الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينفخ فيها فتكون طيرا يطير بإذن الله والناس يشاهدون ذلك، وكان أيضا يبرئ الأكمه وهو الذي خلق أعمى، ويبرئ الأبرص بإذن الله تعالى، وهذان المرضان من الأمراض التي لا يستطيع الأطباء في ذلك الوقت وإلى هذا الوقت فيما أعلم أن يبرئوهما، بل قال بعض العلماء: إنه إنما سمي المسيح لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، وذكر في القرآن أن عيسى يحيي الموتى بإذن الله، وفي آية أخرى يخرج الموتى، وهذان عملان مختلفان: العمل الأول إحياء الموتى قبل دفنهم، والثاني إحياؤهم وإخراجهم من قبورهم بعد الدفن، ولا ريب أن هذه الآيات التي أعطيها عيسى عليه الصلاة والسلام يعجز عن مثلها البشر، فتأييده بها دليل وبرهان على أنه رسول من الله الخالق القادر عليها.
وقد يؤيد الله الرسل بآيات أخرى، ولكن أبرز الآيات وأعظمها يكون من جنس ما شاع في عصر الرسول، ولذا أيد الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، بآيات كثيرة أبرزها وأعظمها هذا القرآن الكريم هو كلام رب العالمين، لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد؛ لأنه شاع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فن البلاغة والفصاحة، وصار البيان والفصاحة معترك الفخر والسيادة كما يعلم ذلك من تتبع التاريخ.
معجزات الأنبياء أو آيات الأنبياء
معجزات الأنبياء هي الآيات التي أعجزوا بها البشر أن يأتوا بمثلها والله تعالى يسميها آيات، وهي علامات دالة على صدق الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فيما جاؤوا به من الرسالة.
والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق للعادة؛ أي جار على خلاف العادة الكونية التي أجراها الله تعالى في الكون سالم عن المعارضة يظهره الله تعالى على يد الرسول تأييدا له.
مثال ذلك: انشقاق القمر، ونبع الماء من أصابع يد النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما سيمر بك.
فالأمر الجاري على وفق العادة لا يسمى معجزة، كما لو قال قائل: أريكم معجزة أن لا يمضي ساعة حتى تطلع الشمس، وكان ذلك قبل طلوع الشمس بأقل من ساعة، فإن الشمس إذا طلعت في زمن طلوعها لا يعد طلوعها معجزة لهذا القائل؛ لأن طلوعها في وقته على وفق العادة وليس خارقا للعادة.
وإذا كان الشيء الخارق للعادة غير سالم من المعارضة فلا يسمى معجزة، مثل الأمور التي تقع من السحرة والمشعوذين ونحوهم؛ لأن الأمور التي يأتون بها يمكن معارضتها بفعل ساحر أو مشعوذ آخر.
وإذا كان الشيء الخارق للعادة جاريا على يد ولي من الأولياء فلا يسمى معجزة، اصطلاحا، وإنما يسمى كرامة، ولكن هذه الكرامة الحاصلة للولي هي في الواقع معجزة للرسول الذي كان الولي متبعا له، إذ الكرامة دليل على صحة طريقة ذلك الولي.
فوائد آيات الأنبياء ومعجزاتهم
1 -
بيان قدرة الله تعالى، فإن هذه الآيات لا بد أن تكون أمورا خارقة للعادة كشاهدة، دليل على صحة ما جاء به الرسل، وإذا كانت خارقة للعادة كانت دليلا على قدرة الخالق، وأنه قادر على تغيير مجرى العادة التي كان الناس يألفونها، ولذا تجد المرء يندهش عند هذه الآيات، ولا يمكنه إلا أن يصدق برسالة الرسول الذي جاء بها حيث جاء بما لا يقدر عليه أحد سوى الله عز وجل.
2 -
بيان رحمة الله بعباده، فإن هذه الآيات التي يرونها مؤيدة للرسل تزيد إيمانهم وطمأنينتهم لصحة الرسالة، ومن ثم يزداد يقينهم وثوابهم ولا
يحصل لهم حيرة ولا شك ولا ارتباك.
3 -
بيان حكمة الله البالغة حيث لم يرسل رسولا فيدعه هملا من غير أن يؤيده بما يدل على صدقه، وإن المرء لو أرسل شخصا بأمر مهم من غير أن يصحبه بدليل، أو أمارة على صحة إرساله إياه لعد ذلك سفها منه وموقفا سلبيا من هذا الرسول، فكيف برسالة عظيمة من أحكم الحاكمين؟ إنها لا بد أن تكون مؤيدة بالبراهين والآيات البينات.
4 -
رحمة الله بالرسول الذي أرسله الخالق حيث ييسر قبول رسالته بما يجريه على يديه من الآيات ليتسنى إقناع الخلق بأمور لا يستطيعون معارضتها ولا يمكنهم ردها إلا جحودا وعنادا قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} أي: لما يرون من الآيات الدالة على صدقك.
وقال تعالى عن فرعون وقومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} 5 - إقامة الحجة على الخلق، فإن الرسول لو أتى بدون آية دالة على صدقه لكان للناس حجة في رد قوله وعدم الإيمان به، فإذا جاء بالآيات المقنعة الدالة على رسالته لم يكن للناس أي حجة في رد قوله.
6 -
بيان أن هذا الكون خاضع لقدرة الله وتدبيره، ولو كان مدبرا لنفسه أو طبيعة تتفاعل مقوماتها وتتكون من ذلك نتائجها وآثارها لما تغيرت فجأة، واختلفت عادتها بمجرد دعوى شخص لتؤيده بما ادعاه، فانظر إلى الأكوان الفلكية التي لا تتغير بعوامل الزمن إلا بإرادة الله، ولقد أجراها الله تعالى كما قدر لها، تجري منذ خلقها الله حتى يأذن بانتهائها. وفي ليلة من الليالي «طلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية»