الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنشد أبو العباس بن قبيس بسنده عن أبي بكر محمد بن سهل قال: أنشدني بعض أصحابنا: من المنسرح
أعتقني سوء ما صنعت من الر
…
ق فيا بردها على كبدي
فصرت عبداً للسوء فيك وما
…
أحسن سوءٌ قبلي إلى أحد
توفي أبو العباس أحمد بن منصور ليلة الجمعة الحادي والعشرين من شعبان سنة ثمان وستين وأربع مئة. وفي ذلك الشهر بعينه نزلت الأتراك على دمشق.
أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح أبو الحسين الأطرابلسي الشاعر الرفاء
كان أبوه منير منشداً ينشد أشعار العوني في أسواق أطرابلس، ويغني، ونشأ أبو الحسين وحفظ القرآن، وتعلم اللغة والأدب، وقال الشعر، وقدم دمشق فسكنها، وكان رافضياً يعتنق مذهب الإمامية، وكان هجاء خبيث اللسان، يكثر الفحش في شعره، ويستعمل فيه الألفاظ العامية. فلما كثر الهجو منه سجنه بوري بن طغتكين أمير دمشق مدةً، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز فوهبه له وأمر بنفيه من دمشق. فلما ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق ثم تغير عليه إسماعيل لشيء بلغه عنه فطلبه، وأراد صلبه، فهرب واختفى في مسجد الوزير أياماًن ثم خرج عن دمشق، ولحق بالبلاد الشمالية ينتقل من حماه إلى شيرز إلى حلب، ثم قدم دمشق آخر قدمة صحبة الملك العادل لما حاصر دمشق الحصر الثاني. فلما استقر الصلح دخل البلد ورجع مع العسكر إلى حلب. فمات بها في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمس مئة. وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة بطرابلس فمن شعره: من الكامل
أخلى فصد عن الحميم وما اختلى
…
ورأى الحمام يغصه فتوسلا
ما كان واديه بأول مرتعٍ
…
ذعرت طلاوته طلاه فأجفلا
وإذا الكريم رأى الخمول نزيله
…
في منزلٍ فالحزم أن يترحلا
كالبدر لما أن تضاءل نوره
…
طلب الكمال فحازه متنقلا
ساهمت عيسك مر عيشك قاعداً
…
أفلا فليت بهن ناصية الفلا
فارق ترق كالسيف سل فبان في
…
متنيه ما أخفى القراب وأخملا
لا ترض عن دنياك ما أرضاك من
…
دنسٍ وكن طيفاً حلا ثم انجلا
وصل الهجير بهجر قومٍ كلما
…
أمطرتهم عسلاً جنوا لك حنظلا
من غادرٍ خبثت مغارس وده
…
فإذا محضت له الوفاء تأولا
أو حلف دهرٍ كيف مال بوجهه
…
أمسى كذلك مدبراً أو مقبلا
لله علمي بالزمان وأهله
…
دنت الفضيلة عندهم أن تكملا
طبعوا على لؤم الطباع فخيرهم
…
إن قلت قال وإن سكت تقولا
قال الخطيب السديد أبو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماه: رأيت أبا الحسين بن منير الشاعر في النوم بعد موته، وأنا على قرنة بستان مرتفعة، فسألته عن حاله وقلت له: اصعد إلى عندي فقال: ما أقدر من رائحتي فقلت تشرب الخمر؟ فقال: شر من الخمر يا خطيب فقلت: ما هو؟ فقال: تدري ما جرى علي من هذه القصائد التي قلتها في مثالب الناس؟ فقلت له: ما جرى عليك منها؟ فقال: لساني قد طال وثخن وصار مد البصر، وكلما قرأت قصيدة منها قد صارت كلاباً يتعلق في لساني، وأبصرته حافياً عليه ثياب رثة إلى غاية، وسمعت قارئاً يقرأ من فوقه " لهم من فوقهم ظلل من النار " الآية ثم انتبهت مرعوباً.