الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا ذَكَرَهُ النَّاسُ لَطَالَ هَذَا الْفَصْلُ جَدًّا، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى نُبَذٍ مِنْ ذَلِكَ يَهْتَدِي بِهَا مَنْ نَوَّرِ اللَّهِ بَصِيرَتَهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ النُّصُوصِ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتَكَاتَمُونَهَا وَيُخْفُونَهَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ابن الطفيل قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي داود المنادى، ثنا يونس ابن مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا عاصم بن كليب عن أبيه عن الغليان بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى رَجُلٍ فَدَعَاهُ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ مجتمع عليه قميص وسروايل وَنَعْلَانِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَأْبَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَالْإِنْجِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْفُرْقَانَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ لَوْ شِئْتَ لَقَرَأْتُهُ، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بالذى أنزل التوراة والإنجيل وأنشأ خلقه بِهَا، تَجِدُنِي فِيهِمَا؟ قَالَ: نَجِدُ مِثْلَ نَعْتِكَ، يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِكَ، كُنَّا نَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِينَا، فَلَمَّا خَرَجْتَ رَأَيْنَا أَنَّكَ هُوَ، فَلَمَّا نَظَّرْنَا إِذَا أَنْتَ لَسْتَ بِهِ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: نَجْدُ مِنْ أُمَّتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ قَلِيلٌ، قَالَ: فَهَلَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرَ، وَهَلَّلَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّنِي لَأَنَا هُوَ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَأَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ وسبعين.
جوابه صلى الله عليه وسلم لمن ساءل عما سأل قبل أن يسأله عن شئ مِنْهُ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سلمة، أنا الزبير أبو عبد السلام، عن أيوب ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزٍ- وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ- قَالَ:
حَدَّثَنِي جُلَسَاؤُهُ وَقَدْ رَأَيْتُهُ عَنْ وَابِصَةَ الْأَسَدِيِّ، وَقَالَ عَفَّانُ: ثَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَمْ
يَقِلْ: حَدَّثَنِي جُلَسَاؤُهُ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالَإِثِمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتُونَهُ، فجعلت أتخطاهم، فقالوا: إليك وابصة عن رسول الله، فَقُلْتُ: دَعُونِي فَأَدْنُوَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ، قَالَ: دَعُوا وَابِصَةَ، ادْنُ يَا وَابِصَةُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ أَمْ تَسْأَلُنِي؟ فَقُلْتُ: لَا، بَلْ أَخْبِرْنِي، فَقَالَ: جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) الْبَرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وأفتوك «1» .
(1) أحمد في مسنده (4/ 228) .