الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى:
«هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ» .
أي هذا النعيم الخالد، بألوانه، وأشكاله، هو ما وعد الله به المؤمنين، حيث يلقونه يوم الحساب، والجزاء.
قوله تعالى:
«إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ» .
أي هذا النعيم الخالد، هو الرزق الذي يرزقه الله أصحاب الجنة، وهو رزق لا ينفد أبدا، ولا ينقص منه شىء أبدا، على كثرة الواردين عليه.
الآيات: (55- 64)[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 64]
هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (56) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (58) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (59)
قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (60) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (61) وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (62) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (63) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)
التفسير:
قوله تعالى:
«هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ» .
هذا هو الوجه المقابل لأصحاب الجنة، الذين ينعمون بهذا النعيم الخالد، ويهنئون بما أفاء الله سبحانه عليهم من رحمته ورضوانه.
فقوله تعالى: «هذا» إشارة إلى المؤمنين وأحوالهم فى الجنة، أي هذا شأن.. وشأن آخر، هو شأن الطاغين، من رءوس أهل الكفر والشرك والضلال.. فهؤلاء لهم شرّ مآب، وسوء منقلب، هو هذا العذاب الذي يلقونه فى جهنم، التي هى المهاد الذي يجدون فيه متكأهم وراحتهم.. إن لهم فى دارهم هذه مهادا ومتكأ، كما للمتقين فى دارهم مهادا ومتكأ! وشتان بين مهاد ومهاد! «هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ» .
هو فى مقابل لقوله تعالى فى المؤمنين: «يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ» ، فأهل الجنة يطلبون ما يشتهون، فيجدونه حاضرا..
أما أهل النار، فإنهم لا يطلبون شيئا.. وماذا يطلبون من النار، إلا النار؟ ..
ومع هذا، فإنهم لا بد أن يطعموا من ثمر جهنم، ويسقوا من شرابها، كما طعم أهل الجنة من فاكهة الجنة، وشربوا من شرابها..
وإنه إذ لم يطلب أصحاب النار طعاما ولا شرابا. فهذا طعام وشراب حاضر بين أيديهم.. هذا حميم وغساق. فليدوقوه!.
والحميم: اللهب، ومنه الحمم وهو قطع الجمر.
والغساق: القيح والصديد.
وإذا كان لأهل الجنة حور عين: «قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ» فإن لأهل النار كذلك أزواجا من شكل هذا الحميم والغساق «وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ»
أي وعندهم إلى جانب هذا الطعام والشراب، من الحميم والغساق، أزواج مشكّلة على شاكلة هذا الحميم والغساق..!!
وليس هذا فحسب..!
إن أهل الجنة يدخل عليهم الملائكة من كل باب، يؤنسونهم، ويحيونهم قائلين «سلام عليكم» ..
وإن هؤلاء الطاغين، ليرد عليهم بين حين وحين، من يصبّ عليهم اللعنات، من أتباعهم وأشياعهم:«هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ» ..
إنهم قد سبقوا إلى النار، وتقدموا أتباعهم، فهم أئمتهم فى الدنيا والآخرة..
فإذا أخذوا أماكنهم من جهنم، دفع إليهم «فوج» أي فريق من أتباعهم، «مقتحم» أي يقتحم عليهم مكانهم الضيق الذي هم فيه، ليأخذ له مكانا..
فليقاهم الذين سبقوهم قائلين: «لا مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ» .. ويجيئهم ردّ التحية من أتباعهم: «بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ.. أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا» أي أنتم الذين دفعتم بنا إلى هذا المصير المشئوم.. «فَبِئْسَ الْقَرارُ» الذي استقر بنا وبكم..
ولا يقف الأتباع عند هذا مع سادتهم، بل يدعون الله عليهم أن يقتصّ لهم منهم، وأن يضاعف لهم العذاب، إذ كانوا هم الذين زينوا لهم الضلال الذي أوردهم هذا المورد.. «قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ» ..
وفيما هم فى هذا التلاحي والتخاصم، ينظرون فى وجوه من حولهم من أهل النار، باحثين عن أناس كانوا يعرفونهم فى الدنيا، ويرونهم أهل سوء، وأنهم أولى بالنار منهم..