الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك قال آدم كلارك في تفسيره: إن الكل متفقون على أن مضمون ما جاء في النسخة العبرانية في غاية الإشكال، وعلى أن السامرية في حق أسفار موسى الخمسة أصح من غيرها، وعلى أن التواريخ تؤيد ما جاء في السامرية.
وقال جامعو تفسير هنري وإسكات: إن عبارة السامرية صادقة وتزيل كل مشكل وقع في المتن.
فظهر أن علماء أهل الكتاب لا توجيه عندهم لعبارة سفر الخروج 12 / 40 التي في النسخة العبرانية سوى الاعتراف بأنها غلط.
[الغلط في عدد بني إسرائيل حينما خرجوا مع موسى من أرض مصر]
2 -
الغلط في عدد بني إسرائيل حينما خرجوا مع موسى من أرض مصر: ففي سفر العدد 1 / 44 -47: (44) هؤلاء هم المعدودون الذين عدهم موسى وهارون. . . (45) فكان جميع المعدودين من بني إسرائيل حسب بيوت آبائهم من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب في إسرائيل (46) كان جميع المعدودين ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين (47) وأما اللاويون حسب سبط آبائهم فلم يعدوا بينهم) .
يفهم من النص السابق أن عدد القادرين على القتال ممن هم في سن العشرين سنة فما فوق من بني إسرائيل الخارجين من مصر مع موسى وهارون عليهما السلام كان (603550) ، وأن جميع أفراد سبط اللاويين ذكورا وإناثا غير داخلين في هذا العدد، وكذلك جميع إناث بني إسرائيل، وجميع الذكور الذين هم دون سن العشرين غير داخلين في هذا العدد أيضا، فلو ضممنا إلى هذا العدد جميع المتروكين والمتروكات لا يكون الكل أقل من مليونين ونصف مليون نفس، وهذا غير صحيح لعدة أمور:
ا - لأنه ورد في سفر التكوين 46 / 27 وفي سفر الخروج 1 / 5 وفي سفر التثنية 10 أن جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون (70) نفسا.
ب - لأن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت مائتين وخمس عشرة (215) سنة فقط.
ج- لأنه ورد في سفر الخروج 1 / 15 -22 أن بني إسرائيل قبل خروجهم من مصر بمقدار ثمانين (80) سنة كان مواليدهم الذكور يقتلون وتستحيا الإناث.
فإذا عرفت هذه الأمور الثلاثة يجزم العقل بالغلط في العدد المذكور (603550) ـ بل لو قطعنا النظر عن قتل مواليدهم الذكور وفرضنا أن عددهم كان يتضاعف في كل خمس وعشرين سنة، فإن عدد (70) سيتضاعف في مدة (215) سنة تسع مرات، فلا يبلغ عددهم أكثر من ستة وثلاثين ألفا (36000) ، فكيف يكون عدد المقاتلين منهم (603550) ؟! وإذا كان مقاتلوهم أكثر من نصف مليون فوجب أن لا يقل عدد جميع بني إسرائيل عن مليونين ونصف، وهذا ممتنع جدا لا يقبله العقل السليم، ولو لوحظ القتل فامتناعه في العقل أظهر. وإلى إنكار هذا العدد (603550) مال العلامة المحقق ابن خلدون في مقدمة تاريخه؛ لأن الذي بين يعقوب وموسى إنما هو ثلاثة آباء أي أربعة أجيال، فهو على حسب ما في سفر الخروج 6 / 16 -20 وسفر العدد 3 / 17 -19:(موسى بن عمران بن قهات بن لاوي بن يعقوب) ، ويبعد أن يتشعب النسل من سبعين نفسا في أربعة أجيال إلى مثل هذا العدد.
وهناك أمران أيضا يؤيدان وقوع الغلط في هذا العدد:
ا - ورد في سفر الخروج 12 / 38 -42 أنه خرج معهم من مصر غنم وبقر ومواش وافرة جدا، وأنهم عبروا البحر ليلة واحدة، وأنهم كانوا يرتحلون كل يوم، وكان يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الذي يصدر عن موسى مباشرة بدون واسطة. وقد نزل بنو إسرائيل بعد عبورهم البحر حول طور سيناء عند الاثنتي عشرة عينا، ولو كانوا بنو إسرائيل بالعدد المذكور فيستحيل أن يعبروا البحر مع مواشيهم في ليلة واحدة، ويستحيل أن يرتحلوا كل يوم ولا يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الصادر من موسى، كما أن المكان حول طور سيناء لا يتسع لكثرتهم وكثرة مواشيهم.
ب - ورد في سفر الخروج 1 / 15 -22 أنه كان لبني إسرائيل في مصر قابلتان فقط لتوليد نسائهم، وإليهما صدر الأمر الفرعوني بقتل كل مولود ذكر من أبنائهم، فلو كان عدد بني إسرائيل بالقدر المذكور يستحيل أن تكفي قابلتان لتوليد نسائهم، ولوجب أن يكون بينهم مئات القوابل.
فالحق أن عدد بني إسرائيل كان بالقدر الذي يمكن تناسله من سبعين (70) نفسا في مدة مائتين وخمس عشرة (215) سنة، وتكفيه قابلتان للتوليد، وتكفي ليلة واحدة لخروجهم مع مواشيهم من أرض مصر إلى أرض سيناء، وأن هذا العدد كان يكفيه الأمر اللساني من موسى عليه السلام لارتحالهم كل يوم، وأن المكان المحيط بطور سيناء يكفي لنزولهم مع مواشيهم، ونجزم بلا أدنى سك أن العدد المذكور في سفر العدد 1 / 44-47 (أي أن مقاتلي بني إسرائيل فقط كانوا 603550) غلط يقينا.