المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إبراهيم الخليل عليه السلام - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌من اسم أبيه على حرف الألف

- ‌أحمد بن أحمد بن وركشين

- ‌أحمد بن أبي أحمد الجرجاني

- ‌أحمد بن أبّا

- ‌أحمد بن إبراهيم بن حبيب البغدادي

- ‌أحمد بن إبراهيم بن الحداد الأسدي

- ‌أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني الشاهد

- ‌أحمد بن إبراهيم الرازي المعروف بابن الحطاب

- ‌أحمد بن إبراهيم بن أيوب أبو بكر الحوراني

- ‌أحمد بن إبراهيم بن تمام بن حبان أبو بكر السكسكي

- ‌أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد

- ‌أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير

- ‌أحمد بن إبراهيم بن عبد الله القرشي

- ‌أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن بشير

- ‌أحمد بن إبراهيم بن فيل أبو الحسن

- ‌أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله

- ‌أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح

- ‌أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم

- ‌أحمد بن إبراهيم بن موسى المصاحفي

- ‌أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملاس

- ‌أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى

- ‌أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن داود

- ‌أحمد بن إبراهيم بن يونس بن محمد

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو جعفر الحلواني

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو العباس البغدادي المقرىء

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو سليمان الحراني

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو بكر البيروتي المؤدب

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو بكر الصوفي

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو العباس الحلبي الصفار

- ‌أحمد بن إبراهيم أبو بكر السميرمي

- ‌أحمد بن الأزهر بن منيع بن سليط

- ‌أحمد بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌أحمد بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌أحمد بن إسحاق بن صالح بن عطاء

- ‌أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد

- ‌أحمد بن إسرائيل بن الحسين

- ‌أحمد بن إسماعيل بن القاسم

- ‌أحمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله

- ‌أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد

- ‌أحمد بن أصرم بن طاهر بن محفوظ

- ‌أحمد بن أنس بن مالك

- ‌من اسم أبيه على حرف الباء

- ‌أحمد بن بحر اللخمي

- ‌أحمد بن بشر بن حبيب بن زيد

- ‌أحمد بن بشر بن عبد الوهاب

- ‌من اسم أبيه على حرف التاء

- ‌أحمد بن تبوك بن خالد بن يزيد

- ‌من اسم أبيه على حرف الثاء

- ‌أحمد بن ثابت بن عتاب

- ‌أحمد بن ثعلبة العاملي

- ‌من اسم أبيه على حرف الجيم

- ‌أحمد بن الجحاف أبو بكر الأزدي النشوي

- ‌أحمد بن جعفر بن أحمد بن حمكان

- ‌أحمد بن جعفر بن الحسن

- ‌أحمد بن جعفر بن حمدان

- ‌أحمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم

- ‌أحمد بن جعفر بن محمد بن علي

- ‌أحمد بن جعفر أبو العباس الفرغاني

- ‌أحمد بن جعفر أبو جعفر الهلالي الزاهد

- ‌أحمد بن جواد بن قطن بن كثير

- ‌من اسم أبيه على حرف الحاء

- ‌أحمد بن حبيب بن عبد الملك

- ‌أحمد بن حجيل بن يونس

- ‌أحمد بن حسن بن أحمد بن خميس

- ‌أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان

- ‌أحمد بن الحسن بن أحمد

- ‌أحمد بن الحسن بن جنيدب

- ‌أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد

- ‌أحمد بن الحسن بن روزبه

- ‌أحمد بن الحسن بن زريق

- ‌أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة

- ‌أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان

- ‌أحمد بن الحسن أبو بكر الأحنف

- ‌أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب

- ‌أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي

- ‌أحمد بن الحسين بن أحمد

- ‌أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم

- ‌أحمد بن الحسين بن الحسن

- ‌أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي

- ‌أحمد بن الحسين بن حيدرة أبو الحسين

- ‌أحمد بن الحسين بن داناج أبو العباس

- ‌أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم

- ‌أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم

- ‌أحمد بن الحسين بن علي بن مهدي

- ‌أحمد بن الحسين بن مهران

- ‌أحمد بن الحسين أبو الحسين

- ‌أحمد بن الحسين أبو الحسن البغدادي البزي

- ‌أحمد بن حفص بن عمر بن صالح

- ‌أحمد بن حفص بن المغيرة

- ‌أحمد بن الحكم أبو حزية

- ‌أحمد بن حمدون بن إسماعيل بن داود

- ‌أحمد بن حمزة بن محمد بن حمزة بن خزيمة

- ‌أحمد بن حميد بن سعيد بن خالد

- ‌من اسم أبيه على حرف الخاء

- ‌أحمد بن خالد أبو العباس الدامغاني

- ‌أحمد بن خالد رجل من أهل دمشق

- ‌أحمد بن الخضر بن بكر بن حماد

- ‌أحمد بن خلف

- ‌أحمد بن خلف الدمشقي نزيل بخارى

- ‌أحمد بن خليد بن يزيد

- ‌أحمد بن الخير الأنطرطوسي الإمام

- ‌من اسم أبيه على حرف الدال المهملة

- ‌أحمد بن داود

- ‌أحمد بن داود بن أبي نصر

- ‌أحمد بن أبي داود القاضي

- ‌من اسم أبيه على حرف الذال

- ‌أحمد بن ذكوان إمام مسجد دمشق

- ‌من اسم أبيه على حرف الراء

- ‌أحمد بن ربيعة بن سليمان

- ‌أحمد بن روح بن زياد بن أيوب

- ‌أحمد بن ريحان بن عبد الله

- ‌من اسم أبيه على حرف الزاي

- ‌أحمد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب

- ‌من اسم أبيه على حرف السين

- ‌أحمد بن سالم المري

- ‌أحمد بن سباع أحد المتعبدين

- ‌أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد

- ‌أحمد بن سعد بن الحسن بن النضر

- ‌أحمد بن سعيد بن سعد

- ‌أحمد بن سعيد بن عبد الله

- ‌أحمد بن سعيد بن محمد بن الفرج

- ‌أحمد بن سعيد أبو بكر الطائي الكاتب

- ‌أحمد بن أبي السفر

- ‌أحمد بن سلمة بن الضحاك

- ‌أحمد بن سلمة بن كامل بن إبراهيم

- ‌أحمد بن سلمة الأنصاري أبو موسى

- ‌أحمد بن سليمان بن أيوب

- ‌أحمد بن سليمان بن زبان بن الحباب

- ‌أحمد بن سليمان أبو بكر الزنبقي الصوري

- ‌أحمد بن سليمان البغدادي

- ‌أحمد بن سليمان أبو الفتح

- ‌أحمد بن سهل بن بحر

- ‌أحمد بن سهل بن حماد الرافقي

- ‌أحمد بن سلامة بن يحيى

- ‌أحمد بن سيار بن أيوب

- ‌من اسم أبيه على حرف الشين

- ‌أحمد بن شبويه بن أحمد بن ثابت

- ‌أحمد بن شعبي بن علي بن سنان

- ‌من اسم أبيه على حرف الصاد

- ‌أحمد بن صاعد بن موسى الصوري الزاهد

- ‌أحمد بن صافي أبو بكر التنيسي

- ‌أحمد بن صالح أبو جعفر المصري

- ‌أحمد بن صالح المكي الطحان السواق

- ‌أحمد بن صالح بن عمر بن إسحاق

- ‌أحمد بن صالح بن محمد بن صالح

- ‌من اسم أبيه على حرف الضاد المعجمة

- ‌أحمد بن الضحاك بن مازن

- ‌أحمد بن ضياء وقيل أحمد

- ‌من اسم أبيه على حرف الطاء المهملة

- ‌أحمد بن طاهر بن عبد الله

- ‌أحمد بن طاهر الدمشقي

- ‌المعتضد أحمد بن طلحة أبي أحمد الموفق

- ‌أحمد بن طولون أبو العباس الأمير

- ‌من اسم أبيه على حرف العين المهملة

- ‌أحمد بن عاصم أبو عبد الله الأنطاكي

- ‌أحمد بن عامر بن عبد الواحد

- ‌أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب

- ‌أحمد بن عامر بن معمر بن حماد

- ‌أحمد بن العباس بن الربيع

- ‌أحمد بن العباس بن محمد

- ‌أحمد بن العباس بن الوليد بن مزيد

- ‌‌‌أحمد بن عبد الله بن أحمد

- ‌أحمد بن عبد الله بن أحمد

- ‌أحمد بن عبد الله بن بندار

- ‌أحمد بن عبد الله بن حمدون

- ‌أحمد بن عبد الله بن حميد

- ‌أحمد بن عبد الله بن سليمان

- ‌أحمد بن عبد الله بن عبد الله

- ‌أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق

- ‌أحمد بن عبد الله بن عراك

- ‌أحمد بن عبد الله بن علي

- ‌أحمد بن عبد الله بن عمر

- ‌أحمد بن عبد الله بن عمر الدمشقي

- ‌أحمد بن عبد الله بن عمرو الدمشقي

- ‌أحمد بن عبد الله بن الفرج

- ‌أحمد بن عبد الله بن محمد

- ‌أحمد بن عبد الله

- ‌أحمد بن عبد الله بن مرزوق

- ‌أحمد بن عبد الله أبي الحواري

- ‌‌‌أحمد بن عبد الله بن نصر

- ‌أحمد بن عبد الله بن نصر

- ‌أحمد بن عبيد الله بن الحسن

- ‌أحمد بن عبيد الله بن فضال

- ‌أحمد بن عبيد الله الدمشقي

- ‌أحمد بن عبد الباقي بن الحسن

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن بكار

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحصين

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن علي

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن محمد

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن واقد

- ‌أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى

- ‌أحمد بن عبد الرزاق

- ‌أحمد بن عبد الصمد بن محمد

- ‌أحمد بن عبد العزيز بن محمد

- ‌أحمد بن عبد العزيز أبو عمرو

- ‌أحمد بن عبد القاهر بن الخيبري

- ‌أحمد بن عبد الملك بن علي

- ‌أحمد بن عبد الملك بن مروان

- ‌أحمد بن عبد المنعم بن أحمد

- ‌أحمد بن عبد الواحد بن أحمد

- ‌أحمد بن عبد الواحد بن محمد

- ‌أحمد بن عبد الواحد بن الموحد

- ‌أحمد بن عبد الواحد بن واقد

- ‌أحمد بن عبد الواحد بن يزيد

- ‌أحمد بن عبد الوهاب بن عوف

- ‌أحمد بن عبد الوهاب بن محمد

- ‌أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة

- ‌أحمد بن عبيد بن أحمد بن عبيد

- ‌أحمد بن عتاب أبو العباس الزفتي

- ‌أحمد بن عتبة بن مكين

- ‌أحمد بن عثمان بن إبراهيم

- ‌أحمد بن عثمان بن سعيد

- ‌أحمد بن عثمان بن عبد الرحمن

- ‌أحمد بن عثمان بن الفضل

- ‌أحمد بن عثمان بن عمرو

- ‌أحمد بن عثمان بن البقال

- ‌أحمد بن عطاء بن أحمد

- ‌أحمد بن عقيل بن محمد بن علي

- ‌‌‌أحمد بن علي بن أحمدبن عمر

- ‌أحمد بن علي بن أحمد

- ‌أحمد بن علي بن أحمد

- ‌أحمد بن علي بن إبراهيم

- ‌أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد

- ‌أحمد بن علي بن جعفر بن محمد

- ‌أحمد بن علي بن الحسن بن محمد

- ‌أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان

- ‌أحمد بن علي بن الحسن أبو بكر الأطرابلسي

- ‌أحمد بن علي بن الحسن أبو منصور الأسداباذي المقرىء

- ‌أحمد بن علي بن الحسن

- ‌أحمد بن علي بن الحسين

- ‌أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم

- ‌أحمد بن علي بن عبد الله

- ‌أحمد بن علي بن عبد الله

- ‌أحمد بن علي بن عبيد الله

- ‌أحمد بن علي بن الفرج

- ‌أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر

- ‌أحمد بن علي بن محمد بن بطة

- ‌أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس

- ‌أحمد بن علي بن يزيد

- ‌أحمد بن علي بن يحيى بن العباس

- ‌أحمد بن علي بن يوسف

- ‌أحمد بن علي أظنه أبا عمر الصوفي الدمشقي

- ‌أحمد بن علي أبو الحسين الموصلي الجوهري

- ‌أحمد بن عمار بن نصير الشامي

- ‌أحمد بن عمار أبو بكر الأسدي

- ‌أحمد بن أبي عمران

- ‌أحمد بن عمر بن أبان بن الوليد

- ‌أحمد بن عمر بن الأشعث

- ‌أحمد بن عمر بن العباس بن الوليد

- ‌أحمد بن عمر بن عطية

- ‌أحمد بن عمر بن محمد

- ‌أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه

- ‌أحمد بن عمرو بن أحمد بن معاذ

- ‌أحمد بن عمرو بن إسماعيل

- ‌أحمد بن عمرو بن جابر

- ‌أحمد بن عمرو بن الضحاك أبي عاصم

- ‌أحمد بن عمير بن يوسف

- ‌أحمد بن العلاء بن هلال بن عمر

- ‌أحمد بن عيسى بن علي بن ماهان

- ‌أحمد بن عيسى بن يوسف أبو جعفر

- ‌أحمد بن عيسى أبو سعيد الخراز

- ‌أحمد بن عيسى أبو جعفر القمي

- ‌من اسم أبيه على حرف الغين المعجمة

- ‌أحمد ويقال محمد بن الغمر

- ‌أحمد بن الغمر بن أبي حماد أبو عمر

- ‌من اسم أبيه على حرف الفاء

- ‌أحمد بن الفرات بن خالد

- ‌أحمد بن الفرج بن سليمان

- ‌أحمد بن فضالة بن الصقر

- ‌أحمد بن الفضل بن عبيد الله

- ‌أحمد بن الفيض بن محمد الغساني

- ‌من اسم أبيه على حرف القاف

- ‌أحمد بن القاسم بن عبيد الله

- ‌أحمد بن القاسم بن عبد الوهاب

- ‌أحمد بن القاسم بن عطية

- ‌أحمد بن القاسم بن معروف أبي نصر

- ‌أحمد بن القاسم بن يوسف بن فارس

- ‌من اسم أبيه على حرف الكاف

- ‌أحمد بن كثير أحد الصالحين

- ‌أحمد بن كعب بن خريم

- ‌أحمد بن كيغلغ أبو العباس

- ‌من اسم أبيه على حرف اللام

- ‌أحمد بن لبيب بن عبد المنعم

- ‌من اسم أبيه على حرف الميم

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن الربيع

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن سلمة

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن سليمان

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد ابن عبد الله بن حفص بن الخليل أبو سعد الهروي الماليني الصوفي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي بن أحمد أبو الفضل المعروف بالفراتي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد أبو الحسين الكناني الفلسطيني

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد ابن جعفر أبو العباس الأكار النهربيني

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌أحمد بن محمد بن إبراهيم

- ‌أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌أحمد بن محمد بن أسد بن يوسف

- ‌أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يحيى

- ‌أحمد بن محمد بن بشر بن يوسف

- ‌أحمد بن محمد بن بكار بن بلال العاملي

- ‌أحمد بن محمد بن بكار أبو العباس القرشي

- ‌أحمد بن محمد بن بكر

- ‌أحمد بن محمد بن بكر بن خالد

- ‌أحمد بن محمد بن بكر الرملي

- ‌أحمد بن محمد بن جعفر

- ‌أحمد بن محمد بن حوري

- ‌أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى

- ‌أحمد بن محمد بن الحجاج

- ‌أحمد بن محمد بن الحسن بن السكن

- ‌أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار

- ‌أحمد بن محمد بن الحسن بن مالك

- ‌أحمد بن محمد بن الحسين

- ‌أحمد بن محمد بن الحسين أبو العباس

- ‌أحمد بن محمد بن الحسين أبو حامد

- ‌أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال

- ‌أحمد بن محمد بن حمدان

- ‌أحمد بن محمد بن رميح بن وكيع

- ‌أحمد بن محمد بن روح أبو يحيى

- ‌أحمد بن محمد بن الزبير

- ‌أحمد بن محمد بن زكريا

- ‌أحمد بن محمد بن زياد بن بشر

- ‌أحمد بن محمد بن سعيد

- ‌أحمد بن محمد بن سعيد أبي عثمان

- ‌أحمد بن محمد بن سعيد بن فورجة

- ‌أحمد بن محمد بن سعيد بن محمد

- ‌أحمد بن محمد بن سليمان

- ‌أحمد بن محمد بن سهل

- ‌أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة

- ‌أحمد بن محمد بن سلامة

- ‌أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس

- ‌أحمد بن محمد بن عاصم الرازي

- ‌أحمد بن محمد بن عامر بن المعمر

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الله ابن صدقة أبو بكر الحافظ البغدادي

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الله أبو عبد الله الطبرستاني

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الله ابن عبد السلام أبو علي بن مكحول البيروتي

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الله أبو الحسين بن المخ الصيداوي

- ‌أحمد بن عبد الله بن خاك أبو طالب الزنجاني الصوفي

- ‌أحمد بن محمد بن عبيد الله أبو الحسن بن المدبر الكاتب

- ‌أحمد بن محمد بن عبيد الله أبو بكر الدمشقي

- ‌أحمد بن محمد بن عبيد الله أبو بكر البلخي

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عمر الطرسوسي

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله الخولاني الكناني

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبي زرعة

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو بكر القرشي الصائغ

- ‌أحمد بن محمد بن عبد الكريم

- ‌أحمد بن محمد بن عبدوس أبو بكر

- ‌أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد ابن عبد الخالق

- ‌أحمد بن محمد بن عبيد السلمي

- ‌أحمد بن محمد بن عثمان بن الغمطريق

- ‌أحمد بن محمد بن عجل

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن الحسن

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن الحكم

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن هارون

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن مزاحم

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن سلمان

- ‌أحمد بن محمد بن علي بن صدقة

- ‌أحمد بن محمد بن عمارة بن أحمد

- ‌أحمد بن محمد بن عمار بن نصير

- ‌أحمد بن محمد بن عمر بن يونس

- ‌أحمد بن محمد بن عمر

- ‌أحمد بن محمد بن عمر أبو منصور

- ‌أحمد بن محمد بن عمرو

- ‌أحمد بن محمد بن عوف

- ‌أحمد بن محمد بن عيسى

- ‌أحمد بن محمد بن عيسى بن الجراح

- ‌أحمد بن محمد بن الفتح

- ‌أحمد بن محمد بن فراس بن الهيثم

- ‌أحمد بن محمد بن فضالة دمشقي شاعر

- ‌أحمد بن محمد بن فضالة بن غيلان

- ‌أحمد بن محمد بن الفضل بن سعيد

- ‌أحمد بن محمد بن القاسم أبو العباس

- ‌أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق

- ‌أحمد بن محمد بن محمد

- ‌أحمد بن محمد بن متويه

- ‌أحمد بن محمد بن مخلد أبو حامدٍ الهروي

- ‌أحمد بن محمد بن المسلم بن الحسن

- ‌أحمد بن محمد بن موسى بن داود بن عبد الرحمن أبو علي النوفلي المكي العطار

- ‌أحمد بن محمد بن موسى ابن أبي عطاء عبد الرحمن بن سعد أبو بكر القرشي

- ‌أحمد بن محمد بن أبي موسى أبو بكر الأنطاكي الفقيه

- ‌أحمد بن محمد بن المؤمل أبو بكر الصوري

- ‌أحمد بن محمد بن نفيس

- ‌أحمد بن محمد بن الوليد بن سعد

- ‌أحمد بن محمد بن هارون أبو الحسن الزوزني

- ‌أحمد بن محمد بن هاشم بن سعيد البعلبكي

- ‌أحمد بن محمد بن هبة الله بن علي بن فارس أبو الحسين بن أبي الفضل الأنصاري الأكفاني

- ‌أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك

- ‌أحمد بن محمد بن حمزة بن واقد

- ‌أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم

- ‌أحمد بن محمد بن يعقوب

- ‌أحمد بن محمد بن أبي يعقوب

- ‌أحمد بن محمد بن يوسف أبو العباس

- ‌أحمد بن محمد بن يونس بن عمير

- ‌أحمد بن محمد بن التمار

- ‌أحمد بن محمد العذري الدمشقي

- ‌أحمد بن محمد ويقال محمد بن أحمد

- ‌أحمد بن محمد أبو القاسم المؤذن

- ‌أحمد بن محمد أظنه ابن علي الدمشقي

- ‌أحمد بن محبوب بن سليمان

- ‌أحمد بن محمود بن الأشعث

- ‌أحمد بن محمود بن صبيح بن مقاتل

- ‌أحمد بن محمود الدمشقي

- ‌أحمد بن محمود أبو بكر الرسعني

- ‌أحمد بن مردك بن زنجلة

- ‌أحمد بن مسعود المقدسي قيل إنه دمشقي

- ‌أحمد بن مسلمة بن جبلة بن مسلمة

- ‌أحمد بن مطرف أبو الحسن السبتي القاضي

- ‌أحمد بن معاوية بن وديع المذحجي

- ‌أحمد بن المعلى بن يزيد

- ‌أحمد بن مكي بن عبد الوهاب ابن أبي الكراديس أبو العباس

- ‌أحمد بن منصور بن سيار بن معارك أبو بكر البغدادي

- ‌أحمد بن منصور بن محمد أبو العباس الشيرازي

- ‌أحمد بن منصور بن محمد بن عبد الله بن محمد أبو العباس الغساني الفقيه المالكي

- ‌أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح أبو الحسين الأطرابلسي الشاعر الرفاء

- ‌أحمد بن موسى بن الحسين بن علي

- ‌أحمد بن موسى الهاشمي مولاهم

- ‌أحمد بن المؤمل الدمشقي

- ‌أحمد بن مهدي بن رستم

- ‌من اسم أبيه على حرف النون

- ‌أحمد بن نصر بن زياد

- ‌أحمد بن نصر بن شاكر بن عمار

- ‌أحمد بن نصر بن طالب أبو طالب

- ‌أحمد بن نصر بن محمد أبو الحسن

- ‌أحمد بن نصر بن محمد أبو منصور الدينوري

- ‌أحمد بن النضر بن بحر أبو جعفر العسكري

- ‌أحمد بن نظيف بن عبد الله

- ‌أحمد بن نمير الثقفي

- ‌أحمد بن نهيك كاتب عبد الله بن طاهر

- ‌من اسم أبيه على حرف الواو

- ‌أحمد بن الوليد بن هشام القرشي

- ‌من اسم أبيه على حرف الهاء

- ‌أحمد بن هارون بن جعفر

- ‌أحمد بن هارون بن روح

- ‌أحمد بن هشام بن عبد الله

- ‌أحمد بن همام بن عبد الغفار

- ‌من اسم أبيه على حرف الياء

- ‌أحمد بن يحيى بن جابر بن داود

- ‌أحمد بن يحيى بن سهل بن السري

- ‌أحمد بن يحيى بن صالح بن بيهس

- ‌أحمد بن يحيى من أهل حجر الذهب

- ‌أحمد بن يحيى أبو بكر السنبلاني الأصبهاني

- ‌أحمد بن يحيى الأنطاكي

- ‌أحمد بن يحيى أبو عبد الله

- ‌أحمد بن أبي خالد يزيد

- ‌أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار

- ‌أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية أبو الحسن السلمي النيسابوري

- ‌أحمد بن يوسف بن خالد أبو عبد الله التغلبي صاحب أبي عبيد

- ‌أحمد بن يوسف بن عبد الله

- ‌أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح

- ‌أحمد بن يونس بن المسيب بن زهير

- ‌من اسمه أبان

- ‌أبان بن سعيد أبي أحيحة بن العاص

- ‌أبان بن صالح بن عمير بن عبيد

- ‌أبان بن عثمان بن عفان

- ‌أبان بن علي الدمشقي

- ‌أبان بن مروان بن الحكم

- ‌أبان بن الوليد بن عقبة

- ‌ذكر من اسمه إبراهيم

- ‌إبراهيم الخليل عليه السلام

الفصل: ‌إبراهيم الخليل عليه السلام

‌ذكر من اسمه إبراهيم

‌إبراهيم الخليل عليه السلام

إبراهيم بن آزر وهو تارخ بن ناحور بن شاروغ بن ارغو بن فالع بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلح بن خنوخ، وهو إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم. خليل الرحمن، يكنى أبا الضيفان. قيل: إن أمه كانت تخبؤه في كهف في جبل بقرية برزة في الموضع الذي يعرف بمقام إبراهيم إلى اليوم.

روي عن ابن عباس أنه ولد إبراهيم بغوطة دمشق في برزة في جبل قاسيون. قال: والصحيح أن إبراهيم ولد بكوثى من إقليم بابل من العراق، وإنما نسب إليه هذا المقام لأنه صلى فيه إذ جاء مغيثاً للوط النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الكلبي: أول نبي إدريس ثم إبراهيم.

وروي عن مجاهد أنه قال: آزر صنم ليس بأبيه. والصحيح ما تقدم. وهو إبراهيم بن آزر في القرآن، وفي التوراة إبراهيم بن تارخ، وبعضهم يقول. آزر بن تارخ.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فاي خزي أخزى من أبي الأبعد، فيقول الله: إني حرمت الجنة

ص: 343

على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار.

وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ليأخذن رجل بيد أبيه يوم القيامة فتقتطعه النار، يريد أن يدخله الجنة. قال: فينادى أن الجنة لا يدخلها مشرك، ألا إن الله قد حرم الجنة على كل مشرك. قال: فيقول: أي رب، أبي. قال: فيحول في صورة قبيحة وريح منتنة. قال: فيتركه.

قال: فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه إبراهيم، ولم يزدهم إبراهيم على هذا.

قال أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي: وكان من قصة إبراهيم ونمروذ، أن نمروذ لما أحكم أمر ملكه، وساس أمر الناس وأذعن له الناس أخبر أنه يولد في مملكته مولود ينازعك في ملكك، ويكون سلب ملكك على يديه. قال: فدعا خيار قومه ستة رهط، فلم يترك في الرئاسة والعظم أحداً إلا اختار منهم أفضلهم، وكان سادسهم آزر أبو إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم، ثم ولى كل رجل منهم خصلة من الخصال التي كان أسس أمر ملكه عليها، وضمنها إياه، وارتهن بها رقبته إن هي ضاعت أو فسدت أو تغيرت، وقال لأولئك الرهط: أنتم خيار قومي وعظماؤهم، ولم أزل منذ سست أمر ملكي أعدكم وأختاركم، ولم يزدد في ذلك رأيي إلا قوة وفضلاً على من سواكم، وقد دعاني إلى أن أستعين بكم وأشاوركم، وإني سست أمر الملك والناس على سبع خصال، وقد وليت كل واحد منكم خصلة من تلك الخصال، نفسه بها مرتهنة عندي إن هو لم يحكمها أو يحكم أمر أهلها، فانطلقوا، فاقترعوا عليهن، فما صار لكل رجل منكم في قرعته فهو واليها وولي أهلها، وأنا له عليها وعلى أهلها عون.

إني سست أمر الملك ووطنت الناس على أنه لا نعبد إلا إلهي، وعلى أنه لا سنة إلا سنتي، وعلى أنه لا أحد أولى بنفسه وماله مني، وعلى أنه لا أحد أخوف فيهم ولا أطوع عندهم مني، وعلى أنهم يد واحدة على عدوهم، وعلى أنهم خولي وعبيدي أحكم فيهم برأيي، وعلى أنه قد بلغني أنه يولد في هذا الزمان مولود فيكاثرني ويخلعني، ويرغب عن ملتي، ويقهرني، فأنا سابقكم في هذه الخصلة، وأنا وأنتم وجميع أهل مملكتي كنفس واحدة في طلبه وهلاكه ومحاربته، فمن ظفر به فله على ما احتكم، فانطلقوا فاقترعوا ثم

ص: 344

أعلموني ماذا صار في قرعة كل رجل منكم لكي أعرفه باسمه، وأعرف ما صار إليه. فلما اقترعوا لطف الله لما أراد من كرامة خليله وإظهاره، فصار في قرعة أبيه الآلهة التي يعبدها الناس فلا يعبد أحد من الناس صنماً لا الملك ولا غيره إلا صنماً عليه طابع آزر أبي إبراهيم، فأحكم ذلك، وقوي عليه، وصار أمينهم في أنفسهم على ذلك، لا يعدلون به ولا يتهمونه ولا يرون منه خلفاً إن هو هلك، وكان ذلك لطفاً من الله بخليله إبراهيم. فلما حملت به أمه وكانت تسمى أميلة قالت لأبيه آزر: وددت أني لو وضعت ما في بطني، فكان غلاماً فحملته أنا وأنت حتى نضعه بين يدي الملك، وهو يرى فنتولى ذبحه أنا وأنت، فإن الملك أهل ذلك منا لإحسانه إلينا وائتمانه لنا، ومتى يرك تفعل ذلك قدامه تزدد عنده رفعة وقربة ومنزلة، وكان ذلك من أم إبراهيم مكيدة وحيلة خدعت بها زوجها، لما قام في نفسها من كتمان إبراهيم إذا هي ولدته فصدقها آزر وأمنها، وظن الأمر على ما قالت. فلما حضر شهرها الذي تلد فيه قالت لزوجها: إني قد أشفقت من حملي هذا إشفاقاً لم أشفقه من حمل قبله وقد خشيت أن تكون فيه منيتي، ووطنت نفسي على الموت ولست أدري متى يبغتني، وأنا أرغب إليك بحق صحبتي إياك وتعظيمي لحقك أن تنطلق إلى الإله الأعظم الذي يعبده الملك وعظماء قومه، فتشفع لي بالسلامة والخلاص، وتعتكف عليه حتى يبلغك أني قد سلمت وتخلصت، فإن الرسل تجري فيما بيني وبينك، فإذا بلغتك السلامة رجعت إلى أهلك، وهم سالمون، وأنت محمود. قال لها آزر: لقد طلبت أمراً جميلاً واجباً لك حقه علي، وإنه فيما بيني وبينك وحق خدمتك وصحبتك يسير، وكانت أم إبراهيم تريد حين تلده وزوجها غائب أن تحفر له نفقاً تحت الأرض تغيبه فيه، فإذا رجع زوجها من عكافته أخبرته أنه قد مات، ودفن. وكانت عنده أمينة مصدقة لا يتهمها، ولا يكذبها. فانطلق الرجل حيث أمرته فاعتكف أربعين ليلة، وولد إبراهيم عليه السلام ساعة قفا أبوه، وكتمته أمه وتمكنت في أربعين ليلة من الذي أرادت من حاجتها كلها لطفاً من الله لإبراهيم، ونجاة مما أريد به حتى إذا فرغت مما أرادت، وانصرف إليها زوجها فأخبرته أنها ولدت غلاماً به عاهة شديدة ومات، واستحت أن تطلع الناس على ما به، وقبرته فصدقها زوجها، وجعلت تختلف إلى إبراهيم فتدخل إليه بالعشية، وكان جل ما يعيش به اللبن لأنه كان لا يكون مولود ذكر إلا ذبح، فسقته الألبان حولين كاملين، توجره إياه، فعاش بذلك عيشاً حسناً، وصلح عليه جسمه. فلما بلغ الفطام فصلته من ذلك اللبن، وكان إبراهيم سريع الشباب، فلما كان

ص: 345

ابن ثلاثة عشرة سنة وهو في السرب أخرجته أمه، فلم يشعر به أبوه حتى نظر إليه فقال لامرأته: من هذا الغلام الذي أخطأه الذبح وكيف خفي مكان هذا الغلام على الطلب والحفظة حتى بلغ مبلغه هذا؟ فلما هم أن يبطش به قالت له امرأته: على رسلك حتى أخبرك خبر هذا الغلام، اعلم أنه ابنك الذي ولد ليالي كنت معتكفاً فكتمته عنك في نفق تحت الأرض حتى بلغ هذا المبلغ، فقال لها زوجها وما الذي حملك على أن خنتني، وخنت نفسك، وخنت الملك، وأنزلت بنا من البلاء ما لا قبل لنا به بعد العافية والكرامة ورفع المنزلة على جميع قومنا؟ قالت: لا يهمنك هذا فعندي المخرج من ذلك وأنا ضامنة لك أن تزداد به عند الملك كرامة ورفعة وأمانة ونصيحة، وإنما فعلت هذا الذي فعلت نظراً لي ولك ولابنك ولعامة الناس ما أضمرت في نفسي يوم كتمت هذا الغلام وقلت: أكتمه حتى يكون رجلاً، فإن كان هو عدو الملك وبغيته التي يطلب قدناه حتى نضعه في يده، وقلنا له: دونك عدوك قد أمكنك الله منه، وقطع عنك الهم والحزن، فارحم الناس في أولادهم فقد أفنيت خولك وأهل مملكتك وإن لم يكن هو بغية الملك وعدوه فلم أذبح ابني باطلاً

مع ما قد ذبح من الولدان. قال لها أبوه: ما أظنك إلا قد أصبت الرأي، فكيف لنا أن نعلم أهو عدو الملك أو غيره؟ قالت: تحبسه وتكتمه وتعرض عليه دين الملك وملته، فإن هو أجابك إلى ذلك كان رجلاً من الناس ليس عليه قتل، وإن عصانا، ولم يدخل في ملتنا علمنا علمه فأسلمناه للقتل، فلما قالت له هذا رضي به، وألقى الله في نفسه الرحمة والمحبة لإبراهيم. وكان لا يعدل به أحداً من ولده، وإذا ذكر أنه يصير للقتل يشتد وجده عليه. ما قد ذبح من الولدان. قال لها أبوه: ما أظنك إلا قد أصبت الرأي، فكيف لنا أن نعلم أهو عدو الملك أو غيره؟ قالت: تحبسه وتكتمه وتعرض عليه دين الملك وملته، فإن هو أجابك إلى ذلك كان رجلاً من الناس ليس عليه قتل، وإن عصانا، ولم يدخل في ملتنا علمنا علمه فأسلمناه للقتل، فلما قالت له هذا رضي به، وألقى الله في نفسه الرحمة والمحبة لإبراهيم. وكان لا يعدل به أحداً من ولده، وإذا ذكر أنه يصير للقتل يشتد وجده عليه.

وكانت أم إبراهيم واثقة بأنه إن كان هو عدو القوم فليس أحد من أهل الأرض يطيقه ولا يقتله، ورأت أنه متى ما ينصر عليهم يكن في ذلك نجاتها ونجاة من كان من إبراهيم بسبيل، فشجعها ما كانت ترجو لإبراهيم من نصرة الله له على خلاف نمروذ ومعصيته، وذلك أوثق الأمر في نفسها، وكان نمروذ يخبر الناس قبل أن يولد إبراهيم أنه سيأتي نبي يغلبه ويظهر عليه، ويرغب عن دينه ويخلع دينه وسلطانه فذلك الذي شد لأم إبراهيم رأيها فيما ارتكبت من خلاف نمروذ وأهل ملته. وكان أبوه من شدة ما يجده من الرحمة يكتمه جهده، ويوصي بذلك أمه ويقول لها: ارفقي بابنك، ولا تعرضيه لشيء من

ص: 346

أمر الملك يومه هذا، فإنه غلام حدث السن لم يجتمع له رأيه ولا عقله بعد، فإذا بلغ السن واحتنك فحينئذ نفتشه وذلك منه تربص رجاء أن يحدث حادث يكون فيه لإبراهيم عافية أو مخرج لما يجد أبوه من الرحمة والمحبة والزينة التي زينه الله بها في عينه. ثم خلع إبراهيم ذلك كله ونابذهم في الله على سواء ولم يراقب شيئاً ولم يأخذه في الله هوادة ولم يخف في الله لومة لائم.

وحدث الكلبي قال: كان أبو إبراهيم من أهل حران فأصابته سنة فأتى هرمزجرد ومعه امرأته أم إبراهيم واسمها يونا بنت كرينا بن كوثى من بني أرفخشذ بن سام بن نوح. وقيل: اسمها ايبونا من ولد افرايم بن أرغو بن فالع بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح وولد إبراهيم بهرمزجرد. ولما بلغ إبراهيم وخالف قومه ودعاهم إلى عبادة الله بلغ ذلك الملك نمروذ فحبسه في السجن سبع سنين ثم بنى له الحير بحصى وأوقده بالحطب الجزل، وألقى إبراهيم فيه فقال: حسبي الله ونعم الوكيل. فخرج منها سليماً لم يكلم.

وعن قتادة في قوله تعالى " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال: خشي إبراهيم من جبار من الجبابرة فجعل الله تبارك وتعالى له رزقاً في أصابعه، فكان إذا مص أصابعه وجد فيها رزقاً. فلما خرج أراه الله تبارك وتعالى ملكوت السموات والأرض، فكان ملكوت السموات الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار.

وقال محمد بن عمر الواقدي: يقول الله عز وجل " وقروناً بين ذلك كثيراً " فكان بين نوح وآدم عشرة قرون، وبين إبراهيم ونوح عشرة قرون. فولد إبراهيم خليل الرحمن على رأس ألفي سنة من خلق آدم.

قال أيوب بن عتبة قاضي اليمامة: كان بين آدم ونوح عشرة آباء وذلك ألف سنة، وكان بين نوح وإبراهيم عشرة آباء

ص: 347

وذلك ألف سنة، وكان بين إبراهيم وموسى سبعة آباء ولم يسم السنين، وكان بين موسى وعيسى ألف وخمس مئة سنة، وكان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم جميعاً ست مئة سنة. وهي الفترة.

وكان إبراهيم يكنى أبا الضيفان، وكان لقصره أربعة أبواب لكيلا يفوته أحد.

قال مجاهد: كنت جالساً عند ابن عباس فذكروا الدجال، فقال: ما يقولون؟ قال: يقولون إنه مكتوب بين عينيه ك ف ر قال: لم أسمع، ولكنه قال: يعني النبي صلى الله عليه وسلم أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه قد انحدر في الوادي يلبي.

وفي حديث آخر عن أبي هريرة وأما عيسى فرجل أحمر بين القصير والطويل، سبط الشعر كثير خيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس يعني الحمام، تخال رأسه يقطر ماء، وأشبه من رأيت به عروة بن مسعود.

قال يعقوب بن محمد بن طحلا: كنا نبيع البز فيمر بنا إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة فيقول لنا: الزموا تجارتكم فإن أباكم إبراهيم عليه السلام كان بزازاً.

وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض " يعني به الشمس والقمر والنجوم. لما رأى كوكباً " قال: هذا ربي " حتى غاب، فلما غاب " قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي " حتى غاب، فلما غاب " قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ربي، هذا أكبر " حتى غابت " قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض " الآية.

ص: 348

قال أبو سعيد الخدري: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن داود سأل ربه فقال: يا رب، إنه يقال: رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني رابعهم، حتى يقال: رب داود فقال: يا داود إنك لن تبلغ ذلك، وإن إبراهيم لم يعدل بي شيئاً قط إلا آثرني عليه إذ يقول: إنكم وما تعبدون " أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين " يا داود، وأما إسحاق فإنه جاد بنفسه لي في الذبح، وأما يعقوب فإني ابتليته ثمانين سنة فلم يسىء بي الظن ساعة قط. فلن تبلغ ذلك يا داود.

حدث زيد بن أسلم أن إبراهيم النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم فيما بلغه مر على ناس يمتارون طعاماً، فانطلق معهم حتى قدم على ملك من الملوك يقال له نمروذ. كلما مر عليه رجل منهم يقول له نمروذ: من ربك؟ فيقول، أنت ويسجد له ويأمر له بالطعام، حتى مر عليه إبراهيم فقال له: من ربك؟ فقال: الذي يحيي ويميت " قال: أنا أحيي وأميت " إن شئت أحييك وإن شئت أمتك " قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر " وأمرهم ألا يعطوه شيئاً، فانطلق، وانطلق أصحابه الذين كانوا معه قد أعطوا الطعام غيره، حتى إذا كان قريباً من أهله قال: والله، إن دخلت على أهلي وليس معي شيء ليهلكن بي وليموتن، فانطلق إلى كثيب أعفر فملأ منه غرارتيه، ثم انطلق حتى دخل على أهله فقال لهم: انظروا ألا تمسوا من هاتين الغرارتين شيئاً، ثم أمر امرأته أن تفلي رأسه فطفقت امرأته تفلي رأسه حتى رقد، فقالت امرأته: والله ما عندي شيء أصنعه لإبراهيم ولقد قدم نصباً، ولأسرقن من الغرارتين فلأصنعن حريرة، ففتحت الغرارتين فإذا هو أجود طعام ودقيق رئي قط، فصنعت له حريرة. فلما استيقظ قربته إليه فقال لها: من أين هذا؟ قالت: سرقته من الغرارة. فضحك.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث مرات: قوله في آلهتهم فلعه كبيرهم هذا، وحين دعوه إلى أن يحج إلى آلهتهم فقال: إني سقيم، وقوله: إن سارة أختي.

ص: 349

وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قول إبراهيم " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " في كذباته الثلاث قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله: إن سارة أختي. ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله.

وعن أبي هريرة من حديث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج إبراهيم يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة وكانت من أجمل النساء، فبلغ ذلك الجبار أن في عملك رجلاً معه امرأة ما رأى الراؤون أجمل منها، فأرسل إليه فأتاه فسأله عن المرأة التي معك قال: أختي. قال: فابعث بها إلي فبعث معه رسولاً فأتاها فقال: إن هذا الجبار سألني عنك فأخبرته أنك أختي وأنت أختي في الإسلام، وسألني أن أرسلك إليه فاذهبي إليه، فإن الله سيمنعه منك. قال: فذهبت إليه مع رسوله، ولما أدخلها عليه وثب إليها فحبس عنها، فقال لها: ادعي إلهك الذي تعبدين أن يطلقني ولا أعود فيما تكرهين، فدعت الله فأطلقه، ففعل ذلك ثلاثاً، ثم قال للذي جاء بها: أخرجها عني فإنك لم تأتني بأنسية إنما أتيتني بشيطانة، فأخدمها هاجر، فرجعت إلى إبراهيم فاستوهبها منها فوهبتها له. قال محمد بن سيرين: فهي أمكم يا بني ماء السماء يعني: العرب.

وروي عن سلمان قال: جوع لإبراهيم أسدان ثم أرسلا عليه، فجعلا يلحسانه ويسجدان له.

حدث أبو الأحوص عن عبد الله قال:

خرج قوم إبراهيم إلى عيد لهم، فمروا عليه فقالوا: يا إبراهيم ألا تخرج معنا قال " إني سقيم " وقد كان قال قبل ذلك " وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين " فسمعه إنسان منهم. فلما خرجوا إلى عيدهم انطلق إلى أهله فأخذ طعاماً، ثم انطلقوا إلى آلهتهم فقربه إليهم " فقال: ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضرباً

ص: 350

باليمين " فكسرها إلا كبيراً لهم ثم ربط في يده الذي كسر به آلهتهم فلما رجع القوم من عيدهم دخلوا فإذا هم بآلهتهم قد كسرت، وإذا كبيرهم في يده الفأس الذي كسر به الأصنام " فقالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين " فقال الذين سمعوا إبراهيم بالأمس يقول: " وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين " " قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " إلى قوله ما لكم لا تنطقون، فجاهرهم إبراهيم عند ذلك فقال: " أتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم " إلى قوله " إن كنتم فاعلين " قال: فجمعوا له الحطب، ثم طرحوه وسطه، ثم أشعلوا النار عليه، فقال الله " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " قال أبو إسحاق: فسمعت سليمان بن صرد يقول: لما جاؤوا ينظرون إليه إذا النار لم تصبه شيئاً قال أبو لوط عند ذلك وهو عمه: أنا صرفتها عنه، فأرسل الله عتقاً منها فأحرقته فتركته حممةً.

قال مقاتل وسعيد: أول من اتخذ المنجنيق نمروذ، وذلك أن إبليس جاءهم لما لم يستطيعوا أن يدنوا من النار قال: أنا أدلكم، فاتخذوا لهم المنجنيق وجيء بإبراهيم فخلعوا ثيابه، وشدوا قماطه، فوضع في المنجنيق، فبكت السموات والأرض والجبال والشمس والقمر والعرش والكرسي والسحاب والريح والملائكة كل يقول: يا رب إبراهيم، عبدك بالنار يحرق فأذن لنا في نصرته، فقالت النار، وبكت: يا رب، سخرتني لبني آدم وعبدك يحرق بي، فأوحى الله إليهم: إن عبدي إياي عبد، وفي حبي أوذي، إن دعاني أجبته، وإن استنصركم فانصروه، فلما رمي استقبله جبريل بين المنجنيق والنار فقال: السلام عليك يا إبراهيم، أنا جبريل ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، حاجتي إلى الله ربي، فلما أن قذف سبقه

ص: 351

إسرافيل فسلط على قماطه وقال الله " يا نار كوني برداً وسلاماً " فلو لم يخلط بالسلام لكز فيها برداً ودخل جبريل وأنبت الله حوله روضة خضراء وبسط له بساط من درنوك الجنة، وأتي بقميص من حلل جنة عدن فألبس وأجري عليه الرزق غدوة وعشياً، إسرافيل عن يمينه وجبريل عن يساره حتى رأى الملك الرؤيا، ورأى الناس فأكثروا القول فيه.

قال سفيان: لما وضع إبراهيم في المنجنيق جاءه جبريل عليه السلام فقال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، ليس لي حاجة إلا إلى الله فأوحى الله إلى النار لئن نلت من إبراهيم أكثر من حل وثاقه لأعذبنك عذاباً لا أعذبه أحداً من خلقي.

قال معتمر بن سليمان: قالت السموات: يا رب، خليلك يلقى في النار فيك، قال: قد أرى، وإن استغاثك فأغيثيه. فقال: حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فمر به جبريل فقال: يا إبراهيم، ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا.

قال بكر بن عبد الله المزني: لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار ضجت عامة الخليقة إلى ربها فقالوا: يا رب، خليلك يلقى في النار ائذن لنا فنطفىء عنه، فقال جل وعز: خليلي! ليس لي خليل غيره في الأرض، وأنا إلهه ليس له غيري، فإن استعان بكم فأعينوه وإلا فدعوه. قال: وجاء ملك القطر فقال: يا رب خليلك يلقى في النار فأذن لي فأطفىء عنه بقطرة واحدة، فقال عز وجل: هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره، وأنا إلهه ليس له إله غيري فإن استغاث بك فأغثه، وإلا فدعه. قال: فلما ألقي في النار قال الله تعالى " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " قال: فبردت النار يومئذٍ على أهل الشرق والغرب فلم ينضج بها كراع.

ص: 352

وقال عكرمة:

إن نار الدنيا كلها خمدت لم ينتفع بها أحد من أهلها. ولما أخرج الله إبراهيم من النار زاده الله في حسنه وجماله سبعين ضعفاً. ولما ألقي في النار قالت أمه: لقد كان ابني يقول: إن له رباً يمنعه، وأراه يلقى في النار فما ينفعه، وإني مطلعة على هذه النار أنظر إلى ابني ما فعل. قال عكرمة: فعملت لها سلماً ثم اطلعت على السلم حتى إذا هي أشرفت أبصرت إبراهيم في وسط النار، فنادته أمه: يا إبراهيم. فلما رآها قال لها: يا أمه، ألا ترين ما صنع الله بي؟ قالت: يا بني، لولا أني أخاف النار لمشيت إليك قال: يا أمه انزلي وتعالي فقالت: يا بني فادع إلهك أن يجعل لي طريقاً فدعا ربه فجعل لها طريقاً ثم نزلت فقالت: إني أخاف، فقال: يا أمه لا تخافي هل تجدين من حر النار شيئاً قالت: لا. فسارت إليه حتى إذا دنت منه ضمت إبراهيم عليه السلام إلى صدرها، وجعلت تقبله فقال لها: يا أمه، فارجعي مما أنت عليه، فالتفتت لترجع فإذا بالنار على ممرها، فقالت: أسألك بحق إلهك إلا دعوت ربك أن يبعد النار من طريقي فدعا ربه فمرت حتى إذا كانت على رأس الحائط، وأرادت أن تنزل نادت: يا إبراهيم ابني عليك السلام. فذهبت.

وروي عن علي بن أبي طالب قال: كانت البغال تتناسل، وكانت أسرع الدواب في نقل الحطب لتحرق إبراهيم فدعا عليها، فقطع الله أرحامها ونسلها. وكانت الضفادع مساكنها النفقان فجعلت تطفىء النار على إبراهيم فدعا لها فأنزلها الماء، وكانت الأوزاغ تنفخ عليه النار وكانت أحسن الدواب فلعنها فصارت ملعونة. فمن قتل منها شيئاً أجر.

روى نافع أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله عنها، فإذا رمح منصوب فقالت: ما هذا الرمح؟ قالت: نقتل به الأوزاغ، ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفىء عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه.

قال اسم المرأة التي دخلت على عائشة سائبة.

ص: 353

وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما قوله " إني سقيم " فمطعون، وأما قوله " اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً " قال: لما ألقي إبراهيم في النار أتاه جبريل عليه السلام ومعه طنفسة من طنافس الجنة، وقميص من قمص الجنة، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة، وقعد يحدثه. قال: فرأى أبو إبراهيم سبع ليال كأن إبراهيم قد خرج من الحائط قال: فأتى نمروذ الجبار فقالت له: ائذن لي في عظام إبراهيم أدفنها. قال: فركب نمروذ الجبار ومعه أهل مملكته. قال: فأتى الحائط فنقبه. قال: فخرج جبريل في وجوههم فولوا هاربين. قال: وتبلبلوا عند ذلك. قال: فمن ذلك اليوم سميت الأرض بابل. قال: وكانت الألسن كلها بالسريانية. قال: فتفرقوا فصارت اثنتين وسبعين لغة. قال: فلم يعرف الرجل كلام صاحبه.

وفي حديث آخر: فنقب الحائط فإذا إبراهيم في روضة تهتز، وثيابه تندى على طنفسة من طنافس الجنة، عليه قميص من قمص الجنة. قال كعب: ما أحرقت النار من إبراهيم غير وثاقه.

قال ابن عباس: لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبي الله ونعم الوكيل. قال: وكذلك قال محمد صلى الله عليه وسلم " إن الناس قد جمعوالكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ".

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما ألقي إبراهيم في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض عبدك. وقيل: أعبدك.

قال المنهال بن عمرو: أخبرت أن إبراهيم لما ألقي في النار كان فيها ما أدري إما خمسين وإما أربعين يوماً.

ص: 354

قال: ما كنت أياماً قط وليالي قط أطيب عيشاً مني إذ كنت فيها. ووددت أن عيشي كله مثل عيشي إذ كنت فيها.

قال أبو يعقوب النهرجوري: التوكل على كمال الحقيقة وقع لإبراهيم خليل الرحمن في تلك الحال التي قال لجبريل عليه السلام، أما إليك فلا. لأنه غابت نفسه بالله، فلم ير مع الله غير الله. فكان ذهابه بالله من الله إلى الله بلا واسطة، وهو من عليات التوحيد وإظهار القدرة لنبيه أو لخليله إبراهيم عليه السلام.

قال ابن عباس:

لما هرب إبراهيم من كوثى وخرج من النار ولسانه يومئذٍ سرياني. فلما عبر الفرات من حران غير الله لسانه. فقيل عبراني حيث عبر الفرات، وبعث نمروذ في إثره وقال: لا تدعوا أحداً يتكلم بالسريانية إلا جئتموني به، فلقوا إبراهيم فتكلم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته.

قال أبو رجاء قلت للحسن: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " قال: فابتلاه بالكوكب فرضي عنه، وابتلاه بالشمس فرضي عنه، وابتلاه بالنار فرضي عنه، وابتلاه بابنه فرضي عنه، وابتلاه بالهجرة، وابتلاه بالختان.

وفي حديث آخر: فأثنى عليه فأتمهن قال: يقول: فعلهن.

قال ابن عباس: لم يبتل أحد بهذا الدين فأقامه إلا إبراهيم. ابتلاه الله بكلماته فأتمهن فأداهن " قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " وقال أبو صالح مولى أم هانىء: في قوله عز وجل " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " قال: منهن إني

ص: 355

جاعلك للناس إماماً، ومنهن آيات النسك " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ".

وكان الحسن يقول: ابتلاه بما مر فصبر عليه، ابتلاه بالكوكب والشمس والقمر فأحسن في ذلك، وعرف أن ربه دائم لا يزول، فوجه وجهه للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما كان من المشركين، ابتلاه بالهجرة فخرج عن قومه وبلاده حتى لحق بالشام مهاجراً إلى الله، ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة فصبر على ذلك، وابتلاه الله بذبح ابنه، والختان، فصبر على ذلك كله.

وقال قتادة: في قوله تعالى " قال لا ينال عهدي الظالمين " قال: هذا عبد الله يوم القيامة، لا ينال عهده ظالماً، وأما في الدنيا فقد نالوا عهده فوارثوا به المسلمين وعازوهم وناكحوهم، فإذا كان يوم القيامة قضى الله عهده وكرامته على أوليائه.

وقال قتادة: " إني جاعلك للناس إماماً " قال: يهتدي بهداك وسنتك.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختتن إبراهيم بعد ما مرت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم.

قال ابن مشكان: قال عبد الرزاق: القدوم اسم القرية وفي رواية يحيى بن سعيد، قال: قلت ليحيى: ما القدوم؟ قال: الفأس.

ص: 356

روى موسى بن علي عن أبيه قال: أمر إبراهيم فاختتن بقدوم، فاشتد عليه، فأوحى الله إليه: عجلت قبل أن نأمرك بآلته قال: يا رب كرهت أن أؤخر أمرك.

وعن أبي هريرة قال: أول من اختتن إبراهيم خليل الرحمن، اختتن وهو ابن عشرين ومائة سنة، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة.

قال سعيد: كان إبراهيم أول من اختتن، وأول من رأى الشيب فقال: يا رب ما هذا الشيب؟ قال: الوقار، قال: رب زدني وقاراً، وكان أول من أضاف الضيف، وأول من جز شاربه، وأول من قص أظفاره، وأول من استحد.

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربط إبراهيم عليه السلام غرلته وجمعها إليه فحد قدومه وضرب قدومه بعود معه فندرت بين يديه بلا ألم ولا دم.

وختن إسماعيل عليه السلام وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وختن إسحاق وهو ابن سبعة أيام.

وعن نبيط بن شريط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول من أضاف الضيف إبراهيم، وأول من لبس السراويل إبراهيم، وأول من اختتن إبراهيم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلت الصحف على إبراهيم في ليلتين من شهر رمضان، وأنزل الزبور على داود في ست رمضان، وأنزلت التوراة على موسى لثمان عشرة من رمضان، وأنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأربع وعشرين من رمضان.

وفي حديث واثلة بن الأسقع وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان.

ص: 357

روي عن أبي هريرة أنه قال لكعب الأحبار: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: لكل نبيٍّ دعوةٌ يدعو بها، وأنا أريد إن شاء الله أن أخبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة.

قال كعب لأبي هريرة:

أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال كعب لأبي هريرة: بأبي وأمي ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو هريرة:: بلى. قال كعب: لما رأى إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم ذبحاً قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عبده هذا آل إبراهيم لا أفتن منهم أحداً أبداً، فتمثل الشيطان لهم رجلاً يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه، دخل على سارة امرأة إبراهيم فقال لها: أين أصبح إبراهيم غادياً بإسحاق؟ قالت سارة: غدا به ليقضي حاجته. قال الشيطان: لا والله ما لذلك غدا به. قالت سارة: فلم غدا به؟ قال: غدا به ليذبحه. قالت سارة: وليس في ذلك شيء لم يكن ليذبح ابنه، قال الشيطان: بلى والله. قالت سارة: فلم يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قالت سارة: فقد أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك، فخرج الشيطان من عند سارة حتى إدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، قال له: أين أصبح أبوك غادياً بك؟ قال غدا بي لبعض حاجته. قال الشيطان: لا والله ما غدا بك لبعض حاجته، ولكنه غدا بك ليذبحك. قال إسحاق: ما كان ليذبحني، قال: بلى، قال لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قال إسحاق: فوالله إن أمره بذلك ليطيعنه، فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال: أين أصبحت غادياً بابنك؟ قال: غدوت به لبعض حاجتي، قال: أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه. قال: لم أذبحه؟ قال: زعمت أن ربك أمرك بذلك. قال: فوالله لئن كان أمرني به ربي لأفعلن. قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق أعفاه الله وفداه بذبح عظيم. قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بني فإن الله قد أعفاك، وأوحى الله إلى إسحاق: إني أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها. قال إسحاق: اللهم فإني أدعوك أن تستجيب لي: أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئاً فأدخله الجنة.

ص: 358

وذهب جماعة أن الذي أمر إبراهيم عليه السلام بذبحه إسماعيل. وسياق القرآن يدل عليه ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا ابن الذبيحين.

وعن ابن عباس قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: رب قد فرغت. فقال: أذن في الناس بالحج، قال: رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعلي البلاغ. قال: رب، كيف أقول؟ قال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج، حج البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض. ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون؟.

وعن ابن عباس قال: أن جبريل عليه السلام ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات، فساخ، ثم أتى به الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات، فساخ، ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ. فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه: يا أبه، أوثقني لا أضطرب، فينضح عليك دمي إذا ذبحتني، فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا.

وعن علي بن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى حين أوحى إلى إبراهيم أن أذن في الناس بالحج فقام على الحجر. فمنهم من قال: ارتفع حتى بلغ الهواء، فقال: يا أيها الناس إن الله يأمركم بالحج، فأجابه من كان مخلوقاً في الأرض يومئذٍ، ومن كان في أرحام النساء، ومن كان في أصلاب الرجال، ومن كان في البحور، فقالوا: لبيك اللهم، لبيك. فمن أبى اليوم فهو ممن أبى يومئذٍ وممن أجاب يومئذٍ.

وفي حديث مجاهد فقالوا: لبيك اللهم لبيك، وكان هذا أول التلبية.

ص: 359

وعن عبد الله بن عمرو قال: لما أفاض جبريل عليه السلام بإبراهيم صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم غدا من منى إلى عرفات فصلى بها الصلاتين، ثم وقف حتى غابت الشمس، ثم أتى به المزدلفة، فنزل بها، فبات، ثم صلى بها يعني الصبح كأعجل ما يصلي أحد من المسلمين، ثم وقف به كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين، ثم دفع إلى منى فرمى، وذبح، وحلق، ثم أوحى الله عز وجل إلى محمد صلى الله عليه وسلم " أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين " وفي رواية أخرى: ثم أفاض حتى أتى به الجمرة فرماها، ثم ذبح وحلق، ثم أتى به البيت فطاف به. قال: ثم رجع إلى منى، فأقام بها تلك الأيام، ثم أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم " أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ".

وعن مجاهد

أن إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام حجا ماشيين.

وعن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " وإبراهيم الذي وفى " قال: كان عليه السلام يقول إذا أصبح وإذا أمسى " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون " قال محمد بن واسع: من قال حين يصبح ثلاث مرات " سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون " إلى قوله " وكذلك تخرجون " لم يفته خيرٌ كان قبله من الليل. ولم يدركه يومئذٍ شر. ومن

ص: 360

قال حين يمسي لم يفته خير كان قبله، ولم يدركه ليلته شر. وكان إبراهيم خليل الرحمن يقولها ثلاث مرات إذا أصبح وثلاث مرات إذا أمسى.

وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الآية " وإبراهيم الذي وفى " قال: هل تدرون ما وفى؟ وفى عمل يومه بأربع ركعات الضحى.

وفي رواية أخرى: وفى عمل يومه أربع ركعات من أول النهار.

قال مكي: وهي عندنا صلاة الضحى.

وعن الحسن " وإبراهيم الذي وفى " قال: وفى الله فرائضه.

وعن مجاهد قال: بلغ وأدى.

وعن عمرو بن أوس قال: كان الرجل يؤخذ بذنب غيره حتى جاء إبراهيم فقال الله عز وجل " وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى " وعن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم بالرؤية.

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال: لإطعامه الطعام، يا محمد.

ص: 361

وعن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل بعث حبيبي جبريل عليه السلام إلى إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم، إني لم أتخذك خليلاً على أنك أعبد عبادي لي، ولكني اطلعت على قلوب الآدميين فلم أجد قلباً أسخى من قلبك فلذلك اتخذتك خليلاً.

وعن وهب بن منبه قال: قرأت في بعض الكتب التي أنزلت من السماء أن الله قال لإبراهيم عليه السلام: أتدري لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب. قال: لذل مقامك بين يدي في الصلاة.

وقال وهب: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً كان يسمع خفقان قلبه من بعد خوفاً من الله عز وجل.

وعن وهيب بن الورد قال: بلغنا أن الضيف لما جاؤوا إلى إبراهيم عليه السلام قرب إليهم العجل. قال " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه " قال: لم لا تأكلون؟ قالوا: إنا لا نأكل طعاماً إلا بثمنه. قال: فقال لهم: أو ليس معكم ثمنه؟ قالوا: وأنى لنا بثمنه؟ قال: تسموا الله تبارك وتعالى إذا أكلتم، وتحمدونه إذا فرغتم، فقالوا: سبحان الله لو كان ينبغي لله أن يتخذ من خلقة خليلاً لاتخذك يا إبراهيم خليلاً. قال: فاتخذ الله إبراهيم خليلاً.

وعن ابن عباس قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً وتنبأه، وله يومئذٍ مئة عبد أعتقهم وأسلموا، فكانوا يقاتلون معه بالعصي. قال: فهم أول موالٍ قاتلوا مع مولاهم.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أراد الله أن يتخذ إبراهيم خليلاً قال ذلك للملائكة. قال: فقال ملك الموت: أنا الذي أبشره، فإني أنا الذي أقبض روحه. قال: فولاه الله ذلك.

ص: 362

وعن أنس بن مالك قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البشر، قال: ذاك إبراهيم عليه السلام. وفي رواية: يا خير البرية.

وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي وخليل ربي عز وجل إبراهيم، ثم قرأ " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ".

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم: يا خليلي، أحسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار، فإن رحمتي وسعت من حسن خلقه: أن أظله في ظل عرشي، وأن أسقيه من حظيرة قدسي، وأن أدنيه من جواري يوم لا يجاورني من عصاني.

وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان إبراهيم من أغير الناس، وإنه من غيرته جعل لإسحاق مشربة فوق بيته تفتح إلى غير بيته الذي هو فيه.

وعن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صام نوح الدهر إلا يوم الفطر والأضحى، وصام داود نصف الدهر، وصام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر. صام الدهر، وأفطر الدهر.

وعن سلمان قال: لما أن أري إبراهيم ملكوت السماوات فرأى رجلاً على فاحشة فدعا عليه فأهلك، ثم

ص: 363

رأى آخر على فاحشة فدعا عليه فأهلك، ثم رأى آخر فأراد أن يدعو عليه فقال الله تبارك وتعالى: أنزلوا عبدي لا يهلك عبادي.

وعن قسامة بن زهر أن إبراهيم خليل الرحمن حدث نفسه أنه أرحم الخلق، فرفع حتى أشرف على أهل الأرض. فلما رآهم وما يصنعون قال: دمر عليهم، فقال له ربه: أنا أرحم الراحمين، لعلهم يتوبون ويرجعون.

وعن عطاء قال: لما رفع إبراهيم في ملكوت السموات رأى رجلاً يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلاً يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلاً يزني فدعا عليه فقيل: على رسلك يا إبراهيم، إنك عبد يستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث: إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة تعبدني، وإما أن يتمادى فيما هو فيه، فإن جهنم من ورائه.

قال زيد بن علي: " فلما جن عليه الليل رأى كوكباً " قال: الزهرة.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال " رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد. ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي.

وعن ابن عباس في قوله " قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " قال: اعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، وتعطيني إذا سألتك.

وقال القاضي إسماعيل: كان يعلم بقلبه أن الله يحيي الموتى، ولكن أحب أن يرى معاينةً.

ص: 364

وعن سعيد بن جبير " ولكن ليطمئن قلبي " قال: ليزداد إيماناً.

وقال في مكان آخر " ليطمئن قلبي " قال: بالخلة.

وعن ابن المبارك في قوله " ولكن ليطمئن قلبي " قال: بالخلة. يقول أعلم أنك اتخذتني خليلاً.

وعن مجاهد " فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك " قال: الغراب والديك والحمامة والطاووس.

وعن ابن عباس: في قوله تعالى: " فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك " قال: قطع أجنحتها أربعاً: ربعاً ها هنا، وربعاً ها هنا، وربعاً ها هنا، وربعاً ها هنا، " ثم ادعهن يأتينك سعياً " قال: هذا مثل، كذلك يحيي الله الموتى مثل هذا.

وقال مجاهد " فصرهن إليك " قال: يقول: انتف ريشهن ولحومهن ومزقهن تمزيقا.

وعن عطاء قال: يقول: شققهن ثم اخلطهن.

وعن أبي الجوزاء " فصرهن إليك " أي فعلمهن حتى يجئنك، ثم أمر بذبحها حين أجبنه. قال: فذبحهن، ثم نتفهن، وقطعهن. قال: فخلط دماءهن بعضها ببعض، وريشهن ولحومهن خلطه كله. قال: ثم قيل له: اجعل على أربعة أجبل، على كل جبل منهن جزءاً " ثم ادعهن يأتينك سعياً " قال: ففعل، ثم دعاهن. قال: فجعل الدم يذهب إلى الدم والريشة إلى الريشة واللحم إلى اللحم وكل شيء مكانه حتى أجبنه. فقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير.

ص: 365

وعن الحسن في قوله " إن إبراهيم كان أمة قانتاً " قال: الأمة: الذي يؤخذ عنه العلم.

وقال ابن عمر: الأمة: الذي يعلم الناس دينهم.

وعن عبد الله بن شداد قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الأواه؟ قال: الأواه: الخاشع الدعاء المتضرع ثم قرأ " إن إبراهيم لأواه حليم ".

وقال ابن عباس: الأواه: الموقن.

وقال عبد الله: الأواه: الرحيم.

وعن كعب في قوله تعالى وتقدس " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " قال: كان يتأوه، يقول: اوه، إذا ذكر النار اوه اوه.

وعن أبي ميسرة: الأواه: المسبح.

وعن الحسن " إن إبراهيم لحليمٌ أواهٌ منيب " قال: كان إذا قال قال لله، وإذا عمل عمل لله. وإذا نوى نوى لله.

ص: 366

وعن مجاهد في قوله تعالى " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " قال: ما أراد إلا الثناء الحسن. قال: فليس من أمة إلا وهي توده.

وقال سفيان في قوله " وتركنا عليه في الآخرين " قال: الثناء.

وعن عكرمة في قوله تعالى " وآتيناه أجره في الدنيا " قال: هو لسان الصدق الذي جعله الله له. قال: والأمم كلها تتولى إبراهيم، اليهود والنصارى والناس أجمعون، ويشهدون له بالعدل، وذلك لسان الصدق، وهو الأجر الذي آتاه في الدنيا.

وعن أبي هريرة

في قوله تعالى " زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال: قلب إبراهيم عليه السلام، لا يهودي ولا نصراني.

وعن قتادة في قوله تعالى " وجعلها كلمة باقية في عقبه " قال: التوحيد والإخلاص، لا يزال في ذريته من توحيد الله عز وجل.

قال علي بن أبي طالب: كان الرجل يبلغ الهرم ولم يشب، وكان الرجل يأتي القوم وفيهم الرجل وولده فيقول: أيكم أبوكم، لا يعرف الأب من الابن، فقال إبراهيم: رب اجعل لي شيئاً أعرف به فأصبح رأسه ولحيته أبيضين.

ص: 367

قال أبو أمامة: بينما إبراهيم ذات يوم يصلي صلاة الضحى إذ نظر إلى كف خارجةٍ من السماء بين اصبعين من أصابعها شعرة بيضاء، فلم تزل تدنو حتى دنت من رأس إبراهيم فألقت الشعرة البيضاء في رأسه، ثم قالت: اشعل وقاراً. قال محمد: اشعل: خذ فاشتعل رأسه منها شيباً، فأوحى الله إلى إبراهيم أن يتطهر فتوضأ، ثم أوحى إليه أن يتطهر فاغتسل، ثم أوحى إليه أن يتطهر فاختتن قال: فكان إبراهيم من شاب واختتن.

قال سلمان: سأل إبراهيم عليه السلام ربه خيراً، فأصبح ثلثا رأسه أبيض. فقال: ما هذا؟ فقيل له: عبرة في الدنيا ونور في الآخرة وعن كعب قال: قال إبراهيم عليه السلام: يا إلهي إنه ليحزنني ألا أرى في الأرض أحداً يعبدك غيري، فبعث الله ملائكته يتعبدون معه، أو نحو ذلك.

قال أبو هريرة: كان إبراهيم خليل الله يزور ابنه إسماعيل على البراق، وهي دابة جبريل عليه السلام تضع حافرها حيث ينتهي طرفها، وهي الدابة التي ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به.

وعن عطاء قال: كان إبراهيم خليل الرحمن إذا أراد أن يتغدى طلب من يتغدى معه ميلاً في ميل.

وقال عطاء: أحب الطعام إلى الله ما كثرت فيه الأيدي.

قال عبيد بن عمير: كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس، فخرج يوماً يلتمس إنساناً يضيفه، فلم يجد

ص: 368

أحداً فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً نائماً، فقال: يا عبد الله! من أدخلك داري بغير إذني؟ قال: دخلتها بإذن ربها. قال: ومن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، أرسلني ربي إلى عبد من عباده أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً. قال: ومن هو؟ فوالله لئن أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لآتينه، ثم لا أبرح له خادماً حتى يفرق بيننا الموت، قال: ذاك العبد أنت هو. قال: أنا؟ قال: نعم أنت. قال: فيم اتخذني ربي عز وجل خليلاً؟ قال: إنك تعطي الناس ولا تسألهم.

قال سعيد بن المسيب: أول من أضاف الضيف إبراهيم خليل الرحمن.

قال مجاهد: " ضيف إبراهيم المكرمين " خدمته إياهم بنفسه.

قال وهب بن منبه: كان في صحف إبراهيم أو فيما أنزل الله على إبراهيم: أيها الملك المبتلى، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولا لتبني البنيان، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من كافرٍ.

سمع جبريل عليه السلام إبراهيم عليه السلام وهو يقول: يا كريم العفو، فقال له جبريل: وتدري ما كريم العفو؟ قال: لا، يا جبريل، قال: أن يعفو عن السيئة ويكتبها حسنة.

قال داود بن هلال: مكتوب في صحف إبراهيم: يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعت لهم وتزينت لهم، إني قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك، وما خلقت خلقاً أهون علي منك، شأنك صغير وإلى الفناء تصيرين، قضيت عليك يوم خلقتك ألا تدومي لأحد، ولا يدوم لك أحد، وإن بخل بك صاحبك وشح عليك. طوبى للأبرار

ص: 369

الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا من ضميرهم وعلى الصدق والاستقامة، طوبى لهم ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم، النور يسعى أمامهم، والملائكة حافين بهم حتى أبلغهم بها ما يرجون من رحمتي.

وكان إبراهيم خليل الرحمن لا يرفع طرفه إلى السماء إلا اختلاساً ويقول: اللهم نعم عيشي في الدنيا بطول الحزن فيها.

قال أنس بن مالك:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي إن شهدت إن لا إله إلا الله وكبرته وحمدته وسبحته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبراهيم سأل ربه فقال: يا رب، ما جزاء من هللك مخلصاً من قلبه؟ قال: يا إبراهيم، جزاؤه أن يكون كيوم ولدته أمه من الذنوب، قال: يا رب، فما جزاء من كبرك، قال: عظم مقامه. قال: يا رب، ما جزاء من حمدك؟ قال: الحمد مفتاح الشكر وخاتمته شكر، والحمد يعرج به إلى رب العالمين. قال: يا رب، فما جزاء من سبحك؟ قال: لا يعلم تأويل التسبيح إلا رب العالمين.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم محشورون حفاة عراة، غرلاً. ثم قال " كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين " ألا وإن أول من يكسى إبراهيم عليه السلام يوم القيامة، ألا وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي أصحابي. قال: فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى " وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم " إلى قوله " العزيز الحكيم ".

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أول ما يكسى يوم القيامة إبراهيم خليل الرحمن قبطيتين ثم يكسى النبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش.

ص: 370

وعن حيدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة حفاة غرلاً، فأول الناس يكسى إبراهيم خليل الرحمن فيقول الله تعالى: اكسوا إبراهيم خليلي ليعلم الناس اليوم فضله عليهم، فيكسى حلة، ثم يكسى الناس على منازلهم.

وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من يلبس من حلل الجنة أنا وإبراهيم والنبيون.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة قصراً من لؤلؤ ليس فيه صدع ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم نزلاً.

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت يوم فتح مكة، فرأى تماثيل إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال: ما لهم قاتلهم الله؟ ما كان إبراهيم ولا إسماعيل عليهم السلام يستقسمان بالأزلام.

وعن عتبة بن عبدٍ الثمالي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أقسمت لبررت. لا يدخل الجنة قبل سابق أمتي إلا بضعة عشر رجلاً منهم إبراهيم وإسماعيل ويعقوب والأسباط اثنا عشر وموسى وعيسى بن مريم بنت عمران عليهم السلام.

قال عبد الله بن عبد الرحمن مولى سالم: أرسلني سالم إلى محمد بن كعب القرظي أحب أن تلقاني عند زاوية القبر فالتقيا، فقال له سالم:" الباقيات الصالحات " فقال له محمد بن كعب: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. فقال له سالم: متى زدت فيها لا حول ولا قوة إلا بالله؟ قال: ما زلت أقولها فراجعه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول:

ص: 371

ما زلت أقولها. قال: فأبيت؟ فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما أسري بي مررت بإبراهيم عليه السلام فقال لجبريل: من هذا معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم قال: فرحب بي وسلم علي وقال: مر أمتك يكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة. قال: قلت: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرىء أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وغراسها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وعن سعيد بن جبير قال:

كان الله يبعث ملك الموت إلى الأنبياء عياناً، فبعثه إلى إبراهيم عليه السلام ليقبضه فدخل دار إبراهيم في صورة شاب جميل، وكان إبراهيم رجلاً غيوراً، فلما دخل عليه حملته الغيرة على أن قال له: يا عبد الله من أدخلك داري؟ قال: أدخلنيها ربها، فعرف إبراهيم أن هذا لأمر حدث، قال: يا إبراهيم، وإني أمرت بقبض روحك، قال: فأمهلني يا ملك الموت حتى يدخل إسحاق، فأمهله، فلما دخل إسحاق قام إليه فاعتنق كل واحد منهما صاحبه، فرق لهما ملك الموت، فرجع إلى ربه، فقال: يا رب، رأيت خليلك فزع من الموت قال: يا ملك الموت فأت خليلي في منامه فاقبضه، قال: فأتاه في منامه فقبضه.

قال محمد بن المنكدر: دخل إبراهيم عليه الصلاة والسلام داره وكان رجلاً غيوراً فإذا هو برجل شاب طيب الريح، قال: ما أدخلك داري؟ قال: أذن لي ربها. قال: فإن كان ربها أذن لك فهو أحق بها قال: أعرض عني يا إبراهيم، قال: فحال في صورة أسود له أنياب مختلفة وعيناه تذرفان، وله ريح منتنة وهيئةٌ الله بها أعلم، قال: يا إبراهيم أنا ملك الموت وهذه ملائكة الرحمة عن يميني وملائكة العذاب عن شماله، فإذا توفيت النفس المؤمنة جئتها في هذه الهيئة الحسنة والريح الطيبة التي رأيتني فيها ورفعتها إلى ملائكة الرحمة، وإذا توفيت النفس الكافرة جئتها في هذه الصورة وهذه الريح فرفعتها إلى ملائكة العذاب.

ص: 372

وعن كعب قال: كان إبراهيم عليه السلام يقري الضيف، ويرحم المساكين وابن السبيل، قال: فأبطأت عليه الأضياف حتى استراب ذلك، فخرج إبراهيم إلى الطريق فطلب ضيفاً فمر به ملك الموت في صورة رجل، فسلم على إبراهيم فرد إبراهيم عيه السلام ثم سأله إبراهيم: من أنت؟ قال: ابن السبيل؟ قال: إنما قعدت ها هنا لمثلك، انطلق، فانطلق به إلى منزله، فرآه إسحاق فعرفه، فبكى إسحاق، فلما رأت سارة إسحاق يبكي بكت لبكائه. قال: ثم صعد ملك الموت، فلما أفاقوا غضب إبراهيم عليه السلام وقال: بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب؟! قال إسحاق: لا تلمني يا أبه، فإني رأيت ملك الموت معك ولا أرى أجلك يا أبه إلا قد حضر فارعه في أهلك قال: فأمره بالوصية، وكان لإبراهيم بيت يتعبد فيه لا يدخله غيره، فإذا خرج أغلقه. قال: فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه، فإذا هو برجل قاعد فقال له: من أنت؟ من أدخلك؟ قال: بإذن رب البيت دخلت، قال: رب البيت أحق به. قال: ثم تنحى إبراهيم إلى ناحية البيت فصلى كما كان يصنع، فصعد ملك الموت. وقيل له: ما رأيت؟ قال: يا رب جئتك من عند عبدٍ ليس لك في الأرض بعده خير، قيل له: ما رأيت؟ قال: ما ترك خلقاً من خلقك إلا وقد دعا له في دينه أو في معيشته، ثم مكث إبراهيم ما شاء الله، ثم فتح باب بيته الذي يتعبد فيه، فإذا هو برجل قاعد فقال له إبراهيم: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال إبراهيم: إن كنت صادقاً فأرني منك آية أعرف أنك ملك الموت، قال له ملك الموت: أعرض بوجهك يا إبراهيم فأعرض إبراهيم بوجهه ثم قال: أقبل فانظر، فأقبل إبراهيم بوجهه فأراه الصورة التي يقبض فيها أرواح المؤمنين. فرأى من النور والبهاء شيئاً لا يعلمه إلا الله. ثم قال: أعرض بوجهك يا إبراهيم، فأعرض ثم قال: أقبل وانظر. فأراه الصورة التي يقبض فيها الكفار والفجار قال: فرعب إبراهيم رعباً حتى أرعدت فرائصه وألصق بطنه بالأرض، وكادت نفسه تخرج. قال: فقال إبراهيم: أعرف أعرف، فانظر الذي أمرت فامض له. قال: فصعد ملك الموت فقيل له: تلطف - يعني في قبض روح إبراهيم - فأتاه وهو في عنب له في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء، فنظر إبراهيم فرآه فرحمه، فأخذ مكتلاً فقطف

ص: 373

فيه من عنب، ثم جاء به فوضعه بين يديه فقال: كل فجعل ملك الموت يريه أنه يأكل وجعل يمضغه ويمجه على لحيته وعلى صدره قال: فعجب إبراهيم وقال: ما أبقت السن منك شيئاً فكم أتى لك؟ قال: فحسب قال: أتى لي كذا وكذا. مثل إبراهيم، فقال إبراهيم: قد بلغت أنا هذا فإنما أنتظر أن أكون مثل هذا، اللهم اقبضني إليك قال: فطابت نفس إبراهيم عن نفسه وقبض ملك الموت روحه في تلك الحال.

وفي حديث آخر عن ابن عمر قال:

لما دخل ملك الموت على إبراهيم يقبض روحه، فسلم عليه فرد عليه السلام، قال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت قد أمرت بك فبكى إبراهيم عليه السلام حتى سمع بكاءه إسحاق فدخل عليه فقال: يا خليل الله ما يبكيك؟! قال: هذا ملك الموت يريد أن يقبض روحي قال: فبكى إسحاق حتى علا بكاؤه بكاء إبراهيم عليهما السلام، فانصرف ملك الموت إلى الله عز وجل فقال: يا رب، إن عبدك إبراهيم جزع من الموت جزعاً شديداً، فقال: يا جبريل، خذ ريحانة من الجنة فانطلق بها مع ملك الموت إلى إبراهيم وحيه بها، وقل له: الخليل إذا طال به العهد من خليله اشتاق إليه وأنت خليل أما تشتاق إلى خليلك؟ فأتاه، وبلغه رسالة ربه، ودفع إليه الريحانة فقال: نعم، يا رب، قد اشتقت إلى لقائك، فشم الريحانة فقبض بها.

وعاش إبراهيم مئة وخمساً وتسعين سنة. وقيل: مات وهو ابن مئتي سنة.

وعن عبد الله بن أبي فراس قال: جسد إبراهيم في مغارة بين الصخرة ومسجد إبراهيم ورجلاه ها هنا، ورأسه عند الصخرة أو رأسه ها هنا، ورجلاه عند الصخرة.

قال أبو السكن الهجري: مات خليل الله فجأة ومات داود فجأة. ومات سليمان بن داود فجأة، والصالحون. وهو تخفيف على المؤمن وتشديد على الكافر.

ص: 374

وعن عبد الله بن أبي مليكة قال: لما قدم إبراهيم على ربه قال له: يا إبراهيم، كيف وجدت الموت؟ قال: يا رب، وجدت نفسي كأنها تنزع بالسلا. قال: كيف وقد هونا عليك الموت يا إبراهيم؟ قال وهب بن منبه: أصيب على قبر إبراهيم الخليل مكتوب خلفه في حجر: من مجزوء الرجز

ألهى جهولاً أمله

يموت من جا أجله

ومن دنا من حتفه

لم تغن عنه حيله

وكيف يبقى آخرٌ

قد مات عنه أوله

وزاد فيه بعض أهل العلم

والمرء لا يصحبه

في القبر إلا عمله

والله أعلم.

/

ص: 375