الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقياد الشجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إسماعيل عن أبى حرزة يعقوب ابن مجاهد عن عبادة بن الوليد عن ابن عُبَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ فِيهِ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقفضى حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرَ شيئا يستتر به، وإذا بشجرتين بشاطىء الْوَادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كالبعير المخشوش «1» الذى بصانع قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ (بِإِذْنِ اللَّهِ) فَانْقَادَتْ معه (كذلك) حتى إذا كان بالمنتصف مما بينهما لاءم بَيْنَهُمَا- يَعْنِي جَمَعَهُمَا- فَقَالَ: الْتَئِمَا عَلِيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَالْتَأَمَتَا، قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أن يحس رسول الله بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا بِالشَّجَرَتَيْنِ قَدِ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ منهما على ساق فرأيت رسول الله وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا: يَمِينًا وَشِمَالًا، ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا فَأَقْبِلْ بِهِمَا حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يمينك وغصنا عن شمالك، قال جابر فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحددته فاندلق «2» لِي فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ منهما عصنا، ثم أقبلت حَتَّى قُمْتُ مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أرسلت غصنا من يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَقُلْتُ: فَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فأحببت بشفاعتى أن يرفع
(1) البعير المخشوش: هو البعير الذي يكون في أنفه عود يشد به حبل لينقاد به.
(2)
اندلق: التقدم، وكل ما ندر خارجا.
ذلك عنهما مادام الْغُصْنَانِ رَطِبَيْنِ، قَالَ: فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
يَا جَابِرُ ناد الوضوء، فَقُلْتُ: أَلَا وَضُوءَ أَلَا وَضُوءَ أَلَا وَضُوءَ؟ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنصار يبرد لرسول الله فِي أَشِجَابٍ لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ قَالَ: فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ فانظر هل ترى فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فنظرت إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قطرة فى غر «1» لا شجب»
منها- لو أنى أفرغته لشربه يابسه، فأتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله لم أجد فيها إلا قطرة فى غر لا شجب منها لو أنى أفرغته لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ قَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي ما هو، وغمزنى بيده ثُمَّ أَعْطَانِيهِ فَقَالَ: يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ، فَقُلْتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ، فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ وَقَالَ: خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ فَقَالَ: يَا جَابِرُ نَادِ من كانت لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ، قَالَ فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حتى رووا، فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ من الجفنة وهى ملأى. قال:
وشكى النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ، فَقَالَ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ، فأتينا سيف «3» البحر فزجر زجرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فطبخنا واشتوينا وأكلنا وشبعنا، قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان وفلان حتى عد خمسة فى محاجر عينها مايرانا أحد، حتى خرجنا وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثم دعونا بأعظم جمل فى الركب وأعظم حمل فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمَ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ فَدَخَلَ تحتها ما يطاطىء رأسه، وقال البخارى: ثنا موسى ابن
(1) الغر: الشق في الأرض والنهر الدقيق.
(2)
الشجب: الخشاب الثلاث التي يعلق دلوه ومسقاه.
(3)
سيف البحر: سمكة بحرية ذات منقار.
إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ يَتَوَضَّأُ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ قال: مالكم؟ قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً «1» .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَصِينٍ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الأعمش، زاد مسلم وشعبة ثلاثتهم عن جابر بن سالم ابن جَابِرٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى (بْنُ حَمَّادٍ) ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قيس عن شقيق العبدى أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا أَوْ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ بِضْعَ عَشْرَ وَمِائَتَانِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ فِي الْقَوْمِ مِنْ مَاءٍ؟ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يَسْعَى بِإِدَاوَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ فَصَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَدَحٍ، قَالَ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَرَكَ الْقَدَحَ فَرَكِبَ النَّاسُ الْقَدَحَ تمسحوا وتمسحوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى رِسْلِكُمْ حِينَ سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كفه فى الماء ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، قال جابر: فو الذى هو ابْتَلَانِي بِبَصَرِي لَقَدْ رَأَيْتُ الْعُيُونَ عُيُونَ الْمَاءِ يَوْمَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَفَعَهَا حَتَّى توضأوا أَجْمَعُونَ «2» .
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَظَاهِرُهُ كَأَنَّهُ قِصَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ رَأْسًا لا يرويها
(1) البخاري في كتاب المناقب (3576)(10/ 431) .
(2)
أحمد في مسنده (2/ 169، 193) .