الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الباب الرابع إثبات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]
[المسلك الأول ظهور المعجزات الكثيرة على يده عليه السلام]
[النوع الأول بيان إخباره عن المغيبات الماضية والمستقبلة]
الباب الرابع
إثبات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفيه: - ستة مسالك، وأربع بشارات.
المسلك الأول - ظهور المعجزات الكثيرة على يده صلى الله عليه وسلم، وهي نوعان: أما النوع الأول: ففي بيان إخباره عن المغيبات الماضية والمستقبلة.
أما المغيبات الماضية فكثيرة جدا، كقصص الأنبياء، وقصص الأمم البالية، من غير أن يسمعها من أحد ولا تلقنها من كتاب، وإلى هذا المعنى وردت الإشارة في قوله تعالى في سورة هود آية 49:
: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [هود: 49] والمخالفة الحاصلة بين القرآن الكريم وبين كتب أهل الكتاب في بيان بعض القصص هي مخالفة قصدية؛ لبيان أن هذه الكتب محرفة، وأن القرآن الكريم أتى بالحق كما قال تعالى في سورة النمل آية 76:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [النمل: 76]
وأما المغيبات المستقبلة فكثيرة جدا أيضا وردت في الأحاديث، مثل:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة بفتح مكة وبيت المقدس واليمن والشام والعراق، وأن الأمن يظهر حتى ترحل المرأة من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا الله، وأن خيبر تفتح على يد علي رضي الله عنه في غد يومه، وأنهم يقسمون كنوز فارس والروم، وأن بنات فارس تخدمهم، وأن فارس ستزول ولا فارس بعدها، وأما الروم فذات قرون كلما هلك قرن خلفه قرن آخر، والمراد بالروم الفرنج وسائر النصارى، وهذه الأمور كلها وقعت في زمن الصحابة رضي الله عنهم كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
وأخبر أن الفتن لا تظهر مادام عمر حيا، وكان كما أخبر، وكان عمر رضي الله عنه سد باب الفتنة.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عثمان يقتل وهو يقرأ في المصحف، وأن أشقى الآخرين الذي يقتل عليا، وأن عمارا تقتله الفئة الباغية، فاستشهد الثلاثة رضي الله عنهم كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يظهر في قبيلة ثقيف كذاب (متنبىء) ومبير (مهلك) ، فظهرا كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فقد ادعى النبوة المختار الثقفي، فقاتله أمير البصرة (مصعب بن الزبير) فقتله في الكوفة سنة 67هـ / 687 م، والمهلك هو الحجاج الثقفي المتوفى سنة 95هـ / 714 م.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الوباء يكون بعد فتح بيت القدس، فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فقد ظهر هذا الوباء بعد فتح القدس بثلاث سنوات في خلافة عمر رضي الله عنه في قرية عمواس البعيدة عن القدس حوالي 20كم، وبها كان اجتماع العسكر، وكان هو أول طاعون وقع في الإسلام، مات به سبعون ألفا.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أم حرام بنت ملحان النجارية الأنصارية، أنها وناسا من أمته يركبون البحر غزاة في سبيل الله، فركبت البحر مع زوجها عبادة بن الصامت رضي الله عنهما لفتح جزيرة قبرص بقيادة أمير الشام معاوية رضي الله عنه في خلافة عثمان رضي الله عنه، فلما خرجت من البحر وقربت إليها دابتها لتركبها فصرعتها فماتت ودفنت في موضعها سنة 27هـ / 647 م، وكانت أول امرأة ماتت في غزو المسلمين للبحر.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن ابنته فاطمة أول أهله لحوقا به، فتوفيت رضي الله عنها في رمضان سنة 11هـ / 632 م بعد ستة أشهر من وفاته صلى الله عليه وسلم.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سيد، وسيصلح الله به
بين فئتين عظيمتين، ووقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بويع بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة 40هـ، ودامت خلافته سبعة أشهر، ثم كره اقتتال المسلمين، فتنازل عن الخلافة في جمادى الأولى سنة 41هـ لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله به بين أهل العراق وأهل الشام، وسمي هذا العام عام الجماعة.
9 -
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الحسين بن علي رضي الله عنهما يقتل بالطف (مكان في ناحية الكوفة على شط نهر الفرات ويعرف الآن بكربلاء) ، فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
- وأخبر صلى الله عليه وسلم سراقة بن جعشم أنه يلبس سواري كسرى، فلما أتى بهما عمر رضي الله عنه في خلافته ألبسهما إياه تنفيذا لوعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عمر رضي الله عنه: الحمد لله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة.
- وأخبر صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه حين وجهه لأكيدر بن عبد الملك الكندي - صاحب دومة الجندل - أنه يجده يصيد البقر، فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
- وأخبر صلى الله عليه وسلم أن نارا ستخرج من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل في بصرى، فخرجت هذه النار العظيمة قرب المدينة المنورة في جمادى الآخرة سنة 654 هـ، واشتدت حتى اضطربت الأرض بمن عليها، وارتفعت الأصوات لخالقها، وأيقن أهل المدينة بالهلاك، وبقي الناس في زلزال شديد حتى انطفأت في 27 رجب، وأخبار هذه النار مدونة في كتب التواريخ، وفيها كتب مستقلة، وذكرها البخاري ومسلم في صحيحيهما قبل ظهورها بمقدار أربعمائة سنة.