الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِئَلَّا يُسَارِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي زَمَنِ الْحَرِّ وَلَا يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَوْقَ وَظِيفَتِهِ لِئَلَّا يَفْسُدَ وَيَحْمُضَ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا اللَّبَنُ الْحَلِيبُ الدَّسِمُ بِخَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ مَقْشُوطًا فَإِنَّهُ لَا طَعْمَ فِيهِ وَقَدْ رَاحَ دَسَمُهُ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَصْلًا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَامَةُ غِشِّهِ إذَا طُرِحَتْ فِيهِ حَشِيشَةُ الطُّحْلُبِ فَصَلَتْ بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَأَيْضًا يُعْرَفُ غِشُّ اللَّبَنِ الْحَلِيبِ بِأَنْ يَغْمِسَ فِيهِ شَعْرَةً ثُمَّ يُخْرِجَهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ يَكُونُ مَغْشُوشًا بِالْمَاءِ، وَإِنْ عَلَقَ اللَّبَنُ عَلَيْهَا كَانَ خَالِصًا وَكَذَا إذَا قُطِرَ مِنْهُ قَطْرَةٌ عَلَى خِرْقَةٍ تَشْرَبُ الْمِيَاهَ، وَإِنْ كَانَ خَالِصًا بَقِيَ مَكَانَهُ وَكَذَا إذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُحْتَسِبُ مِنْهُ قَلِيلًا وَيُرَقِّدُهُ بِقَلِيلٍ مِنْ الْإِنْفَحَةِ فِي قَصَارِي اللَّبَنِ عِنْدَهُ وَيَخْتِمُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ ظَهَرَ، وَإِلَّا فَلَا.
[الْبَاب الثَّامِن وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَسَبَة عَلَى الْبَزَّازِينَ]
يَنْبَغِي أَلَّا يَتَّجِرَ فِي الْبَزِّ إلَّا مَنْ عَرَفَ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَعُقُودَ الْمُعَامَلَاتِ وَمَا يَحِلُّ لَهُ فِيهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَاتِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَا يَتَّجِرُ فِي سُوقِنَا إلَّا مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِهِ وَإِلَّا أَكَلَ الرِّبَا شَاءَ أَوْ أَبَى وَقَدْ رَأَيْتُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَكْثَرَ بَاعَةِ الْبَزِّ يَفْعَلُونَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ مَا لَا يَحِلُّ عَمَلُهُ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَمِنْ ذَلِكَ النَّجْشُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَلَا
يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ وَهَذَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَّجْشِ» وَلِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ وَمَكْرٌ فَإِنْ اغْتَرَّ الرَّجُلُ بِمَنْ يَنْجُشُ فَابْتَاعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى الْبَيْعِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَمَا فِي حَالِ النَّدَى.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا» وَلَا يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْوَى لِيَغُرَّ بِهَا النَّاسَ فَيَكُونَ حَرَامًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَيَقُولَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ رُدَّهَا، وَأَنَا أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهَا بِهَذَا الثَّمَنِ، أَوْ مِثْلَهَا بِدُونِ هَذَا الثَّمَنِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا حَرَامٌ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ» أَخِيهِ وَلِأَنَّ فِي هَذَا إفْسَادًا وَإِنْجَاشًا فَلَمْ يَحِلَّ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ وَفَسَخَ الْبَيْعَ وَاشْتَرَى مِنْهُ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي النَّجْشِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ فَيَقُولَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: أَنَا أُعْطِيكَ أَجْوَدَ مِنْهَا بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ مِثْلَهَا بِدُونِ هَذَا الثَّمَنِ ثُمَّ يَعْرِضَ عَلَيْهِ السِّلْعَةَ فَيَرَاهَا الْمُشْتَرِي وَهَذَا حَرَامٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَسَادًا وَإِبْخَاسًا فَلَمْ يَحِلَّ، وَيَحْرُمُ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ رَجُلٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يُرِيدُ بَيْعَهُ وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي الْبَلَدِ، وَإِذَا بَاعَ اتَّسَعَ وَإِذَا لَمْ يَبِعْ ضَاقَ فَيَجِيءُ إلَيْهِ سِمْسَارٌ وَيَقُولُ لَهُ: لَا تَبِعْ حَتَّى أَبِيعَهُ لَكَ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَأَزِيدَ فِي ثَمَنِهَا؛ لِمَا رَوَى طَاوُسٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قُلْتُ: لِمَ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟» قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِلتَّاجِرِ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي