المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول فيما أوتي إبراهيم الخليل عليه السلام - معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المدخل] ما قالوا عن الإمام الحافظ ابن كثير

- ‌مقدمة [المؤلف]

- ‌كتاب دلائل النبوة

- ‌[باب دلائل النبوة المعنوية]

- ‌[إنزال القرآن عليه]

- ‌فصل [أخلاقه]

- ‌فصل [سيرته]

- ‌باب دلائل النبوة الحسيّة

- ‌[فصل المعجزات السماوية]

- ‌[انشقاق القمر]

- ‌رِوَايَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌رِوَايَةُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ

- ‌رِوَايَةُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ

- ‌رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

- ‌رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

- ‌رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود

- ‌[معجزة رد الشمس بعد مغيبها]

- ‌فصل «إيراد هذا الحديث من طرق متفرقة»

- ‌[حديث أسماء بنت عميس]

- ‌[حديث أبي هريرة]

- ‌[حديث أبي سعيد الخدري]

- ‌[حديث على بن أبى طالب]

- ‌[تصحيح أحمد بن صالح للحديث والرد عليه]

- ‌[اعتراض ابن كثير على تصحيح أحمد بن صالح]

- ‌[من دلائل النبوة] [استسقاؤه عليه السلام رَبَّهُ عز وجل لِأُمَّتِهِ حِينَ تَأَخَّرَ الْمَطَرُ فأجابه]

- ‌[حديث أنس]

- ‌فَصْلٌ وَأَمَّا الْمُعْجِزَاتُ الْأَرْضِيَّةُ

- ‌فَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَمَادَاتِ

- ‌[نبع الماء من بين أصابعه]

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ جَابِرٍ فى ذلك

- ‌انقياد الشجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حديث آخر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ يُشْبِهُ هَذَا

- ‌بَابُ مَا ظَهَرَ فِي الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ بِقُبَاءٍ مِنْ بَرَكَتِهِ

- ‌باب تكثيره عليه السلام الأطعمة

- ‌تَكْثِيرُهُ اللَّبَنَ فِي مَوَاطِنٍ

- ‌حديث نافع

- ‌حديث سعد مولى أبى بكر

- ‌تكثيره عليه السلام السَّمْنَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ ضِيَافَةِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَىعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طريق أخر عَنْ أَنَسٍ

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَى

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ فِي ذَلِكَ

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى فِي تَكْثِيرِ الطَّعَامِ فِي بَيْتِ فاطمة

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة قصعة بيت الصديق

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي تَكْثِيرِ الطَّعَامِ فِي السَّفَرِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي تَكْثِيرِ الطَّعَامِ فِي السَّفَرِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي ذَلِكَ

- ‌قصة جابر ودين أبيه وتكثيره عليه السلام التَّمْرَ

- ‌قِصَّةُ سَلْمَانَ

- ‌ذِكْرُ مِزْوَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَمْرِهِ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى

- ‌حَدِيثٌ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سارية في ذلك رواه الحافظ بن عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عمر الوافدى

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثُ الذِّرَاعِ

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَىعَنْ أَبِي رَافِعٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌بَابُ انْقِيَادِ الشَّجَرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى فِيهَا أَنَّ الْعَامِرِيَّ أَسْلَمَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ

- ‌باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله وشغفا من فراق

- ‌الحديث الأول عن أبي ابن كَعْبٍ

- ‌الْحَدِيثُ الثَّانِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌الْحَدِيثُ الثَّالِثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

- ‌الْحَدِيثُ الرَّابِعُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌الْحَدِيثُ الْخَامِسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

- ‌الْحَدِيثُ السَّادِسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ

- ‌الْحَدِيثُ السَّابِعُ عَنْ أَبِي سعيد الخدري

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

- ‌الْحَدِيثُ الثَّامِنُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌الْحَدِيثُ التَّاسِعُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها

- ‌بَابُ تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي كَفِّهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حديث آخر

- ‌بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانَاتِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ

- ‌قِصَّةُ الْبَعِيرِ النَّادِّ وَسُجُودِهِ لَهُ وَشَكْوَاهُ إِلَيْهِ

- ‌رِوَايَةُ جَابِرُ فِي ذَلِكَ

- ‌رواية ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌رِوَايَةُ أبي هريرة

- ‌رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي ذَلِكَ

- ‌رِوَايَةُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ

- ‌رِوَايَةُ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ، أَوْ هِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

- ‌[قصة الصبي الذي كان يصرع]

- ‌[دعاؤه لجمل جابر فسبق إبل القوم]

- ‌ركوبه فرس طلحة فأصبح سابقا بعد أن كان بطيئا

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ غَرِيبٌ فِي قِصَّةِ الْبَعِيرِ

- ‌حَدِيثٌ فِي سُجُودِ الْغَنَمِ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة الذئب وشهادته بالرسالة

- ‌[حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ]

- ‌طريق أخرى عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

- ‌حديث أبي هرير فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثُ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هريرة في الذئب

- ‌قِصَّةُ الْوَحْشِ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ وَكَانَ يَحْتَرِمُهُ عليه السلام وَيُوَقِّرُهُ وَيُجِلُّهُ

- ‌قِصَّةُ الْأَسَدِ

- ‌حَدِيثُ الْغَزَالَةِ

- ‌حَدِيثُ الضَّبِّ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ النَّكَارَةِ وَالْغَرَابَةِ

- ‌حَدِيثُ الْحِمَارِ

- ‌حديث الحمرة وهو طَائِرٌ مَشْهُورٌ

- ‌حَدِيثٌ آخَرَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ غَرَابَةٌ

- ‌حديث آخر [قصة الرجلين اللذين أضاءت لهما العصا الطريق]

- ‌‌‌‌‌حديث آخر [الضوء الذي أضاء للحسن والحسين رضي الله عنهما]

- ‌‌‌حديث آخر [

- ‌حديث آخر [

- ‌حَدِيثُ آخَرٌ فِيهِ كَرَامَةٌ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ

- ‌[عودة الحياة للموتى]

- ‌حَدِيثٌ فِيهِ كَرَامَةٌ لِوَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ

- ‌حديث أخرى [لتأييد هذه القصة]

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى مَعَ قِصَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ

- ‌‌‌قصة أخرى

- ‌قصة أخرى

- ‌[باب في كلام الأموات وعجائبهم]

- ‌قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ

- ‌[قصة كلام الربيع بن حراش بعد موته]

- ‌حديث غريب جدا [قصة الصبي الذي تكلم في المهد]

- ‌[من معجزات الشفاء]

- ‌قِصَّةُ الصَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ فَدَعَا لَهُ عليه السلام فَبَرَأَ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخر في ذلك [رد بصر الأعمى بدعاء علمه إياه]

- ‌حَدِيثٌ آخر [نفث في عينى أعمى فأبصر ومسح بيده على جرحى فبرءوا]

- ‌حديث آخر [قصة جمل جابر بن عبد الله]

- ‌حديث آخر [ركوبه فرس أبي طلحة وكان بطيئا فأصبح سريعا]

- ‌‌‌حديث آخر [ضربه فرس جعيل بمخفقته فأصبح من أسرع الخيول]

- ‌حديث آخر [

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حديث آخر [دعاؤه لابن عباس واستجابة دعوته]

- ‌حديث آخر [استجابة دعوته لأنس بن مالك بالبركة وطول العمر]

- ‌حديث آخر [دعاؤه للزوجين أن يؤلف الله بينهما فأجيب دعاؤه]

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌فصل في دعائه على قوم فاستجيب فيهم

- ‌حَدِيثٌ آخر

- ‌‌‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

- ‌بَابُ الْمَسَائِلِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأجاب عنها بما يطابق الحق الموافق لها في الكتب الموروثة عن الأنبياء

- ‌حديث آخر في معناه [إجابته يهوديا جاء يسأله عن مسائل]

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌قصة المباهلة

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ يَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَ الْيَهُودِ بِأَنَّهُ رَسُولُ الله ويتضمن تحاكمهم وَلَكِنْ بِقَصْدٍ مِنْهُمْ مَذْمُومٍ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌تبشير الكتب السابقة به

- ‌جوابه صلى الله عليه وسلم لمن ساءل عما سأل قبل أن يسأله عن شئ مِنْهُ

- ‌بَابُ مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَائِنَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فِي حَيَّاتِهِ وَبَعْدَهُ

- ‌إخباره بما وقع على حقيقته

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِخْبَارِ بِغُيُوبِ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ

- ‌فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَمِنْ كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي بَابِ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ

- ‌‌‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن الواقعة في آخر أيام عثمان وخلافة علي رضي الله عنهما

- ‌إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَكَمَيْنِ اللذين بعثا فى زمن علي

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وقتالهم

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَسِيَادَةِ وَلَدِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي تركه الأمر من بعده وإعطائه لمعاوية

- ‌إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزَاةِ الْبَحْرِ إلى قبرص

- ‌بَابُ مَا قِيلَ فِي قِتَالِ الرُّومِ

- ‌الْإِخْبَارُ عَنْ غَزْوَةِ الْهِنْدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ كَمَا سنبينه إن شاء الله

- ‌خبر آخر عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ

- ‌الإخبار عن بيت مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بِسَرِفَ

- ‌مَا رُوِيَ فى إخباره عَنْ مَقْتَلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌خَبَرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم لما وقع من الفتن من بنى هاشم بعد موته

- ‌الْإِخْبَارُ بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ يَزِيدَ أَيْضًا

- ‌معجزة أخرى [إخباره عما يناله ابن عباس في حياته من العلم والبلاء]

- ‌فصل في إخباره عن الكذابين الذين يظهرون

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ فِي ذِكْرِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ بِالْمَدْحِ، وَذِكْرُ غَيْلَانَ بِالذَّمِّ

- ‌الْإِشَارَةُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَعِلْمِهِ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَحِفْظِهِ

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِانْخِرَامِ قَرْنِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مِائَةٍ سَنَةٍ مِنْ لَيْلَةِ إخباره

- ‌حديث آخر [إخباره عن غلام يعيش مائة سنة فعاش]

- ‌الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَلِيدِ بِمَا فِيهِ لَهُ مِنِ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ الْوَلِيدُ بْنُ يزيد لا الوليد بن عبد الملك

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ [إخباره عن حكم بني أبي العاص]

- ‌ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ جُمْلَةً مِنْ جملة

- ‌الْإِخْبَارِ عَنْ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَكَانَ ظُهُورُهُمْ من خرسان فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ

- ‌الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ

- ‌الْإِخْبَارِ عَنْ أُمُورٍ وَقَعَتْ فِي دَوْلَةِ بَنِي العباس

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ أنس الإمام

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ

- ‌حديث آخر [إخباره عن خير الناس بعد المائتين]

- ‌حديث آخر [إخباره عن طبقات الناس]

- ‌حديث آخر [إخباره عن الخليفة الذي يدعو الناس إلى كفر]

- ‌حديث آخر [إخباره عن غزوة القسطنطينية]

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حديث آخر [إخباره عن القوم الذين يخرجون آخر الزمان وفي أيديهم مثل أذناب البقر]

- ‌حديث آخر [إخباره عن اتساع الدنيا على أمته]

- ‌حديث آخر [أخباره عن مجددي الدين]

- ‌باب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تفوق معجزات الأنبياء السابقين

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ نُوحٌ عليه السلام

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى تُشْبِهُ قِصَّةَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ [قصة اقتحام أبي عبيدة الثقفي دجلة]

- ‌قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بذلك [قصة اقتحام أبي مسلم الخولاني دجلة]

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ هُودٌ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ صَالِحٌ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ مُوسَى عليه السلام مِنَ الآيات

- ‌مقارنة بين عصا موسى وتسبيح الحصى فِي يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قِصَّةُ أَبِي مُوسَى الْخَوْلَانِيِّ

- ‌باب ما أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا أُعْطِيَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ

- ‌قِصَّةُ حَبْسِ الشَّمْسِ

- ‌القول فيما أعطي إدريس عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ دَاوُدُ عليه السلام

- ‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام

- ‌القول فيما أوتي عيسى بن مَرْيَمَ عليه السلام

- ‌قِصَّةٌ أخرى

- ‌قِصَّةُ الْأَعْمَى الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بدعاء الرسول

- ‌قصة أخرى [في شفاء رجل من العمى]

- ‌مائدة عيسى وما يناسبها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تبشير مريم البشريات التي صاحبت مولد النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌القول فيما أوتي إبراهيم الخليل عليه السلام

‌الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه السلام

قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ رحمه الله: وَأَمَّا خُمُودُ النَّارِ لِإِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام، فَقَدْ خَمَدَتْ لِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم نار فارس لِمَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ بِعْثَتِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ إِبْرَاهِيمَ لِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ لِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسَافَةُ أَشْهُرٍ كَذَا.

وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ خُمُودِ نَارِ فَارِسَ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ الْكَرِيمِ، قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ، عِنْدَ ذَكَرِ الْمَوْلِدِ المطهر الكريم، بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ.

ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا: مَعَ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي النَّارِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بِبَرَكَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ الخولانى، قال: بينما الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أبى مسلم الخولانى فقال: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أسمع، فأعاد إليه، قال: ما أسمع، فأمر بنار عظيمة فأججت فطرح فِيهَا أَبُو مُسْلِمٍ فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَئِنْ تَرَكْتَ هَذَا فِي بِلَادِكَ أَفْسَدَهَا عَلَيْكَ، فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيلِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ الرَّجُلُ؟

قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، قَالَ: مَا فَعَلَ الله بصاحبنا الذى حرق بِالنَّارِ فَلَمْ تَضُرَّهُ؟

قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بن أيوب، قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قال: فقبل ما بين عينيه ثم جاء بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمَّ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عليه السلام.

وَهَذَا السِّيَاقُ الذى أورده شيخنا بهذه الصفة.

ص: 403

وقد رَوَاهُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ رحمه الله فِي تَرْجَمَةِ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ الله بن أيوب فِي تَارِيخِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ عَبْدِ الوهاب بن محمد عن إسماعيل ابن عياش الحطيمى: حدثنى شراحيل بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ قَيْسِ بن ذى الحمار الْعَنْسِيَّ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ الخولانى فأتى به فلما جاء به قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فردد عليه ذلك مِرَارًا ثُمَّ أَمَرَ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ فَأُجِّجَتْ فَأَلْقَى فِيهَا فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لِلْأَسْوَدِ: انْفِهِ عَنْكَ وَإِلَّا أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ اتَّبَعَكَ، فَأَمَرَهُ فَارْتَحَلَ، فَأَتَى الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَنَاخَ أَبُو مُسْلِمٍ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ المسجد وقام يصلى إلى سارية، فبصر به عمر ابن الْخَطَّابِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، قَالَ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي حَرَقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بن أيوب، قَالَ:

فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قال: فاعتنقه ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: فَأَنَا أَدْرَكْتُ رِجَالًا مِنَ الْأَمْدَادِ الَّذِينَ يُمَدُّونَ إِلَيْنَا مِنَ الْيَمَنِ مِنْ خَوْلَانَ، رُبَّمَا تَمَازَحُوا فَيَقُولُ الْخَوْلَانِيُّونَ لِلْعَنْسِيِّينَ: صاحبكم الكذاب حرق صاحبنا بالنار ولم تَضُرَّهُ.

وَرَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دُحَيْمٍ:

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بن بشير عن أبى بشر- جعفر ابن أبى وحشية- أن رجلا أَسْلَمَ فَأَرَادَهُ قَوْمُهُ عَلَى الْكُفْرِ فَأَلْقَوْهُ فِي نَارٍ فَلَمْ يَحْتَرِقْ مِنْهُ إِلَّا أُنْمُلَةٌ لَمْ يَكُنْ فِيمَا مَضَى يُصِيبُهَا الْوُضُوءُ، فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أحق قال أبو بكر: أنت أُلْقِيتَ فِي النَّارِ

ص: 404

فَلَمْ تَحْتَرِقْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشام، وكانوا يسمونه بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تُحَقِّقُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ الْمُطَهَّرَةَ الْمُقَدَّسَةَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَوَاضِعَ السُّجُودِ، وَقَدْ نَزَلَ أَبُو مُسْلِمٍ بِدَارَيَّا مِنْ غَرْبِيِّ دِمَشْقَ وَكَانَ لَا يَسْبِقُهُ أَحَدٌ إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِدِمَشْقَ وَقْتَ الصُّبْحِ، وَكَانَ يغازى ببلاد الرُّومِ، وَلَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ بِدَارَيَّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَقَامُهُ الَّذِي كَانَ يَكُونُ فِيهِ، فَإِنَّ الْحَافِظَ ابْنَ عَسَاكِرَ رَجَّحَ أَنَّهُ مَاتَ بِبِلَادِ الرُّومِ، فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَقِيلَ:

فِي أَيَّامِ ابْنِهِ يَزِيدَ، بَعْدَ السِّتِّينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ وَقَعَ لِأَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحِوَارِيِّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى أستاذه أبى سليمان يعلمه بأن التَّنُّورَ قَدْ سَجَرُوهُ وَأَهْلُهُ يَنْتَظِرُونَ مَا يَأْمُرُهُمْ به، فوجده يكلم الناس وهم حوله فأخبره بِذَلِكَ فَاشْتَغَلَ عَنْهُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَعْلَمُهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَعْلَمُهُ مَعَ أُولَئِكَ الَّذِينَ حوله، فقال: اذهب فاجلس فيه، فذهب أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحِوَارِيِّ إِلَى التَّنُّورِ فَجَلَسَ فِيهِ وَهُوَ يَتَضَرَّمُ نَارًا فَكَانَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَا زَالَ فِيهِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ أَبُو سليمان من كلامه فقال لمن حواله: قُومُوا بِنَا إِلَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحِوَارِيِّ، فَإِنِّي أَظُنُّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى التَّنُّورِ فَجَلَسَ فيه امتثالا لما أمرته، فَذَهَبُوا فَوَجَدُوهُ جَالِسًا فِيهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ وَأَخْرَجَهُ مِنْهُ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْمَعَالِي: وَأَمَّا إِلْقَاؤُهُ- يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ فِي وَقْعَةِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَأَنَّ أَصْحَابَ مُسَيْلِمَةَ انْتَهَوْا إِلَى حَائِطٍ حَفِيرٍ فَتَحَصَّنُوا بِهِ وَأَغْلَقُوا الْبَابَ، فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ: ضَعُونِي على برش واحملونى على رؤوس الرِّمَاحِ ثُمَّ أَلْقُونِي مِنْ أَعْلَاهَا دَاخِلَ الْبَابِ، ففعل ذَلِكَ وَأَلْقَوْهُ عَلَيْهِمْ فَوَقَعَ وَقَامَ وَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ، وقتل مسيلمة، قلت: وقد ذكر مُسْتَقْصًى فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ حِينَ

ص: 405

بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ مُسَيْلِمَةَ وَبَنِي حَنِيفَةَ، وَكَانُوا فِي قَرِيبٍ (مِنْ) مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَلَمَّا الْتَقَوْا جَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يَفِرُّونَ، فقال المهاجرون والأنصار: خلصنا يا خالد، فميزهم عنهم، وكان الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَصَمَّمُوا الحملة وجعلوا يتدابرون وَيَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، بَطَلَ السِّحْرُ اليوم، فهزموهم بإذن الله ولجأوهم إلى حديقة هناك، وَتُسَمَّى حَدِيقَةُ الْمَوْتِ، فَتَحَصَّنُوا بِهَا، فَحَصَرُوهُمْ فِيهَا، ففعل البراء بن مالك، أخو أنس ابن مَالِكٍ- وَكَانَ الْأَكْبَرَ- مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِهِ على الأسنة فَوْقَ الرِّمَاحِ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ أَعْلَى سُورِهَا، ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ وَنَهَضَ سَرِيعًا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ وَحْدَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى تَمَكَّنَ من فتح الْحَدِيقَةِ وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ يُكَبِّرُونَ وَانْتَهَوْا إِلَى قَصْرِ مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كأنه جمل أزرق، أى من سمرته، فابتدروه وحشى ابن حَرْبٍ الْأَسْوَدُ، قَاتِلُ حَمْزَةَ، بِحَرْبَتِهِ، وَأَبُو دُجَانَةَ سماك بن حرشة الْأَنْصَارِيُّ- وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ شَيْخُنَا هَذَا أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ- فَسَبَقَهُ وَحْشِيٌّ فَأَرْسَلَ الْحَرْبَةَ عَلَيْهِ مِنْ بُعْدٍ فَأَنْفَذَهَا مِنْهُ، وَجَاءَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَعَلَاهُ بِسَيْفِهِ فَقَتَلَهُ، لَكِنْ صرخت جارية من فوق القصر:

وا أميراه، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ، وَيُقَالُ: إِنَّ عُمُرَ مَسَيْلِمَةَ يوم قتل مائة وأربعين سنة، لعنة الله، فمن طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ قَبَّحَهُ اللَّهُ.

وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام.

وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فَإِنَّهُ قال: فإن قيل: فإن إبراهيم اختص بِالْخُلَّةِ مَعَ النُّبُوَّةِ، قِيلَ: فَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ مُحَمَّدًا خَلِيلًا وَحَبِيبًا، وَالْحَبِيبُ أَلْطَفُ مِنَ الْخَلِيلِ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَبْدِ

ص: 406

الله بن أبى الهديل، كلهم عن أبى الأحوص، عوف ابن مالك الجشيمى، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ الله صاحبكم خليلا، هذا لفظ مسلم، ورواه أَيْضًا مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ كَمَا سَأَذْكُرُهُ.

وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَفِي أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا سُقْتُ ذَلِكَ فِي فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه.

وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ هُنَالِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَالْبَرَاءِ وجابر وكعب بن مالك وأبى الحسين بن العلى وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.

ثُمَّ إِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ كَعْبِ بْنِ مالك أنه قال: عهدى نبيكم صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا لَهُ خَلِيلٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا، وَهَذَا الْإِسْنَادُ ضعيف، ومن حديث محمد ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ نَبِيٍّ خَلِيلٌ، وَخَلِيلِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَخَلِيلُ صَاحِبِكُمُ الرَّحْمَنُ، وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضِّحَاكِ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ تُجَاهَيْنِ وَالْعَبَّاسُ بَيْنَنَا مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ، غَرِيبٌ وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، انْتَهَى مَا أَوْرَدَهُ أَبُو نُعَيْمٍ رحمه الله، وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا زكريا ابن عدى، حدثنا عبيد الله ابن عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

ص: 407

الحارث، حدثنى جندب ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يقول: إن أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ يَكُونَ لى بينكم خليلا فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أنهاكم عن ذلك، وأما اتخاذه حسينا خليلا، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِسْنَادِهِ أَبُو نُعَيْمٍ.

وَقَدْ قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي كِتَابِهِ الْمَبْعَثِ: حَدَّثَنَا يحيى ابن حمزة الحضرمى وعثمان بن علان الْقُرَشِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَدْرَكَ بِيَ الْأَجَلَ الْمَرْقُومَ وأخذنى لقربه، وَاحْتَضَرَنِي احْتِضَارًا، فَنَحْنُ الْآخِرُونَ، وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا قَائِلٌ قَوْلًا غَيْرَ فَخْرٍ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، وَمُوسَى صَفِّيُّ اللَّهِ، وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وأن بيدى لواء الحمد، وَأَجَارَنِي اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ ثَلَاثٍ أَنْ لَا يهلككم بسنة، وأن يستبيحكم عدوكم، وأن لا تجمعوا على ضلالة، وأما الفقيه أبو محمد عبد الله ابن حَامِدٍ فَتَكَلَّمَ عَلَى مَقَامِ الْخُلَّةِ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ إِلَى أَنْ قَالَ: وَيُقَالُ: الْخَلِيلُ الَّذِي يَعْبُدُ رَبَّهُ عَلَى الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)«1» من كثرة ما يقول: أواه، وَالْحَبِيبُ الَّذِي يَعْبُدُ رَبَّهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَيُقَالُ الْخَلِيلُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ انْتِظَارُ الْعَطَاءِ، وَالْحَبِيبُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ انْتِظَارُ اللِّقَاءِ، وَيُقَالُ الْخَلِيلُ الَّذِي يَصِلُ بِالْوَاسِطَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)«2» والحبيب الذى يصل إليه من غير واسطة، مِنْ قَوْلِهِ: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «3» وقال الخليل: وَالَّذِي

(1) سورة التوبة، الآية:114.

(2)

سورة الأنعام، الآية:75.

(3)

سورة النجم، الآية:9.

ص: 408

أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)«1» وَقَالَ اللَّهُ لِلْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «2» وقال الخليل: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ «3» وقال الله للنبى: يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ «4» وقال الخليل حين ألقى فى النار: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)«5» وَقَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)«6» وَقَالَ الْخَلِيلُ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «7» وقال الله لمحمد: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى «8» وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)«9» وقال الله لمحمد: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ «10» وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (35)«11» وَقَالَ اللَّهُ لِلْحَبِيبِ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33)«12» وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)«13» وقال الله لمحمد: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «14» ، وذكر أشياء أخر.

(1) سورة الشعراء، الآية:82.

(2)

سورة الفتح، الآية:2.

(3)

سورة الشعراء، الآية:87.

(4)

سورة التحريم، الآية:8.

(5)

سورة آل عمران، الآية:173.

(6)

سورة الأنفال، الآية:64.

(7)

سورة الصافات، الآية:99.

(8)

سورة الضحى، الآية:7.

(9)

سورة الشعراء، الآية:84.

(10)

سورة الشرح، الآية:4.

(11)

سورة إبراهيم، الآية:35.

(12)

سورة الأحزاب، الآية:33.

(13)

سورة الشعراء، الآية:85.

(14)

سورة الكوثر، الآية:1.

ص: 409

وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي سَأَقُومُ مَقَامًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّى أَبُوهُمْ إبراهيم الخليل، فدل على أنه أفضل إذ هو يحتاج إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بَعْدَهُ لَذَكَرَهُ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حجب عن نمروذ بِحُجُبٍ ثَلَاثَةٍ، قِيلَ: فَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَحُجِبَ محمد صلى الله عليه وسلم عمن أرادوه بِخَمْسَةِ حُجُبٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9)«1» فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، ثُمَّ قَالَ:

وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45)«2» ثُمَّ قَالَ: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)«3» فهذه خمس حُجُبٍ.

وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَامِدٍ، وَمَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ مِنَ الْآخَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَرِيبٌ، وَالْحُجُبُ الَّتِي ذَكَرَهَا لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَا أَدْرِي مَا هِيَ، كَيْفَ وَقَدْ أَلْقَاهُ فِي النَّارِ الَّتِي نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهَا، وَأَمَّا ما ذكره من الحجب التى استدل عَلَيْهَا بِهَذِهِ الْآيَاتِ، فَقَدْ قِيلَ:

إِنَّهَا جَمِيعَهَا مَعْنَوِيَّةٌ لَا حِسِّيَّةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يَخْلُصُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ «4» وقد حررنا ذلك في التفسير.

(1) سورة يس، الآية:9.

(2)

سورة الإسراء، الآية:45.

(3)

سورة يس، الآية:8.

(4)

سورة فصلت، الآية:5.

ص: 410

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السِّيرَةِ وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّ أُمَّ جَمِيلٍ امْرَأَةَ أَبِي لَهَبٍ، لَمَّا نَزَلَتِ السُّورَةُ فِي ذَمِّهَا وَذَمِّ زَوْجِهَا، وَدُخُولِهِمَا النَّارَ، وخسارهما، جاءت بفهر- وهو الحجر الكبير- لَتَرْجُمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَانْتَهَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَتْ لِأَبِي بكر: أين صاحبك؟ فقال: وماله؟ فقالت: إنه هجانى، فقال: ما هَجَاكِ، فَقَالَتْ:

وَاللَّهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَأَضْرِبَنَّهُ بِهَذَا الفهر، ثم رجعت وهى تقول: مذمما أتينا، ودينه قلينا، وكذلك حجب ومنع أبا جَهْلٍ حِينَ هَمَّ أَنْ يَطَأَ بِرِجْلِهِ رَأْسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ، فرأى جدثا من نار وهو لا عَظِيمًا وَأَجْنِحَةَ الْمَلَائِكَةِ دُونَهُ، فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَهُوَ يتقى بيديه، فقالت له قريش: مالك، وَيَحَكَ؟

فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا رَأَى، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَقْدَمَ لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا، وَكَذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ وَقَدْ أرصدوا على مدرجته وطريقه، وأرسلوا إلى بَيْتِهِ رِجَالًا يَحْرُسُونَهُ لِئَلَّا يَخْرُجَ، وَمَتَى عَايَنُوهُ قَتَلُوهُ، فَأَمَرَ عَلِيًّا فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، ثُمَّ خرج عليهم وهم جلوس، فجعل يذر عَلَى رَأْسِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ تُرَابًا وَيَقُولُ: شاهت الوجوه، فلم يَرَوْهُ حَتَّى صَارَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي السِّيرَةِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَنْكَبُوتَ سَدَّ عَلَى بَابِ الْغَارِ لِيُعَمِّيَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَكَانَهُ.

وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَظَرَ أَحَدُهُمْ إِلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا «1» ؟

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:

نَسْجُ دَاوُدَ مَا حَمَى صَاحِبَ الغار

وَكَانَ الْفَخَارُ لِلْعَنْكَبُوتِ

وَكَذَلِكَ حُجِبَ وَمُنِعَ مِنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ حِينَ اتَّبَعَهُمْ،

(1) أخرجه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي لله (3653)(10/ 527) وأحمد في مسنده (1/ 434) .

ص: 411

بِسُقُوطِ قَوَائِمِ فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ أَمَانًا كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْهِجْرَةِ.

وذكر ابن حامد فى كتابه فى «المقابلة» إِضْجَاعِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَلَدَهُ لِلذَّبْحِ مُسْتَسْلِمًا لأمر الله تعالى، ببذل رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ يَوْمَ أُحُدٍ وَغَيْرَهُ حَتَّى نَالَ مِنْهُ الْعَدُوُّ مَا نَالُوا، مِنْ هَشْمِ رَأَسِهِ، وَكَسْرِ ثَنِيَّتِهِ الْيُمْنَى السُّفْلَى، كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي السِّيرَةِ، ثُمَّ قَالَ: قَالُوا: كَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام أَلْقَاهُ قَوْمُهُ فِي النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ بَرْدًا وَسَلَامًا، قُلْنَا: وَقَدْ أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بِخَيْبَرَ سَمَّتْهُ الْخَيْبَرِيَّةُ، فَصُيِّرَ ذَلِكَ السُّمُّ فِي جَوْفِهِ بَرْدًا وَسَلَامًا إِلَى منتهى أجله، والسم عرق إِذْ لَا يَسْتَقِرُّ فِي الْجَوْفِ كَمَا تَحْرِقُ النَّارُ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَنَّ بِشْرَ ابن الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ مَاتَ سَرِيعًا مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ، وَأَخْبَرَ ذِرَاعُهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أُودِعَ فِيهِ مِنَ السُّمِّ، وَكَانَ قَدْ نَهَشَ مِنْهُ نَهْشَةً، وَكَانَ السُّمُّ فِيهِ أَكْثَرَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْهَمُونَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الذِّرَاعَ، فَلَمْ يَضُرَّهُ السُّمُّ الَّذِي حَصَلَ فِي بَاطِنِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عز وجل، حَتَّى انقضى أجله، فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ حِينَئِذٍ مِنْ أَلَمِ ذَلِكَ السم الذى كان فى تلك الأكلة صلى الله عليه وسلم،.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيِّ، فَاتِحِ بِلَادِ الشَّامِ، أَنَّهُ أُتِيَ بِسُمٍّ فحثاه بِحَضْرَةِ الْأَعْدَاءِ لِيُرْهِبَهُمْ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَرَ بَأْسًا، رضي الله عنه.

ثُمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فإن قيل: فإن إبراهيم خصم نمروذ بِبُرْهَانِ نُبُوَّتِهِ فَبَهَتَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ «1» قِيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ الكذاب بِالْبَعْثِ، أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، بِعَظْمٍ بَالٍ فَفَرَكَهُ وقال: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ

(1) سورة البقرة، الآية:258.

ص: 412

رَمِيمٌ (78)«1» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْبُرْهَانَ السَّاطِعَ: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)«2» فَانْصَرَفَ مَبْهُوتًا بِبُرْهَانِ نُبُوَّتِهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا أَقْطَعُ للحجة، وهو استدلاله للمعاد بِالْبَدَاءَةِ، فَالَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونُوا شَيْئًا مَذْكُورًا، قَادِرٌ عَلَى إِعَادَتِهِمْ كَمَا قَالَ:

أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)«3» أَيْ يُعِيدُهُمْ كَمَا بَدَأَهُمْ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:

بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (40) * «4» وقال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ»

هَذَا وَأَمْرُ الْمَعَادِ نَظَرِيٌّ لَا فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، فَأَمَّا الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ فَإِنَّهُ مُعَانِدٌ مُكَابِرٌ فَإِنَّ وُجُودَ الصانع مذكورا فِي الْفِطَرِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مَفْطُورٌ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا مَنْ تَغَيَّرَتْ فِطْرَتُهُ، فَيَصِيرُ نَظَرِيًّا عِنْدَهُ، وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَجْعَلُ وُجُودَ الصَّانِعِ مِنْ بَابِ النَّظَرِ لَا الضَّرُورِيَّاتِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَدَعْوَاهُ أنه هو الذى يحيى الموتى، لَا يَقْبَلُهُ عَقْلٌ وَلَا سَمْعٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يُكَذِّبُهُ بِعَقْلِهِ فِي ذَلِكَ، وَلِهَذَا أَلْزَمَهُ إِبْرَاهِيمُ بِالْإِتْيَانِ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ إِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَى فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكُرَ مَعَ هَذَا أَنَّ الله تعالى سلط محمدا عَلَى هَذَا الْمُعَانِدِ لَمَّا بَارَزَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَتَلَهُ بِيَدِهِ الكريمة، طعنه بحربة فأصاب ترقوته فتردى عن فرسه مرارا، فقالوا له: ويحك مالك؟ فَقَالَ:

وَاللَّهِ إِنَّ بِي لَمَا لَوْ كَانَ بِأَهْلِ ذِي الْمَجَازِ لَمَاتُوا أَجْمَعِينَ: أَلَمْ يَقُلْ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ؟

وَاللَّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيَّ لقتلنى- وكان هَذَا لَعَنَهُ اللَّهُ قَدْ أَعَدَّ فَرَسًا وَحَرْبَةً ليقتل بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فكان كذلك يوم أحد.

(1) سورة يس، الآية:78.

(2)

سورة يس، الآية:79.

(3)

سورة يس الآية: 81.

(4)

سورة القيامة، الآية:40.

(5)

سورة الروم، الآية:27.

ص: 413

ثُمَّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام كَسَرَ أَصْنَامَ قَوْمِهِ غَضَبًا لِلَّهِ، قِيلَ: فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كسر ثلثمائة وستين صنما، قد ألزمها الشَّيْطَانُ بِالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ، فَكَانَ كُلَّمَا دَنَا مِنْهَا بِمِخْصَرَتِهِ تَهْوِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهَا، وَيَقُولُ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (81)«1» فَتَسَاقَطُ لِوُجُوهِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهِنَّ فَأُخْرِجْنَ إلى الميل، وَهَذَا أَظْهَرُ وَأَجْلَى مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي أَوَّلِ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ مِنَ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا، بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السِّيَرِ أن الأصنام تساقطت أيضا لمولده الْكَرِيمِ، وَهَذَا أَبْلَغُ وَأَقْوَى فِي الْمُعْجِزِ مِنْ مُبَاشَرَةِ كَسْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَارَ فَارِسَ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا خَمَدَتْ أَيْضًا لَيْلَتَئِذٍ، وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ، وَأَنَّهُ سَقَطَ من شرفات قصر كسرى أربع عشر شرفة، مؤذنة بزوال دولتهم بَعْدَ هَلَاكِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ مُلُوكِهِمْ فِي أَقْصَرِ مُدَّةٍ، وَكَانَ لَهُمْ فِي الْمُلْكِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَأَمَّا إِحْيَاءُ الطُّيُورِ الأربعة لإبراهيم عليه السلام، فلم يذكر أَبُو نُعَيْمٍ وَلَا ابْنُ حَامِدٍ. وَسَيَأْتِي فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى عَلَى يَدِ عِيسَى عليه السلام مَا وَقَعَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مِنْ هَذَا النمط ما هو مثل ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ إِذَا انْتَهَيْنَا إليه، من إحياء أموات بدعوات أَمَتِّهِ، وَحَنِينِ الْجِذْعِ، وَتَسْلِيمِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ وَالْمَدَرِ عَلَيْهِ، وَتَكْلِيمِ الذِّرَاعِ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)«2» وَالْآيَاتُ بَعْدَهَا، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)«3» .

(1) سورة الإسراء، الآية:81.

(2)

سورة الأنعام، الآية:75.

(3)

سورة الإسراء، الآية:1.

ص: 414

وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ بَعْدُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَحَادِيثِ الْإِسْرَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَمِنَ التَّفْسِيرِ مَا شَاهَدَهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَى سماء الدنيا، ثم عاين من الآيات فى السموات السَّبْعِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَجَنَّةِ الْمَأْوَى، وَالنَّارِ الَّتِي هِيَ بِئْسَ الْمَصِيرُ وَالْمَثْوَى، وَقَالَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي حَدِيثِ الْمَنَامِ- وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَغَيْرُهُمَا- فتجلى لى كل شئ وَعَرَفْتُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي مُقَابَلَةِ ابْتِلَاءِ الله يعقوب عليه السلام بفقده وَلَدِهِ يُوسُفَ عليه السلام وَصَبْرِهِ وَاسْتِعَانَتِهِ رَبَّهُ عز وجل، موت إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَبْرَهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلَهُ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِكَ يا إبراهيم لمحزونون، قلت:

وقد مات بَنَاتُهُ الثَّلَاثَةُ: رُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَزَيْنَبُ، وَقُتِلَ عمه الحمزة، أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَذَكَرَ فِي مُقَابَلَةِ حُسْنِ يُوسُفَ عليه السلام مَا ذَكَرَ مِنْ جَمَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَهَابَتِهِ وَحَلَاوَتِهِ شَكْلًا ونفعا وهديا، ودلا، ويمنا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَمَائِلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ على ذلك، كما قالت الربيع بنت مسعود: لَوْ رَأَيْتَهُ لَرَأَيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً، وَذَكَرَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ يُوسُفُ عليه السلام مِنَ الْفُرْقَةِ وَالْغُرْبَةِ، هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمُفَارَقَتَهُ وَطَنَهُ وَأَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ كَانُوا بِهَا.

ص: 415