الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترى حوله الأنصار يحيون سربهم
…
بسمر العوالي والصّفيح البواتر
إذا الحرب دارت عند كلّ عظيمة
…
ودارت رحاها باللّيوث الهوامر
تبلّج منه اللّون وازداد وجهه
…
كمثل ضياء البدر بين البواهر
قال معاوية يوماً لعمرو بن مرّة الجهنيّ: هل لك أن تقوم مقامً تقول: إن قضاعة من معدّ، وأطعمك مصر والعراق سنةً؟ قال: إذا شئت. فتقدّم معاوية إلى أصحابه أن يكونوا حول المنبر، وجاء عمرو بن مرّة يرفل في حلله حتى صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: من الرجز
يا أيّها السّائل يوم المعجر
…
حيث التقينا في العجاج الأكبر
قضاعة بن مالك بن حمير
…
النّسب المعروف غير المنكر
فقال معاوية: مالك قطع الله لسانك؟ فقام إليه ابنه زهير فقال: يا أبه، ما كان عليك أن تشفع أمير المؤمنين ويطعمك مصر والعراق سنة! فأنشأ عمرو يقول: من الكامل
يوماً أطعتك يا زهير كسوتني
…
في النّاس ضاحيةً ثياب صغار
أنبيع والدنا الذي ندعى له
…
بأبي معاشر غائب متوار
قحطان والدنا الذي نسمو به
…
وأبو خزيمة خندف بن نزار
قال خليفة: وفيها يعني سنة تسع وخمسين شتا عمرو بن مرّة بأرض الرّوم في البرّ، ولم يكن عامئذ بحر.
عمرو بن مرّة الحنفيّ
شاعر من أهل الحجاز، وفد على عبد الملك بن مروان، ويقال: على يزيد بن عبد الملك.
عن الهيثم عن عديّ، قال: كان بالمدينة أربعة فتيان، فاصطحبوا على المنادمة وصحيح الإخاء، يتقارضون الشّعر، ويتباينون العشق، منهم عمرو بن مرّة الحنفيّ، وصعب بن سفيان الحارثيّ، وزيد بن سعد التّميميّ، وسفيان بن الحارث النّوفليّ؛ وكانوا يغدون كلّ يوم إلى جوار لعمرو بن أبي ربيعة المخزوميّ للمذاكرة، فعلق كلّ واحد منهم واحدةً منهنّ وعلقته، حتى فشا أمرهم وبلغ ذلك عمر بن أبي ربيعة، فجمعهنّ عنهم؛ فاشتدّ لذلك وجدهم، ونحلت أجسامهم، وتغيّرت ألوانهم؛ فاجتمعوا يجيلون الرّأي بينهم، فقال بعضهم: ما الرّأي إلاّ الخروج إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نستعديه على الهوى، يصف كلّ واحد منّا ما يلقى في أبيات من الشّعر. فتجهزّوا وخرجوا حتى قدموا على عبد الملك بن مروان، فوافوه يوم قعد للمظالم، فدخلوا في جملة النّاس، فتقدّم عمرو بن مرّة الحنفيّ وكان أكبر القوم سنّاً فرفع إلى عبد الملك قصّته، وفيها هذه الأبيات: من الطويل
تغيّر وجه الأرض إذ غيّب البدر
…
وحالفني الهجران لاسلم الهجر
على غير ذنب كان منّي عملته
…
سوى أنّني نوّهت: أن غلب الصّبر
وأن امرءاً يبدي تباريح قلبه
…
إلى إلفه إذ شفّه الشّوق والذّكر
حقيق بأن يصفو له الودّ والهوى
…
ويصرف عنه العيب إذ صرح القدر
فقل يا أمير المؤمنين فإنّما
…
أتيناك كي تقضي إذا وضح الأمر
فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته: من الطويل
لقد وضحت فيك القضيّة يا عمرو
…
وأنت حقيق أن يحلّ بك الهجر
لأنك أظهرت الذي كان كاتماً
…
ونوّهت بالحبّ الذي ضمن الصّدر
فبحت به في النّاس حتى إذا بدا
…
دقيق الهوى ناديت: أن غلب الصّبر
فألاّ بكتمان الهوى متّ صابراً
…
فتهلك محموداً وفي كفّك العذر
فلست أرى إذ بحت بالحبّ والهوى
…
جزاءك إلاّ أن يعاقبك البدر
وتقدّم زيد بن سعد، فرفع قصّته، وفيها: من الطويل
ومالكة للرّوح منّي تطلّعت
…
بناب فؤادي نحوها بالتّبسّم
فلمّا رأت في القلب تصوير حبّها
…
أشارت بأنفاس ولم تتكلّم
فباح الهوى منها ومنّي صبابة
…
بمكنون أسرار الضّمير المكتّم
فأيقنت أن القلب قد قال: مرحبا
…
وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيّم
فأمسكت منها بالرّجاء وأمسكت
…
بأردان قلب مستهام متيّم
فقل يا أمير المؤمنين فإنّما
…
إليك رحلنا في الحكومة فاحكم
فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته: من الطويل
سأحكم يا زيد بن سعد عليكما
…
وأقضي بحقّ واجب غير مبهم
ذكرت بأن القلب منك بكفّها
…
وحبّك منها في الضّمير المكتّم
فقد قاسمتك الحبّ منها فما أرى
…
سبيلاً عليها في الحكومة فاعلم
تمسّكت منها بالرّجاء وأمسكت
…
بأردان روح القلب منك المتيّم
فأخف هواها في فؤادك لا تبح
…
به يا بن سعد في الأنام فتصرم
فإنّ بكتمان الهوى يظفر الفتى
…
بكلّ كعاب كالرّبيب المنعّم
ورفع صعب بن سفيان قصّته، وفيها: من الطويل
تذكّرت أيّام الرّضى منك في الهوى
…
على المطل منكم بالعصارة والتعب
وفعل كريم قد يجازى بمثله
…
إذا نحن أجرينا الهوى غاية الحبّ
وإحداثك الهجران من بعد صبوة
…
على غير ما جرم جنيت ولا ذنب
كأني على جمر الغضا من صدودكم
…
يقلّبني جنباً لظهر على جنب
فقل يا أمير المؤمنين فإنّما
…
أتيناك كي تقضي لقلب على قلب
فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته: من الطويل
يحكّمني صعب وقد شفّه الهوى
…
ولست أرى في الحكم جوراً على صعب
لقد جارت الحوراء يا صعب في الهوى
…
عليك وما أحدثت ذنباً سوى الحبّ
علام وفيم الصّدّ منها وما أرى
…
لها سبباً يدني إلى سبب العتب
فإن هي لم تقبل عليك بودّها
…
وتلقاك منها بالبشاشة والرّحب
فحكمي عليها أن تجازى بفعلها
…
كذلكم أقضي لقلب على قلب