المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته - مجموع فتاوى ورسائل العثيمين - جـ ٥

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌شرح لمعة الاعتقاد

- ‌المقدمة

- ‌لمعة الاعتقاد

- ‌ السنة والبدعة وحكم كل منهما

- ‌ الصفات التي ذكرها المؤلف من صفات الله تعالى

- ‌معنى كون الله في السماء

- ‌ القول في القرآن

- ‌ القدر

- ‌ فصل في السمعيات

- ‌عذاب القبر أو نعيمه:

- ‌النفخ في الصور:

- ‌(البعث والحشر)

- ‌(الشفاعة)

- ‌(الحساب)

- ‌(الموازين)

- ‌(صفة أخذ الكتاب)

- ‌(الحوض)

- ‌(الصراط)

- ‌(الجنة والنار)

- ‌(ذبح الموت)

- ‌فصلفي حقوق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌خصائص النبي

- ‌فضائل الصحابة

- ‌الشهادة بالجنة أو النار

- ‌المعينون من أهل النار في الكتاب والسنة

- ‌حقوق الصحابة

- ‌حكم سب الصحابة

- ‌حقوق زوجات النبي

- ‌معاوية بن أبي سفيان

- ‌الخلافة

- ‌هجران أهل البدع

- ‌الجدال والخصام في الدين

- ‌الخلاف في الفروع

- ‌الإجماع وحكمه

- ‌التقليد

- ‌نبذة في العقيدة

- ‌[أهمية علم التوحيد]

- ‌أركان الإسلام

- ‌أسس العقيدة الإسلامية

- ‌الإيمان بالله تعالى

- ‌الإيمان بالملائكة

- ‌الإيمان بالكتب

- ‌الإيمان بالرسل

- ‌الإيمان باليوم الآخر

- ‌وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها:

- ‌الإيمان بالقدر

- ‌وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:

- ‌أهداف العقيدة الإسلامية

- ‌أسماء اللهوصفاتهوموقف أهل السنة منها

- ‌[مقدمة]

- ‌ موقف أهل السنة في أسماء الله تبارك وتعالى

- ‌ في نصوص الأسماء والصفات:

- ‌ العدول عن هذا الموقف تطرف دائر بين الإفراط والتفريط

- ‌ التطرف في التنزيه يستلزم إبطال الدين كله

- ‌ بعض أهل التحريف والتعطيل قالوا: إن أهل السنة مشبهة ومجسمة وممثلة

- ‌ ادعى أهل التحريف والتعطيل على أهل السنة أنهم أولوا بعض النصوص

- ‌منهاجأهل السنةوالجماعةفي العقيدة والعمل

- ‌[المقدمة]

- ‌المراد بأهل السنة والجماعة وبيان طريقهم

- ‌ بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته

- ‌ طريقة أهل السنة والجماعة في عبادة الله

- ‌ طريقة أهل السنة والجماعة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ طريقة أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ طريقة أهل السنة والجماعة في حق الأولياء والأئمة

- ‌ طريقة أهل السنة والجماعة في إصلاح المجتمع

- ‌ قول أهل السنة والجماعة في الإيمان

- ‌القضاء والقدر

- ‌[المقدمة]

- ‌مراتب القضاء والقدر عند أهل السنة والجماعة

- ‌الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع

- ‌مفاتح الغيب

- ‌ إن الله عنده علم الساعة:

- ‌{وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}

- ‌ ويعلم ما في الأرحام:

- ‌ وما تدري نفس ماذا تكسب غدا

- ‌ وما تدري نفس بأي أرض تموت:

- ‌التوسل

- ‌النوع الأول:عبادة يراد بها التوصل إلى رضوان الله والجنة

- ‌ النوع الثاني من الوسيلة: فهو ما يتخذ وسيلة لإجابة الدعاء

- ‌القسم الأول: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه

- ‌القسم الثاني: التوسل إلى الله تعالى بصفاته

- ‌القسم الثالث: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به

- ‌القسم الرابع: التوسل إلى الله تعالى بحال الداعي

- ‌القسم الخامس: التوسل بدعاء من ترجى إجابة دعائه

- ‌القسم السادس: التوسل إلى الله بالعمل الصالح

- ‌آيات الأنبياء وأثرها في المجتمع

- ‌[تمهيد]

- ‌حكمة إرسال الرسل

- ‌معجزات الأنبياء أو آيات الأنبياء

- ‌آيات النبي محمد، صلى الله عليه وسلم

- ‌رسالةحول الصعود إلى القمر

الفصل: ‌ بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته

أولا:‌

‌ بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته

مع أمثلة توضح تلك الطريقة:

أهل السنة والجماعة طريقتهم في أسماء الله وصفاته أنهم يعتبرون أن ما ثبت من أسماء الله وصفاته في كتاب الله، أو فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو حق على حقيقته، يراد به ظاهره، ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين؛ وذلك لأن تحريف المحرفين مبني على سوء فهم أو سوء قصد، حيث ظنوا أنهم إذا أثبتوا تلك النصوص أو تلك الأسماء والصفات على ظاهرها، ظنوا أن ذلك إثبات للتمثيل ولهذا صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه وقد يكونون ممن لم يفهموا هذا الفهم، ولكن لهم سوء قصد في تفريق هذه الأمة الإسلامية شيعا كل حزب بما لديهم فرحون.

وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن ما سمى الله به نفسه، وما وصف الله به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حق على حقيقته وعلى ظاهره، ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين بل هو أبعد ما يكون عن ذلك، وهو أيضا لا يمكن أن يفهم منه ما لا يليق بالله عز وجل من صفات النقص أو المماثلة بالمخلوقين، بهذه الطريقة المثلى يسلمون من الزيغ والإلحاد في أسماء الله وصفاته، فلا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، غير زائدين في ذلك ولا ناقصين عنه، ولهذا كانت طريقتهم أن أسماء الله وصفاته توقيفية لا يمكن لأحد أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، أو أن يصف الله بما لم يصف به نفسه.

فإن أي إنسان يقول إن من أسماء الله كذا، أو ليس من أسماء الله، أو أن من صفات الله كذا، أو ليس من صفات الله، بلا دليل؛ لأنه لا شك أنه قول على الله بلا علم، وقد قال الله سبحانه وتعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}

ص: 185

وقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} .

ثم إن طريقتهم في أسماء الله تعالى أن ما سمى الله به نفسه، فإن كان من الأسماء المتعدية، فإنهم يرون من شرط تحقيق الإيمان به ما يلي:

1 -

أن يؤمن المرء بذلك الاسم اسما له عز وجل.

2 -

أن يؤمن بما دل عليه من الصفة سواء كانت الدلالة تضمنا أو التزاما.

3 -

أن يؤمن بأثر ذلك الاسم الذي كان مما دل عليه الاسم من الصفة، ونحن هنا نضرب مثلا:

من أسماء الله تعالى: " السميع " يجب على طريق أهل السنة والجماعة أن يثبت هذا الاسم من أسماء الله، فيدعى الله به ويعبد به، فيقال مثلا: عبد السميع، ويقال: يا سميع يا عليم وما أشبه ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .

وكذلك أيضا يثبت ما دل عليه هذا الاسم من الصفة وهي السمع، فنثبت لله سمعا عاما شاملا لا يخفى عليه أي صوت وإن ضعف.

كما نثبت أيضا أثر هذه الصفة وهي أن الله تبارك وتعالى يسمع كل شيء، وبهذا ننتفع انتفاعا كبيرا من أسماء الله؛ لأنه يلزم من هذه الأمور الثلاثة التي أثبتناها في الاسم إذا كان متعديا أن نتعبد الله بها، فنحقق قول الله عز وجل:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .

فأنت إذا آمنت بأن الله يسمع فإنك لن تسمع ربك ما يغضبه عليك،

ص: 186

لن تسمعه إلا ما يكون به راضيا عنك؛ لأنك تؤمن أنك مهما قلت من قول سواء كان سرا أم علنا فإن الله تبارك وتعالى يسمعه، وسوف ينبئك بما كنت تقول في يوم القيامة، وسوف يحاسبك على ذلك على حسب ما تقتضيه حكمته في كيفية من يحاسبهم تبارك وتعالى، إذن القاعدة عند أهل السنة والجماعة أن الاسم من أسماء الله إذا كان متعديا فإنه لا يمكن تحقيق الإيمان به إلا بالإيمان بهذه الأمور الثلاثة:

1 -

أن نؤمن به اسما من أسماء الله فنثبته من أسمائه.

2 -

أن نؤمن بما دل عليه من صفة.

3 -

أن نؤمن بما يترتب على تلك الصفة من الأثر.

وبهذا يتحقق الإيمان بأسماء الله تبارك وتعالى المتعدية.

أما إذا كان الاسم لازما فإنهم يثبتون هذا الاسم من أسماء الله، ويسمون الله به، ويدعون الله به، ويثبتون ما دل عليه الاسم من صفة على الوجه الأكمل اللائق بالله تعالى، ولكن هنا لا يكون أثر؛ لأن هذا الاسم مشتق من شيء لا يتعدى موصوفه، فلذلك لا يكون له أثر، ونضرب مثلا بـ " الحي " فإن الحي من أسماء الله عز وجل، نثبته اسما لله فنقول: من أسماء الله تعالى: " الحي "، وندعو الله به فنقول:" يا حي، يا قيوم ".

ونؤمن بما دل عليه من صفة، سواء كان ذلك تضمنا أو التزاما، وهي الحياة الكاملة التي تتضمن كل ما يكون من صفات الكمال في الحي من علم وقدرة وسمع وبصر وكلام وغير ذلك، فعلى هذا نقول: إذا كان الاسم من أسماء الله غير متعد فإن تحقيق الإيمان به يكون بأمرين:

أحدهما: إثباته اسما من أسماء الله.

والثاني: إثبات ما دل عليه من الصفة على وجه الكمال اللائق بالله تبارك وتعالى.

ص: 187

أما الصفات فإننا لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه سواء ذكر الصفة وحدها بدون أن يتسمى بما دلت عليه، أو كانت هذه الصفة مما دلت عليها أسماؤه، فإنه يجب علينا أن نؤمن بهذه الصفة على حقيقتها، مثال ذلك: أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه، وهو يخاطبنا بالقرآن النازل باللسان العربي المبين، وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية يعلمون معنى استوى في اللغة العربية، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، هذا هو اللفظ المشهور عنه، واللفظ الذي نقل عنه بالسند قال:" الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل؛ لأن كلمة " الكيف غير معقول " تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليلان النقلي والعقلي فإنه لا يمكن التكلم به.

هذه الصفة من صفات الله لم يرد اسم من أسماء الله مشتق منها فلم يرد من أسمائه المستوي، ولكننا نقول: إنه استوى على العرش، ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به، ونعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص، ولهذا نقول في قوله تعالى:{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} : أي علا واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير والكرسي مثلا؛ لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء

ص: 188

مفتقر، بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله تبارك وتعالى غني عنه.

ومن زعم أنه بحاجة إلى عرش يقله فقد أساء الظن بربه عز وجل، فهو سبحانه وتعالى غير مفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل جميع مخلوقاته مفتقرة إليه، كذلك النزول إلى سماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي، لكنه يليق بالله عز وجل لا يشبه نزول المخلوقين، ومن هنا نقول إنه يجب على المؤمن أن يتحاشى أمرا يلقيه الشيطان في باله أمرا خطيرا للغاية -وهو أمر حمل أهل البدع على تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس- ألا وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل.

فاعلم أنه لا يجوز أبدا أن يتخيل كيفية ذات الله، أو كيفية صفة من صفاته، واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لا بد أن تقع في أحد محذورين:

إما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه، ولهذا يجب عليكم أيها الإخوة أن لا تتخيلوا أي شيء من كيفية صفات الله عز وجل، لا أقول: لا تثبتوا المعنى؛ لأن المعنى يجب أن يثبت، لكن تخيل كيفية تلك الصفة لا يمكن أن تتخيلها، وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل؟

لا يمكن أبدا أن تتخيل كيفية صفات الله عز وجل لا بالتقدير ولا بالقول، يجب عليك أن تتجنب هذا؛ لأنك تحاول ما لا يمكن الوصول إليه، بل تحاول ما يخشى أن يوقعك في أمر عظيم لا تستطيع الخلاص منه إلا بسلوك التمثيل والتعطيل؛ وذلك لأن الرب جلت عظمته لا يمكن لأحد أن يتخيله على كيفية معينة؛ لأنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم، وقد قال الله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} .

ص: 189

وإن تخيله على وصف مقارب بمثيل فقد مثل الله، والله سبحانه وتعالى يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

وبهذا نعلم أن من أنكر صفات الله أنكرها لأنه تخيل أولا، ثم قالوا: هذا التخيل يلزم منه التمثيل، ثم حرفوا، ولهذا نقول: إن كل معطل ومنكر للصفات فإنه ممثل سبق تمثيله تعطيله، مثل أولا وعطل ثانيا، ولو أنه قدر الله حق قدره ولم يتعرض لتخيل صفاته سبحانه ما احتاج إلى هذا الإنكار، وإلى هذا التعطيل.

ص: 190