الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الرابع إثبات وقوع النسخ في كتب العهدين]
[بيان معنى النسخ]
الفصل الرابع
إثبات وقوع النسخ في كتب العهدين النسخ: مصدر نسخ ينسخ نسخا، ويأتي في اللغة بمعنيين:
الإبطال والإزلالة ، يقال: نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح الأثر، ونسخ الحاكم الحكم.
ومنه قوله تعالى في سورة البقرة آية 106: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] وقوله تعالى في سورة الحج آية 52: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: 52] أي يزيله ويبطله فلا يبقى له أثرا.
النقل والتحويل، يقال: نسخ الكتاب: أي نقله وكتبه حرفا بحرف، ونسخت النحل العسل: أي حولته من مكان إلى آخر، ومنه قوله تعالى في سورة الجاثية آية 29:{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29]
والنسخ في الاصطلاح الإسلامي: بيان مدة انتهاء الحكم العملي الجامع للشروط، ويعرف أيضا بأنه: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.
والنسخ عندنا نحن المسلمين لا يطرأ على القصص والأخبار، ولا على الأمور العقلية القطعية مثل: أن الله موجود وأنه واحد، ولا على العقائد مثل: وجوب الإيمان وحرمة الكفر والشرك، ولا على الأحكام المؤبدة، كقوله تعالى في سورة النور آية 4:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] ولا على الأحكام المؤقتة قبل وقتها المعين، ولا على الأدعية. وإنما يطرأ النسخ على الأحكام العملية المحتملة
للوجود والعدم، وأن تكون غير مؤبدة ولا مؤقتة، وتسمى الأحكام المطلقة.
ولا يقصد المسلمون بالنسخ المصطلح عندهم ما يقصده اليهود الذين يجوزون البداء على الله تعالى؛ لأن معنى البداء: ظهور الشيء بعد خفائه، أي أن الله أمر بشيء أو نهى عن شيء دون أن يعلم عاقبة الأمر والنهي، ثم بدا له رأي فنسخ الحكم الأول، وهذا فيه لزوم الجهل على الله - والعياذ بالله من هذه العقيدة الفاسدة وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- لكن معنى النسخ المصطلح عند المسلمين أن الله تعالى كان يعلم أن هذا الحكم من الأمر أو النهي يكون باقيا على المكلفين به إلى وقت معين في علم الله ثم ينسخه الله، أي إذا جاء الوقت المعين في علم الله يعطي الله المكلفين حكما آخر يظهر منه للمكلفين الزيادة على الحكم الأول أو النقصان منه أو رفعه نهائيا، فهذا الحكم الآخر هو في الحقيقة بيان انتهاء العمل بالحكم الأول، ولكننا نحن المكلفين لأننا لم نكن نعلم بالحكم الآخر ولا بوقت وروده، ولأن الحكم الأول لم يكن مؤقتا وكنا نظن دوامه، فعند ورود الحكم الآخر نظن لقصور علمنا أن هذا تبديل وتغيير للحكم الأول، ولكن هو بالنسبة إلى الله ليس تبديلا ولا تغييرا، وإنما هو بيان انتهاء العمل بالحكم الأول ، ولكن هو بالنسبة إلى الله ليس تبديلا ولا تغييرا، وإنما هو بيان انتهاء العمل بالحكم الأول، وفي هذا حكم ومصالح للعباد يعلمها الله وسواء ظهرت لنا أو لم تظهر؛ لأن جميع الأحكام التي يشرعها الله لعباده فيها مصلحتهم، إما في جلب منفعة أو تكميلها، وإما في درء مفسدة أو تقليلها، والحكم والمصالح تكون نظرا إلى حال المكلفين والزمان والمكان، وهذا لا يعلمه أحد إلا الله سبحانه، لذلك كان نسخ الأحكام حقا لله وحده، وليس البداء من هذا القبيل، وهو ممتنع في حق الله سبحانه؛ لأن علم الله أزلي أبدي يعلم