الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن رواه عن عمرو: شعبة، في «صحيح البخاري»
(1)
باب إذا طوَّل الإمام، أخرجه عن بندار عن غندر عن شعبة عن عمرو قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: كان معاذ بن جبل يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يرجع فيؤمُّ قومَه، فصلَّى العشاءَ فقرأ بالبقرة
…
». وكذلك رواه أحمد في «المسند» (3/ 369)
(2)
عن غندر.
ومنهم سُلَيم بن حيّان عند البخاري في «الصحيح»
(3)
في الأدب باب من لم يرَ إكفارَ من قال ذلك متأوّلًا، ولفظه: «إن معاذ بن جبل كان يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يأتي قومَه فيصلِّي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة
…
».
ومنهم أيوب السختياني، وستأتي روايته بعدُ إن شاء الله تعالى.
فصل
وممن رواه عن جابر:
عبيد الله بن مِقْسم، قال أحمد في «المسند» (3/ 302)
(4)
: ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني عبيد الله بن مِقْسم عن جابر بن عبد الله: «أن معاذ بن جبل كان يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشاء، ثم يأتي قومَه، فيصلِّي بهم تلك الصلاةَ» .
وكذلك أخرجه أبو داود
(5)
في باب إمامة من صلَّى بقومٍ، وقد صلَّى
(1)
رقم (701).
(2)
رقم (14960).
(3)
رقم (6106).
(4)
رقم (14241).
(5)
رقم (599).
تلك الصلاة، عن عبيد الله بن عمر بن مَيْسَرة عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان. وأخرجه في باب تخفيف الصلاة
(1)
: حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا خالد بن الحارث ثنا محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مِقْسم عن جابر، ذكر تلك القصة.
وقد ساقه بتمامه البيهقي في «السنن» (3/ 116)، قال: «كان معاذ يُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشاءَ، ثم يرجع فيصلِّي بأصحابه، فرجع ذات ليلة
…
».
ومنهم أبو الزبير، وقد تقدم رواية ابن عيينة عنه مع روايته عن عمرو بن دينار.
ورواه الليث بن سعد عن أبي الزبير مختصرًا: «صلَّى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاءَ فطوَّل عليهم
…
». أخرجه مسلم في «الصحيح»
(2)
.
ومنهم أبو صالح، وروايته أيضًا مختصرة، قرنه النسائي
(3)
، باب خروج الرجل من صلاة الإمام
…
، بمحارب، ولم يُسمِّ الصلاة.
وأخرجه أبو داود
(4)
باب تخفيف الصلاة عن أبي صالح فقط، أخصر من ذلك، ولم يُسمِّ جابرًا، بل قال:«عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم» .
(1)
رقم (793).
(2)
(465/ 179).
(3)
في «سننه» (2/ 97، 98).
(4)
رقم (792).
ومنهم محارب بن دثار: قال النسائي
(1)
في باب القراءة في العشاء الآخرة بـ (سبح اسم ربك الأعلى): أخبرنا محمد بن قدامة قال حدثنا جرير عن الأعمش عن محارب بن دِثار عن جابر قال: قام معاذ فصلَّى العشاء الآخرة فطوَّل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أفتّانٌ يا معاذ؟
…
».
وأشار إليه البخاري في «الصحيح» قال
(2)
: قال عمرو وعبيد الله بن مِقْسم وأبو الزبير عن جابر: «قرأ معاذ في العشاء بالبقرة» ، وتابعه الأعمش عن محارب.
ورواه النسائي
(3)
في موضع آخر لكن مقرونًا بأبي صالح كما مر.
[ق 13] ومنهم عبد الرحمن بن جابر: قال أبو داود
(4)
والطيالسي في «مسنده» (ص)
(5)
: «مرَّ حَزْم بن أبي كعب بمعاذ بن جبل، وهو يصلِّي بقومه صلاة العتمة، فافتتح بسورة طويلة
…
».
(1)
في «سننه» (2/ 172).
(2)
عقب الحديث (705).
(3)
(2/ 97، 98).
(4)
رقم (791).
(5)
كذا في الأصل بدون ذكر رقم الصفحة، وعزاه إليه الحافظ في «الفتح» (2/ 193). ولم أجد الحديث في مسنده، وأخرجه البزار (كما في «كشف الأستار» رقم 483) من طريق الطيالسي عن طالب عن ابن جابر عن أبيه. انظر «الإصابة» (2/ 523).
فصل
وقع في رواية الثلاثة الآخرين بعض الاختلاف:
أما أبو الزبير: فقد تقدم رواية ابن عيينة عنه، وكذلك رواية الليث، وفيها:«صلَّى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاء» . ووقع في روايةٍ عنه عند عبد الرزاق: «المغرب» كذا نبَّه عليه ابن حجر في «فتح الباري»
(1)
.
وأما محارب: فتقدم برواية الأعمش عنه: «قام معاذ فصلَّى العشاء الآخرة» ، ورواه ابن مهدي عن الثوري عن محارب «المغرب» ، ذكره النسائي
(2)
في باب القراءة في المغرب بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} .
وقال أحمد في «المسند» (3/ 300)
(3)
: ثنا وكيع عن سفيان عن محارب .. عن جابر: «أن معاذًا صلَّى بأصحابه، فقرأ البقرة في الفجر، وقال عبد الرحمن ــ يعنى ابن مهدي ــ: المغرب» .
وقال أبو داود الطيالسي في «مسنده» (ص 239)
(4)
: حدثنا شعبة عن محارب قال: سمعت جابرًا يقول: انتهى رجل من الأنصار معه ناضحانِ له إلى معاذٍ وهو يصلِّي المغرب، فاستفتح معاذ بسورة البقرة أو النساء ــ قال شعبة: شكَّ محارب ــ، فلما رأى ذلك الرجل صلَّى، ثم انطلق، فبلغ الرجلَ أن معاذًا يقول: هو منافق، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر ذلك له، فقال رسول
(1)
(2/ 193).
(2)
(2/ 168).
(3)
رقم (14202).
(4)
رقم (1728).
وقد رواه أبو عَوانة في «صحيحه» (2/ 158) من طريق أبي النضر وأبي داود الطيالسي قالا: ثنا شعبة عن محارب قال: سمعت جابرًا قال: «أقبل رجلٌ بنا ضحينِ، وقد جَنَحَ الليلُ، فوافق معاذًا يصلِّي المغرب» ، وذكر حديثه في هذا.
وأخرجه أحمد في «المسند» (3/ 299)
(1)
عن محمد بن جعفر وحجاج عن شعبة، ولفظه: «أقبل رجل من الأنصار ومعه ناضحانِ له، وقد جَنَحَتِ الشمسُ، ومعاذٌ يُصلِّي المغرب
…
» فساقه قريبًا من لفظ الطيالسي.
وأخرجه البخاري في «الصحيح»
(2)
عن آدم عن شعبة، وفيه: «أقبل رجل بناضحَينِ وقد جنح الليلُ، فوافق معاذًا يُصلِّي، فترك ناضِحَه وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء
…
فلولا صلَّيتَ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ». أحسب هذا في الحديث.
قال البخاري
(3)
: وتابعه سعيد بن مسروق ومِسْعَر والشيباني. قال عمرو وعبيد الله بن مقسم وأبو الزبير عن جابر: «قرأ معاذ في العشاء بالبقرة» ، وتابعه الأعمش عن محارب.
(1)
رقم (14190).
(2)
رقم (705).
(3)
بعد الحديث المذكور.
وذكر الحافظ في «الفتح»
(1)
أن رواية مِسْعر عن محارب وصلها السرَّاج، وأنه وقع عنده «البقرة والنساء» .
وأما رواية سعيد بن مسروق فعند أبي عوانة في «صحيحه» (2/ 158) وفي النسخة خطأ، ولفظها: «أن معاذًا أمَّ قومَه في صلاة المغرب، فمرَّ غلام من الأنصار
…
»، وذكر حديثه في هذا.
وأما عبد الرحمن بن جابر: فقال أبو داود
(2)
في باب تخفيف الصلاة: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا طالب بن حبيب، سمعت عبد الرحمن بن جابر يحدث عن حزم بن أبي كعب: أنه أتى معاذَ بن جبل وهو يُصلِّي بقومٍ صلاةَ المغرب ــ في هذا الخبر ــ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا معاذُ، لا تكن فتّانًا، فإنه يصلِّي وراءك الكبيرُ والضعيفُ وذو الحاجة والمسافر» .
وفي «الفتح»
(3)
أبو يعلى بإسناد حسن من رواية عيسى بن جارية
…
عن جابر قال: «كان أُبي بن كعب يُصلِّي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فدخل معه غلام من الأنصار .... » وفي آخره من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ منكم منفِّرينَ
…
فإنَّ خلفكم الضعيفَ والكبيرَ والمريضَ وذا الحاجة».
وذكر الحافظ
(4)
أن هذه القصة هي نفس القصة التي في «الصحيحين»
(5)
(1)
(2/ 201، 193). وهو في «مسند السرّاج» (175) تحقيق إرشاد الحق الأثري.
(2)
رقم (791).
(3)
(2/ 198). وهو في «مسند» أبي يعلى (1792).
(4)
في المصدر السابق.
(5)
البخاري (702) ومسلم (466).
عن أبي مسعود الأنصاري: «أن رجلًا قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا
…
».
وفي «مسند أحمد» (5/ 355)
(1)
: ثنا زيد بن الحُباب حدثنى حسين ثنا عبد الله بن بُريدة قال: سمعتُ أبي بُريدةَ يقول: إن معاذَ بن جبل يقول
(2)
: صلَّى بأصحابه صلاةَ العشاء، فقرأ فيها بـ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ، فقام رجل
…
وأتى الرجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فاعتذر إليه، فقال: إني كنتُ أعمل في نخلٍ، فخِفتُ على الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«صَلِّ بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوِها من السور» .
وفي «المسند» أيضًا (3/ 124)
(3)
: ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن صُهَيب ــ وقال مرة: أخبرنا عبد العزيز بن صُهيب ــ عن أنس بن مالك قال: كان معاذ بن جبل يؤمُّ قومَه، فدخل حرامٌ وهو يريد أن يسقي نخلَه، فدخل المسجدَ ليصلِّي مع القوم، فلما رأى معاذًا طوَّلَ تجوَّزَ في صلاته، ولَحِقَ بنَخْلِه يَسْقيه
…
فأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على معاذ، فقال:«أفتَّانٌ أنتَ؟ أفتَّان أنت؟ لا تُطوِّلْ بهم، اقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوهما» .
(1)
رقم (23008).
(2)
كذا بزيادة «يقول» في الطبعة القديمة من «المسند» . ولا توجد في الأصول الخطية والنسخة المحققة.
(3)
رقم (12247).
وفي «المسند» أيضًا (5/ 74)
(1)
: ثنا عفّان ثنا وُهَيب ثنا عمرو بن يحيى عن معاذ بن رِفاعة الأنصاري عن رجل من بني سَلِمةَ يقال له: سُلَيم، أتى رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار، فيُنادِي بالصلاة، فنخرج إليه، فيُطوِّل علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«يا معاذ بن جبل، لا تكنْ فتَّانًا، إما أن تُصلِّي معي، وإما أن تُخفِّفَ على قومك»
…
ثم قال سليم: ستَرونَ غدًا إذا التقى القومُ إن شاء الله، قال: والناس يتجهزون إلى أُحُدٍ، فخرَج، وكان في الشهداء، رحمة الله ورضوانه عليه.
وذكره الحافظ في «الفتح»
(2)
ثم قال: وقد رواه الطحاوي والطبراني من هذا الوجه عن معاذ بن رفاعة أن رجلًا من بني سلمة .. فذكر مرسلًا، ورواه البزار من وجه آخر عن جابر، وسماه سليمًا أيضًا.
أقول: والسياق يُشبِه سياق رواية عبيد الله بن مِقْسَم عن جابر كما في «سنن» البيهقي (3/ 117)، لكن ليس في رواية ابن مقسم «إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك» .
ومعاذ بن رفاعة لم يدرك سليمًا؛ لأن سليمًا استشهد بأحد كما في القصة، ولكن يمكن أن يكون سمعها من جابر أو غيره. والله أعلم.
(1)
رقم (20699).
(2)
(2/ 194). وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 409)، والطبراني في «الكبير» (7/ 67).
قال الحافظ في «الفتح»
(1)
: وجمع بعضهم بين هذا الاختلاف بأنهما واقعتان، وأيَّد ذلك بالاختلاف في الصلاة: هل هي العشاء أو المغرب؟ وبالاختلاف في السورة: أهي البقرة، أو {اقْتَرَبَتِ}؟ وبالاختلاف في عذر الرجل: هل هو لأجل التطويل فقط لكونه جاء من العمل وهو تَعْبان، أو لكونه أراد أن يَسْقِيَ نخلَه إذ ذاك، أو لكونه خاف على الماء في النخل كما في حديث بريدة
…
ويحتمل أن يكون النهي أولًا وقع لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنَّتْ نفوسُهم بالإسلام ظنَّ أن المانع زال، فقرأ بـ {اقْتَرَبَتِ}
…
فصادف صاحب الشغل.
أقول مستعينًا بالله عز وجل: حديث أنس سندُه بغاية القوة، وهو ظاهر في أن الصلاة التي أطالها معاذ هي الصبح، فمن المحتمل أن يكون معاذ صلَّى الصبح فأطال ففارقه حرام، وصلَّى العشاء فأطال ففارقه سُلَيم، اتفق الأمرانِ في يومٍ، أو أيامٍ متقاربة، فكان معاذ يَعْتِبُ على كلٍّ منهما، فبلغَ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم الأمرانِ، فعاتب معاذًا، ولذلك كرَّر عليه:«أفتّان أفتّان أفتّان» .
وانفرد أنس بذكر قصة حرام؛ لأنه خاله، وانفرد جابر بذكر قصة سليم؛ لأنه من رهطه، وقضى الله عز وجل أن استشهد الرجلان: سُلَيم وحرام، الأول بأُحُد والثاني ببئر معونة.
وأما حديث حسين ــ وهو ابن واقد ــ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: فأحسِبُه انتقل ذهن الراوي من قصة إلى قصة، فجاء المتن ملفَّقًا، وقد استنكر أحمد أحاديث حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة جدًّا.
(1)
(2/ 194).
وكذلك حديث طالب بن حبيب عن عبد الرحمن بن جابر: أخشى أن يكون ملفَّقًا من عدة قصص، وأخشى أن لا يكون هناك وجودٌ لحَزْم بن أبي كعب، وإنما وقع تحريف وتغيير، وذهاب إلى واقعة أبي بن كعب، وأكثر ما يقع في الكتب [ق 14] في هذه الطريق:«حزم بن أبي كعب» ، وقد قال البخاري
(1)
في طالب: «فيه نظر» ، ولم يُوثِّقه أحد، إلا أن ابن حبّان ذكره في «الثقات»
(2)
، وليس ذلك بنافعٍ له؛ لما عُرِف من شرط ابن حبان، مع تساهله حتى أنه لا يفي بشرطه، كما بينتُه في موضع آخر.
وأما محارب: فإنه لم يضبط هذا الحديث، كما عُرِف من كثرة شكِّه فيه، واضطرابِه، كما يُعلَم مما تقدم، وأحسبه سمع في هذا الباب عدة أحاديث متقاربة المعنى، فكان يلتبس عليه بعضها ببعض.
وبالجملة، فما وقع في تلك الرواية عن أبي الزبير من ذكر المغرب إذا ضُمّ إلى وقوع ذلك في أكثر الروايات عن محارب، مع وقوعه في روايةٍ لطالب، وإن ظهر أنه خطأ، فإنه يدل على أنّ هناك قصةً أخرى تتعلق بالمغرب.
فصل
قال البخاري في «الصحيح»
(3)
: «باب إذ اصلَّى ثمَّ أمَّ قومًا: حدثنا سليمان بن حرب وأبو النعمان قالا: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن
(1)
في «التاريخ الكبير» (4/ 360).
(2)
(6/ 492).
(3)
(2/ 203)(مع الفتح)، ورقم الحديث (711).
عمرو بن دينار عن جابر قال: «كان معاذ يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يأتي قومَه فيُصلِّي بهم» .
وكذلك أخرجه أبو عوانة في «صحيحه» (2/ 157) من طريق أبي معمر وعبد الوارث عن أيوب عن عمرو، ومن طريق سليمان بن حرب ومسدد ومحمد بن أبي بكر المقدَّمي كلهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن عمرو.
وقال مسلم في «الصحيح»
(1)
: حدثنا قُتيبة بن سعيد وأبو الربيع الزهراني، قال أبو الربيع: ثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن عمروبن دينار عن جابر بن عبد الله قال: «كان معاذ يُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشاءَ، ثم يأتي مسجدَ قومه فيُصلِّي بهم»
قال النووي في «شرح مسلم»
(2)
أقول: هذا العذر غير كافٍ، بل لابدَّ أن يزاد فيه أحد أمرين:
إما أن يكون مسلم استثبت قتيبة لما قال حماد عن عمرو، فقال: الناس يروونه عن حماد عن أيوب عن عمرو، فقال قتيبة: نعم هو كذلك، ولكن مسلمًا لم يطمئن كل الاطمئنان إلى هذا لشبهة التلقين. وأشار إلى ذلك بجعله السياق لأبي الربيع.
(1)
رقم (465/ 181).
(2)
(4/ 183).
الثاني: أن يكون مسلم جزم بأن في رواية قتيبة تقصيرًا محضًا، لا يلزم منه اختلاف.
وفي «جامع الترمذي» (ص 75)
(1)
: باب ما ذُكِر في الذي يُصلِّي الفريضة ثم يؤمُّ الناسَ بعد ما صلَّى: حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المغربَ، ثم يرجعُ إلى قومه فيؤمُّهم».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أصحابنا: الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أمَّ الرجلُ القومَ في المكتوبة وقد كان صلّاها قبل ذلك، أن صلاة من ائتمَّ به جائزة، واحتجوا بحديث جابر في قصة معاذ، وهو حديث صحيح، وقد رُوِي من غير وجهٍ عن جابر
…
أقول: يظهر أن الترمذي يخالف مسلمًا في هذا الحديث؛ فمسلم يرى أن حديث قتيبة هو حديث أبي الربيع نفسُه، وعنده فيما يظهر أن حماد بن زيد إنما روى عن أيوب عن عمرو بلفظ أبي الربيع، وأن كلمة «العشاء» صحيحة في الحديث، وإن لم تقع في رواية سليمان بن حرب وعارم، وأن قتيبة قصَّر في الإسناد، ووهم في قوله:«المغرب» بدل «العشاء» .
وأما الترمذي فيرى ــ فيما يظهر ــ أن حديث قتيبة غير حديث أبي الربيع، وأن حماد بن زيد سمع الحديث من عمرو بن دينار، كما رواه قتيبة، وفيه «المغرب» ، وسمعه من أيوب عن عمرو، كما رواه سليمان بن حرب وعارم، أو بزيادة «العشاء» كما قال أبو الربيع.
(1)
(2/ 477 تحقيق أحمد شاكر)، ورقم الحديث (583).
أقول: وإذا كان هكذا فزيادة أبي الربيع «العشاء» فيها نظر؛ لاحتمال أنه زادها بناءً على المعنى، على ما يظهر من أكثر الروايات.
ثم رأى الترمذي أن معاذًا كان يصلِّي المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يرجع إلى قومه فيصلِّي بهم، وإنما اختار الترمذي هذه الرواية لِنصِّها على المغرب؛ لأنه قد يستبعد هذا فيها:
أولًا: ما جاء عن بعض السلف من كراهية إعادتها، أو عن جماعة منهم أنه إذا أعادها شَفعَها بركعةٍ، كما ذكره الترمذي في موضع آخر
(1)
.
ثانيًا: لضيق وقتها.
فجواز الإعادة فيها يدلُّ على الجواز في غيرها من باب أولى، خاصةً الظهر والعشاء.
فإن قيل: إن هذه الرواية تنفرد بذكر المغرب.
قلت: إنما تنفرد بالنص عليها فقط، وكثير من الروايات تُطلِق، فتشمل المغرب، فقد تقدمت رواية شعبة عن عمرو: «كان معاذ بن جبل يُصلّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يرجع فيؤمُّ قومه، فصلَّى العشاء
…
»
ونحوها رواية سُلَيم بن حيان، وقد تقدمت، وكذلك جاء في أكثر الروايات عن ابن عيينة كما مرَّ، وغيرها.
بل أوضح الروايات في ذلك ما اختاره البخاري
(2)
رحمه الله في هذا الباب، وهي رواية سليمان بن حرب وعارم عن حماد بن زيد عن أيوب عن
(1)
عقب الحديث (219).
(2)
في «صحيحه» (711).
عمرو، ولفظها:«كان معاذ يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يأتي قومه، فيصلي بهم» . فهذا لفظ الحديث بتمامه.
وعلى هذا، فالظاهر أن جابر رضي الله عنه كان تارةً يقصد أن يخبر بجواز الائتمام بمن قد كان صلَّى تلك الصلاة، وهي مسألة الباب، فيُخبر بما وقع في رواية أيوب عن عمرو.
وتارةً يقصد أن يُخبر بما يتضمن ذلك، ويتضمن النصّ على المغرب، وتعجيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها وتخفيفه فيها وامتداد وقتها، فيخبر بنحو رواية حماد بن زيد عن عمرو، وهي التي عند الترمذي.
وتارةً يقصد الإخبار بذلك ــ أي بجواز الائتمام ــ وبما يشرع للإمام من التخفيف، وبيان ما يقرؤه من السور، فيخبر بنحو رواية شعبة عن عمرو.
أو ينصُّ على العشاء، ويذكر القصة.
فأما رواية من رواه بالنصّ على العشاء ولم يذكر القصة، فكأنه مقتطع من الذي قبله. والله أعلم.
وكان عمرو بن دينار قد ضبط وأتقن، فكان يتبع جابرًا، فيحدِّث تارةً هكذا، وتارةً هكذا.
وأما محارب: فالتبس عليه الأمر، كما تقدم بيانه.
وأما أبو الزبير: فإن كانت روايته التي عند عبد الرزاق وفيها ذكر المغرب بمعنى رواية حماد بن زيد عن عمرو، فلا غبار عليها، وهي مؤكِّدة لرواية حماد عن عمرو.
وإن كانت فيها أن الصلاة التي طوَّل فيها معاذ هي المغرب فهي شاذّة. والله أعلم.