الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن تقع مثل هذه الأمور، ويعد ذلك طعنا في النبي ونبوته، وبعض أهل الكتاب استدلوا بمثل هذه الأمور على مثل ما قلنا، وجزموا بمثل ما جزمنا به.
[التحريف للانتصار لعقيدة التثليث]
9 -
التحريف للانتصار لعقيدة التثليث: ففي رسالة يوحنا الأولى 5 / 7 -8: (7) فإن الذين يشهدون (في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد (8) والذين يشهدون في الأرض) هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد) .
وقد كان أصل العبارة على ما قال محققوهم هكذا: (فإن الذين يشهدون هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد) ، وهذا نص طبعة سنة 1865م. أي بدون الزيادة التي بين القوسين المعقوقتين.
أما نص طبعة سنة 1825م و1826م فهكذا: (لأن الشهود الذين يشهدون ثلاثة وهم الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة تتحد في واحد) .
والنصان متقاربان، فزاد معتقدو التثليث في المتن فيما بين أصل العبارة العبارة التالية:(في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد والذين يشهدون في الأرض) فهذه العبارة التي هي مستند أهل التثليث إلحاقية يقينا، أي من التحريف بالزيادة، وقد قال كثير من المحققين المتعصبين بأنها إلحاقية واجبة الإخراج، مثل كريسباخ وشولز وهورن وآدم كلارك وجامعو تفسير هنري وإسكات.
وأما العالم أكستاين الذي هو أعلم علماء النصارى في القرن الرابع الميلادي، والذي هو إلى الآن عمدة أهل التثليث، وكان يناظر فرقة إيرين التي تنكر التثليث، فقد كتب عشر رسائل في شرح رسالة يوحنا الأولى، ولم ينقل
هذه العبارة في رسالة من رسائله العشر، ولم يستدل بها على منكري التثليث، وراح يرتكب التكلف البعيد، فكتب في الحاشية أن المراد بالماء: الآب، وبالدم: الابن، وبالروح: الروح القدس، ولو كانت هذه العبارة الإلحاقية موجودة في عهده، لتمسك بها ولنقلها في رسائله للاستدلال بها ضد المنكرين للتثليث، ولكن يظهر أن معتقدي التثليث بعد أكستاين استفادوا من هذا التكلف البعيد والتفسير الغريب، فاخترعوا هذه العبارة التي هي مفيدة لعقيدتهم الباطلة، وأدخلوها في رسالة يوحنا الأولى، وجعلوها جزءا من المتن.
وفي المناظرة الكبرى التي تمت في الهند سنة 1270هـ 1854 م بين الشيخ رحمت الله الكيرانوي وبين القسيسين الدكتور فندر وشريكه فرنج أقر القسيسان بأن هذه العبارة محرفة، وسلما بالتحريف في سبعة مواضع أخرى.
وقد كتب هورن اثنتي عشرة ورقة في تحقيق هذه العبارة، فقام بتلخيصها جامعو تفسير هنري وإسكات، وفي تلخيصهم ذكروا أدلة الذين يثبتون أن هذه العبارة كاذبة كما يلي:
1 -
أن هذه العبارة لا توجد في نسخة من النسخ اليونانية المكتوبة قبل القرن السادس عشر الميلادي.
2 -
أن هذه العبارة لا توجد في النسخ المطبوعة التي طبعت بالجد والتحقيق التام في الزمان الأول.
3 -
أن هذه العبارة لا توجد في أكثر النسخ القديمة اللاتينية، ولا توجد أيضا في ترجمة من التراجم القديمة غير الترجمة اللاتينية.
4 -
أن هذه العبارة لم يتمسك بها أحد من القدماء ولا مؤرخو الكنيسة.
- أن هذه العبارة أسقطها من المتن أئمة فرقة البروتستانت ومصلحو دينهم، وبعضهم وضع عليها علامة الشك.
وبهذا يظهر لك جليا أن النصارى كانوا يحرفون كتبهم قصدا إذا رأوا في التحريف مصلحة لهم أو انتصارا لعقيدتهم، والعجب أن باب التحريف الذي كان واسعا قبل اختراع المطابع، مازال مفتوحا وما انسد بعد اختراعها، فهذا لوثر الإمام الأول لفرقة البروتستانت والرئيس الأقدم ترجم الكتب المقدسة باللسان الجرمني ليستفيد منها أتباعه، وطبعت هذه الترجمة مرارا في حياته، ولم يكتب هذه العبارة في ترجمته ولا ظهرت في الطبعات المتكررة أثناء حياته، وفي آخر حياته أعاد طباعتها سنة 1456م، فأوصى في مقدمة هذه الطبعة:(أن لا يحرف أحد ترجمتي) ، لكن هذه الوصية لما كانت مخالفة لعادة أهل الكتاب عموما ولعادة النصارى خصوصا، لم يلتزموا بها وعملوا بعكسها، فلم يمضي على موته ثلاثون سنة حتى قام أهل مدينة فرانكفورت بألمانيا سنة 1574م بطباعة ترجمة لوثر، فأدخلوا فيها هذه العبارة الجعلية الكاذبة، ثم أعيدت طباعتها بعد ذلك عدة مرات، فأسقطوها من الطبعات اللاحقة خوفا من طعن الخلق عليهم، ثم قام أهل مدينة وتنبرغ بألمانيا بإعادة طباعة ترجمة لوثر سنة 1596م و1599م فأدخلوا فيها هذه العبارة، ومثلهم كذلك أهل مدينة هامبورغ، حيث طبعوا ترجمة لوثر سنة 1596 م فأدخلوا فيها هذه العبارة، ثم خاف أهل مدينة وتنبرغ من اختلاف الطبعات للترجمة الواحدة أن يجر ذلك طعن الخلق عليهم، فأعادوا طباعتها مرة أخرى فأسقطوا منها هذه العبارة، ثم ما رضي النصارى البروتستانت بهذا التردد بين الإدخال والإسقاط، فأجمعوا على