الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال ما أظنه يضره لو تركتموه فلما تركوه صار شيصا، فأخبروه صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: إنما قلت ذلك ظنا مني وأنتم أعلم بأمر دنياكم، أما ما أخبركم به عن الله عز وجل فإني لم أكذب على الله (1) » رواه مسلم في الصحيح، فبين عليه الصلاة والسلام أن الناس أعلم بأمور دنياهم كيف يلقحون النخل وكيف يغرسون وكيف يبذرون ويحصدون.
أما ما يخبر به الأنبياء عن الله سبحانه وتعالى فإنهم معصومون من ذلك.
فقول من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يخطئ فهذا قول باطل، ولا بد من التفصيل كما ذكرنا، وقول مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر - قول صحيح تلقاه العلماء بالقبول، ومالك رحمه الله من أفضل علماء المسلمين، وهو إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني، وكلامه هذا كلام صحيح تلقاه العلماء بالقبول، فكل واحد من أفراد العلماء يرد ويرد عليه، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو لا يقول إلا الحق، فليس يرد عليه، بل كلامه كله حق فيما يبلغ عن الله تعالى، وفيما يخبر به جازما به أو يأمر به أو يدعو إليه.
أما حديث الذباب فهو حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه، وقد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم جازما به، فقال عليه الصلاة والسلام:«إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء (2) » وله شواهد من حديث أبي سعيد الخدري وحديث أنس بن مالك، وكلها صحيحة، وقد تلقتها الأمة بالقبول ومن طعن فيها فهو غالط وجاهل لا يجوز أن يعول عليه في ذلك، ومن قال إنه من أمور الدنيا وتعلق بحديث «أنتم أعلم بشئون دنياكم (3) » . . - فقد غلط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جزم بهذا ورتب عليه حكما شرعيا ولا قال أظن، بل جزم وأمر، وهذا فيه تشريع من الرسول؛ لأنه قال «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه (4) » فهذا أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم وتشريع للأمة، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والله ولي التوفيق.
(1) صحيح مسلم الفضائل (2363) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2471) ، مسند أحمد بن حنبل (6/123) .
(2)
صحيح البخاري الطب (5782) ، سنن أبو داود الأطعمة (3844) ، سنن ابن ماجه الطب (3505) ، مسند أحمد بن حنبل (2/340) ، سنن الدارمي الأطعمة (2038) .
(3)
صحيح مسلم الفضائل (2363) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2471) ، مسند أحمد بن حنبل (6/123) .
(4)
صحيح البخاري الطب (5782) ، سنن أبو داود الأطعمة (3844) ، سنن ابن ماجه الطب (3505) ، مسند أحمد بن حنبل (2/340) ، سنن الدارمي الأطعمة (2038) .
فضل حفظ القرآن
س: إنني كثيرا ما أحفظ آيات من القرآن الكريم، ولكن بعد فترة أنساها، وكذلك عندما أقرأ آية لا أعلم هل قراءتي صحيحة أم لا؟ ثم أكتشف بعد ذلك أنني كنت مخطئا، دلوني لو تكرمتم.
جـ: المشروع لك يا أخي أن تجتهد في حفظ ما تيسر من كتاب الله، وأن تقرأ على بعض الإخوة الطيبين في المدارس أو في المساجد أو في البيت، وتحرص على ذلك، حتى يصححوا لك قراءتك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه (1) » رواه البخاري رحمه الله في صحيحه، فخيار الناس هم أهل القرآن الذين تعلموه وعلموه الناس، وعملوا به.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: «أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان فيأتي بناقتين عظيمتين في غير إثم ولا قطيعة رحم (2) » فقالوا: يا رسول الله: كلنا يحب ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام:«لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين عظيمتين وثلاث خير من ثلاث وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل (3) » أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهذا يبين لنا فضل تعلم القرآن الكريم، فأنت يا أخي عليك بتعلم القرآن على الإخوان المعروفين بإجادة قراءة القرآن حتى تستفيد وتقرأ قراءة صحيحة.
أما ما يعرض لك من النسيان فلا حرج عليك في ذلك، فكل إنسان ينسى، كما قال عليه الصلاة والسلام:«إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون (4) » وسمع مرة قارئا يقرأ فقال: «رحم الله فلان لقد أذكرني آية كذا كنت أسقطتها (5) » أي أنسيتها، والمقصود أن الإنسان قد ينسى بعض الآيات ثم يذكر، أو يذكره غيره، والأفضل أن يقول (نسيت) بضم النون وتشديد السين، أو: أنسيت، لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا بل هو نسي (6) » يعني أنساه الشيطان، أما حديث:
(1) صحيح البخاري فضائل القرآن (5027) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2907) ، سنن أبو داود الصلاة (1452) ، سنن ابن ماجه المقدمة (211) ، مسند أحمد بن حنبل (1/69) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3338) .
(2)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (803) ، سنن أبو داود الصلاة (1456) ، مسند أحمد بن حنبل (4/154) .
(3)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (803) ، سنن أبو داود الصلاة (1456) ، مسند أحمد بن حنبل (4/154) .
(4)
صحيح البخاري الصلاة (401) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (572) ، سنن النسائي السهو (1244) ، سنن أبو داود الصلاة (1020) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1211) ، مسند أحمد بن حنبل (1/379) .
(5)
صحيح البخاري الشهادات (2655) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (788) ، سنن أبو داود الصلاة (1331) .
(6)
صحيح البخاري فضائل القرآن (5039) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (790) ، سنن الترمذي القراءات (2942) ، سنن النسائي الافتتاح (943) ، مسند أحمد بن حنبل (1/417) ، سنن الدارمي الرقاق (2745) .