الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتَّبَعَهُمَا، هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا، وَآفَتُهُ مِنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى هَذَا- وَهُوَ الْكِنْدِيُّ الْحِمْيَرِيُّ الْأَعْمَى-.
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْحَكَمَانِ كَانَا مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، وَهُمَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ السَّهْمِيُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الشَّامِ، وَالثَّانِي أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَإِنَّمَا نُصِبَا لِيُصْلِحَا بَيْنَ النَّاسِ وَيَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ فِيهِ رِفْقٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَحَقْنٌ لِدِمَائِهِمْ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ وَلَمْ يَضِلَّ بِسَبَبِهِمَا إِلَّا فِرْقَةُ الْخَوَارِجِ حَيْثُ أَنْكَرُوا على الأمرين التَّحْكِيمَ، وَخَرَجُوا عَلَيْهِمَا وَكَفَّرُوهُمَا، حَتَّى قَاتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَاظَرَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ شِرْذِمَةٌ إِلَى الْحَقِّ، وَاسْتَمَرَّ بَقِيَّتُهُمْ حَتَّى قُتِلَ أَكْثَرُهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَوَاقِفِ الْمَرْذُولَةِ عليهم كما سنذكره.
إخباره صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وقتالهم
«1»
قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، ثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقْسِمُ قَسَمًا، أَتَاهُ ذُو الخويصرة- وهو رجل من بنى تميم-
(1) السيرة الحلبية (3/ 342.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، وَمَنْ يعدل؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مع صيامهم، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شئ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شئ، ثم ينظر إلى نضبه وهو قدحه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى قذذه فلم يوجد فيه شئ، وقد سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبِضْعَةِ تَدَرْدُرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
وأشهد أن على ابن أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَهُ «1» .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالضَّحَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حديث سفيان ابن سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَمُسْلِمٍ عَنْ هَنَّادٍ عن أبى الأحوص سلام ابن سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن يعمر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ وَقَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَمْرُقُ مارقة عند فرقة الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ عَنْ أبى سعيد مرفوعا.
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (3610)(10/ 482) .
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابن مسهر عن الشيبانى بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، هَلْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ- وَفِي رِوَايَةٍ نَحْوَ الْعِرَاقِ- يخرج قوم يقرؤون الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، مُحَلِّقَةٌ رؤوسهم.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذر نحوه وقال: سيماهم التحليق، شر الخلق والخليفة، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعا، وقال: سيماهم التحليق، شر الخلق والخليفة.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عن سويد ابن غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِّيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ إلى يَوْمَ الْقِيَامَةِ «1» .
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ عن حماد عن أيوب عن محمد بن عبيدة عن على فى خبر مثدون الْيَدِ وَهُوَ ذُو الثُّدَيَّةِ، وَأَسْنَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَفِيهِ: أَنَّهُ حَلَّفَ عَلِيًّا عَلَى ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ بِالْقِصَّةِ مُطَوَّلَةً وَفِيهِ قِصَّةُ ذِي الثُّدَيَّةِ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زيد عن حميد بن مرة عن أبى العرضى والسحيمى عن على فى قصة ذى الثدية.
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (3611)(10/ 485) .
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى- رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ- عَنْ عَلِيٍّ بِالْقِصَّةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ بَكْرِ بن قرقاش عن سعيد ابن أَبِي وَقَاصٍّ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَا الثُّدَيَّةِ فَقَالَ: شَيْطَانُ الردهة كراعى الخيل يحذره رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ يُقَالُ لَهُ: الْأَشْهَبُ، أَوِ ابْنُ الْأَشْهَبِ عَلَامَةٌ فِي قَوْمٍ ظَلَمَةٍ، قَالَ سفيان: فأخبرنى عمار الذهبى أَنَّهُ جَاءَ بِهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: الْأَشْهَبُ، أَوِ ابْنُ الْأَشْهَبِ.
قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَامِدٍ الْهَمْدَانِيِّ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قتل على ابن أَبِي طَالِبٍ شَيْطَانَ الرَّدْهَةِ- يَعْنِي الْمُخْدَجَ- يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَتَلَهُ أَصْحَابُ عَلِيٍّ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَتْ عَائِشَةُ أَنَّ جَيْشَ الْمَرْوَةِ وَأَهْلَ النَّهْرَوَانِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَيْشُ الْمَرْوَةِ قَتَلَهُ عُثْمَانُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا الْحَاكِمُ، أَنَا الْأَصَمُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:
لَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ خَاصِفُ النَّعْلِ- يَعْنِي عَلِيًّا- وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمران ابن جرير عَنْ لَاحِقٍ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ بِالنَّهْرَوَانِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي الْحَدِيدِ، فَرَكِبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَلَمْ يَقْتُلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا تِسْعَةَ رَهْطٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَاذْهَبْ إِلَى أَبِي برزة فإنه يشهد بذلك، قُلْتُ: الْأَخْبَارُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ ذَلِكَ من طرق تفيد القطع عن