الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عوف بن عبد الرحمن
أبو عديّ الغسانيّ
عوف بن مالك أبو عبد الرحمن
ويقال: أبو محمد ويقال: أبو حمّاد ويقال: أبو عبد الله الأشجعيّ، الغطفانيّ.
شهد الفتح، ويقال: كانت معه راية أشجع، وكانت داره بدمشق عند سوق الغزل العتيق.
روى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع من خرج مع يزيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤته، فرافقني مدديّ من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين زورا، فسأله المدديّ طائفةً من جلده، فأعطاه إيّاه، فاتّخذه كهيئة الدّرق، ومضينا، فلقينا جموع الرّوم وفيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرّوميّ يغري بالمسلمين، وقعد له المدديّ خلف صخرة، فضرب الرّوميّ، فخرّ من فرسه، فقتله، فحاز فرسه وسلاحه؛ فلّنا فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد، فأخذ منه السّلب. قال عوف: فأتيته، فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسّلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكنّي استكثرته. قلت: لتردّنّه إليه أو لأعرفنّكما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأبى أن يرد عليه.
قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصّة المدديّ وما فعل خالد؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا خالد، ما حملك على ما صنعت؟ " قال: يا رسول الله، استكثرته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ردّ عليه ما أخذت منه ". فقلت: دونك يا خالد، ألم أقل لك؟ فقال رسول الله عليه وسلم:" وما ذاك؟ " فأخبرته، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:" يا خالد، لا تردّه عليه؛ هل أنتم تاركو لي أمرائي، لكم صفوة أمرهم، وعليهم كدره ".
عن سويد بن غفلة، قال: كنّا مع عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين بالشّام، فأتاه نبطيّ مضروب مشجّج؛ فغضب غضباً شديداً، فقال لصهيب: من صاحب هذا؟ فانطلق صهيب فإذا هو عوف بن مالك الأشجعيّ. فقال له: إن أمير المؤمنين قد غضب غضباً شديداً، فلو أتيت معاذ بن جبل فمشى معك إلى أمير المؤمنين. فإني أخاف عليك بادرته. فجاء معه معاذ؛ فلّما انصرف عمر من الصّلاة قال: أين صهيب؟ قال: أنا هذا يا أمير المؤمنين، إنه عوف بن مالك، فاسمع منه ولا تعجل عليه. فقال له عمر: مالك ولهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيته يسوق امرأة مسلمة، فنخس الحمار ليصرعها، فلم تصرع؛ دفعها فخرّت عن الحمار، فغشيها، ففعلت ما ترى. قال: ائتني بالمرأة لتصدّقك. فأتى عوف المرأة، فذكر الذي قاله عمر. قال أبوها وزوجها: ما أردت بهذا؟ فضحتنا. فقالت المرأة: والله لأذهبنّ معه إلى أمير المؤمنين. فلّما اجتمعت على ذلك قال أبوها وزوجها: نحن نبلّغ عنك أمير المؤمنين. فأتيا فصدّقا عوف بن مالك بما قال. قال عمر لليهوديّ: والله ما على هذا عاهدناكم. فأمر به فصلب، ثم قال: يا أيّها النّاس، فوا بذمّة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن فعل هذا فلا ذمّة له. قال سويد بن غفلة: فإنه لأول مصلوب رأيته.
قال محمد بن عمر: شهد عوف بن مالك خبير مسلماً، وكانت راية أشجع مع عوف بن مالك يوم فتح
مكة، وتحوّل عوف بن مالك إلى الشام في خلافة أبي بكر، فنزل حمص، وبقي إلى أول خلافة عبد الملك بن مروان، مات سنة ثلاث وسبعين.
عن إسماعيل بن رافع، قال: غزا عوف مع يزيد بن معاوية بقسطنطينيّة.
عن أبي مسلم الخولانيّ، قال: حدّثني الحبيب الأمين فأمّا هو إليّ فحبيب، وأمّا هو فأمين عوف بن مالك الأشجعيّ، قال: كنّا عند رسول الله عليه وسلم سبعة أو ثمانيةً أو تسعةً، قال:" ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " يردّدها ثلاث مرّات، فقدّمنا أيدينا، فقلنا: يا رسول الله، قد بايعناك؛ فعلام نبايعك؟ فقال:" على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، والصّلوات الخمس " وأسرّ كلمة خفيفةً فقال: " ولا تسألوا النّاس شيئاً ". قال: فلقد رأيت ذلك النّفر يسقط سوطه، فما يسأل أحداً يناوله إيّاه.
عن أنس، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه؛ بين سلمان وأبي الدّرداء، وآخى بين عوف بن مالك وصعب بن جثامة.
حدّث عوف بن مالك، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من أدم، فتوضّأ وضوءاً مكيناً، فقلت: يا رسول الله، أأدخل؟ قال:" نعم ". قلت: كلّي؟ قال: " كلّك ". قال: " يا عوف، ستّاً بين يدي السّاعة " قلت: وما هي يا رسول الله؟ قال: " موتي " قال: فوجمت لها، فقال:" قل: إحدى " قلت: إحدى. " والثانية: فتح بيت المقدس، والثالثة موتان فيكم مثل قعاص الغنم، والرّابعة إفاضة المال، حتى يعطى الرّجل مئة دينار فيظل يتسخّطها، وفتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، وهدنة بينكم وبين بني الأصفر ثم يغدرون فيأتونكم في ثمانين غاية، تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفاً ".
عن عوف بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه فيء قسمه من يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى العزب حظّاً، فدعينا، فكنت أدعى قبل عمّار بن ياسر، فدعيت وأعطاني حظّين، وكان لي أهل؛ ثم دعا بعدي عمّار بن ياسر فأعطاه حظّاً واحداً، فسخط حتى عرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، ومن حضره، فبقيت فضلة من ذهب، فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يرفعها بطرف عصاه، فتسقط، ثم يرفعها فتسقط، وهو يقول:" فكيف أنتم يوم يكثر لكم من هذا؟ " فلم يجبه أحد، فقال عمّار: وددنا لو كثر لنا فصبر من صبر، وفتن من فتن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لعلّك تكون فيه شرّ مقتول ".
عن عوف، قال: عّرس بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترسّد كلّ إنسان منّا ذراع راحلته، فانتبهت بعض اللّيل فإذا أنا لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند راحلته، فأفزعني ذلك، فانطلقت ألتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعريّ، وإذا هما قد أفزعهما ما أفزعني؛ فبينا نحن كذلك إذ سمعنا هزيزاً بأعلى الوادي كهزيز الرّحى، فأخبرناه بما كان من أمرنا، فقال النّبيّ الله صلى الله عليه وسلم:" أتاني اللّيلة آت من ربّي عز وجل فخيّرني بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنّة، فاخترت الشّفاعة " فقلت: أنشدك الله يا بني الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك. قال: " فإنكم من أهل شفاعتي ". قال: فانطلقنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى النّاس، فإذا هم قد فزعوا حين فقدوا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم:" أتاني آت من ربّي عز وجل فخيّرني بين الشّفاعة وبين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة، فاخترت الشّفاعة ". فقالوا: ننشدك الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك. فلّما انضمّوا عليه، قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم:" فإني أشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله عز وجل شيئاً ".
قال عوف بن مالك الأشجعيّ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صّلى على جنازة، يقول:" اللهم اغفر له، وارحمه، واعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، ووسّع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد، ونقّه من الخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الدّنس، وأبدله بداره داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النّار ".