المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٦

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌أسئلة وأجوبة تابعة للمحاضرة

- ‌ بيان صفة الحجاب الشرعي

- ‌ مصافحة النساء

- ‌واجب المسلمين تجاه دينهم ودنياهم

- ‌أسئلة مهمة والإجابة عليها بعد المحاضرة

- ‌ تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تشجيع الدعاة وطلبة العلم على إقامة الدروس والمحاضرات في كافة أنحاء البلاد

- ‌القضاء والقدر

- ‌نصيحة لحكام المسلمين وعلمائهم

- ‌نصيحة لقادة الدول العربية

- ‌نصيحة عامة

- ‌نصيحة موجهة إلى الملك فيصل بن عبد العزيزللدعوة إلى الله

- ‌موقف الشريعة الإسلاميةمن الغزو العراقي للكويت

- ‌موقف المؤمن من الفتن

- ‌محاضرة مهمة بسبب اجتياح حاكم العراق للكويت

- ‌أسئلة وأجوبة بعد المحاضرة

- ‌ الاستعانة بغير المسلمين في الدفاع عن بلاد المسلمين

- ‌ هل يعتبر عمل المتطوعين في التعاون مع رجال الأمن من الرباط، أم لا

- ‌ رفع اليدين في الدعاء

- ‌واجب المسلمين تجاهعدوان العراق على دولة الكويت

- ‌وصية لجميع المسلمينبمناسبة غزو العراق للكويت

- ‌الغزو العراقي جريمة عظيمة

- ‌هذه الواقعة عبرة وعظة وذكرى لنا جميعا

- ‌عمل صدام عدوان أثيم

- ‌حوار فيما يتعلق بالأمة الإسلاميةبعد حرب الخليج

- ‌لقاء جريدة المسلمون مع سماحته

- ‌رسائل الشيخ ابن باز إلى هؤلاء

- ‌الشعب الكويتي:

- ‌أهالي الشهداء:

- ‌الشعب العراقي:

- ‌شباب الصحوة:

- ‌العلماء وطلبة العلم:

- ‌ الاستعانة بالكفار في قتال الكفار

- ‌شرح معنى قوله تعالى: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول

- ‌معنى قوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}

- ‌تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}

- ‌أصحاب الكهف وأصحاب الصخرة

- ‌حول رغبة التقليل في مستويات حفظ القرآن الكريم

- ‌هل الدعوة والصدقة ترد القضاء والقدر

- ‌العناية بالتراث الإسلامي

- ‌أسئلة مهمة والإجابة عليها

- ‌تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام

- ‌اختلاف مدلولات الإيمان والتوحيد والعقيدة

- ‌التعريف بالطريقة الظاهرية

- ‌لا إكراه في قبول الإسلام

- ‌معنى كلمة اسمه تعالى " الظاهر

- ‌معنى المثل الأعلى

- ‌الفرق بين الأسماء والصفات

- ‌هل الإسلام انتشر بالسيف

- ‌الأهداف الأساسية الجديرة بالأولوية في الحياة

- ‌نصيحة بالقيام على الدعوة إلى الله والصبر عليها

- ‌مرئيات حول مستقبل الإسلام

- ‌رسالة إلى بعض أمراء الخليج

- ‌وصية لبعض الأمراء بمناسبة تعيينه أميراعلى بعض المناطق بالمملكة

- ‌كلمة بمناسبة عقد المؤتمر بالجامعة الإسلاميةدار العلوم بديوبند في الهند

- ‌نصيحة بالدعوة إلى نشر الإسلام وفضائله في أمريكا

- ‌نصيحة موجهةإلى الطلبة المسلمين بباكستان

- ‌نصيحة موجهة إلى طلبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

- ‌وصية لطلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

- ‌دعوة إلى القيام بالمحاضراتفي الجامعة لمن يصلح لها

- ‌بعض الانطباعات عن المعاهد العلمية

- ‌نصيحة لحضرات المشائخ مقادمة بيت القرزات

- ‌التخلق بأخلاق الله

- ‌ من استهزأ بالرسولالعظيم عليه الصلاة والسلام

- ‌نصيحة لمن تعرض لسوء الكلام والتحريضعلى المعاصي

- ‌نصيحة للصبر على الاستهزاء والتمسكبالآداب الإسلامية

- ‌عليكن بالأمر بالمعروف ولو غضب من تأمرونه

- ‌كلمة بمناسبة الأعاصير والفيضاناتفي بنجلاديش

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ التعاون بالجهر أفضل أم بالسر

- ‌ التعاون على البر والتقوى في البيت

- ‌من يعصي ويتوب ثم يرجع إلى المعصية

- ‌حول توظيف النساء في الدوائر الحكومية

- ‌ مصافحة النساء من وراء حائل

- ‌التحذير من مكائد الأعداء

- ‌معاملة المسلم لغير المسلم

- ‌ السلام على المتحدث بالهاتفإذا كان لا يعرف هل هو مسلم أم كافر

- ‌شكر المحسن والدعاء له

- ‌الدواء الشرعي للسحر

- ‌الأنبياء معصومون فيما يبلغونه

- ‌فضل حفظ القرآن

- ‌طريقة حفظ القرآن

- ‌ الاجتماع في دعاء ختم القرآن الكريم

- ‌أسئلة وأجوبتها تتعلق بالتوبة

- ‌وجوب التوبة والتحلل من مظلمة الناس

- ‌امرأة تسببت في قتل نفسهالكنها تابت قبل أن تموت

- ‌طريقة التوبة من المعاصي

- ‌طريقة التوبة عن اقتراف المعاصي

- ‌نصيحة بلزوم التوبةوالتعوذ بالله من الشيطان

- ‌نصيحة لمن ابتلي بالمعاصي ثم ندم

- ‌شاب يتوب ثم يعود إلىالمعاصي فكيف العمل

- ‌فضل التوبة ووجوب تكرارها إذا لزم الأمر

- ‌العاصي لا يخلد في النار

- ‌ربنا في السماء

- ‌ظلم الخدام حرام

- ‌ معاشرة الزوج الذي لا يصليولا يصوم إلخ

- ‌المؤمن والخوف من الموت

- ‌العلاج الشرعي لحالة ضيق النفس والشكوك

- ‌معنى البدعة وإطلاقها في أبواب العبادات

- ‌ الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد

- ‌زيارة المسجد النبوي سنة

- ‌تعليق على محاولة لإعادة بناء القبة على بئر الخاتم بالمدينة المنورة

- ‌ليس في الدين قشور

- ‌ التعلق بالأولياء

- ‌منع الدعاء عند القبور

- ‌الطريقة السمانية الصوفية وضم الذكر بضرب الدف وغيره

- ‌الطريقة التيجانية

- ‌ أخذ العلاج عند المتصوفة

- ‌الذبح لغير الله

- ‌ ذبح الأبقار أو الأغنام عند انتهاء بناء المسجد

- ‌ نقل حجارة مسجد إلى البيت والتبرك بها

- ‌من ليس له شيخ

- ‌هذا منكر عظيم

- ‌الخوارج ليسوا من أنصار علي

- ‌تعليق على ما أذيع في البرنامج الإذاعي حول وجود الله سبحانه

- ‌عن مخالطة من لا يتمسكون بشعائر الإسلام

- ‌سؤال عائشة رضي الله عنها لدخول الكعبة والجواب عنه

- ‌معنى (وهب المسيئين منا للمحسنين)

- ‌حديث السبعة وهل هو خاص بالرجال

- ‌ استعمال الجرائد سفرة للأكل

- ‌ لبس الذهب المحلق للنساء

- ‌ السلام بالإشارة باليد

- ‌ البول واقفا

- ‌رجل مسلم أسعف رجلا غير مسلم هل يصبح أخا له

- ‌ لبس المعاطف الجلدية

- ‌شرح معنى «مائلات مميلات

- ‌هذا الحديث مكذوب عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌شرح معنى القاسطين والمقسطين في القرآن الكريم

- ‌ مس الحائض للقرآن الكريم

- ‌ التحجب عن الخادمة المسيحية

- ‌ شرب الدخان وبيعه والاتجار به

- ‌إنكار على وضع لائحات تدعو إلى الدخان والتشجيع عليه

- ‌أسئلة وأجوبتها

- ‌ من يدعي أنه قد رأى رب العزة في المنام

- ‌نصيحة لمن يدعو لحلق الذقن

- ‌الإجابة الصريحة على المناقشة حول إعفاء اللحى وحلقها

- ‌العدل بين الأولاد

- ‌تحريم آنية الذهب والفضة

- ‌ استعمال أشرطة الأفلام الخليعة وآلات التصوير بعد التوبة

- ‌الجمع بين حديثين متعلقينبالرقى والتمائم والتولة

- ‌أسئلة متفرقة والأجوبة عليها

- ‌ إطالة الثوب

- ‌ من يقصر ثوبه ويطول سرواله

- ‌دفع الرشوة للموظفين

- ‌الرجل الأخضر

- ‌من يذبح لأبيه وجده كل سنة

- ‌دعوة الوالد على الولد

- ‌ من سب الدين أو الرب

- ‌نلعب الورق (البلوت)والفائز منا يحصل على مائتيريال فهل هذا حرام

- ‌ الاستماع إلى الراديو ونحوه

- ‌ استماع بعض البرامج المفيدة التي تتخللها الموسيقى

- ‌مشاهدة برامج التلفزيون

- ‌الفرق بين خمر الدنيا والآخرة

- ‌ النكت في الإسلام

- ‌الجيران والتفضيل بينهم

- ‌الكافر ليس أخا للمسلم

- ‌هذا العمل منكر

- ‌ الأوراق التي فيها ذكر الله

- ‌الترحم على الفاسق جائز

- ‌من علامات الساعة أن تلد الأمة ربتها

- ‌ وضع المساحيق على الوجه

- ‌استعمال الروائح العطرية المسماة بالكولونيا

- ‌حكم ذهاب المرأة للسوق بدون محرم

- ‌ الغش في الامتحانات

- ‌ لبس خاتم الذهب للرجال

- ‌ لبس الكعب العالي

- ‌ لقطة الحرم

- ‌رؤية ليلة القدر

- ‌إطلاق كلمة عليه السلام لغير الرسول

- ‌الإجابة على أسئلة مختلفة

- ‌ الصلاة خلف العاصي

- ‌ بيع ريالات الفضة بريالات الورق

- ‌ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌إزالة الشعر النابت في وجه المرأة

- ‌ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌الخوف من الرياء في النصح

- ‌مسألة الشلوخ في الوجه تمييزا لكل قبيلة

- ‌مشاركة النصارى في أعيادهم

- ‌كتابة البسملة على البطاقات مشروعة

- ‌ظهور المرأة أمام الرجال

- ‌كتاب درة الناصحين

- ‌قراء الكف

- ‌كرامات زائفة

- ‌الدعوة إلى الله وأسلوبها المشروع

- ‌نداء عام لمساعدة المسلمين في البوسنة والهرسك

الفصل: ‌ الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد

‌معنى البدعة وإطلاقها في أبواب العبادات

(1)

س: متى يوصف العمل بأنه بدعة في الشرع المطهر؟ وهل إطلاق البدعة يكون في أبواب العبادات فقط، أم يشمل العبادات والمعاملات؟

جـ: البدعة في الشرع المطهر هي كل عبادة أحدثها الناس ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة، ولا في عمل الخلفاء الأربعة الراشدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2) » متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3) » أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (4) » رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بسند صحيح، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وتطلق البدعة في اللغة العربية على كل محدث على غير مثال سابق، لكن لا يتعلق بها حكم المنع إذا لم تكن من البدع في الدين، أما في المعاملات فما وافق الشرع منها فهو عقد شرعي، وما خالفه فهو عقد فاسد، ولا يسمى بدعة في الشرع. لأنه ليس من العبادة.

(1) نشر في مجلة الدعوة العدد 1243 في 10 \ 7 \ 1410 هـ.

(2)

صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(3)

صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(4)

سنن الترمذي العلم (2676) ، سنن أبو داود السنة (4607) ، سنن ابن ماجه المقدمة (44) ، مسند أحمد بن حنبل (4/127) ، سنن الدارمي المقدمة (95) .

ص: 317

حكم‌

‌ الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد

(1)

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. في يوم الخميس الموافق 18 \ 3 \ 78 هـ اطلعت على مقال محمد أمين يحيى نشرته صحيفة الأضواء في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 16 \ 3 \ 1378 هـ، ذكر فيه الكاتب المذكور أن المسلمين في كافة أقطار الأرض يحتفلون بيوم المولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأكمل التسليم بشتى

(1) تعقيب على ما نشر في الموضوع بصحيفة الأضواء.

ص: 317

أنواع الاحتفالات وأنه يجب علينا قبل غيرنا أفرادا وجماعات أن نحتفل به احتفالا عظيما، وعلى الصحف أن تهتم به وتدبج به المقالات، وعلى الإذاعة أن تهتم بذلك وتعد البرامج الخاصة لهذه المناسبة الذكرى الخالدة، هذا ملخص المقال المذكور.

وقد عجبت كثيرا من جرأة هذا الكاتب على الدعاية - بهذا المقال الصريح - إلى بدعة منكرة تخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام والسلف الصالح التابعون لهم بإحسان في بلاد إسلامية تحكم شرع الله وتحارب البدع، ولواجب النصح لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين رأيت أن أكتب كلمة على هذا المقال تنبيها للكاتب وغيره، على ما تقتضيه الشريعة الكاملة حول الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فأقول:

لا ريب أن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وهما العلم النافع والعمل الصالح، ولم يقبضه إليه حتى أكمل له ولأمته الدين، وأتم عليهم النعمة كما قال سبحانه وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1) فأبان سبحانه بهذه الآية الكريمة أن الدين قد كمل والنعمة قد أتمت، فمن رام أن يحدث حدثا يزعم أنه مشروع وأنه ينبغي للناس أن يهتموا به ويعملوا به فلازم قوله إن الدين ليس بكامل بل هو محتاج إلى مزيد وتكميل، ولا شك أن ذلك باطل، بل من أعظم الفرية على الله سبحانه والمصادمة لهذه الآية الكريمة.

ولو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لأنه أنصح الناس، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته واتباع شريعته، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك، ولم يفعله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه لم يحتفلوا بهذا اليوم، لا الخلفاء الراشدون ولا

(1) سورة المائدة الآية 3

ص: 318

غيرهم، ثم التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم. أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق؟ لا والله، ولن يقول هذا عاقل يعرف حال الصحابة وأتباعهم بإحسان. وإذا علمت أيها القاريء الكريم أن الاحتفال بيوم المولد النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام، ولا في عهد أتباعهم في الصدر الأول، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها، بل يجب إنكارها والتحذير منها عملا بقوله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الجمعة:«خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (2) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (3) » وفي لفظ: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (4) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ومعلوم عند كل من له أدنى مسكة من علم وبصيرة أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالبدع كالاحتفال بيوم المولد، وإنما يكون بمحبته واتباع شريعته وتعظيمها والدعوة إليها ومحاربة ما خالفها من البدع والأهواء، كما قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (5) وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (6) وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل: يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (7) » خرجه البخاري في صحيحه.

وتعظيمه صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يكون في وقت دون آخر، ولا في السنة مرة واحدة، بل هذا العمل نوع من الهجران، وإنما الواجب

(1) صحيح مسلم الجمعة (867) ، سنن النسائي صلاة العيدين (1578) ، سنن ابن ماجه المقدمة (45) ، مسند أحمد بن حنبل (3/371) .

(2)

سنن أبو داود السنة (4607) ، مسند أحمد بن حنبل (4/127) ، سنن الدارمي المقدمة (95) .

(3)

صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(4)

صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(5)

سورة آل عمران الآية 31

(6)

سورة الحشر الآية 7

(7)

صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7280) ، صحيح مسلم الإمارة (1835) ، مسند أحمد بن حنبل (2/361) .

ص: 319

أن يعظم صلى الله عليه وسلم كل وقت بتعظيم سنته والعمل بها والدعوة إليها والتحذير من خلافها، وببيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة والأخلاق الزاكية والنصح لله ولعباده، وبالإكثار من الصلاة والسلام عليه وترغيب الناس في ذلك وتحريضهم عليه، فهذا هو التعظيم الذي شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للأمة ووعدهم الله عليه الخير الكثير والأجر الجزيل والعزة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة.

وليس ما ذكرته هنا خاصا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، بل الحكم عام في سائر الموالد التي أحدثها الناس، وقد قامت الأدلة على أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم بدعة منكرة، ولا يجوز إقرارها فغيره من الناس أولى بأن يكون الاحتفال بمولده بدعة، فالواجب على العلماء وولاة أمر المسلمين في سائر الأقطار الإسلامية أن يوضحوا للناس هذه البدعة وغيرها من البدع، وأن ينكروها على من فعلها، وأن يمنعوا من إقامتها نصحا لله ولعباده، وأن يبينوا لمن تحت أيديهم من المسلمين أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين إنما يكون باتباع سبيلهم، والسير على منهاجهم الصالح، ودعوة الناس إلى ما شرعه الله ورسوله، وتحذيرهم مما خالف ذلك، وقد نص العلماء المعروفون بالتحقيق والتعظيم للسنة على إنكار هذه الموالد والتحذير منها، وصرحوا بأنها بدع منكرة لا أصل لها في الشرع المطهر ولا يجوز إقرارها.

فالواجب على من نصح نفسه أن يتقي الله سبحانه في كل أموره، وأن يحاسب نفسه فيما يأتي ويذر، وأن يقف عند حدود الله التي حدها لعباده، وأن لا يحدث في دينه ما لم يأذن به الله. فقد أكمل الله الدين وأتم النعمة، وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ترك أمته على المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك.

والله المسئول أن يهدينا وسائر المسلمين صراطه المستقيم، وأن يعصمنا وإياهم من البدع والأهواء، وأن يمن على الجميع بالتمسك بالسنة وتعظيمها والعمل بها والدعوة إليها والتحذير مما خالفها، وأن يوفق ولاة أمر المسلمين وعلماءهم لأداء ما يجب عليهم من نصر الحق وإزالة أسباب الشر وإنكار البدع والقضاء عليها، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ص: 320