المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يزيد الرقاشي، عن أنس - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ٦

[أبو يعلى الموصلي]

الفصل: ‌يزيد الرقاشي، عن أنس

‌يزيد الرقاشي، عن أنس

4086 -

حَدَّثَنَا على بنِ الجعد، حدّثنا سفيان الثوري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"منْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ"، يعنى: يوم الجمعة.

4086 - ضعيف: أخرجه ابن ماجه [1091]، والطيالسي [2110]، والبيهقي في "سننه"[1314، 1315]، وابن عدي في "الكامل"[3/ 102، 133]، والطحاوي في "شرح المعاني"[1/ 119]، وابن الغطريف في "حديثه"[رقم 18]، والبزار في "مسنده"[1/ رقم 628/ كشف الأستار]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشى [وقرن معه الحسن البصري عند الطحاوي والبزار، عن أنس به

وزاد ابن ماجه: (يجزئ عن الفريضة) وهذه الزيادة عند ابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[2/ 82]، وزاد البيهقي في الموضع الأول:(والغسل من السنة) وهذه الزيادة عند ابن منيع أيضًا بلفظ: (وهو من السنة)، ولفظ البيهقي في الموضع الثاني:(من جاء إلى الجمعة فليغتسل؛ فلما جاء الشتاء فاشتد علينا؛ فشكونا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من توضأ فبها ونعمت؛ ومن اغتسل فالغسل أفضل).

قال البزار: "إنما يعرف هذا عن يزيد عن أنس، هكذا رواه غير واحد؛ وجمع يحيى - هو ابن أبي بكير راويه عن يزيد الرقاشى والحسن البصرى كلاهما عن أنس عند البزار - عن الربيع في هذا الحديث بين الحسن ويزيد عن أنس، فحمله قوم على أنه عن الحسن عن أنس، وأحسب أن الربيع إنما ذكره عن الحسن مرسلًا، وعن يزيد عن أنس - يعنى موصولًا - فلما لم يفصله؛ جعلوه كأنه عن الحسن عن أنس، وعن يزيد عن أنس".

قلتُ: والربيع هذا هو ابن صبيح السعدى؛ ضعفه جماعة من النقاد لسوء حفظه، فالإسناد من طريقه لا يصح؛ سواء كان يرويه عن الحسن موصولًا أم مرسلًا، بل روايته عن الحسن على الوجهين أو أحدهما غير محفوظة، والمحفوظ عن الحسن في هذا الحديث: هو ما رواه شعبة وغيره عن قتادة عنه عن سمرة بن جندب به

مرفوعًا مثله

عند الترمذي وأبى داود والنسائي وجماعة كثيرة.

وقد اختلف على قتادة في وصله وإرساله والموصول هو الصواب كما جزم به العقيلى والدارقطني وغيرهما. وهذا الطريق هو أنظف طرق هذا الحديث كلها ومع هذا فهو معلول أيضًا. =

ص: 26

4087 -

حدّثنا خلف بن هشام البزار، حدّثنا حماد بن زيد، عن المعلى بن زياد، وعن يزيد الرقاشى، عن أنس بن مالك، قال: وَمِنَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوب الشَّمْسِ، أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أعْتِقَ ثَمَانِيَةً مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، كُلُّهُمْ مُسْلِمٌ - يَعْنِى: لأنْ أذْكُرَ اللَّهَ.

= أما حديث أنس: فآفته يزيد الرقاشي، وقد ضعفوه لسوء حفظه؛ واختلال ضبطه على زهده وورعه وتألهه بحيث كان لشدة غفلته: ربما قلب كلام الحسن؛ فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن حبان في ترجمته من "المجروحين"[3/ 98]، والذى يمارس حديث هذا الرجل جيدًا، مع متابعة كلام النقاد فيه: يتبين له بجلاء أن الرقاشى هذا منكر الحديث كما قاله الإمام أحمد، وبه أعل الحديث: البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[2/ 82]، والهيثمى في "المجمع"[2/ 392]، وقال البدر العينى في "شرح سنن أبي داود"[2/ 178/ طبعة مكتبة الرشد]، بعد ذكره من طريق ابن ماجه

: "وهذا إسناد ضعيف".

وله طرق أخرى عن أنس بن مالك به

وكلها مناكير على التحقيق، وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد تالفة لا يثبت منها شيء قط؛ وفي تقوية هذا الحديث بطرقه وشواهده: نظر ومشاححة، وقد فصلنا الكلام حوله في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".

وأقوى ما في الباب: هو حديث سمرة بن جندب المشار إليه سابقًا، وفيه ما فيه مما شرحناه في الموضع المشار إليه.

4087 -

منكر بهذا التمام: أخرجه البيهقي في "الشعب"[1/ رقم 560، 561، 562]، وفي "سننه"[15783] و [15959]، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"[2/ رقم 1048/ زوائده]، والطيالسي في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير"[3/ 110]، وابن منيع في "مسنده" كما في "المطالب"[رقم 3473]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[رقم 669]، والطبراني في "الدعاء"[رقم 1879]، والطحاوي في "المشكل"[9/ 185]، وابن النجار في "التاريخ المجدد لمدينة السلام"[1/ 133]، وابن حزم في "المحلى"[10/ 393]- معلقًا - وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به نحوه

وزاد البيهقي والطيالسي والحارث والطحاوي وابن النجار وابن منيع في أوله: الآن أصلى الفجر وأجلس مع قوم يذكررن الله تعالى إلى طلوع الشمس أحب إلى مما طلعت عليه الشمس) لفظ الحارث، وعند ابن منيع: (

أحب إلى من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل). =

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وزادوا جميعًا في آخره - سوى الطبراني وابن السنى: (دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفًا) وهذا بعد قوله: (

من بنى إسماعيل) وزاد الطيالسي عليهم من قول يزيد الرقاشى: (فحسبنا دياتهم ونحن في مجلس أنس، فبلغت ستة وتسعين ألفًا، وههنا من يقول: أربعة من ولد إسماعيل، واللَّه ما قال إلا ثمانية دية، كل واحد منهم اثنا عشر ألفًا".

قال ابن حزم: "يزيد الرقاشى ضعيف لا يحتج به".

قلتُ: وبه أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[6/ 130]، والهيثمى في "المجمع"[10/ 134]، وكذا ضعف سنده: النواوى في كتابه "الأذكار"[رقم 211]، وهو كما قالوا جميًعا، والرقاشى هذا منكر الحديث على التحقيق، ولكن للحدث طرق أخرى عن أنس نحو سياق المؤلف به

دون قوله: (ثمانية من بنى إسماعيل) إنما المشهور: (أربعة من بنى إسماعيل)، وقد مضى بعض هذه الطرق [برقم 3392]، ويأتى المزيد منها مع شواهد الحديث: في الآتى [برقم 4125]، وهو حديث حسن إن شاء الله. دون لفظ:(ثمانية) وكذا دون الزيادة في آخره عند بعضهم وهى: (دية كل واحد منهم: اثنا عشر ألفًا) فانتبه. واللَّه المستعان.

• تنبيه: وقع في سند المؤلف من مطبوعة حسين الأسد: (عن هقل بن زياد وعن يزيد الرقاشى

) وهذا فيه تصحيف وإقحام:

1 -

أما التصحيف؛ فإن (الهقل) مصحفة من (المعلى)، هكذا أخرجه ابن السنى من طريق المؤلف بإسناده عن حماد بن زيد عن المعلّى بن زياد به

وزعم حسين الأسد في تعليقه [7/ 129]، أن (الهقل بن زياد) قد حرف في سند ابن السنى إلى:(المعلّى بن زياد) وهذا منه وهمٌ أشار إليه الإمام في "الصحيحة"[رقم 2916].

ويؤيده أن الحافظ في "المطالب"[رقم 3476]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة"[رقم 6043]، قد ساقا إسناد المؤلف هكذا: (حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد به

) مثل ما عند ابن السنى على الصواب؛ وهكذا وقع في الطبعة العلمية [3/ 393]، على الجادة أيضًا وقد اختلف في سنده على حماد بن زيد كما يأتى الكلام عليه في تعليقنا على الآتى [برقم 4125].

2 -

وأما الإقحام: فزيادة واو العطف بعد (المعلى بن زياد) فأوهم أن المعلى قد تابع يزيد =

ص: 28

4088 -

حدّثنا خلف بن هشام، حدّثنا حماد بن زيد، عن جعفر بن ميمون، حدّثنا الرقاشي قال: كان أنس مما يقول لنا - إذا حدّثنا هذا الحديث: إنه واللَّه ما هو بالذى تصنع أنت وأصحابك، يعنى: يقعد أحدكم فتجتمعون حوله فيخطب - إنما كانوا إذا صلوا الغداة قعدوا حلقًا حلقًا يقرؤون القرآن ويتعلمون الفرائض والسنن.

4089 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جَاءَنِى جِبْرِيلُ بِمِرْآةٍ بَيْضَاءَ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، قَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ الجُمُعَةُ وَفِيهَا سَاعَةٌ".

= الرقاشي في روايته عن أنس وليس كذلك، بل حرف (الواو) مقحم بلا تردد؛ والصواب دونه كما وقع عند ابن السنى، ونقله الحافظ في "المطالب" والبوصيرى في "الإتحاف" عن المؤلف بإسناد به عن المعلى عن يزيد الرقاشي عن أنس

، وهكذا وقع الإسناد على الجادة في الطبعة العلمية [3/ 393].

4088 -

ضعيف: قال البوصيري في "إتحاف الخيرة"[1/ 47]: "هذا الإسناد فيه يزيد بن أبان الرقاشى، وهو ضعيف".

قلتُ: وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[1/ 345]، وهو كما قالا، وأزيد عليهما بكون الراوي عنه مختلفًا، فيه وهو إلى الضعف أقرب.

4089 -

منكر: أخرجه ابن أبي شيبة [4089]، ونعيم بن حماد في الفتن [رقم 1820] وتمام في "فوائده"[رقم 116]، وغيرهم من طريقين عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس به

قال البوصيري في "إتحاف الخيرة"[2/ 79]: (في سنده يزيد الرقاشي).

قلتُ: ويزيد منكر الحديث كما قاله الإمام أحمد؛ والأعمش إمام في التدليس وقد عنعنه، وللحديث طرق كثيرة عن أنس به نحوه

وبعضها في سياق طويل يأتى بعضه من طريق آخر [برقم 4228].

وهذا الحديث هو المسمى بحديث (يوم المزيد) وهو حديث منكر متنًا وإسنادًا، وطرقه كلها غرائب ومناكير، وقد تقصينا الكلام عليها والرد على من صححه أو جوده أو حسنه. واللَّه المستعان.

ص: 29

4090 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الأَطْفَالُ خَدَمُ أَهْلِ الجَنَّةِ".

4090 - منكر: أخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال"[رقم 205]، وتمام في "فوائده"[رقم 230]، وقاسم بن أصبغ في "مصنفه " كما في "الدر المنثور"[5/ 251]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 118]، والكلاباذى في "مفتاح المعاني"[276/ 1]، كما في "الصحيحة"[3/ 452]، وغيرهم من طريق الأعمش عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به ....

قلتُ: وهذا إسناد واه، الأعمش مدلس وقد عنعنه، لكن تابعه الربيع بن صبيح عن الرقاشي قال:(قلنا لأنس: يا أبا حمزة: ما تقول في أطفال المشركين؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لهم سيئات فيعاقبوا بها؛ فيكونوا من أهل النار؛ ولم تكن لهم حسنات فيجازوا بها؛ فيكونوا من ملوك أهل الجنة، هم خدم أهل الجنة).

أخرجه الطيالسي [2111]- واللفظ له - وأبو نعيم في "الحلية"[6/ 308]، والبيهقي في "القضاء والقدر"[رقم 565]، وغيرهم.

والربيع هذا سيئ الحفظ، وقد ضعفوه لكثرة خطئه، وقد رواه حكيم بن جبير عن يزيد الرقاشي عن أنس بلفظ:(سألت ربى عز وجل أن يتجاوز لى عن أطفال المشركين؛ فتجاوز عنهم وأدخلهم الجنة).

هكذا أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 344]، وفي ذكر من اسمه شعبة [رقم 25]، بإسناد مقبول إلى حكيم بن جبير به ....

قلتُ: وحكيم هذا كذبه الجوزجاني؛ وتركه الدارقطني وغيره، وتكلم فيه سائر النقاد، وهو من رجال الأربعة، وقد تصحف اسم أبيه (جبير) عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" إلى:(جرير) وهو على الصواب في كتابه الثاني.

ورواه أبو حازم سلمة بن دينار عن يزيد الرقاشي عن أنس بلفظ: (سألت ربى عز وجل[عن] اللاهين من ذرية آدم؛ فأعطانيهم؛ فهم خدم أهل الجنة) هكذا أخرجه ابن الجوزي في "المتناهية"[2/ 926]، بإسناد مستقيم إلى أبي حازم به.

قلتُ: وهو بهذا اللفظ له طرق أخرى عن يزيد الرقاشي لكن دون موضع الشاهد هنا، فانظر الماضي [برقم 2906]، ثم إن مدار هذه الطرق كلها على يزيد الرقاشي، =

ص: 30

4091 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهرانى، حدّثنا نوح بن قيس، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: كنا قعودًا مع نبى الله صلى الله عليه وسلم فعسى أن يكون قال: ستين - رجلًا - فيحدّثنا الحديث ثم يدخل لحاجته فنتراجعه بيننا: هذا ثم هذا، فنقوم كأنما زرع في قلوبنا.

= وهو منكر الحديث على التحقيق، وقد كان شعبة أشد الناس حملًا عليه؛ حتى صح عنه أنه قال:"لأن أزنى أحب إلى من أروى عن يزيد الرقاشي" وقد اضطرب في لفظه كما مضى.

وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[7/ 444]، فقال:"وفي إسناد أبي يعلى: يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدق، ووثقه ابن عدي؛ وبقية رجالهما رجال الصحيح".

قلتُ: تساهل النور أبو الحسن في حكاية توثيق الرقاشي عن ابن عدي، وعبارة ابن عدي في "الكامل"[7/ 257]، في ختام ترجمة يزيد بن أبان:"ونرجو أنه لا بأس به برواية الثقات عنه من البصريين والكوفيين وغيرهم" فهل مثل هذا يعد توثيقًا؟! ولو صح - وهو لا يصح - فينبغى تقييد ثقة الرقاشي برواية الثقات عنه فقط؛ ويكون ضعيفا إذا روى عنه غير "لثقات؛ كما يفهم ذلك من عبارة ابن عدي، والهيثمى كثير التساهل في فهم كلمات النقاد في "الجرح والتعديل".

وقول ابن معين عن الرقاشي: "رجل صدق" يعنى أنه لا يكذب، وإلا فالمحفوظ عن ابن معين تضعيفه الرقاشي، بل قال:"ليس حديثه بشئ" راجع ترجمة يزيد من "التهذيب وذيوله".

وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحو لفظه الأول: وكلها مناكير على التحقيق، وقد ضعفه الحافظ في "الفتح"[3/ 246]، وله شاهد من حديث سمرة بن جندب مرفوعًا بلفظ:(أطفال المشركين: خدم أهل الجنة) عند الطبراني والبزار وغيرهما، وسنده منكر أيضًا، ولا يصح في هذا الباب شيء ..

1409 -

ضعيف: أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن "الكبرى"[رقم 328]، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"[2/ رقم 950/ طبعة مكتبة التوعية]، والقاضى عياض في "الإلماع"[ص 132]، وغيرهم من طرق عن نوح بن قيس عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به .... قال الهيثمى في "المجمع" [1/ 397]:" رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف" وقال البوصيري في "الإتحاف"[1/ 52]: "قلتُ: يزيد بن أبان الرقاشي ضعيف".

قلتُ: وهو كما قالا.

ص: 31

4092 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهرانى، حدّثنا محمد بن ثابت العبدى، حدّثنا معبد بن خالد الأنصاري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"كَانَ فِيمَنْ خَلا مِنْ إِخوَانِى مِنَ الأَنْبِيَاءِ ثَمَانِيَةُ آلافِ نَبِيٍّ، ثمَّ كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ، ثُمَّ كُنْتُ أَنَا".

4092 - منكر: أخرجه الحاكم [2/ 653]، وابن عدي في "الكامل"[6/ 135]، وغيرهما من طريق محمد بن ثابت العبدى عن معبد بن خالد الأنصارى عن يزيد الرقاشي عن أنس به

قلتُ: هذا إسناد ساقط، قال ابن عدي:"هذا أيضًا بهذا الإسناد: لم يحدث به غير محمد بن ثابت" وابن ثابت هذا مختلف فيه، والتحقيق أنه ضعيف صاحب مناكير؛ وبه أعله الهيثمي في "المجمع"[8/ 387].

وهذا الحديث قد ساقه له ابن عدي في ترجمته من "الكامل" ثم قال في ختام ترجمته: "ولمحمد بن ثابت غير ما ذكرت؛ وليس بالكثير، وعامة أحاديثه لا يتابع عليها" والحديث سكت عنه الحاكم، لكن قال الذهبى في "تلخيص المستدرك":"سنده واهٍ".

قلتُ: واقتصار الهيثمى على إعلاله بـ (محمد بن ثابت) وحده، ليس بجيد؛ لأن يزيد الرقاشي ضعيف عندهم، وبه أعله البوصيري في "الإتحاف"[7/ 54]، واقتصر على ذلك هو الآخر، ثم إن معبد بن خالد الأنصارى رماه الإمام بالجهالة في "الضعيفة"[13/ 204]، كأنه تابع الحافظ على ذلك، فإنه ذكره في "التقريب" (تمييزًا) ثم قال:"مجهول من شيوخ بقية" ونقل في "تهذيبه"[10/ 223]، عن الذهبى أنه قال:"لا يدرى من هو؟! ".

قلتُ: وكذا ذكره المزى في "تهذيبه" تمييزًا أيضًا، ولم يذكروا أنه يروى عن يزيد الرقاشي، ولا عنه محمد بن ثابت، ثم رأيته في "ثقات ابن حبان"[7/ 494]، وقال:"معبد بن خالد يروى عن يزيد الرقاشي، روى عنه محمد بن ثابت العبدى" ولم يزد على ذلك، وأراه غير الذي ترجموا له في "التهذيب" وذيوله تمييزًا، وهو مغمور على كل حال.

واكتفى ابن كثير في إعلال هذا الإسناد في بدايته [2/ 152]، بيزيد الرقاشي وحده، وذكره في "تفسيزه"[2/ 470 - 471 طبعة مكتبة الرشد]، من طريق المؤلف به

وسكت عليه، وقد تصحف عنده:(معبد بن خالد) إلى: (محمد بن خالد).

وقد خولف محمد بن ثابت في لفظه، خالفه موسى بن عبيدة الربذى، فرواه عن يزيد الرقاشي=

ص: 32

4093 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهرانى، حدّثنا الصلت - يعنى ابن حجاج - وحدّثنا الحجاج الخصاف، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَعَانَ أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ وَأَلْطَفَهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُخْدِمَهُ مِنْ خَدَمِ الجَنَّةِ".

= عن أنس مرفوعًا بلفظ: (بعث الله ثمانية آلاف نبى؛ أربعة الاف إلى بنى إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر الناس) هكذا أخرجه المؤلف [برقم 4132]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 53]، والرافعى في "تاريخ قزوين"[1/ 94]، - معلقًا - وغيرهم. وموسى الربذى قد ضعفوه أيضًا، لكنه قد توبع على هذا اللفظ: تابعه ابن المنكدر عن الرقاشي عن أنس به مثله دون قوله: (وأربعة آلاف إلى سائر الناس).

أخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[718]، بإسناد حسن إلى سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن ابن المنكدر به

قلتُ: وقد اختلف على ابن المنكدر في سنده على ألوان شتى، قد ذكرها الإمام في "الضعيفة"[13/ 202 - 205]، وقال في ختام بحثه:"والخلاصة: أن الحديث ضعيف مضطرب الإسناد والمتن" ثم رد على ابن كثير قوله عن بعض طرقه: "إسناده لا بأس به" كما في "تفسيره"[2/ 471 طبعة مكتبة الرشد]، وكذا في "تاريخه"[2/ 152 مكتبة المعارف].

والحديث عندى: منكر المتن والإسناد على ما فيه من الاضطراب.

4093 -

منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[4/ 82]، وابن شاهين في "الترغيب"[رقم 421]، وغيرهما من طريق الصلت بن الحجاج عن الحجاج الخصاف عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به .....

قلتُ: هذا إسناد مظلم، مسلسل"بالضعفاء":

1 -

الصلت بن الحجاج: ذكره ابن حبان في "الثقات"[6/ 471، 472]، وخالفه ابن عدي فأورده في "الكامل"[4/ 82]، وقال:"في حديثه بعض النكرة" ثم ساق له هذا الحديث مع جملة أخرى من مروياته، ثم قال في ختام ترجمته:"وللصلت غير ما ذكرت من الحديث وليس بالكثير، وفي بعض أحاديثه ما ينكر عليه؛ بل عامته كذلك، ولم أجد للمتقدمين فيه كلامًا؛ فأذكره".

قلتُ: كفانا كلامك فيه يا أبا أحمد! ولم ينفرد به الصلت، بل تابعه عليه: سليمان بن خلف البصرى عن أبي يونس الخصاف - وهو الحجاج - عن الرقاشي عن أنس به بلفظ: (من أضاف مؤمنًا، أو خف له في شيء من حوائجه؛ كان حقًا على الله أن يخدمه وصيفًا في الجنة).

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه الطبراني في "مكارم الأخلاق"[رقم 94]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 54]، من طريق حبوش بن رزق الله المصرى عن سليمان بن خلف به

قال أبو نعيم: "غريب من حديث يزيد - يعنى الرقاشي - لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

قلتُ: بل له وجه آخر عن يزيد الرقاشي به

يأتى الآن؛ وسليمان بن خلف هذا: ما عرفته ولا وقفت له على ترجمة، أما تلميذه حبوش: فهو شيخ معروف وثقه السمعانى في "الأنساب"[5/ 90]، وابن ماكولا في "الإكمال"[2/ 370]، وذكره ابن قطلوبغا في "الثقات" أيضًا.

2 -

وحجاج أبو يونس الخصاف: ذكره العقيلى في ترجمة (قرة بن العلاء) من "الضعفاء"[3/ 486]، وقال:"مجهول" وعنه الحافظ في ترجمة قرة من "اللسان"[4/ 472].

وقال الإمام الألبانى في "الضعيفة"[10/ 67]، يلوم الحافظ على عدم إفراده الحجاج أبي يونس الخصاف) بترجمة مستقلة؛ يكشف عنها الباحث في مظانها، قال:"وكان عليه - يعنى الحافظ - أن يذكره في بابه من حرف (الحاء) وإنما أورده في "الكنى" [6/ 455]، وأحال إلى ترجمة قرة".

قلتُ: ولوم الإمام ليس في محله، والحافظ مصيب في صنيعه المذموم عليه؛ لأنه تابع العقيلى في ترجمة الرجل، وعند العقيلى في ترجمة قرة:(أبي يونس الخصاف) هكذا ذكره بكنيته فقط، وتابعه الحافظ على هذا تمامًا؛ فترجم للخصاف في (باب الكنى) من "اللسان" ثم أحال على ترجمة (قرة بن العلاء) للنظر فيما قيل فيه؛ فمن له بكون أبي يونس الخصاف يسمى:(حجاجًا) حتى يتسنى للإمام أن يلومه على عدم إدراجه في حرف: (الحاء) من لسانه؟!.

وعلى كل حال: فقد توبع حجاج عليه: تابعه المعلى بن ميمون المجاشعى عن يزيد الرقاشي عن أنس به نحوه

عند المؤلف [برقم 4119]، وعنه ابن عدي في "الكامل"[6/ 370]، والبزار [ص 252 - 253]، وابن الضريس في "الثالث من حديثه"[153/ 2]، كما في "الضعيفة"[10/ 67].

والمعلى بن ميمون هذا: تركه النسائي والدارقطني وغيرهما، وفي ترجمته: ساق له ابن عدي هذا الحديث مع أحاديث غيره، ثم قال: "ولمعليّ بن ميمون غير ما ذكرت من الأحاديث، والذى ذكرت والذى لم أذكره كلها غير محفوظة مناكير

".

وبه أعل الهيثمى هذا الطريق في "المجمع"[8/ 248]، وسكت عن يزيد الرقاشي. =

ص: 34

4094 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهرانى، حدّثنا سلام بن سليم، عن زيد العمى، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فلِقَ الْبَحْر لِبَنِى إِسْرَائِيلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ".

= 3 - ويزيد الرقاشي: مضى غير مرة أنه منكر الحديث على التحقيق، وبه وحده أعل البوصيري هذا الحديث من طريقيه - عند المؤلف - في كتابه "الإتحاف"[5/ 191]، وهو قصور منه يقع فيه كثيرًا مثل شيخه النور الهيثمى.

والحديث من طريقه الأخير: ضعف سنده المناوى في التيسير في "شرح الجامع الصغير"[2/ 784/ طبعة مكتبة الشافعي].

• تنبيه: وجدتْ الحديث عند ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"[رقم 46]، من طريقه الأخير به

فللَّه الحمد.

• تنبيه آخر: وقع في سند المؤلف من طبعة حسين سليم أسد: زيادة حرف العطف (الواو) قبل: (حدثنا الحجاج الخصاف) فأوهم أن الحجاج بن الصلت قد تابع حجاجًا الخصاف عليه، وهذا لا شيء، والصواب أن حجاج بن الصلت يرويه عن حجاج الخصاف، وحرف العطف بينهما: مقحم سهوًا من الناسخ أو الطابع، وسند المؤلف على الجادة في الطبعة العلمية [3/ 395]، وهكذا هو في "المطالب"[رقم 1203/ المسندة] و"إتحاف الخيرة"[رقم 5172]، نقلًا عن سند المؤلف - فانتبه - واللَّه المستعان.

4094 -

منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[3/ 199 - 301]، من طريقين عن أبي الربيع الزهرانى عن سلام بن سليم الطويل عن زيد بن الحوارى العمى عن يزيد الرقاشي عن أنس به

قلتُ: وسنده كأنه موضوع، قال ابن عدي عقب روايته في الموضع الأول من ترجمة (زيد العمى):"ولعل هذا الحديث: البلاء فيه من سلام الطويل، أو منهما جميعًا - يعنى زيدًا وسلامًا - فإنهما ضعيفان" وقال في الموضع الثاني في ختام ترجمة (سلام الطويل): "

وعامة ما يرويه عن الضعفاء والثقات لا يتابعه أحد عليه" ونقل المناوى في "فيضه" [4/ 443]، عن ابن القطان الفاسى أنه قال: "فيه ضعيفان".

قلتُ: بل ثلاثة ضعفاء على التوالى:

1 -

فسلام الطويل: كذبه ابن خراش في موضع، وقال في موضع آخر:"متروك" =

ص: 35

4095 -

حَدَّثَنَا الفضل بن الصباح، حدّثنا أبو عبيدة، عن محتسبٌ، قال: حدّثنى يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ جَنَازَةَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلا كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الأَجْرِ، فَإِنَّ قَعَدَ حَتَّى يُسَوَّى عَلَيْهَا كَانَ لَه قِيرَاطَانِ مِنَ الأَجْرِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ".

= وقال البخارى: (تركوه) وقال أحمد: "روى أحاديث منكرة" ومثله قال ابن معين، وكذا تركه النسائي وجماعة، بل قال أبو نعيم الأصبهانى:(متروك بالاتفاق). وشذ إسحاق بن عيسى وقال: (ثقة) فلم يَلْتفتْ أحد إليه، وسلام من رجال ابن ماجه وحده.

2 -

وزيد العمى: مختلف فيه، والجمهور على تضعيفه، بل قال ابن عدي في ترجمته من "الكامل" [3/ 201]:"ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه".

والصواب أن شعبة لم يرو عن أضعف من جابر الجعفى، ذلك الرافضى الخبيث الهالك.

3 -

ويزيد الرقاشي: شيخ زاهد عابد متأله خاشع، لكن لم يكن الحديث صناعته، فربما سمع الحديث من الحسن البصرى قوله؛ فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تتابعت كلمات النقاد على توهينه، وأوفقها لحاله هي كلمة الإمام أحمد عنه:"كان منكر الحديث" وهو من رجال الترمذي وابن ماجه.

وبه وحده: أعله الهيثمى في "المجمع"[3/ 433]، والبوصيرى في "الإتحاف"[3/ 23]، وهو قصور منهما قد درجا عليه، وقد صح الحديث، ولكن من كلام اليهود، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟! قالوا: هذا يوم صالح؛ هذا يوم نجى الله بنى إسرائيل من عدوهم

) وزاد مسلم: (وغرق فرعون وفومه) وقد مضى تخريجه عند المؤلف [برقم 2567]، فاللَّه المستعان.

• تنبيه: هذا الحديث عزاه السيوطى في "الدر المنثور"[1/ 167]، وفي "الجامع الصغير"[رقم 5899]، إلى ابن مردويه - يعنى في "تفسيره" - وهو في عداد المفقود، ويغلب على الظن أنه قد رواه من الطريق الماضي مثل المؤلف

واللَّه أعلم.

4095 -

صحيح: هذا إسناد ضعيف لا يصح؛ فيه: =

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 1 - محتسب: وهو ابن عبد الرحمن أبو عائذ: أورده ابن عدي في "الضعفاء"[6/ 466]، وقال:"يروى عن ثابت أحاديث ليست بمحفوظة" ثم ساق له طرفًا من غرائبه عن ثابت البنانى، والراوي عنه أبو عبيدة: هو الحداد عبد الواحد بن واصل الصدوق المعروف.

2 -

ويزيد الرقاشي: مضى غير مرة أنه ضعيف منكر الحديث على التحقيق، وبه وحده: أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[2/ 145]، وخالفه صاحبه الهيثمى، فأعله في "المجمع"، [3/ 30]، بالذى قبله:(محتسب) وكلاهما قد قصر في ذلك.

• ولم ينفرد به الرقاشي بل توبع عليه:

1 -

تابعه عطاء بن أبي ميمونة عن أنس مرفوعًا: (من تبع جنازة فصلى عليها، فله قيراط من الأجر؛ فإن انتظرها حتى يقضى قضاؤها؛ فله قيرطان، قالوا: "ما القيراطان يا رسول الله؟! قال: مثل أحد).

أخرجه الطبراني في "الأوسط"[7/ رقم 7128]، - واللفظ له - وابن عدي في "الكامل"[3/ 142]، من طريقين عن روح بن عطاء بن أبي ميمونة عن أبيه به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء بن أبي ميمونة إلا ابنه".

قلتُ: وابنه هو روح بن عطاء، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[3/ 133]، وقال:"ضعيف"

وهو كما قال، فقد ضعفه ابن معين والبزار وابن الجارود وغيرهم، بل قال أحمد:"منكر الحديث" وابن حبان وإن ذكره في "الثقات"[6/ 305]، وقال:"يخطئ" إلا أنه قد تبين له ضعفه، فعاد وأورده في "المجروحين"[1/ 300]، وقال:"يخطئ كثيرًا ويهم، حتى ظهر في حديثه المقلوبات من حديث الثقات؛ لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد، تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين".

2 -

وتابعه أيضًا: شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعًا: (من صلى على جنازة فله قيراط، ومن اتبعها إلى الحفرة فله قيرطان، القيراط: أعظم من جبل أحد).

أخرجه الخطيب في "تاريخ مدينة السلام"[14/ 385]، - واللفظ له - والمؤلف كما يأتى [برقم 4169]، من طريق عمر بن شبة عن أبي بكر ابن مروان بن الحكم بن يزيد بن عمير الأسيدي عن عبد الوارث بن سعيد عن شعيب بن الحبحاب به

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رواته كلهم ثقات مشاهير من رجال "التهذيب"، =

ص: 37

4096 -

حَدَّثَنَا الفضل بن الصباح، حدّثنا أبو عبيدة، عن محتسب، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قعد أبو موسى في بيته، واجتمع إليه ناسٌ، وأنشأ يقرأ عليهم القرآن، قال: فأتى رسولَ الله رجلٌ، فقال: يا رسول الله، ألا أعجبك من أبي موسى أنه قعد في بيت واجتمع إليه ناسٌ فأنشأ يقرأ عليهم القرآن؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُقْعدَنِى مِنْ حَيْث لا يَرَانِى أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ " قال: نعم، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأَقعده الرجل حيث لا يراه منهم أحدٌ، فسمع قراءة أبي موسى، قال: فقال: "إِنَّه يَقْرَأ - عَلَى مِزْمَارٍ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ".

= سوى أبي بكر بن مروان الأسيدى، فقد وثقه ابن شبة فقال:"كان ثقة وفوق الثقة" كما نقله عنه الخطيب في "تاريخه"[14/ 385]، وسئل عنه أبو حاتم فقال:"كتبت عنه، وليس به بأس" كما في "الجرح والتعديل"[9/ 245].

ومع هذا فإن الإسناد معلول، فقد سئل أبو حاتم الرازى عن هذا الحديث من ذاك الطريق كما في "العلل"[رقم 1082]، فقال؛ "هذا حديث منكر، وأبو بكر بن مروان كتبت عنه، ليس به بأس" كذا جزم بنكارته ثم سكت، وقد كشف علته الإمام الحافظ الحسن بن على المعمرى، فقال فيما نقله عنه الخطيب في "تاريخه"[14/ 385]، عقب روايته:"هكذا قال هذا الشيخ - يعنى أبا بكر الأسيدى، - وأراه وهم فيه، وذلك أن عبيد الله بن عمر - يعنى القواريرى - قال: حدثنا عبد الوارث عن شعيب بن الحبحاب عن عثمان بن سعد عن أبي هريرة موقوفًا، وقد رواه حماد بن زيد عن شعيب فقال: عن أبي الليث مولى كثير بن الصلت عن أبي هريرة موقوفًا، ورواه عبد الكبير بن شعيب عن أبيه عن كثير مولى بن الصلت عن أبي هريرة ورفعه".

قلتُ: فالحاصل: أن أبا بكر بن مروان الأسيدى قد غلط في هذا الحديث على عبد الوارث، وأن المحفوظ فيه: أنه من حديث أبي هريرة على الاختلاف في وقفه ورفعه، وللحديث مرفوعًا: طرق أخرى عن أبي هريرة به نحوه

يأتى بعضها عند المؤلف [برقم 6188، 6453، 6640، 6659]، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة: قد استوفيناها في "غرس الأشجار" وهو حديث صحيح ثابت.

4096 -

منكر بهذا السياق: هذا إسناد منكر، لكن يقول الهيثمي في "المجمع" [9/ 601]:"رواه أبو يعلى وإسناده حسن" كذا قال، مع كونه كثير اللَّهج بإعلال الأخبارب (يزيد الرقاشي) فكيف زاغ بصره عنه في هذا الموضع؟! وقد أصاب صاحبه البوصيري، فقال في "إتحاف الخيرة"=

ص: 38

4097 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا مكى بن إبراهيم، حدّثنا هشام بن حسان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ سَرَّهُ النَّسَاءُ في أَجَلِهِ، وَالمدُّ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

= [7/ 105]: "رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لضعف يزيد الرقاشي" لكن فاته أن راويه عن الرقاشي: (محتسب بن عبد الرحمن) ضعيف هو الآخر، وترجمته في "اللسان"[5/ 18].

وللفقرة الأخيرة من الحديث: (إنه يقرأ على مزمار من مزامير آل داود) طريق آخر عن أنس به

يرويه عنه سعيد بن زربى أبو معاوية - وقيل أبو عبيدة - مرفوعًا بلفظ: (لقد أوتى أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود).

أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[1/ 258]، وابن الجعد [3457]، وابن عدي في "الكامل"[3/ 365، 366]، والعقيلى في "الضعفاء"[2/ 106]، وابن عساكر في "تاريخه"[32/ 51]، وغيرهم، وسعيد بن زربى هذا شيخ منكر الحديث كما قال أبو حاتم الرازى، واعتمده الحافظ في "التقريب" زاد أبو حاتم:"عنده عجائب من المناكير". وقال البخاري: "عنده عجائب" وقال النسائي: "ليس بثقة" وضعفه سائر النقاد، وساق ابن عدي والعقيلى له هذا الحديث في مناكيره، وقال العقيلى عقبه:"ولا يتابع عليه من حديث ثابت".

قلتُ: قد توبع عليه من هذا الطريق، لكن موقوفًا بسياق آخر، فرواه حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس:"أن أبا موسى الأشعرى قام ليلة يصلي؛ فسمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم صوته، وكان حلو الصوت؛ فقمن يسمعن، فلما أصبح قيله له: إن النساء كن يستمعن؛ فقال: لو علمت لحبرتكن تحبيرًا؛ ولشوقتكن تشويقًا - وقد قال حماد: لحبرتكم وشوقتكم".

هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[2/ 344 - 345]- واللفظ له - وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[6/ 113].

وهذا هو المحفوظ عن ثابت البنانى؛ وكذا هو المحفوظ عن أنس أيضًا، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة دون هذا السياق المنكر، فانظر الماضي [برقم 1675، 1733].

4097 -

صحيح: أخرجه الخطيب في "تاريخه"[8/ 365]، وابن عدي في "الكامل"[7/ 107]، ووكيع في "الزهد"[رقم 398]، وعنه هناد في "الزهد"[2/ رقم 1006]، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"[رقم 9]، والشجرى في "الأمالى"[1/ 350]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

=

ص: 39

4098 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عمر بن يونس الحنفى، حدّثنا عكرمة، حدّثنا يزيد الرقاشي، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنَّ صَامَ وَصَلَّى وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ، وَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".

4099 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عمر بن يونس، حدّثنا عكرمة، حدّثنا يزيد

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح في المتابعات؛ ويزيد الرقاشي منكر الحديث كما قال الإمام أحمد، لكنه توبع عليه: تابعه جماعة على نحوه عن أنس به

فانظر الماضي [برقم 3609].

4098 -

منكر بهذا التمام: أخرجه جعفر الفريابى في "صفة النفاق"[رقم 12]، من طريق عكرمة بن عمار عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

قال الهيثمى في "المجمع"[1/ 300]: "رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشى، وهو ضعيف". قلتُ: بل يزيد منكر الحديث على التحقيق مع فرط زهده وعبادته، والراوى عنه فيه كلام معروف، وللحديث طريق آخر: يرويه عمرو بن الحارث - شيخ الليث - عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس به مثله

دون قوله: (وحج واعتمر) أخرجه جعفر الفريابى في صفة النفاق [رقم 11]، بإسناد صحيح إلى عمرو به

قلتُ: وهذا إسناد منكر أيضًا مثل الذي قبله، وسنان بن سعد مختلف فيه، وثقه جماعة، وتركه الإمام أحمد وقال:"تركت حديثه؛ لأن حديثه مضطرب غير محفوظ" وقال أيضًا: "يشبه حديثه حديث الحسن؛ لا يشبه حديث أنس" وقال الجوزجانى: "أحاديثه واهية؛ لا تشبه أحاديث الناس عن أنس" وقال النسائي: "منكر الحديث" ومثله قال ابن سعد.

• والحاصل: أنه يمكن تمشية حاله في غير روايته عن أنس بن مالك خاصة، لكن للحديث شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة به

لكن دون قوله: (وحج واعتمر) منها حديث أبي هريرة الآتى [برقم 6533]، وهو ثابت في "صحيح مسلم"[59]، وغيره.

4099 -

ضعيف بهذا السياق جميعًا: هذا إسناد منكر: مثله مثل الذي قبله تمامًا، وعكرمة هو ابن عمار؛ وللمرفوع من الحديث طرق أخرى وشواهد عن جماعة من الصحابة به

نحوه

لكن دون قوله: (من كذَّب به لم يُصِب به الشُّرْب)، فانظر الماضي [برقم 1028، 1748، 2761، 3115، 3197، 3587، 3951]، والآتى [برقم 7443، 7478].

ص: 40

الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قلت: يا أبا حمزة، إن قومًا يشهدون علينا بالكفر والشرك!، قال أنسٌ: أولئك شر الخلق والخليقة، قال: ويكذبون بالحوض!، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ لِي حَوْضًا عَرْضُهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْكَعْبَةِ - أوْ قَالَ: صَنْعَاءَ - أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ آنِيَةٌ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، يَمُدُّهُ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ، مَنْ كَذَّبَ بِهِ لَمْ يُصِبْ بِهِ الشُّرْبَ".

4100 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عمر بن يونس الحنفى، حدّثنا عكرمة، قال: سمعت يزيد الرقاشي، يقول: حدّثنى أنس بن ممالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرَكُ الصَّلاةِ، فَإِذَا تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ".

4101 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا حجين بن المثنى، حدّثنا عبد العزيز - يعنى الماجشون - عن محمد بن المنكدر، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ رَبِّى اللاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَلا يُعَذِّبَهُمْ، فَأَعْطَانِيهِمْ".

4100 - صحيح: أخرجه ابن ماجه [1080]، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[2/ رقم 897، 898، 899، 900]، وعبد الله بن أحمد في "السنة"[رقم 650]، وغيرهم من طريقين بل طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

ولفظ ابن ماجه وعبد الله بن أحمد: (ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة؛ فإذا تركها فقد أشرك) وهو رواية لابن نصر، وزاد في أوله من قول الرقاشي: (قلت لأنس: - رضى الله عنه - إن هاهنا قومًا يكذبون بالحوض والشفاعة، ويشهدون علينا بالكفر،

) ثم زاد في آخره: (ثم ذكر أمر الحوض والشفاعة).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة": "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان الرقاشي".

قلتُ: وهو كما قال. لكن مضى للحديث شاهد من رواية جابر في "مسنده"[برقم 1783، 1953، 2102، 2191]، وهو حديث صحيح ثابت.

4101 -

منكر: أخرجه أبو القاسم البغوى في "الجعديات"[رقم 2906]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[65/ 74]، وابن عبد البر في "التمهيذ"[18/ 117]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 202]، والبيهقي في "القضاء والقدر"[رقم 566]، وغيرهم من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون عن ابن المنكدر عن يزيد الرقاشي عن أنس به

=

ص: 41

4102 -

حَدَّثَنَا صالح بن مالك، حدّثنا عبد العزيز بن الماجشون، بمثله.

4103 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْ أَنَّ حَجَرًا كسَبْعِ خَلِفَاتٍ شحُومِهِنَّ، وَأَوْلادِهِن، أُلْقِىَ فِي جَهَنَّمَ لَهَوَى سَبْعِينَ عَامًا لا يَبْلُغُ قَعْرَهَا".

= قلتُ: وسنده منكر، قال البيهقي:"تفرد به يزيد الرقاشي، ويزيد لا يحتج به" وقال ابن الجوزي في "المتناهية"[3/ 925]: "هذا حديث لا يثبت، ويزيد لا يعول عليه" وقال البوصيري في "الإتحاف"[8/ 101]: "رواه أبو يعلى بسند ضعيف".

قلتُ: وقد اختلف في سنده على ابن المنكدر كما مضى الكلام عليه [برقم 3570، 3636]، فانظر هناك.

4102 -

منكر: انظر قبله و [رقم 3570، 3636].

4103 -

صعيف بهذا اللفظ: أخرجه ابن أبي شيبة [34147]، ومن طريقه البيهقي في "البعث والنشور"[رقم 468]، وهناد في "الزهد"[رقم 252]، وابن أبي الدنيا في "صفة النار"[رقم 14]، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 7798]، وغيرهم من طريقين عن الأعمش عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به .... وليس عند سعيد بن منصور قوله: (لو أن حجرًا كسبع خلفات شحومهن وأولادهن

) ولفظه: (عن أنس قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم دويًا فقال: يا جبريل، ما هذا؟! قال: ألقى حجر من شفير جهنم منذ سبعين خريفًا، الآن استقر في قعرها) قال أنس: (فما رئى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ضاحكًا إلا أن يتبسم).

وهو بهذا السياق عند ابن عدي في "الكامل"[2/ 247]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 919]، والبغوي في "شرح السنة"[8/ 9]، لكن دون قول أنس في آخره، وهو رواية لابن أبي شيبة [34148]، والبيهقي في "البعث والنشور"[رقم 467]، وهناد في "الزهد"[رقم 249].

قال البوصيري في "الإتحاف"[8/ 78]: "وفي سنده: يزيد الرقاشي؛ وهو ضعيف" وقال الهيثمى في "المجمع"[10/ 712]: "رواه أبو يعلى، وفيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح" وأقره المناوى في "الفيض"[5/ 308]، وقال في "التيسير بشرح الجامع الصغير" [2/ 592/ طبعة مكتبة الشافعي]:(إسناده ضعيف). =

ص: 42

4104 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا صالحٌ المرى، عن يزِيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، سمعه يقول:"إِنَّ الصَّدَقَة وَصِلَةَ الرَّحِمِ يزِيدُ اللَّهُ بِهَا فِي الْعُمُرِ، وَيَدْفَعُ بِهَا مِيتَةَ السُّوءِ، وَيَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا المكْرُوهَ وَالمحْذُورَ".

= قلتُ: وهو كما قالوا وزيادة، فقد غفلوا عن عنعنة أبي محمد سليمان بن مهران! وهو إمام في التدليس.

وللحديث شواهد عن معاذ بن جبل وأبى أمامة وأبى هريرة، وبريدة بن الحصيب وغيرهم، رلا يصح من ذلك شيء قط، وطرق هذه الشواهد إلى النكارة أقرب منها إلى مطلق الضعف، وفي الباب شواهد أخرى ولكن بنحو هذا اللغظ:(لو أن حجرًا قُذِفَ به في جنهم لَهَوَى سبعين خريفًا قبل أن يبلغ قعرها) دون ذكر السبع خلفات وشحومهن وأوَلادهن.

وهذه الشواهد مغموزة الأسانيد أيضًا، لكن أرجو أن يكون الحديث بها حسنًا إن شاء الله.

وسيأتى ذكر بعضها في تعليقنا على الحديث الآتى [برقم 7243]، وفي الباب أيضًا: عن جماعة من الصحابة نحو الرواية الثانية لحديث أنس، منها حديث أبي هريرة الآتى [برقم 6179]، وهو أصح تلك الأحاديث كلها.

4104 -

منكر بهذا التمام: هذا إسناد منكر جدًّا، وفيه علتان:

1 -

صالح المرِّى: هو ابن بشر القارئ الزاهد العابد الضعيف المخلِّط المشهور، لم يكن يدرى أيش الحديث، وقد تركه جماعة من النقاد لسوء حفظه؛ وكثرة المناكير في حديثه، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[8/ 277]، وهو قصور منه عن الرقاشي.

2 -

ويزيد الرقاشي: قريب حاله من صاحبه صالح المرى، وبه وحده أعله: البوصيري في "الإتحاف"[5/ 177]، فقال:"رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لضعف يزيد الرقاشي" وهو قصور منه هو الآخر.

والحديث ضعفه الحافظ في "الفتح"[10/ 416]، وقبله أشار المنذرى إلى تضعيفه في "الترغيب"[3/ 277].

وللحديث طرق أخرى عن يزيد الرقاشى عن أنس به

ولكن مفرقًا، وكذا له طرق كثيرة عن أنس به

مفرقًا أيضًا.

والثابت منها: هي الجملة المتعلقة بصلة الرحم فقط، فانظر الماضي [برقم 3609، 4097]، والآتى [برقم برقم 4123].

ص: 43

4105 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا صالحٌ، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، أن رسول الله، قال:"شَفَاعَتِى لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِى".

4106 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا صالحٌ المرى، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "إِنَّ اللَّهَ تَطَوَّلَ عَلَى أَهْلِ عَرَفَاتٍ، يُبَاهِى بِهِمُ الملائِكَةَ، يَقُولُ: يَا مَلائِكَتِى، انْظُرُوا إِلَى عِبَادِى شُعْثًا غُبْرًا، أَقْبَلُوا يَضْرِبُونَ إلَيَّ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَجَبْتُ دُعَاءَهُمْ، وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ، وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لمُحْسِنِهِمْ، وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنِيهِمْ جَمِيعَ مَا سَأَلُونِى غَيْرَ التَّبِعَاتِ الَتِى بَيْنَهُمْ، فَإِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ إِلَى جَمْعٍ وَوَقَفُوا وَعَادُوا فِي الرَّغْبَةِ وَالطَّلَبِ إِلَى اللَّهِ، يَقُولُ: يَا مَلائِكَتِى، عِبَادِى وَقَفُوا فَعَادُوا فِي الرَّغْبَةِ وَالطَّلَبِ، فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَجَبْتُ

4105 - صحيح: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"[2/ رقم 1132]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 777، 778]، والسلفي في "الطيوريات"[رقم 416]، و [رقم 677، 946]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 396]، وابن عدي في "الكامل"[1/ 349، 432]، و [2/ 200]، و [4/ 61، 100]، وابن عساكر في "تاريخه"[72/ 58]، وهناد في "الزهد"[رقم 188]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

ولفظ هناد: (إنما الشفاعة لأهل الكبائر) وهو رواية للسلفى في "الطيوريات" وزاد السلفى في رواية له، وكذا الخطيب: (لكل نبى شفاعة، وإني اختبأت شفاعتى لأهل

).

قلتُ: وسنده صحيح في المتابعات؛ ويزيد الرقاشي وإن كان لا يُحْتج به أصلًا، إلا أنه توبع عليه: تابعه جماعة على مثله عن أنس به

فانظر الماضي [برقم 3284]، والآتى [برقم 4304]، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة

يأتى بعضها [برقم 5813]، وهو حديث صحيح ثابت، فيه بُشْرَى للعصاة أمثالنا.

4106 -

منكر بهذا التمام: أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 239]، وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[رقم 2586]، من طريق صالح بن بشير المرِّى عن يزيد الرقاشي عن أنس به

قال البوصيري في "الإتحاف"[3/ 60]: "رواه أحمد بن منيع، وأبو يعلى

ومدار إسناديهما على يزيد الرقاشى، وهو ضعيف". =

ص: 44

دُعَاءَهُمْ، وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ، وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لمُحْسِنِهِمْ، وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيعَ مَا سأَلَنِى، وَكَفَلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِى بَيْنَهُمْ "

4107 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا صالحٌ، عن ثابتٍ، وجعفر بن زيدٍ، ويزيد الرقاشي، وميمون بن سياهٍ، عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَإِياكُمْ أَنْ يَطلُبَكمُ الله بِشَىْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ".

= قلتُ: وغفل عن صالح المري، وقد عاكسه صاحبه الهيتمى في "المجمع"[3/ 569]، فأعله بصالح المري وقال:"هو ضعيف" ثم غفل عن يزيد الرقاشي، ومتى اجتمع صالح مع الرقاشي في إسناده واحد، فاعلم أنه إسناد على شفا جرف هار، وللحديث طرق أخرى وشواهد بأكثره، ولا يصح منها شيء البتة، إنما ثبت من الحديث طرف من أوله فقط، كما شرحناه في "غرس الأشجار" وانظر الحديث الماضي [2090]، والحديث هنا منكر جدًّا بهذا السياق والتمام.

4107 -

صحيح: أخرجه ابن سمعون في "الأمالي"[رقم 337]، والطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 2814]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[6/ 173]، وابن عدي في "الكامل"[4/ 61]، وغيرهم من طرق عن صالح بن بشير المري عن يزيد بن أبان الرقاشي وثابت البناني وجعفر بن زيد وميمون بن سياه كلهم. عن أنس به ....

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن صالح إلا سعيد" يعنى سعيد بن أبي الربيع، وليس كما قال أصلًا، بل تابعه:

1 -

إبراهيم بن الحجاج عند المؤلف، وعنه ابن عدي.

2 -

وعبد العزيز بن السرى عند ابن سمعون.

3 -

وغسان بن مالك: عند البزار في "مسنده"[4/ رقم 3343/ كشف الأستار]، لكن وقع عنده غلط في سنده.

قال الهيثمى في "المجمع"[2/ 29]: "فيه صالح بن بشير المري، وهو ضعيف".

قلتُ: وسكت عن يزيد الرقاشي، ولم ينفرد به صالح المري، بل توبع عليه عن الرقاشي، وكذا عن ميمون بن سياه:

1 -

تابعه عن الأول: عتبة بن أبي حكيم به مثله

عند الطبراني في "مسند الشاميين"[1/ رقم 760]، لكن الإسناد إليه لا يثبت، ثم إن عتبة نفسه مختلف فيه، لكنه توبع عليه أيضًا:=

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تابعه حميد بن صخر عن يزيد الرقاشي عن أنس به بلفظ: (من صلى الغداة فأصيبت ذمته؛ فقد

استبيح حمى الله، وأخفرت ذمته، وأنا طالب بذمته).

أخرجه المؤلف [برقم 4125]- واللفظ له - وابن عدي في "الكامل"[2/ 275]، من طريقين عن حميد به .....

قلتُ: وحميد هذا مختلف فيه، وقد استنكر له ابن عدي هذا الحديث بذاك السياق، وأورده في ترجمته من "الكامل" وأشار المنذرى إلى تضعيفه في "الترغيب"[1/ 176]، بهذا اللفظ أيضًا، وأعاد الهيثمى ذكره في "المجمع"[2/ 29]، لاختلاف السياق، ثم أعله بيزيد الرقاشي، وتبعه صاحبه البوصيري في "الإتحاف"[1/ 114]؛ وأرى أن الرقاشي هو المضطرب في لفظه، والحديث صحيح محفوظ باللفظ الأول كما يأتى الإشارة إليه.

2 -

وتابعه عن ميمون بن سياه عن أنس به

: منصور بن سعد على مثل اللفظ الأول: عند البزار في "مسنده"[4/ رقم 3344/ كشف الأستار]، بإسناد صحيح إليه؛ وقد تصحَّف اسم أبيه (سعد) عند البزار إلى:(سعيد).

قال البزار: "لا نعلم رواه عن ميمون بن سياه إلا منصور" كذا قال، وقد تعقبه الهيثمى قائلًا:"قلتُ: قد رواه مثل هذا عن صالح المري عن ميمون".

قلتُ: وهو يشير إلى الطريق الأول؛ وعبارة الهيثمى فيها خلل، وهى تستقيم بحذف حرف (عن) قبل (صالح)، وأظنه وقع سهوًا من الناسخ، وصواب العبارة:"قد رواه مثل هذا: صالح المري عن ميمون" وربما كانت عبارة الهيثمى على الجادة: إذا كان مراده أن منصورًا قد رواه عن صالح المري عن ميمون، وهذا عندى بعيد؛ ثم إن منصورًا هذا ثقة مشهور من رجال البخاري والنسائي؛ وهو الملقب بـ (صاحب اللؤلؤ).

وشيخه ميمون بن سياه مختلف فيه؛ ضعفه أبو داود وابن معين وابن حبان والفسوى وغيرهم، ووثقه أبو حاتم الرازي - على تشدده جدًّا - وابن حبان - ثم تراجع - وقال الدارقطني:"يحتج به" وكذا أخرج له البخاري في "صحيحه" وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطئ" وقبله قال الذهبي في "الكاشف"[2/ 311]: "ورع تقى صدوق، وقد ضعفه ابن معين".

قلتُ: فهو متماسك إن شاء الله. فالإسناد صالح، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة

مضى بعضها [برقم 1526]، وهو حديث صحيح ثابت.

ص: 46

4108 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا صالحٌ، عن ثابتٍ، ويزيد الرقاشي، وميمون بن سياه، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِى أَنْ يَمُدَّ أَحَدُكُمْ يَدَيْهِ إِلَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ".

4108 - ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[4/ 61]، وأبو الحسين الثقفى في "جزء من فوائده"[رقم 38/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]، كلاهما من طريق المؤلف به ....

قلتُ: وسنده واه جدًّا، صالح المري إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، بل تركه جماعة على التحقيق، وكان كثير المناكير عن "الثقات" وغيرهم، حتى قال إبراهيم الحربي:"إذا أرسل فبالأحرى أن يصيب؛ وإذا أسند فاحذروه" ولم يحتج به من الجماعة سوى الترمذي وحده، لكن للحديث طرق أخرى عن أنس به

لا بأس إن تعرضنا لها: فنقول:

1 -

أخرج الحاكم [1/ 675]، من طريق عامر بن يساف عن حفص بن أخى أنس بن مالك عن أنس مرفوعًا: إن الله رحيم [بالأصل: (حى) وأراه تصحيفًا] كريم يستحى من عبده أن يرفع إليه يده، ثم لا يضع فيهما خيرًا) قال الحاكم:"إسناد صحيح" وتعقبه المنذري في "الترغيب"[2/ 316]، قائلًا:(وفي ذلك نظر).

قلت: وهذا النظر قد أفصح عنه الذهبى في "تلخيص المستدرك" قائلًا: "عامر - يعنى ابن يساف - ذو مناكير" وهو كما قال. وترجمة عامر في "اللسان"[1/ 206]، فالإسناد منكر ..

2 -

وأخرجه عبد الرزاق [3250]، نحو سياق المؤلف به

لكن دون قوله: (فيردهما خائبتين) فعنده مكانها: (حتى يجعل فيهما خيرًا) هكذا رواه من طريق معمر عن أبان عن أنس به ....

قلت: قد توبع عليه معمر: تابعه الفضيل بن عياض على نحوه عن أبان عند أبي نعيم في "الحلية"[1/ 131]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 492]، ومن طريق عبد الرزاق: أخرجه البغوي في "شرح السنة"[2/ 493].

ومداره على أبان وهو ابن أبي عياش الساقط المعروف، وقد تناوله شعبة شديدًا، فالإسناد تالف.

3 -

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"[رقم 204، 205]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 263]، من طرق مقدام بن داود عن حبيب كاتب مالك عن هشام بن سعد عن ربيعة أبي عبد الرحمن عن أنس به

نحوه

بلفظ: (إن الله جواد كريم يستحي من العبد المسلم إذا دعاه أن يرد يديه صفرًا ليس فيهما شيء، وإذا دعا العبد فأشاره بأصبعه، قال الرب: أخلص عبدي، =

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإذا رفع يديه قال الله: إنى أستحى من عبدي أن أرده) هذا سياق أبي نعيم، وهو عند الطبراني مُفرَّقًا في الموضعين.

قال أبو نعيم عقب روايته: "هذا حديث غريب من حديث ربيعة، لم نكتبه عاليًا إلا من "حديث حبيب عن هشام".

قلتُ: وهذا إسناد موضوع، مقدام بن داود تكلموا فيه بما تراه في تربخمته من "اللسان"[6/ 84]، وشيخه حبيب: هو ابن أبي حبيب المصرى المعروف بـ (كاتب مالك) الساقط المشهور، كذبه أبو داود بخط عريض، وقال ابن عدي:"يضع الحديث" وقد أثخنوه جراحًا، وقد شان ابن ماجه "سننه" بروايته عن مثل هذا الهالك وشيخه فشام بن سعد: مختلف فيه، وقد تصحف اسم أبيه (سعد) في "الحلية" إلى (سعيد).

4 -

ورواه صالح المري عن جعفر بن زيد عن أنس به

مثل سياق المؤلف عند ابن عدي في "الكامل"[4/ 61].

وصالح مضى أنه غير صالح - يعنى في الحديث؛ وإلا فهو عابد زهد قانت. لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة: مضى منها حديث جابر [برقم 1867]، وسنده واهٍ، وفي الباب عن علي بن أبي طالب وابن عمر وسلمان الفارسي وغيرهم، ولا يصح منها شيء البتة، بل كلها مناكير على التحقيق.

وحديث سلمان عند أبي داود والترمذي وجماعة، وقد صححه الحاكم وأقره العراقى وحسنه الترمذي، وقال الحافظ:"إسناده جيد" وكذا صححه الإمام الألباني وغيرهم، والمحفوظ فيه هو الموقوف على سلمان، ورفعه منكر.

وكان الموقوف له حكم الرفع؛ لكونه لا يصدر إلا عن توقيف كما يقول شيخ الإسلام في "بيان تلبيس الجهمية"[2/ 441]، ففى تلك القاعدة نزاع معروف قد شرحناه في "برهان الناقد" ولو صح هذا الكلام مطلقًا - وهو لا يصح - لما جاز إعماله في هذا الحديث بخصوصه أصلًا، لما رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"[رقم 156/ طبعة الحاشدى]، بسنده الصحيح عن عفان عن حماد عن ثابت وحميد وسعيد الجريرى عن أبي عثمان النهدى عن سلمان الفارسي أنه قال:(أجد في التوارة: أن الله حيى كريم، يستحي أن يرد يدين خائبتين سئل بهما خيرًا).

وهذا ظاهر جدًّا في رد دعوى التوقيف؛ لاستصحاب حكم الرفع في هذا الأثر الموقوف. =

ص: 48

4109 -

حَدَّثَنَا زهير بن حربٍ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا أبو العميس عتبة بن عبد الله، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَلا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ".

= • والحاصل: أن الحديث على شهرته: ليس له طريق ناهض تستشرف له النفس، وقد غاب عنى الآن: حكمى عليه عند حديث جابر الماضي عند المؤلف [برقم 1867]، فإنى كلما أنهيتُ جزءًا؛ بادرت إلى تسليمه للناشر؛ كى يقوم بصفه وترصيفه، ولم تصلنى (بروفة) الجزء الذي فيه تخريجى لحديث جابر الذكور، فإن كنت قد صححته أو قويته أو حسنته لنفسه أو لطرقه وشواهده، فأنا أتراجع عن ذلك هنا، وأرفع عقيرتي بضعف الحديث البتة، واللَّه يغفر لى خطاى وخطئى؛ وعجرى وبجرى. وهو المستعان.

4109 -

ضعيف بهذا التمام: أخرجه الطيالسي [2106]، والطبراني في "الدعاء"[رقم 485، 486]، والثعلبى في "تفسيره"[5/ 119]، والشجرى في "الأمالى"[1/ 205]، وابن أبي شيبة [29248]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 54] و [6/ 308]، والسلفى في "الطيوريات"[رقم 427]، وغيرهم من طرق عن يزيد الرقاشي عن أنس به

ولفظ السلفى: (عند آذان المؤذن يستجاب الدعاء؛ فإذا كان الإقامة لم ترد دعوة) وهو عند الشجري بشطره الثاني فقط، ولفظ الثعلبي:(إذا كان عند الأذان فتحت أبواب السماء؛ فاستجيب الدعاء، وإذا كان عند الإقامة: لم يرد دعواه) ومثله لفظ ابن أبي شيبة؛ وهو عند أبي نعيم بشطره الأول فقط، وزاد عليه:(واستجيب الدعاء) وعنده: (إذا نودي للصلاة) بدل: (إذا أذن المؤذن) ومثله عند الطيالسي وزاد: (قال يزيد - يعني الرقاشي - وكان يقال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد) وهو عند البغوي في "شرح السنة"[1/ 326]، بلفظ:(إذا نادى المنادى فتحت أبواب السماء، وأبواب الجنة).

قلتُ: وهذا إسناد منكر، ويزيد الرقاشي مضى غير مرة أنه شيخ غلبه الزهد والتحنث على ضبط حديثه، فراح يحدث كيفما اتفق له؛ فأتى بالعجائب والمنكرات، وبلغ من شدة تخليطه: أنه ربما سمع الحسن البصري يقول قولًا حكيمًا؛ أو موعظة بليغة؛ فلغفلته يجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن حبان.

وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 95]، والبوصيري في "الإتحاف"[1/ 134].

ولشطره الأول: طرق أخرى عن أنس لا يصح منها شيء، فانظر الماضي [برقم 4072]. =

ص: 49

4110 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا موسى بن عبيدة، حدثنى يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَا مِنْ بُقْعَةٍ يُذْكَرُ اللَّهُ عَلَيْهَا بِصَلاةٍ أَوْ بِذِكْرٍ إِلَّا اسْتَبْشَرَتْ بِذَلِكَ إِلَى مُنْتَهَاهَا مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَفَخَرَتْ عَلَى مَا حَوْلَهَا مِنَ الْبِقَاعِ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَقومُ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ يرِيدُ الصَّلاةَ إِلَّا تَزَخْرَفَتْ لَهُ الأَرْضُ".

= أما شطره الثاني: فهو الثابت في هذا الباب كما مضى بيانه عند المؤلف [برقم 3680]، وكذا في الآتى [برقم 4147]، واللَّه المستعان.

4110 -

منكر: أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"[5/ 1713]، وابن المبارك في "الزهد"[رقم 339]، وغسان بن عليّ السيال فيما سمعه من الحافظ الخليلى كما في "تاريخ قزوين"[2/ 2]، وغيرهم من طرق عن موسى بن عبيدة الربذى عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

نحوه

وليس عند أبي الشيخ قوله: (وما من عبد يقوم بفلاة

إلخ).

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه البيهقي في "الشعب" كما في "الفيض" للمناوى [5/ 475].

قال البوصيري في "إتحاف الخيرة"[6/ 127]، بعد أن عزاه للمؤلف، وابن أبي عمر في "مسنده" قال:"قلتُ: مدار إسناد حديث أنس هذا على يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف، وكذا الراوى عنه" وافتصر صاحبه الهيثمي في "المجمع"[10/ 81]، على إعلاله بموسى بن عبيدة وحده، وأقره المناوى في "فيضه"[5/ 475]، وهو قصور.

وموسى وشيخه: ما أقربهما في سوء الحال، وكلاهما منكر الحديث، وقد أشار المنذرى إلى تضعيف هذا الحديث في "ترغيبه"[1/ 162]، وله شاهد بنحوه من رواية ابن عباس مرفوعًا: دون الفقرة الأخيرة: (وما من عبد يقوم بفلاة

إلخ).

أخرجه الطبراني في "الكبير"[11/ 11470]، من طريق أبي جعفر الحضرمى الحافظ عن أحمد بن بكر البالسي عن محمد بن مصعب القرقساني عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس به ..

قال الهيثمي في "المجمع"[10/ 81]: (رواه الطبراني، وفيه أحمد بن بكر البالسي، وهو ضعيف جدًّا).

قلتُ: بل رماه الحافظ الأزدي بوضع الحديث، راجع ترجمته في "اللسان"[1/ 140]، وشيخه القرقساني تكلموا فيه هو الآخر، حتى ضعفه جماعة في الأوزاعي خاصة، راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله".

ص: 50

4111 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا روحٌ، حدّثنا الربيع بن صبيحٍ، ومرزوقٌ أبو عبد الله الشامى، قالا: حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر.

4111 - صحيح: أخرجه الطيالسي [2105]، والطحاوي في "شرح المعاني"[2/ 245]، والحارث في "مسنده"[رقم 348/ زوائده]، و [رقم 349]، وابن أبي عروبة في "مناسكه"[رقم 118]، وابن منيع في "مسنده" كما في "المطالب"[رقم 1145]، والخطيب في "الكفاية"[2/ رقم 1292/ طبعة دار الهدى]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به.

ولفظ الطيالسي: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم ستة أيام من السنة: ثلاث أيام من التشريق، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم الجمعة مختصة من الأيام) ولفظ الطحاوي مثل لفظ المولف؛ وهو رواية للحارث، ولفظ ابن منيع أيضًا

ومثلهم الخطيب، لكن ليس عنده:(الثلاثة بعد يوم النحر).

ولفظ ابن أبي عروبة: (عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيام: يوم الفطر، ويوم النحر، وأيام التشريق) وهو رواية للحارث، وكذا المؤلف تأتى [برقم 4117].

قال الهيثمي في "المجمع"[3/ 461]: "رواه أبو يعلى، وهو ضعيف من طرقه كلها".

قلتُ: ولم يفصح عن سبب ضعفه، وأفصح عنه صاحبه البوصيري، وأعله بيزيد الرقاشي في "إتحاف الخيرة" [3/ 33]: وقال: "وهو ضعيف" وهو كما قال، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة تصححه بلا تردد، وقد استوفيناها في "غرس الأشجار" ومضى بعضها [برقم 461، 1143، 2913]، ويأتى بعض آخر [برقم 5913، 6024]، وانظر "الصحيحة"[رقم 2398].

• تنبيه: وقع في سند المؤلف في الطبعتين: (ومسروق أبو عبد الله السامى) كذا، وهو تصحيف ظاهر.

• وصوابه: (مرزوق أبو عبد الله الشامى) كما أثبتناه؛ وهكذا وقع عند الحارث [رقم 349/ زوائده]، والطحاوي وابن منيع على الصواب؛ وكذا نقله الحافظ عن المؤلف في (المطالب) فانتبه.

ص: 51

4112 -

حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجاج السامى، حدّثنا حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي، فأخذ جبريل بثوبه، فقال:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].

4113 -

حَدَّثَنَا أبو معمرٍ إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن جعفر، عن واقد بن سلامة، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"منْ مَاتَ ليَومَ الجمُعَةِ وُقِىَ عَذَابَ الْقَبْرِ".

4112 - منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[7/ 257]، والطبري في "تفسيره"[6/ 439]، وغيرهما من طريقين عن حماد بن سلمة عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به ....

قلتُ: هذا إسناد منكر، وحديث منكر، قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" [4/ 195/ طبعة مكتبة الرشد]:"رواه أبو يعلى الحافظ في "مسنده" من حديث يزيد الرقاشي، وهو ضعيف".

وبه أعله الهيثمي في "المجمع"[3/ 42]، والبوصيري في "الإتحاف"[2/ 143]، وقال الحافظ في المطالب:[رقم 3717]: "هذا حديث ضعيف؛ وقد خالف يزيد - يعنى الرقاشي - فيه مع ضعفه: ما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عمر: أنه - يعنى النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه، وأن الآية إنما نزلت بعد ذلك".

قلت: وهو كما قال.

4113 -

ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[7/ 92]، من طريق المؤلف به

قلتُ: وهذا إسناد تالف جدًّا، بل ومسلسل بـ "الضعفاء":

1 -

فعبد الله بن جعفر: لا أراه إلا السعدى أبا جعفر المدينى - والد عليّ بن المدينى - الضعيف المشهور، وأبو معمر الهذلي مشهور بالرواية عنه.

2 -

وواقد - ويقال: وافد (بالفاء الموحدة) - بن سلامة: ضعفه جماعة كما في "اللسان"[6/ 215]، بل قال ابن حبان في "المجروحين" [3/ 85]:"منكر الحديث على قلة روايته، يأتى بأشياء موضوعة عن أقوام ضعفاء".

قلتُ: مثل يزيد الرقاشي - فلا يتهيأ إلزاق القدح به دونهم؛ بل التنكب بروايته عن الاحتجاج أولى. =

ص: 52

4114 -

حَدَّثَنَا أبو هشامٍ الرفاعي، حدّثنا المحاربي، عن ليث، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فِي الْيَوْمِ عَشْر مَرَّاتٍ مِنَ الشَّيْطَانِ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يَرُدُّ عَنْهُ الشَّيَاطِينَ".

= قلتُ: وفي ترجمته: ساق له ابن عدي هذا الحديث من "الكامل".

3 -

ويزيد الرقاشي: منكر الحديث على التحقيق، ما أشبهه بـ (صالح المري) و (ابن جدعان) و (زبان بن فائد) وأضراب هؤلاء، وبه وحده: أعل البوصيري هذا الحديث في "إتحاف الخيرة"[2/ 130]، وقبله صاحبه الهيثمي في "المجمع"[3/ 58]، وهو قصور منهما وقعا فيه كثيرًا، وللحديث طريق آخر عن أنس مرفوعًا بلفظ:(لا ينجو من ضغطة القبر إلا شهيد أو مصلوب أو من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة).

أخرجه أبو محمد ابن عساكر - ولد أبي القاسم - في "تعزية المسلم لأخيها"[ص 79/ رقم 109]، بإسناد فيه من لا أعرف، عن الحسين بن علوان عن أبان بن أبي عياش عن أنس به

قلتُ: وهذا إسناد موضوع، حسين بن علوان كذبه ابن معين والأزدى وغيرهما، ورماه صالح جزرة وابن عدي وابن حبان وغيرهم بالوضع، وأسقطه سائر النقاد فسقط على أم رأسه وهو من رجال "اللسان" وشيخه أبان متروك عندهم هو الآخر، وقد تناوله شعبة شديدًا.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة: لا يصح منها شي قط، وأكثرها مناكير وغرائب، ومن قوي هذا الحديث بها فقد تساهل كما شرحناه في "غرس الأشجار".

4114 -

منكر: هذا إسناد ساقط مثل الذي قبله، أبو هشام الرفاعى هو: محمد بن يزيد الضعيف المعروف، ولم يخرج له مسلم إلا ما توبع عليه، وشيخه المحاربي هو عبد الرحمن بن محمد الصدوق المتماسك المشهور؛ لكن رماه أحمد والعجلى وغيرهما بالتدليس، وقد عنعنه كما ترى، وشيخه الليث، وما أدراك ما الليث؟! هو ابن أبي سليم الضعيف المخلِّط المختلط صاحب المناكير والعجائب، ويزيد الرقاشي هو ذالك العابد الزاهد القانت الذي لم يكن له في الحديث حظ، وهو أقرب بالليث من غيره في سوء الحظ، وكثرة المناكير، وعليهما فقط: اقتصر الهيثمي في إعلاله هذا الحديث في "المجمع"[10/ 209].

أما صاحبه البوصيري: فإنه ضعف سنده في "إتحاف الخيرة"[6/ 171]، ولم يذكر علَّته. وقد اختلف في هذا الحديث على الليث، فرواه عن المحاربى كما مضى؛ =

ص: 53

4115 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا روح بن المسيب، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شَفَاعَتِى لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِى"، قال:

= وخالفه إسماعيل بن عياش، فرواه عن الليث فقال: عن داود البصري عن أنس بن مالك به نحوه

، فأسقط منه أيزيد الرقاشى) وأبدله بـ (داود البصري).

هكذا أخرجه الأزدى في "الضعفاء" كما في "اللسان"[2/ 426]، وإسماعيل روايته عن غير أهل بلده متكلم فيها، وهذه منها، لكنه توبع عليه، تابعه حبان بن عليّ العنزى عن ليث عن أنس به مثله

وزاد: (كما يذود أحدكم عن حوضه غريبة الإبل).

هكذا أخرجه تمام في "فوائده"[رقم 834]، ومن طربقه ابن طولون في الأحاديث المائة [ص 24 - 25]، بإسناد فيه من لم أعرف إلى حبان ابن عليّ به ....

قلتُ: وحبان هذا ضعيف على صلاحه وفضله، بل تركه الدارقطني وغيره، ثم إن داود البصري هذا الذي يروى عن أنس وعنه الليث: قد قال عنه الأزدى: "متروك الحديث" ثم ساق له هذا الحديث في ترجمته من "الضعفاء" كما في "اللسان"[2/ 326]، ثم رأيت ابن شاهين: قد أخرج هذا الحديث مثل اللفظ الماضى في "جزء من حديثه"[رقم 40]، من طريق محمد بن عبد الأعلى الصنعاني عن الفضل بن العلاء عن الليث عن داود بن أبي هند عن أنس به ....

قلتُ: وهذا إسناد جيد إلى الليث، فكأنه قد اضطرب فيه على عادته، وداود البصري في الطريق الماضي: قد نسب هنا بكونه ابن أبي هند، وهو بصرى مشهور؛ لكنه لم يسمع من أنس كما جزم به الحاكم، ولا وقع اسمه مبهمًا في الطرق الماضي: لم يفطن له الأزدي وظنه آخر، فأورده في كتابه في "الضعفاء" وقال:"متروك الحديث" ثم ساق له هذا الخبر، وكأنه استنكره؛ فلم يجد في الإسناد من يحمل عليه سواه، فقال فيه ما قاله، وأقره الذهبي في "الميزان" وتابعه الحافظ في "اللسان" مع أن في الطريق إليه ما يمنع من تعصيب الجناية برقبته وحده؛ لو سلمنا كونه مجهولًا لا يعرف إلا بهذا الحديث، والليث بن أبي سليم - راويه عنه - هو الأولى بالحمل عليه ولا بد، إذا ظهر أن داود البصري هذا هو ابن أبي هند الإمام الحافظ الجليل، كما وقع منسوبًا عند ابن شاهين فيما مضى.

وعلى كل حال: فالحديث منكر المتن والإسناد، واللَّه المستعان.

4115 -

صحيح المرفوع منه فقط: هذا إسناد ساقط، وروح بن المسيب ضعفه جماعة، وحمل عليه ابن حبان، راجع ترجمته في "اللسان"[1/ 299]، وشيخه الرقاشي منكر الحديث كما مضى مرارًا. =

ص: 54

فقال: تصديق هذا في القرآن، قال: فقرأ علينا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)} [النساء: 31]، فهؤلاء الذين يجتنبون الكبائر، وهؤلاء الذين واقعوا الكبائر بقيت لهم شفاعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قال: فقال يزيد لأنسٍ: صدقت.

= وقد اختلف على روح بن المسيب في سنده، فرواه عنه ابن أبي إسرائيل كما مضى، وخالفه الحسن بن عيسى الحربى، فرواه عنه فقال: عن يزيد الرشك عن أنس بالمرفوع منه فقط، فأسقط منه (الرقاشي) وأبدله بـ (الرشك).

هكذا أخرجه الطبراني في "الصغير"[2/ رقم 1101]، وفي "الأوسط"[9/ رقم 9177]، من طريق مورع بن عبد الله عن الحسن الحربى به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد الرشك عن أنس؛ إلا روح بن المسيب، تفرد به الحسن بن عيسى".

قلتُ: والحسن هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 174]، وقال:"كان يخطئ أحيانًا" فلعله وهم فيه، كأنه أراد أن يقول: (عن روح بن المسيب عن يزيد الرقاشي

) فقال: (عن يزيد الرشك) فأبدل ضعيفًا بثقة، وقد يكون الوهم فيه من الراوى عنه:(مورع بن عبد الله)، فإنى لم أظفر له بترجمة، وأراه من أغمار مشيخة الطبراني، وقد يكون روح بن المسيب قد اضطرب فيه.

وقد رأيت ابن عدي قد أخرج هذا الحديث في "الكامل"[3/ 143]، من طريق المؤلف به

ثم قال: "وهذا رواه [بالأصل: (روى)] عن يزيد الرقاشي مع روح غيره؛ إلا أن التفسير لم يذكره غيره".

قلتُ: يقصد أن الحديث مشهور عن يزيد الرقاشي عن أنس بالمرفوع منه فقط؛ أما سائره من قول أنس: فقد تفرد به روح بن المسيب، وهو ضعيف صاحب مناكير.

وللحديث طريق آخر عن أنس بالمرفوع منه فقط وزاد: (وتلا - يعنى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)}.

هكذا أخرجه البيهقي في "الاعتقاد"[ص 202/ طبعة دار الآفاق]، من طريق إبراهيم بن ديزيل عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن أنس. =

ص: 55

4116 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حيان، حدّثنا درست بن زياد، حدّثنا يزيد الرقاشي، حدّثنا أنس بن مالكٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ".

= قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات مشاهير، لكن رأيت ابن أبي حاتم قد قال في "العلل" [رقم 1729]: "وسألت أبي عن حديث رواه عبد الله بن أبي بكر المقدمي عن جعفر بن سليمان الضبعى عن مالك بن دينار عن أنس

" وساق الحديث، ثم قال: "سمعت أبي يقول: هذا حديث منكر" ..

قلتُ: هكذا وقع

عنده: (عبد الله بن أبي بكر المقدمي) بدل: (محمد بن أبي بكر) وأراه الصواب إن شاء الله؛ لأن عبد الله بن أبي بكر هو المشهور بالرواية عن جعفر بن سليمان دون أخيه محمد بن أبي بكر، فالظاهر أن (عبد الله) قد تحرفت إلى (محمد) في مطبوعة "الاعتقاد" للبيهقى، أو ربما كان ذلك وقع وهمًا من بعضهم، وعبد الله هذا منكر الحديث على التحقيق: وقد ضعفه جماهير النقاد، راجع ترجمته في "اللسان"[3/ 263]، ورأيت الذهبى قد ذكر له هذا الحديث في ترجمته من "الميزان" ونقل قول أبي حاتم فيه؛ وهذا يؤيد أنه صاحب هذا الحديث عن جعفر عن سليمان؛ وليس أخوه محمد - الثقة المأمون - كما وقع عند البيهقي.

ثم إن الحديث بهذا التمام منكر كما قال أبو حاتم، والمحفوظ: هو المرفوع منه فقط؛ فله طرق كثيرة عن أنس؛ وشواهد عن جماعة من الصحابة. فانظر الماضي [برقم 3284، 4105]، والآتى [برقم 4304، 5813]، وهو حديث صحيح ثابت ..

4116 -

صحيح دون قوله: (عقيران) أخرجه الطيالسي [2103]، وابن عدي في "الكامل"[3/ 102]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 293]، ومن طريقه ابن الجوزي في "المتناهية"[1/ 46 - 47]، وفي "الموضوعات"[1/ 140]، والطحاوي في "المشكل"[1/ 101 - 102]، وغيرهم من طرق عن درست بن زياد عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به ....

قلتُ: وهذا إسناد مظلم، قال البوصيري في "الإتحاف" [8/ 82]:"رواه أبو داود الطيالسي ومسدد وأبو يعلى الموصلي، ومدار أسانيدهم على يزيد الرقاشي وهو ضعيف" وقبله قال ابن كثير في "تفسيره"[8/ 329]، هذا حديث ضعيف؛ لأن يزيد الرقاشي ضعيف) كذا قالا، وسكتا عن (درست بن زياد) قال ابن الجوزي عقب روايته في "المتناهية":"يزيد - يعنى الرقاشي - ليس بشئ، قال ابن حبان: درست منكر الحديث، لا يحل الاحتجاج به". =

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا الحديث ساقه ابن عدي وابن حبان كلاهما في ترجمة (درست) من "الضعفاء" وكذا أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وأعله بـ (درست) ونقل كلام ابن حبان الماضى، وزاد:"وقال يحيى - يعنى ابن معين: لا شيء" وقد تعقبه السيوطي في "اللألئ المصنوعة"[1/ 75]، قائلًا عن درست: قلتُ: لم يتهم بكذب، بل قال النسائي: ليس بالقوى، وقال الدارقطني: ضعيف، ووثقه ابن عدي فقال: أرجو أنه لا بأس به".

قلتُ: درست هذا وإن لم يرم بالكذب صراحة؛ إلا أنه ساقط الحديث، وهَّاه أبو زرعة وجماعة، وكان صاحب مناكير لا تطاق، أما ابن عدي فلم يوثقه كما زعم السيوطي، بل قال: "أرجو أنه لا بأس به

" وهذا منه ليس تقوية لحال درست؛ فضلًا عن أن يكون توثيقًا، بل قال الإمام المعلمي اليماني في "تعليقه على الفوائد المجموعة" [ص 410/ طبعة دار الآثار]؛ "وابن عدي يذكر منكرات الراوي ثم يقول: أرجو أنه لا بأس به، يعنى بالبأس: تعمد الكذب، ودرست واهٍ جدًّا" ..

قلتُ: لكن درست لم ينفرد به، فقال السيوطي في "اللألئ" [1/ 75]: "وله متابع جليل: قال أبو الشيخ: حدّثنا أبو معشر الدارمى، حدّثنا هدبة حدّثنا حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي به

".

قلتُ: هو عند أبي الشيخ في "العظمة"[4/ 1159]، وسنده صحيح إلى حماد بن سلمة، وهو متابع جليل كما قال السيوطي؛ لكن قال المعلمي في "حاشية الفوائد المجموعة" [ص 410]:"في سند المتابعة من لم أعرف" كذا قال، وليس في الإسناد من يخفى حاله سوى أبي معشر الدارمي، وهو الحسن بن سليمان بن نافع البصري نزيل بغداد، ترجمه الخطيب في "تاريخه"[7/ 327]، ونقل توثيقه عن الدارقطني؛ وقبل ذلك نص على روايته عن (هدبة بن خالد) ثم قال الإمام المعلمي:"مردود الخبر إلى يزيد الرقاشي، وهو واهٍ جدًّا ليس بشئ في الرواية".

قلتُ: وهو كما قال، لكن الحديث صحيح ثابت دون قوله:(عقيران) فله شاهد عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: (الشمس والقمر ثوران مكوران يوم القيامة) أخرجه الطحاوى في "المشكل"[1/ 101]، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[2/ 63]، والبيهقي في "البعث" كما في "اللألئ المصنوعة"[1/ 75 - 76]، والبزار في "مسنده" والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[6/ 299]، وغيرهم من طرق عن عبد العزيز بن المختار عن عبد الله الداناج عن أبي سلمة عن أبي هريرة به

=

ص: 57

4117 -

حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حيان، حدّثنا كهمس بن المنهال، حدّثنا سعيد بي عروبة، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيامٍ السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وأيام التشريق.

= قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ بل هو في "صحيح البخاري"[3028]، من هذا الطريق به

لكن مختصرًا بلفظ: (الشمس والقمر مكوران يوم القيامة) قال الإمام الألبانى في "الصحيحة": [1/ 192/ رقم 124]، بعد أن أعل حديث أنس بـ (يزيد الرقاشي):"قد أساء ابن الجوزى بإيراده لحديثه في "الموضوعات"، على أنه قد تناقض، فقد أورده أيضًا في "الواهيات" يعنى الأحاديث الواهية غير الموضوعة، وكل ذلك سهو منه عن حديث أبي هريرة هذا الصحيح

".

قلتُ: قد يعتذر لابن الجوزي: بكونه أورد حديث يزيد الرقاشي في "الموضوعات"؛ لكونه فيه زيادة ليست في حديث أبي هريرة، وهى قوله:(عقيران) فإن الحديث صحيح دونها.

• تنبيهان:

الأول: عزا الحافظ هذا الحديث من رواية أنس إلى المؤلف في "الفتح"[6/ 300]، فقال بعد أن تكلم على حديث أبي هريرة:"وأخرج أبو يعلى معناه من حديث أنس وفيه "ليراهما من عبدهما".

قلتُ: وليست هذه الزيادة عند المؤلف هنا، ولا في "مسنده" هذا كله، فلعله رواها في "مسنده الكبير".

والثانى: عزا السيوطي حديث أنس في "الجامع الصغير"[رقم 4949]، إلى ابن مردويه في "تفسيره" مثل لفظ المؤلف، إلا أنه زاد:(إن شاء أخرجهما، وإن شاء تركهما) وهذه الزيادة لم أقف عليها عند غيره، ولا أدرى: هل الحديث عنده من طريق يزيد الرقاشي عن أنس أم ماذا؟! و"تفسير ابن مردويه" مما أصبح أثرًا بعد عين، فقد عفى عليه الزمان؛ وما أدرى ما صنع به الحدثان، إذ لم تره العيون منذ عصر السيوطي حتى الآن؛ وابن كثير كثير النقل منه بأسانيده في (تفسيره)، وهو من (مسموعات) الحافظ ابن حجر في "المعجم المفهرس" واللَّه المستعان.

4117 -

صحيح: مضى الكلام عليه قريبًا [برقم 4111]، وقد اختلف في سنده على ابن أبي عروبة كما مضى [برقم 2913]. =

ص: 58

4118 -

حَدَّثَنَا قطن بن نسير الغبرى، حدّثنا عبيس بن ميمونٍ القرشى، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُقْرَأَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي لَيْلَةٍ؟! فَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرآنِ".

4118 - صحيح دون قوله: (ثلاث مرات): أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1441]، من طريق إبراهيم بن مهدى عن عبيس [وقع عنده:(عيسى) وهو تصحيف] بن ميمون عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به ....

قلتُ: وهذا إسناد مظلم، عبيس بن ميمون تركه ابن معين والفلاس وغيرهما، وقال أحمد:"له أحاديث مناكير" وقال أبو حاتم والبخاري: "منكر الحديث" وقال ابن حبان: "كان شيخًا مغفلًا يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات توهمًا لا تعمدًا، فإذا سمعها أهل العلم سبق إلى قلوبهم أنه كان المتعمد لها" وهو من رجال ابن ماجه وحده، وبه أعله الهيثمي في "المجمع"[7/ 308]، فقال:"رواه أبو يعلى، وفيه عبيس وهو متروك" وسها عن شيخه يزيد الرقاشي، وهو منكر الحديث في حد الترك، وبه وحده أعله البوصيري في "الإتحاف"[6/ 104]، وهو قصور منه هو الآخر، وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه

:

1 -

منها: ما أخرجه ابن ماجه [3788]، والطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 5730]، وابن عدي في "الكامل"[25/ 126]، و [2/ 127]، وابن المقرئ في "المعجم"[رقم 909]، والضياء في "المختارة"[رقم 2464، 2465]، و [رقم 2466]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس مرفوعًا:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} : تعدل ثلث القرآن).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن جرير بن حازم إلا يزيد بن هارون " ..

قلتُ: قد تابعه وهب بن جرير عن أبيه به

كما أشار ابن عدي في "الكامل" لكنه أنكره من حديث وهب، ثم إنه ساق هذا الحديث مع جملة أخرى في ترجمة جرير بن حازم من "الكامل" ثم قال:"وهذه الأحاديث عن قتادة عن أنس التى أمليتها لا يتابع جريرًا أحد إلا حديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يمد صوته بالقراءة" فإنه رواه همام أيضًا عن قتادة" ثم قال في ختام ترجمة جرير: [2/ 130]: "وجرير بن حازم له أحاديث كثيرة عن مشايخه وهو مستقيم الحديث صالح فيه، إلا روايته عن قتادة؛ فإنه يروى أشياء عن قتادة لا يرويها غيره

". =

ص: 59

4119 -

حَدَّثَنَا محمد بن بحرٍ، حدّثنا المعلى بن ميمونٍ المجاشعى، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَلْطَفَ مُؤْمِنًا أَوْ خَفَّ لَهُ فِي شَىْءٍ، مِنْ حَوَائِجِهِ، صَغُرَ ذَاكَ أَوْ كَبُرَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُخْدِمَهُ مِنْ خَدَمِ الجَنَّةِ".

4120 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، عن حميد بن صخرٍ، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فَأُصِيبَتْ ذِمَّتُهُ، فَقَدِ اسْتُبِيحَ حِمَى اللَّهِ وَأَخْفِرَتْ ذِمَّتُهُ، وَأَنَا طَالِبٌ بِذِمَّتِهِ".

= قلتُ: قد تكلم النقاد في رواية جرير عن قتادة، حتى ضعفه ابن معين فيه خاصة، وقال أحمد:"كان يحدث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل".

وقال ابن مهدى: (يضعف في حديثه عن قتادة) فالإسناد من هذا الطريق منكر، وقد خولف فيه جرير بن حازم: خالفه شعبة وابن أبي عروبة وأبان العطار وسعيد بن بشير وبكير بن أبي السمط وغيرهم، فرووه عن قتادة فقالوا: عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء مرفوعًا: (أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟! قيل: يا رسول الله: ومن يطيق ذلك؟! قال: يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}.

هكذا أخرجه عبد بن حميد [211]- واللفظ له - ومسلم، والنسائي في "الكبرى" وأحمد وجماعة كثيرة؛ وهذا الوجه هو المحفوظ عن قتادة بلا ارتياب، وسنده صحيح حجة، وقد صرح قتادة بالسماع عند عبد بن حميد وغيره.

وللحديث شواهد باللفظ الأول: لا يصح منها شيء، فانظر الكلام على بعضها في "الضعيفة"[10/ 153]، للإمام، والحديث محفوظ دون لفظ:(ثلاث مرات).

• تنبيه: رأيت ابن كثير قد أورد هذا الحديث من طريق المؤلف في "تفسيره"[8/ 523/ طبعة دار طيبة]، وقال:"هذا إسناد ضعيف" وقد تصحف عنده (عبيس بن ميمون) إلى (عيسى بن ميمون).

4119 -

منكر: انظر الماضي [برقم 4093].

4120 -

منكر بهذا اللفظ: مضى الكلام عليه [رقم 4107].

ص: 60

4121 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا حجاجٌ، عن الربيع بن صبيحٍ، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَجٌ - وَرُبَّمَا قَالَ -: كَأَنَّهُ جَمَلٌ - فَيَقُولُ: ابْنَ آدَمَ، أَنَا خَيْرُ قَسِيمٍ، انْظُرْ إِلَى عَمَلِكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ لِي فَأَنَا أَجْزِيكَ، وَانْظُرْ إِلَى عَمَلِكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ لِغَيْرِى فَيُجَازِيكَ عَلَى الَّذِي عَمِلْتَ لَهُ".

4122 -

حَدَّثَنَا إِلسْحَاقُ بْنُ أبِى إِسْرَائِيلَ، حدَّثنا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ

4121 - منكر بهذا السياق: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[6/ 310]، من طريق المؤلف به .... قال أبو نعيم: "

وأحاديث الربيع

عن يزيد الرقاشي منها غرائب، ومنها مشاهير".

قلت: والربيع بن صبيح كان سيئ الحفظ على صلاحه وتهجده؛ وقد ضعفه جماعة؛ وشيخه يزيد الرقاشي: إلى الترك ما هو، وبه وحده أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[1/ 66]، فقال:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان الرقاشي".

أما صاحبه الهيثمي فقد أغرب وقال في "المجمع"[10/ 380]: "رواه أبو يعلى، وفيه مدلسون" كذا قال، وليس في إسناده من وصف بالتدليس سوى الربيع بن صبيح وحده، وحجاج في سنده: هو ابن محمد المصيصي أبو محمد الأعور الثقة المشهور.

وللحديث طريق آخر: يرويه إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن البصري عن أنس به نحوه

عند هناد في "الزهد"[2/ رقم 854]، وهذا إسناد منكر، وإسماعيل قد تركه جماعة، وضعفه آخرون، وقد اضطرب في متنه أيضًا، كما تراه عند الترمذي [2427]، وجماعة.

وقد خولف في وصله، خالفه "الثقات" من أصحاب الحسن، فرووه عنه به مرسلًا ليس فيه أنس، وهذا هو المحفوظ عنه؛ والرواية المرسلة عند أسد السنة في "الزهد"[رقم 82]، والحسين بن حرب في "زوائده على زهد ابن المبارك"[رقم 1009]، وابن أبي حاتم في "تفسيره"[رقم 7672]، وغيرهم.

لكن للفقرة الثانية من الحديث شواهد يتقوى بها إن شاء الله؛ وهو منكر بهذا السياق والتمام.

4122 -

منكر: أخرجه ابن ماجه [2700]، والطيالسي [2112]، وأبو سليمان الربعى في وصايا العلماء [ص 24]، وابن عدي في "الكامل"[3/ 101 - 102]، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل"[2/ 893]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 294]، ومسدد في "مسنده" =

ص: 61

الرَّقَاشِيُّ، حدَّثنا أنَسُ بْنُ مَالكِ، قَالَ: كُنَّا عنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَاتَ فُلانٌ، قَالَ، "أَلَيْسَ كَانَ مَعَنَا آنِفًا"؟ قَالُوَا: بَلَى، قَالَ:"سُبْحَانَ اللَّهِ، كَأنَّهَا إِخْذَةٌ عَلَى غَضَبٍ! المحْرُومُ مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ".

4123 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا حماد، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مِالكٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَرَّهُ النَّسَاءُ فِي أَجَلِهِ، وَالزِّيَادَةُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَصِلْ رحِمه".

4124 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا حمادٌ، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنسٍ،

= كما في "إتحاف الخيرة"[3/ 131]، وغيرهم من طرق عن درست بن زياد عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

وهو عند ابن ماجه بجملة: "المحروم من حرم وصيته".

قال المنذري في "الترغيب"[4/ 169]: (رواه أبو يعلى بإسناد حسن)، وتابعه الهيثمي على ذلك في "المجمع"[4/ 381].

قلتُ: وهذا منهما تساهل فاحش، وكيف زاغ بصرهما عن درست وشيخه؟! وهما يعلان الأخبار بهما كثيرًا! وقد أصاب ابن الجوزي حيث قال يعل الحديث:"أما حديث أنس: ففى الطريق الأول: يزيد الرقاشي وهو غاية الضعف عندهم، وفيه درست، قال يحيى - يعنى ابن معين -: لا شيء، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به".

قلتُ: واقتصر البوصيري على إعلاله بـ (يزيد الرقاشي) وحده، في "مصباح الزجاجة"، وكذا في "الإتحاف"[3/ 131]، وهو منه قصور، والراوى عن الرقاشي مثله أو أشد، والحديث عزاه الحافظ في "الفتح"[3/ 254]، إلى ابن أبي الدنيا في "كتاب الموت" مثل لفظ ابن ماجه

وسكت عليه.

4123 -

صحيح: مضى قريبًا [برقم 4097].

4124 -

صحيح: أخرجه الحارث في "مسنده"[رقم 105/ زوائد الهيثمي]، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[رقم 193]، وغيرهما من طريقين عن حماد بن زيد عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

قلتُ: وهذا إسناد منكر؛ قال البوصيري في "الإتحاف"[1/ 116]: "مدار حديث أنس بن مالك على يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف" وكذا أعله الهيثمي في "المجمع"[2/ 15]، =

ص: 62

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ دِينِهِمُ الصَّلاةُ، وَآخِرَ مَا يَبْقَى الصَّلاةُ، وَأَوَّلَ مَا يُحَاسَبُونَ بِهِ الصَّلاةُ، يَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا فِي صَلاةِ عَبْدِى، فَإِنَّ كَانَتْ تَامَّةً كتِبَتْ تَامَّةً، وَإِنَّ وُجِدَتْ نَاقِصَةً، قَالَ: انْظُرُوا، هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنَّ وُجِدَ لَهُ تَطَوُّعٌ تَمَّتِ الْفَرِيضَةُ مِنَ التَّطَوُّعِ، ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا هَلْ زَكَاتُهُ تَامَّةٌ؛ فَإِنَّ وُجِدَتْ زَكَاتهُ تَامَّةً كُتِبَتْ تَامَّةً، وَإِنَّ كَانَتْ نَاقِصَةً، قَالَ: انْظُرُوا، هَلْ لَهُ صَدَقَةٌ؟ فَإِنَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ تَمَتْ لَهُ زَكَاتهُ مِنَ الصَّدَقَةِ".

4125 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا حمادٌ، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأَنْ أَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ غُدْوَةٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ".

= بيزيد الرقاشي، وهو كما قالا؛ ومتى انفرد الرقاشي عن أنس بحديث: فأغسل يديك منه بماء وأشنان، لكن تابعه جماعة على فقرة من أوله فقط، وزاد فيه بعضهم زيادة منكرة، قد أشرنا إليها في غير هذا المقام.

وللحديث شواهد ثابتة نحو سياقه هنا. يأتي منها حديث أبي هريرة [برقم 6225]، وفي الباب عن تميم الدارى عنه الدارمى وأحمد والبيهقي والطبراني وغيرهم موقوفًا ومرفوعًا بإسناد صحيح، وفي الباب أيضًا عن رجل من الصحابة: عند أحمد [4/ 153]، بسند صحيح أيضًا؛ وقد مضى للحديث طريق آخر مختصرًا [برقم 3976].

4125 -

ضعيف: أخرجه الحارث في "مسنده"[2/ رقم 1048]، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"[رقم 35]، وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[6/ 124]، وغيرهم من طرق عن حماد بن زيد عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

وزاد الخطيب: (ومن العصر إلى غروبها: أحب إليَّ من كذا وكذا) ولفظ ابن منيع: الآن أقعد مع قوم يذكرون الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس أحب إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل؛ ولأن أذكر الله بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إليّ من أن أعتق ثمانية رقاب من ولد إسماعيل).

قلتُ: قد اختلف في سنده على حماد بن زيد، فرواه عنه بعض أصحابه على هذا الوجه؛ وخالفهم بعض آخر، فرووه عنه فقالوا: عن حماد عن المعليّ بن زياد عن يزيد الرقاشي عن أنس به نحوه مع زيادة فيه، فأدخلوا فيه واسطة بين حماد والرقاشي. =

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه المؤلف في الماضي [برقم 4087]، وفي الآتى بعد هذا [رقم 4126]، والطبراني في "الدعاء"[رقم 1879]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[رقم 669]، والخطيب في الفقيه والمتفقه [عقب رقم 35]، وغيرهم.

وحماد بن زيد هو شيخ الإسلام، فالظاهر أنه كان قد سمع الحديث أولًا من المعليّ بن زياد عن يزيد الرقاشي، ثم قابل يزيدًا فحدثه به

ويؤيد هذا: أن بعض أصحاب حماد كأبي الربيع الزهراني ولوين وغيرهما قد رووه عن حماد على الوجهين جميعًا، ومدار الحديث على يزيد الرقاشي، وهو منكر الحديث كما قاله الإمام أحمد وغيره. وبه أعله جماعة كما مضى بسط ذلك في الماضي [برقم 4087].

لكن للحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه

بسياق أتم، ولا يصح منها شيء قط، مضى بعضها [برقم 3392]، ومنها: ما أخرجه أبو داود [3392]، والبيهقي في "الشعب"[1/ رقم 561، 562]، وفي "سننه"[15959]، والطبراني في "الدعاء"[رقم 1878]، والطحاوي في "المشكل"[9/ 185]، والضياء في "المختارة"[رقم 2418، 2419]، وغيرهم من طرق عن موسى بن خلف العمى عن قتادة عن أنس مرفوعًا:(لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إليّ من أن أعتق أربعة) هذا لفظ أبي داود.

قال العراقى في "المغنى"[1/ 24]: "رواه أبو داود بإسناد حسن" وتبعه السيوطي في "الجامع الصغير"[رقم 7203]، ووافقهما الإمام في "الصحيحة"[6/ 994]، وليس كما قالوا، فإن موسى بن خلف العمى مختلف فيه، وثقه جماعة، وتكلم فيه جماعة آخرون، ولم يكن بخيث يقبل منه التفرد عن مثل قتادة أصلًا، بل قال ابن حبان في ترجمته من "المجروحين" [2/ 240]: (كان ردئ الحفظ، يروى عن قتادة أشياء مناكير

).

وقد خولف في سنده ؤمتنه، خالفه شعبة بن الحجاج - وهو أوثق منه و ثبت عدد رمل عالج، - فرواه (عن قتادة فقال: عن قتادة قال: سمعت أبا الجعد يحدث عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة الصبح، ثم قعد بذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس، كان له كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل) هكذا أخرجه الطحاوى في "المشكل" [9/ 186]، بسند صحيح إلى شعبة به

=

ص: 64

4126 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع، حدّثنا حمادٌ، حدّثنا المعليّ بن زياد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَجْلِسَ معَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْربَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أعتِقَ ثَمَانِيَةً مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ".

4127 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عمر بن يونس، حدّثنا عكرمة، حدّثنا يزيد الرقاشي في حوض زمزم - والناس مجتمعون عليه من قريشٍ وغيرهم - قال: حدثنى أنس بن مالكٍ، قال: كان رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو مع رسول الله، فإذا رجع وحط عن راحلته، عمد إلى مسجد الرسول فجعل يصلي فيه فيطيل الصلاة، حتى جعل بعض

= وهذا هو المحفوظ عن قتادة بلا تردد، وشيخ قتادة (أبو الجعد) لم أستطع تمييزه الآن، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة نحو لفظ أبي داود الماضي، ولا يصح منها شيء، بل أكثرها مناكير، وكنت قد ملت إلى تحسينه بنحو لفظ المؤلف هنا كما مضى في تعليقنا على الطريق الماضي [برقم 3392]، و [رقم 4587]، وأنا أتراجع عن ذلك هنا، ولعلنى أبسط الكلام على تضعيفه في مكان آخر إن شاء الله.

4126 -

منكر بهذا التمام: انظر الماضي [برقم 4087].

4127 -

ضعيف بهذا السياق: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 52 - 53]، من طريق شيخه محمد بن معمر عن أبي شعيب [بالأصل:(الأشعث) وهو تصحيف] الحراني عن يحيى بن عبد الله عن الأوزاعي عن يزيد الرقاشي عن أنس به نحوه

دون بعض من أوله.

قال أبو نعيم: "رواه عكرمة بن عمار وغيره عن يزيد نحوه".

قلتُ: رواية عكرمة هي ذى عند المؤلف هنا، وطريق أبي نعيم لا يصح إلى الأوزاعي، فشيخه محمد بن معمر: هو أبو مسلم الأصبهانى: ترجمه الذهبى في "تاريخه"[وفيات سنة 355 هـ]، وفي "العبر"[1/ 147]، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأبو شعيب الحراني هو عبد الله بن الحسن الثقة المشهور، غمزه بعضهم بأخذ الأجرة على الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 369]، وقال:"يخطئ ويهم" راجع ترجمته في "الميزان" و"لسانه"، وشيخه (يحيى بن عبد الله) هو البابلتى أبو سعيد الضعيف المشهور، وتكلموا في روايته عن الأوزاعي خاصة - بل جزم ابن معين وغيره أنه لم يسمع منه شيئًا، وقد خولف في سنده، خالقه الوليد بني مسلم =

ص: 65

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون أن له فضلا عليهم، فمر يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في أصحابه، فقال له بعض أصحابه: يا نبى الله، هذا ذاك الرجل - فإما أرسل إليه نبى الله، وإما جاء من قبل نفسه - فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، قال:"وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سُفْعَةً مِنَ الشَّيْطَان"، فلما وقف على المجلس، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَقلْتَ فِي نَفْسِكَ حِين وَقَفْتَ عَلَى المجْلِسِ: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ خَيْرٌ مِنِّى؟ " قال: نعم، ثم انصرف فأتى ناحيةً من المسجد، فخط خطًا برجله، ثم صف كعبيه فقام يصلي، فقال رسول الله:"أَيُّكُمْ يَقُومُ إلَى هَذَا يَقْتُلُهُ؟ " فقام أبو بكرٍ، فقال رسول الله:"أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ " قال: وجدته يصلي فهبته، فقال رسول الله:"أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى هَذَا يَقْتُلُهُ؟ " قال عمر: أنا، وأخذ السيف فوجده قائمًا يصلي، فرجع، فقال رسول الله لعمر:"أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ " قال: يا نبى الله، وجدته يصلي فهبته، فقال رسول الله:"أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى هَذَا يَقْتُلُهُ؟ " قال عليٌّ: أنا، قال رسول الله:"أَنْتَ لَهُ إِنَّ أَدْرَكْتَهُ"، فذهب عليٌّ فلم يجده، فرجع، فقال رسول الله:"أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ " قال: لم أدر أين سلك من الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ هَذَا أَوَّلُ قِرْنٍ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِى"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَتَلْتَهُ - أَوْ قَتَلَهُ - مَا اخْتَلَفَ فِي أُمَّتِى اثْنَانِ، إِنَّ بَنِي إِسرَائِيلَ تَفَرَّقُوا عَلَى وَاحِدٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ - يَعْنِى أُمَّتَهُ - سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً

= الشامى، وهو أوثق منه مائة مرة - فرواه

قلتُ: عن الأوزاعي فقال: عن قتادة عن أنس به مطولًا نحوه

مع اختلاف يسير دون طرف من أوله.

هكذا أخرجه الضياء في "المختارة"[رقم 2499]، بإسناد قوى إليه، وهذا هو المحفوظ عن الأوزاعي؛ لكن الوليد بن مسلم يدلس ويسوى، وقد عنعنه فيما بين الأوزاعي وقتادة، فأخشى أن يكون فعلها.

وسند المؤلف فيه: يزيد الرقاشي وهو منكر الحديث، والراوى عنه متكلم فيه، وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه مطولًا

، مضى بعضها [برقم 90، 3668]، ويأتى بعضها [برقم 3668، 4143]، ولا يصح منها شيء، بل كلها بأسانيد تالفة، لكن لأكثره شواهد عن جماعة من الصحابة. وهو منكر بهذا السياق جميعًا.

ص: 66

وَاحِدَةً"، فقلنا: يا نبى الله، من تلك الفرقة؟ قال: "الجمَاعَةُ"، قال يزيد الرقاشي: فقلت لأنسٍ: يا أبا حمزة، وأين الجماعة؛ قال: مع أمرائكم، مع أمرائكم.

4128 -

حَدَّثَنَا محمد بن بكارٍ، حدّثنا عباد بن عبادٍ المهلبى، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ، قال: قالوا: يا رسول الله، أرأيت أحدنا يحدث نفسه بالشئ الذي لأن يخر من السماء فينقطع أحب إليه من أن يتكلم به؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تِلْكَ مَحْضُ الإيمَانِ".

4129 -

حَدَّثَنَا حفص بن عبد الله أبو عمر الحلوانى، حدّثنا درست بن زيادٍ، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال: كنت أمشى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لى:"يَا بُنَيَّ، ادْعُ لى مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِوَضُوء"، فقلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب وضوءًا؟ فقال: أخبره أن دلونا جلد ميتةٍ، فقال:"سَلْهُمْ، هَلْ دَبَغُوهُ؟ "قالوا: نعم، قال:"فَإِنَّ دِبَاغَهُ طُهُورُهُ".

4128 - ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه ابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[2/ رقم 784]، من طريق عباد بن عباد المهلبى عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به.

قلتُ: وهذا إسناد منكر، ويزيد الرقاشي منكر الحديث كما قاله الإمام أحمد، وبه أعله الهيثمي في "المجمع"[1/ 184]، لكنه توبع عليه: تابعه عليه ثابت البناني عن أنس به

عند أحمد في "المسند" كما في "إتحاف الخيرة"[1/ 27]، من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت به

قلتُ: وهذه متابعة لا تثبت، ومؤمل سيئ الحفظ؛ صاحب أوهام وأغلاط ومناكير مع صلابته في السنة، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة، يأتي منها حديث أبي هريرة [برقم 5914، 5923]، لكن هذه الشواهد ليس فيها قوله: (

بالشئ الذي لأن يخر من السماء، فينقطع أحب إليه من أن يتكلم به) بل فيها غيره بسياق آخر، واللَّه المستعان.

4129 -

ضعيف بهذا السياق: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[3/ 102]، من طريق المؤلف به

قلتُ: هذا إسناد واه جدًّا، درست بن زياد وهَّاه أبو زرعة وغيره، وضعفه جماعة، وشيخه الرقاشي منكر الحديث، وبه وحده أعله البوصيري في "إتحاف الخيرة"[1/ 76]، أما صاحبه الهيثمي فقال في "المجمع" [1/ 507]:"رواه أبو يعلى، وفيه درست بن زياد عن يزيد الرقاشي، وكلاهما مختلف في الاحتجاج به". -

ص: 67

4130 -

حَدَّثَنَا عبد الغفار بن عبد الله، حدَّثنا أبو شهابٍ، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَقْرَعُ بَابَ الجَنَّةِ فَيُفْتَح بَابٌ مِنْ ذَهَب وَحِلَقُهُ مِنْ فِضَّةٍ، فَيَسْتَقْبِلُنِى النُّورُ الأَكْبَرُ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأُلْقِى مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يُلْقِ أَحَدٌ قَبْلِى، فَيُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَقُل يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أُمَّتِى!، فَيُقَالُ: لَكَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، قَالَ: ثَمَّ أَسْجُدُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ أُلْقِى مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُقَالُ لِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَقُولُ: أمَّتِى! فَيُقَالُ لِي: لَكَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، ثُمَّ أَسْجُدُ الثَّالِثَةَ، فَيُقَالُ لِي مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَرْفَعُ رَأْسِى فَأَقُولُ: أُمَّتِى، فَيُقَالُ لِي: لَكَ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا".

= قلتُ: وعلى تسليم دعوى الاختلاف جرحًا وتعديلًا في درست وشيخه: فإن الرجلين ليسا بشئ في الرواية، والحديث صحيح محفوظ دون هذا السياق: وله شواهد عن جماعة من الصحابة.

• تنبيه: وقع في سند المؤلف في الطبعتين تصحيف في كنية شيخ المؤلف: (حفص بن عبد الله أبو عصر الحلوانى) فتحرفت (أبو) إلى (ابن)، فصار هكذا:(حفص بن عبد الله بن عمر الحلوانى) والصواب ما أثبتناه، وهكذا هو في "المطالب العالية"[رقم 24]، وفي "إتحاف الخيرة"[رقم 490]، على الجادة، وحفص هذا مترجم في "التهذيب" تمييزًا، وهو شيخ صدوق.

4130 -

منكر بهذا السياق: هذا إسناد منكر، قال الهيثمي في "المجمع" [10/ 675]:"رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف".

قلتُ: وغفل عن عنعنة الأعمش؛ وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الصدوق المشهور؛ وعبد الغفار بن عبد الله هو ابن الزبير الزبيرى الموصلى المترجم في "ثقات اين حبان"[8/ 421]، و"الجرح والتعديل"[6/ 54]

وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة"[8/ 72]، بعد أن ساق الحديث:"هو في الصحيح وغيره بغير هذا السياق" وقال الهيثمي في "المجمع" أيضًا: "قلتُ: في نس أحاديث في "الصحيح" وغيرد غير هذا".

قلتُ: وهو كما قالا؛ والحديث منكر بهذا السياق جميعًا.

ص: 68

4131 -

حَدَّثَنَا الحسن بن قزعة، حدّثنا عثامٌ، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِلرُّؤْيَا بَاطِنًا، فَكَنُّوهَا بِكُنَاهَا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهَا، وَالرُّؤْيَا لأَوَّلِ عَابِرٍ".

4132 -

حَدَّثَنَا أحمد بن إسحاق أبو عبد الله الجوهري البصري، حدّثنا مكى بن إبراهيم، حدّثنا موسى بن عبيدة الربذى، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَعَثَ اللَّهُ ثَمَانِيَةَ آلافِ نَبِيٍّ: أَرْبَعَةَ آلافٍ إِلَى بَنِي إِسرَائِيلَ، وَأَرْبَعَةَ آلافٍ إِلَى سَائِرِ النَّاسِ".

4133 -

حَدَّثَنَا أحمد بن إسحاق البصري، حدّثنا مكى بن إبراهيم، حدّثنا موسى

4131 - منكر: أخرجه ابن ماجه [3915]، وابن أبي شيبة [30495]، وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[6/ 123]، وابن أبي عاصم في "لأوائل"[رقم 169]، والواحدى في "الوسيط"[2/ 96/ 2]، كما في "الصحيحة"[1/ 186]، وغيرهم من طرق عن الأعمش عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به .... وهو عند ابن أبي عاصم بالجملة الأخيرة منه فقط:(الرؤيا لأول عابر) ولفظ ابن ماجه قبل تلك الجملة: (اعتبروها بأسمائها، وكنوها بكناها

) ومثله عند ابن أبي شيبة وابن منيع، وزادا في أوله:(إن للرؤيا كنى، ولها أسماء .. ). قال الحافظ في "الفتح"[12/ 432]: (حديث ضعيف؛ فيه يزيد الرقاشي) ومثله قال البدر العينى في "العمدة"[24/ 169]، وقال البوصيري في "الإتحاف" [6/ 123]:"ومدار أسانيد حديث أنس هذا على يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف، كما أوضحته في الكلام على زوأئد ابن ماجه".

قلتُ: ولفظه في "مصباح الزجاجة"[3/ 216]: "هذا إسناد فيه يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف" وبه أعله السخاوي في "المقاصد الحسنة"[ص 125]، وفيه علة أخرى، وهى عنعنة أبي محمد الأسدى، فإنه إمام في التدليس.

4132 -

منكر: مضى الكلام عليه [برقم 4092] ..

4133 -

منكر: أخرجه الترمذي [3255]، وأبو نعيم في"الحلية"[8/ 327]، والخطيب في "تاريخه"[11/ 211]، والبغوي في "تفسيره"[7/ 232 طبعة دار طيبة]، والثعلبى في "تفسيره"[12/ 121]، وغيرهم من طرق عن موسى بن عبيدة الربذى عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

=

ص: 69

بن عبيدة الربذى، أخبرنى يزيد الرقاشي، أخبرنى أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"مَا مِنْ عَبْدٍ إِلا وَلَهُ فِي السَّمَاءِ بَابَانِ: بَابٌ يَدْخُلُ عَمَلُهُ، وَبَابٌ يَخْرُجُ فِيهِ عَمَلُهُ وَكَلامُهُ، فَإِذَا مَاتَ فَقَدَاهُ وَبَكَيَا عَلَيْهِ"، وتلا هذه الآية:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 209]، فذكر أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملًا صالحًا تبكى عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا عملهم كلامٌ طيبٌ، ولا عملٌ صالحٌ فتفقدهم، فتبكى عليهم.

= وهو عند الترمذي وأبى نعيم والبغوي بنحو شطره الأول فقط دون قوله: (فذكر أنهم لم يكونوا يعملون

إلخ) وليس ذكر الآية عند أبي نعيم.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث" وقال الحافظ في "المطالب"[رقم 3808]، بعد أن ساقه من طريق المؤلف:"هذا إسناد ضعيف" وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة"[6/ 89]: "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد الرقاشي، وموسى بن عبيدة الربذى .. ".

قلتُ: والرجلان كلاهما منكر الحديث، وبالثانى منهما: أعله الهيثمي في "المجمع"[7/ 231]، وهو قصور منه، قد عهدناه منه كثيرًا، على أن موسى بن عبيدة لم ينفرد عن يزيد الرقاشي، بل تابعه صفوان بن سليم على نحو شطره الأول فقط دون الآية وما بعدها، عند الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 6459]، وعنه أبو نعيم في "الحلية"[3/ 53]، من طريق محمد بن عبد الله بن عرس عن ميمون بن كليب عن إبراهيم بن مهاجر بن مسمار عن صفوان بن سليم به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن صفوان بن سليم؛ إلا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار".

قلتُ: وابن مسمار هذا قد ضعفوه، وهو مذكور في "التهذيب" وذيوله تمييزًا، وبسط ترجمته في "الميزان " و"اللسان"[1/ 114]، وشيخ الطبراني:(محمد بن عبد الله بن عراس) لم أقف له على ترجمة تشفى، ولا أحفظ له توثيقًا عن أحد؛ مع إكثار الطبراني عنه في "معاجمه".

واسم جده: (عرس) بكسر العين المهملة، كما في "توضيح المشتبه"[6/ 132]، نقلًا عن إكمال ابن ماكولا [6/ 183]، وقد وقع في "إرشاد القاصى والدانى إلى تراجم شيوخ الطبراني" [ص 581]: هكذا: (عراس) بزيادة ألف بعد الراء، وهو غلط لا أدرى كيف وقع لصاحبه أبي =

ص: 70

4134 -

حَدَّثَنَا عبد الله بن عبد الصمد، حدّثنا محمد بن حميدٍ، عن ابن المبارك، عن عمران بن زيد، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ابْكُوا، فَإِنَّ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكوْا، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ كَأَنَّهَا جَدَاوِلُ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، فَتَسِيلَ - يَعْنِى الدِّمَاءَ - فَتُقَرِّحَ الْعُيُونَ، فَلَوْ أَنَّ سُفُنًا أُرْخِيَتْ فِيهَا لجَرَتْ".

= الطيب المنصوري؟ ثم إن شيخه: (كليب بن ميمون) ما عرفته بعد، فالعمدة على الطريق الأول، وقد عرفت ما فيه! واللَّه المستعان.

والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور"[7/ 411]، إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن أبي الدنيا في "ذكر الموت" وكذا عزاه الإمام في "الضعيفة"[4/ 472]، إلى الواحدى في "تفسيره"[4/ 47/ 2]، وإسحاق بن إبراهيم البستي في "تفسيره"، وهو حديث منكر المتن والإسناد.

4134 -

منكر: أخرجه ابن ماجه [4324] وابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"[رقم 45]، وابن المبارك في "الزهد"[رقم 295]، وفي "مسنده"[رقم 125]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 307]، والبغوي في "تفسيره"[4/ 80/ طبعة دار طيبة]، وفي "شرح السنة"[8/ 8]، وابن أبي شيبة [34130]، وهناد في "الزهد"[31198]، وابن عساكر في "تاريخه"[57/ 100]، وابن أبي الدنيا أيضًا في "صفة النار"[رقم 208، 209، 210]، والمحاملى في "الأمالى"[رقم 9]، والبيهقي في "البعث والنشور"[رقم 578، 579]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

وهو عند ابن ماجه وابن أبي شيبة وهناد وابن عساكر والبغوي والمحاملى والبيهقي: نحو لفظ المؤلف، لكن دون قوله في أوله: "يا أيها الناس: ابكوا؛ فإن لم تبكوا فتباكوا

" وهو رواية لابن أبي الدنيا في "صفة النار".

قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه ابن عساكر أيضًا في "المعجم"[رقم 752]، ثم قال:"هذا حديث غريب، ويزيد بن أبان الرقاشي فيه لين" وقال الهيثمي في "المجمع"[10/ 717]: "رواه أبو يعلى، وأضعف من فيه: يزيد الرقاشي، وقد وثق على ضعفه".

قلتُ: وليس كما قال؛ لأن في إسناد المؤلف من هو أشد ضعفًا من الرقاشي، وهو محمد بن حميد الراوي الحافظ المشهور، فقد تكلموا فيه حتى كذبه جماعة، وترجمته في "التهذيب وذيوله"؛ وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة":"في إسناده: يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف" وبه أعله المنذرى في "الترغيب"[4/ 270]، والعراقي في "المغني"[4/ 244]. =

ص: 71

4135 -

حَدَّثَنَا الحكم بن موسى، حدّثنا شهاب بن خراشٍ، عن يزيد الرقاشي، حدّثنا أنس بن مالكٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَخَافُ عَلَى أُمَّتِى بَعْدِى خَمْسًا: تَكْذِيبٌ بِالْقَدَرِ، وَتَصْدِيقٌ بِالنُّجُومِ".

= وفيه علة أخرى ثانية، وهى أن جميع طرقه إلى يزيد الرقاشي: مخدوشة، وأنظفها طريق الأعمش عنه به

عند ابن أبي شيبة والبيهقي وهناد والمحاملى وغيرهم؛ والأعمش كثير التدليس؛ وقد عنعنه، بل اختلف عليه في سنده أيضًا، فرواه عنه أبو معاوية ومحمد بن عبيد الطنافسى ويحيى بن سعيد الأموي ثلاثتهم على الوجه الماضي؛ وخالفهم أبو شهاب - وهو الحناط - فرواه عنه فقال: عن عمرو بن مرة عن يزيد الرقاشي عن أنس به موقوفًا، فزاد فيه واسطة بين الأعمش والرقاشي، ثم أوقفه على أنس، هكذا ذكره البيهقي في "البعث والنشور"[عقب رقم 579]، وكذا ذكره ابن رجب في "التخويف من النار"[ص 205]، ثم قال ابن رجب:"ورواه سعيد بن سلمة عن يزيد الرقاشي قال: بلغنا هذا الكلام، ولم يسنده، ولم يرفعه".

قلتُ: ورواية سلمة بن سعيد تلك: قد أخرجها ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"[رقم 1247] بإسناد صحيح إليه، وأرى الرقاشي قد اضطرب فيه، فهو ضعيف منكر الحديث على صلاحه وزهده.

وللحديث شاهد بنحو شطره الثاني من رواية أبي موسى الأشعري عند الحاكم [4/ 1648] وصحح إسناده، وليس كما قال، والمحفوظ فيه موقوف على أبي موسى الأشعرى كما تراه عند ابن أبي شيبة [34131]، وأبى نعيم في "الحلية"[1/ 1261] وللشطر الأول منه شاهد تالف من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا، مضى الكلام عليه [برقم 689]، واللَّه المستعان.

4135 -

لا يصح: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[4/ 134] وابن عساكر في "تاريخه"[23/ 208]، والبيهقي في "القضاء والقدر"[رقم 359]، وغيرهم من طرق عن شهاب بن خراش عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به

وعند البيهقي: ( .... بعدى خصلتين

)، بدل: (

بعدى خمسًا) وليس هذا ولا ذاك عند ابن عدي.

قال الهيثمي في "المجمع"[7/ 414]: "فيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف؛ ووثقه ابن عدي" ..

قلتُ: ما وثقه ابن عدي أصلًا، وما كان ينبغى له ذلك، وإنما قال في ختام ترجمته من =

ص: 72

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الكامل"[7/ 257]: "ونرجو أنه لا بأس به؛ بروايات الثقات عنه من البصريين والكوفيين وغيرهم" أمثل تلك العبارة تعد توثيقًا يا أبا الحسن؟! بل نبه الإمام المعلمي اليماني في مواضع من "تعليقه على الفوائد المجموعة" إلى أن ابن عدي قد يطلق عبارته الماضية: "لا بأس به" ومراده: أن الراوي الذي قيلت فيه: لا يتعمد الكذب، وهذا موضعه هنا؛ لكون ابن عدي ذكر في ترجمة (يزيد الرقاشي) جملة من كلام النقاد في تجريحه، منه قول شعبة:"لأن أزنى أحب إلى من أن أحدث عن يزيد الرقاشي" ومنها قول أحمد عنه: "منكر الحديث" وساق له ابن عدي طرفًا من مناكيره أيضًا.

والراوى عنه (شهاب بن خراش) قد وثقه جماعة؛ لكن أورده ابن حبان في "المجروحين"[1/ 362]، وقال:"كان ممن يخطئ كثيرًا؛ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إلا عند الاعتبار" وكذا أورده ابن عدي في "الكامل"[4/ 34].

وساق هذا الحديث مع جملة أخرى ثم قال: "وللشهاب أحاديث ليست بكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه، .. ".

وكأن هذا الحديث مما أنكر عليه، فقد تفرد به عن يزيد الرقاشي ولم يتابع عليه، وقد رواه سليمان بن شعيب الكيسانى - شيخ صدوق موثق - عن سعيد بن زكريا الآدمى - صدوق عابد زاهد - عن شهاب بن خراش عن يزيد الرقاشي عن أنس به

في سياق أتم مسلسلًا!

أخرجه الخِلَعى في "فوائده" ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[5/ 251]، و -[23/ 208]، والذهبي فى " سير النبلاء"[8/ 287]، والسلفى في "الطيوريات"[رقم 297].

وقال الذهبى: (

الحديث واه؛ لمكان الرقاشي).

قلتُ: لكنه قد توبع عليه، فقال شهاب بن خراش عقب روايته هذا الحديث عن يزيد الرقاشي عند البيهقي في "القضاء والقدر" [رقم 359]:"فحدثنى به أبان بن أبي عياش بواسط فقال: هكذا سمعت أنسًا يذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ..

قلتُ: وهذه متابعة تورث الغثيان، وابن أبي عياش ساقط الحديث عندهم، لا يساوى فلسًا، وقد تناوله شعبة شديدًا جدًّا، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد كلها مناكير على التحقيق، انظر أكثرها في "الصحيحة"[3/ 118]، وسيأتى منها حديث سمرة بن جندب [برقم 7426، 17470] واللَّه المستعان.

ص: 73

4136 -

حَدَّثَنَا أبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا عبيس بن ميمون، حدّثنا يزيد الرقاشي، عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي اللَّيْلَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] فَإنَّهَا تَعْدِلُ الْقُرآنَ كُلَّهُ"، قال: وقال: "لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عَرِيفٍ، وَالْعَرِيفُ فِي النَّارِ"، قال:"وَيُؤْتَى بِالشُّرْطِىَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: ضَعْ سَوْطَكَ وَادْخُلِ النَّارَ".

4136 - منكر بهذا التمام: هذا إسناد منكر تالف، يزيد الرقاشي منكر الحديث كما مضى مرارًا، والراوى عنه (عبيس بن ميمون) تركه ابن معين والفلاس والساجى وغيرهم؛ وقال البخاري وأبو حاتم وغيرهما:"منكر الحديث" وأسقطه سائر النقاد، وهو من رجال ابن ماجه وحده، وقد تلون في سنده أيضًا، فرواه عنه داهر بن نوح، ثنا عبيس بن ميمون، ثنا محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعًا مختصرًا بالفقرة الوسطي منه فقط:"لا بد من عريف، والعريف في النار".

هكذا أخرجه ابن عدي في "الكامل"[5/ 373]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 243]، وقال ابن عدي عقب روايته:"وهذا المتن لا يرويه غير عبيس عن محمد بن زياد" ..

قلتُ: ساق ابن عدي هذا الحديث في ترجمة (عبيس) ثم قال في ختامها: "ولعبيس غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه غير محفوظ " وهو كما قال، والراوى عنه مختلف فيه أيضًا، أعنى:(داهر بن نوح).

وحديث أنس ذكره الهيثمي في "المجمع"[5/ 421]، وقال: (رواه أبو يعلى وفيه عبيس بن ميمون وهو متروك".

قلتُ: وغفل عن يزيد الرقاشي، أما صاحبه البوصيري فإنه أعله بيزيد الرقاشي في "إتحاف الخيرة"[6/ 104]، وغفل عن (عبيس بن ميمون) وكلاهما مقصر.

ولفقرات الحديث طرق أخرى عن أنس

به نحوه؛ فالفقرة الأولى: مضى الكلام عليها [برقم 4118]، وأما الفقرة الثانية والثالثة: فلهما طريق آخر عن أنس به بلفظ: (لا بد للناس من العريف؛ والعريف في النار، يؤتى بالجلواز يوم القيامة فيقال له: ضع سوطك، وادخل النار). أخرجه أبو الشيخ في "الطبقات"[1/ 43]، - معلقًا - ووصله أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 148، 317]، وسنده منكر مجهول، والفقرة الثانية ليست عند أبي الشيخ، ولهاتين الفقرتين شواهد بأسانيد تالفة أيضًا، وقد تساهل الإمام، وحسَّن الفقرة الأولى بمجموع الطرق، فانظر "الصحيحة"[3/ 405/ رقم 1417].

ص: 74

4137 -

كتَبَ إليّ محمد بن غالبٍ بخطه، قال: حدثني المثنى - قال أبو يعلى: يعني جدى - حدّثنا أبو شهابٍ، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَقْرَعُ بَابَ الجنَّةَ، فَيُفْتَحُ لِي بَابٌ مِنْ ذَهَبٍ وَحِلَقَة مِنْ فِضَّةٍ، فَيَسْتَقْبِلُنِى النُّورُ الأَكبَرُ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأُلْقِى مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يُلْقِ أَحَد قَبْلِى، فَيُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، قُلْ يُسْمَعْ مِنْكَ، فَأَقُولُ: أُمَّتِى! فَيُقَالُ: لَكَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، قَالَ: ثُمَّ أَسْجُدُ الثَّانِيَةَ، فَألْقِى مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقُولُ: أُمَّتِى! فَيُقَالُ لِي: لَكَ مَن كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، ثُمَّ أَسْجُدُ الثَّالِثَةَ، فَألْقِى مِثْلَ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِي مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَرْفَعُ رَأْسِى، فَاقُولُ: أُمَّتِى، فَيُقَالُ: لَكَ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا".

4138 -

حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا سلامٌ، عن زيد العمى، عن يزيدٍ الرقاشي، عن أنسِ بن مالكٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس ذات ليلة، فأذن بلالٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"منْ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، وشَهِدَ مِثْلَ شَهَادَتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ".

4137 - منكر بهذا السياق: مضى الكلام عليه [برقم 4130].

• تنبيه: قد سقط (الأعمش) بين أبي شهاب - وهو عبد ربه بن نافع - ويزيد الرقاشي في سند المؤلف من الطبعتين، ولا بد من إثباته؛ لأن أبا شهاب لا يروى عن يزيد الرقاشي إلا بواسطة الأعمش وغيره.

وهكذا مضى هذا الحديث عند المؤلف [برقم 4130]، من طريق أبي شهاب عن الأعمش عن الرقاشي به

وأنا أستبعد أن يكون ذكر الأعمش قد سقط هنا؛ لاختلاف على أبي شنهاب الحناط، في سنده، وشيخ المؤلف هنا:(محمد بن غالب) هو الحافظ المعروف بـ (تمتام) وشيخه: (المثنى) هو ابن يحيى بن عيسى الموصلي - جد المؤلف - له ترجمة في "تاريخ مدينة السلام"[13/ 170]، للحافظ أبي بكر بن ثابت البغدادى، وللَّه الحمد.

4138 -

ضعيف بهذا السياق: هذا إسناد ضعيف كما قال الحافظ في "المطالب"[رقم 263]، بل هو منكر مظلم، مسلسل بـ "الضعفاء":

ص: 75