الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْبَائِعُ، وَالْمُشْتَرِي وَاقِفَانِ لَا يَعْلَمَانِ صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْ سَقَمِهِ إلَّا مِنْ لَفْظِهِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ الْأَرْطَالُ مِنْ حَدِيدٍ وَيُعِيرَهَا الْمُحْتَسِبُ وَيَخْتِمَ عَلَيْهَا بِخِتْمٍ مِنْ عِنْدِهِ]
(فَصْلٌ) : وَيَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ الْأَرْطَالُ مِنْ حَدِيدٍ، وَيُعَيِّرُهَا الْمُحْتَسِبُ، وَيَخْتِمُ عَلَيْهَا بِخَتْمٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَلَا يَتَّخِذُوهَا مِنْ الْحِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا قُرِعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَتُنْقَضُ فَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اتِّخَاذِهَا لِقُصُورِ يَدِهِ عَنْ اتِّخَاذِ الْحَدِيدِ أَمَرَهُ الْمُحْتَسِبُ بِتَجْلِيدِهَا ثُمَّ يَخْتِمُهَا بَعْدَ الْعِيَارِ، وَيُجَدِّدُ النَّظَرَ فِيهَا بَعْدَ كُلِّ حِينٍ لِئَلَّا يَتَّخِذُوا مِثْلَهَا مِنْ الْخَشَبِ، وَرُءُوسِ اللِّفْتِ، وَلَا يَكُونُ فِي الْحَانُوتِ الْوَاحِدِ دَسْتَانِ مِنْ أَرْطَالٍ، أَوْ صَنْجٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُهْمَةٌ فِي حَقِّهِ، وَلَا يَتَّخِذُ عِنْدَهُ مَا لَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاِتِّخَاذِهِ مِثْلُ ثُلُثُ رِطْلٍ، وَثُلُثُ أُوقِيَّةٍ، وَثُلُثُ دِرْهَمٍ لِمُقَارَبَةِ النِّصْفِ، وَرُبَّمَا اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ فِي حَالِ الْوَزْنِ عِنْدَ كَثْرَةِ الزَّبُونِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يتفقد عيار المثاقيل والصنج والأرطال والحبات عَلَى حِينِ غفلة مِنْ أصحابها]
(فَصْلٌ) : وَيَنْبَغِي لَلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَفَقَّدَ عِيَارَ الْمَثَاقِيلِ، وَالصَّنْجِ، وَالْأَرْطَالِ، وَالْحَبَّاتِ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَصْحَابِهَا فَإِنَّ فِي الصَّيَارِفِ مَنْ يَأْخُذُ حَبَّاتِ الْحِنْطَةِ فَيَنْقَعُهَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ يَغْرِسُ فِيهَا رُءُوسَ إبَرِ الْفُولَاذِ ثُمَّ تُجَفَّفُ فَتَعُودُ إلَى سِيرَتِهَا الْأُولَى، وَلَا يَظْهَرُ فِيهَا شَيْءٌ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا لَوْنَ صَنْجِ الْفِضَّةِ مُخَالِفًا لِلَوْنِ صَنْجِ الْمَثَاقِيلِ فَرُبَّمَا، وَضَعُوا صَنْجَةَ النِّصْفِ دِرْهَمٍ عِوَضًا عَنْ الرُّبَاعِيِّ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَكَذَا صَنْجَةَ الثُّمُنِ عِوَضًا عَنْ صَنْجَةِ الْقِيرَاطَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ فِي الْمَكَايِيل]
(فَصْلٌ فِي الْمَكَايِيلِ) : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2]{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3]{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} [المطففين: 4]{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين: 5]{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ الْمَدِينَةِ، وَالْوَزْنُ عَلَى، وَزْنِ مَكَّةَ» ، وَالْمِكْيَالُ الصَّحِيحُ
مَا اسْتَوَى أَعْلَاهُ، وَأَسْفَلُهُ فِي الْفَتْحِ، وَالسَّعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورَ الْفَمِ، وَلَا يَكُونَ بَعْضُهُ دَاخِلًا، وَبَعْضُهُ خَارِجًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشُدَّهُ بِالْمَسَامِيرِ لِئَلَّا يَصْعَدَ فَيَزِيدَ، أَوْ يَنْزِلَ، وَيَنْقُصَ، وَأَجْوَدُ مَا عُيِّرَتْ بِهِ الْمَكَايِيلُ الْحُبُوبُ الصِّغَارُ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ فِي الْعَادَةِ مِثْلُ الْخَرْدَلِ، وَالْبِرْسِيمِ، وَبِزْرِ قَطُونَاءَ وَالْكُسْفُرَةُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ فِي كُلِّ حَانُوتٍ مِنْ الْمَكَايِيلِ الصَّحِيحَةِ، مِكْيَالٌ، وَنِصْفُ مِكْيَالٍ، وَرُبُعُ مِكْيَالٍ، وَثُمُنُ مِكْيَالٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا بِخَتْمِ الْمُحْتَسِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى اتِّخَاذِ ذَلِكَ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُجَدِّدَ النَّظَرَ فِي الْمَكَايِيلِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحِمْصَانِيِّينَ، وَالْفَوَّالِينَ، وَالْعَلَّافِينَ مَنْ يَأْخُذُ قِطْعَةَ خَشَبٍ يَحْفِرُهَا مِكْيَالًا فَيَكُونُ طُولُهَا شِبْرًا مَثَلًا، وَالْمَحْفُورُ مِنْ دَاخِلِهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَيَغْتَرُّ النَّاسُ بِسَعَتِهَا، وَطُولِهَا، وَلَا يَعْلَمُونَ الْمِقْدَارَ الْمَحْفُورَ، وَهَذَا تَدْلِيسٌ لَا يَخْفَى، وَيُرَاعَى أَيْضًا مَا يُلْصِقُونَهُ فِي أَسْفَلِ الْمِكْيَالِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُلْصِقُ أَسْفَلَهُ الْخُبْزَ فُجْلٍ، وَالْجِبْسَ الْأَسْوَدَ يُلْصِقُونَهُ لَصْقًا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْصِقُ فِي جَوَانِبِهِ الْكُسْبَ فَلَا يُعْرَفُ، وَلَهُمْ فِي مَسْكِ الْمِكْيَالِ صِنَاعَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْبَخْسُ فَلَا يَدَعُ الْكَشْفَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَأَمَّا الْكَيَّالُونَ فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَكْتَالُ مَا يَقْبِضُهُ زَائِدًا، وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ الْغَزْرُ، وَالطَّرْحُ، وَعِنْدَ الصَّرْفِ يَجْعَلُهُ نَاقِصًا، وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ الْمُشْفَقُ، وَقَدْ ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ فَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُحَذِّرَهُمْ، وَيُخَوِّفَهُمْ عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْبَخْسِ، وَالتَّطْفِيفِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ عَزَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَشْهَرَهُ حَتَّى يَرْتَدِعَ بِهِ غَيْرُهُ.