المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيات: (41- 46) [سورة الزمر (39) : الآيات 41 الى 46] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ١٢

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌الآيات: (28- 44) [سورة يس (36) : الآيات 28 الى 44]

- ‌الآيات: (45- 54) [سورة يس (36) : الآيات 45 الى 54]

- ‌الآيات: (55- 70) [سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌الآيات: (71- 83) [سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌37- سورة الصافّات

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 10) [سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 10]

- ‌الآيات: (11- 26) [سورة الصافات (37) : الآيات 11 الى 26]

- ‌الآيات: (27- 39) [سورة الصافات (37) : الآيات 27 الى 39]

- ‌الآيات: (40- 61) [سورة الصافات (37) : الآيات 40 الى 61]

- ‌الآيات: (62- 74) [سورة الصافات (37) : الآيات 62 الى 74]

- ‌الآيات: (75- 98) [سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 98]

- ‌الآيات: (99- 113) [سورة الصافات (37) : الآيات 99 الى 113]

- ‌الآيات: (114- 132) [سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 132]

- ‌الآيات: (133- 148) [سورة الصافات (37) : الآيات 133 الى 148]

- ‌الآيات: (149- 170) [سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 170]

- ‌الآيات: (171- 182) [سورة الصافات (37) : الآيات 171 الى 182]

- ‌38- سورة ص

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 11) [سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌الآيات: (12- 20) [سورة ص (38) : الآيات 12 الى 20]

- ‌الآيات: (21- 26) [سورة ص (38) : الآيات 21 الى 26]

- ‌داود.. وما خطيئته

- ‌الآيات: (27- 29) [سورة ص (38) : الآيات 27 الى 29]

- ‌الآيات: (30- 40) [سورة ص (38) : الآيات 30 الى 40]

- ‌الآيات: (41- 44) [سورة ص (38) : الآيات 41 الى 44]

- ‌الآيات: (45- 54) [سورة ص (38) : الآيات 45 الى 54]

- ‌الآيات: (55- 64) [سورة ص (38) : الآيات 55 الى 64]

- ‌الآيات: (65- 88) [سورة ص (38) : الآيات 65 الى 88]

- ‌39- سورة الزّمر

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 7) [سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 7]

- ‌الآيات: (8- 18) [سورة الزمر (39) : الآيات 8 الى 18]

- ‌الآيات: (19- 26) [سورة الزمر (39) : الآيات 19 الى 26]

- ‌الآيات: (27- 31) [سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 31]

- ‌الآيات: (32- 40) [سورة الزمر (39) : الآيات 32 الى 40]

- ‌الآيات: (41- 46) [سورة الزمر (39) : الآيات 41 الى 46]

- ‌الآيات: (47- 54) [سورة الزمر (39) : الآيات 47 الى 52]

- ‌الآيات: (53- 61) [سورة الزمر (39) : الآيات 53 الى 61]

- ‌الآيات: (62- 66) [سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 67]

- ‌الآيات: (68- 75) [سورة الزمر (39) : الآيات 68 الى 75]

- ‌40- سورة غافر

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 6) [سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 6]

- ‌الآيات: (7- 9) [سورة غافر (40) : الآيات 7 الى 9]

- ‌الآيات: (10- 12) [سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 12]

- ‌الآيات: (13- 20) [سورة غافر (40) : الآيات 13 الى 20]

- ‌الآيات: (21- 27) [سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 27]

- ‌الآيات: (28- 35) [سورة غافر (40) : الآيات 28 الى 35]

- ‌الآيات: (36- 46) [سورة غافر (40) : الآيات 36 الى 46]

- ‌الآيات: (47- 53) [سورة غافر (40) : الآيات 47 الى 52]

- ‌الآيات: (53- 59) [سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 59]

- ‌الآيات: (60- 65) [سورة غافر (40) : الآيات 60 الى 65]

- ‌الآيات: (66- 68) [سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 68]

- ‌الآيات: (69- 77) [سورة غافر (40) : الآيات 69 الى 77]

- ‌الآيات: (78- 84) [سورة غافر (40) : الآيات 78 الى 85]

- ‌41- سورة فصلت

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 8) [سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 8]

- ‌الآيات: (9- 12) [سورة فصلت (41) : الآيات 9 الى 12]

- ‌الآيات: (13- 18) [سورة فصلت (41) : الآيات 13 الى 18]

- ‌الآيات: (19- 24) [سورة فصلت (41) : الآيات 19 الى 24]

- ‌الآيات: (25- 29) [سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 29]

- ‌الآيات: (30- 35) [سورة فصلت (41) : الآيات 30 الى 35]

- ‌الآيات: (36- 43) [سورة فصلت (41) : الآيات 36 الى 43]

- ‌الآيات: (44- 46) [سورة فصلت (41) : الآيات 44 الى 46]

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌الآيات: (41- 46) [سورة الزمر (39) : الآيات 41 الى 46]

وقوله تعالى: «إِنِّي عامِلٌ» أي وأنا أعمل على ما أنا عليه، من إيمانى بالله، وولائى له وحده..

وقوله تعالى: «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ» أي وسيأتى اليوم الذي ينكشف فيه الأمر بيننا، وسترون يومئذ من الذي سينزل به العذاب الذي يخزيه، ويفضح ما كان عليه من ضلال.. ثم ما يكون له وراء هذا من عذاب مقيم، يعيش فيه أبدا..

وعذاب الخزي هو ما يقع للمشركين فى الحياة الدنيا، يوم يرون بأعينهم نصر الله للمؤمنين، وخذلانه للكافرين، وتحطيم هذه الأصنام، ووطأها بالأقدام..

والعذاب المقيم، هو عذاب يوم القيامة، الذي يخلد فيه أهل الكفر والضلال..

‌الآيات: (41- 46)[سورة الزمر (39) : الآيات 41 الى 46]

إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)

قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)

ص: 1158

التفسير:

قوله تعالى:

«إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» ..

هو بيان لمهمة النبي، وأنه رسول من الله للناس، يبلغهم ما أنزل إليه من ربه.. فمن اهتدى بهذا الكتاب فإنما يهتدى لنفسه، ويعمل الخير لها، ومن ضلّ فإنما ضلاله واقع عليه، ومجزىّ به، وليس النبي وكيلا على أحد، يؤدّى عنه حسابه.

وفى تعدية الفعل «أنزلنا» بحرف الجر (على) - إشارة إلى علوّ المتنزل الذي نزل منه القرآن على رسول الله، وأنه من الله رب العالمين، القائم بسلطانه على هذا الوجوه..

وفى قوله تعالى: «للناس» - إشارة إلى أن هذا القرآن هو خير مسوق من الله سبحانه للناس جميعا، ورحمة منزلة منه سبحانه إليهم، وأنه إذا كان النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- هو الذي تلقّى هذه الرحمة من ربه- فإن الناس جميعا شركاء له فيها، ولكل واحد منهم نصيبه منها، سواء دعى إلى أخذ نصيبه أم لم يدع إلى ذلك.. وفى هذا ما يفتح

ص: 1159

الطريق لهؤلاء المعاندين المستكبرين، إلى كتاب الله.. فكثير من هؤلاء المشركين كانوا يأنفون أن يتفضّل عليهم النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- بهذا القرآن الذي بين يديه.. وفى حسابهم أنه قرآنه، يعطى منه من يشاء، ويمنع من يشاء.. وفى قوله تعالى:«للناس» ما يعزل عن القرآن هذه المشاعر التي تحول بين المشركين وبين الاتصال به.. إنه ليس قرآن «محمد» وليس ملك «محمد» وإنما هو كلام الله إلى عباد الله، ورحمة الله لخلق الله.. وما محمد- صلوات الله وسلامه عليه- إلا حامل هذه الرحمة، وداع إليها، وآخذ بنصيبه الذي قدّره الله له منها.. وإنها لرحمة واسعة لا حدود لها، ولكل إنسان حظه الذي يستطيع أن تطوله يده منها..

قوله تعالى:

«اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» .

مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة، قد جاء فيها ذكر القرآن الكريم، الذي أنزله الله تعالى على نبيه- صلوات الله وسلامه عليه- هدى ورحمة للناس، وروحا وحياة للنفوس..

وفى هذه الآية بيان لمصير النفس الإنسانية، وأنها صائرة إلى الله، بما تحمل من هدى أو ضلال، وبما معها من نور القرآن، أو ظلام الشرك..

فقوله تعالى: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها» أي يردها إليه، ويوفّيها حسابها، حين يجىء أجلها، وتستوفى حياتها المقدورة لها فى الدنيا..

ص: 1160

وقوله تعالى: «وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها» أي ويتوفى الأنفس فى منامها..

فالجار والمجرور فى منامها متعلق بقوله تعالى: «يَتَوَفَّى» .. وعلى هذا يكون معنى الآية: «الله يتوفى الأنفس ويردها إليه حين يقبضها بالموت، أو بالنوم..

وقوله تعالى: «فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» هو بيان للأنفس التي يردها الله سبحانه وتعالى إليه، حين يغشى النوم أصحابها.. فهذه النفوس، إن كانت قد استوفت أجلها فى الدنيا أمسكها الله عنده فلا تعود إلى الجسد مرة أخرى، وإن كان قد بقي لها فى الحياة أجل، أرسلها لتعود إلى الجسد مرة أخرى، حتى ينتهى أجلها المقدور لها فى الدنيا..

فالله سبحانه وتعالى يردّ الأنفس إليه حين الموت، وحين النوم، إلا أنه فى حال الموت يمسكها عنده إلى يوم القيامة، أما فى حال النوم، فإن كانت النفس قد استوفت أجلها فى الدنيا أمسكها الله عنده، وإن لم تكن قد استوفت أجلها، أرسلها لتعود إلى جسدها، حتى ينتهى أجلها فى الدنيا.

ومن هذا يرى المرء أنه يموت كل يوم، وأن نفسه التي تلبسه تردّ إلى الله عند النوم، ثم يبعث من جديد فى اليقظة حين تعود إليه نفسه التي فارقت بدنه..

وهكذا تتكرر عملية الموت والبعث كل يوم فى ذات الإنسان.. ومع هذا ينكر الضالون البعث بعد الموت، وهم يرون هذه الحقيقة فى أنفسهم.. فهل بعد هذا الضلال ضلال؟ وهل بعد هذا السفه سفه؟ «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ولكن أين من يتفكر؟ إنهم قلة قليلة فى هذا المحيط الصاخب المضطرب بالضالين السفهاء! [بين النفس. والروح.. والجسد] وهنا نود أن نقف قليلا بين يدى قوله تعالى: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ

ص: 1161

مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» .

فقد أشارت الآية الكريمة إلى أن فى الإنسان نفسا، وأن هذه النفس تردّ إلى الله، على حين يترك الجسد لمصيره فى التراب..

فالإنسان إذن نفس وجسد.. وهما طبيعتان مختلفان.. فالنفس من العالم العلوي، والجسد من عالم التراب، وأنهما إذ يجمع الله بينهما بقدرته، فيجعل منهما- سبحانه- كائنا سويّا هو الإنسان، فإنه- سبحانه. بقدرته كذلك يحفظ لكل منهما طبيعته، حتى إذا انتهى الأجل الذي قدره الله لاجتماعهما، افترقا، فلحق كل منهما بعالمه، الذي هو منه.. النفس إلى عالمها العلوىّ، والجسد إلى عالمه الترابىّ.

وقبل أن نتحدث عن ماهية النفس، وعن الآثار التي تتركها فى الجسد، أو يتركها الجسد فيها. حين اجتماعهما- نود أن نشير إلى كائن آخر، يعيش مع الجسد والنفس، هو الروح فقد أشار القرآن الكريم إلى الروح، فقال تعالى:

«وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» (85 الإسراء) وإذن فهناك:

الجسد، والروح، والنفس، وثلاثتها هى الإنسان.

فما الجسد؟ وما الروح؟ وما النفس؟

وليس ثمة خلاف فى أن الجسد، هو هذا الكيان من اللحم، والعظم، والدم، والذي هو المظهر المادي للإنسان..

أما الروح، وأما النفس فهما قوتان غيبيتان تسكنان إلى هذا الجسد، فيكون بهما معا هذا الإنسان الحي، السميع، البصير، العاقل المميز بين الخير والشر، والنافع والضار..

ص: 1162

والسؤال هنا: هل الروح والنفس حقيقة واحدة، أم هما حقيقتان؟ وإذا كانتا حقيقتين، فهل هما من طبيعة واحدة أم من طبيعتين مختلفتين كالاختلاف الذي بينهما وبين الجسد؟

إن القرآن الكريم يحدثنا عن الروح، وعن النفس..

وفى حديث القرآن عن الروح. نجد أنها نفحة الحياة فى الإنسان، وأنها من روح الله، فيقول سبحانه فى خلق آدم:«فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» (29 الحجر) ويقول سبحانه: «ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ» (9: السجدة) ويقول سبحانه فى خلق عيسى عليه السلام: «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا» (12: التحريم) .

فالرّوح هى مبعث الحياة فى الإنسان، وهى التي تخرج هذا الجسد الهامد إلى عالم الحياة والحركة..

والإنسان فى هذه الحدود، لا يخرج عن كونه حيوانا، ذا جسد حىّ، يتنفس، ويتحرك ويطلب الغذاء الذي يحفظ حياته..

فهل للحيوان روح كهذه الروح التي تلبس الإنسان، وتكسوه حياة وحركة؟

إننا إذا رجعنا إلى قوله تعالى عن الروح: «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» - تجد أن الروح التي تلبس الكائن الحي- من إنسان أو حيوان- هى روح، وهى من أمر الله! ولكننا إذ ننظر فى قوله تعالى فى خلق آدم:«فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» وقوله سبحانه: «ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ» - نجد مزيدا من؟؟؟ الإحسان والتكريم للإنسان، بإضافة روحه إلى الله سبحانه وتعالى..

ص: 1163

وهذه الإضافة تضفى على روح الإنسان صفاء إلى صفاء، وقوة إلى قوة..

وإنه إذا كان لا حديث للعلم فى هذا الأمر الغيبىّ، فإن المشاهدة تدعونا إلى القول بأن الأرواح التي تلبس الكائنات الحية- بما فيها الإنسان- ليست على درجة واحدة من القوة التي تنبعث منها فى الكائن الحي، وفى الآثار التي تحدثها فيه..

ففى عالم الحيوان مثلا.. نجد من الحيوانات مالا تكاد تحسّ فيه الحياة، كالديدان مثلا، كما نجد حيوانات تكاد تعقل، كالقردة.. وبين هذه وتلك أنماط كثيرة من الحيوات التي تلبس عالم الحيوان..

وهذا يعنى أن اختلافا ما بين روح وروح إن لم يكن فى النوع ففى القدر، وفى الدرجة.

ومن جهة أخرى، فإننا نجد فى عالم البشر أناسا لا يبتعدون كثيرا عن عالم الحيوان، بينما نجد الذكاء والألمعية والعبقرية فى أناس آخرين.

وهؤلاء وأولئك جميعا يلبسون أرواحا من مورد واحد، هى نفخة الله سبحانه وتعالى فى الإنسان.. وهذا يعنى أن الاختلاف فى الأرواح البشرية ليس فى النوع، وإنما فى القدر والدرجة.. أيضا.. بمعنى أن الاختلاف بين إنسان وإنسان فى العقل، والذكاء، والبصيرة، هو اختلاف فى القدر الذي كان للجسد من عالم الروح، وفى الكمية- إن صح هذا التعبير- التي فاضت عليه من هذا العالم!! وهذا أيضا ما يشير إليه الفلاسفة فى حديثهم عن الروح، وأن كل جسد إنما تلبسه روح خاصة به، مقدرة بحسب استعداده الفطري، وقدرته على احتمال ما يفاض عليه منها..

ص: 1164

وإذن فهذا الاختلاف بين الكائنات الحية ومنها الإنسان- هو أثر من آثار الروح التي لبسته، وأنه بقدر حظه من الروح- قدرا لا نوعا- يكون حظه من الترقي فى سلم الحياة.

وإذا كان لنا أن نشبه عالم الروح بمولد كهربائى عظيم، وكان لنا أن نشبه الأجسام بلمبات الكهرباء، على اختلاف قوتها، مما هو دون الشمعة، إلى آلاف الشمعات- كان لنا أن نتمثل الأجسام، أو اللمبات الكهربائية، وقد اتصلت بالمولد الكهربائى العظيم، فأخذ كل جسم أو كل لمبة بقدر قوته من النور الكهربى، أو من عالم الروح! ..

وعلى هذا نرى أن الكائن الحي، جسد وروح، وأن الإنسان كذلك جسد وروح، وإن كان حظه من عالم الروح- قدرا لا نوعا- أكبر من أي كائن حى آخر فى غير عالم الإنسان.

إذن فما النفس؟

أهي الروح الإنسانية، سميت بهذا الاسم، للتفرقة بين روح الإنسان، وروح الحيوان.. إذ كان للإنسان النصيب الأوفى من هذا النور العلوي المفاض على الأحياء؟ أم هى شىء مضاف إلى خلق الإنسان، به صار الإنسان إنسانا، بعد أن أصبح بالروح حيوانا؟

يحدث القرآن الكريم عن النفس، على أنها كائن له وجود ذاتى مستقل، وبمعنى آخر، إن القرآن يخاطب الإنسان فى ذات نفسه، باعتبار أن النفس هى القوة العاقلة المدركة فيه، فيقول سبحانه:«وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها» .. ويقول جل شأنه: «يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي» (27- 30 الفجر) ويقول

ص: 1165

سبحانه: «وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ» (53 يوسف) ويقول:

«بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً» (18: يوسف) ويقول سبحانه: «وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» (1: الطلاق) ويقول سبحانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً» (6: التحريم) .

فالنفس هنا، وفى مواضع أخرى كثيرة من القرآن، هى الإنسان العاقل، المكلف، وهى الإنسان الذي يتوقع منه الخير أو الشر، والهدى أو الضلال..

ثم هى الإنسان بجميع مشخصاته، جسدا وروحا! ..

ومرة أخرى.. ما هى النفس؟

والجواب الذي نعطيه عن هذا السؤال هو مستمد من القرآن الكريم، بعيدا عن مقولات الفلاسفة، وغير الفلاسفة ممن لهم حديث عن النفس «1» .

وعلى هذا نقول:

يشخّص القرآن الكريم النفس، ويجعلها الكائن الذي يمثل الإنسان أمام الله، بل وأمام المجتمع أيضا..

فالقتل الذي يصيب الإنسان هو قتل للنفس، كما يقول سبحانه:«وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» (29: النساء) ويقول جل شأنه: «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً» (32: المائدة) .

وفى مقام القصاص تحسب «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ» (45: المائدة) .

(1) من أراد النظر فى هذا الموضوع على الآراء المختلفة فى النفس أو الروح، أو العقل، فليرجع إلى كتابنا قضية الألوهية (الجزء الثاني) .. (الله والإنسان) .

ص: 1166

وفى مقام التنويه بالإنسان، ودعوته ليلقى الجزاء الحسن، تخاطب النفس، وتدعى، فيقول سبحانه:«يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي» (27- 30: الفجر) .

والنفس فى القرآن هى الإنسان المسئول المحاسب: «وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» (7- 10:

الشمس) «بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ»

(14- 15: القيامة) وإن بالفهم الذي يستريح إليه العقل فى شأن النفس، هو أنها شىء غير الروح، وغير العقل.. وأنها هى الذات الإنسانية أو الإنسان المعنوي، إن صح هذا التعبير.. إنها تتخلق من التقاء الروح بالجسد، إنها التركيبة التي تخلق فى الإنسان ذاتية يعرف بها أنه ذلك الإنسان بأحاسيسه ووجدانه ومدركاته..

النفس هى ذات الإنسان، أو هى مشخصات الإنسان التي تنبىء عن ذاته..

ولا نريد أن نذهب إلى أكثر من هذا.. وحسبنا أن نؤمن بأن الروح من أمر الله، فلا سبيل إلى الكشف عنها كما يقول سبحانه:«قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» وأن النفس، جهاز خفى عامل فى الإنسان.. هى الإنسان المعنوي- كما قلنا- ولهذا كانت موضع الخطاب من الله تعالى، كما أنها كانت موضع الحساب والثواب والعقاب..

قوله تعالى:

«أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ» ؟.

هو بيان لضلالة من ضلالات المشركين، بعد إقرارهم بأن الله- هو الذي خلق السموات والأرض- فهم مع إقرارهم هذا- يتخذون من

ص: 1167

الأصنام وسائل يتوسلون بها إلى مرضاة الله، ويرجون بها الشفاعة عنده، ويقولون لمن يحاجّهم فيها:«ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى» (3: الزمر) فهم- مع اعترافهم بأن هذه الأصنام ليست الإله الخالق الرازق، المالك لما فى السموات والأرض- مع اعترافهم هذا- لا يوجهون وجوههم إلى الله مباشرة، بل يجعلون بينهم وبين الله من يتولى الاتصال بالله عنهم، والشفاعة لهم فيما يريدون من الله، من جلب خير، أو دفع ضرّ.. وهذا ضلال من وجوه:

فأولا: أن الإنسان- من حيث هو إنسان- مخلوق كريم عزيز بين مخلوقات الله.. قد أحسن الله خلقه، وأمر الملائكة بالسجود له، وأقامه خليفة له فى الأرض..

وهذه منزلة عالية، ودرجة رفيعة، جدير بالإنسان أن يقيم وجوده فيها، ويطلب من الله الاستزادة منها.. وذلك بدوام الاتصال بالله، وطلب القرب منه، بالولاء المطلق لله، والإخلاص فى عبادته، والاجتهاد فى طاعته..

وفى تخلّى الإنسان عن هذا المقام، وإسلام زمامه لغيره، من دمى وأشباه دمىّ، لتقوده إلى الله- فى هذا نزول بالإنسان عن منزلته، واعتراف منه بأنه ليس أهلا لها..

وثانيا: أن الله- سبحانه- الذي كرم الإنسان، جعل طريقه إليه مفتوحا ليس عليه خزنة أو حجاب وذلك حتى يتحرر الإنسان من التبعية لأى مخلوق، تلك التبعية التي يسلم فيها وجوده العقلي والروحي لغيره، فيفقد بذلك ذاتيته، ويصبح كائنا مسلوب الإرادة، يتحرك بإرادة غيره، فيقاد، كما يقاد الحيوان.

ص: 1168

وقد حرّرت الشريعة الإسلامية الإنسان تحريرا كاملا، وأطلقت كل قواه وملكاته من كل قيد ومن كل تبعية، حتى أن الولاء الذي يعطيه المؤمن للنبىّ ليس ولاء أعمى، بل المطلوب منه شرعا أن يكون ولاء مستندا إلى العقل، وإلى الاقتناع.. حتى ينبع هذا الولاء عن نفس راضية وقلب مطمئن.. ولهذا كانت دعوة الإسلام دعوة قائمة على مجرد البلاغ، والعرض لما بين يديها من هدى.. ثم إن للناس أن يعرضوا هذا المعروض عليهم، على عقولهم.. ثم إن لهم مع هذا إرادتهم المطلقة، فى قبول ما عرض عليهم، أو رفضه..

وفى هذا يقول الله تعالى: «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ.. فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ» (29: الكهف) ويقول سبحانه لنبيه الكريم: «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (99: يونس) ويقول جلّ شأنه: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ.. قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» (256 البقرة) وثالثا: هؤلاء المشركون، الذي يتعاملون مع تلك الأصنام، قد ضلوا ضلالا بعد ضلال.. فهم ضلوا أولا، لأنهم لم يوجهوا وجوههم إلى الله مباشرة، بل جعلوا بينهم وبين الله من يقودهم إليه، وضلوا ثانيا لأنهم أسلموا زمامهم لتلك الدّمى التي لا تعقل، ولا تسمع ولا تبصر!! فكيف يكون لهذا الدّمى أن تتجه بهم إلى متجه، وهى تابعة فى أماكنها لا تملك تحولا من حال إلى حال، أو من مكان إلى مكان؟ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:

«أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ» ؟ أي أيتعاملون مع هذه المعبودات ويسلمون أمرهم إليها، ولو كانت لا تملك شيئا ولا تعقل أمرا؟ فإذا كان الإنسان على ضلال إذا أسلم نفسه لإنسان عاقل مثله، أو لمن هو أعقل منه، فإنه يكون على ضلال مبين، وسفه غليظ، إذا هو أسلم نفسه لحيوان أو حجر!!

ص: 1169

قوله تعالى:

«قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.. ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» هو تقرير لتلك الحقيقة المطلقة التي غفل عنها المشركون، وعمى عنها الضالون، وهى أن الشفاعة جميعها لله وحده، لا يملك أحد مع الله شيئا منها..

فهو سبحانه مالك السموات والأرض، وإليه يردّ كل ما يجرى فيهما، وما يقع للمخلوقات من نفع أو ضر..

وقوله تعالى: «ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» هو دعوة إلى الناس أن يرجعوا إلى الله، وأن يسلموا أمرهم إليه وحده يوم الحساب والجزاء.. فهو- سبحانه- الذي يتولى حساب الناس وجزاءهم.. فمن السفه والجهل معا أن يكون هناك عمل يتجه به إلى غيره.. إنه عمل ضائع، لا يقام له وزن! بل هو وزر يحمله الإنسان معه، لأنه حجه عن الله، وقصّر به دون العمل لمرضاته..

والشفاعة هنا: هى ما يجلب به الخير، ويدفع به الضر.. أي أن كل ما هو مطلوب للإنسان من جلب خير أو دفع ضر، هو بين يدى الله، وهو سبحانه المتصرف فيه وحده.. فمن طلب فليطلب من الله وحده.. ومن طلب من غيره شيئا، فقد ضل سعيه وخاب رجاؤه..

قوله تعالى: «وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» هو فضح لحال من أحوال المشركين، وكشف لضلالة من ضلالاتهم..

فهم إذا ذكر الله وحده، من غير أن تذكر معه آلهتهم- اشمأزت قلوبهم،

ص: 1170

أي نفرت، وجزعت، وهلعت.. وإذا ذكرت آلهتهم، وما لها من شفاعة عند الله، فرحوا واستبشروا..

وفى قوله تعالى: «الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ» - إشارة إلى أن الإيمان بالآخرة، لا يكون إلا بعد الإيمان بالله.. فالإيمان بالآخرة، إيمان بها وبالله.. وقد يكون إيمان بالله وكفر بالآخرة، كما كان عليه إيمان المشركين..

فهم يعرفون الله، ويؤمنون بأن على هذا الوجود إلها واحدا.. ولكنهم يتخذون معه آلهة أخرى، هى- عندهم- دون الله جلالا وقدرا.. إنها قربان يتقربون بها إلى الله.. ثم هم لا يؤمنون بالآخرة، إذ يستبعدون أن يحيى الله الناس بعد أن يصيروا ترابا.. وهذا قصور فى فهمهم، لجلال الله وقدرته..

قوله تعالى:

«قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» .

هو دعوة للنبى- صلوات الله وسلامه عليه- أن يعلن الناس بهذه الحقيقة، وهى أن الله سبحانه، هو فاطر السموات والأرض، أي خالقهما ابتداء على غير مثال سبق..

وأنه سبحانه عالم الغيب والشهادة، أي ما غاب عنّا، وما ظهر لنا..

وهو سبحانه الذي يحكم بين عباده فيما اختلفوا فيه من الحق، فيحقّ- سبحانه- الحق ويبطل الباطل.. «لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» ..

ص: 1171