الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَاب السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْحَسَبَة عَلَى مُؤَدِّبِي الصَّبِيَّانِ]
لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُ الْخَطِّ فِي الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَوِّدُونَ حِيطَانَهَا وَيُنَجِّسُونَ أَرْضَهَا إذْ لَا يَحْتَرِزُونَ مِنْ الْبَوْلِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ بَلْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا لِلتَّعْلِيمِ مَوَاضِعَ شَرَحَهُ فِي أَطْرَافِ الْأَسْوَاقِ، وَيَمْنَعُونَ أَيْضًا مِنْ التَّعْلِيمِ فِي بُيُوتِهِمْ.
[فَصَلِّ مَا يَشْتَرِط فِي الْمُعَلَّم]
(فَصْلٌ) : وَاعْلَمْ أَنَّهَا أَجَلُّ الْمَعَايِشِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:«خَيْرُ مَنْ مَشَى عَلَى الْأَرْضِ الْمُعَلِّمُونَ الَّذِينَ كُلَّمَا خَلِقَ الدِّينُ جَدَّدُوهُ» .
فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ وَالْأَمَانَةِ حَافِظًا لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ حَسَنَ الْخَطِّ وَيَدْرِي الْحِسَابَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُزَوَّجًا، وَلَا يُفْسَحُ لِعَازِبٍ أَنْ يَفْتَحَ مَكْتَبًا لِتَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَقَدْ اُشْتُهِرَ بِالدِّينِ وَالْخَيْرِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ بِالتَّعْلِيمِ إلَّا بِتَزْكِيَةٍ مَرْضِيَّةٍ وَثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالصَّغِيرِ وَأَنْ يُعَلِّمَهُ السُّوَرَ الْقِصَارَ مِنْ الْقُرْآنِ بَعْدَ حَذَاقَتِهِ بِمَعْرِفَةِ الْحُرُوفِ وَضَبْطِهَا بِالشَّكْلِ وَيُدَرِّجُهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَأْلَفَهُ طَبْعًا ثُمَّ يُعَرِّفُهُ عَقَائِدَ السُّنَنَ ثُمَّ أُصُولَ الْحِسَابِ وَمَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْمُرَاسَلَاتِ، وَفِي وَقْتِ بَطَالَةِ الْعَادَةِ يَأْمُرُهُمْ بِتَجْوِيدِ الْخَطِّ عَلَى الْمِثَالِ وَيُكَلِّفُهُمْ عَرْضَ
مَا أَمْلَاهُ عَلَيْهِمْ حِفْظًا غَائِبًا لَا نَظَرًا، وَمَنْ كَانَ عُمْرُهُ سَبْعَ سِنِينَ أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلِّمُوا صَبِيَاكُمْ الصَّلَاةَ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ» .
وَيَأْمُرُهُمْ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِمَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا وَتَقْبِيلِ أَيَادِيهِمَا عِنْدَ الدُّخُولِ إلَيْهِمَا، وَيَضْرِبُهُمْ عَلَى إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْفُحْشِ مِنْ الْكَلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ قَانُونَ الشَّرْعِ مِثْلِ اللَّعِبِ بِالْكَعْبِ وَالْبَيْضِ وَالنَّرْدِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِمَارِ، وَلَا يَضْرِبَ صَبِيًّا بِعَصًا غَلِيظَةٍ تَكْسِرُ الْعَظْمَ، وَلَا رَقِيقَةٍ لَا تُؤْلِمُ الْجِسْمَ بَلْ تَكُونُ وَسَطًا وَيَتَّخِذُ مُجَلَّدًا عَرِيضَ السَّيْرِ وَيَعْتَمِدُ بِضَرْبِهِ عَلَى الْأَلَايَا وَالْأَفْخَاذِ وَأَسَافِلِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لَا يُخْشَى مِنْهَا مَرَضٌ، وَلَا غَائِلَةٌ، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَ أَحَدَ الصِّبْيَانِ فِي حَوَائِجِهِ وَأَشْغَالِهِ الَّتِي فِيهَا عَارٌ عَلَى آبَائِهِمْ كَنَقْلِ التُّرَابِ وَالزِّبْلِ وَحَمْلِ الْحِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُرْسِلُهُ إلَى دَارِهِ وَهِيَ خَالِيَةٌ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ التُّهْمَةُ، وَلَا يُرْسِلُ صَبِيًّا مَعَ امْرَأَةٍ لِكَتْبِ كِتَابٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ جَمَاعَةَ الْفُسَّاقِ يَحْتَالُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ بِذَلِكَ، وَيَكُونُ السَّائِقُ لَهُمْ أَمِينًا ثِقَةً مُتَأَهِّلًا، فَإِنَّهُ يَتَسَلَّمُ الصِّبْيَانَ فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ وَيَنْفَرِدُ بِهِمْ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ وَيَدْخُلُ عَلَى الصَّبِيَّانِ فِي بُيُوتِهِمْ، وَلَا يُعَلِّمُ الْخَطَّ امْرَأَةً وَلَا جَارِيَةً فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ الْكِتَابَةَ، وَلَا تُسْكِنُوهُمْ الْغُرَفَ وَلَكِنْ عَلِّمُوهُنَّ سُورَةَ النُّورِ» وَقِيلَ: إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي