الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عن أسامة بن سليمان، أن أبا ذرّ حدّثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله عز وجل يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب " قيل: يا رسول الله، وما الحجاب؟ قال:" تموت النّفس وهي مشركة ".
عمر بن الوليد بن سعيد بن هشام
ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأمويّ كان يسكن ربض باب الجابية.
عمر بن الوليد بن عبد الملك
ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمّية أبو حفص الأمويّ أمّه كنديّة من ولد حجر بن عمرو، وكان يقال له: فحل بني مروان، وكان يركب معه من ولده ستّون لصلبه؛ ولاّه أبوه الوليد الموسم والغزو، واستعلمه على الأردنّ مدّة ولايته.
حكى عن عمر عبد العزيز، قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة، وهو ناحل الجسم، فخطب كما كان يخطب، ثم قال: أيّها النّاس، من أحسن منكم فليحمد الله، ومن أساء فليستغفر الله، فإنه لابدّ لأقوام أن يعملوا أعمالاً وظّفها الله في رقابهم وكتبها عليهم.
عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: لمّا دفن عمر بن عبد العزيز سليمان بن عبد الملك وخرج من قبره سمع للأرض هدّةً
أو رجّةً فقال: ما هذه؟ فقيل: هذا مركب الخلافة يا أمير المؤمنين، قرّبت إليك لتركبها. فقال: ما لي ولها، نحّوها عنّي، قرّبوا إليّ بغلتي؛ فقربت إليه بغلته فركبها، فجاءه صاحب الشّرط يسير بين يديه بالحربة؛ فقال: تنحّ عنّي، ما لي ولك، إنّما أنا رجل من المسلمين. فسار وسار معه النّاس حتى دخلوا المسجد، فصعد المنبر واجتمع النّاس إليه، فقال: يا أيّها النّاس، إنّي قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي منّي فيه ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين، وإنّي قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم. فصاح النّاس صيحةً واحدةً: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضيناك، فل أمرنا باليمن والبركة. فلمّا رأى الأصوات قد هدّت ورضي النّاس به جميعاً، حمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلّى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كلّ شيء، وليس من تقوى الله خلف؛ فاعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا ذكر الموت وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، فإنه هادم اللّذّات؛ وإن من لا يذكر من آبائه فيما بينه وبين آدم أباً حيّاً لمعرق له في الموت، وإن هذه الأمة لا تختلف في ربّها عز ّو جلّ ولا في نبيّها صلى الله عليه وسلم ولا في كتابها، إنّما اختلفوا في الدّينار والدّرهم، وإني والله لا أعطي أحداً باطلاً ولا أمنع أحداً حقّاً. ثم رفع صوته حتى أسمع النّاس فقال: يا أيّها النّاس من أطاع الله فقد وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له؛ أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. ثم نزل فدخل، فأمر بالسّتور فهتكت، والثّياب التي كانت تبسط للخلفاء فحملت، وأمر ببيعها وإدخال أثمانها في بيت مال المسلمين. ثم ذهب يتبوّأ مقيلاً، فأتاه ابنه عبد الملك بن عمر فقال: يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بنيّ، أقيل. قال: تقيل ولا تردّ المظالم؟ قال: أي بنيّ، قد سهرت البارحة في أمر عمّك سليمان، فإذا صلّيت الظّهر رددت المظالم. قال: يا أمير المؤمنين من لك أن تعيش إلى الظّهر؟ قال:
ادن منّي أي بنّي. فدنا منه فالتزمه وقبّل بين عينيه، وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني. فخرج ولم يقل، وأمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها؛ فقام إليه رجل ذمّيّ من أهل حمص أبيض الرّأس واللّحية، فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله. قال: وما ذاك؟ قال: العبّاس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي والعبّاس جالس فقال له: يا عبّاس ما تقول؟ قال: أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وكتب لي بها سجلاًّ. فقال عمر: ما تقول يا ذمّيّ؟ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله عز وجل. فقال عمر: كتاب الله أحقّ أن يتّبع من كتاب الوليد بن عبد الملك، قم فاردد عليه يا عبّاس ضيعته. فردّ عليه؛ فجعل لا يدع شيئاً ممّا كان في يديه وفي يد أهل بيته من المظالم إلاّ ردّها مظلمةً مظلمةً. فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك، فكتب إليه: إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء وعبت عليهم، وسرت بغير سيرتهم بغضاً وشناناً لمن بعدهم من أولادهم، قطعت ما أمر الله أن يوصل إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها بيت المال جوراً وعدواناً، فاتّق الله يا ابن العزيز وراقبه، إن شططت لم تطمئن على منبرك، خصصت أولي قرابتك بالظلم والجور، فو الذي خصّ محمداً صلى الله عليه وسلم بما خصّه به لقد ازددت من الله عز وجل بعداً في ولايتك هذه؛ إن زعمت أنها عليك بلاء فأقصر بعض ميلك، واعلم أنك بعين جبّار وفي قبضته، ولن تترك على هذا، اللهم فسل سليمان بن عبد الملك عمّا صنع بأمّة محمد صلى الله عليه وسلم.
فلمّا قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه، كتب إليه: بسم الله الرّحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد، السّلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين، أمّا بعد: فقد بلغني كتابك، وسأجيبك بنحو منه؛ أما أول شأنك ابن الوليد كما زعم فأمّك بنانة أمة للسّكون كانت تطوف في سوق حمص وتدخل في حوانيتها، ثم الله أعلم بما اشتراها دينار بن دينار من فيء المسلمين فأهداها لأبيك، فحملت بك، فبئس المحمول وبئس المولود، ثم نشأت فكنت جبّاراً عنيداً، تزعم أني من الظالمين أن حرمتك وأهل بيتك في