

(4045) وليس فيه هذا اللفظ، وهو في "سننه الكبرى":(6/ 288)، وفي "مسند أحمد".

(3)

انظر "إكمال المعلم": (1/ 222) للقاضي عياض.

ص: 357

من آيات النفاق بأنّ الله تعالى خصَّ المنافقين بتضييع الصلاة ونحوها، وهي من الأمانة، فتدبّر.

على أنّه ما مِن واحدة من الثلاث إلا وقد ورد أنّها كفرٌ؛ فأمّا الخيانة والغدر بالعهد فقد مرّ حديث البيهقي، وأمّا الكذب فقوله تعالى:{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل: 105]

(1)

، مع الحديث [الذي]

(2)

رواه مالكٌ والبيهقي في "شعب الإيمان": "أيكون المؤمن كذابًا"

(3)

. والحديث الآخر وفيه: "أيكذب المؤمن؟ " قال: "لا، {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ

} الآية"

(4)

وهو في "منتخب كنز العمال" وله طرقٌ. وحديث أحمد والبيهقي: "يطبع المؤمن على الخلال

(1)

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث رواه أبوداود [3599] قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قام قائمًا فقال: "عدلت شهادة الزور بالإشراك ثلاث مرات ثم قرأ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30 - 31]. [المؤلف].

(2)

زيادة ليستقيم السياق.

(3)

مالك في "الموطأ"(2832)، والبيهقي في "الشعب"(4472) من حديث صفوان بن سليم مرسلًا.

(4)

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت"(474) و"مكارم الأخلاق"(140)، والطبري في "تهذيب الآثار":(مسند علي ــ 224) وغيرهم من طريق يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد عن أبي الدرداء. قال الذهبي في "الميزان": عبد الله بن جراد مجهول لا يصح خبره؛ لأنه من رواية يعلى بن الأشدق الكذَّاب.

ص: 358

كلها إلا الخيانة والكذب"

(1)

، وقوله:"يُطْبَع المؤمن" يدلّك على ما قلناه من شرط التكرار، ومثله قوله في حديث متفق عليه

(2)

:

"وما يزال الرجل يكذبُ ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذابًا"

(3)

.

(1)

أحمد (22170)، وابن أبي عاصم في "السنة"(101) من حديث أبي أمامة، وأخرجه أبي عاصم (102)، والبيهقي في "الشعب"(4471) وغيرهم من حديث ابن عمر. وله شواهد أخرى، وكلها لا تخلو من ضعف. انظر "السلسلة الضعيفة"(3215).

(2)

البخاري (6094)، ومسلم (2607) واللفظ له من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ..

(3)

وأمّا قولهم في إخوة يوسف إنّ أباهم ائتمنهم على يوسف فخانوه ووعدوه بحفظه وأخلفوا وحدّثوه بأنّ الذئب أكله فكذبوا.

فنقول: أمّا الخيانة فوقعت، وكذا الكذب ولكن ذلك لم يتكرر منهم فضلاً عن أن يغلب عليهم، وأمّا إخلاف الوعد فقد قررنا أنه لا يكون آيةً للنفاق إلا أن يكون غدرًا بالعهد وقد رأيت حين أخذ عليهم أبوهم الموثق كيف حافظوا عليه فارتفع الإشكال، ولله الحمدُ.

ثم إنَّ قصتهم هذه ممّا يُشكل على مذهب القائل: إنّ الأنبياء معصومون عن الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها:

فأولاً: يُنظر هل هم أنبياء أم لا؟

نقول: إنّهم أنبياء لقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: 136]، وقوله جل شأنه:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [النساء: 163] إلى غير ذلك. ثم واقعتهم مع يوسف كانت قبل النبوة لقوله فيها: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)} .

وعلى هذا فيبقى الإشكال على قول إنّ الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها. وأمّا المعصية التي ارتكبوها فالظاهر أنّها كبيرة، ولا يتخرّج هذا إلا على قول من قال: إنّهم قبل النبوة غير معصومين، وهذا قول خطرٌ، فالأولى التوقّف حتى يبيّن الله تعالى الحقَّ في ذلك.

والله وليُّ التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل. [المؤلف].

تنبيه: من قوله: "ثم إنّ قصتهم

" إلخ، وُجد بآخر الرسالة والظاهر أنها متعلقة بما تقدم في الحاشية من مسألة إخوة يوسف وما جرى لهم.

ص: 359

ثم اعلم أن نقائض هذه الخصال من شعب الإيمان كما تدلّ على ذلك آيات القرآن، كقوله تعالى في وصف المؤمنين:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقوله:{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3] وقوله ــ جلّ شأنه ــ في صفة عباده: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72]، وقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] إلى غير ذلك.

وهذا آخر ما استرسل به القلم في هذا البحث، وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه، وجنَّبنا ما لا يحبه ويرضاه. وفقنا الله للإيمان، وجنّبنا مداحض الخذلان، وحَفِظَنا من الخسران، وأعاذنا من الشيطان، وكتب لنا النجاة من النيران، والخلود في الجنان في الرَّوح والريحان، والفضل والرضوان. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد سيّد ولد عدنان، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان. والحمد لله رب العالمين.

والله وليُّ التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 360

الرسالة الثالثة عشرة

التعليق على "الأربعين في التصوف" للسلمي

ص: 361

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد، فإنه عَرَض عليَّ مجلسُ (دائرة المعارف العثمانية) كتاب (الأربعين في التصوّف) لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السُّلَمي النيسابوري، وهو كتاب يشتمل على أربعين حديثًا تتعلق بالتصوّف، فقرَّر المجلس طَبْعه في مطبعة الدائرة، وأن يُرتّب ويُطبع معه تعليق يتضمّن النظرَ في حال تلك الأحاديث صحةً أو ضعفًا، فأُمِرتُ بترتيب ذاك التعليق، فحاولت أن أقوم بما تيسّر لي من ذلك، وأقدِّم قبل ذلك التنبيهَ على أمور:

الأول: رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديثٌ لفظه: "مَن حفظ على أمتي أربعين حديثًا من السنة كنت له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة"

(1)

. قال النووي

(2)

: "اتفق الحفّاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه". فعمل جماعةٌ بما فهموه من هذا الحديث، فجمع كل منهم أربعين حديثًا في مؤلَّف.

(1)

هذا الحديث له طرق كثيرة وألفاظ متعددة، خرّجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(161 - 184) من طريق ثلاثة عشر صحابيًّا، وضعَّفه من جميع طرقه، واتفقت كلمة الحفاظ على تضعيفه. وانظر "المقاصد الحسنة"(ص 411)، و"البدر المنير":(7/ 278).

(2)

في خطبة "الأربعين"(ص 5).

ص: 363

وقد ذكر صاحب "كشف الظنون"

(1)

طائفة كثيرة من الأربعينات، وذكر عن النووي أنّ أول مَن عَلِمه عَمِل ذلك: عبد الله بن المبارك المتوفى سنة 188، ثم تعدّى الأمر إلى غير الحديث، فألّف فخر الدين الرازي المتوفى سنة [606]

(2)

مؤلّفًا في علم الكلام يشتمل على أربعين مسألة، وسمَّاه "كتاب الأربعين في أصول الدين". وقد طُبع في دائرة المعارف سنة [1353]

(3)

.

الأمر الثاني: الأحاديث المرويّة على ثلاثة أقسام:

الأول: ما حقّه أن يُحكم بثبوته.

الثاني: ما حقّه أن يُحكم ببطلانه.

الثالث: ما هو على الاحتمال، لا يترجّح فيه جانب الثبوت ولا جانب البطلان.

وكان المتثبّتون من أئمة الحديث يحتاطون في الرواية، فيروون ما تبيّن لهم أنه من القسم الأول، ولا يروون ما تبيَّن أنه من القسم الثاني إلا إذا احتاجوا إلى بيان بطلانه أو جرح راويه، أو تعليل حديثٍ آخر به، أو نحو ذلك، فحينئذٍ يروونه ويبيّنون بطلانه.

وأما القسم الثالث، فإن كان فيه حُكم أو سُنَّة لم تثبت بغيره لم يرووه إلا مع بيان أنه لا يصلح للحجة وحده، وإن كان على خلاف ذلك تسهَّلوا في

(1)

(1/ 52 - 61).

(2)

ترك المؤلف سنة وفاته بياضًا.

(3)

ترك المؤلف سنة الطبع بياضًا.

ص: 364

روايته، وذلك كأنْ يكون فيه حُكْم أو سُنَّة ثابتة بغيره، أو يكون فيه ترغيب في عمل ثابت، كالصلوات الخمس وقيام الليل وصيام رمضان، أو تنفير عما ثبتت حُرمته، كالزنا والربا وشرب الخمر. وقد عقد الخطيب البغداديّ لهذا المطلب بابًا في "الكفاية" ص 133.

وكان الأئمة كما يحتاطون في أنفسهم يبينون لمن دونهم من الرواة الذين لا يتمكّنون من التمييز، فيقولون: لا ترووا عن فلان، أو: لا ترووا عن فلان إلا ما كان في الرقائق، ويقولون للراوي: لا تروِ هذا الحديث. ثم كثُر التساهل من جهتين:

الأولى: قول بعض المتأخرين: إنه يجوز العمل بالحديث الضعيف، وزاد غيره فقال: بل يُستحبّ، وقد كشف غلط هؤلاء أبو إسحاق الشاطبي في "الاعتصام" ج 1 ص 303 - 308.

الجهة الثانية: تساهل الحُفَّاظ في رواية كل ما سمعوه بلا بيان، وإن كان من القسم الثاني فضلًا عن الثالث. وكانوا يعتذرون بأنهم لم يلتزموا الصحة، وقد بيَّنوا الأسانيد، فمَن أحبّ معرفة صحة الحديث أو بطلانه أو ضعْفه فعليه أن ينظر في إسناده ويسأل العلماء.

وأُلفت على هذه الطريقة كثير من المؤلفات، ثم جاء قوم فحذفوا الأسانيد واقتصروا على جمع الأحاديث منسوبةً إلى الكتب المسندة فيها، ثم جاء آخرون فأخذوا كثيرًا من تلك الأحاديث فضمّنوها مؤلفاتهم غير مسندة ولا منسوبة.

[ص 2] والسُّلمي أورد في "الأربعين" الأحاديث بأسانيدها، وفيها من الأقسام الثلاثة كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

ص: 365