المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التقنع يعني تغطية الوجه - مختصر كشف الغمة عن أدلة الحجاب في الكتاب والسنة

[أمل آل خميسة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أولا: أن المراد بقوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌ ثانيا: أن قول ابن عباس " تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به

- ‌ ثالثاً: أن مفاد آية الحجاب {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}

- ‌ رابعاً: أن الحجاب (تغطية الوجه) الذي تقتضيه آية الحجاب الأولى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}

- ‌ خامساً: الأصل الذي اعتمد عليه أهل العلم في بيان معنى آية إدناء الجلابيب

- ‌ سادساً: من الشواهد التي تقوي حديث ابن عباس هذا وتعضده

- ‌ سابعاً: أن الاعتجار والتقنع والتلفع بالجلابيب تعني تغطية الوجه عند مجموع أهل العلم

- ‌ ثامناً: هناك حُكمان شرعيان ذهل عنهما أكثر أهل العلم المتأخرين

- ‌ تاسعاً: للمرأة الحرّة عورتان:

- ‌ عورة في النظر

- ‌عورة في الصلاة

- ‌ عاشراً: أن جميع ما استشهد به الشيخ الألباني من الأحاديث والآثار؛ ليس فيها حجة على جواز كشف الوجه للنساء الحرائر

- ‌ الحادي عشر: عن خالد بن دريك عن عائشة

- ‌ الثاني عشر: أن المراد بقوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌ الثالث عشر: الثابت في السنة أن الأكسية التي سارعت إلى لبسها النساء عند الخروج امتثالا لآية إدناء الجلابيب

- ‌ توطئة::

- ‌ البحث الأول:: ــآية الجلباب: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌ مناقشة البحث الأول::

- ‌ مناقشة البحث الثاني::

- ‌ مناقشة البحث الثالث::

- ‌ البحث الرابع: الخمار والاعتجار::

- ‌ مناقشة البحث الرابع::

- ‌ التقنع يعني تغطية الوجه

- ‌ مناقشة البحث الخامس::

- ‌ مناقشة تتمة البحث الخامس (1)::

- ‌ هل يسوغ قياس عورة النظر على عورة المرأة في الصلاة

- ‌ هل نهي المرأة المحرمة عن النقاب ثابت عن النبي

- ‌ مناقشة تتمة البحث الخامس (2)::

- ‌ مناقشة البحث السادس::

- ‌ التلفع يعني تغطية الوجه:

- ‌ مناقشة البحث السابع::

- ‌ مناقشة تتمة البحث السابع (1)::

- ‌ الأدلة التي تشهد أن الحجاب المفروض على النساء الحرائر يقتضي تغطية الوجه::

- ‌ البحث الثامن:: ــ(إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها)

- ‌ مناقشة البحث الثامن::

- ‌ مناقشة البحث التاسع::

- ‌ المراد بالنهي في قوله {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}

- ‌ عورة المرأة عند النساء والمحارم

- ‌ مناقشة البحث العاشر::

- ‌ خاتمة الكتاب::

الفصل: ‌ التقنع يعني تغطية الوجه

فيقال إن كان هناك خطأ في قول ابن حجر؛ فهو في فهم ابن حجر أن النساء شرعن في تغطية وجوههن إثر نزول النهي عن إبداء الزينة والأمر بضرب الخمر في سورة النور؛ والصحيح أن النساء شرعن بتغطية وجوههن بالجلابيب إثر نزول الأمر بإدناء الجلابيب في سورة الأحزاب كما بينّاه سابقا، أما آية النور فسيأتي في مناقشة البحث التاسع بيان ما تعنيه وأن الأمر بضرب الخمر أمر متعلق بفئات أبيح لهم الدخول على المرأة والنظر إليها دون حجاب كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعلى ذلك فقول ابن حجر (غطين وجوههن) ليست خطأ منالناسخ ولا سبق قلم بل إنها من قصد المؤلف يدل على ذلك قوله في موضع آخر من الفتح (9/ 324):(وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور لما نزلت وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب).

ثالثا: أنكر الشيخ الألباني أن‌

‌ التقنع يعني تغطية الوجه

؛ وقصر معناه على تغطية الرأس دون الوجه؛ مخالفا بذلك معناه عند أهل اللغة والتفسير والفقه والحديث، على أنه ليس له شاهد على ذلك إلا ما نقله من المعجم الوسيط

(1)

وهو قوله: (تقنعت المرأة أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها) وهو لفظ عام، لا ينفي كون الوجه داخلا فيما يغطيه القناع من الرأس! فإطلاق الرأس إما أن يراد به أعلاه وهو موضع العمامة من الرجل والخمار

(1)

إلا أنه أشار إلى غيره دون ذكر اسم فقال " وغيره".

ص: 53

من المرأة، وإما أن يراد به الرأس كله بما فيه الوجه، وهذا المعنى هو الذي أنكره الشيخ الألباني فقصره على المعنى الأول فقط رغم ثبوت المعنى الثاني لغة وشرعا!

ومما يشهد أن التقنع يعني تغطية الوجه لغة:

- جاء في العين للخليل الفراهيدي (1/ 170): والقناع أوسع من المقنعة وتقول ألقى فلان عن وجهه قناع الحياء.

- وفي الأزمنة والأمكنة للأصفهاني (1/ 200): رمى بالقناع وحسر عن وجهه.

- وفي المحكم لابن سيده المرسي (1/ 228): والقناع أوسع من المقنعة وقد تقنعت به وقنعت رأسها وألقى عن وجهه قناع الحياء. وفي موضع آخر منه (6/ 453): والنقاب: القناع على مارن الأنف.- وفي تهذيب الأسماء واللغات للنووي (3/ 283): والقناع والمقنعة ما تغطي به المرأة رأسها ومحاسنها.

- وفي مختار الصحاح للرازي (1/ 20): البُرْقُع للدواب ونساء الأعراب وبرقعه فتبرقع أي ألبسه البرقع فلبسه وهو القناع.

- المعجم الوسيط (1/ 51): (البرقع) قناع النساء.

ص: 54

* وهو كذلك عند المفسرين:

- قال الزمخشري في تفسيره الكشاف (3/ 560) والنسفي في تفسيره (3/ 315): " ترخي المرأة بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع به.

- قال الألوسي في روح المعاني (22/ 89): وإدناء ذلك عليهن أن يتقنعن فيسترن الرأس والوجه.

* وكذلك عند أهل الحديث:

- قال ابن حجر في فتح الباري (10/ 274) والعيني في عمدة القاري (21/ 308) والعظيم آبادي في عون المعبود (11/ 92) والمناوي في فيض القدير (5/ 240): التقنع: تغطية الرأس وأكثر الوجه.

رابعا: نقل الشيخ الألباني قول ابن حجر في الفتح (6/ 25): (قوله مُقنَّع؛ وهو كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب) عند شرحه لحديث البراء رضي الله عنه؛ (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد)

(1)

وتعقبه الشيخ الألباني بقوله: "فإنه يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي فضلا عن القتال"!! لكن مما يضعف قول الشيخ الألباني هذا؛ أن القناعيغطي الوجه دون العينين، فالقناع لا يحول دون شيء من المشي أو القتال! ومما يؤكد أن ابن حجر يعني تغطية الوجه؛ أنه صرح بهذا المعنى للتقنع في أكثر من موضع.

ص: 55

* وبذلك ثبت أن التقنع يعني تغطية الوجه، وهو إحدى الصفتين لإدناء الجلباب؛ فإن إدناء الجلباب إما أن يكون بشد الجلباب على الجبين ثم عطفه على الأنف وهو التقنع وما في معناه من النقاب والبرقع واللثام أو يكون بسدل الجلباب من فوق الرأس على الوجه.

خامساً: قال الشيخ الألباني: أن " الاعتجار مطابق للاختمار " بالمعنى المتقدم للاختمار وأما بمعنى تغطية الوجه عند الإطلاق فهو باطل لغة. اهـ

والصحيح أن القول بأن الاعتجار مطابق لضرب الخمار على الجيب، وأنه لا يعني تغطية الوجه؛ قول باطل من عدّة وجوه:

1) أن الاعتجار كما في المحكم لابن سيده المرسي (1/ 311): والاعتجار لبسة كالالتحاف. وفي تاج العروس (12/ 534) للزبيدي: الاعتجار: (لبسة للمرأة) شبه الالتحاف. اهـ وضرب الخمار على الجيب لايمكن أن يطلق عليه التحاف! لأن الخمار كما ذكر الشيخ الألباني: (الخمار للمرأة كالعمامة للرجل) والذي يمكن أن يطلق عليه الالتحاف هو إدناء الجلباب؛ وقد قال الشيخ الألباني: (الجلباب هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها).

2) أن ضرب الخمار على الجيب يستلزم إدارة الخمار وليّه تحت الحنك، وهذا ينفي أن يكون الاعتجار مطابق له؛ لأن الاعتجار كما نقله الشيخ الألباني عن الزبيدي في" تاجه" (3/ 383): ليُّ الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك.

ص: 56

3) أن نفي إدارة الثوب تحت الحنك يستلزم منه المرور بالوجه عند إدارته وليّه على الرأس، وهذا الذي ينبغي أن يفهم من قولهم إن الاعتجار (ليُّ الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك) كما ثبت ذلك شرعا؛ فيما صح عن جعفر بن عمرو بن أمية قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي

قال وعبيد الله معتجر بعمامته ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه"

(1)

قال الحافظ ابن حجر (7/ 369): معتجر أي لاف عمامته على رأسه من غير تحنيك. أهـ

لكن الشيخ الألباني تعقبه بقوله (هذه ليست صفة لازمة للاعتجار بالعمامة)!! غير أن كتب اللغة؛ تؤكد أن هذه الصفة لازمة للاعتجار:

- كما جاء في النهاية في غريب الأثر للجزري (3/ 185): الاعتجار بالعمامة هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه.

- وفي المغرب في ترتيب المعرب للمطرز (2/ 43): وفي الأجناس عن محمد بن الحسن رحمه الله: المعتجر المنتقب بعمامته وقد غطى أنفه.

وجاء في طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص/ 5) لنجم الدين النسفي: الاعتجار

وقيل هو التقنع بالمنديل كما تفعله النساء بمعاجرهن.

كما أكد ذلك الفقهاء: ففي المبسوط للسرخسي (1/ 31) وبدائع الصنائع للكاساني (1/ 216): قال محمد بن الحسن: " لا يكون الاعتجار إلا مع تنقب

(1)

صحيح البخاري (3844).

ص: 57

وهو أن يلف بعض العمامة على رأسه وطرفا منه يجعله شبه المعجر للنساء وهو أن يلفه حول وجهه". وقال ابن نجيم في البحر الرائق (2/ 25): "وقيل أن يتنقب بعمامته فيغطي أنفه كمعجر النساء".

وبذلك ثبت أن الاعتجار يحمل معنى تغطية الوجه، وأنه مطابق لإدناء الجلباب، يشهد لذلك ما أخرجه ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (رحم الله نساء الأنصار لما نزلت {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما على رؤوسهن الغربان) كما أخرجه أبو داود عن أم سلمة قالت:(لمانزلت خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية). وفي رواية (من أكسية سود يلبسنها)

(1)

.

* فنخلص في نهاية هذا المبحث بأن التقنع والاعتجار مترادفة المعنى، وأنها تحمل معنى تغطية الوجه، وأن نساء المؤمنين امتثلن الأمر بإدناء الجلابيب بتغطية وجوههن بالتقنع والاعتجار والتلفع

(2)

بالأردية والجلابيب.

(1)

سنن أبي داود (4101) وصححه الألباني في صحيح أبي داود 4/ 61.

(2)

لما رواه البخاري في صحيحه 1/ 210 (553) عن عائشة رضي الله عنها قالت" كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن" قال العيني في عمدة القاري (5/ 74): "متلفعات أي متلحفات من التلفع وهو شد اللفاع وهو ما يغطي الوجه ويتلحف به".

ص: 58

ــ:: البحث الخامس:: ــ

قال الشيخ الألباني: هل أجمع المسلمون على أن وجه المرأة عورة وأنها تمنع أن تخرج سافرة الوجه؟ .... لم ينطق بكلمة" الإجماع" في هذه المسألة أحد من أهل العلم فيما بلغني وأحاط به علمي، فإن الخلاف فيها قديم لا يخلو منه كتاب من الكتب المتخصصة في بحث الخلافيات، وأنقل هنا من أقوالهم في هذه المسألة، مما يدل على بطلان الإجماع:

الأول: قال ابن حزم في كتابه" مراتب الإجماع"(ص 29) ما نصه: " واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟ "

الثاني: قال ابن هبيرة الحنبلي في" الإفصاح"(1/ 118): " واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالكوالشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها خاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي". وفاتته رواية ثالثة وهي: أنها كلها عورة حتى ظفرها كما يأتي مع بيان رد ابن عبد البر لها قريباً.

الثالث: جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/ 167): " أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو

ص: 59

امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".

الرابع: قال ابن عبد البر في" التمهيد"(6/ 364) ــ وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنه قول الأئمة الثلاثة وأصحابهم، وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها!

وقول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! قال الشيخ الألباني: وقد كنت نقلت عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله، وأنه مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد، فبعض هذه الأقوال من هؤلاء العلماء الكبار كافية لإبطال دعوى الإجماع فكيف بها مجتمعة؟!

ص: 60