المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأولما هو المقام - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٦

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌ قوله: "إذا أتى أحدكم الغائط" هل يفيد إخراج الأبنية

- ‌1 - حديث ابن عمر في الصحيحين

- ‌الباب الثاني في الرخصة

- ‌حكم القبلة وقضاء الحاجة

- ‌ فقه هذا الحديث

- ‌فصلهل يُعيد إمامًا

- ‌ أدلة المجيزين:

- ‌فصلوممن رواه عن جابر:

- ‌الدليل الثانيحديث جابر في صلاة الخوف

- ‌ فصلمما يُستدل به لصحة اقتداء المفترض بالمتنفِّل:

- ‌مقدمة في حقيقة الوتر

- ‌المقالة الأولىفي حقيقة الوتر

- ‌مبحث في الوتر [بواحدة]

- ‌بحث في حقيقة "الوتر" ومسمَّاه في الشرع

- ‌الفصل الثانيفي الاقتصار على ثلاث

- ‌تحقيق الكلام في حديث: "لا توتِروا بثلاثٍ

- ‌مجمل ما كان عليه قيام رمضان في العهد النبويوما صار إليه في عهد عمر

- ‌الاختلافُ في الأفضل: أفي البيت أم في المسجد؟فرادى أم جماعة

- ‌هل هناك مانعٌ

- ‌الفصل الأولما هو المقام

- ‌الفصل الثانيلماذا سُمّي "الحَجر" مقامَ إبراهيم

- ‌الفصل الثالثأين وضع إبراهيم المقامَ أخيرًا

- ‌الفصل الرابعأين كان موضعه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌تمحيص هذه الأقوال

- ‌الفصل الخامسلماذا حوّل عمر رضي الله عنه المقام

- ‌الفصل السادسمتى حوَّل عمر رضي الله عنه المقام؟ولماذا قدَّرَهُ المُطَّلِبُ، واحتاجَ عُمَرُ إلى تقديرِه

- ‌تلخيص وتوضيح

الفصل: ‌الفصل الأولما هو المقام

‌الفصل الأول

ما هو المقام

؟

عامّة ما ورد فيه ذكر المقام من الأحاديث والآثار وكلام السّلف والأئمة ــ ويأتي كثيرٌ منها ــ يُبيّن أنّ "مقام إبراهيم" الذي في المسجد هو الحجر المعروف، غير أنّ بعض من رُوي عنه هذا رُوي عنه تفسير المقام في الآية بأنّه الحجُّ كلُّه، أو المشاعر.

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يبيِّن عدم الخلاف

(1)

، وأنّ من قال:"الحجّ كلُّه" أو "المشاعر" إنّما أراد أنّ الآية كما تنصُّ على شَرْعِ الصلاة إلى هذا الحجر الذي قام عليه إبراهيم لعبادة ربّه عز وجل ــ كما يأتي ــ، فهي تدلُّ على شرع العبادة في كل موضعٍ قام فيه إبراهيم للعبادة، على ما بيَّنه الشرع، وذلك هو الحجّ والمشاعر، ولهذا جاء عنهم في تفسير كلمة {مُصَلًّى} قولان

(2)

:

الأوّل: قِبْلَة؛ يُصلّون خلفه، أو يُصلّون عنده.

الثاني: مَدْعىً.

فالأوّل بالنسبة إلى الحجر.

والثاني ــ كما أفاده ابن جرير ــ

(3)

بالنسبة إلى المشاعر؛ لأنّ الدعاء

(1)

فقد روى الطبرى في "تفسيره"(2/ 525، 526) عنه عدة روايات.

(2)

انظر "تفسير الطبري"(2/ 529).

(3)

"تفسيره"(2/ 530).

ص: 448

مشروعٌ عندها كلّها، بل يجمع العبادات المختلفة المشروعة فيها؛ إذ المطلوب بتلك العبادات هو ما يُطلَب بالدعاء من رضوان الله ومغفرته، وخير الدنيا والآخرة، فالدُّعاء عبادةٌ، والعبادة دعاءٌ.

فأمّا ما ذُكِرَ في المعارضة عن

(1)

بعض المفسرين؛ فأوّلهم ــ فيما أعلم ــ الزّمخشري، وتبعه بعض من بعده.

والزَّمخشري ــ على حسن معرفته بالعربية ــ قليل الحظِّ من السنّة، ورأى أنّه لا يكون الحجر مصلّى على الحقيقة إلاّ إذا كانت الصلاة عليه، وذلك غير مشروع ولا ممكن؛ لأنّه يصغر عن ذلك.

ولو وُفِّقَ الزمخشري للصواب لجعل هذا قرينةً على أنّ المراد بكلمة {مُصَلًّى} قِبلة، كما قاله السلف، أي: يُصلَّى إليه؛ كما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمل به أصحابه فمن بعدهم.

ومن العلاقات المعتبرة في المجاز: المُجاورة، وهي ثابتةٌ هنا؛ فإنّ الصلاة إذا وقعت إلى الحجر فهي بجواره.

ووجهٌ آخر: وهو أن تكون كلمة {مُصَلًّى} اسمَ مفعول، والأصل:"مصلّى إليه"، حُذِفَ حرف الجرّ، فاتصل الضمير واستتر، كما يقوله ابن جنّي في "مُزَمَّل" من قول امرئ القيس

(2)

:

كأنّ أبانًا في عَرانينِ وَبْلِه

كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزمَّل

(1)

ط: "من". والمثبت من المخطوطة.

(2)

في المعلقة. انظر "ديوانه"(ص 25). ط. دار المعارف.

ص: 449

أنّ الأصل "مُزَمَّل به" فحذفَ حرف الجرّ، فاتصل الضميرُ واستتر

(1)

.

والنُّكتة على الوجهين هي ــ والله أعلم ــ: التنبيهُ على أنّ المزيّة للحجر لقيام إبراهيم عليه للعبادة، والمشروعُ لهذه الأمّة التأسّي به.

والقيام على الحجر لمثل عبادة إبراهيم لا يمكن إلاّ نادرًا، فعُوّض عنه بما يمكن دائمًا، وهو القيام للصلاة، وهو يصغر عن الصلاة عليه، ودفنُه ــ ليتسع مع بعض ما حوله للصلاة ــ يؤدي إلى اندثاره.

ولماذا التكلُّف؟ وإنّما المقصود: أن يكون للقيام في الصلاة تعلُّقٌ به، فشُرِعَت الصلاة إليه.

وعبارة الزمخشري

(2)

: "مقام إبراهيم: الحَجر الذي فيه أثر قدميه، والموضع الذي كان فيه الحَجر حين وضع عليه قدميه".

ويُبطِل هذا القولَ ــ مع ما تقدّم ــ أنّ المذكور في الآية مقامٌ واحدٌ لا مقامان، وأنّ وضع الرِّجْل على الحجر بدون قيام حقيقيٍّ لا يكفي لأن يُطلَق عليه كلمة "مقام" على الحقيقة، وأنّ الذي كان من إبراهيم على الحجر فسُمّي لأجله "مقام إبراهيم" قيامٌ حقيقي، لا وضعُ رِجْلٍ فقط، وأنّ الموضع الذي قام فيه على الحَجَر ليس هو موضعه الآن، وأنّ المقام كان أولاً بلصق الكعبة، وكان الحكم معه، ثم حُوِّل إلى موضعه الآن، فتحوَّل الحكم معه.

وسيأتي إثبات هذا كلّه في الفصول الآتية إن شاء الله تعالى.

* * * *

(1)

انظر "الخصائص"(3/ 221، 1/ 193). وفيه: "مزمَّل فيه".

(2)

في "الكشاف"(1/ 93) ط. دار المعرفة.

ص: 450