المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن] - منار الهدى في بيان الوقف والابتدا ت عبد الرحيم الطرهوني - جـ ١

[الأشموني، المقرئ]

فهرس الكتاب

- ‌فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة

- ‌[الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن]

- ‌مطلب تنوع الوقف

- ‌مطلب مراتب الوقف

- ‌تنبيهات

- ‌[اتباع رسم المصحف]

- ‌[ذكر إنما]

- ‌[ذكر عمّا]

- ‌[ذكر ماذا]

- ‌[ذكر أينما]

- ‌[ذكر كل ما]

- ‌[ذكر فإن لم]

- ‌[ذكر إمَّا]

- ‌[ذكر إلَّا]

- ‌[ذكر كيلا، لكيلا]

- ‌[ذكر نعمة]

- ‌[ذكر امرأة مقرونة بزوجها]

- ‌[كراهة التأكل بالقرآن]

- ‌[تعلُّق الكلم بعضه ببعض]

- ‌[الوقف الاضطراري]

- ‌[المُتَعَسَّفُ الموقوف عليه]

- ‌[المراعة في الوقف]

- ‌[ذكر الذين، الذي]

- ‌[أصل بلى]

- ‌[ذكر بلى، نعم، كلّا]

- ‌[تسبيع السبعة]

- ‌[عدّ الآي، ومن قام به]

- ‌[عدد كلماته، حروفه، نقطه]

- ‌[الخلاف في فواتح السور]

- ‌مطلب علوم القرآن ثلاثة

- ‌مطلب استخراج عمر النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن

- ‌مطلب ثواب القارئ

- ‌مطلب أهل الجنة يقرءون فيها

- ‌مطلب كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مطلب ما لقارئ القرآن في بيت المال

- ‌مطلب الاستعاذة

- ‌مطلب البسملة

- ‌مطلب وصل أوائل السور بأواخرها

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

الفصل: ‌[الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن]

‌فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة

[الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن]

الفائدة الأولى: في ذكر الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن وهو فن جليل قال عبد الله ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما: لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده، وكل حرف منه ينادي: أنا رسول الله إليك؛ لتعمل بي وتتعظ بمواعظي.

قال النحاس (1): فهذا يدل على أنهم كانوا يتعلمون الوقوف كما يتعلمون القرآن، حتى قال بعضهم: إن معرفته تُظْهِر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة، كما لو وقف على قوله:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] فالوقف على «يختار» هو مذهب أهل السنة؛ لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق؛ فليس لأحد أن يختار، بل الخيرة لله تعالى، أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه، وقال علي -كرم الله وجهه- في قوله تعالى:{وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل: 4]: الترتيل تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف.

وقال ابن الأنباري (2): من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء؛ إذ لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن إلَّا بمعرفة الفواصل، فهذا أدل دليل على وجوب تعلمه وتعليمه. وحُكي أن عبد الله بن

(1) وهو: أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري، أبو جعفر النحاس، مفسر، أديب، مولده ووفاته بمصر، كان من نظراء نفطويه وابن الأنباري، زار العراق واجتمع بعلمائه، وصنف: تفسير القرآن، وإعراب القرآن، وتفسير أبيات سيبويه، وناسخ القرآن ومنسوخه، والقطع والاستئناف، ومعاني القرآن، الجزء الأول منه، وشرح المعلقات السبع (ت338 هـ). انظر: ابن خلّكان (1/ 29)، النجوم الزاهرة (3/ 300)، البداية والنهاية (11/ 222)، إنباه الرواة (1/ 101)، آداب اللغة (2/ 182).

(2)

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري، من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة، ومن أكثر الناس حفظا للشعر والأخبار، قيل: كان يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن. أخذ عن أبيه وثعلب وطائفة، وعنه الدارقطني وغيره، ولد في الأنبار (على الفرات)، وتوفي ببغداد، وكان يتردد إلى أولاد الخليفة الراضي بالله، يعلمهم. من كتبه: الزاهر في اللغة، وشرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، وإيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، الهاءات في كتاب الله عز وجل، والكافي في النحو، وعجائب علوم القرآن، وشرح الألفات، وخلق الإنسان، والأمثال، والأضداد، وأجل كتبه: غريب الحديث، وله: الأمالي (ت328 هـ). انظر: تاريخ بغداد (3/ 181 - 186)، معجم الأدباء (18/ 306 - 313)، الكامل في التاريخ (8/ 118)، تذكرة الحفاظ (3/ 57 - 59)، البداية والنهاية (11/ 196)، نزهة الألباء (ص: 330 - 342)، المختصر في أخبار البشر (2: 92)، طبقات القراء (2/ 230 - 232)، الأعلام (7/ 226، 227).

ص: 13

عمر قد قام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين، وعند تمامها نحر بدنة، أخرجه مالك في الموطأ. وقول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي: ولم يخالفه غيره ولم يكن للرأي فيه مجال، وهذا لا دخل للرأي فيه فلو خالفه غيره أو كان للرأي فيه مجال -لا يكون قوله حجة.

واشتهر هذا الفن عن جماعة من الخلف، وهم: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني القارئ (1)، وعن صاحبه يعقوب بن إسحاق الحضرميِّ البصريِّ (2)، وعن أبي حاتم السجستاني (3)، وعن محمد بن عيسى، وعن أحمد بن موسى (4)، وعن علي بن حمزة الكسائي (5)، وعن القراء الكوفيين، وعن الأخفش سعيد (6)، وعن أبي عبيدة معمر بن

(1) مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب المدني أحد القراء السبعة والأعلام ثقة صالح، أخذ القراءة عرضًا عن جماعة من تابعي أهل المدينة منهم عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وأبي جعفر القارئ وشيبة بن نصاح ويزيد بن رومان ومسلم بن جندب، وروى القراءة عنه عرضًا وسماعًا إسماعيل بن جعفر وعيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جماز ومالك بن أنس وعيسى بن مينا قالون (ت169هـ).انظر: التاريخ الكبير (8/ 87)، ميزان الاعتدال (4/ 242)، عبر الذهبي (1/ 257)، طبقات القراء لابن الجزري (2/ 330 – 334)، تهذيب التهذيب (10/ 407، 408).

(2)

الإمام المجود الحافظ، مقرئ البصرة، أبو محمد الحضرمي مولاهم البصري، أحد القراء العشرة، تلا على أبي المنذر سلام الطويل، وأبي الأشهب العطاردي، ومهدي بن ميمون، وشهاب بن شرنفة، وسمع أحرفا من حمزة الزيات، وسمع الكثير من شعبة، وهمام، وأبي عقيل الدورقي (ت205هـ). انظر: طبقات ابن سعد (7/ 304)، التاريخ الكبير (8/ 399، 400)، التاريخ الصغير (2/ 304)، معرفة القراء الكبار للذهبي (1/ 130)، غاية النهاية في طبقات القراء (2/ 386 – 389).

(3)

سهل بن محمد بن عثمان الجشمي السجستاني، من كبار العلماء باللغة والشعر، من أهل البصرة كان المبرد يلازم القراءة عليه، له نيف وثلاثون كتابا، منها كتاب: المعمرين، والنخلة، وما تلحن فيه العامة، والشجر والنبات، والطير، والأضداد، والوحوش، والحشرات، والشوق إلى الوطن، والعشب والبقل، والفرق بين الآدميين، وكل ذي روح، والمختصر في النحو على مذهب الأخفش وسيبويه، وله شعر جيد (ت248 هـ).

(4)

ابن مجاهد التميمي البغدادي شيخ الصنعة وأول من سبَّع السبعة، قرأ على عبد الرحمن بن عبدوس وقنبل المكي وعبد الله ابن كثير المؤدب وغيرهم، قرأ عليه وروى عنه الحروف أحمد بن محمد بن بشر الشارب وأحمد بن نصر الشذائي وأحمد بن موسى بن عبد الرحمن وغيرهم كثير (ت324هـ).انظر: معجم الأدباء (5/ 65 – 73)، معرفة القراء (1/ 216 – 218)، البداية والنهاية (11/ 185)، غاية النهاية (1/ 139 - 142).

(5)

الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات، وأحد الأئمة السبعة، أخذ القراءة عرضا عن حمزة أربع مرات وعليه اعتماده وعن عيسى بن عمر الهمداني، وروى الحروف عن أبي بكر ابن عياش وإسماعيل ويعقوب ابني جعفر عن نافع، أخذ عنه القراءة عرضا وسماعا إبراهيم ابن زاذان وأحمد بن جبير وأحمد بن أبي سريج وحفص بن عمر الدوري (ت189هـ). انظر: التاريخ الكبير (6/ 268)، طبقات النحويين (138، 142)، معجم الأدباء (13/ 167، 203)، دول الإسلام (1/ 120)، البداية والنهاية (11/ 201، 202).

(6)

الأخفش الأوسط: سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، أبو الحسن، المعروف بالأخفش الأوسط، نحوي، عالم باللغة والأدب، من أهل بلخ، سكن البصرة، وأخذ العربية عن سيبوية، وصنف كتبا منها: تفسير معاني القرآن، وشرح أبيات المعاني، والاشتقاق، ومعاني الشعر، وكتاب الملوك، والقوافي، وزاد في العروض بحر (المتدارك)، وكان الخليل قد جعل البحور خمسة عشر فأصبحت ستة عشر (ت215 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء (7/ 188).

ص: 14

المثنى (1)، وعن محمد بن يزيد (2)، والقتبيِّ الدينوريِّ (3)، وعن أبي محمد الحسن بن علي العماني (4)، وعن أبي عمرو عثمان الداني (5)، وعن أبي جعفر محمد بن طيفور السجاوندي (6)، وعن أبي جعفر يزيد بن

(1) معمر بن المثني معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري (أبو عبيدة) أديب، لغوي، نحوي عالم بالشعر والغريب والاخبار والنسب، ولد وتوفي بالبصرة، من تصانيفه الكثيرة: معاني القرآن، نقائض جرير والفرزدق، مقاتل الفرسان، أخبار قضاة البصرة، وغريب بطون العرب (ت209 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (12/ 309).

(2)

المبرد، إمام النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، البصري، النحوي، الإخباري، صاحب «الكامل» ، أخذ عن: أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان، وإسماعيل الصفار، والصولي، وأحمد بن مروان الدينوري، وعدة، صاحب نوادر وطرف، قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع العلوم من ثعلب. يقال: إن المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرد، أي: المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء. وكان آية في النحو، كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه (ت286هـ). انظر: طبقات النحويين واللغويين (ص: 101–110)، معجم الأدباء (19/ 111 – 122)، البداية والنهاية (11/ 79 – 80)، طبقات القراء لابن الجزري (2/ 280).

(3)

عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد: من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين، ولد ببغداد وسكن الكوفة، ثم ولي قضاء الدينور مدة، فنسب إليها، وتوفي ببغداد، من كتبه:«تأويل مختلف الحديث» ، و «أدب الكاتب» و «المعارف» وكتاب «المعاني» ثلاثة مجلدات، و «عيون الأخبار» و «الشعر والشعراء» و «الإمامة والسياسة» و «الأشربة» و «الرد على الشعوبية» و «فضل العرب على العجم» و «الرحل والمنزل» و «الاشتقاق» و «مشكل القرآن» ، «المشتبه من الحديث والقرآن» و «العرب وعلومها» و «تفسير غريب القرآن» (ت 276 هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 458)، البدء والتاريخ (5/ 97)، صفة الصفوة (1/ 154)، حلية الأولياء (1/ 124)، الأعلام للزركلي (4/ 137).

(4)

أبو محمد الحسن بن علي بن سعيد العماني، مقرئ، من تصانيفه: المقصد، والمرشد في الوقف والابتداء، وهو الذي اختصره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري بـ «المقصد لتلخيص ما في المرشد، توفي بعد سنة (500 هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 223).

(5)

أبو عمرو الداني عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، ويقال له ابن الصيرفي، من موالي بني أمية، أحد حفاظ الحديث، ومن الأئمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره، من أهل دانية بالأندلس، دخل المشرق، فحج وزار مصر، وعاد فتوفي في بلده، وله من المصنفات ما يزيد على مائة وعشرين مصنفًا (ت444 هـ). انظر: جذوة المقتبس (ص: 305)، الصلة (2/ 405 – 407)، بغية الملتمس (ص: 411 – 412)، معجم البلدان (2/ 434)، معجم الأدباء (12/ 124 – 128)، إنباه الرواة (2/ 341 – 342)، معرفة القراء الكبار (1/ 325 – 328).

(6)

أبو عبد الله السجاوندي، مفسر، مقرئ، نحوي، من آثاره: علل القراءات في عدة مجلدات، عين المعاني في تفسير السبع المثاني، والوقف والابتداء (ت560 هـ). انظر: طبقات القراء لابن الجزري (2/ 157)، الوافي للصفدي (3/ 178)، طبقات المفسرين للسيوطي (ص: 32، 33)، كشف الظنون لحاجي خليفة (ص: 1182)، الأعلام للزركلي (6/ 179).

ص: 15

القعقاع (1) أحد أعيان التابعين، وغيرهم من الأئمة الأعلام، والجهابذة العظام، فكان أحدهم آخذًا بزمام التحقيق والتدقيق وتضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان سحيق:

أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ

إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ (2)

وما حكاه ابن برهان (3) عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة (4): من أن تسمية الوقوف بالتام والحسن والقبيح بدعة، ومتعمد الوقف على ذلك مبتدع؛ قال: لأن القرآن معجز وهو كالقطعة

(1) أحد القرّاء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة بنته (ت130هـ). انظر: طبقات ابن سعد (6/ 352)، التاريخ الكبير (8/ 353، 354)، تاريخ الإسلام (5/ 188)، طبقات القراء (2/ 382).

(2)

البيت من بحر الطويل، وقائله الفرزدق، من قصيدة يقول في مطلعها:

مِنّا الَّذي اِختيرَ الرِجالَ سَماحَةً

وَخَيرًا إِذا هَبَّ الرِياحُ الزَعازِعُ

الفَرَزدَق (38 - 110هـ/658 - 728م) همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، يشبه بزهير بن أبي سلمى وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الإسلاميين، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر، كان شريفًا في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه، لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه، وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المائة.-الموسوعة الشعرية

(3)

ابن برهان (479 - 518 هـ = 1087 - 1124 م) أحمد بن علي بن برهان، أبو الفتح: فقيه بغدادي، غلب عليه علم الأصول، كان يضرب به المثل في حل الإشكال، من تصانيفه: البسيط، والوسيط، والوجيز -في الفقه والأصول، وكان يقول: إن العامي لا يلزمه التقيد بمذهب معين، ودرَّس بالنظامية شهرًا واحدًا وعُزل، ثم تولاها ثانيًا يومًا واحدًا وعُزل أيضًا، مولده ووفاته ببغداد. انظر: الأعلام (1/ 173).

(4)

أبو يوسف (113 - 182 هـ = 731 - 798 م) يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف: صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه، كان فقيهًا علامة، من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة، وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة، فغلب عليه "الرأي" وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، ومات في خلافته، ببغداد، وهو على القضاء، وهو أوّل من دعي "قاضي القضاة"، ويقال له: قاضي قضاة الدنيا! وأوّل من وضع الكتب في أصول الفقه، على مذهب أبي حنيفة، وكان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب، من كتبه: الخراج، والآثار -وهو مسند أبي حنيفة، والنوادر، واختلاف الأمصار، وأدب القاضي، والأمالي في الفقه، والرد على مالك ابن أنس، والفرائض، والوصايا، والوكالة، والبيوع، والصيد والذبائح، والغصب والاستبراء، والجوامع -في أربعين فصلا، ألفه ليحيى بن خالد البرمكي، ذكر فيه اختلاف الناس والرأي المأخوذ به. انظر: الأعلام للزركلي (8/ 193).

ص: 16

الواحدة؛ فكله قرآن وبعضه قرآن، فليس على ما ينبغي. وضعف قوله: غني عن البيان بما تقدم عن العلماء الأعلام، ويبعده قول أهل هذا الفن: الوقف على رءوس الآي سُنَّة متبعة، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع، ومما يبيَّن ضعفه ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى الخطيب؛ لما قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما. ووقف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«بئس خطيب القوم أنت، قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» (1) ففي الخبر دليل واضح على كراهة القطع، فلا يجمع بين من أطاع ومن عصى، فكان ينبغي للخطيب أن يقف على قوله: فقد رشد، ثم يستأنف: ومن يعصهما فقد غوى، وإذا كان مثل هذا مكروهًا مستقبحًا في الكلام الجاري بين الناس -فهو في كلام الله أشد كراهة وقبحًا، وتجنبه أولى وأحق.

وفي الحديث: أنَّ جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل استزده حتى بلغ سبعة أحرف كل شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب» (2).

فالمراد بالحروف: لغات العرب، أي: أنها مفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة أوجه، وعشرة أوجه كـ «مالك يوم الدين» (3)، وفي البحر إنّ قوله:«وعبد الطاغوت» اثنتين وعشرين قراءة (4)، وفي «أف» لغات أوصلها الرماني (5) إلى سبع وثلاثين لغة، قال في فتح الباري: قال أبو شامة (6): ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في

(1) أخرجه مسلم (3/ 12، 13)، وأبو داود (1/ 172)، والنسائي (2/ 79)، والبيهقي (3/ 216)، وأحمد (4/ 256، 379).

(2)

أخرجه أحمد في المسند (5/ 41)، برقم (20696)، قال: حدَّثنا عبد الرَّحْمان بن مهدي، وفي (5/ 51)، برقم:(20788)، قال: حدَّثنا عَفَّان.

(3)

انظر: معجم القراءات القرآنية، للدكتور: عبد العال سالم مكرم، والدكتور: أحمد مختار عمر (1/ 7)، طبعة الكويت.

(4)

انظر: البحر المحيط (3/ 519)، ومعجم القراءات القرآنية، للدكتور: عبد العال سالم مكرم، والدكتور: أحمد مختار عمر (2/ 222، 226)، طبعة الكويت.

(5)

أبو الحسن الرماني (296 - 384 هـ = 908 - 994 م) علي بن عيسى بن علي بن عبد الله، أبو الحسن الرماني: باحث معتزلي مفسر، من كبار النحاة، أصله من سامراء، ومولده ووفاته ببغداد، له نحو مائة مصنف، منها الأكوان، والمعلوم والمجهول، والأسماء والصفات، وصنفة الاستدلال -في الاعتزال، وكتاب: التفسير، وشرح أصول ابن السراج، وشرح سيبويه، ومعاني الحروف، والنكت في إعجاز القرآن. انظر: الأعلام للزركلي (4/ 317).

(6)

أبو شامة (599 - 665 هـ = 1202 - 1267 م) عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي، أبو القاسم، شهاب الدين، أبو شامة: مؤرخ، محدث، باحث، أصله من القدس، ومولده في دمشق، وبها منشأه ووفاته، ولي بها مشيخة دار الحديث الأشرفية، ودخل عليه اثنان في صورة مستفتيين فضرباه، فمرض ومات، له: كتاب الروضتين في أخبار الدولتين: الصلاحية والنورية، وذيل الروضتين، ومختصر تاريخ ابن عساكر، والمرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، وله: إبراز المعاني -في شرح الشاطبية، والباعث على إنكار البدع والحوادث، وكشف حال بني عبيد -الفاطميين، والوصول في الأصول، ومفردات القراء، ونزهة المقلتين في أخبار الدولتين: دولة علاء الدين السلجوقي، ودولة ابنه جلال الدين خوارزمشاه. انظر: الأعلام للزركلي (3/ 299).

ص: 17

الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وقال مكي بن أبي طالب (1): وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء السبعة، وهم: نافع، وابن كثير (2)، وأبو عمرو (3)، وابن عامر (4)، وعاصم (5)،

(1) أبو محمد الأندلسي القيسي، مقرئ، عالم بالتفسير والعربية، من أهل القيروان، ولد فيها، وطاف في بعض بلاد المشرق، وعاد إلى بلده، وأقرأ بها، ثم سكن قرطبة (سنة: 393)، وخطب وأقرأ بجامعها وتوفى فيها، له كتب كثيرة، منها: مشكل إعراب القرآن، والكشف عن وجوه القراءات وعللها، والهداية إلى بلوغ النهاية، في معاني القرآن وتفسيره، والتبصرة في القراءات السبع، والمنتقى- في الأخبار، والإيضاح للناسخ والمنسوخ، والموجز -في القراءات، والإيجاز -في الناسخ والمنسوخ، والرعاية -لتجويد التلاوة، والإبانة -في القراءات، وشرح «كلا وبلى ونعم» (ت 437 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (7/ 286).

(2)

عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان، الإمام أبو معبد المكي الداري، إمام أهل مكة في القراءة، وأحد الأئمة السبعة (ت120هـ). انظر: التاريخ الكبير (5/ 181)، الجرح والتعديل (5/ 144)، تاريخ الإسلام (4/ 268، 269)، تهذيب التهذيب (5/ 367)، طبقات القراء (1/ 433، 444)، غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 443).

(3)

أبو عمرو ابن العلاء بن عمار بن العريان المازني المقرئ، النحوي البصري الإمام، مقرئ أهل البصرة، أحد الأئمة السبعة، اسمه: زبّان، على أصح الأقوال، أخذ القراءة عن أهل الحجاز وأهل البصرة، فعرض بمكة على مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة بن خالد وابن كثير، وعرض بالبصرة على يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم والحسن وغيرهم، وحدّث عن أنس ابن مالك وعطاء بن أبي رباح (ت154هـ). انظر: تاريخ البخاري (9/ 55)، طبقات الزبيدي (ص: 28–126)، مراتب النحويين (ص: 13)، تذهيب التهذيب (4/ 225)، تاريخ الإسلام (6/ 322)، العبر للذهبي (1/ 223)، أخبار النحويين البصريين (ص: 22)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 288).

(4)

عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبد الله بن عمران اليحصُبي، نسبةً إلى يحصب بن دهمان، أحد الأئمة السبعة، وإمام أهل الشام في القراءة، والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها، أخذ القراءة عرضًا عن أبي الدرداء، وعن المغيرة بن أبي شهاب صاحب عثمان بن عفان، روى القراءة عنه عرضًا يحيى بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة (ت118هـ). انظر: التاريخ الصغير (1/ 100، و164)، الجرح والتعديل (5/ 122)، تاريخ الإسلام (3/ 267)، ميزان الاعتدال (2/ 449)، طبقات القراء (1/ 423)، تهذيب التهذيب (5/ 274).

(5)

عاصم بن بهدلة، أبي النَّجُود أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي الحناط، شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد القراء السبعة، وهو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي، أخذ القراءة عرضًا عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي، روى القراءة عنه أبان بن تغلب وأبان بن يزيد العطار وحفص بن سليمان وأبو بكر شعبة بن عياش (ت127هـ). انظر: التاريخ الكبير (6/ 487)، الجرح والتعديل (6/ 340)، تاريخ ابن عساكر (3/ 26)، وفيات الأعيان (3/ 9)، تاريخ الإسلام (5/ 89)، ميزان الاعتدال (2/ 357)، طبقات القراء (1/ 346).

ص: 18

وحمزة (1)، والكسائي -هي الأحرف السبعة التي في الحديث، فقد غلط غلطًا عظيمًا. قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة، ووافق خط المصحف العثماني لا يكون قرآنًا، وهذا غلط عظيم؛ إذ لا شك أن هذه القراءات السبع مقطوع بها من عند الله تعالى وهي التي اقتصر عليها الشاطبي (2)، وبالغ النووي (3) في أسئلته؛ حيث قال: لو حلف إنسان بالطلاق الثلاث: إن قرأ القراءات السبع لا حنث عليه، ومثلها الثلاث التي هي قراءة: أبي جعفر، ويعقوب، وخلف (4).

(1) حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل، الإمام أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، أحد القراء السبعة، أخذ القراءة عرضًا عن سليمان الأعمش وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد الصادق، وقرأ الحروف على الأعمش، وعرض على الأعمش وأبي إسحاق وابن أبي ليلى، قرأ عليه وروى القراءة عنه إبراهيم بن أدهم وإبراهيم ابن إسحاق بن راشد وإبراهيم بن طعمة وإبراهيم ابن علي الأزرق وإسحاق بن يوسف الأزرق وإسرائيل بن يونس السبيعي وسليم بن عيسى وهو أضبط أصحابه (ت156هـ). انظر: طبقات ابن سعد (6/ 385)، التاريخ الكبير (3/ 52)، مشاهير علماء الأمصار (ص: 168)، وفيات الأعيان (2/ 216)، تاريخ الإسلام (6/ 174 – 175)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 261 – 263).

(2)

القاسم بن فِيرُّه بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي: إمام القراء، كان ضريرًا، ولد بشاطبة في الأندلس وتوفي بمصر، وهو صاحب «حرز الأماني» ، وكان عالمًا بالحديث والتفسير واللغة، قال ابن خلّكان:«كان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تصحح النسخ من حفظه» . والرعيني نسبة إلى ذي رعين أحد أقيال اليمن (ت590 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (5/ 180).

(3)

يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني، النووي، الشافعي، أبو زكريا، محيي الدين: علامة بالفقه والحديث، مولده ووفاته في نوا «من قرى حوران، بسورية» ، وإليها نسبته، تعلم في دمشق، وأقام بها زمنًا طويلًا، من كتبه: تهذيب الأسماء واللغات، ومنهاج الطالبين، والدقائق، وتصحيح التنبيه -في فقه الشافعية، والمنهاج في شرح صحيح مسلم، والتقريب والتيسير -في مصطلح الحديث، وحلية الأبرار -يُعرف بالأذكار النووية، وخلاصة الأحكام من مهمات السنن وقواعد الإسلام، ورياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، وبستان العارفين، والإيضاح -في المناسك، وشرح المهذب للشيرازي، وروضة الطالبين -فقه، والتبيان في آداب حملة القرآن، والمقاصد -رسالة في التوحيد، ومختصر طبقات الشافعية لابن الصلاح، ومناقب الشافعي، والمنثورات -فقه، وهو كتاب فتاويه، ومختصر التبيان -مواعظ، ومنار الهدى -في الوقف والابتداء، تجويد، والإشارات إلى بيان أسماء المبهمات -رسالة، والأربعون حديثا النووية -شرحها كثيرون (ت676 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (8/ 149).

(4)

خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف بن ثعلب بن هشيم أبو محمد الأسدي، الإمام العلم أبو محمد البزار البغدادي، أحد القراء العشرة، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة، روى القراءة عنه عرضًا وسماعًا أحمد بن إبراهيم وراقه وأخوه إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن يزيد الحلواني وإدريس بن عبد الكريم الحداد (ت229هـ). انظر: القراء الكبار (1/ 208)، غاية النهاية (1/ 274)، تاريخ بغداد (8/ 322)، سير أعلام النبلاء (10/ 476).

ص: 19

وكلها متواتر تجوز القراءة به في الصلاة وغيرها، واختلف فيما وراء العشرة وخالف خط المصحف الإمام، فهذا لا شك فيه أنه لا تجوز قراءته في الصلاة ولا في غيرها، وما لا يخالف تجوز القراءة به خارج الصلاة، وقال ابن عبد البر (1): لا تجوز القراءة بها ولا يصلى خلف من قرأ بها، وقال ابن الجزري (2): تجوز مطلقًا إلَّا في الفاتحة للمصلي، انظر: شرح العباب للرملي (3).

(1) ابن عبد البر (368 - 463 هـ = 978 - 1071 م) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر: من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ، أديب، بحاثة، يقال له: حافظ المغرب، ولد بقرطبة، ورحل رحلات طويلة في غربي الأندلس وشرقيها، وولي قضاء لشبونة وشنترين، وتوفي بشاطبة، من كتبه: الدرر في اختصار المغازي والسير، والعقل والعقلاء، والاستيعاب -في تراجم الصحابة، وجامع بيان العلم وفضله، والمدخل -في القراءات، وبهجة المجالس وأنس المجالس -في المحاضرات، واختصره ابن ليون وسماه: بغية المؤانس من بهجة المجالس، والانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء -ترجم به مالكًا وأبا حنيفة والشافعي، والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، والاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار -وهو اختصار: التمهيد، والقصد الأمم -في الأنساب، والإنباه على قبائل الرواه، والتقصي لحديث الموطأ، أو تجريد التمهيد، والإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف، والكافي في الفقه، ونزهة المستمتعين وروضة الخائفين، وذكر التعريف بجماعة من الفقهاء أصحاب مالك، وفي من عُرف من الصحابة بكنيته، والثاني: المعروفون بالكُنى من حملة العلم، والثالث: من لم يذكر له اسم سوى كنيته، من رجال الحديث. انظر: الأعلام للزركلي (8/ 240).

(2)

محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف، أبو الخير، شمس الدين، العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي، الشهير بابن الجزري: شيخ الإقراء في زمانه، من حفاظ الحديث، ولد ونشأ في دمشق، وابتنى فيها مدرسة سماها:(دار القرآن)، ورحل إلى مصر مرارًا، ودخل بلاد الروم، وسافر مع تيمورلنك إلى ما وراء النهر، ثم رحل إلى شيراز فولي قضاءها، ومات فيها، نسبته إلى (جزيرة ابن عمر)، من كتبه: النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية في طبقات القراء، اختصره من كتاب آخر له اسمه: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، والتمهيد في علم التجويد، وملخص تاريخ الإسلام، وذات الشفاء في سيرة النبي والخلفاء -منظومة، وفضائل القرآن، وسلاح المؤمن -في الحديث، ومنجد المقرئين، والحصن الحصين -في الأدعية والأذكار المأثورة، وحاشية عليه سماها: مفتاح الحصن الحصين، ومختصر عدة الحصن الحصين، والتتمة في القراءات، وتحبير التيسير -في القراءات العشر، وتقريب النشر في القراءات العشر، والدرة المضية -في القراءات، وطيبة النشر في القراءات العشر -منظومة، والمقدمة الجزرية -أرجوزة في التجويد، وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب، والهداية في علم الرواية -في المصطلح، والمصعد الأحمد في ختم مسند الأمام أحمد -في الحديث، وله نظم، أكثره أراجيز في القراءات

(ت833 هـ). الأعلام للزركلي (7/ 45).

(3)

الرملي (773 - 844 هـ = 1371 - 1440 م) أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن أرسلان، أبو العباس، شهاب الدين، الرملي: فقيه شافعي، ولد بالرملة (بفلسطين) وانتقل في كبره إلى القدس، فتوفي بها، وكان زاهدًا متهجدًا، له: الزبد -منظومة في الفقه، ويقال لها: صفوة الزبد، وشرح سنن أبي داود، ومنظومة في علم القراءات، وشرح البخاري، وطبقات الشافعية -تراجم، وتصحيح الحاوي -فقه، وإعراب الألفية -نحو. انظر: الأعلام للزركلي (1/ 117).

ص: 20

والشاذ: ما لم يصح سنده نحو: «لقد جاءكم رسول من أنفَسكم» بفتح الفاء (1)، و «إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ» برفع (اللهُ)، ونصب (العلماءَ)(2)، وكذا كل ما في إسناده ضعف؛ لأن القرآن لا يثبت إلَّا بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء وافق الرسم أم لا. قال مكي: ما روي في القرآن ثلاثة أقسام: قسم يقرأ به ويكفر جاحده وهو ما نقله الثقات ووافق العربية وخط المصحف، وقسم صح نقله عن الأجلاء وصح في العربية وخالف لفظه الخط فيقبل ولا يقرأ به، وقسم نقله ثقة ولا وجه له في العربية، أو نقله غير ثقة فلا يقبل، وإن وافق خط المصحف؛ فالأول: كـ «ملك» ، و «مالك». والثاني: كقراءة ابن عباس: «وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة» (3) واختلف في القراءة بذلك، فالأكثر على المنع؛ لأنها لم تتواتر وإن ثبتت بالنقل فهي منسوخة بالعرضة الأخيرة. ومثال الثالث وهو ما نقله غير ثقة كثير، وأما ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية فلا يكاد يوجد.

وقد وضع السلف علم القراءات دفعًا للاختلاف في القرآن، كما وقع لعمر بن الخطاب مع أُبَيِّ بن كعب (4) حين سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما سمعها هو من النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه ومضى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد أن يقرأ، فقرأ كل واحد ما سمعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هكذا أنزل» (5)، ولا

(1) وهي قراءة محبوب وعبد الله بن قسيط، ويعقوب في غير المتواتر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 246)، تفسير القرطبي (8/ 301)، الكشاف (2/ 223)، المحتسب لابن جني (1/ 306).

(2)

وقرأ بها عمر بن عبد العزيز- أبو حيوة- أبو حنيقة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (2/ 108)، البحر المحيط (7/ 312)، تفسير القرطبي (14/ 344)، الكشاف (3/ 308)، تفسير الرازي (26/ 21).

(3)

وكذا رويت عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وأُبيّ، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (6/ 154)، تفسير الطبري (16/ 3)، تفسير القرطبي (11/ 34)، الكشاف (2/ 495).

(4)

لم أقف عليه في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها من كتب السنن، أن ما حدث كان مع أُبي، ولكن ما وجدته فقد حدث بين عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم، وليس أُبي بن كعب!!.

(5)

وقد وقفت على نحوه في المسند الجامع: عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ يَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلمَّا سَلَّمَ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللهِ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ. أخرجه مالك «الموطأ» (ص:540)، وأحمد (1/ 40)، برقم:(277)، قال: حدَّثنا عَبْد الرَّحْمان. والبُخَارِي (3/ 160)، برقم:(2419)، قال: حدَّثنا عَبْد الله بن يُوسُف. ومسلم (2/ 202)، برقم:(1851)، قال: حدَّثنا يَحيى ابن يَحيى. وأبو داود برقم: (1475)، قال: حدَّثنا القَعْنَبِي. والنَّسائي (2/ 150)، وفي الكبرى برقم:(1011، و7931)، قال: أَخْبَرنا مُحَمد بن سَلَمَة، والحارث بن مِسْكين، قراءةً عليه وأنا أَسْمع، عن ابن القاسم. وبرقم:(11302)، قال: أَخْبَرنا مُحَمد بن سَلَمَة، أَخْبَرنا ابن القاسم.

ص: 21

شك أن القبائل كانت ترد على النبي صلى الله عليه وسلم وكان يترجم لكل أحد بحسب لغته، فكان يمد قدر الألف والألفين والثلاثة لمن لغته كذلك، وكان يفخم لمن لغته كذلك، ويرقق لمن لغته كذلك، ويميل لمن لغته كذلك.

وأما ما يفعله قراء زماننا من أن القارئ كل آية يجمع ما فيها من اللغات فلم يبلغنا وقوعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، قاله الشعرواي (1) في (الدرر المنثورة في بيان زبدة العلوم المشهورة).

وينبغي للقارئ أن يقطع الآية التي فيها ذكر النار، أو العقاب عما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة، ويقطعها أيضًا عما بعدها إن كان بعدها ذكر النار، نحو قوله:{وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)} هنا الوقف، ولا يوصل ذلك بقوله:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} ، ونحو:

{يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} هنا الوقف، ولا يوصله بما بعده، ونحو:{يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله:{لِلْفُقَرَاءِ} ، ونحو قوله في التوبة:{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا} ، وكذا كل ما هو خارج عن حكم الأول -فإنه يقطع.

(1) الشعراني (898 - 973 هـ = 1493 - 1565 م) عبد الوهاب بن أحمد بن علي الحنفي، نسبة إلى محمد ابن الحنفية، الشعراني، أبو محمد: من علماء المتصوفين، ولد في قلقشندة (بمصر)، ونشأ بساقية أبي شعرة (من قرى المنوفية)، وإليها نسبته:(الشعراني، ويقال الشعراوي) وتوفي في القاهرة، له تصانيف منها: الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية، وأدب القضاة، وإرشاد الطالبين إلى مراتب العلماء العالمين، والأنوار القدسية في معرفة آداب العبودية، والبحر المورود في المواثيق والعهود، والبدر المنير -في الحديث، وبهجة النفوس والأسماع والأحداق فيما تميز به القوم من الآداب والأخلاق، وتنبيه المغترين في آداب الدين، وتنبيه المفترين في القرن العاشر، على ما خالفوا فيه سلفهم الطاهر، والجواهر والدرر الكبرى، والجواهر والدرر الوسطى، وحقوق أخوة الإسلام -مواعظ، والدرر المنثورة في زبد العلوم المشهورة -رسالة، ودرر الغواص -من فتاوى الشيخ علي الخواص، وذيل لواقح الأنوار، والقواعد الكشفية -في الصفات الإلهية، والكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر، وكشف الغمة عن جميع الأمة، ولطائف المنن -يُعرف بالمنن الكبرى، ولواقح الأنوار في طبقات الأخيار -يُعرف بطبقات الشعراني الكبري، ولواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية، ومختصر تذكرة السويدي -في الطب، ومختصر تذكرة القرطبي -مواعظ، وإرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء، إلى شروط صحبة الأمراء، ولطائف المنن والأخلاق، والسالكين إلى رسوم طريق العارفين، ومشارق الأنوار، والمنح السنية -شرح وصية المتبولي، ومنح المنة التلبس بالسنة، والميزان الكبرى، واليواقت والجواهر في عقائد الأكابر. انظر: الأعلام للزركلي (4/ 181).

ص: 22

قال السخاوي (1): ينبغي للقارئ أن يتعلم وقف جبريل؛ فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {صَدَقَ اللَّهُ} ، ثم يبتدئ:{فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ، والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة البقرة، وسورة المائدة عند قوله تعالى:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} ، وكان يقف على قوله:{قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} ، وكان يقف:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} ، ثم يبتدئ:{عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ، وكان يقف:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} ، ثم يبتدئ:{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى} ، وكان يقف:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ، ثم يبتدئ:{لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} ، وكان يقف:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} ، ثم يبتدئ:{لَا يَسْتَوُونَ} ، وكان يقف:{ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فحشر} ، ثم يبتدئ:{فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} ، وكان يقف:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، ثم يبتدئ:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} ، فكان صلى الله عليه وسلم يتعمد الوقف على تلك الوقوف، وغالبها ليس رأس آية، وما ذلك إلَّا لعلم لدنيٍّ عَلِمَه مَنْ عَلِمَه، وجهله من جهله، فاتباعه سُنَّة في جميع أقواله وأفعاله.

الفائدة الثانية في الوقف والابتداء: وهو لغةً: الكف عن الفعل والقول، واصطلاحًا: قطع الصوت آخر الكلمة زمنًا ما، أو هو قطع الكلمة عما بعدها، والوقف والقطع والسكت بمعنى، وقيل: القطع عبارة عن قطع القراءة رأسًا، والسكت عبارة عن قطع الصوت زمنًا ما دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، والناس في اصطلاح مراتبه مختلفون كل واحد له اصطلاح، وذلك شائع؛ لما اشتهر أنه لا مشاحة في الاصطلاح، بل يسوغ لكل أحد أن يصطلح على ما شاء كما صرح بذلك صدر الشريعة وناهيك به، فقال ابن الأنباري (2)، والسخاوي: مراتبه ثلاثة: تام، وحسن، وقبيح. وقال غيرهما: أربعة: تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك، وقال السجاوندي: خمسة: لازم، ومطلق، وجائز، ومجوز لوجه، ومرخص ضرورة، وقال غيره: ثمانية: تام، وشبيه، وناقص، وشبيه،

(1) علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري السخاوي الشافعي، أبو الحسن، علم الدين: عالم بالقراءات والأصول واللغة والتفسير، وله نظم، أصله من صخا (بمصر) سكن دمشق، وتوفي فيها، ودفن بقاسيون، من كتبه: جمال القرء وكمال الإقراء -في التجويد، وهداية المرتاب -منظومة في متشابه كلمات القرآن، مرتبة على حروف المعجم، والمفضل، شرح المفصل للزمخشري، والمفاخرة بين دمشق والقاهرة، وسفر السعادة، وشرح الشاطبية -وهو أول من شرحها، وكان سبب شهرتها، والكوكب الوقاد -في أصول الدين (ت643 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 332).

(2)

ابن الأنباري (271 - 328 هـ = 884 - 940 م) محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري: من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة، ومن أكثر الناس حفظًا للشعر والأخبار، قيل: كان يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن، ولد في الأنبار (على الفرات)، وتوفي ببغداد، وكان يتردد إلى أولاد الخليفة الراضي بالله يعلمهم، من كتبه: الزاهر -في اللغة، وشرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، وإيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عزوجل، والهاءات، وعجائب علوم القرآن، وشرح الألفات، وخلق الإنسان، والأمثال، والأضداد، وأجل كتبه: غريب الحديث، قيل: إنه 45000 ورقة. وله: الأمالي. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 334).

ص: 23

وحسن، وشبيه، وقبيح، وشبيه. وجميع ما ذكروه من مراتبه غير منضبط ولا منحصر؛ لاختلاف المفسرين والمعربين؛ لأنه سيأتي أن الوقف يكون تامًّا على تفسير وإعراب وقراءة، غير تام على آخر؛ إذ الوقف تابع للمعنى، واختلفوا فيه أيضًا فمنهم من يطلق الوقف على مقاطع الأنفاس؛ على القول بجواز إطلاق السجع في القرآن ونفيه منه أجدر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«أسجع كسجع الكهان؟» (1) فجعله مذمومًا، ولو كان فيه تحسين الكلام دون تصحيح المعنى، وفرق بين أن يكون الكلام منتظمًا في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه، وبين أن يكون منتظمًا دون اللفظ؛ لأن في القرآن اللفظ تابع للمعنى، وفي السجع المعنى تابع للفظ، ومنهم من يطلقه على رءوس الآي، وأن كل موضع منها يسمى وقفًا وإن لم يقف القارئ عليه؛ لأنه ينفصل عنده الكلامان، والأعدل أن يكون في أواسط الآي، وإن كان الأغلب في أواخرها كما في آيتي المواريث؛ ففيهما ثلاثة عشر وقفًا، فـ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} ، وما عطف عليه فيه تعلق معنوي؛ لأن عطف الجمل -وإن كان في اللفظ منفصلًا- فهو في المعنى متصل؛ فآخر الآية الأولى:{عَلِيمًا حَكِيمًا} ، وآخر الثانية:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} كما سيأتي مفصَّلًا في محله إن شاء الله تعالى.

وليس آخر كل آية وقفًا، بل المعتبر المعاني، والوقف تابع لها؛ فكثيرًا ما تكون آية تامة وهي متعلقة بآية أخرى ككونها استثناء، والأخرى مستثنى منها، أو حالًا مما قبلها، أو صفة، أو بدلًا كما يأتي التنبيه عليه في محله، وإذا تقاربت الوقوف بعضها من بعض لا يوقف عند كل واحد إن ساعده النَّفَس، وإن لم يساعده وقف عند أحسنها؛ لأن ضيق النفس عن بلوغ التمام يسوغ الوقف، ولا يلزم الوقف على رءوس الآي كذا جعل شيخ الإسلام طول الكلام مسوغًا للوقف، قال الكواشي (2): وليس هذا العذر بشيء، بل يقف عند ضيق النفس، ثم يبتدئ من أول الكلام حتى ينتهي الوقف المنصوص عليه، كما سيأتي في سورة الرعد؛ ليكون الكلام متصلًا بعضه ببعض، وهذا هو الأحسن ولو كان في وسع القارئ أن يقرأ القرآن كله في نَفَس واحد ساغ له ذلك.

(1) قال الألباني في السلسلة الضعيفة: موضوع، رواه ابن قتيبة في غريب الحديث:(1/ 135/1)، وعنه الديلمي في مسند الفردوس:(2/ 116) مختصرًا، فقال في حديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه سأل جرير بن عبد الله عن منزله بـ «بيشة» فوصفها جرير، فقال: سهل ودكداك، وسكم ولداك، وحمض وعلاك، بين نخلة ونحلة، ماؤنا ينبوع، وجنابنا يريع، وشتاؤنا ربيع، فقال له: يا جرير! إياك وسجع الكهان.

(2)

أحمد بن يوسف بن الحسن بن رافع ابن الحسين بن سويدان الشيباني الموصلي، موفق الدين أبو العباس الكواشي: عالم بالتفسير، من فقهاء الشافعية، من أهل الموصل، كان يزوره الملك ومن دونه فلا يقوم لهم ولا يعبأ بهم، من كتبه: تبصرة المتذكر -في تفسير القرآن، وكشف الحقائق -ويُعرف بتفسير الكواشي (ت680هـ). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 274).

ص: 24