المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل - محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - جـ ٢

[ابن المبرد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الحادي والأربعون: غزواته مع الرسول وإنفاذه إياه في سرية

- ‌الباب الثاني والأربعون: غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه

- ‌الباب الثالث والأربعون: حجاته

- ‌الباب الرابع والأربعون: تركه السواد غير مقسوم ووضعه الخراج

- ‌الباب الخامس والأربعون: عدله ورئاسته

- ‌الباب السادس والأربعون: قوله وفعله في بيت المال

- ‌الباب السابع والأربعون: حذره من المظالم وخروجه منها

- ‌الباب الثامن والأربعون: ملاحظته لعماله ووصيته إياهم

- ‌الباب التاسع والأربعون: حذره من الإبتداع وتحذيره منه

- ‌الباب الخمسون: جمعه القرآن في المصحف

- ‌الباب الحادي والخمسون: مكاتباته

- ‌الباب الثاني والخمسون: زهده

- ‌الباب الثالث والخمسون: تواضعه

- ‌الباب الرابع والخمسون: حلمه

- ‌الباب الخامس والخمسون: ورعه

- ‌الباب السادس والخمسون: بكائه

- ‌الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل

- ‌الباب الثامن والخمسون: تعبده واجتهاده

- ‌الباب التاسع والخمسون: كتمانه التعبد وستره إياه

- ‌الباب الستون: دعاؤه ومناجاته

- ‌الباب الحادي والستون: كراماته

- ‌الباب الثاني والستون: تزويج النبي بحفصة وفضلها

- ‌الباب الثالث والستون: نبذ من مسانيده

- ‌الباب الرابع والستون: كلامه في الزهد والرقائق

- ‌الباب الخامس والستون: ماتمثل به من الشعر

- ‌الباب السادس والستون: فنون أخباره

- ‌الباب السابع والستون: كلامه في الفنون

الفصل: ‌الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل

‌الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل

الباب السابع والخمسون: في ذكر خوفه من الله عزوجل

في صحيح البخاري عن المسور بن مخرمة، قال:"لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزّعه: "يا أمير المؤمنين، ولا كان ذلك1 لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقت2 وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقت وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صَحَبتهُم3، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون"، فقال: "أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه، فإن ذلك منّ من الله منّ به عليّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله منّ به عليّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك ومن أجل أصحابك فوالله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عزوجل قبل أن أراه"4.

وفيه عن أبي بردة بن أبي موسى، قال:"قال لي عبد الله بن عمر: "هل تدري ما قال أبي لأبيك"؟ قال قلت: لا، قال: "فإن أبي قال لأبيك:

1 أي: لا يكون ما تخافه. وفي رواية الأكثر: (ولئن كان ذلك)، وفي رواية الكشميهني:(ولا كل ذلك)، أي: لا تبالغ في الجزع فيما أنت فيه. (انظر: فتح الباري 7/52) .

2 كذا بحذف المفعول، والكشميهني:(ثم فارقته) . (انظر: فتح الباري 7/52) .

3 وفي رواية: (ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم) . يعني: المسلمين. قال ابن حجر: "ثم صحبت صحبتهم". بفتح الصاد والحاء الموحدة، أي: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وفيه نظر، للإتيان بصيغة الجمع موضع التثنية، قال عياض:"يحتمل أن يكون) (صحبت) زائدة، وإنما هو ثم صحبته أي: المسلمين"، قال: والرواية الأولى هي الوجه". (انظر: فتح الباري 7/52) .

4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1350، رقم:3489.

ص: 619

يا أبا موسى هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه، وعملنا كله معه بَرَدَ لنا1 وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأساً برأسٍ"؟ فقال أبي:"لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا، وصمنا وعملنا خيراً كثيراً، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجوا ذلك "فقال أبي" لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافاً رأساً برأسٍ" فقلت: "إن أباك والله خير من أبي"2.

وذكر ابن الجوزي عن أبي بردة عن ابن عمر قال: "لقي أبي أباك فقال: "أيسرك أنك خرجت من عملك خيره وشره، وشره بخيره لا لك ولا عليك"؟ قال قلت:"والله يا أمير المؤمنين لقد قدمت البصرة وإن الجفا فيهم لفاش، فعلمتهم القرآن والسنة، وغزوت بهم في سبيل الله، وإني لأرجوا بذلك فضيلة" قال: "ولكن وددت أني قد خرجت من عملي خيره وشره، وشره بخيره، كفافاً لي ولا عليّ، وخلص لي عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن أباك خير من أبي"3.

وعن مسروق4، قال:"دخل عبد الرحمن5 على أم سلمة رضي الله عنها فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أموت أبداً" قال فخرج عبد الرحمن من عندها مذعوراً حتى دخل على عمر

1 بَرَدَ: ثبت. (لسان العرب 3/86) .

2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1425، رقم:3702.

3 ابن الجوزي: مناقب ص 160، والحاكم في التاريخ كما ذكر ابن حجر في فتح الباري7/254، 255، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/620، وعزاه لابن عساكر.

4 ابن الأجدع الهمداني.

5 ابن عوف.

ص: 620

فقال له: "اسمع ما تقول أمك" فقام عمر حتى أتاها فدخل عليها فسألها، ثم قال:"أنشدك الله أمنهم أنا"؟ فقالت: "لا، ولن أبرئ بعدك أحدا"1.

وعن داود بن علي2 قال: قال عمر رضي الله عنه "لو ماتت شاة على شط3 الفرات ضائعة، لظننت أن الله عز وجل سائلي عنها يومالقيامة"4.

وعن عبد الله بن عمر قال: كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: لو مات جدي بطف5 الفرات لخشيت أن يحاسب الله به عمر6.

وعن علي رضي الله عنه قال: "رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على قتب يعدو، فقلت: "يا أمير المؤمنين أين تذهب؟ قال: "بعير نَدَّ7 من إبل الصدقة أطلبه" فقلت: "لقد أذللت الخلفاء بعدك، فقال: "يا أبا الحسن لا تلمني [90 / ب] فوالذي بعث محمداً بالنبوة لو أن عناقاً8 أخذت بشاطيء الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة"9.

1 أبو يعقوب بن شيبة: مسند أمير المؤمنين عمر ص 91، البزار كما في كشف الأستار3/172، ابن الجوزي: مناقب ص160، والهيثمي: مجمع الزوائد9/72، وقال:"رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ13 /ق111.

2 ابن عبد الله بن عباس، أمير مكّة وغيرها، مقبول، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومئة. (التقريب ص 199) .

3 الشّطُّ: شاطئ النهر. (القاموس ص 870) .

4 أبو نعيم: الحلية 1/53.

5 الطّفّ: الشاطئ. (القاموس ص 1076) .

6 ابن الجوزي: مناقب ص 161، ومسدد عن الحسن بنحوه كما في المطالب العالية 4/41، وابن سعد عن عبد الرحمن بن حاطب: الطبقات 3/305، وابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن: المنصف 13/277، والطبري: التاريخ 4/202، وهو حسن لغيره.

7 نَدَّ: شَرَدَ ونَفَرَ. (القاموس ص 411) .

8 العناق: الأنثى من المعزّ ما لم يتمّ له سنة. (لسان العرب 10/275) .

9 ابن الجوزي: مناقب ص 161.

ص: 621

وعن طارق1 قال قلنا لابن عباس: "أي رجل كان عمر؟ قال: كان كالطائر الحذر الذي كأن له بكل طريق شركاً"2.

وعن أبي سلامة3 قال: "انتهيت إلى عمر وهو يضرب رجالاً ونساء في الحرم على حوض يتوضئون منه، حتى فرق بينهم، ثم قال: "يا فلان"، قلت: لبيك، قال "لا لبيك ولا سعديك، ألم آمرك أن تتخذ حياضا للرجال وحياضا للنساء"، قال: ثم اندفع فلقيه علي رضي الله عنه فقال: "أخاف أن أكون هلكت" قال: "وما أهلكك"؟ قال: "ضربت رجالاً ونساء في حرم الله عز وجل قال: يا أمير المؤمنين أنت راع من الرعاة، فإن كنت على نصح وإصلاح فلن يعاقبك الله، وإن كنت ضربتهم على غش فأنت الظالم المجرم"4.

وقال الحسن البصري رضي الله عنه "بينما عمر رضي الله عنه يجول في سكك المدينة إذ عرضت له هذه الآية: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 58] ، فحدث نفسه، فقال: "لعلّي أوذي المؤمنين والمؤمنات"، فانطلق إلى أبي بن كعب فدخل عليه بيته وهو جالس على وسادة، فانتزعها أبي من تحته وقال: "دونكها يا أمير المؤمنين"، قال: فنبذها برجله وجلس، فقرأ عليه هذه الآية، وقال: "أخشى أن أكون أنا صاحب الآية، أوذي المؤمنين"، قال: "لا تستطيع إلا أن تعاهد رعيتك، فتأمر وتنهى"، فقال عمر

1 طارق بن شهاب.

2 ابن الجوزي: مناقب ص 161.

3 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. وهو السلمي، ويقال: الحبيبي. (الإصابة 7/90) .

4 عبد الرزاق: المصنف 1/75، 76، وإسناده حسن، ابن الجوزي: مناقب ص 161، 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 9/754، وعزاه لعبد الرزاق.

ص: 622

رضي الله عنه: "قد قلت والله أعلم"1.

وعن الحسن2، قال:"كان عمر رضي الله عنه ربما تُوقِد النار ثم يدلي يده منها، ثم يقول: "ابن الخطاب، هل لك على هذا صبر؟ "3.

وعن الضّحاك4، قال: قال عمر رضي الله عنه: "ليتني كنت كبش أهلي، سمنوني ما بدا لهم5، حتى إذا كنت آمن ما يكون6 زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديداً، ثم أكلوني فأخرجوني عذرة ولم أك بشراً"7.

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال:"رأيت عمر رضي الله عنه أخذ تبنة من الأرض، فقال: ليتني كنت هذه التبنة8، ليتني لم أُخلق ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أك شيئاً ليتني نسياً منسياً"9.

1 ابن الجوزي: مناقب ص 162.

2 البصري.

3 ابن الجوزي: مناقب ص 162.

4 الضّحاك بن مزاحم الهلالي، صدوق كثير الإرسال، توفي بعد المائة. (التقريب ص280) .

5 مطموس في الأصل، سوى (ما بدا) .

6 في الزهد، والحلية:(أكون) .

7 هناد: الزهد 1/258، وأبو نعيم: الحلية 1/52، وهو ضعيف لانقطاعه، الضّحاك لم يدرك عمر بن الخطاب، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/619، وعزاه لهناد، والحلية وشعب الإيمان.

8 مطموس في الأصل، سوى (التبنـ) .

9 ابن المبارك: الزهد ص 79، وابن أبي شيبة: المصنف 13/276، ابن سعد: الطبقات 3/360، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3065) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/619.

ص: 623

وعن قتادة1، قال:"لما ورد عمر الشام صُنع له طعام لم ير قبله مثله، فلما أتي به، قال: "هذا لنا فما لفقراء المسملين الذي باتوا لا يشبعون من خبز الشعير؟ "، فقال خالد بن الوليد: "لهم الجنة"، فاغرورقت عيناه، فقال: "إن كان حظنا في هذا، ويذهب أولئك بالجنة2 / [91 / أ] لقد بانوا بَوْباً بعيداً"3.

وعن أبي جحيفة4، قال:"جاء قوم إلى عمر رضي الله عنه يشكون الجهد فأرسل عيينة بأربع، ثم رفع يديه فقال: "اللهم لا تجعل هلكتهم على يدي، وأمر لهم بطعام"5.

وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر قال: "بعث سعد بن أبي وقاص أيام القادسية إلى عمر رضي الله عنه بقباء كسرى، وسيفه ومنطقته، وسراويله، وقميصه، وتاجه، وخفيه، قال: فنظر عمر رضي الله عنه في وجوه القوم فكان أجسمهم وأمدّهم قامة سراقة بن جعشم المدلجي، فقال: "يا سراقة قم فالبس"، [قال] 6: "فطمعت فيه فقمت ولبست"، فقال: "أدبر" فأدبرت"، ثم قال:"أقبل"، فأقبلت، ثم قال:"بخٍ بخٍ، أعرابي من بني مدلج عليه قباء كسرى، وسراويله، وسيفه، ومنطقته، وتاجه، وخفاه، ربّ يوم يا سراق بن مالك لو كان عليك فيه من متاع كسرى كان شرفاً لك ولقومك، انزع فنزعت"،

1 مطموس في الأصل، سوى (قتاد) ، وهو ابن دعامة.

2 مطموس في الأصل، سوى (الجن) .

3 المتقي الهندي: كنْز العمال 12/613، وعزاه لعبد بن حميد في التفسير، والطبري في تهذيب الآثار، وهو ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يدرك عمر.

4 وهب بن عبد الله السُّوائي.

5 ابن الجوزي: مناقب ص 163.

6 سقط من الأصل.

ص: 624

فقال: "اللهم إنّك منعت هذا رسولك ونبيك وكان أحبّ إليك مني وأكرم عليك مني، ومنعته أبا بكر وكان أحبّ إليك مني، وأكرم عليك مني، ثم أعطيتنيه فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بيَ ثم بكى رحمه الله حتى من عنده". ثم قال لعبد الرحمن: "أقسمت عليك لما بعته ثم قسمته قبل أن تمسي"1.

وعن أبي بكر بن عياش2، قال:"جيء بتاج كسرى إلى عمر رضي الله عنه فقال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال عليّ رضي الله عنه إن القوم رأوك عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا"3.

وعن أبي سنان الدّؤلي4: أنه دخل على عمر رضي الله عنه وعنده نفرٌ من المهاجرين، فأرسل عمر رضي الله عنه إلى سَفَطٍ5 أُتي به من قلعة من العراق، فكان فيه خاتم، فأخذه بعض بنيه فأدخله في فيه فانتزعه عمر منه ثم بكى فقال من عنده:"لم تبكي، وقد فتح الله لك وأظهرك على عدوّك وأقرَّ عينك؟ "، فقال: عمر "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى [الله] 6 بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"، وأنا أُشفق من ذلك"7.

1 ابن كثير: التاريخ 4/69، وفيه الهيثم بن عدي، وهو متروك، وانظر: ص 413.

2 الأسدي، مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح، توفي سنة أربع وتسعين ومئة. (التقريب ص 624) .

3 الطبري: التاريخ 4/20، 23، ابن كثير: التاريخ 4/69، 70، من عدة طرق ومداره على سيف بن عمر.

4 يزيد بن أمية الدّؤلي، ثقة من الثانية، ومنهم مَن عَدَّه من الصحابة. (التقريب ص 599) .

5 في الأصل: (سقاط) ، وهو تحريف.

6 سقط من الأصل.

7 أحمد: المسند 1/194، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 93، عبد بن حميد في المسند 1/98، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 164، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/716، وعزاه لأحمد.

ص: 625

وعن [ابن] 1 أبي ربيعة2 قال: "لما نظر عمر رضي الله عنه إلى مال جلولاء ونهاوند في المسجد حين طلعت عليه الشّمس، فحميت الآنية، وبرقت الحلية، بكى، فقيل له: "يا أمير المؤمنين ما هذا بيوم حزن ولا بكاء"، فقال: "قد عرفت، ولكنه لم يفش المال بين قوم قط إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"3.

وعن إبراهيم بن سعد4 أن5 عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لما أتي بكنوز كسرى قال عبد الله بن الأرقم: "اجعلها في بيت المال حتى نقسمها"، فقال عمر:"والله لا آويها إلى سقف حتى / [91 / ب] أمضيها"، فوضعها في وسط المسجد، وباتوا عليها يحرسونها فلما أصبح كشف عنها فرأى الحمراء والبيضاء، فبكى عمر، فقال له عبد الرحمن:"ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ والله إن هذا اليوم يوم شكر ويوم فرح وسرور"، فقال عمر:"إنه لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغضاء"6.

وعن الحسن7، قال: لما أتي عمر بخزائن كسرى، قال:"والله لا يظلها سقف بيت دون السماء"، فطرحت بين صُفَّتي المسجد، صُفّة النساء وصُفَّة الرجال،

1 سقط من الأصل.

2 الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، أمير الكوفة، صدوق، توفي قبيل السبعين. (التقريب ص 146) .

3 ابن الجوزي: مناقب ص 164، وهو ضعيف لانقطاعه، الحارث لم يدرك عمر.

4 في الزهد وتاريخ دمشق: (عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن) .

5 الزهري.

6 ابن المبارك: الزهد ص 265، وإسناده صحيح. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 126، وابن الجوزي: مناقب ص 164.

7 البصري.

ص: 626

فطرحت عليه الأنطاع، وباتت عليها الخزان، فلما أصبح غدا عليها فلما نظر إليها بكى، فقال له عبد الرحمن بن عوف:"ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ أليس هذا يوم شكر؟ "، [قال] 1:"لا والله ما فتح هذا على قوم قط إلا جعل بأسهم بينهم"2.

وعن سعيد بن المسيب: "أنّ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أصاب يوم جلولاء ثلاثين ألف ألف مثقال واف، وأخذ منها ستة آلاف ألف، فبعث بها مع زياد الذي يدعى ابن أبي سفيان، وهو يومئذ يدعى بابن عبيد، فلما قدم بذلك عليه ونظر إليه، قال: "والله لا يكنه سقف بيت حتى أقسمه فبات عبد الله بن الأرقم، وعبد الرحمن بن عوف يحرسانه في سقائف المسجد، فلما أصبح عمر غدا عليه فكشف عن جلابيبه - وهي الأنطاع3 فنظر إليه ثم بكى، فقال له عبد الرحمن:"ما يبكيك، فوالله إن هذا لمن مواطن الشكر؟ ". قال: "والله ما ذاك أبكاني، ولكن والله ما أعطى الله هذا قوماً إلا ألقى بأسهم بينهم". ثم جلس عمر فقسمها بين المهاجرين4 والأنصار، فبدأ بأهل بدر، ثم بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فما فرغ، وأعطى عبد الله بن عمر دون نظرائه، قال:"يا أمير المؤمنين، تضرب لي دون نظرائي؟ "، قال:"يا عبد الله، إن لك أسوة في عمر، لا يسألني الله يوم القيامة أني ملت إلى أحد"5.

1 سقط من الأصل.

2 ابن الجوزي: مناقب ص 164، 165، بدون إسناد.

3 انظر: ابن منظور: لسان العرب 1/271.

4 مطموس في الأصل، سوى (المهاجر) .

5 ابن الجوزي: مناقب ص 165.

ص: 627

وعن ابن عباس1 رضي الله عنهما أنه دخل على عمر وبين يديه مال، فنشج حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال:"وددت إني أنجو كفافاً لا لي ولا عليّ"2.

وعن عبد الرحمن بن سابط، قال:"أرسل عمر رضي الله عنه إلى سعيد بن عامر، فقال: "إنا مستعملوك على هؤلاء تجاهد بهم"، فقال: "لا تفتني"، فقال عمر: "والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم عني"3.

وعن أبي عبد الله4، قال: قال عمر رضي الله عنه: "من خاف الله لم يشف غيظه، ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد، [و] 5 لولا يوم القيامة لكان غير ما ترون"، كذا ذكره من اختصر سيرة ابن الجوزي عن أبي عبد الله ولا أعرف من هو6.

وعن عبد الرحمن بن عوف، قال:"أرسل إليّ - يعني عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فأتيته فدخلت عليه فإذا أنا بنحيب7، فإذا أمير / [92/أ] المؤمنين هكذا بوصف8 ابن عوف: أنه نائم على وجهه، فقلت: "إنا لله، اعترى أمير المؤمنين؟، قال:

1 عبد الله بن عباس.

2 يأتي تخريجه ص 630.

3 وأبو نعيم: الحلية 1/246، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/691، وهو ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن سابط لم يدرك عمر، عبد الرزاق: المصنف 11/348، عن جعفر بن برقان مرسلاً.

4 في تاريخ دمشق: (عن إبراهيم بن أدهم عن عبد الله، قال: قال عمر) . وأبو عبد الله لم أجد له ترجمة.

5 سقط من الأصل.

6 ابن الجوزي: مناقب ص 166، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 111، وهو ضعيف، لانقطاعه، ولجهالة بعض رجال الإسناد والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/264.

7 النَّحْبُ: أشدُّ البُكاء. (القاموس ص 174) .

8 في مناقب عمر: (يصف) .

ص: 628

فوضعت يدي عليه فقلت: يا أمير المؤمنين ليس عليك بأس"، فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا جفنتان بعضها فوق بعض، فقال: "ههنا هَانَ آلُ الخطاب على الله، أما والله لو كرمنا عليه لكان هذا إلى صاحبيَّ بين يدي، فأقاما لي فيه أمر أقتدي به"، فقلت: "اجلس نتفكر، قال: فكتبنا المحقين1 في سبيل الله تعالى، أربعة" - يعني آلاف - وأصاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أربعة، وأصاب من دون ذلك ألفين ألفين، حتى وزَّعنا ذلك المال"2.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان عمر رضي الله عنه إذا صلى صلاة جلس للناس، فمن كانت له حاجة كلّمه، وإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل فصلى صلوات لا يجلس3 فيها للناس، فحضرت الباب، فقلت: يا يرفأ أبأمير4 المؤمنين شكاة؟ قال: "ما بأمير المؤمنين شكاة"، فجلست، فجاء عثمان فجلس، فخرج يرفأ، فقال: "قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس"، فدخلنا على عمر فإذا بين يديه صبر من مال على كل صبرة منها كتِف5، فقال: "إني نظرت في أهل المدينة فوجدتكما في أكثر أهلها عشيرة، فخذا هذا المال فاقسماه، فما كان من فضل فرُدّا، ثم قال: أما كان هذا عند الله ومحمّد وأصحابه يأكلون القِدّ6؟ "، فقلت: بلى والله لقد كان هذا عند الله ومحمّد وأصحابه يأكلون القدّ، وقلت: بلى والله لقد كان عند الله،

1 في الأموال ومناقب عمر: (المخففين) .

2 أبو عبيد: الأموال ص 263، وإسناده صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 166.

3 في الأصل: (لا جلس) ، وهو تحريف.

4 في الأصل: (أيا أمير) .

5 الكتف: عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب. (لسان العرب 9/294) .

6 القِدّ: السير الذي يُقَدُّ من الجلد. (لسان العرب 3/344) .

ص: 629

ومحمّد وأبو نعيم: الحلية ولو عليه لصنع غير الذي تصنع، فغضب، فقال:"إذاً صنع ماذا؟ "، قال: قلت: إذاً أكل وأطمعنا، فنشج عمر حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال:"وَدِدْتُ لو أني خرجت منها كفافاً لا عليّ ولا لي"1.

وفي الصحيح عن ابن أبي مليكة، قال:"كاد الخيِّران يهلكان، أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم2، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع3: "لا أحفظ اسمه"، فقال أبو بكر لعمر: "والله ما أردت إلا خلافي"، قال: "ما أردت خلافك"، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواَتكُم فَوْقَ صَوتِ النَّبيِّ ولَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهْرِ بَعْضِكُم لِبَعضٍ} [الحجرات: 2] الآية. قال ابن الزبير4: "فما كان عمر يُسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر الصّديق

1 ابن سعد: الطبقات 3/288، وإسناده صحيح. الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/521، 522. أبو يعقوب بن الصلت: مسند عمر ص 98، 99، والحميدي كما في المطالب العالية 2/178، والبزار كما في كشف الأستار 4/255، 256، البيهقي: والسنن: 6/358، 359، وابن الجوزي: مناقب ص 166.

2 وهو بنو تميم بن مُرّ بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وفد أشرافهم على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"هم أشدّ أُمتي على الدجال"، قال:"وجاءت صدقاتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه صدقات قومنا"، وكانت سبيّة منهم عند عائشة، فقال: "أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل". (البخاري: الصحيح رقم: 4108، سيرة ابن هشام 4/277، جمهرة أنساب العرب ص 206) .

3 نافع بن عمر الجمحي، ثقة ثبت، توفي سنة تسع وستين ومئة. (التقريب ص 558) .

4 عبد الله بن الزبير.

ص: 630

- رضي الله عنهما"1.

وفي رواية، فقال أبو بكر:"أَمِّر القعقاع بن معبد2"، وقال عمر:"بل أمِّر الأقرع بن حابس"3.

قال أسامة بن مرشد: "وكان عمر رضي الله عنه لشدة خوفه من الله تعالى، يسأل الناس عن نفسه"4.

عن بُسر بن عبيد الله5 أن عمر رضي الله عنه قال لحذيفة6: "نشدتك الله، وبحق الولاية عليك، كيف / [92 / ب] تراني؟ "، قال:"ما علمت إلا خيراً"، فنشده بالله، فقال:"إن أخذت فيء الله فقسمته في ذات الله فأنت7 أنت، وإلا فلا". فقال: "والله إن الله ليعلم وما آكل إلا حصتي، وما آكل إلا وجبتي، ولا ألبس إلا حلتي"8.

وقال مالك صاحب الدار: "غدوت على عمر رضي الله عنه فقال: "كيف

1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1833، رقم:4564.

2 الدارمي.

3 مختارات من الخطب الملكيّة: التفسير 4/1834، رقم:4566.

4 أسامة بن مرشد: مناقب عمر لابن الجوزي ص 167.

5 في الأصل: (بشر بن عبد الله)، وفي مناقب عمر:(بشر بن عبد الله)، وفي تاريخ المدينة:(عن زيد بن واقد عن بشر بن عبيد الله)، وفي الأموال:(زيد بن واقد بن بسر ابن عبيد الله يرويه عن عائذ الله أبي إدريس". ولعلّه الصواب. قال ابن حجر: "بُسر بن عبيد الحضرمي الشّاميّ، ثقة حافظ من الرابعة". (التقريب ص122) .

6 ابن اليمان.

7 مطموس في الأصل، سوى (فأنـ) .

8 ابن زنجويه: الأموال: 2/602، وإسناده صحيح، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/777، الفسوي: المعرفة والتاريخ 2/769، ابن الجوزي: مناقب ص 167.

ص: 631

أصبح الناس؟ "، قلت: بخير، قال: "سمعتَ شيئاً؟ "، قلت: "ما سمعتُ إلا خيراً"1.

وقال عطاء الخراساني2: "دخل فتى شاب على عمر رضي الله عنه فقال له عمر: "ما رأيتَ3 مني؟ "، قال: "رأيتك ألقيت إزارك وفيه4 ملبس"5.

وفي مسند الإمام أحمد عن دُجَين أبو الغصن6 البصري، قال:"قدمت المدينة، فلقيت أسلم مولى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقلت: حدّثني عن عمر، قال: "لا أستطيع أخاف أن أزيد أو أنقص كنا إذا قلنا لعمر: حدّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخاف أن أزيد حرفاً أو أنقص، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب عليّ فهو في النار" 7.

وفي أحاديث عفان بن مسلم الصفار عن كعب8 قال: "كنت عند عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: "يا كعب خوفنا"، قلت: يا أمير المؤمنين أو ليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ "، قال:"بلى، ثم قال: "خوفنا يا كعب"، فقلت:

1 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/778، وابن الجوزي: مناقب ص 167.

2 عطاء بن أبي مسلم الخراساني، صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس، توفي سنة خمس وثلاثين ومئة. (التقريب ص 392) .

3 في الأصل: (رأيت) ، وهو تحريف.

4 في الأصل: (أوفيه) ، وهو تحريف.

5 ابن شبه: تاريخ المدينة2/778، وهو ضعيف لانقطاعه، ابن الجوزي: مناقب ص167.

6 دُجين بن ثابت اليربوعي البصري، ضعيف. (ميزان الاعتدال 2/23) .

7 أحمد: المسند 1/296، وإسناده ضعيف، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 326، وقال:"إسناده ضعيف، دجين البصري ضعيف"، الذهبي: ميزان الاعتدال 2/24، وعزاه لابن عدي الهيثمي: مجمع الزوائد 1/142، وقال:"رواه أحمد وأبو يعلى وفيه دجين بن ثابت أبو الغصن وهو ضعيف ليس بشيء".

8 كعب بن ماتع الحميري.

ص: 632

"يا أمير المؤمنين، اعمل عمل رجل لو وافيته يوم القيامة بعمل سبعين نبياً لا زدرأت عملك مما ترى، فأطرق عمر ملياً، ثم قال: "زدنا يا كعب"، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق، ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرّها، قال: فأطرق عمر ملياً ثم قال: "زدنا يا كعب"، قلت: يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفِر1 زفرةً لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا خرّ جاثياً2 على ركبتيه، حتى إن إبراهيم خليله ليخرّ جاثياً على ركبتيه، ويقول: ربِّ نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، فأطرق عمر ملياً، قلت: يا أمير المؤمنين، أوليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال: "كيف؟ "، قلت: قوله تعالى في هذه الآية: {وَيَومَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عن نَفْسِهَا وتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُم لا يُظْلَمُون} [النحل: 111]3.

وعن وهب بن كيسان4 قال: "سئل عمر5 هل على النساء آذان؟ قال: [أنا] 6 أنهى عن ذكر الله؟ "7.

وفي "مسند" الشافعي8 عن مولى عثمان بن عفان، قال: (بينا أنا مع

1 لتزفر زفرة: سمع لتوقّدها صوت. (القاموس ص 513) .

2 جثا: جلس على ركبتيه. (لسان العرب 14/131) .

3 ابن المبارك: الزهد ص 75، 76، وإسناده صحيح إلى شريح بن عبيد، لكنه مرسل. أحمد: الزهد ص 121، 122، وفي إسناده عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

4 القرشي مولاهم، ثقة، من كبار الرابعة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 585) .

5 في المصنف: (سئل ابن عمر) .

6 سقط من الأصل.

7 وابن أبي شيبة: المصنف 1/223، وإسناده حسن، فيه محمّد بن عجلان وهو صدوق. وأبو خالد الأحمر وهو صدوق يخطئ. (التقريب رقم: 2457، 6136) .

8 محمّد بن إدريس المطلبي الشافعي، المكي، نزيل مصر، رأس الطبقة التاسعة، وهو المجدّد لأمر الدين على رأس المائتين. توفي سنة أربع ومئتين. وله أربع وخمسون سنة. (التقريب ص 467) .

ص: 633

عثمان بن عفان في ماله بالعالية، في يوم صائف إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، على الأرض مثل الفراش من الحرّ، فقال: ما على هذا لو أقام المدينة حتى يبرد الحرّ ثم يروح؟ "، ثم دنا الرجل، فقال: انظر فنظرت فإذا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقلت: هذا أمير المؤمنين، فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: "ما أخرجك هذه الساعة؟ "، فقال: "بكران من إبل الصدقة فأردت أن ألحقها بالحِمى، وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما"، فقال عثمان: "يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء ونكفيك"، فقال: "عد إلى ظلك ومائك"، ومضى، فقال عثمان: "من أراد أن ينظر إلى القويّ الأمين فلينظر إلى هذا، فعاد إلينا فألقى نفسه"1.

وكان رضي الله عنه يقول: "لو مات جدي بطف الفرات لخشيت أن يحاسب الله به"2. / [93 / أ] .

1 الشافعي: المسند ص 390، وهو ضعيف لجهالة أحد رجال الإسناد.

2 سبق تخريجه ص 736، 737.

ص: 634