الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن عطاء بن أحمد
ابن محمد بن عطاء أبو عبد الله الروذباري الصوفي سكن صور وحدث عن جماعة، وحدث عنه جماعة.
حدث إملاء بصور بسنده عن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته.
قال أحمد بن عطاء: من خرج إلى العلم يريد العلم لم ينفعه العلم، ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم.
وقال الخطيب: سمعت أبا عبد الله الروذباري يقول: العلم موقوف على العمل به، والعمل موقوف على الإخلاص، والإخلاص لله يورث الفهم عن الله عز وجل.
قال أحمد بن عطاء: كان في استقصاء في أمر الطهارة، فضاق صدري ليلة من كثرة ما صببت من الماء ولم يسكن قلبي فقلت: يا رب عفوك، فسمعت هاتفاً يقول: العفو في العلم فزال عني ذلك.
دخل أبو عبد الله الروذباري دار بعض أصحابه، فوجده غائباً، وباب بيته مقفل، فقال: صوفي وله باب بيت مغلق، اكسروا القفل، فكسروا، فأمر بجميع ما وجدوا في الدار والبيت وأنفذه إلى السوق وباعوه وأصلحوا وقتاً من الثمن، وقعدوا في الدار، فدخل صاحب المنزل ولم يمكنه أن يقول شيئاً، فدخلت امرأته بعدهم الدار وعليها كساء، فدخلت بيتاً ورمت بالكساء وقالت: يا أصحابنا، هذا أيضاً من جملة المتاع فبيعوها. فقال الزوج لها: لم تكلفت هذا باختيارك؟ فقالت: اسكت، مثل الشيخ يباسطنا ويحكم علينا ويبقى لنا شيء ندخره عنه؟!
سئل أحمدبن عطاء عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق آدم على صورته، فقال: إن الله جل ثناؤه خلق الخلق مرتبة بعد مرتبة، ونقله من حال إلى حال، كما قال تعالى:" ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكين " إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين ". وخلق آدم بل نقلات من حال إلى حال، وإنما خلق صورته كما هي، ثم نفخ فيه من روحه فلأجله قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى خلق آدم على صورته.
قال أحمد بن عطاء:
كلمني جمل في طريق مكة: رأيت الجمال والمحامل عليها وقد مدت أعناقها في الليل فقلت: سبحان من يحمل عنها ما هي فيه، فالتفت إلي جملٌ فقال: قل جل الله. فقلت: جل الله.
قال أحمد بن عطاء: كنت راكباً جملاً فغاصت رجلا الجمل في الرمل، فقلت: جل الله، فقال الجمل: جل الله.
كان أبو عبد الله الروذباري إذا دعا أصحابه إلى دعوة في دور السوقة ومن ليس من أهل التصوف لا يخبر الفقراء، وكان يطعمهم شيئاً، فإذا فرغوا أخبرهم ومضى بهم، فكانوا قد أكلوا في الوقت، ولا يمكنهم أن يمدوا أيديهم إلى طعام الدعوة إلا بالتعذر. وإنما كان يفعل ذلك لئلا تسوء ظنون الناس بهذه الطائفة فيأثمون بسببهم.
وقيل: كان أبو عبد الله يمشي على إثر الفقراء يوماًن وكذا كانت عادته أن يمشي على إثرهم، وكانوا يمضون إلى دعوةٍ فقال إنسان: يقال هؤلاء المستحلون، وبسط لسانه فيهم، وقال: إن واحداً منهم استقرض مني مئة درهم ولم يرده، ولست أدري أين أطلبه، فلما دخلوا دار الدعوة قال أبو عبد الله لصاحب الدار، وكان من محبي هذه الطائفة: آتني بمئة درهم إن أردت سكون قلبي، فأتاه بها في الوقت، فقال لبعض أصحابه: احمل هذه المئة إلى البقال الفلاني وقل له: هذه المئة التي استقرض منك بعض أصحابنا، وقد وقع له في
التأخير عذر، وقد بعثه الآن فاقبل عذره، فمضى الرجل وفعل. فلما رجعوا من الدعوة اجتازوا بحانوت البقال فأخذ البقال في مدحهم ويقول: هؤلاء السادة الثقات الأمناء الصلحاء، وما في هذا الباب.
وقال أبو عبد الله الروذباري: أقبح من كل قبيح صوفي شحيح.
أنشد أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري: من الطويل
إذ أنت صاحبت الرجال فكن فتىً
…
كأنك مملوكٌ لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذباً وبارداً
…
على الكبد الحرى لكل صديق
أحمد بن عطاء الروذباري ابن أخت أبي علي الروذباري، يرجع إلى أنواع من العلوم، منها علم القرآن وعلم الشريعة وعلم الحقيقة وإلى أخلاق في التجريد يختص بها، يربي على أقرانه من تعظيم للفقر وأهله ورياضة للفقراء ومراتبهم، وهو أوحد مشايخ وقته في بابه وطريقته. توفي في ذي الحجة سنة تسع وستين وثلاث مئ بصور وكان نشأ ببغداد وأقام بها دهراً طويلاً، وانتقل عنها فنزل صور من بلاد ساحل الشام. وفيما روى أحاديث وهم فيها وغلط غلطاً فاحشاً. قال الصوري: ولا أظنه ممن كان يتعمد الكذب، لكنه شبه عليه.
قال أبو عبد الله الصوري: توفي أبو عبد الله الروذباري في قرية يقال لها منواث من عمل عكا، وحمل إلى صور فدفن بها، وكانت وفاته فجأة. وقيل إنه وقع من سطح.