الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني والأربعون: غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه
…
الباب الثاني والأربعون: في غزواته بعد الرسول وفتوحه
في الصحيحين عن جُبير بن حية1، قال:"بعث عمر [الناس] 2 في أفناء3 الأمصار يقاتلون المشركين، فأسلم الهرمزان4، فقال: "إنّي مستشيرك في مغازيّ هذه "قال: "نعم، مثلها ومثل من فيها من الناس من عدوّ المسلمين مثل طائر له رأس، وله جناحان، وله رجلان، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرّجلان بجناحٍ والرّأس، فإن كسر جناح الآخر نهضت الرّجلان والرّأس، فإن شُدخَ5 الرّأس، ذهبت الرّجلان، والجناحان والرأس، فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى "قال:"فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان ابن مقرن6، حتى إذا كنا بأرض العدوّ خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفاً، فقام الترجمان فقال: "ليكلمني رجل منكم" فقال المغيرة7: "سل عما شئت" فقال: "ما أنتم"؟
1 ابن مسعود الثقفي، ثقة جليل، توفي في خلافة عبد الملك. (التقريب ص 138) .
2 سقط من الأصل.
3 أفناء: أي: أخلاط، والأمصار: جمع مصر، وهي: البلد. (لسان العرب 5/176، 15/165) .
4 أسلم الهرمزان بعد قتال كثير بينه وبين المسلمين بمدينة تستر، ثم نزل على حكم عمر فأسره أبو موسى وأرسل به إلى عمر فأسلم، فصار يقربه ويستشيره، ثم اتهمه عبيد الله بن عمر بأنه واطأ أبا لؤلؤة على قتل عمر، فقتله بعد قتل عمر. (فتح الباري 6/264) .
5 كسر. (لسان العرب 3/28) .
6 النعمان بن مقرن المزني، صحابي، مشهور، كان معه لواء مزينة يوم الفتح وفتح أصبهان، واستشهد بنهاوند سنة إحدى وعشرين. (الإصابة 6/246) .
7 ابن شعبة الثقفي.
قال: "نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد [وبلاءٍ شديدٍ] 1 نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر، والحجر، فبينما نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين إلينا نبياً من أنفسنا نعرف أباه وأمّه، فأمرنا رسول ربّنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية وأخبرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربّنا: أنّه من قتل منا صار إلى الجنّة في نعيم ولم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم".
فقال النعمان: "ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يندمك ولم يخزك، ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات"2.
وعن محمد بن عبد الله بن سواد3، وطلحة بن الأعلم4، وزياد بن سرجس الأحمري5، بإسنادهم قالوا: "أول ما عمل به عمر رضي الله عنه أن ندب الناس مع المثنى بن حارثة الشيباني6 إلى فارس قبل صلاة الفجر، من الليلة التي مات فيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم أصبح فبايع الناس، وعاد فندب الناس إلى فارس فندبهم ثلاثاً كلّ يوم، فلا ينتدب أحد، وكان وجه فارس من أكره الوجوه وأثقلها عليهم، لشدة سلطانهم
1 سقط من الأصل.
2 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية 2/1152، رقم:2959.
3 لم أجد له ترجمة.
4 الحنفي، يروي عن الشعبي، روى عنه الثوري ومروان بن معاوية. (الثقات 6/488) .
5 لم أجد له ترجمة.
6 صحابي مشهور، أسلم سنة تسع، وكان شهماً شجاعاً، ميمون النقيبة حسن الرأي أبلى في حروب العراق بلاء شديداً، توفي سنة أربع عشرة. (الإصابة 6/41) .
وشوكتهم، / [52 / ب] فلما كان اليوم1 الرابع، عاد فندب الناس، فكان أوّل من انتدب أبو عُبيد بن مسعود23، أجابه في اليوم الرابع أوّل الناس فانتخب عمر من أهل المدينة ومن حولها ألف رجل، وأمّر عليهم أبا عبيد، فقيل له:"استعمل عليهم رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال:"لاها الله4، آذن لكم يا أصحاب النبي أندبكم فتنكلون، وينتدب غيركم بل أؤمر عليكم أولكم، إنما فضلتموهم بتسرعكم إلى أمثال".
ثم بعث إلى أهل نجران، ثم ندب5 أهل الرّدّة، فأقبلوا سراعاً، فر [مى] 6 بهم العراق، والشام، وكتب إلى أهل اليرموك7: بأن عليكم أبا عبيدة بن الجراح، وكتب إليه رضي الله عنه إنك على الناس، فإن أظفركم الله بهم فاصرف أهل العراق إلى العراق، فكان أوّل فتح أتاه اليرموك على عشرين ليلة من متوفى أبي بكر رضي الله عنه"8.
وعن عمر بن عبد العزيز9 رضي الله عنه: قال: "لما انتهى قتل
1 في الأصل: (يوم) والتصويب من تاريخ الطبري.
2 في الأصل: (أبو عبد الله) وهو تحريف.
3 الثقفي، استشهد في جماعة من المسلمين يوم جسر أبي عبيد سنة ثلاث عشرة. (الإصابة 7/127) .
4 هكذا في الأصل، وفي الصحاح 6/2557: "لاها اللهِ ذا: أصل لا والله هذا، ففرّقت بين ها وذا، وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه، والتقدير: لا والله ما فعلت هذا، فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم) .
5 في الأصل: (اندب" وهو تحريف.
6 سقط من الأصل.
7 اليرموك: واد بناحية الشام في الغور يصب في نهر الأردن ثم يمضي إلى البحيرة المنتنة، كانت به حرب بين المسلمين والروم في أيام أبي بكر الصديق. (معجم البلدان 5/434) .
8 الطبري: التاريخ 3/444، بأخصر من طريق سيف ابن عمر وهو معضل. ابن الجوزي: مناقب ص 89، 90.
9 ابن مروان الأموي.
أبي عبيد رحمه الله إلى عمر، واجتماع1 أهل فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرج حتى أتي2 صِرار، وقدّم طلحة بن عبيد الله، وسمى لميمنته عبد الرحمن بن عوف، ولميسرته الزبير بن العوام، واستخلف عليّاً رضي الله عنه على المدينة، واستشار الناس فكلهم أشاروا عليه بالمسير إلى فارس، فنهاه عبد الرحمن وقال:"إن يُهزم جيشك فليس كهزيمتك"، وأشار عليه بسعد3 فذهب إلى القادسية4، وعاد إلى المدائن ففتحها"5.
وعن قيس العجلي6، قال:"لما قُدم بسيف كسرى ومنطقته7 إلى عمر رضي الله عنه قال: "إن قوماً أدوا هذا لذوو8 أمانة"، قال عليّ رضي الله عنه: "إنك عتفت فعفت الرعية"9.
1 في الأصل: (واجتمع) وهو تحريف.
2 كذا في تاريخ الطبري. وفي الأصل: (حتى يأتي) .
3 سعد بن أبي وقاص.
4 القادسية: موضع في العراق غربي النجف، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً، وفيها حدثت المعركة الفاصلة التي قصمت ظهر فارس، وجعلتها أثراً بعد عين، فلم تقم لها بعد هذه الوقعة المظفرة، وكانت سنة أربع عشرة. (انظر: معجم البلدان 4/291، تاريخ الطبري 3/480) .
5 الطبري: التاريخ 3/481، وإسناده ضعيف لإعضاله، وفيه أيضاً سيف بن عمر، وابن إسحاق وقد عنعن. ابن الجوزي: مناقب ص 90.
6 لم أجد له ترجمة.
7 انتطق الرجل: أي: لبس المِنْطق، وهو كل ماشددت به وسطك. (لسان العرب 10/355) .
8 في الأصل: (لذوا) وهو تحريف.
9 الطبري: التاريخ 4/20، وفيه قيس العجلي، لم أعثر له على ترجمة، وسيف بن عمر. ابن الجوزي: مناقب ص90، المتقي الهندي: كنْز العمال2/586، ونسبه لابن عساكر.
قال ابن الجوزي: "وفي أيام عمر رضي الله عنه مصرت الأمصار: البصرة، وفتحت الأهواز، ورامَهُرْمُزَ1، وتستر، والسوس2، وجُنْديْسابُور3، وخراسان، وخُوْز4، واصطخر، وفَسَا5، ودار ابْجرد6، وهي التي تولاها سارية بن زنيم7، وقال على المنبر: "يا سارية الجبل"، وكرِمَان وسجستان، ومُكرَان، وحمص، وقِنَّسرين"8.
وعن محمّد بن بكار9 قال: "قرئ على أبي معشر10 قال: "بويع لعمر رضي الله عنه وكانت وقعة فحل1112، ويقال بكسر الحاء، في ذي القعدة على رأس خمسة أشهر من خلافته، وحج بالناس عبد الرحمن
1 مدنية مشهورة بنواحي خوزستان. (معجم البلدان 3/17) .
2 السوس: بلدة بخوزستان، فيها قبر دانيال النبي عليه السلام. (معجم البلدان 3/280) .
3 مدينة بخوزستان، بناها سابور فُنسبت إليه، وأسكنها طائفة من جنده. معجم البلدان 2/171) .
4 خُوْز: بلاد خوزستان، يقال لها: الخوز. (معجم البلدان 2/404) .
5 فَسَا: - بالفتح، والقصر - كلمة عجمية، مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل، هي أكبر مدن كورة دار أبجرد. (معجم البلدان 4/216) .
6 دار ابجرد: ولاية بفارس. (معجم البلدان 4/419) .
7 الدئلي، له صحبة، ولاه عمر ناحية فارس، وافتتح أصبهان صلحاً وعنوة. (الإصابة 3/52، 53) .
8 ابن الجوزي: مناقب ص 91) .
9 ابن الرّيّان الهاشمي مولاهم، ثقة، توفي سنة ثمان وثلاثين ومئتين. (التقريب ص: 470) .
10 نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، مولى هاشم، ضعيف، توفي سنة سبعين ومئة. (التقريب ص 559) .
11 فِحْل، - بكسر أوّله، وسكون ثانيه وآخره لام -: اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم. (معجم البلدان 4/237) .
12 وبه قال ابن إسحاق، وقال ابن الكلبي:"كانت سنة أربع عشرة"، ورجّحه خليفة. (تاريخ خليفة ص 126، تاريخ الطبري 4/441) .
ابن عوف رضي الله عنه في سنة ثلاث عشرة، وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة1، وحج عمر سنة أربع عشرة، ثم نزع خالد بن الوليد رضي الله عنه وأمر أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وكانت عَمَواس2 الجابية3 في سنة ست عشرة، وحجّ فيها عمر رضي الله عنه / [53 / أ] ثم كانت سرغ في سنة4 سبع عشرة’ وحجّ [فيها] 5 عمر، وكان الرمادة في سنة ثمان عشرة، وفيها طاعون عَمَواس، وفيها حجّ عمر رضي الله عنه ثم كان فتوح جَلولاء6 في سنة تسع عشرة7 وأميرها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ثم كانت
1 وبه قال ابن إسحاق والواقدي وخليفة. (تاريخ خليفة ص 125، تاريخ الطبري 4/441) .
2 عمواس: ضيعة جليلة على بعد ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، ومنها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب، ثم فشا في أرض الشام، وتعرف اليوم بالقبيبة، بقضاء القدس. (معجم البلدان 4/175، بلاد فلسطين 1/80، 104) .
3 قرية في الشام من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران إذا وقف الإنسان في الصنمين، واستقبل الشمال ظهرت له، وتظهر من نوى أيضاً. وفيها خطب عمر بن الخطاب خطبته المشهورة لما قدم الشام سنة ست عشرة، وباب الجابية الذي بدمشق منسوب إليها. (معجم البلدان 2/91) .
4 أبي بلغ فلما أخبر بوقوع الطاعون بالشام رجع منه ولم يدخل الشام، فعمر رضي الله عنه أتى الشام أربع مرات، مرتين في سنة ست عشرة، ومرتين في سنة سبع عشرة، ولم يدخلها في الأولى من الآخرتين. (تاريخ الطبري 4/59، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 193) .
5 سقط من الأصل.
6 جَلُولاء: طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ. (معجم البلدان 2/156) .
7 اختلف في وقعة جَلُولاء متى كانت، فذهب سيف ومن معه ورجحه الطبري إلى أنها في سنة ست عشرة، وخالفهم الواقدي وزعم أن جلولاء فتحت سنة تسع عشرة. وقال خليفة: سنة سبع عشرة. (تاريخ الطبري4/24، 102، تاريخ خليفة ص 136) .
قيسارية في ذلك العام، وأميرها معاوية1، 2، وحجّ عمر سنة تسع عشرة، ثم فتح مصر في سنة عشرين، وأميرها عمرو3 بن العاص4، وحجّ فيها عمر رضي الله عنه [ثم وقعة نهاوند5 سنة إحدى وعشرين] 6 وأميرها النعمان بن مقرن رضي الله عنه، ثم كانت أذربيجان سنة اثنتين وعشرين7 وأميرها المغيرة بن شعبة، وحجّ عمر، وكانت اصطخر الأولى وهمذان في سنة ثلاث وعشرين8 وحجّ فيها عمر"9.
وعن الحسن10 رحمه الله قال: "ومصر الأمصار عمر: المدينة،
1 ابن أبي سفيان.
2 وقد وافق الواقدي وخليفة أبا معشر، وقالا:"فتحت سنة تسع عشرة". وقال ابن إسحاق: "كان فتح قيسارية سنة عشرين". أما سيف فإنه قال: "كان فتحها في سنة ست عشرة". انظر: تاريخ الطبري 4/102، تاريخ خليفة ص 141.
3 في الأصل: (عمر) وهو تحريف.
4 القول بأن مصر فتحت سنة عشرين قول ابن إسحاق، والواقدي، وخليفة، وقال سيف:"فتحت سنة ست عشرة". (تاريخ خليفة ص142، تاريخ الطبري4/104) .
5 نهاوند: مدينة عظمية في قبله همذان بينها ثلاثة أيام، وفيها كانت وقعة نهاوند المشهورة وقتل فيها قائد الجيش النعمان بن مقرن، وكانت سنة إحدى وعشرين، وقال سيف:"كانت نهاوند في سنة ثمان عشرة". (تاريخ خليفة ص 147، تاريخ الطبري 4/114، معجم البلدان 5/313) .
6 بياض في الأصل، بمقدار أربع كلمات.
7 وبه قال خليفة ورجّحه الطبري، وقال سيف:"كان فتح إذريبجان سنة ثمان عشرة". (تاريخ خليفة ص 151، تاريخ الطبري 4/146) .
8 وبه قال الواقدي، وقال خليفة:"فتحت سنة اثنتين وعشرين". (تاريخ خليلة ص 151، تاريخ الطبري 4/148) .
9 ابن الجوزي: مناقب ص 91، 92، وهو ضعيف لإعضاله.
10 الحسن البصري.
والبحرين، والبصرة، والكوفة، والجزيرة، والشام"1.
وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة2 في كتابه: (عيون المعارف) : "كانت في أيامه فتوح الأمصار؛ منها: دمشق فتحت صلحاً، على يد أبي عبيدة وخالد بن الوليد، وبيسان3، وطبرية4، وقيسارية، وفلسطين، وعسقلان، وسار بنفسه ففتح بيت المقدس صلحاً، وفتحت أيضاً بَعْلبك، وحمص، وحلب، وقنسرين، وأنطاكية، والرّقّة5، وحران، والموصل، والجزيرة، ونصيبين، وآمد6، والرّها، وفتحت القادسية، والمدائن على يد سعد بن أبي وقاص، وزال ملك الفرس، وانهزم يزدجرد ملك الفرس، ولجأ إلى فرغانة، والترك، وفتحت أيضاً كور دجلة، والأبلّة7 على يد عتبة بن غزوان، وفتحت كور الأهواز على يد أبي موسى الأشعري، وفتحت أيضاً نهاوند، واصطخر، وتُستر، والسوس، وأذريبجان، وبعض أعمال خراسان، وفتحت مصر على يد عمرو بن العاص غرة محرم سنة عشرين، وفتح عمرو8 أيضاً الإسكندرية، وأنطابُلس9 - وهي برقة وطرابلس المغرب -، وفي
1 ابن سعد: الطبقات 3/284، ابن الجوزي: مناقب ص 92، وهو منقطع.
2 في الأصل: (أسامة) وهو تحريف.
3 مدينة بالأردن، بالغور الشامي، بين حوران وفلسطين. (معجم البلدان 1/527) .
4 بليدة من أعمال الأردن في طرف الغور، مطلة على البحيرة المعروفة ببحيرة طبرية. (معجم البلدان 4/17) .
5 الرّقة: مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حران ثلاثة أيام، معدودة في بلاد الجزيرة لأنها من جانب الفرات الشرقي. (معجم البلدان 3/59) .
6 في الأصل: (وامدر) وهو تحريف.
7 الأُبلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة. (معجم البلدان 1/77) .
8 ابن العاص.
9 مدينة بين الإسكندرية وبرقة. (معجم البلدان 1/266، 388) .
أيامه. . . 1 فتوح الشام ومسالحها. . . 2، وهو الذي سمي الغزوات الشواتي3 والصوائف4، وفي أيامه غزا معاوية5 الروم حتى بلغ غوربه6، وفي أيامه مصرت البصرة سنة سبع عشرة باختلاف7، ومصرت الكوفة. . . 8، سعد بن أبي وقاص، وفيها كان عام الرمادة سنة ثمان عشرة، فاستسقى بالعباس رضي الله عنه فسقي، وفيها كان طاعون عَمَواس مات فيه خمسة وعشرون ألفاً، منهم أبو عبيدة، ومعاذ، وذلك في سنة ثمان عشرة"9.
ونحن نذكر ما وقع على مقتضى ما ذكره ابن كثير10 وغيره من أهل التاريخ:
لما توفي الصديق في سنة ثلاث عشرة استخلف عمر، فكان11 مما وقع في هذه السنة: وقعة المثنى بن حارثة في العراق، بعد مسير خالد إلى
1 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (ـدت) .
2 الفراغ كلمة لم أتبينها، وهذا رسمها:(وحد ـدورنها) .
3 أي: الغزو في الشتاء.
4 الصائفة: غزوةالروم لأنهم كانوا يغزون صيفاً لمكان البرد والثلج. (القاموس ص1072) .
5 ابن أبي سفيان.
6 لم أجد تحديد هذا المكان. ولعل المراد: (عمورية) .
7 وفي خليفة: التاريخ ص 128، والطبري: التاريخ 3/590: "أنها مصرت سنة أربع عشرة". وهو الراجح، لأن عتبة بن غزوان هو الذي مصرها، وقد توفي سنة سبع عشرة. قال سيف:"مصرت البصرة سنة ست عشرة". (انظر: تاريخ الطبري 3/590، والإصابة 4/215) .
8 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (ـرها) .
9 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب إلى قوله: فلسطين.
10 إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، الدمشقي، حافظ مؤرخ فقيه. صنف:(تفسير القرآن الكريم) و (البداية والنهاية) وغيرهما، توفي سنة أربع وسبعين وسبع مئة. (الدرر الكامنة 1/373، والأعلام 1/320) .
11 في الأصل: (فكا) .
الشام بأمر الصديق على الصحيح1، ووهم من قال:"إن عمر هو الذي بعثه بعد موت الصديق"2.
وذلك أن خالداً لما سار إلى الشام، استغنم الفرس غيبت3 خالد، واجتمعوا بعد مقتل ملكهم وابنه وبعثوا / [53 / ب] إلى المثنى جيشاً نحواً من عشرة آلاف، وكتب شهرياز4 إليه:"إني قد بعثت إليك جنداً من أوخش5 أهل فرس، إنما هم رعاة الدجاج والخنازير، ولست أقاتلك إلا بهم".
فكتب المثنى "إنما أنت أحد رجلين إما باغ فذلك شرّ لك، وخير لنا، وإما كاذب6 فأعظم الكذابين عقوبة وفضيحة عند الله في الناس الملك الكاذب، وأما الذي ذكرت أنك تقاتلنا بهم من الرعاة فإنا نرى أنكم قد اضطررتم إليهم، فالحمد لله الذي ردّ كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير، وأحوجكم إليهم".
فلامه فارس7 على كتابه ذلك، ثم واقعوه فظفر المثنى بهم، ثم استخلف على العراق، وسار إلى المدينة؛ لأنه كان قد استبطأ خبر الصديق، لأنه مشتغل بأهل الشام عنه، فوجد الصديق في السياق وعهد إلى عمر بن الخطاب فقال لعمر:"إذا أنا مِت فاندب الناس إلى الجهاد بأرض العراق مع المثنى، وصلة لمن بقي من المقاتلة بعد ذهاب خالد عنها"8.
1 ابن كثير: التاريخ 4/5، الطبري: التاريخ 3/415، 408.
2 لم أجده.
3 في الأصل: (عيبته) وهو تصحيف.
4 في ابن كثير: التاريخ: (شهريار) وفي الطبري: التاريخ: (شهريراز) .
5 الوخش: رذال الناس، وسقاطهم. (القاموس ص 786) .
6 مطموس في الأصل سوى: (كا) .
7 أي: أهل فارس.
8 ابن كثير: التاريخ 4/17، 18، الطبري: التاريخ 3/412، 413، 414، من طريق سيف بن عمر.
ومن ذلك وقعة اليرموك، واختلفوا فيها:
فقيل: كانت في خلافة عمر سنة خمس عشرة1.
وقيل: بل كانت في خلافة الصديق، وبعضها وقع في خلافة عمر، وأن البريد أتاهم في نفس حربها بموت الصديق، وتوليه عمر، وعزله خالداً عن الإمرة، وتولية أبي عبيدة بن الجراح2.
وقد ذكرنا صفة ذلك في: (فضائل أبي بكر الصديق) ، وأن عمر أرسل إلى أبي عبيدة إن كذّب خالد نفسه فقرّه على الإمرة، وإلا فاخلعه وقاسمه3 ماله نصفين، فقال لخالد، فقال:"استشير أختي"، فاستشارها، فقالت له:"إن عمر لا يحبك، وإنه سيعزلك وإن كذبت نفسك"، فخرج وخلع نفسه فقاسمه ماله كله، وهو يقول:"سمعاً وطاعةً لأمير المؤمنين"، حتى أخذ نعله الواحدة4.
حتى نزل مرج الصُّفرّ5، وعزم على / [54 / أ] قتال أهل دمشق ثم سار أبو عبيدة فاجتمع من الروم بفحل من أرض الغور، فكتب إلى الفاروق بأيهما يبدأ، فكتب إليه:[أن] 6 يبدأ بدمشق، ويرسل جيشاً إلى أولئك
1 ابن كثير: التاريخ 4/4، وقال:"قال ابن عساكر: وهذا هو المحفوظ. وأما ما الله سيف من أنها قبل فتح دمشق سنة ثلاث عشرة فلم يتابع عليه".
2 ابن كثير: التاريخ 4/12، الطبري: التاريخ 3/398، من طريق سيف بن عمر.
3 في الأصل: (وقام) وهو تحريف.
4 ابن كثير: التاريخ 4/19، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/436، 437، وهو ضعيف لإعضاله.
5 مرج الصفرّ - بالضم، وبتشديد الفاء - بدمشق. (معجم البلدان 5/101) .
6 سقط من الأصل.
ليشغلهم عنه. فبعث إليهم أحد عشر أميراً فقتلوهم وغنموهم، وكان سار هو إلى دمشق فنزل على باب الجابية، ونزل خالد على باب شرقي، فاتفق أنه ولد لبطريقهم ولد فجمعهم وسقاهم الخمر، فاشتغلوا عن الرصد1، ففطن لها خالد فجاء إلى الخندق هو وجماعة من أصحابه فقطعه سباحة بالقرب، وطلع على السور ونصب سلاليم2 حبال من شرفات3 السور إلى ظاهر الخندق، وكان قال لأصحابه:"إذا سمعتم تكبيرنا على السور فتعالوا حتى تصعدوا إلينا"، فلما علاه كبّر، فجاء أصحابه، وصعدوا في السلاليم4، ثم هبطوا بالتكبير إلى البوابين فقتلوهم وقطعوا أغاليق5 الباب بالسيوف، ودخل الجيش، وجعلوا يقتلون من أتاهم، حتى انتهوا إلى نصف البلد، فسألوا عن أمير الجيش فدلوا على أبي عبيدة فذهبوا إليه فصالحوه، وأدخلوه6 من باب الجابية، وكانوا قبل ذلك يأبون عليه الصلح، فدخل معهم بمن معه حتى انتهى إلى النصف، فوجد خالداً وأصحابه يقتلون من وجدوا، فقال لهم:"إنا أمناهم فَلِمَ تقتلوهم؟ "، فقال خالد:"بل أنا فتحتها عنوة معهم الآن". ثم أقر على الصلح، وكفّ خالد ومن معه عن القتل7.
1 رصدَه رصْداً ورصداً: رقبه، والمرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو. (القاموس ص 361) .
2 في ابن كثير: (سلالم) .
3 كذا في ابن كثير: التاريخ: (شرفات) وفي الأصل: (شراريف) .
4 في ابن كثير: (سلالم) .
5 في الأصل: (غاليق) والتصويب من تاريخ ابن كثير.
6 في الأصل: (ووادخلوه) .
7 ابن كثير: التاريخ 4/19، 20، 21، بأطول.
وقيل: إن أبا عبيدة لم يعلم خالداً بعزله حتى فتحت دمشق1. ثم بعث أبو عبيدة خالداً إلى البِقاع2 ففتحها3 بالسيف4، وبعث دحية بن خليفة إلى تدمر، وأبا الزهراء5 إلى البثينّة6 وحوران، فصالح أهلها، ثم صالح أهل حمص7، وفتح شرحبيل8 الأردن كلها عنوة خلا طبرية فصلحاً، وصالح أهل بعلبك9.
وقيل: إن فتح هذه البلاد كان فيما بعد هذه السنة10. فالله أعلم.
ولما مات الصديق ندب عمر الناس لغزو العراق ثلاثة أيام، ولم يقم أحد، فلما كان اليوم الرابع كان أوّل من انتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي، ثم تتابع / [54 / ب] الناس، فأمر عمر طائفة من أهل المدينة، وأمر على الجميع أبا عبيدة، ولم يكن صحابياً، فقيل لعمر: هلا أمرت رجلاً من الصحابة، فقال: إنما أُمر أوّل من استجاب إنما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين،
1 ابن كثير: التاريخ 4/23.
2 البِقاع: أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق، فيها قرى كثيرة ومياه غزيرة نميرة. (معجم البلدان 1/470) .
3 في الأصل: (فتحها) وهو تحريف.
4 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 130.
5 القشيري، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق. (الإصابة 7/79) .
6 البثنية: اسم ناحية من نواحي دمشق، وقيل: هي قريبة بين دمشق وأذرعات. (معجم البلدان 1/338) .
7 ابن كثير: التاريخ 4/25، الطبري: التاريخ 3/441.
8 شرحبيل بن عبد الله الكندي، حليف بني زهرة، وهو ابن حسنة، صحابي جليل، كان أميراً في فتح الشام، توفي سنة ثمان عشر. (التقريب ص 265) .
9 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 129، 130، والطبري: التاريخ 3/441، إلا أن خليفة جعلها من فتوح سنة خمس عشرة.
10 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 129.
ثم وصاه بنفسه وبمن معه من المسلمين، وأمره أن يستشير الصحابة فصار إلى أرض العراق في سبعة آلاف1وكتب عمر إلى أبي عبيدة: أن يوجه أصحاب خالد الذين قدموا إلى العراق.
فجهز أبو عبيدة إلى العراق عشرة آلاف، وأمّر عليهم هاشم بن عتبة2، 3.
وأرسل عمر جرير بن عبد الله البجلي4 في أربعة آلاف، فقدمالكوفة، ثم خرج منها فواقع هرمزان5 على المدار6 فقتله. وانهزم جيشه وغرق أكثرهم، فلما وصل الناس إلى العراق وجدوا الفرس ولوا رستماً، فكانت وقعة النمارق، بعث رستم أميراً بعسكر فالتقوا مع أبي عبيد بمكان يقال له: النمارق7 بين الحيرة8، والقادسية، فهزموهم وقتلوهم، وغنموهم9.
ثم كانت وقعة جِسر10 أبي عبيد، اجتمع من الفرس خلق كثير، وساروا
1 ابن كثير: التاريخ 4/26، سبق تخريجه ص 455.
2 في الأصل: (هشام) وهو تحريف. وهو هشام بن عتبة بن أبي وقاص الزهري الشجاع المشهور، المعروف بالمرقال، صحابي، قتل بصفين مع عليّ رضي الله عنه. (الإصابة 6/275) .
3 ابن كثير: التاريخ 4/26، الطبري: التاريخ 3/543.
4 صحابي مشهور، توفي سنة إحدى وخمسين، وقيل: بعدها. (التقريب ص 139) .
5 في ابن كثير: التاريخ (هرقران) .
6 لم أجد تحديد هذا المكان.
7 النمارق: موضع قرب الكوفة من أرض العراق نزله عسكر المسلمين في أوّل ورودهم العراق. (معجم البلدان 5/304) .
8 الحيرة - بالكسر، ثم السكون - وراء، مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على طريق النجف، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية. (مراصد الإطلاع 1/441) .
9 ابن كثير: التاريخ 4/27.
10 الجِسر - بكسر الجيم -، إذا قالوا الجسر ويوم الجسر، ولم يضيفوه إلى شيء فإنما يريدون الجسر الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة. (معجم البلدان 2/140) .
إلى المسلمين عند الجسر1، ومعهم فيلة فيها جُلاجل2 فأرسلوا3 إلى المسلمين: إما تعبروا إلينا، وإما نعبر إليكم، فقال أبو عبيدة:"ما هم بأجرأ منا على الموت"، ثم اقتحم عليهم، فاجتمعوا في مكان ضيق فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يعهد مثله، والمسلمون في نحو من عشرة آلاف، وأرسل الفرس الفيلة بالجلاجل لتذعر خيول المسلمين، فجعلوا كلما حملوا على المسلمين فرت خيولهم من الفيلة، وما تسمع من الجُلاجل، ولا يثبت منها إلا القليل، وإذا حمل المسلمون لا تقدم خيولهم، ورشقتهم الفرس بالنبل فنالوا منهم خلقاً، وقتل المسلمون منهم مع ذلك ستة آلاف.
وأََمَر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة فاحتاشوها4 فقتلوها / [55/أ] عن آخرها، فقدمت الفرس بين أيديهم فيلاً أبيض هو أعظمها، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع زلقومه5 فصاح صيحة عظيمة، وحمل على أبي عبيد فتخبطه برجليه فقتله، ووقف فوقه، فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي أوصى أن يكون أميراً بعده فقتله، ثم آخر فقتله، حتى قتل سبعة من ثقيف كان نص أبو عبيد عليهم، حتى صارت إلى المثنى6 بمقتضى الوصية أيضاً، وكانت امرأة أبي عبيد رأت مناماً يدل على ما وقع، فلما رأى المسلمون ذلك وهنوا، وضعف أمرهم، وذهب ريحهم، وولوا مدبرين، وساق الفرس خلفهم فقتلوا بشراً
1 في الأصل: (جسر) وهو تحريف.
2 الجُلجل: الجرس الصغير. (القاموس ص 1265) .
3 في الأصل: (فارسلوا) .
4 احتوش القومُ فلاناً وتحاوشوه بينهم: جعلوه وسطهم. (لسان العرب 6/290) .
5 زلقوم الفيل: خرطومه. (لسان العرب 12/272) .
6 ابن حارثة.
كثيراً، وركب الناس أمراً بليغاً، وجاءوا إلى الجسر، فمرّ بعض الناس، وانكسر الجسر، فتحكم الفرس فيمن وراءه فقتلوا من المسلمين، وغرق في الفرات1 نحواً من أربعة آلاف، فإنا2 لله وإنا إليه راجعون.
وكان الناس لما انهزموا جعل بعضهم يلقي نفسه في الفرات3 فيغرق، فقال المثنى:"على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوز حتى لا يبقى منكم أحد". فلما تعدّ الناس إلى الناحية الأخرى، سار المثنى فنزل بهم أوّل منزل، وقام يحميهم هو، وشجعان المسلمين، وقد خرج أكثرهم مذعوراً، وذهب بالخبر عبد الله بن زيد بن عاصم4، فوجد عمر على المنبر، فقال له عمر:"ما وراءك يا عبد الله بن زيد؟ "، فقال:"أتاك الخبر اليقين"، ثم صعد إليه المنبر فأخبره سراً ولم يؤنب عمر أحداً ممن رجع إلى المدينة، بل قال:"أنا أكفيهم أمرهم"5، 6.
وتوفي في هذه السنة المثنى بن حارثة، وكان قد جرح يوم الجسر، فانقضَّ عليه ومات منه7.
1 في الأصل: (الفراء) .
2 في الأصل: (فا لله) وهو تحريف.
3 في الأصل: (الفراه) .
4 المازني، أبو محمّد صحابي شهير، يقال: إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب، واستشهد بالحرّة سنة ثلاث وستين. (التقريب ص 304) .
5 في ابن كثير: التاريخ: (أنا فيئتكم) .
6 ابن كثير: التاريخ4/28، 29، الطبري: التاريخ3/454، 455، من طريق سيف بن عمر.
7 ابن كثير: التاريخ 4/30، 37، 50.
وقيل: خالد بن سعيد1، وسعد بن عبادة2، وجماعة قتلوا قبل ذلك باليرموك، وأجنادين34، ذكرناهم في:(خلافة الصديق) .
السنة الرابعة عشرة5؛ وهي الثانية من خلافته / [55 / ب] فيها أرسل عمر سعداً إلى العراق، بعد أن كان هو عزم على6 المسير إليها، فثناه الصحابة عن ذلك، وأمروه بإرسال غيره، فسار حتى قرب من العراق ومن لقاء من هناك من المسلمين، توفي أمير المسلمين هناك المثنى، فلما وصل سعد هناك تزوج امرأته7.
ثم كانت غزوة القادسية، فإن سعداً سار فنزل القادسية، وبثّ سراياه وأقام بها شهراً لم ير أحداً من الفرس، وجعلت السرايا تأتي بالميرة من كل مكان، فعجت8 رعايا الفرس إلى يزدجر من النهب والسبي، وقالوا:"إن لم تنجدونا وتقاتلوا عنا وإلا سلمنا بأيدينا وسلمنا الحصون". فاجتمع رأي الفرس إلى إرسال رستم، فأمّره يزدجر على الجيش، فلما قرب من جيش المسلمين بعث يطلب رجلاً عاقلاً يسأله، فبعث إليه سعد المغيرة بن شعبة،
1 ابن العاص الأموي، من السابقين الأوّلين، استشهد يوم مرج الصفرّ، وقيل: يوم أجنادين. (الإصابة 2/92) .
2 الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء وسيد الخزرج وأحد الأجواد، توفي بأرض الشام سنة خمس عشرة. وقيل: غير ذلك. (التقريب ص 231) .
3 أجنادين، موضع معروف من كورة بيت جبرين من نواحي فلسطان، كانت به وقعة بين المسلمين مشهورة هزم فيها الروم، وكانت سنة ثلاث عشرة. (معجم البلدان 1/103) .
4 ابن كثير: التاريخ 4/33، الطبري: التاريخ 3/480، 486.
5 في الأصل: (عشر) .
6 في الأصل: (عن) وهو تحريف.
7 ابن كثير: التاريخ 4/37.
8 عجّ: صاح ورفع صوته. (القاموس ص 253) .
فلما قدم عليه، قال له:"أنتم جيراننا، ونحن نحسن إليكم، ونكفّ الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم، ونحن لا نمنع تجاركم من دخول بلادنا". فقال له المغيرة: "إنا لسنا نطلب الدنيا، وإنما نطلب الآخرة". في كلام طويل. ثم بعث إليه رسولاً آخر وهو ربعي بن عامر1 فأجاد وحسن الكلام. ثم طلبوا في اليوم الثاني [رجلاً] 2 فبعث سعد حذيفة بن محصن3، ثم طلبوا4 في اليوم الثالث فأرسل المغيرة أيضاً5.
ثم كانت وقعة القادسية، فلما تواجه الصفان كان سعد قد أصابه عرق النّسا6، ودَمَامِيل7 في جسده فهو لا يستطيع الركوب، وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة، وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره، فتقاتلوا حتى كان الليل، وقد قتل من الفريقين بشر كثير، ثم اليوم الثاني حتى أمسوا، ثم اليوم الثالث وسموا هذه / [56 / أ] الليلة: ليلة الهرير8، ولما كان اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديداً، وقد قاسوا من الفيلة بسبب نفرة الخيول أمراً عظيماً، قد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها بالرماح، فلما كان
1 ابن خالد بن عمرو التيمي، أمدَّ عُمَر به المثنى بن حارثة، وكان من أشرف العرب، وشهد نهاوند، وولاّه الأحنف على طخارستان. (الإصابة 2/194) .
2 سقط من الأصل.
3 الغلفاني، استعمله أبو بكر على عمان، وعمر على اليمامة، وله ذكر في الفتوح. (الإصابة 1/332) .
4 مطموس في الأصل سوى: (طلـ) .
5 ابن كثير: التاريخ 4/38، بأطول، والخبر مفرقاً في الطبري: التاريخ 3/496، حتى 520.
6 النسا: عرق من الورك إلى الكعب. (القاموس ص 1725) .
7 الدّمَّل: واحد دماميل: القروح. (الصحاح 4/1699) .
8 هرّ الشّيء يُهرّه هرّاً وهريراً: كرهه. (لسان العرب 5/260) . .
وقت الزوال من هذا اليوم هبت1 ريح شديدة فرفعت خيام الفرس، وألقت سرير رستم، فبادر فركب بغلته، وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه، وهرب الفرس، وتبعهم المسلمون يقتلون، ويأسرون، وغنموا شيئاً كثيراً لا يحد ولا يوصف، وبعثوا بالخمس والبشارة إلى عمر، وكان عمر يخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الأخبار، فبينما هو ذات يوم إذا راكب يلوح من بعد فاستقبله عمر، فقال الراكب: فتح الله على المسلمين بالقادسية، وجعل يحدثه وهو لا يعرف عمر، وعمر ماش تحت راحلته، فلما اقترب من المدينة، جعل الناس يحيّون عمر بالإمارة، فعرف الرجل عمرَ، فقال:"يرحمك الله يا أمير المؤمنين، هلا أعلمتني"، فقال:"لا حرج عليك يا أخي"2.
وكان سعد حال شدة الحرب في القصر، ولا يغلق عليه الباب لشجاعته، ولو فرّ الناس لأخذته الفرس قبضاً باليد، وعنده امرأته سلمى بنت حفص3، 4، و. . . 5 قبله امرأته المثنى، فلما فرّ بعض الخيل فزعت المرأة من ذلك، وقالت:"وامثناه، ولا مثنى لي اليوم"، فغضب سعد من ذلك، فلطم وجهها، فقالت:"أغيرة وجبناً"، تعيره بجلوسه في القصر يوم الحرب، وهذا عناد منها، فإنها أعلم الناس بعذره، وكان أبو محجن6 عند سعد في القصر
1 في الأصل: (ذهبت) وهو تحريف.
2 ابن كثير: التاريخ 4/44، 45.
3 في تاريخ الطبري: (خصفة) ولإصابة: (حفصة) .
4 سلمى بنت خصفة التيمية، البكرية زوج المثنى بن حارثة، تزوجها سعد بعد موت المثنى، زوجها صحابي، يحتمل أن تكون صحابية. (تاريخ الطبري 3/489، الإصابة 8/110) .
5 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (وكـ) ولعلها: (وكانت) .
6 مختلف في اسمه، فقيل: عمرو بن حبيب الثقفي، وقيل: مالك، وقيل: غير ذلك، صحابي شهد الفتوح مع سعد بن أبي وقاص، وتوفي بأذربيجان، وقيل: بجرجان. (الإصابة 7/171) .
مقيد لما كان يتعاطاه من السكر، وقد حدّ فيه سبع مرات، فلما رأى الخيول تجول والفرسان قال - وكان من الشجعان الأبطال رضي الله عنه / [56 / ب] :
كفى حَزَناً أن تدحمَ1 الخيل بالقنا2
…
وأترك مشدوداً عليّ وثاقيا
وقد كنتُ ذا مالٍ كثيرٍ وإخوةٍ
…
فقد تركوني مفرداً لا أخا ليا
ثم سأل من أم ولد سعد أن تطلقه وتعيره فرس سعد وحلف أن يرجع آخر النّهار فيضع رجله في القيد فأطلقته وركب فرس سعد، وخرج فقاتل قتالاً شديداً وجعل سعد ينظر إليه فيشبهه بأبي محجن، ويشبه الفرس بفرسه، ويشك لأنه مسجون مقيد، فلما كان آخر النهار رجع فوضع رجله في القيد، ونزل سعد فرأى فرسه يعرق وهو مكدود3، فقال:"ما هذا؟ "، فذكر له، فرضي عنه وأطلقه، وقال:"لا أحِدك أبداً"، فقال:"وأنا لا أشرب مسكراً أبداً"4.
وكتب سعد5 إلى عمر يخبره بالفتح والنصر، ومن قتل من المسلمين وعدة6 من قتل من الكفار وصورة الكتاب:
1 في تاريخ الطبري: (تردى) .
2 القنا: جمع: قناة. وهي الرمح. (القاموس ص 1710) .
3 الكدّ: الإتعاب. (لسان العرب 2/378) .
4 قال ابن حجر: "وأنكر ابن فتحون قول من روى أن سعداً أبطل الحد وقال: لا يظن هذا بسعد. (الإصابة 7/171) .
5 في الأصل: (سعدا) .
6 في الأصل: (وعد) .
"أما بعد: فإن الله نصرنا على فارس، بعد قتال طويل، وزلازل1 شداد، لم يرَ الراؤون مثلهما، فإنهم أتونا في عسكر، وعدد لم ير مثلها، فلم ينفعهم الله بذلك، بل سلبهم ذلك كله، ونفله المسلمون، واتبعهم المسلمون على الأنهار، وفجاج الطرق، يقتلونهم حيث كانوا، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ2، وفلان وفلان، ورجال لا يعلمهم إلا الله، فإنه بهم عالم، كانوا يدوون3 بالقرآن إذا جن عليهم الليل كدوي النحل، وهم أسود في النهار بل لا تشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقي إلا بفضل الشهادة إذا لم تكتب لهم".
فيقال: "إن عمر قرأ هذه البشارة على الناس، ثم قال عمر للناس: "إني حريص على أن لا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجز ذلك عنا تأسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف، ولوددت أنكم علمتم من نفسي مثل الذي وقع فيها لكم، ولست ملكتكم إلا بالعمل، إني والله لست بملك فأستعبدكم، ولكني عبد الله عرض عليّ الأمانة فإن أنا أديتها ورددتها عليكم / [57 / أ] واتبعتكم حتى تشبعوا في بيوتكم وترووا4 سعدت بكم، وإن حملتها واستتبعتكم إلى بيتي شقيت بكم، ففرحت قليلاً وحزنت طويلاً، فبقيتُ لا أقال ولا أرد فأستعتب"5.
1 في ابن كثير: التاريخ: (وزلزل شديد) .
2 ابن النعمان الأنصاري الأوسي، شهد بدراً، وقتل في القادسية شهيداً. (الإصابة3/81) .
3 الدوي: صوت ليس بالعالي كصوت النحل ونحوه. (لسان العرب 14/281) .
4 في الأصل: (وتروو) .
5 ابن كثير: التاريخ 4/45، 46، 47، وقد أورد الطبري بعضه بنحوه مفرقا. (التاريخ 3/542، 548، 550) .
وفي هذه السنة جمع عمر الناس في التراويح على أبي بن كعب، قاله ابن جرير1 والواقدي2، وكتب إلى سائر الأمصار بذلك3.
وفيها بعث عمر عتبة بن غزوان إلى البصرة، وأمره أن ينزل بها بمن معه من المسلمين، فمصرت البصرة4 في هذه السنة. فركب إليهم صاحب الفرات5 أربعة آلاف أسوار6، فالتقاه عتبة فقتلوهم عن آخرهم، وأسروا صاحب الفرات7، فقام عتبة في الناس خطيباً فقال في خطبته:"إن الدنيا قد آذنت بصُرْم8، وولّت حذّاء9، ولم يبق منها إلا صُبَابة10 كصبابة الإناء". هذا في صحيح مسلم11.
وبعث عمر إليه كتاباً جليلاً عظيماً يوصيه فيه، وأرسل إلى العلاء12 يمده
1 محمّد بن جرير الطبري.
2 محمّد بن عمر بن واقد الأسلمي.
3 الطبري: التاريخ 3/90، وقال:"زعم الواقدي" ابن كثير: التاريخ 4/48.
4 انظر: ص 373.
5 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف.
6 في الأصل: (سوار) وهو تحريف. والإسوار والأُسْوَار: الواحد من أساور فارس، وهو الفارس من فُرسانهم المقاتل. (لسان العرب 4/388) .
7 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف.
8 بصرم: أي: بانقطاع وانقضاء. (الصحاح 5/1965، لسان العرب 12/335) .
9 حذاء: مسرعة الانقطاع. (شرح صحيح مسلم للنووي 18/102) .
10 الصبابة: البقية اليسيرة تبقى في الإناء من الشراب. (لسان العرب 1/516، القاموس ص 133) .
11 مسلم: الصّحيح، كتاب الزهد والرقائق 4/2278، رقم: 2967، وأورد الخطبة فقط بأطول.
12 العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي، حليف بني أمية، صحابي جليل عمل على البحرين للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، توفي سنة أربع عشرة. (التقريب ص 434) .
بجيش1.
وفي هذه السنة ضرب عمر ابنه عبيد الله في الشراب سبع مرات2، وضرب معه3 ابن أمية بن خلف4.
وفيها توفي عتبة بن غزوان، وابن أم مكتوم، والمثنى بن حارثة، وأبو زيد الأنصاري5، وأبو قحافة والد الصديق6، وهند بنت عتبة7، وخلق من الصحابة8.
ثم دخلت سنة خمس عشرة:
قال ابن جرير وغيره: "فيها مصّر سعد الكوفة"9.
وفيها كانت وقعة حمص الأولى، حصرهم المسلمون ثم كان بعد ذلك
1 ابن كثير: التاريخ4/49، والخبر في الطبري: التاريخ3/591، وفيه عمرو بن عيسى العدوي صدوق اختلط، وخالد بن عمير العدوي مقبول. (التقريب رقم:1663، 5089) . وأما كتاب عمر إلى عتبة فرواه الطبري من طريق سيف، وأبي محنف.
2 في ابن كثير: التاريخ: "ضرب عمر بن الخطاب ابنه عبيد الله في الشراب وهو وجماعة معه، وفيها ضرب أبا محجن الثقفي في الشراب أيضاً سبع مرات".
3 ربيعة بن أمية الجمحي، أسلم عام الفتح وشهد حجة الوداع، ثم ارتد عن الإسلام ولحق بالروم، ومات هنالك. (تعجيل المنفة ص 87) .
4 ابن كثير: التاريخ 4/50، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/597.
5 قيس بن السكن البخاري الأنصاري شهد بدراً، واستشهد يوم جسر أبي عبيد. (تاريخ ابن كثير 4/50، الإصابة 5/255) .
6 عثمان بن عبد الله التيمي، أسلم عام الفتح، وتوفي سنة أربع عشرة. (الإصابة 4/223) .
7 هند بنت عتبة القرشية العبشمية، والدة معاوية بن أبي سفيان، أسلمت عام الفتح وتوفيت في أوّل خلافة عمر. (الإصابة 8/206) .
8 ابن كثير: التاريخ 4/50.
9 الطبري: التاريخ 3/598، ابن كثير: التاريخ 4/53.
الصلح1.
وفيها كانت وقعة قِنّسرين، بعث أبو عبيدة خالدَ بن الوليد ففتحها عنوة، وقتل خلقًاً كثيراً، فلما بلغ عمر ما فعل خالد قال:"يرحم الله أبا بكر، كان أعلم بالرجال مني، والله إني لم أعزله عن ريبةٍ2، ولكن خشيت أن يوكل الناس إليه"3.
[و] 4 فيها هرب هِرَقْل من الشام إلى بلاد الروم ثم سار حتى نزل القسطنطينية، واستقر بها ملكه5.
وفيها كانت وقعة قَيْساريّة / [57 / ب] أمرّ عمر معاوية على قَيساريّة وكتب إليه: "أما بعد: فقد وليتك في قَيْساريّة فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، فنعم المولى ونعم النصير".
فسار إليها، وفتحها بعد قتال شديد6.
وفيها كتب عمر إلى عمرو بن العاص بالمسير إلى إيلياء7 ومناجزة صاحبها فمر على طائفة منهم عند الرملة8، فكانت وقعة أجنادين وكان على ذلك
1 الطبري: التاريخ 3/599، ابن كثير: التاريخ 4/53.
2 الريبة: الظنة والتهمة. القاموس ص: 118.
3 ابن كثير: التاريخ 4/54، الطبري: التاريخ 3/601، من طريق سيف بن عمر.
4 سقط من الأصل.
5 ابن كثير: التاريخ 4/54، الطبري: التاريخ 3/602.
6 ابن كثير: التاريخ4/55، والخبر في الطبري: التاريخ3/604، من طريق سيف بن عمر.
7 إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس. (معجم البلدان 1/293) .
8 الرملة: مدينة عظيمة بفلسطين، وكانت قصبتها وقد خربت الآن - في زمن ياقوت - وكانت رباطاً للمسلمين. (معجم البلدان 3/69) .
الجيش الأرطبون - وكان أدهى الروم - فكتب عمرو إلى عمر فلما جاءه الكتاب قال: "رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عمّ تنفرج"؟ - وكان عمرو1 من الدهاة - ثم أرسل عمرو الرسل إلى أرطبون فلم يشتف بهم، فذهب إليه بنفسه كأنه رسول، فبلّغه وسمع كلامه، وتأمل حصونه، وعرف ما أراد، فلما أراد الانصراف، قال أرطبون:"إن هذا لعمرو، أو أنه الذي يأخذ عمرو برأيه، وما كنت أصيب القوم بأمرٍ هو أعظم من قتلي هذا".
فدعا حرسيّا فساره، وأمره بقتله في مكان عينه له، ففطن عمرو فقال للأرطبون2:"أيها الأمير إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي، وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي نشهد أموره، وإني قد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك". قال: "نعم. فاذهب فأتني بهم".
ثمّ دعى رجلاً فساره فقال: "اذهب إلى فلان فرده" ثم جاء عمرو ودخل عسكره، ثم تحقق أرطبون أنّه عمرو فقال:"خدعني الرجل، هذا والله أدهى العرب" وبلغ عمر فقال: "لله در [عمرو] 3". ثم ناهضه عمرو فاقتتلوا بأجنادين4 قتالاً عظيماً كقتال اليرموك، فكتب أرطبون إلى عمرو يترقق / [58 / أ] له، فكتب عمرو إليه:"إني صاحب فتح هذه البلاد" فكتب إليه: "إنك لست بصاحب فتحها، إنما صاحب فتحها رجل
1 في الأصل: (عمر) وهو تحريف.
2 في الأصل: (الأرطبون) والتصويب من تاريخ ابن كثير.
3 سقط من الأصل.
4 وفي رواية ابن إسحاق: أن وقعة أجنادين كانت في سنة ثلاث عشرة بقين من جمادى الأولى. وبه قال الذهبي. (تاريخ خليفة ص 119، تاريخ الطبري 3/418، سير أعلام النبلاء (1/314، تاريخ الإسلام ص 82) .
اسمه على ثلاثة أحرف" فكتب إلى عمر بخبره، فعزم عمر على الدخول إلى الشام لذلك ثم سار إليها فكان فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب.
واستخلف على المدينة علي بن أبي طالب، وسار العباس بن عبد المطلب على مقدمته فلما قدم تلقاه أبو عبيدة ورؤوس الأمراء فترجل أبو عبيدة وترجل عمر، فأراد أبو عبيدة أن يقبل يد عمر، فهم عمر بتقبيل رجله، فكف أبو عبيدة وكف عمر، ثم سار حتى صالح نصارى بيت المقدس، ثم دخل المسجد من الباب الذي دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ويقال: إنه لبى حين دخله، فصلى فيه تحية المسجد بمحراب داود، وصلى بالمسلمين فيه صلاة الغداة فقرأ في الأولى (بص) وفي الثانية (ببني إسرائيل) 1، ثم جاء إلى الصّخرة فاستدل على مكانها من كعب2، وأشار عليه كعب أن يجعل المسجد من ورائها، فقال:"ضاهيت اليهودية" ثم جعل المسجد قبلي بيت المقدس، وهو العمري اليوم، ثم نقل التراب عن الصخرة في طرف ردائه، ونقل المسلمون معه، وسخّر3 أهل الأردن في نقل بقيته، وكانت الروم جعلوا الصخرة مزبلة، لأنها قبلة اليهود، حتى إن المرأة كانت ترسل بخرق حيضها من داخل البحور4 ليلقى على الصخرة مكافأة لما كانت اليهود عملت
1 أي: سورة الإسراء وفي تاريخ الطبري 3/611: "وقرأ بهم في الثانية صدر (بني إسرائيل) . وهذا أقرب؛ لأنه يستحب أن يقرأ بهم في الركعة الثانية أطول من الأولى.
2 كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار.
3 في الأصل: (صخر) . وفي اللسان 4/353، والقاموس ص 519:"سخره: كلفه ما لا يريد وقهره".
4 في ابن كثير: التاريخ: (الحوز) .
بالقمامة وخطب عمر هناك خطبة بليغة1.
وفي هذه السنة سار سعد2 في جنود عظيمة وخلف الحريم بالعتيق3 مع جيش كثيف، فجاءبا. . . 4 فوجد عسكراً من الفرس فهزمهم، ففرقة ذهبت إلى المدائن، وفرقة إلى نهاوند، فسار سعد نحو المدائن فلقوا جمعاً آخر فاقتتلوا قتالاً شديداً، وبارز أمير الفرس فبرز إليه نائل الأعرجي5 من شجعان بني تميم، فتجاولا / [58 / ب] بالرّماح ثم ألقياها، وتقاتلا بالسيوف ثم تعانقا، وسقطا عن فرسيهما، فوقع أمير الفرس على صدر نائل وأخرج خنجراً ليذبحه بها فوقعت أصبعه في فم نائل فقضمها حتى شغله عن نفسه، وألقى الخنجر فأخذه فذبحه بها6.
ثم كانت وقعة بهرسير7 وقد قاتل سعد في دربها طوائف كثيرة، وكانوا
1 ابن كثير: التاريخ 4/55، 56، 57، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/605، 606، 607، من طريق سيف بن عمر.
2 ابن أبي وقاص.
3 في الأصل: (العقيق) وهو تحريف. وفي معجم البلدان 4/83: "عَتيق الشاجة: قرية بين أذربيجان وبغداد استولت عليها دجلة فخربتها، واسم الموضع معروف إلى الآن ". وفي تاريخ الطبري: (العقيق) .
4 مطموس في الأصل بمقدار كلمة.
5 في الأصل: (الأعرج) وهو تحريف. والأعرجي، نسبة للأعرج، وهو الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، قطع رجله غيلان بن مالك بن عمرو تميم. (انظر: جمهرة النسب للكلبي ص 234، وجمهرة أنساب العرب ص 221) .
6 ابن كثير: التاريخ4/61، 62، الطبري: التاريخ3/619، 621من طريق سيف ابن عمر.
7 في الأصل، وتاريخ ابن كثير:(نهر شير) وهو تصحيف. والمثبت من الطبري، وفي معجم البلدان 1/515:(بَهْرُسَير) من نواحي سواد بغداد قرب المدائن. قال أبو مُقرّن:
تولّى بنو كسرى وغاب نصيرهم
…
على بهر سير فاستهدّ نصيرها
ولما فرغ سعد من القادسية نزل بهر سير ففتحها".
قد وضعوا في درب المسلمين أسداً عظيماً لكسرى فتقدم [هاشم ابن] 1 عتبة بن أخي سعد فقتله، والناس ينظرون، فسمي سيفه يومئذ المتين2 فقبّل سعد رأسه فقبل هاشم قدمه، وحمل هاشم على الفرس فهزمهم3.
وفيها حج بالناس عمر، وفيها توفي سهيل بن عمرو4، وعامر بن مالك بن أهيب5، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد6، و [قيس بن أبي صعصعة] وعمرو بن زيد بن عوف7، ونضير8 بن الحارث910.
ثم دخلت سنة ست عشرة:
استهلت وسعد مُنَازِل مدينة بهر سير11 إحدى12 مدينتي كسرى، وينصب المجانيق13 وغيرها، ثم
1 سقط من الأصل.
2 في تاريخ الطبري: (المتن) .
3 ابن كثير: التاريخ4/63، الطبري: التاريخ 3/622، 623، من طريق سيف بن عمر.
4 في الأصل: (عمر) .
5 الزهري، أخو سعد بن أبي وقاص، أسلم قديماً وهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة وقدم مع جعفر، وتوفي بالشام في خلافة عمر. (الإصابة 4/16) .
6 المخزومي، ابن أخي أبي سلمة، هاجر إلى الحبشة، واستشهد باليرموك. (الإصابة 4/79) .
7 الأنصاري المازني، شهد العقبة وبدراً، وكان أحد أمراء الكراديس يوم اليرموك وقتل يومئذ. (تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) ص 154، الإصابة 5/256) .
8 في الأصل، وتاريخ ابن كثير:(نصُير) بالصاد المهملة، وهو تصحيف.
9 نُضير بن الحارث بن علقمة العبدري، أسلم عام الفتح، واستشهد باليرموك. (تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) ص 154، الإصابة 6/238) .
10 ابن كثير: التاريخ 4/63، 64.
11 في الأصل: (نهر شير) وهو تصحيف.
12 في الأصل: (احد) .
13 في الأصل: (المناجنيق) وهو تحريف.
فتحها سعد بعد قتال شديد، وأشرف منها قبل الفتح رجل على المسلمين، فقال:"يقول لكم الملك: هل لكم إلى المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة إلى جبلنا، ولكم ما يليكم إلى جبلكم، أما شبعتم لا أشبع الله بطونكم" فبدر إليه بالجواب رجل يقال له: أبو مفزّر12 فانطقه الله بكلام لم يدر ما قال، فرجع الرجل إلى الملك وإلى أهل البلد فأخبرهم بما سمع، قال: فرأيناهم يقطعون إلى المدائن، فقال له الناس:"ماذا قلت له"؟ قال: "والذي بعث محمداً بالحق ما أدري"؟ ثم بعد ذلك نادى رجل من البلد بالأمان فأمنوه، فقال:"والله ما بالبلد أحداً" فتسوَّر الناس السور، فلم يجدوا أحداً، بل هربوا إلى المدائن، فسألوا ذلك: لأي شيء هربوا؟ قال: "إن / [59 / أ] الملك بعث رجلاً يعرض عليكم الصلح فأجابه رجل منكم: بأنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبداً حتى نأكل عسل أفرندين3 بأترج كوثى4" فقال الملك: "ياويلاه، إن الملائكة لتتكلم على ألسنتهم، ترد علينا، وتجيبنا عن العرب"5.
ثم أمر بالرحيل إلى المدائن، فلما دخلوا نهرسير ثم أمر بالرحيل إلى المدائن فلما لاح لهم القصر الأبيض في المدائن الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه
1 في الأصل، وابن كثير:(مُقرّن) وهو تحريف.
2 الأسود بن قطبة أبو مفرز - بفتح الفاء وتشديد الراء المكسورة بعدها راء -، شهد فتح القادسية، واليرموك. (الإصابة 1/108) .
3 أفردندين: موضع بين الري ونيسابور. (معجم البلدان 1/228) .
4 كوثى العراق كوثيان: أحدهما كوثى الطريق، والآخر كوثى ربى، وهما من أرض بابل، وسار سعد من القادسية سنة ست عشرة ففتح كوثى. (معجم البلدان 4/487) .
5 ابن كثير: التاريخ 4/64، 65، الطبري: التاريخ 4/7.
سيفتح على أمته1، وكان أول من رآه ضرار بن الخطاب2 فقال:"الله أكبر أبيض كسرى هذا ما وعدنا الله ورسوله، ثم ساروا نحو المدائن فوعظهم سعد واقتحم بهم البحر، فلما اقتحموه والفرس على حافته جعلوا يقولون: "ديونا ديونا" - يعني: مجانين - فلما رأوهم لا يغرقون قالوا: "إنما نقاتل جناً" ثم لما خرجوا دخلوا المدائن فوجدوا كسرى قد هرب فأخذوا أمواله وكنوزه، وصدق الله قول رسوله: في تمزيق ملكه3 [و] 4 في أنهم يملكون كنوزه وأنها تنفق في سبيل الله. ثم سال سعد من الجيش أن يهبوا له ثياب كسرى وبساط إيوانه ففعلوا، وأرسل ذلك إلى عمر، وكان ذلك لا يحد ولا يوصف فلما وصل ذلك إليه قال5: "إن قوماً أدوا هذا لأمناء"، فقال له علي: "عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا" ثم ألبس ثياب كسرى خشبة، وذم الدنيا وزينتها6.
ثم ألبسها سراقة بن مالك بن جُعْشُم7 وألبسه سواريه8، وقال: "الحمد
1 أحمد: المسند 5/89، مسلم: الصّحيح، كتاب الإمارة 3/1453، رقم:1822.
2 الفهري، أسلم عام الفتح، وله ذكر في الفتوح. وقيل: استشهد باليمامة. (الإصابة 3/270) .
3 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/36، رقم:64.
4 سقط من الأصل.
5 في الأصل: (فقال) .
6 ابن كثير: التاريخ 4/65، 66، 67، والخبر في الطبري: التاريخ مفرقاً 4/15-23، من طريق سيف بن عمر.
7 المُدلجي، صحابي مشهور، من مسلمة الفتح، توفي في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين. (التقريب ص 29) .
8 السُّوار والسّوار: القلب؛ سِوَار المرأة. (لسان العرب 4/387) .
لله سواري كسرى في يدي أعرابي من بني مدلج"1، 2 وجعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه: "كأني بك وقد لبست سواري كسرى" وقال له لما ألبسه: "قل: الله أكبر" فقال. فقال: "قل: الحمد لله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج"3.
وروي عنه: أنه لما أمره بلبس ذلك طمع أيهبهن له، فقال له:"أدبر" فأدبر، فقال له "أقبل" فأقبل، ثم قال:"بخّ بخّ4 أعرابي من بني مدلج عليه قباء5 كسرى، وسراويله، وسيفه، ومنطقه، وتاجه، وخفاه / [59 / ب] رب يوم يا سراقة بن مالك، لو كان عليك فيه هذا من متاع كسرى وآل كسرى، كان شرفاً لك ولقومك، انزع" فنزعت، فقال:"اللهم إنك منعت هذا رسولك ونبيك، وكان أحب أهل الأرض إليك، ومنعته أبا بكر وكان أحب إليك مني، وأكرم عليك مني، وأعطيتنيه، فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بي"، ثم بكى حتى رحمه من كان حاضراً، ثم قال لعبد الرحمن بن عوف:"أقسمت عليك لما بعته ثم قسمته قبل أن تمسي"6.
1 مُدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. (جمهرة أنساب العرب ص 187) .
2 البيهقي: دلائل النبوة 6/325، عن الحسن مرسلاً، وابن كثير: التاريخ 4/69، من طريق الهيثم بن عدي.
3 البيهقي: دلائل النبوة6/325، 326، حكاية عن الشافعي، وابن كثير: التاريخ 4/69.
4 بخّ بخّ؛ مسكنين، وَمُنَوَّنين، ومشددين: كلمة تقال عن الرضى والإعجاب بالشيء، أو الفخر والمدح. (القاموس ص 317) .
5 القباء: ممدود، من الثياب: الذي يلبس مشتق من ذلك لاجتماع أطرافه. (لسان العرب 15/168) .
6 ابن كثير: التاريخ 4/69، وفيه الهيثم بن عدي، وهو متروك الحديث. (الجرح والتعديل 9/85، وأسامة بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف. (التقريب ص 98) .
وكان في ذلك سيف كسرى، فقال عمر:"الحمد لله الذي جعل سيف كسرى فيما يضره، ولا ينفعه، ثم قال: إن كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتي من الدنيا عن آخرته، فجمع لزوج امرأته أو لزوج ابنته ولم يقدم لنفسه، ولو قدم لنفسه ووضع1 الفضول في مواضعها لحصل له"2.
وقد حصل لعلي بن أبي طالب قطعة من بساط كسرى، فباعها بعشرين ألفاً، وكان قيد شبر في شبر3.
ثم إن كسرى هرب من المدائن إلى حلوان، ووضع وراءه جيشاً كثيفاً، وأقسموا أن لا يفروا حتى يقتلوا العرب، فأرسل إليه سعد ابن أخيه هاشم في جيش بأمر عمر له ذلك، فسار إليهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت وقعة جلولاء، وإنما سميت بذلك؛ لأن القتلى جللت الأرض. وغنموا قدر ما غنموا من المدائن، ثم بعث سعد بالخمس إلى عمر، وكان مع ذلك في جملة من قدم عليه زياد بن أبي سفيان4، فسأله عن كيفية الواقعة فذكرها فأعجب عمر إيراده، وأحب أن يسمع المسلمون ذلك، فقال:"أتستطيع أن تخطب الناس"؟ قال: "نعم، إنه ليس أحد على وجه الأرض أهيب عندي منك، وقد سمعت كلامي فكيف لا أقوى5 على أعظم من هذا مع غيرك"؟ فخطب الناس، فقال عمر:"إن هذا لهو الخطيب المصقع" يعني الفصيح6، ثم حلف
1 مطموس في الأصل سوى: (وع) .
2 ابن كثير: التاريخ 4/70، عن سيف بن عمر.
3 الخبر بأطول في الطبري: التاريخ 4/22، من طريق سيف بن عمر.
4 زيادة بن أبيه.
5 في الأصل: (لاقوى) .
6 في لسان العرب 8/203: خطيب مِصْقعٌ: بليغ.
عمر أن لا يجن هذا المال سقف حتى يقسمه. فبات عبد الله1 بن أرقم2، وعبد الرحمن / [60 / أ] ابن عوف يرحسانه إلى الغد3.
ولما فتح هاشم4 جلولاء5 أمره عمر أن يقيم بها، ويرسل القعقاع6 إلى حلوان، فهرب كسرى منها إلى الرّيّ، وجاء القعقاع ففتحها7.
ثم كان فتح الموصل، وتكريت8، وما سبذان9، وقرقيسياء10، وهيت1112.
وفيها بعث أبو عبيدة عمرو بن العاص إلى قنسرين فصالح أهل حلب،
1 في الأصل: (زيد) وهو وهم، والمثبت من تاريخ الطبري وابن كثير.
2 الزهري.
3 ابن كثير: التاريخ4/70، 71، 72، والطبري عن سيف مفرقاً. (التاريخ4/24-30) .
4 في الأصل: (هشام) وهو تحريف.
5 في الأصل: (رجولا) وهو تحريف.
6 القعقاع بن عمرو التميمي الداري، أحد الشجعان الفرسان، كان له في قتال الفرس بالقادسية وغيرها بلاء عظيم، وشهد فتح دمشق. (الإصابة 5/245) .
7 ابن كثير: التاريخ 4/73، الطبري: التاريخ 4/34، من طريق سيف بن عمر.
8 تكريت: بلدة مشهورة بين بغداد والموصل، وهي إلى بغداد أقرب. (معجم البلدان 2/38) .
9 في الأصل: (ما سندان) وهو تصحيف.
10 قَرْقيسياء: بلد على نهر الخابور قرب رحبه مالك بن طوق على ستة فراسخ، وتسمى اليوم البصيرة. (معجم البلدان 4/338، مجلة العرب ص 268) .
11 هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار. (معجم البلدان 5/421) ، وعندها مِصبّ الخابور في الفرات. (معجم البلدان 4/328) .
12 ابن كثير: التاريخ 4/73، 74، الطبري: التاريخ 4/35، 36، 37، من طريق سيف ابن عمر
ومنبج، وأنطاكية على الجزية1، وفتح سائر بلاد قنسرين عنوة2.
وفيها غرب عمر أبا محجن3.
وفيها تزوج عبد الله بن عمر صفية4 بنت أبي عبيد أمير يوم الجسر5.
وفيها حج عمر بالناس، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت67.
وفيها توفيت مارية أم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وسريته وكانت من الصالحات الكبار8.
ثم دخلت سنة سبع عشرة:
فيها انتقل سعد من المدائن إلى الكوفة بأمر عمر، لأنهم استوخموا9 المدائن، وبنوا الكوفة بالقصب فاحترقت في أثناء السنة، فأمرهم عمر أن يبنوها باللبن ولا يسرفوا، فعمل سعد المسجد وبنى عند محرابه قصر الإمارة، وبنى له قصراً عند السوق وكان يغلق باب قصره من غوغاء10 الناس، فأرسل عمر محمد بن مسلمة11 وأمره إذا انتهى إلى
1 ابن كثير: التاريخ4/75، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 162.
2 ابن كثير: التاريخ4/75، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 162.
3 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، عن الواقدي.
4 الثقفية، توفيت في إمارة عبد الله بن الزبير. (الإصابة 8/131) .
5 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، عن الواقدي.
6 الأنصاري النجاري، صحابي مشهور، كتب الوحي، توفي سنة خمس وأربعين. (التقريب ص 222) .
7 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، 39، عن الواقدي.
8 ابن كثير: التاريخ 4/76، ابن حجر: الإصابة 8/185.
9 في الأصل: (استوحموا) وهو تصحيف. قال ابن منظور: "بلدة وخمة ووخيمة: إذ لم يوافق سكنها) . (لسان العرب 12/361) .
10 الغوغاء: سَفِلة الناس. (لسان العرب 15/142) .
11 الأنصاري صحابي مشهور، توفي بعد الأربعين. (التقريب ص 75) .
الكوفة أن يقدح زناده، ويجمع حطباً، ويحرق باب قصره، ثم يرجع من فوره فانتهى ففعل ما أمر به، وأمر سعد أن لا يغلق بابه ولا يجعل بابه على أحد1.
وفي هذه السنة حصر الروم أبا عبيدة وأصحابه بحمص فسار إليهم عمر من المدينة، وكتب إلى سعد أن يرسل جيشاً إليهم، وإلى أهل الجزيرة جيشاً، لأنهم قدموا معهم لنصرهم، فلما سمع بذلك أهل الجزيرة ساروا إلى بلدهم، فافتتحها عياض بن غَنْم2 أمير السرية إليهم، وخرج أبو عبيدة ومن معه من حمص فبارزهم فهربوا، وكان عمر قد وصل إلى سَرْغ فرجع لأجل الوباء3.
وفيها تزوج عمر أم كلثوم بنت عليّ4.
وفيها كانت قضية المغيرة ورميه بالزنا، وعزله عنها، وولاّها أبا موسى الأشعري5.
وفيها فتحت الأهواز ومنَاذر6 / [60 / ب] ونهرتِيري78، وقدم العلاء بن الخضرمي على بلاد فارس من جهة البحر في المراكب، وكان عمر يكره ذلك، وكان عن غير أمر عمر بل هو بادر ذلك، فحصل لمن معه من الجيش مشقة، وحبس الكفار لهم، فعزله عن الجيش وأمر سعداً أن يرسل إليهم جيشاً
1 ابن كثير: التاريخ4/76، 77، الطبري: التاريخ4/40-47، من طريق سيف بن عمر.
2 الفهري، شهد بدراً وأحداً والمشاهد، توفي بالمدينة سنة عشرين. (الإصابة 5/50) .
3 ابن كثير: التاريخ 4/83، الطبري: التاريخ 4/51، 52، 57.
4 ابن كثير: التاريخ 4/83، الطبري: التاريخ 4/69، عن الواقدي.
5 ابن كثير: التاريخ4/83، الطبري: التاريخ4/69، 70، 71، عن الواقدي، وسيف بن عمر.
6 منَاذر: بلدتان بنواحي خوزستان: مناذر الكبرى ومناذر الصغرى. (معجم البلدان 5/199) .
7 نهرتيري: بلد من نواحي الأهواز. (معجم البلدان 5/319) .
8 ابن كثير: التاريخ 4/84، الطبري: التاريخ 4/72، من طريق سيف بن عمر.
ففعل، فسار الجيش فوجدوهم في حصر شديد، وقد اجتمع عليهم من الجيوش ما لا يحصى فهزموا الكفار1، ثم كان فتح السوس، ورامهَرُمُز، وأسر الهرمزان بعد أن صولح ونقض العهد مرتين، وقدم به على عمر، فلما دنوا به من المدينة ألبسوه ثيابه ودخلوا به، فسألوا عن عمر، فقيل: نائم في المسجد، فجاءوا إليه وهو نائم متوسد بُرْنُساً2 ودرته معلقة في يده، فقال الهرمزان:"أين عمر؟ "، قالوا:"هوذا"، وجعلوا3 يحفظون أصواتهم هيبة له، لئلا ينبهوه خوفاً منه، وجعل الهرمزان يقول:"فأين حُجّابه؟، أين حرسه؟! " قالوا: "ليس له حُجّاب ولا حرس". فقال: "ينبغي أن يكون نبيّاً"، فقالوا له:"إنه ليس بنبيّ، ولكن يعمل عمل النبيّ، فاستيقظ عمر، فقال: "الهرمزان؟ "، قالوا: "نعم". ثم وقع له أمور يطول ذكرها، ثم أسلم إلى أن قتله عبيد الله بن عمر4.
ثم دخلت سنة ثمان عشرة:
فكان فيها القحط المعروف بعام الرمادة، وطاعون عَمَواس5.
وفيها حجّ بالناس عمر، وفتحت الرّقّة، والرّها، وحرّان على يد عياض بن غَنْم، ورأس عين الوردة6 على يد عمير بن سعد78، وفتحت
1 ابن كثير: التاريخ 4/85، 86، الطبري: التاريخ 4/79، من طريق سيف بن عمر.
2 البَرْنس - بالضم - قَلَنْسُوَةٌ طويلة، أو كل ثوبٍ راسه منه، دُرَّاعة كان أو جُبّة أو ممطراً. (القاموس ص 685) .
3 في الأصل: (وجعلوا) .
4 ابن كثير: التاريخ 4/87، الطبري: التاريخ 4/83، من طريق سيف بن عمر.
5 ابن كثير: التاريخ 4/92، الطبري: التاريخ 4/96.
6 رأس عينٍ: مدينةكبيرةمن مدن الجزيرة بين حَرّان ونصيبين ودُنيسر. (معجم البلدان3/14) .
7 في الأصل، وابن كثير:(عمر بن سعد بن أبي وقاص) . وهو وهم؛ لأن عمر بن سعد لم يدرك ذلك، والمثبت من الطبري.
8 الأنصاري الأوسي، صحابي، كان عمر يسميه: نسيبح وحده. (التقريب ص 431) .
شمشاط1، وسار عياض2 إلى الموصل فافتتحها3.
ومن أعيان من توفي في طاعون عَمَواس: الحارث بن هشام4، وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل، وأبو عبيدة بن الجراح أمير المسلمين ببلاد الشام، والفضل بن عباس5، ويزيد بن أبي سفيان6، وأبو جندل7، وأبو مالك الأشعري8، وغيرهم9.
ثم دخلت سنة [تسع] 10 عشرة:
وفيها قتل صفوان بن المعطّل11.
وفيها كانت وقعة / [61 / أ] بأرض العراق12.
وفيها توفي أبي بن كعب سيد القرّاء13.
1 شمشاط: مدينة بالروم على شاطئ الفرات، شرقيها بالوية وغربيها خرتبرت، وهي الآن محسوبة من أعمال خرتبرت. (معجم البلدان 3/362) .
2 ابن غنم.
3 ابن كثير: التاريخ 4/95، الطبري: التاريخ 40/101، عن الواقدي.
4 ابن المغيرة المخزومي، صحابي، أسلم يوم الفتح ثم حسن إسلامه، وتوفي في طاعون عَمَواس. (الإصابة 1/307) .
5 ابن عبد المطب.
6 الأموي، أمير الشام، أسلم عام الفتح. (الإصابة 6/431) .
7 ابن سهيل بن عمرو القرشي له صحبة وجهاد. (تاريخ الإسلام ص 184، الإصابة 7/33) .
8 كعب بن عاصم الأشعري، نزل الشام ومصر. (التقريب ص 461، ابن كثير: التاريخ 4/98) .
9 ابن كثير: التاريخ 4/97، 98، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 183، 184، 185.
10 سقط من الأصل.
11 السلمي الذكواني، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإفك:"ما علمت عليه إلا خيراً". الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 189.
12 ابن كثير: التاريخ 4/98، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 187، 188.
13 ابن كثير: التاريخ 4/99، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 191.
ثم دخلت سنة عشرين:
فيها كان فتح بلاد مصر، والإسكندرية على يد عمرو بن العاص، وكان نيل مصر لا يزيد كل سنة حتى تشترى له جارية بكر أبويها، وتزين وتلقى فيه، فمنعهم عمرو من ذلك، فلم يزد حتى هم أهل مصر بالجلاء عنها، فكتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه عمر قد أصبت وإني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتاب فألقها في النيل، فأخذ عمرو1 البطاقة فإذا فيها مكتوب: "من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إلى نيل مصر، أما بعد:
فإن كنت إنما تجري من قِبَل نفسك، وبأمرك فلا تجري ولا حاجة لنا بك، وإن كنت إنما تجري بأمر الله القادر على كل شيء، فنسأل الله القادر على كل شيء أن يجريك. قال: فألقى البطاقة فيه، والنيل قد تقلص ونقص جداً، فأصبح في اليوم الثاني، وقد أجرى الله النيل وزاد ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة2.
فيها دخل عبد الله بن قيس3 أرض الروم فسلم وغَنِم4.
وفيها عزل عمر قدامة5 عن البحرين وحده في الشراب6.
وفيها شكى أهل الكوفة سعداً إلى عمر فعزله عنها7.
1 في الأصل: (عمر) وهو تحريف.
2 ابن كثير: التاريخ 4/91، 102.
3 أبو بحرية البراعيمي مشهور بكنيته. (الإصابة 7/22) .
4 ابن كثير: التاريخ 4/103، الطبري: التاريخ 4/112) .
5 ابن مظعون القرشي الجمحي، أحد السابقين الأوّلين هاجر الهجرتين، وشهد بدراً، توفي سنة ست وثلاثين. (الإصابة 5/232) .
6 في الأصل: (الشرب) وهو تحريف.
7 ابن كثير: التاريخ 4/103.
وفيها أجلى عمر يهود خيبر، ونصارى نجران، ودوّن الدواوين، وفيها بعث عمر علقمة1 إلى الحبشة في البحر فأصيبوا، فآلى عمر على نفسه أن لا يبعث جيشاً في البحر2.
وفيها مات بلال، وأُسيد بن حُضَير3، وأنيس بن مرثد4، وسعيد ابن عامر5، وعياض بن غَنم، وأبو سفيان بن الحارث6، وأبو الهيثم بن التيهان7، وزينب بنت جحش أم المؤمنين، وصفية بنت المطلب8 أم الزبير وعمة النبي صلى الله عليه وسلم وعويم بن ساعدة. ثم دخلت سنة إحدى وعشرين:
فيها كان فتح (نهاوند)، ويقال لها: فتح الفتوح، فإنه لم يقع على المسلمين بأرض العراق أشد منها، لم يرعبهم أكثر منها، ولا هاب عمر غيرها، وعزم أن يسير إلى العراق فمنعه الصحابة من ذلك، ثم كان الظفر فيها للمسلمين بعد حرب كثير جداً، وقتل فيها جماعة من المسلمين، وقتل من الكفار ما لا يحصى، وغنموا نحو ما غنموا من المدائن9 10.
1 ابن مجزز المدلجي، صحابي، شهد اليرموك، وحضر الجابية وكان عاملاً لعمر على فلسطين. (الإصابة 6/267) .
2 ابن كثير: التاريخ 4/103، الطبري: التاريخ 4/112، عن الواقدي.
3 الأنصاري الأشهلي.
4 ابن أبي مرثد الغنوي، هو وأبوه وجده صحابة. (تاريخ ابن كثير 4/104، الإصابة 1/77، 78) .
5 ابن خذيم الجمحي، أسلم قبل خيبر، ولاه عمر حمص وكان مشهوراً بالخير. (الإصابة 3/99) .
6 الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة. (الإصابة 6/86) .
7 الأنصاري الأوسي، شهد بدراً والعقبة والمشاهد كلها. (الإصابة 7/209) .
8 الهاشمية. (الإصابة 8/128) .
9 ابن كثير: التاريخ 4/104، 105، 106.
10 ابن كثير: التاريخ 4/107، 108، 109، الطبري: التاريخ 4/114، 115.
وبعدها فتحت مدينة جَي وأصبهان1 بعد قتال كثير / [61/ب] وفتح أبو موسى قم2 وقاشان3، وفتح سهيل بن عدي4 كرمان، وفتحعمرو بن العاص طرابلس، وبعث عقبة بن نافع5 إلى زويلة6 فافتتحها.
وفيها ولى عمر عمارَ بن ياسر على الكوفة، وجعل عبد الله بن مسعود على بيت المال، فاشتكى أهل الكوفة عماراً، واستعفى هو أيضاً فعزله، وولى جبير بن معطم7، ثم عزله قبل المسير، وولى المغيرة بن شعبة فلم يزل عليها إلى أن قتل عمر8.
وفيها توفي خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله، وطليحة بن خويلد الأسدي سيد الفرسان المعدود بألف، وعمرو بن معدي كرب9 كبير الشجعان، والعلاء بن الحضرمي المجاب الدعوة، والنعمان بن مقرن10.
1 جيّ - بالفتح ثم التشديد -: اسم مدية ناحية أصبهان القديمة، وهي الآن كالخراب منفردة. (معجم البلدان 4/397) .
2 قُمُّ - بالضمّ، وتشديد الميم -: مدينة تذكر مع قاشان، وتقع بين أصبهان وساوة. (معجم البلدان 4/397) .
3 قاشَان: مدينة قرب أصبهان تذكر مع قُمّ. (معجم البلدان 4/296) .
4 الأزدي حليف بني عبد الأشهل. (الإصابة 3/145) .
5 الفهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، وبنى القيروان، وقتل سنة ثلاث وستين. (الإصابة 5/81) .
6 زَوِيلة: بلد مقابل أجدابية في البرّ بين السودان وإفريقية. (معجم البلدان 3/160) .
7 القرشي النوفلي، صحابي عارف بالأنساب، توفي سنة ثمان - أو تسع - وخمسين. (التقريب ص 138) .
8 ابن كثير: التاريخ 4/114، 115.
9 الزبيدي أحد فرسان العرب أسلم في السنة التاسعة، شهد القادسية وله فيها بلاء حسن. (الإصابة 4/18) .
10 ابن كثير: التاريخ 4/115، 121، 122، 123، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 229، 239.
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين:
كان فيها فتح هَمَدان ثانية والرّيَ، وأذربيجان، وقُومِس1 فتحها سويد بن مقرن2، وجُرجان3، وطبرستان4، وباب الأبواب5 وغيرها6، وكان في هذه السنة فتوحات كثيرة7.
وفيها كان فتح أرمينية، وجبال ألان8، وتَفِلِيس9، ومُقان10.
ولما استقر أمر تلك البلاد كتب عمر إلى عبد الرحمن بن ربيعة11 يأمره
1 قُومِس - بالضم ثم السكون، وكسر الميم -: كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع، وهي في ذيل جبل طبرستان وأكبر ما يكون في ولاية ملكها. (معجم البلدان 4/414) .
2 المزني، صحابي، نزل الكوفة مشهور. (التقريب ص 260) .
3 جُرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدها من هذه. (معجم البلدان 2/119) .
4 طَبَرستان: بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، وهذه البلاد مجاروة لجيلان وديلمان، وهي بين الريّ وقومس والبحر وبلاد الديلم والجبل، فمن أعيان بلدانها: دهشتان، وجرجان، وآمل. (معجم البلدان 4/13) .
5 باب الأبواب: مدنية على بحر طبرستان، وهو بحر الخزر. (معجم البلدان 1/303) .
6 في الأصل " غيرهم " وهو تحريف.
7 ابن كثير: التاريخ 4/123، 125، الطبري: التاريخ 4/146-157.
8 جبال أللان: بلاد واسعة لهم بلاد متاخمة للدربند في جبال القبْق وليس هناك مدينة كيبرة مشهورة. (معجم البلدان 1/245) .
9 تفليس - يفتح أوّله ويكسر -: بلد بأرمينية الأولى وبعض يقول بارّان، وهي قصبة ناحية جرْزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان 2/35) .
10 مُوقان - بالضم ثم السكون -: ولاية فيها قرى ومروج كثيرة تحتلها التركمان للرّعي فأكثر أهلها منهم، وهي بأذربيجان يمرّ القاصد نمن أردييل إلى تبريز في الجبال. (معجم البلدان 5/225) .
11 الباهلي، شهد القادسية، استعمله عمر على الباب والأبواب، وقتال الترك واستشهد في بلنجر في خلافة عثمان. (الإصابة 4/159) .
بغزو بلاد الترك، وكان، وصدق الله حديث رسوله12.
وفيها حجّ بالناس عمر3.
وفيها غزا الأحنف خراسان، فافتتحها بعد أمور شديدة، وفتح حذيفة الدينور عنوة4.
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين5:
وكانت وقعة سارية بن زُنَيم، وفتح كرمان، وسجستان، ومكران6.
وفيها كانت وقعة الأكراد7.
وفي هذه السنة قتل عمر رضي الله عنه.
وقال جماعة: فتح الفتوح8، ومصر الأمصار، وجند الأجناد، ووضع الخراج9، ودون الدواوين، وفرض الأعطية، واستقضى القضاة، وكور الكور، مثل السواد، والأهواز، والجبال10، وفارس وغيرها.
1 يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين". الحديث: (صحيح البخاري، كتاب المناقب 3/1315، رقم: 3394، صحيح مسلم، كتاب الفضائل رقم: 2364) .
2 ابن كثير: التاريخ 4/126.
3 ابن كثير: التاريخ 4/129، 130، 133، الطبري: التاريخ 4/167.
4 ابن كثير: التاريخ 4/129، 130، 133، الطبري: التاريخ 4/167.
5 في الأصل: (ثلاث عشرة) وهو تحريف.
6 ابن كثير: التاريخ 4/134، 137، الطبري: التاريخ 4/178، 189.
7 ابن كثير: التاريخ 4/134، 137، الطبري: التاريخ 4/178، 189.
8 في الأصل: (فتح فتوح) والتصويب من تاريخ ابن كثير.
9 في الأصل: (الخزاد) وهو تحريف. .
10 يطلق اسم إقليم الجبال على البلاد الجبلية الواسعة الممتدة من سهول العراق، والجزيرة في الغرب إلى مفازة فارس الملحية في الشرق ثم سمي هذا الإقليم بعراق العجم. (مراصد الإطلاع 1/309، فتوح البلدان للبلاذري ص 703) .
وفتح الشام كلّه، والجزيرة، والموصل، وميا فارقين1، وآمد وأرمينية، ومصر، وإسكندرية، وطرابلس الغرب، وبرْقة2، ومدن الشام كلّها، وحلب، وأنطاكية، والرّها، والرّقّة، وديار بكر34، وديار ربيعة5، وبلاد الموصل كلّها / [62 / أ] ، وسائر مدن كسرى كالقادسية والحيرة، وبهرسير6، وساباط7، وكور الفرات8، ودجلة، والأُبلة9، والبصرة، والأهواز، وفارس، ونهاوند، وهمذان، والرّيّ، وقومس، وخراسان، واصطخر، وأصبهان، والسوس، ومرو، ونيسابور، وجرجان، وأذربيجان، وغير ذلك10.
1 في الأصل: (منافارين) وهو تحريف.
2 برقة - بفتح أوّله والقاف -: اسم صُقع كبير يشتمل على مُدن وقرى بين الأسكندرية وإفريقية، واسم مدينتها أنطابلس. (معجم البلدان 1/388) .
3 ديار بكر: هي بلاد كبيرة واسعة، حدّها ما غرّب من دجلة إلى بلاد الجبل المطلّ على نصيبين إلى دجلة، ومنه: حصن كيفا آمد ومَيّافارقين. (معجم البلدان 2/494) .
4 في الأصل: (منافارين) وهو تحريف.
5 ديار ربيعة: بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين، ورأس عين ودُنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى. (معجم البلدان 2/494) .
6 في الأصل: (نهر شير) وهو تصحيف.
7 ساباط كسرى: بالمدائن موضع معروف، سمي بساباط بن باطا الذي كان ينزل به. معجم البلدان 3/166) .
8 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف.
9 الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة العظمى في زاوية الخليج يدخل إلى مدينة البصرة. (معجم البلدان 1/76، 77) .
10 ابن كثير: التاريخ 4/138.