المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الحادي والخمسون: مكاتباته - محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - جـ ٢

[ابن المبرد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الحادي والأربعون: غزواته مع الرسول وإنفاذه إياه في سرية

- ‌الباب الثاني والأربعون: غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه

- ‌الباب الثالث والأربعون: حجاته

- ‌الباب الرابع والأربعون: تركه السواد غير مقسوم ووضعه الخراج

- ‌الباب الخامس والأربعون: عدله ورئاسته

- ‌الباب السادس والأربعون: قوله وفعله في بيت المال

- ‌الباب السابع والأربعون: حذره من المظالم وخروجه منها

- ‌الباب الثامن والأربعون: ملاحظته لعماله ووصيته إياهم

- ‌الباب التاسع والأربعون: حذره من الإبتداع وتحذيره منه

- ‌الباب الخمسون: جمعه القرآن في المصحف

- ‌الباب الحادي والخمسون: مكاتباته

- ‌الباب الثاني والخمسون: زهده

- ‌الباب الثالث والخمسون: تواضعه

- ‌الباب الرابع والخمسون: حلمه

- ‌الباب الخامس والخمسون: ورعه

- ‌الباب السادس والخمسون: بكائه

- ‌الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل

- ‌الباب الثامن والخمسون: تعبده واجتهاده

- ‌الباب التاسع والخمسون: كتمانه التعبد وستره إياه

- ‌الباب الستون: دعاؤه ومناجاته

- ‌الباب الحادي والستون: كراماته

- ‌الباب الثاني والستون: تزويج النبي بحفصة وفضلها

- ‌الباب الثالث والستون: نبذ من مسانيده

- ‌الباب الرابع والستون: كلامه في الزهد والرقائق

- ‌الباب الخامس والستون: ماتمثل به من الشعر

- ‌الباب السادس والستون: فنون أخباره

- ‌الباب السابع والستون: كلامه في الفنون

الفصل: ‌الباب الحادي والخمسون: مكاتباته

‌الباب الحادي والخمسون: مكاتباته

الباب الحادي والخمسون: في ذكر مكاتباته

في الصحيح عن عمرو1، قال:"كنت جالسا مع جابر بن زيد2 وعمرو بن أوس3، فحدّثهما بجالة4 سنة سبعين، عام حج مصعب بن الزبير5 بأهل البصرة عند درج زمزم، قال: "كنت كاتباً لجزء بن معاوية6 عمّ الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة:"فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر"7.

وفي صحيح مسلم عن أسير بن جابر8، قال: "كان عمر إذا أتى عليه

1 عمرو بن دينار المكي، الأثرم، الجمحي مولاهم، ثقة ثبت، توفي سنة ست وعشرين. (التقريب ص 421) .

2 أبو الشعثاء البصري، مشهور بكنيته، ثقة فقيه، من الثالثة، توفي سنة ثلاث وتسعين. ويقال: ثلاث ومئة. (التقريب ص 136) .

3 الثقفي، الطائي، تابعي كبير من الثانية، وَهِمَ مَنْ ذَكَرَهُ في الصحابة، توفي بعد التسعين من الهجرة. (التقريب ص 418) .

4 بجالة بن عَبَدة التميمي العنبري البصري، ثقة، من الثانية. (التقريب ص 120) .

5 ابن العوام الأسدي أمير العراق لعبد الله بن الزبيرن قتل سنة إحدى وسبعين. تاريخ الطبري 6/151، جمهرة أنساب العرب ص 124) .

6 التميمي السعدي، صحابي، كان عامل عمر على الأهواز، وعاش إلى أن ولي لزياد بعض عمله. (الإصابة 1/244) .

7 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية والموادعة 6/257، رقم:3156.

8 يُسَير بن جابر، وقيل: أصله أسير، فُسَّهلت الهمزة، مختلف في نسبته، له رؤية، توفي سنة خمس وثمانين. (التقريب ص 607) .

ص: 543

أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أُويس بن عامر؟ "1، حتى أتى على أويس، فقال: "أنت أويس بن عامر؟ "، قال: "نعم". قال: "من مرادٍ ثم من قرن؟ "2، قال: "نعم"، قال: "بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ "، قال: "نعم"، قال: (لك والدة؟ "، قال:"نعم"، قال:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مرُادٍ، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل"، فاستغفر لي فاستغفر له.

فقال له عمر: أين تريد؟، قال:"الكوفة"، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟، قال:"أكون في غَبْرَاء3 الناس أحب إليّ".

قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر فسأله عن أويس بن عامر، قال:"تركته رثّ4 البيت، قليل المتاع". قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مرادٍ ثم من قرنٍ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل". فأتى أويساً فقال: "استغفر لي"، قال:"أنت أحدث عهداً بسفرٍ صالح فاستغفر لي". [قال: "استغفر لي"، قال: "أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي] 5، قال:

1 القرني، سيد التابعين، روى له مسلم من كلامه، مخضرم، قتل بصفين. (التقريب ص116) .

2 قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد بن مالك بن أدد. (جمهرة أنساب العرب ص 406، 407) .

3 غَبْراء الناس بالمد: أي: في فقرائهم. (لسان العرب 5/6) .

4 الرثّ: رديء المتاع، وأسقاط البيت من الخُلقان. (لسان العرب 2/151) .

5 سقط من الأصل.

ص: 544

"لقيت عمر؟ " قال: "نعم"، فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه، قال أُسَيْر: وكسوته بردة، فكان كلما رآه إنسان، قال:"من أين لأويس هذه البردة؟ "1.

وذكر ابن الجوزي عن أبي عثمان2، قال:"جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان، يا عتبة بن فرقد3، إياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبس الحرير، قال: إلا هكذا" ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه"4.

وعن أبي عثمان النهدي: أن عمر رضي الله عنه قال: "اتّزروا وارتدوا وانتعِلوا وألقوا الخفاف السراويلات وألقوا الرّكب، وانزوا نزواً، وعليكم بالمعدّيّة، وارموا الأغراض وذروا التنعم وزيّ العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، و [قال] 5: "لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا"، وأشا ر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعيه"6.

1 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1969، رقم:2542.

2 النهدي.

3 السلمي، صحابي، نزل الكوفة، وهو الذي فتح الموصل زمن عمر. (التقريب ص 381) .

4 ابن الجوزي: مناقب ص 127، وأحمد: المسند 1/194، رقم: 92، واللفظ له، والبخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5490، مختصراً، ومسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1642، رقم:2069.

5 سقط من الأصل.

6 أحمد: المسند 1/285، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 301، البيهقي: السنن: 10/14، والإسماعيلي كما في فتح الباري 10/286، ابن الجوزي: مناقب ص 127، 128، وعبد الرزاق: المصنف 11/85، عن قتادة.

ص: 545

قوله: "اتزروا1: أي: شدّوا الأزر، وارتدوا2: صغوا عليكم الأردية. وانتعلوا3: ألبسوا النعال، وألقوا الخفاف4: يعني: من الثياب. وألقوا الرّكب5: حتى يعتادوا ركوب الخيل بغير رُكُب"6.

وقال أصحابنا: "يستحب للإنسان أن يعتاد الوثوب7 من الأرض إلى ظهر الدابة؛ لأنه ربما حضر في الحرب وليس ما يركب به، فيفعل ذلك"8. / [78 / ب] .

وقوله: "وانزوا نزواً، قال بعضهم: "ثبوا وثباً"9، والمراد أسرعوا في المشي.

وقال أصحابنا: "يستحب الإسراع في المشي بحيث لا يتعب نفسه"10.

1 انظر: لسان العرب 4/16.

2 انظر: لسان العرب 14/316، 317.

3 انظر: لسان العرب 11/667.

4 في اللسان 9/82: "الخُفاخف: صوت الثوب الجديد إذا لُبس وحركته".

5 الرُّكاب للسّرج: كالفرز للرَّحل، والجمع: رُكبٌ. (غريب الحديث لأبي عبيد 3/325، لسان العرب 1/430، القاموس ص 117) .

6 انظر: ابن قندس: الحاشية على كتاب الفروق ق 76، والسفاريني: غذاء الألباب 2/341، قال ابن قندس:"لم أر في ذلك نقلاً أعتمد عليه فيعلم ذلك".

7 في الأصل: (يثب) ، وهو تحريف.

8 لم أجده.

9 انظر: الأثير: النهاية 5/44، ابن منظور: لسان العرب 15/319، الفيروز آبادي القاموس ص 1724، ابن مفلح: الفروع 1/361، ابن قندس: الحاشية على كتاب الفروع ق 76، السفاريني: غذاء الألباب 2/341) .

10 انظر: ابن القيم: زاد المعاد 1/167، السفاريني: غذاء الألباب 2/349.

ص: 546

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا مشى كأنما ينحط من صبب.1 2

وقوله: "عليكم بالمعدية: هي لبسة خشنة نسبة إلى معد بن عدنان".3

وعن أبي أمامة بن سهل4 قال: "كتب عمر إلى أبي عبيدة: علموا غلمانكم العوم، ومقاتلتكم الرمي". 5

وعن عياض الأشعري قال: "شهدت اليرموك، قال عمر: "إذا كان قتال فعليكم بأبي عبيدة بن الجراح". قال فكتب: إليه إنه قد جاش6 إلينا الموت، واستمددناه، فكتب: إنه قد جاءني كتابكم تستمدّونني وأنا أدلكم على من هو أعزّ نصراً وأحضر جنداً، الله عزوجل فاستنصروه، فإن محمّداً صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدّتكم، فإذا أتاكم كتابي هذا، فقاتلوهم، ولا تراجعوني. قال: فقاتلناهم فهزمناهم، وقتلناهم أربعة فراسخ، وأصبنا أموالاً كثيرة"7.

وعن المثنى بن موسى بن سلمة8 بن المُحَبَّق9 الهذلي، عن

1 الصبب: أي موضع منحدر (النهاية 3/ 3) .

2 أحمد المسند 2/ 106، الترمذي: السنن 5/598 وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وصححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم 746.

3 انظر: ابن الأثير: النهاية 4/ 342، ابن منظور: لسان العرب 3/ 407.

4 أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري.

5 سيأتي تخريجه ص 558.

6 جاش: أي: فاض وتدفق وأقبل. (النهاية1/323، لسان العرب6/276، القاموس ص756) .

7 أحمد: المسند 1/304، ابن أبي شيبة: المصنف 13/34، 35، وإسنادهما صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم:344.

8 في الأصل: (موسى بن المثنى بن سلمة) ، ولعله سهو من المؤلف.

9 المثنى بن موسى الهذلي، يروي عن أبيه، روى عنه محمّد بن عباد الهنائي. (الثقات لابن حبان 9/193) .

ص: 547

أبيه1 عن جده2 قال: "شهدت فتح الأبلة3، وأميرنا قطبة بن قتادة السدوسي4، فاقتسمت الغنائم، فدفعت إليّ قِدْر من نحاس فلما صارت في يدي تبين لي أنها من ذهب، وعرف ذلك المسلمون فشكوني إلى أميرنا، فكتب إلى عمر رضي الله عنه يخبره5 بذلك فكتب إليه عمر رضي الله عنه: أصبر6 يمينه إن لم يعلم أنها ذهب، إلا بعدما صارت إليه، فإن حلف فادفعها إليه، وإن أبى فاقسمها بين المسلمين، فحلف فدفعها إليه، وكان فيها أربعون ألف مثقال7. قال جدي: "منها أموالنا التي نتوارثها إلى اليوم"8.

وعن سعيد بن أبي بردة9، قال:"كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "أما بعد: فإن أسعد الرعاة10 من سعدت به رعيته، وإن أشقى

1 موسى بن سلمة بن المُحَبّق الهذلي البصري، ثقة، من الرابعة. (التقريب ص 551) .

2 سلمة بن المُحَبّق الهذلي، صحابي، سكن البصرة. (التقريب ص 248) .

3 في الأصل: (ابلة) ، والمثبت من معجم البلدان 1/77، وفيه: الأُبلة - بضم أوّله وثانيه، وتشديد اللام وفتحها -، وهي بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة) .

4 أبو الحويصلة، قال البخاري:"له صحبة". (الإصابة 5/242) .

5 في الأصل: (يخبر) ، وهو تحريف.

6 الصّبر: أن تأخذ يمين إنسان تقول صَبَرْتُ يمينه، أي: حلّفته. (لسان العرب 4/438) .

7 المثقال: واحد مثاقيل الذهب، ووزنه: درهم واحد وثلاثة أسباع درهم على التحرير. (لسان العرب 11/87) .

8 الطبري: التاريخ 3/596، مختصر، وابن الجوزي: مناقب ص 128، 129، وفيه المثنى بن موسى الهذلي لم يوثقه غير ابن حبان.

9 ابن أبي موسى الأشعري، الكوفي، ثقة ثبت وروايته عن ابن عمر مرسلة، من الخامسة. (التقريب ص 233) .

10 في الأصل: (الرعا) .

ص: 548

الرعاة عند الله من شقيت به رعيته، إياك أن ترتع، فيرتع عُمّالك، فيكون مثلك عند ذلك مثل البهيمة، نظرت إلى خضرةٍ من الأرض، فرعت فيها تبغي بذلك السمن، وإنما حتفها في سمنها، والسلام"1.

وعن عامر الشعبي، قال:"كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بغير ما يعلمه الله من قلبه شأنه الله، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسلام"2.

وعن أبي البختري3: أن عمر كتب إلى أبي موسى: "لا تؤخر عمل اليوم إلى غد، فتدال عليك الأعمال فتضيع، فإن للناس نفرة عن سلطانهم، أعوذ بالله أن تدركني وإياكم ضغائن محمولة، ودنيا مؤثرة، وأهواء متّبعة"4.

وعن أبي عمران الجوني5، "أن عمر، كتب إلى أبي موسى: "أن كاتبك الذي كتب إليّ لحن، فاضربه سوطاً"6.

1 ابن أبي شيبة: المصنف 8/466، والحلية 1/50، ابن الجوزي: مناقب ص 129، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/160، ونسبه لابن أبي شيبة، والحلية، وهو ضعيف لانقطاعه، سعيد بن أبي بردة لم يدرك عمر.

2 هناد: الزهد 2/436، وعنه أبو نعيم: الحلية 1/50، وإسناده ضعيف جداً، فيه السري بن إسماعيل الهمداني متروك. (التقريب ص 2221)، والشعبي لم يسمع من عمر. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 129.

3 سعيد بن أبي فيروز الطائي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، فيه تشيع قليل كثير الإرسال. من الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين. (التقريب ص 240) .

4 البيهقي: السنن: 10/35، وابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه، أبو البختري لم يدرك عمر بن الخطاب، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/778.

5 عبد الملك بن حبيب الأزدي، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار الرابعة توفي سنة ثمان وعشرين ومئة وقيل بعدها. (التقريب ص 362) .

6 ابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه.

ص: 549

وعن يزيد بن أبي حبيب / [79 / أ] : أن كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه فكتب بسم ولم يكتب فيها سيناً، فكتب عمر إلى عمرو: أن اضربه سوطاً، فضربه، فقيل له:"فيم ضربك؟ "، قال:"في سين"1.

وعن الحسن2، قال:"كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى وهو بالبصرة: "بلغني أنك تأذن للناس جماً غفيراً، فإذا جاءك كتابي هذا فأذن لأهل الشرف وأهل القرآن، والتقوى، والدين، إذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة"3.

وعن جعفر بن بُرْقَان4، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى بعض عماله وكان في آخر كتابه:"أن حاسب نفسك في الرخاء، قبل حساب الشدة، [فإنه من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة] 5 عاد مرجعه إلى الرضا والغبطة ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى الندامة والحسرة، فتذكر ما توعظ به، لكيما تنتهي عما تُنهى عنه، وتكون عند التذكرة والموعظة من أولي النهى"6.

وعن عروة بن رُوَيم اللخمي7، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

1 ابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه.

2 البصري.

3 ابن الجوزي: مناقب ص 130، وهو ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر، لم يصرح عمن روى عنه.

4 الكلابي الرّقي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة، توفي سنة خمسين ومئة. (التقريب ص 140) .

5 سقط من الأصل.

6 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 ق 135، وإسناده ضعيف لانقطاعه، ابن الجوزي: مناقب ص 130، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/155، وعزاه للبيهقي في الزهد وابن عساكر.

7 أبو القاسم، صدوق يرسل كثيراً، من الخامسة، توفي سنة خمس وثلاثين على الصحيح. (التقريب ص 389) .

ص: 550

إلى أبي عبيدة بن الجراح كتاباً فقرأه على الناس بالجابية: "أما بعد: فإنه لم يُقِم أمرَ الله في الناس إلا حصيف العُقدة1، بعيد الغِرّة2، لايطّلع الناس منه على عورة، ولا يحنق في الحق على جرّته3، ولا يخاف في الله لومة لائم، والسلام عليكم"4.

وكتب عمر رضي الله عنه: "أما بعد، فإني كتبت إليك بكتاب لم آلك5 ونفسي فيه خيراً، ألزم خمس خصالٍ يسلم لك دينك، وتحظ بأفضل حظّك، إذا حضرك الخصمان فعليك بالبيّنات العُدُول، والأيمان القاطعة، ثم أدنُ الضعيف حتى ينبسط لسانه ويجترئ قلبه، وتعاهد الغريب فإنه إذا طال حَبْسه ترك حاجته، وانصرف إلى أهله وإذا الذي أبطل حقه من لم يرفع به رأساً، واحرص على الصلح، ما لم يبن لك القضاء. والسلام"6.

وعن أبي حريز الأزدي7، قال:"كان رجل لا يزال يهدي لعمر فخذ جزور، إلى أن جاء ذات يوم بخصم، فقال: "يا أمير المؤمنين8، اقض بيننا قضاء

1 حصيف العُقدة: الحصيف: المُحكُم العقل، والعُقدة: الرأي والتديبر. (لسان العرب 9/48) .

2 بعيد الغرّة: أي: من بعد حفظه لغفلة المسلمين. (النهاية 3/355) .

3 ولا يحنق في الحق على جرّته: أي لايحقد على رعيته، والحنق الغيظ. ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه (النهاية 1/451) .

4 ابن أبي شيبة: المصنف 13/43، وابن أبي الدنيا: الإشراف ص 71، وإسناده ضعيف لانقطاعه، عروة بن رويم لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 130، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/776، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإشراف.

5 في الأصل: (لما لك) ، وهو تحريف.

6 وكيع: أخبار القضاة 1/74، وإسناده ضعيف لانقطاعه، الشعبي لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 130.

7 عبد الله بن حسين الأزدي، البصري، صدوق يخطئ من السادسة. (التقريب ص 300) .

8 قوله: "أمير المؤمنين"، تكرر في الأصل.

ص: 551

فصلاً، كما يفصل الفخذ عن سائر الجزور". قال عمر:"فما زال يرددها عليّ حتى خفت على نفسي". فقضى عليه عمر، وكتب إلى عماله:"أما بعد، فإياكم والهدايا، فإنها من الرشا"12.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا مع عمر في مسير فأبصر رجلاً يسرع في سيره، فقال: "إن هذا الرجل يريدنا"، فأناخ ثم ذهب لحاجته، فجاء الرجل فبكى، وبكى عمر رضي الله عنه وقال: "ما شأنك؟ "، فقال: يا أمير المؤمنين، إني شربت الخمر فضربني أبو موسى وسود وجهي، وطاف بي، ونهى الناس أن يجالسوني، فهممت أن آخذ سيفي فأضرب به أبا موسى، أو آتيك فتحولني إلى بلد لا أُعرف فيه، أو ألحق بأرض الشرك". فبكى عمر رضي الله عنه، وقال:"ما يسرني أنك لحقت بأرض الشرك، وأن لي كذا وكذا، وقال: "إن كنت مِمَّن شرب [الخمر، فلقد شرب] 3 الناس الخمر في الجاهلية"، ثم كتب إلى أبي موسى: "إن فلاناً أتاني فذكر كذا وكذا، فإذا أتاك كتابي هذا فَمُرِ الناس أن يجالسوه، وأن يخالطوه وإن تاب فاقبل شهادته، وكساه وأمر له بمائتي درهم"4.

1 الرّشا: الرشوة - بكسر الراء، وضمها والجمع: رشا - بكسر الراء وضمها -، وقد رشاه من باب عدا. وارتشى: أخذ الرشوة، واسترشى في حكمه، طلب الرشوة عليه. (المختار ص 194) .

2 البيهقي: السنن: 10/138، وإسناده ضعيف لإعضاله، وابن الجوزي: مناقب ص 130، 131، وكيع: أخبار القضاة 1/56، عن أبي حريز الشعبي، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 117، وهو ضعيف، لانقطاعه، لأن الشعبي، لم يسمع من عمر، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/823، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإشراف، ووكيع في الغرر، والبيهقي.

3 سقط من الأصل.

4 البيهقي: السنن: 10/214، وإسناده حسن، فيه سماك بن حرب، وأحمد بن محمّد أبو سهل القطان، وهما صدوقان. (التقريب رقم: 255، وسير أعلام النبلاء (15/521)، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص131، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/505، وعزاه للبيهقي.

ص: 552

وعن بجالة1 قال: "كنت كاتباً لجزء بن معاوية عمّ الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنةٍ: أن اقُتلوا كل ساحر، وربما قال: وساحرة، وفرّقوا بين كل مَحْرَمٍ من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة"2. فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نُفَرّق / [76 / ب] بين الرجل وحريمته في كتاب الله، وصنع جزء طعاماً كثيراً، وعرض السيف على فخذه ودعا3 المجوس، فألقوا وقرَ4 بغلٍ أو بغلتين من وَرقٍ وأكلوا بغير زمزمة، ولم يكن عمر رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر"5.

وعن يزيد بن الأصم6: "أن رجلاً كان ذا بأس، وكان يوفد إلى عمر لبأسه، وكان من أهل الشام، وإن عمر فقده فسأل عنه، فقيل: "يتابع في هذا الشراب"، فدعا كاتبه7، فقال: اكتب: "من عمر إلى فلان بن فلان، سلام عليكم، فإني

1 بجالة بن عبدة التميمي.

2 الزمزمة: كلام يقوله المجوس عند أكلهم بصوت خفي. (النهاية 2/313) .

3 مطموس في الأصل سوى (ود) .

4 الوِقر - بكسر الواو - الحمل، وأكثر ما يستعمل في حِمْل البغل والحمار. (النهاية 5/213) .

5 الشافعي: الرسالة ص 432، والأم 4/174، والطيالسي: المسند رقم: 225، أحمد: المسند 3/123، أبو عبيد: الأموال ص 36، وإسنادهما صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 1657، والبيهقي: السنن: 8/247، وقد مضى إيراد المؤلف له عن صحيح البخاري ص 511.

6 يزيد بن عمرو البكائي، كوفي نزل الرقة، وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال له رؤية، ولا يثبت، هو ثقة، توفي سنة ثلاث ومئة. (التقريب ص 599) .

7 مطموس في الأصل، سوى:(كاتب) .

ص: 553

أحمد الله إليك الذي {لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ إِلَيْهِ المَصِيْرُ} [غافر: 3] ، ثم دعا وأمن من عنده، ودعوا له أن يُقبل لله عزوجل بقلبه1، أن يتوب عليه، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول:{غَافِرِ الذَّنْبِ} ، [غافر: 3] ، قد وعدني الله عزوجل أن يغفر لي، {وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيْدِ العِقَابِ} [غافر: 3] ، قد حذرني2 الله من عقابه:{ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3]، والطول: الخير الكثير {إليه المصير} [غافر: 3] ، فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى، ثم نزع، فأحسن النزع، فلما بلغ عمر رضي الله عنه خبره، قال:"هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زلّ زلّة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان3 عليه"4.

وعن عبد الرحمن بن عبد القاري5، عن أبيه عن جده: أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: "أما بعد، فالزم الحقّ يبين لك الحقّ منازل الحقّ يوم لا يقضى إلا بالحق. والسلام"6.

وعن رفيع بن حزام بن معاوية7 قال: "كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أدبوا الخيل، ولا ترفعوا8 بين ظهرانيكم الصلب،

1 في المناقب: (أن الله يقبله) .

2 في الأصل: (حذني) ، وهو تحريف.

3 قوله: "أعواناً"، تكرر في الأصل.

4 ابن الجوزي: مناقب ص 132، وهو ضعيف لانقطاعه، يزيد بن الأصم لم يدرك عمر.

5 عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري.

6 ابن الجوزي: مناقب ص 132، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/156، وعزاه لأبي الحسن بن رزقويه في جزئه.

7 لم أعثر له على ترجمة.

8 في الأصل: (ولا ترفع) ، وهو تحريف.

ص: 554

ولا تجاورنكم الخنازير"1.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اكتبوا عن الزاهدين في الدنيا، فإن الله عزوجل وكل بهم ملائكة واضعة أيديهم على أفواههم لا يتكلمون إلا بما هيأ الله لهم"2.

وعن أبي عبد الله بن إدريس3، قال: "أتيت سعيد4 بن أبي بردة، فسألته عن رسائل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة5، قال: فأخرج إليّ كُتباً فرأيت في كتاب منها:

"أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أُدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آسِ6 بين الاثنين في مجلسك ووجهك، حتى7 لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس وضيع، وربما قال: ضعيفٌ من عدلك، الفهمَ الفهْمَ مما يتلجْلجُ8 في صدرك، وربما قال: في نفسك، فيشكل عليك وما لم ينزل في الكتاب، ولم تجربه السنة، فاعرف الأشباه والأمثال، ثم قِسِ الأمور بعضها ببعض، وانظر أقربها إلى الله عزوجل وأشبهها بالحقّ فاتّبعه واعمد إليه، ولا يَمنعك قضاء قضيته بالأمس، راجعت

1 عبد الرزاق: المصنف 6/61، 9/248، ابن الجوزي: مناقب ص 132، والمتقي الهندي: كنْز العمال 4/467.

2 ابن الجوزي: مناقب ص 132.

3 إدريس بن يزيد الأودي، ثقة، من السادسة. (التقريب ص 97) .

4 في الأصل: (سعد) ، وهو تحريف.

5 أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة، توفي سنة أربع ومئة. (التقريب ص 621) .

6 آس بين الناس: أي: سوّ بينهم. (الكامل في اللغة 1/17) .

7 في الأصل: (حيث) ، وهو تحريف.

8 تلجلج: أي: تردّد في صدرك، وقلق ولم يستقر. (لسان العرب 2/356) .

ص: 555

فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك، فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلوداً في حد، أو مُجرّباً عليه شهادة زور أو ظنيناً1 في ولاء أو قرابة، اجعل لمن ادعى حقاً غائباً أمداً ينتهي إليه / [80 / أ] أو بيّنة عادلة، فإنه أثبت في الحجّة، وأبلغ في العذر، فإن أحضر بيّنة إلى ذلك الأجل أخذ بحقّه، وإلا وجهت عليه القضاء. البيّنة على من ادّعى، واليمين على من أنكر. إن الله تولى منكم السّرائر، ودرأ عنكم الشُّبهات، وإياك والقلق2 والضجر، والتأذي بالناس، والتنكّر3 للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله تعالى بها الأجر، ويحسن فيها الذّخر، من خلصت نيته فيما بينه وبين الله عزوجل كفاه ما بينه وبين الناس، والصلح جائز بين الناس إلا صلحاً أحلّ حراماً4، أو حرّم حلالاً، ومن تزين للناس بما يعلم الله عزوجل غير ذلك شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله5 في عاجل وآجل آخره"6.

1 أو ظنيناً في ولاء أو نسب: أي: متهم. (لسان العرب 1/18) .

2 القلق: الانزعاج. (لسان العرب 10/323) .

3 في الأصل: (الشكر) ، وهو تحريف.

4 في الأصل: (حرام) .

5 كذا في الأصل، والكامل، ومناقب عمر، والسنن للبيهقي، وأخبار القضاة، وسنن الدارقطني، وفي أعلام الموقعين:(فما ظنك بثواب عند الله)، قال ابن القيم:"يريد به تعظيم جزاء المخلص، وبيان أن جزاء العاملين كما ذكر في القرآن مراراً لا يقدّر قدره عند الله، وأنهم سيوفون أجرهم في هذه الحياة الدنيا وفي الآخر".

6 وكيع: أخبار القضاة ص 70، 71، وإسناده صحيح إلى سعيد بن أبي بردة، ابن الجوزي: مناقب ص 133، البيهقي: السنن: مختصراً 10/119، 135، عن سعيد بن أبي بردة مرسلاً، الدارقطني: السنن 1/206، 207، عن أبي المليح الهذلي، وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد متروك الحديث. (التقريب ص 4285)، البيهقي: السنن: 10/150، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/806، وإسناد البيهقي ضعيف لانقطاعه، أبو العوام البصري توفي بين الستين والسبعين بعد مئة. وأورده المبرد: الكامل 1/16، 17، وابن خلدون: المقدمة 1/276.

ص: 556

وعن أبي عِمران الجوني قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: أنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائجهم للناس، فأكرم وجوه الناس، فيستحيي المسلم الضعيف من العدل والقسمة"1.

وفي فوائد أبي القاسم تمام الرازي2: "وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى معاوية: "ألا لا إمرة لك على عبادة3، واحمل الناس على ما قال، فإنه هو الأمير يعني عبادة"4.

وفي صحيح البخاري عن أبي عثمان5 قال: كنا مع عتبة6 فكتب إليه عمر رضي الله عنه: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يلبس أحد7 الحرير في الدنيا إلا لم يلبس8 في الآخرة منه" 9.

1 ابن أبي الدنيا: الإشراف في منازل الأشراف ص 112، البيهقي: السنن: 8/168، وإسناده ضعيف لانقطاعه، أبو عمران الجوفي لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 134، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/567، وعزاه لابن أبي الدنيا في الأشراف، والبيهقي، والدارقطني في الجامع.

2 تمام بن محمّد أبو القاسم البجلي الرازي.

3 عبادة بن الصامت الخزرجي، أحد النقباء، بدري، مشهور، توفي سنة أربع وثلاثين. (الإصابة 4/28، التقريب ص 292) .

4 لم أجده في فوائد تمام المطبوعة. والخبر بنحوه في الحاكم: المستدرك 3/355، وابن عبد البر: الاستيعاب 2/802، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 423، وسير أعلام النبلاء 2/7.

5 النهدي.

6 ابن فرقد.

7 قوله: "أحد"، ليست في صحيح البخاري.

8 في صحيح البخاري: "إلا لم يلبس منه شيء في الآخرة"، وانظر: فتح الباري 10/287) .

9 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم:5492.

ص: 557

وفي رواية: أتانا كتاب1 عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وأشار بإصبعيه اللتين تليانالإبهام، قال: فيما علمنا أنه يعني الأعلام23.

وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وصفّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم إصبعيه، ورفع زهير4 الوُسطى والسّبّابة5.

وفي "مسند" الإمام أحمد عن أبي أمامة بن سهل، قال:"كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح، أن علموا غلمانكم العومَ، ومُقاتلتكم الرومي، فكانوا يختلفون إلى الأغراض6، فجاء بينهم سَهْمٌ غربٌ7 إلى غلام فقتله، فلم يوجد له أصل، وكان في حجر خاله، فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر: [إلى من أدفع عقله8؟] "9، فكتب إليه عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له"10.

1 في الأصل: (كتا) ، والتصويب من صحيح البخاري.

2 أي: الذي حصل في علمنا أن المراد بالمستثنى الأعلام. وهو ما يكون في الثياب من تطريف وتطريز ونحوهما. (فتح الباري 10/286) .

3 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5490، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1643، رقم:2068.

4 ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي، الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، توفي سنة اثنتين وسبعين ومئة. (التقريب ص 218) .

5 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم:5491.

6 الغرض: هدف يُرمى فيه. (القاموس ص 836) .

7 سهم غرب: أي: لا يدرى راميه. (القاموس ص 154) .

8 العقل: الدية. (القاموس ص 1336) .

9 سقط من الأصل.

10 أحمد: المسند 1/295، 296، الترمذي: السنن 4/421، وقال:"هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه: السنن 2/912، والحديث صحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 323، والألباني: صحيح سنن الترمذي 2/214، رقم: 1708، وصحيح سنن ابن ماجه رقم:2737.

ص: 558

فصل

قال أصحابنا: "لا بأس بالمراسلة ويستحب التحري في كتابتها لطريق / [80 / ب] 1 السلف، وأن يبدأ فيها {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وبحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم على من كتب إليه، ويخبره بقصده، ويكره أن يكتب يُقبل الأرض، ذكره جماعة"2.

قال شيخنا الشيخ زين الدين الحبال3 رحمه الله: "لأنه إن قبل الأرض فقد فعل منهياً عنه، وإن لم يقبله فقد كذب"4. وينبغي أن يوصي من كتب إليه بتقوى الله، والخير، ويرغبه في الطاعة، ويكتب بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أما بعد5، ويشرع ختم الكتاب6، ولا ينبغي لمن أرسل معه أن يقرأه، ولا يفضه، لأنه ربما يكون فيه سرّ، وينبغي أن يبيّن ممن هو، نحو قوله: من فلان7، أو يكتب اسمه فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب: من محمّد رسول الله

1 ق 80 / ب أعلى الصفحة بياض وليس هناك نقص فالكلام متصل.

2 انظر: ابن مفلح: الآداب الشرعية 1/385، 409، 411.

3 عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن الحبال الحنبلي، الفقيه المقرئ، توفي مبطوناً في شهر رمضان سنة ست وستين وثمان مئة. (الجوهر المنضد ص 64، الضوء اللامع 4/43، السحب الوابلة ص 116) .

4 انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى 1/372.

5 انظر: النووي: شرح صحيح مسلم 12/109.

6 انظر: ابن حجر: فتح الباري 10/324، 325.

7 البخاري: الصحيح، كتاب بدء الوحي 1/7، رقم:7.

ص: 559

إلى فلان، ويكره أن يكتب يقبل الأيادي، لأنه كذب، وقد ذكر عن الحافظ إبراهيم المقدسي (المعروف بالعِماد) 1 أن رجلاً قال له:"ولدي يقبل يدك"، فقال له:"لا تكذب"2.

ويجوز الكتاب إلى الكفار3، ويكتب من القرآن الآية نحو:{بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، و {الحَمْدُ لله} ، ونحو:{يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلْمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ الله} [آل عمران: 64] ، ونحو ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك4.

وفي (الموطّأ) عن عبد الله بن دينار5، أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه، فكتب إليه:"بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، لعبد الله بن عبد الملك6 أمير المؤمنين من عبد الله بن عمر، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله لا إله إلا هو، وأقرّ لك بالسمع والطاعة على سنة الله ورسوله فيما استطعت"7. / [81 / أ] .

1 إبراهيم بن عبد الواحد بن عليّ المقدسي، الجماعيلي الحنبلي الزاهد الحافظ، كان قويّاً في أمر الله، وتوفي سنة أربع عشرة وست مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 1/93، سير أعلام النبلاء (22/47) .

2 ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 1/95.

3 النووي: شرح صحيح مسلم 12/113.

4 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1074، رقم: 2782، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1396، رقم:1773.

5 عبد الله بن دينار العدوي مولاهم، المدني، ثقة، من الرابعة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 302) .

6 عبد الملك بن مروان الأموي، الدمشقي، ملك ثلاث عشرة سنة استقلالاً، وقبلها منازعاً لابن الزبير تسع سنين، توفي ست وثمانين. (التقريب ص 365) .

7 مالك: الموطّأ رواية يحيى بن يحيى ص 538، وإسناده صحيح، ابن سعد: الطبقات 4/183، 184.

ص: 560