الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى الناصح والداعي إلى الله أن يتحرى الأوقات المناسبة والأسلوب المناسب لا سيما مع الوالدين؛ لأنهما ليسا مثل بقية الأقارب، فلهما شأن عظيم وبرهما متعين حسب الطاقة قال الله جل وعلا:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (1){وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (2) الآية، هذا وهما كافران، فكيف بالوالدين المسلمين، فإذا كان الوالدان الكافران يصحبهما الولد بالمعروف ويحسن إليهما؛ لعله يهديهما بأسبابه. فالمسلمان أولى وأحق بذلك. فإذا كان الوالد يتكاسل عن الصلاة في المسجد، أو يتعاطى شيئا من المعاصي الأخرى كالتدخين أو حلق اللحية أو الإسبال أو غير ذلك من المعاصي التي يقع فيها فإن الواجب على الولد أن ينصح بالحسنى، ويستعين على ذلك بمن يرى من خيار أهل البيت، وهكذا مع الوالدة والأخ الكبير وغيرهما من أهل البيت حتى يحصل المطلوب.
(1) سورة لقمان الآية 14
(2)
سورة لقمان الآية 15
س 3: ما العلاج ل
من يعصي ويتوب ثم يرجع إلى المعصية
؟
جـ: لا بد من جهاد النفس في لزوم الحق والثبات على التوبة؛ لأن النفس تحتاج إلى جهاد، يقول الله عز وجل:{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} (1) ويقول عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (2) ومعنى قوله سبحانه وتعالى {جَاهَدُوا فِينَا} (3) أي جاهدوا أنفسهم وجاهدوا الكفار وجاهدوا المنافقين وجاهدوا العصاة وجاهدوا الشيطان، فالآية عامة تشمل أنواع الجهاد، ومن ذلك جهاد النفس؛ لأنه سبحانه حذف المفعول ولم ينص عليه في الآية، حتى تعم جميع أنواع الجهاد، فالنفس تحتاج إلى تربية وعناية وصبر وجهاد، كما يقول الشاعر:
(1) سورة العنكبوت الآية 6
(2)
سورة العنكبوت الآية 69
(3)
سورة العنكبوت الآية 69
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى
…
فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت
ويقول الآخر:
والنفس راغبة إذا رغبتها
…
وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقال الآخر:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
…
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
هذه ثلاثة أبيات جيدة مطابقة لأحوال النفس، فالمؤمن الحازم هو الذي يجاهد نفسه لله حتى تستقيم على الطريق وتقف عند الحدود، وبذلك يهديه الله سبيله القويم وصراطه المستقيم، ويكون المؤمن بذلك من المحسنين، الذين قال فيهم سبحانه:{وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1) وقال فيهم عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (2)
والله ولي التوفيق.
(1) سورة العنكبوت الآية 69
(2)
سورة النحل الآية 128
س 4: «إن الله خلق آدم على صورته (1) » ، هل معنى ذلك أن جميع ما لآدم من صفات تكون لله؟
جـ: هذا ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام:«إن الله خلق آدم على صورته (2) » وجاء في رواية أحمد وجماعة من أهل الحديث «على صورة الرحمن» فالضمير في الحديث الأول يعود إلى الله، قال أهل العلم كأحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه وأئمة السلف: يجب أن نمره كما جاء على الوجه الذي يليق بالله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، ولا يلزم من ذلك أن تكون صورته سبحانه مثل صورة الآدمي، كما أنه لا يلزم من إثبات الوجه لله سبحانه واليد والأصابع والقدم والرجل والغضب وغير ذلك من صفاته أن تكون مثل صفات بني آدم، فهو سبحانه موصوف بما أخبر به عن نفسه أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه
(1) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2612) ، مسند أحمد بن حنبل (2/251) .
(2)
صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2612) ، مسند أحمد بن حنبل (2/251) .
اللائق به من دون أن يشابه خلقه في شيء في ذلك كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) فعلينا أن نمره كما جاء على الوجه الذي أراده الرسول من غير تكييف ولا تمثيل، والمعنى والله أعلم أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن تكون الصورة كالصورة وهذه قاعدة كلية في هذا الباب عند أهل السنة والجماعة، وهي إمرار آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل بل يثبتون أسماءه وصفاته إثباتا بلا تمثيل وينزهونه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بلا تعطيل، خلافا لأهل البدع من المعطلة والمشبهة، فليس سمع المخلوق ولا بصر المخلوق ولا علم المخلوق مثل علم الله عز وجل وإن اتفقا في جنس العلم والسمع والبصر لكن ما يختص به الله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى، وليس كمثله شيء؛ لأن صفاته كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه أما أوصاف المخلوقين فيعتريها النقص والزوال في العلم وفي السمع والبصر وفي كل شيء.
والله ولي التوفيق.
(1) سورة الشورى الآية 11