المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قيس بن سعد بن عبادة - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢١

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ حرف القاف

- ‌قابيل ويقال قابين ويقال له قاين

- ‌القاسم بن إسماعيل بن عرباض

- ‌القاسم بن الحسن بن محمد بن يزيد

- ‌القاسم بن سعيد بن شريح

- ‌القاسم بن سلام

- ‌القاسم بن شمر

- ‌القاسم بن صفوان بن إسحاق

- ‌القاسم بن عبد الله بن إبراهيم

- ‌القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله

- ‌القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن

- ‌القاسم بن عبد الرحمن بن عضاه الأشعري

- ‌القاسم بن عبد الغني بن جمعة

- ‌القاسم بن عبيد الله بن الحبحاب

- ‌القاسم بن عثمان

- ‌القاسم بن عبي

- ‌القاسم بن عمر بن معاوية الربعي

- ‌القاسم بن عيسى بن إبراهيم

- ‌القاسم بن عيسى بن إدريس

- ‌القاسم بن الليث بن مسرور

- ‌القاسم بن محمد بن أبي سفيان الثقفي

- ‌القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق

- ‌القاسم بن محمد بن عبد الملك

- ‌القاسم بن محمد بن أبي عقيل الثقفي

- ‌القاسم بن مخيمرة

- ‌القاسم بن المساور البغدادي الجوهري

- ‌القاسم بن موسى بن الحسن

- ‌القاسم بن هاشم بن سعيد

- ‌القاسم بن هزان الخولاني الداراني

- ‌القاسم بن يزيد بن عوانة

- ‌القاسم بن يزيد العامري

- ‌القاسم الجوعي الكبير

- ‌قباث بن أشيم الليثي

- ‌قبصة بن جابر بن وهب

- ‌قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة

- ‌قبيصة بن ضبيعة بن حرملة

- ‌قبيصة العبسي

- ‌قتادة بن النعمان بن زيد

- ‌قتير حاجب معاوية

- ‌قتير

- ‌قحدم بن أبي قحدم النضر

- ‌قحطبة بن شبيب بن خالد

- ‌قدامة بن حماطة الضبي الكوفي

- ‌قرتع التغلبي

- ‌قرة بن شريك بن مرثد

- ‌قريش بن الحسين بن روشك

- ‌قريش بن هشام بن عبد الملك

- ‌قزعة بن يحيى ويقال ابن الأسود

- ‌قسام بن إبراهيم بن محمد بن القاسم

- ‌قسطنطين بن عبد الله

- ‌قسيم بن هشام بن محمد

- ‌قسيم مولى معاوية

- ‌قصير ويقال قيصر

- ‌قضاعي بن عامر

- ‌فطبة بن عامر

- ‌‌‌قطن

- ‌قطن

- ‌قطن مولى آل الوليد بن عبد الملك

- ‌قعدان بن عمر

- ‌قعقاع بن أبرهة الكلاعي

- ‌قعقاع بن خليد بن جزء

- ‌قعقاع بن شور السدوسي الذهلي

- ‌القعقاع بن عمرو التميمي

- ‌قعنب بن ضمرة

- ‌قنان بن دارم بن أفلت بن ناشب بن هدم بن عوذ بن غالب بن قطيعة

- ‌قواد مولى سليمان بن عبد الملك

- ‌قوام بن زيد بن عيسى

- ‌قيس بن بسر السندي

- ‌قيس بن ثور بن مازن

- ‌قيس بن الحارث

- ‌قيس بن الحجاج بن خولي الحميري

- ‌قيس بن حفص

- ‌قيس بن حمزة بن مالك

- ‌قيس بن ذريح بن سنة

- ‌قيس بن سعد بن عبادة

- ‌قيس بن عباد

- ‌قيس بن عباية بن عبيد

- ‌قيس بن أبي حازم عبد عوف

- ‌قيس بن عمرو

- ‌قيس بن عمرو بن مالك

- ‌قيس بن مشجر

- ‌قيس بن موسى

- ‌قيس بن هانئ العبسي

- ‌قيس بن هبيرة المكشوح

- ‌قيس الهلالي

- ‌قيظى بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة

- ‌ حرف الكاف

- ‌كابس بن ربيعة بن مالك

- ‌كافور أبو المسك الإخشيدي

- ‌كافور بن عبد الله

- ‌كالب بن يوفنا بن بارص

- ‌كامل بن أحمد بن محمد

- ‌كامل بن ديسم بن مجاهد

- ‌كامل بن علي بن سلم

- ‌كامل بن محمد بن عبد الله

- ‌كامل بن المخارق الصوفي

- ‌كامل بن مكرم أبو العلاء

- ‌كتائب بن علي بن حمزة

- ‌كثير بن الحارث

- ‌كثير بن زيد

- ‌كثير بن زيد بن محمد

- ‌كثير بن شهاب بن الحصين ذي الغصة

- ‌كثير بن الصلت بن معدي كرب

- ‌كثير بن عبد الله

- ‌كثير بن عبيد بن نمير

- ‌كثير بن قيس

- ‌كثير بن كثير

- ‌كثير بن مرة

- ‌كثير بن ميسرة

- ‌كثير بن هراسة الكلابي البصري

- ‌كثير بن هشام

- ‌كثير بن يسار

- ‌كثير الصنعاني اليماني

- ‌كثير بن عبد الرحمن بن الأسود

- ‌كدام بن حيان العنزي

- ‌كريب بن أبرهة بن الصباح

- ‌كريب بن الصباح الحميري

- ‌كريب بن أبي مسلم

- ‌كريم بن عفيف بن عبد الله

- ‌كعب بن جعيل بن قمير

- ‌كعب بن حامد

- ‌كعب بن خريم بن جندب

- ‌كعب بن عبد الله

- ‌كعب بن عجرة

- ‌كعب بن عمير الغفاري

- ‌كعب بن ماتع بن هيتوع

- ‌كعب بن مالك بن أبي كعب

- ‌كعب بن معدان الأزدي

- ‌كلثوم بن زياد

- ‌كلثوم بن عياض بن وحوح

- ‌كلياتكين التركي

- ‌كليب بن عيسى بن أبي حجير

- ‌كميت بن زيد بن خنيس

- ‌كميل بن زياد بن نهيك

- ‌كنانة بن بشر بن سلمان

- ‌كنجور بن عيسى

- ‌كنيز بن عبد الله

- ‌كوثر بن الأسود

- ‌كوثر بن حكيم بن أبان

- ‌كوثر النميري

- ‌كهيل بن حرملة النميري

- ‌كلاب بن أمية

- ‌كلاب

- ‌كيسان

- ‌كيسان أبو حريز

- ‌ حرف اللام

- ‌لبطة بن همام الفرزدق

- ‌لبيب بن عبد الله

- ‌لبيد بن حميد بن لبيد

- ‌لبيد ين عطارد بن حاجب

- ‌لجلاج أبو خالد بن اللجلاج الزهري

- ‌لقيط بن عبد القيس بن بجرة

- ‌لمازة بن زبار

- ‌لوط بن هاران

- ‌لؤلؤ بن عبد الله أبو الحسن

- ‌لؤلؤ بن عبد الله أبو محمد

- ‌لؤلؤ بن عبد الله القيصري

- ‌لؤلؤ بن عبد الله البشراوي

- ‌الليث بن تميم الفارسي

- ‌ليث بن أبي رقية الثقفي

- ‌الليث بن سعد بن عبد الرحمن

- ‌ليث بن سليمان بن سعد الخشني

- ‌ليث الليثي

- ‌ حرف الميم

- ‌محمد بن أحمد بن إبراهيم

- ‌محمد بن أحمد بن إسحاق

- ‌محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس

- ‌محمد بن أحمد بن إسماعيل بن علي

- ‌محمد بن أحمد بن أيوب

- ‌محمد بن أحمد بن بشر

- ‌محمد بن أحمد بن بكير

- ‌محمد بن أحمد بن تغلب

- ‌محمد بن أحمد بن أبي جحوش

- ‌‌‌محمد بن أحمد بن جعفر

- ‌محمد بن أحمد بن جعفر

- ‌محمد بن أحمد بن جعفر

- ‌محمد بن أحمد بن الحسن أبو حاتم

- ‌محمد بن أحمد بن الحسن أبو الحسين

- ‌محمد بن أحمد بن حماد

- ‌محمد بن أحمد بن أبي حماد

- ‌محمد بن أحمد بن حمدان

- ‌محمد بن أحمد بن خالد

- ‌محمد بن أحمد بن داود بن سيار

- ‌محمد بن أحمد بن راشد

- ‌محمد بن أحمد بن رزقان

- ‌‌‌محمد بن أحمد بن سعيد

- ‌محمد بن أحمد بن سعيد

- ‌‌‌محمد بن أحمد بن سليمان

- ‌محمد بن أحمد بن سليمان

- ‌محمد بن أحمد بن سعد

- ‌محمد بن أحمد بن سهل بن عقيل

- ‌محمد بن أحمد بن سهل بن نصر

- ‌محمد بن أحمد بن سيد حمدويه

- ‌محمد بن أحمد بن الضحاك

- ‌محمد بن أحمد بن طالب

- ‌محمد بن أحمد بن الطيب

- ‌محمد بن أحمد بن عبادة

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الله

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الله البغدادي

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الله المروزي

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الباقي

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الخالق

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الرحمن

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الواحد

- ‌محمد بن أحمد بن عبد الواحد

- ‌محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض

- ‌محمد بن أحمد بن عثمان

- ‌محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد

- ‌محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج

- ‌محمد بن أحمد بن عرفجة

- ‌محمد بن أحمد بن علي

- ‌محمد بن أحمد بن علي بن محمد

- ‌‌‌محمد بن أحمد بن علي

- ‌محمد بن أحمد بن علي

- ‌محمد بن أحمد بن علي أبي القاسم

- ‌محمد بن أحمد بن علي الهروي

- ‌محمد بن أحمد بن عمارة

- ‌محمد بن أحمد بن عمران

- ‌محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد

- ‌محمد بن أحمد بن عياض

- ‌محمد بن أحمد بن عيسى

- ‌محمد بن أحمد بن عيسى السعدي

- ‌محمد بن أحمد بن الفضل

- ‌محمد بن أحمد بن القاسم

- ‌محمد بن أحمد بن لبيد

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن مطر

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أبان

- ‌محمد بن أحمد بن محمد البعلبكي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن الصلت

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن شيبان

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب

- ‌محمد بن أحمد بن خلف

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الأنباري

- ‌محمد بن أحمد بن محمد السلمي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن منصور

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري

- ‌محمد بن أحمد بن محمد البزار

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن موسى

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الصواف

- ‌محمد بن أحمد بن محمد البغدادي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن ورقاء

- ‌محمد بن أحمد بن محمد أبو البركات

- ‌محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌محمد بن أحمد بن محمد البغدادي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد الأندلسي

- ‌محمد بن أحمد بن محمد القصاع

- ‌محمد بن أحمد بن المثنى

- ‌محمد بن أحمد بن محمويه

- ‌محمد بن أحمد بن المرزبان المرزباني

- ‌محمد بن أحمد بن المعلى بن يزيد

- ‌محمد بن أحمد بن نصر البغدادي

- ‌محمد بن أحمد بن الوليد

- ‌محمد بن أحمد بن الوليد بن هشام

- ‌محمد بن أحمد بن هارون

- ‌محمد بن أحمد بن هاشم

- ‌محمد بن أحمد بن الهيثم

- ‌محمد بن أحمد بن الهيثم التميمي

- ‌محمد بن أحمد بن يحيى الدمشقي

- ‌محمد بن أحمد بن يحيى البغدادي

- ‌محمد بن أحمد بن يحيى بن حيي

- ‌محمد بن أحمد بن يزيد

- ‌محمد بن أحمد بن يعقوب

- ‌محمد بن أحمد بن يوسف

- ‌محمد بن أحمد أبو عبد الله

- ‌محمد بن أحمد أبو الحسن

- ‌محمد بن أحمد أبو الفرج الغساني

- ‌محمد بن أحمد أبو عبد الله

- ‌محمد بن أحمد الجلاب

- ‌محمد بن أحمد أبو بكر الهروي

- ‌محمد بن أحمد أبو مظفر

- ‌محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني

- ‌محمد بن إبراهيم بن محمد السوسي

- ‌محمد بن إبراهيم بن أحمد الشراك

- ‌محمد بن إبراهيم بن إسحاق

- ‌محمد بن إبراهيم بن أسد

- ‌محمد بن إبراهيم بن إسماعيل

- ‌محمد بن إبراهيم بن جعفر

- ‌محمد بن إبراهيم بن الحارث

- ‌محمد بن إبراهيم بن الحسين

- ‌محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني

- ‌محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي

- ‌محمد بن إبراهيم بن سعيد

- ‌محمد بن إبراهيم بن سهل

- ‌محمد بن إبراهيم بن أبي عامر

- ‌محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأنطاكي

- ‌محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأسترباذي

- ‌محمد بن إبراهيم الطوسي

- ‌محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد

- ‌محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن

- ‌محمد بن إبراهيم بن عبدويه

- ‌محمد بن إبراهيم بن علي

- ‌محمد بن إبراهيم بن العلاء

- ‌محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد

- ‌محمد بن إبراهيم بن محمد بن رواحة

- ‌محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد

- ‌محمد بن إبراهيم بن محمد الأسدي

- ‌محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم

- ‌محمد بن إبراهيم بن مخلد

- ‌محمد بن إبراهيم بن مسلم

- ‌محمد بن إبراهيم بن مسلم بن البطال

- ‌محمد بن إبراهيم بن المسيب

- ‌محمد بن إبراهيم الهاشمي القرشي

- ‌محمد بن إبراهيم أبو حمزة

- ‌محمد بن إبراهيم أبو بكر الصوري

- ‌محمد بن إبراهيم أبو الفضل

- ‌محمد بن إبراهيم أبو عبد الله

- ‌محمد بن إدريس بن إبراهيم

- ‌محمد بن إدريس بن الحجاج

- ‌محمد بن إدريس بن العباس

الفصل: ‌قيس بن سعد بن عبادة

وأكتم أسرار الهوى وأميتها

إذا باح مزاح بهن بروق

صبوحي إذا ما ذرت الشمس ذكركم

ولي ذكركم عند المساء غبوق

أطعت وشاة لم يكن لي فيهم

خليل ولا حان علي شفيق

فإن تسألاني عن لبينى فإنني

بها مغرم صب الفؤاد مشوق

سعى الدهر والواشون بيني وبينها

فقطع حبل الوصل وهو وثيق

وله: " من الطويل "

تعلق روحي روحها قبل خلقنا

ومن بعد ما كنا نطافاً وفي المهد

فزاد كما زدنا فأصبح نامياً

فليس وإن متنا بمنفصم العهد

ولكنه باق على كل حادث

وزائرنا في ظلمة القبر واللحد

‌قيس بن سعد بن عبادة

ابن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج أبو عبد الله - ويقال: أبو عبد الملك - الخزرجي الساعدي له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، وخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان منه بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. وقدم على معاوية دمشق.

ص: 102

عن ابن أبي ليلى قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية، فمرت بهما جنازة، فقاما، فقيل: إنما هو من أهل الأرض، فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل إنما هي جنازة يهودي، فقال:" أليست نفساً؟ ".

عن قيس بن سعد قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم، أن نصوم عاشوراء قيل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان لم يأمرنا، ولم ينهنا، ونحن نفعله.

وقال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعنا له ماء، فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسية، فالتحف بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه.

قال ابن عيينة: قدم قيس بن سعد على معاوية ليبايعه كما بايع أصحابه، فقال معاوية: وأنت يا قيس تلجم عني مع من ألجم!؟ أما والله لقد كنت أحب ألا يأتي هذا اليوم إلا وقد أصابك ظفر من أظفاري موجع! فقال له قيس: وأنا والله قد كنت كارهاً أن أقوم في هذا المقام، فأحيك بهذه التحية! قال: فقال له معاوية: ولم، وهل أنت إلا حبر من أحبار يهود؟ فقال له قيس: وأنت يا معاوية كنت صنماً من أصنام الجاهلية، دخلت في الإسلام كارهاً، وخرجت منه طائعاً. قال: فقال معاوية: اللهم غفراً مد يدك. قال: فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت.

أم قيس بن سعد بن عبادة فكيهة بنت عبيد بن دليم بن الحارثة. ولم يزل قيس مع علي حتى قتل علي، فرجع قيس إلى المدينة، فلم يزل بها حتى توفي في آخر خلافة

ص: 103

معاوية بن أبي سفيان. وكان قد أتى الشام والكوفة، وولي مصر لعلي بن أبي طالب، وكان قد شهد فتح مصر واختط بها.

وكان من دهاة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكرامهم، وأسخيائهم، وله أخ يسمى سعيد بن سعد.

حضر مع علي بن أبي طالب حرب الخوارج والنهروان، ووقعة صفين، وكان مع الحسن بن علي على مقدمته في المدائن، ثم لما صلح الحسن معاوية وبايعه دخل قيس في الصلح، وتابع الجماعة، ورجع إلى المدينة فتوفي بها.

قال الخطيب: قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة - بالحاء المهملة المفتوحة - وقيل: دليم بن حارثة بن خزيم بن أبي خزيمة - بالخاء المعجمة المرفوعة -.

كان قيس بن يعد رجل ضخماً جسيماً صغير الرأس، له لحية.

قال: وكان إذا ركب الحمار خطت رجلاه في الأرض - وفي رواية إلى الأرض.

عن يريم بن أسعد الخارفي قال: رأيت قيس بن سعد - وكان خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين - مسح على خفيه.

عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي

أن قيس بن سعد الأنصاري، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، أراد الحج، فرجل أحد شقي رأسه، فقام غلام، فقلد هديه، فنظر قيس، وقد رجل أحد شقي رأسه، فإذا هديه قد قلد، فأهل بالحج ولم يرجل شقه الآخر.

عن عاصم بن عمر بت قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل قيس بن سعد بن عبادة على الصدقة.

ص: 104

قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في سرية فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاثمائة رجل إلى ساحل البحر، إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد، فأمر أبو عبيدة بالزاد فجمع حتى إن كانوا ليقتسموه التمرة، فقيل لجابر: فما يغني ثلث تمرة؟ قال: لقد وجدوا فقدها. قال: ولم يك حمولة، إنما كانوا على أقداهم، وأباعر يحملون عليها زادهم. فأكلوا الخبط، وهو يومئذ ذو مشرة - يعني أنه رخص لين الأطراف قبل أن يغلظ - حتى إن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العضه. فمكثنا على ذلك حتى قال قائلهم: لو لقينا عدواً ما كان بنا حركة إليه، لما بالناس من الجهد، فقال قيس بن سعد: من يشتري مني تمراً بجزر، يوفيني الجزر هاهنا، وأوفيه التمر بالمدينة؟ فجعل عمر يقول واعجباه لهذا الغلام لا مال له، يدان في مال غيره! فوجد رجلاً من جهينة، فقال قيس بن سعد: بعني جزراً وأوفيك سقة من تمر بالمدينة. قال الجهني: والله ما أعرفك، ومن أنت؟ قال قيس " أنا يس بن سعد بن عبادة بن دليم، قال الجهنب: ما أعرفني بنسبك! أما إن بيني وبين سعد خلة، سيد أهل يثرب. فابتاع منه خمس جزائر، كل جزور بوسقن من تمر، يشترط عليه البدوي تمر ذخيرة مصلبة من تمر آل دليم، قال: يقول قيس: نعم، فقال الجهني: فأشهد لي، فأشهد له نفراً من الأنصار، معهم نفراً من المهاجرين، قال قيس: أشهد من تحب. فكان فيمن استشهد عمر بن الخطاب، فقال عمر: لا أشهد أبداً! هذا يدان ولا مال له؛ إنما المال لأبيه. قال الجهني: والله ما كان سعد ليخني بابنه في سقة من تمر، وأرى وجهاً حسناً، وفعالاً شريفاً. فكان بين عمر وقيس كلام حتى أغلظ له قيس الكلام، وأخذ قيس الجزر فنحرها لهم في

ص: 105

مواطن ثلاثة، كل يوم جزوراً؛ فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره، وقال: تريد أن تخرب ذمتك ولا مال لك؟! عن رافع بن خديج قال: أقبل عبيدة بن الجراح ومعه عمر بن الخطاب، فقال: عزمت عليك ألا تنحر، أتريد أن تخرب ذمتك ولا مال لك؟! فقال قيس: أبا عبيدة، أترى أبا ثابت وهو يقضي دين الناس، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة ولا يقضي عنه سقة من تمر لقوم مجاهدين في سبيل الله! فكاد أبو عبيدة أن يلين له، ويتركه حتى جعل عمر يقول: اعزم عليه، فعزم عليه، فأبى عليه أن ينحر، فبقيت جزوران معه - حتى وجد القوم الحوت، ورمى به البحر إليهم - فقدم بهما قيس المدينة ظهراً، يتعاقبون عليها. وبلغ سعد ما كان أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يك قيس كما أعرف فيوف ينحر للقوم. فلما قدم قيس لقيه سعد، فقال: ما صنعت في مجاعة القوم حيث أصابتهم؟ قال: نحرت، قال: أصبت، انحر، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت، قال: أصبت، انحر، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت، قال: أصبت، انحر، قال: ثم ماذا؟ قال: نهيت، قال: ومن نهاك؟ قال: أبو عبيدة بن الجراح أميري، قال: ولم؟ قال: زعم أنه لا مال لي وإنما المال لأبيك، فقلت: أبي يقضي عن الأباعد، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة ولا يصنع هذا بي. قال: فلك أربعة حوائط. قال: وكتب له بذلك كتاباً. قال: وأتى بالكتاب إلى أبا عبيدة فشهد فيه، وإلى عمر فأبى أن يشهد، وأدنى حائط منها يجد خمسين وسقاً. وقدم البدوي مع قيس، فأوفاه سقته، وحماه وكساه. فبلغ النبي فعل قيس، فقال:" أنه في بيت جود ".

ص: 106

عن جويرية بن أسماء قال: كان قيس بن سعد يستدين ويطعمهم، فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا الفتى أحلك مال أبيه، فمشيا في الناس، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم يوماً بأصحابه، فقام سعد بن عبادة خلفه، فقال: من يعذرني من أبي قحافة، وابن الخطاب يبخلان علي ابني! عن جابر بن عبد الله

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهم في بعث غليه قيس بن سعد بن عبادة، فجهدوا، فنحر لهم تسع ركائب. ومروا بالبحر فوجدوه قد ألقى دابة حوتاً عظيماً. فمكثوا عليه ثلاثة أيام يأكلون منه، ويغترفون شحمه في قربهم، فلما قدموا ذكروا الحوت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو نعلم أنا ندركه لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه ".

عن موسى بن عقبة قال: وقفت على قيس بن سعد عجوز، فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، فقال قيس: ما أحسن هذه الكناية! املؤوا بيتها خبزاً، ولحماً، وسمناً، وتمراً.

عن يحيى بن سعيد قال: كان قيس بن سعد بن عبادة يطعم الناس في أسفاره مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت لقيس بن سعد صحفة يدار بها حيث دار. قال: وكان إذا نفذ ما معه تدين، وكان ينادي في كل يوم: هلموا إلى اللحم والثريد.

عن محمد بن سلام قال: كان قيس بن سعد بن عبادة يقول: اللهم هب لي حمداً ومجداً، فإنه لا مجد إلا بفعال، ةلا فعال إلا بمال، اللهم لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه.

عن عروة قال: باع قيس بن سعد مالاً من معاوية بتسعين ألفاً، فأمر منادياً نادى في المدينة: من

ص: 107

أراد القرض فليأت منزل سعد؛ فأقرض أربعين أو خمسين، وأجاز بالباقي، وكتب على من أقرضه صكاً. فمرض مرضاً قل عواده، فقال لزوجته: قريبة بنت أبي قحافة - أخت أبي بكر -: يا قريبة، لم ترين قل عوادي؟ قالت: للذي لك عليهم من الدين. فأرسل إلى كل رجل بصكه.

قال سفيان: أقرض قيس بن سعد رجلاً ثلاثين ألفاً، فجاء يقضيه، فقال له قيس: إنا قوم إذا أعطينا شيئاً لم نرجع فيه.

قال قيس بن سعد: تمنيت أن أكون في حال رجل رأيته؛ أقبلنا من الشام، فإذا نحن بخباء، فقلنا: لو نزلنا هاهنا، فإذا امرأة في الخباء، فلم نلبث أن جاء رجل بذود له، فقال لامرأته: من هؤلاء؟ قالت: قوم نزلوا بك، فجاء بناقة، فضرب عرقوبيها، ثم قال: دونكم، وقال: يا هؤلاء، انحروها. قال: فنحرناها، فأصبنا من أطايبها. فلما كان من الغد جاءنا بأخرى، فضرب عرقوبيها، وقال: يا هؤلاء، انحروها. قال: فنحرناها، فقلنا اللحم عندنا كما هو! قال: إنا لا نطعم أضيافنا الغاب. قال: فقلت لأصحابي: إن هذا الرجل إن أقمنا عنده لم يبق عنده بعير، فارتحلوا بنا. وقلت لقيمي: اجمع ما عندك، قال: ليس إلا أربعمائة درهم، قلت: هاتها، وهات كسوتي. فجمعناه، فقلت: بادروه، فدفعنا إلى امرأته، ثم سرنا، فلم نلبث أن رأينا شخصاً، فقلت: ما هذا؟ قالوا: لا ندري! فدنا، فإذا رجل على فرس يجر رمحه، فإذا صاحبنا، فقلت: واسوأتاه! استقل والله ما أعطيناه. قال: فدنا، فقال: دونكم متاعكم، فخذوه، فقلت: والله ما كان إلا ما رأيت، ولقد جمعنا ما كان عندنا، قال: إني والله لم أذهب حيث تذهبون، فخذوه، قلنا: فلا نأخذه، قال: والله لأميلن عليكم برمحي ما بقي منكم رجل أو تأخذونه، قال: فأخذناه، فولى وقال: إنا لا نبيع القرى.

ص: 108

امترى ثلاثة في الأجواد، فقال رجل: أسخى الناس عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقال آخر: أسخى الناس في عصرنا هذا قيس بن سعد بن عبادة، وقال الثالث: أسخى الناس عرابة الأوسي. فتلاحوا، وأفرطوا، وكثر ضجيجهم في ذلك بفناء الكعبة، فقال لهم رجل: قد أكثرتم فلا عليكم يمضي كل واحد إلى صاحبه يسأله حتى ننظر ما يعطيه، ونحكم على العيان. فقام صاحب عبد الله بن جعفر، فصادفه وقد وضع رجله في غرز راحلته يريد ضيعة له، فقال له: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قل ما تشاء، قال: ابن سبيل، ومنقطع به. قال: فأخرج رجله من الغرز وقال: ضع رجلك واستو على الناقة، وخذ ما في الحقيبة، ولا تحد عن السف فأنه من سيوف علي بن أبي طالب، وامض لشأنك. قال: فجاء بالناقة والحقيبة فيها مطارف خز، وفيها أربعة آلاف دينار، وأعظمها وأجلها خطراً السيف.

ومضى صاحب قيس بن سعد بن عبادة، فلم يصادفه، وعاد، فقالت له الجارية: هو نائم، فما حاجتك إليه، قال: ابن سبيل، ومنقطع به، قالت: فحاجتك أيسر من إيقاظه، هذا كيس فيه سبعمائة دينار، ما في دار قيس مال في هذا اليوم غيره، وصر إلى معاطن الإبل، إلى مولانا بغلامينا، فخذ راحلة مرحلة، وما يصلحها، وعبداً، وامض لشأنك. فقيل: إن قيساً انتبه من رقدته، فخبرته المولاة بما صنعت، فأعتقها، وقال لها: ألا أنبهتني فكنت أزيده من عروض ما في منزلنا، فلعل ما أعطيته لم يقع بحيث أراد.

ومضى صاحب عرابة الأوسي إليه، فألفاه وقد خرج من منزله يريد الصلاة، وهو متوكئ على عبدين، وقد كف بصره، فقال: يا عرابة، قال: قل ما تشاء؟ قال: ابن سبيل، ومنقطع به، قال: فخلى على العبدين، ثم صفق بيده اليمنى على اليسرى، ثم قال: أوه أوه، والله ما أصبحت، ولا ما أمسي، وقد تركت الحقوق لعرابة من مال، ولكن خذهما - يعني العبدين - قال: ما كنت بالذي أفعل، أقص جناحيك! قال: إن لم

ص: 109

تأخذهما فهما حران، فإن شئت فأعتق، وإن شئت فخذ. وأقبل يلتمس الحائط بيده. قال: فأخذهما وجاء بهما.

قال: فحكم الناس على ابن جعفر: قد جاد بمال عظيم، وأن ذلك ليس بمستنكر له إلا أن السيف أجلها، وأن قيساً أحد الأجواد؛ حكم مملوكه في ماله بغير علمه، واستحسانه ما فعله، وعتقه لها، وما تكلم به. وأجمعوا على أن أسخى الثلاثة عرابة الأوسي؛ لأنه جهد من مقل.

عن معبد بن خالد قال: كان قيس بن سعد لا يزال هكذا رافعاً إصبعه للسبحة - يعني يدعو.

عن قيس بن سعد قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المكر والخديعة في النار "، لكنت من أمكر هذه الأمة.

عن ابن شهاب قال: وكان يعدون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يقال لهم: ذوو رأي العرب في مكيدتهم: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد، والمغيرة بن شعبة. ومن المهاجرين عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي. وكان قيس، وابن بديل مع علي عليه السلام وكان المغيرة معتزلاً بالطائف حتى حكم الحكمان واجتمعوا بأذرح.

عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان كان قد شق عليهما وعلى أهل الشام ما يصنع قيس بن سعد من مناصحة علي، وما ضيق على أهل الشام، فلا يحمل إليهم

ص: 110

طعام. فكان عمرو بن العاص ومعاوية جاهدين أن يخرجا قيساً من مصر، ويغلبا عليها، وكان قيس قد امتنع منهما بالمكيدة والدهاء، فمكرا بعلي في أمره، فكتب معاوية كتاباً في قيس إليه يذكر فيه ما أتى إلى عثمان من الأمر العظيم، وأنه على السمع والطاعة. ثم نادى معاوية: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في السلاح، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أهل الشام إن الله ينصر خليفته المظلوم، ويخذل عدوه. أبشروا، هذا قيس بن سعد، ناب العرب قد أبصر الأمر، وعرفه على نفسه، ورجع إلى ما عليه من السمع والطاعة، والطلب بدم خليفتكم. وكتب إلي بذلك كتاباً - وأمر بالكتاب فقرى - وقد أمر بحمل الطعام إليكم، فادعوا الله لقيس بن سعد، وارفعوا أيديكم، وابتهلوا له في الدعاء بالبقاء والصلاح. فعجوا، وعج معاوية وعمرو، ورفعوا أيديهم ساعة، ثم افترقوا، فأخذ معاوية بيد عمرو بن العاص، فقال: تحين خروج العيون اليوم إلى علي؛ يسير الخبر إليه سبعاً، أو ثمانياً، يكون أول من يعزل قيس بن سعد، فكل من ولي يكون أهون علينا من قيس، فتحينوا خبر علي؛ فلما ورد عليه الخبر كان أول من حمله إليه محمد بن أبي بكر، فأخبره بما صنع، ورفده الأشتر، ونالا من قيس، وقال: ألا استعملت رجلاً له حق، فجعل علي لا يقبل هذا القول على قيس بن سعد، ويقول: إن قيساً فيسر وشرف في جاهلية وإسلام، وقيس رجل العرب. فيأبى محمد بن أبي بكر أن يقصر عنه، فعزله علي.

عن يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة قال: قدم قيس بن سعد المدينة، فأرسلت إليه أم سلمى تلومه وتقول: فارقت صاحبك، قال: أنا لم أفارقه طائعاً هو عزلني. فأرست إليه: إني سأكتب إلى علي في أمرك. وراح قيس إليها، فأخبرها الخبر، فكتبت إلى علي تخبره بنصيحة قيس وأبيه في القديم والحديث، وتلومه على ما صنع، فكتب علي إلى قيس يعزم عليه إلا لحق به، قال: والله ما أخرج إليه إلا استحياء، وإني لأعلم أنه مقتول؛ معه جند سوء لا نية لهم. فقدم على علي فأكرمه وحباه.

ص: 111

وأخبره قيس بخبره، وما كان يعمل بمصر، فعرف علي أن قيساً كان يداري أمراً عظيماً من المكيدة التي قصر عنها رأي غيره، وأطاع علي قيساً في الأمر كله، وجعله على شرطة الخميس الذين كانوا يبايعون للموت. فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم، والأسود بن أبي البختري يتغيظ عليهما، وأنبهما أشد التأنيب وقال: أمددتما علياً بقيس بن سعد، برأيه ومكيدته؟ والله لو أمددتماه بمائة ألف مقاتل ما كان أغيظ لي بإخراج قيس بن سعد إليه! وكان قيس بن سعد لما قدم المدينة تآمر فيه الأسود بن أبي البختري، ومروان بن الحكم أن يبيتاه فيمن معهما، وبلغ ذلك قيساً، فقال: والله إن هذا لقبيح؛ أن أفارق علياً وإن عزلني، والله لألحقن به.

وكان قيس بن سعد بن عبادة مع علي بن أبي طالب في مقدمته، ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعدما مات علي. فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبى قيس بن سعد أن يدخل، وقال لأصحابه: ما شئتم؟ إن شئتم جالدت بكم أبداً حتى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أماناً. فقالوا: خذ لنا. فأخذ لهم: أن لهم كذا وكذا، ولا يعاقبون بشيء، وأنا رجل منهم، وأبى أن يأخذ لنفسه خاصة شيئاً. فلما ارتحل نحو المدينة ومعه أصحابه جعل ينحر كل يوم جزوراً حتى بلغ صراراً.

عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان قال: دخل قيس بن سعد بن عبادة مع رهط من الأنصار على معاوية، فقال لهم معاوية: يا مشر الأنصار، بم تطلبون ما قبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلاً معي كثيراً علي، ولفللتم حدي يوم صفين حتى رأيت المنايا تلظى في أسنتكم، ولهجوتموني بأشد من وخز الأشافي، حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله قلتم: ارع فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، هيهات، يأبى الحقين العذرة!

ص: 112

فقال قيس بن يعد: نطلب ما قبلك بالإسلام الكافي به، لا بما يمت به إليك الأحزاب. وأما عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك، وأما هجاؤنا إياك فقول يزول باطله، ويثبت حقه، وأما استقامة الأمر عليك فعلى كره كان منا، وأما فلنا حدك يوم صفين فإنا كنا مع رجل نرى طاعته لله طاعة، وأما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فمن آمن به رعاها بعده، وأما قولك:" يأبى الحقين العذرة " فليس دون الله يد تحجرك، فشأنك يا معاوية! فقال معاوية: سوءة ارفعوا حوائجكم.

عن رجل من ولد الحارث بن الصمة يكنى أبا عثمان أن ملك الروم أرسل إلى معاوية أن ابعث إلي بسراويل أطول رجل من العرب، فقال لقيس بن سعد: ما نظننا إلا قد احتجنا إلى سراويلك. قال: فقام، فتنحى، فجاء بها، فألقاها إلى معاوية، فقال: يرحمك الله، وما أردت إلى هذا؟ ألا ذهبت إلى بيتك فبعثت بها؟! فقال قيس:" من الطويل "

أردت بها أن يعلم الناس أنها

سراويل قيس والوفود شهود

وألا يقولوا غاب قيس وهذه

سراويل عادي نمته ثمود

وإني من الحي اليماني لسيد

وما الناس إلا سيد ومسود

فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم

شديد وخلقي في الرجال شديد

قال: فأمر معاوية بأطول رجل في الجيش، فوضعها على أنفه، قال: فوقعت في الأرض، قال: فدعا له بسراويل، فلما جاء بها قال له قيس: نح عنك ثيابك هذه، فقال معاوية:" من البسيط "

أما قريش فأقوام مسرولة

واليثربيون أصحاب التبابين

فقال قيس: " من البسيط "

تلك اليهود التي يعني ببلدتنا

كما قريش هم أقل السياخين

ص: 113