الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة آل عمران
-[آيها:] مائتا آية اتفاقًا.
- وكلمها: ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانون كلمة.
- وحروفها: أربعة عشر ألفًا وخمسمائة وعشرون حرفًا.
وفيها ما يشبه الفواصل، وليس معدودًا باتفاق تسعة مواضع:
1 -
2 -
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [19].
3 -
{لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [75].
4 -
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [83].
5 -
{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [91].
6 -
{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [97].
7 -
{مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [152].
8 -
{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [155].
9 -
{مَتَاعٌ قَلِيلٌ} [197].
{الم (1)} [1]، تقدم ما يغني عن إعادته، ونظائرها مثلها في فواتح السور، واختُلِف: هل هي مبنية، أو معربة؟ َ! وسكونها للوقف؟ أقوال.
{إِلَّا هُوَ} [2] تام، إن رفع ما بعده على الابتداء، «ونزل عليك» الخبر، أو رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعلت «الله» مبتدأ، وما بعده جملة في موضع رفع صفة «الله»؛ لأنَّ المعنى يكون: الله الحي القيوم لا إله إلَّا هو، و «الحي القيوم» الخبر، فلا يفصل بين المبتدأ وخبره بالوقف، وكذا لو أعربت «الحي» بدلًا من الضمير لا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف.
{الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [2] تام إن جعلته خبرًا، ولم تقف على ما قبله، وليس بوقف إن جعلته مبتدأ وخبره «نزل عليك الكتاب» ، والوقف على «بالحق» لا يجوز؛ لأنَّ «مصدقًا» حال مما قبله، أي: حال مؤكدة لازمة، أي: نزل عليك الكتاب في حال التصديق للكتب التي قبله.
{لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [3] كاف؛ على استئناف ما بعده، وإن كان ما بعده معطوفًا على ما قبله على قول، «والإنجيل من قبل» ليس بوقف، قال أبو حاتم السجستاني: ولا ينظر إلى ما قاله بعضهم: إن «من قبل» تام، ويبتدئ «هدى للناس» أي: وأنزل الفرقان هدى للناس، وضعف هذا التقدير؛ لأنه يؤدي إلى تقديم المعمول على حرف النسق، وهو ممتنع لو قلت: قام زيد مكتوفًا، وضربت هندًا يعني: مكتوفة -لم يصح، فكذلك هذا، والمراد بالمعمول: الذي قدم على النسق هو قوله: «هدى للناس» ، والمراد بالنسق:
هو واو قوله: «وأنزل الفرقان» الذي هو صاحب الحال، فتقدير الكلام: وأنزل الفرقان هدى، أي: هاديًا، وإن جعل محل «هدى» رفعًا جاز، أي: هما هدى للناس قبل نزول القرآن، أو هما هدى للناس إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.
{هُدًى لِلنَّاسِ} [4] تام عند أبي حاتم.
{وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [4] أتم؛ لانتهاء القصة.
{عَذَابٌ شَدِيدٌ} [4] تام عند نافع، ومثله «ذو انتقام» .
{فِي الْأَرْضِ} [5] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده معطوف عليه، أو أنَّ السامع ربما يتوهم أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض فقط، فينفي هذا التوهم بقوله:«ولا في السماء» .
والوقف على {وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)} [5] تام.
{فِي الْأَرْحَامِ} [6] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «كيف يشاء» متعلق بالتصوير.
{كَيْفَ يَشَاءُ} [6] تام، ومثله «الحكيم» .
{الْكِتَابَ} [7] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «منه آيات» متعلق به كتعلق الصفة بالموصوف، و «آيات محكمات» متعلق بـ «منه» على معنى: من الكتاب آيات محكمات، ومنه أخر متشابهات، ولو جاز هذا الوقف لجاز أن يقف على قوله:«ومن قوم موسى» ، ثم يبتدئ «أمة يهدون بالحق» ، ولا يقول هذا أحد؛ لأنهم يشترطون لصحة الوقف صحة الوقف على نظير ذلك الموضع، ونقل بعضهم أنَّ الوقف عند نافع على «منه» ، ولم يذكر له وجهًا، ووجهه -والله أعلم- إنه جعل الضمير في «منه» كناية عن الله، أي: هو الذي أنزل عليك الكتاب من عنده، فيكون «منه» بمعنى: من عنده، ثم يبتدئ «آيات محكمات» ، أي: هو آيات محكمات.
والوقف على {مُحْكَمَاتٌ} [7] جائز.
{أُمُّ الْكِتَابِ} [7] حسن.
{مُتَشَابِهَاتٌ} [7] كاف؛ لاستئناف التفصيل، معللًا اتباع أهل الزيغ المتشابه بعلتين: ابتغاء فتنة الإسلام، وابتغاء التأويل، وكلاهما مذموم، فقال:«ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» .
والوقف على {تَأْوِيلِهِ} [7] حسن، وقال أبو عمرو: كاف.
{إِلَّا اللَّهُ} [7] وقف السلف، وهو أسلم؛ لأنه لا يصرف اللفظ عن ظاهره إلَّا بدليل منفصل، ووقف الخلف على «العلم» ، ومذهبهم أعلم، أي: أحوج إلى مزيد علم؛ لأنهم أيدوا بنور من الله؛ لتأويل المتشابه بما يليق بجلاله، والتأويل المعين لا يتعين؛ لأنَّ من المتشابه ما يمكن الوقوف عليه، ومنه ما لا يمكن، وبين الوقفين تضاد ومراقبة، فإن وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر، وقد قال بكل منهما طائفة من المفسرين، واختاره العز بن عبد السلام، وقد روى ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف
على «إلَّا الله» ، وعليه جمع من السادة النجباء كابن مسعود، وغيره، أي: أنَّ الله استأثر بعلم المتشابه كنزول عيسى ابن مريم، وقيام الساعة، والمدة التي بيننا وبين قيامها، وليس بوقف لمن عطف «الراسخون» على الجلالة، أي: ويعلم الراسخون تأويل المتشابه أيضًا، ويكون قوله:«يقولون» جملة في موضع الحال من «الراسخون» ، أي: قائلين آمنا به، وقيل: لا يعلم جميع المتشابه إلَّا الله تعالى، وإن كان الله قد أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على بعضه وأهَّل قومًا من أمته لتأويل بعضه، وفي المتشابه ما يزيد على ثلاثين قولًا، وهذا تقريب للكلام على هذا المبحث البعيد المرام الذي تزاحمت عليه أفهام الإعلام، وقال السجستاني:«الراسخون» غير عالمين بتأويله، واحتج بأن «والراسخون» في موضع «وأما» ، وهي لا تكاد تجيء في القرآن حتى تثنى وتثلث، كقوله:{أَمَّا السَّفِينَةُ} [الكهف: 79]، و {وَأَمَّا الْغُلَامُ} [الكهف: 80]،
و {وَأَمَّا الْجِدَارُ} [الكهف: 82]، و {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} [الضحى: 9]، و {وَأَمَّا السائلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} [الضحى: 10]، وهنا قال:«فأما الذين في قلوبهم زيغ» ، ولم يقل بعده، وأما ففيه دليل على أنَّ قوله:«والراسخون» مستأنف منقطع عن الكلام قبله، وقال أبو بكر: وهذا غلط؛ لأنَّه لو كان المعنى وأما الراسخون في العلم فيقولون لم يجز أن تحذف أما والفاء؛ لأنَّهما ليستا مما يضمر.
{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] صالح، على المذهب الثاني على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع نصب على الحال، وإن جعل «آمنا به كل من عند ربنا» كلامًا محكيًّا عنهم، فلا يوقف على «آمنا به» ، بل على قوله:«كل من عند ربنا» وهو أحسن؛ لأنَّ ما بعده من كلام الله، أي: كل من المحكم والمتشابه فهو انتقال من الكلام المحكي عن الراسخين إلى شيء أخبر الله به ليس بحكاية عنهم.
{آَمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] حسن، على المذهبين.
{مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [7] كاف، وقوله:«وما يذكر إلَّا أولو الألباب» معترض، ليس بمحكي عنهم؛ لأنَّه من كلام الله.
{الْأَلْبَابِ (7)} [7] تام، وقيل: كاف؛ لأنَّ ما بعده من الحكاية آخر كلام الراسخين.
{بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [8] حسن، ومثله «رحمة» ؛ للابتداء بإن.
{الْوَهَّابُ (8)} [8] تام، وإن كان ما بعده من الحكاية داخلًا في جملة الكلام المحكي؛ لأنَّه رأس آية، وطال الكلام.
{لَا رَيْبَ فِيهِ} [9] كاف؛ لأنَّ ما بعده من كلام الله، لا من كلام الراسخين، وحسن إن جعل التفاتًا من الخطاب إلى الغيبة، أي: حيث لم يقل: إنك، بل قال: إنَّ الله، والاسم الظاهر من قبيل الغيبة.
{الْمِيعَادَ (9)} [9] تام.
{شَيْئًا} [10] جائز، ومثله «وقود النار» يبنى الوقف والوصل، على اختلاف مذاهب المعربين في الكاف من «كدأب» بماذا تتعلق؟! فقيل: في محل رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: دأبهم في ذلك كدأب آل فرعون، أو في محل نصب، وفي الناصب لها تسعة أقوال:
1 -
أنَّها نعت لمصدر محذوف، والعامل فيه «كفروا» أي: أنَّ الذين كفروا به كفرًا كدأب آل فرعون، أي: كعادتهم في الكفر.
2 -
أو منصوبة بـ «كفروا» مقدرًا.
3 -
أو الناصب مصدر مدلول عليه بـ «لن تغني» ، أي: توقد النار بهم كما توقد بآل فرعون.
4 -
أو منصوبة بـ «لن تغني» ، أي: بطل انتفاعهم بالأموال والأولاد كعادة آل فرعون.
5 -
أو منصوبة بوقود، أي: توقد النار بهم كما توقد بآل فرعون.
6 -
أو منصوبة بـ «لن تغني» ، أي: لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك.
7 -
أو منصوبة بفعل مقدر مدلول عليه بلفظ الوقود، أي: توقد بهم كعادة آل فرعون، ويكون التشبيه في نفس الإحراق.
8 -
أو منصوبة بكذبوا، والضمير في كذبوا لكفار قريش وغيرهم من معاصري الرسول عليه الصلاة والسلام، أي: كذبوا تكذيبًا كعادة آل فرعون في ذلك التكذيب.
9 -
أنَّ العامل فيها فـ «أخذهم الله» ، أي: فأخذهم الله كأخذه آل فرعون، وهذا مردود؛ فإنَّ ما بعده فاء العطف لا يعمل فيما قبلها.
{كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ} [11] تام، إن جعل ما بعده مبتدأ منقطعًا عما قبله، وخبره «كذبوا» ، أو خبر مبتدأ، وليس بوقف إن عطف على ما قبله.
{بِذُنُوبِهِمْ} [11] كاف.
{الْعِقَابِ (11)} [11] تام.
{إِلَى جَهَنَّمَ} [12] جائز.
{الْمِهَادُ (12)} [12] تام.
{الْتَقَتَا} [13] كاف لمن رفع «فئة» بالابتداء (1)، وسوغ الابتداء بها التفصيل، وثَمَّ صفة محذوفة تقديرها: فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت، فحذف من الجملة الأولى ما أثبت مقابله في الجملة الثانية، ومن الثانية ما أثبت مقابله في الأولى، وهو من النوع المسمى بالاحتباك من أنواع البديع، وهي قراءة العامة (2)، وليس بوقف لمن قرأ:«فئةٍ» بالجر (3)،
(1) وهي قراءة الأئمة العشرة بالإجماع.
(2)
أي: الأئمة العشرة.
(3)
وهي قراءة الحسن ومجاهد والزهري وحميد، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 314)، الإملاء للعكبري (1/ 74)، البحر المحيط (2/ 393)، تفسير القرطبي (4/ 25)، المعاني للأخفش (1/ 195)، تفسير الرازي (2/ 414).
«تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة» صفة أو بدل من «فئتين» بدل تفصيل، نحو:
حَتَّى إِذَا مَا اسْتَقَلَّ النَّجْمُ فِي غَلَسٍ
…
وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودُ (1)
أي: بعضه ملوي، وبعضه محصود، ويجوز عربية نصب «فئةً» ، و «كافرةً» على الحال من الضمير، أي: التقتا مختلفتين، وقرئ (2):«فئةً» بالنصب على المدح، أي: أمدح فئة، وأخرى كافرة بالنصب على الذم، أي: وأذم أخرى، وعلى القراءتين ليس بوقف، والوصل أولى.
{رَأْيَ الْعَيْنِ} [13] حسن، وقيل: كاف.
{مَنْ يَشَاءُ} [13] تام.
{لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)} [13] أتم منه، ولا وقف من قوله:«زين للناس» إلى «والحرث» ؛ لأنَّ العطف صيرها كالشيء الواحد.
{وَالْحَرْثِ} [14] حسن، ومثله «الدنيا» .
{الْمَآَبِ (14)} [14] تام، قال السدي: حسن المنقلب هو الجنة، أصل المآب: المأوب، نقلت حركة الواو إلى الهمزة الساكنة قبلها، فقلبت الواو ألفًا، وهو هنا اسم مصدر، أي: حسن الرجوع.
{مِنْ ذَلِكُمْ} [15] كاف؛ لتناهي الاستفهام إلى الإخبار، ثم يبتدئ «للذين اتقوا عند ربهم جنات» برفع «جنات» على الابتداء، و «للذين» خبره، والكلام مستأنف في جواب سؤال مقدر، كأنَّه قيل: ما الخير؟ فقيل: للذين اتقوا عند ربهم جنت، مثل قوله:«قل أفأنبئكم بشر من ذلكم» ، ثم قال: النار وعدها الله الذين كفروا، ويضعف هذا الوقف من جعل قوله:«عند ربهم» متعلقًا بـ «خير» ، وإن رفع (3):«جناتٌ» خبر مبتدأ محذوف تقديره: ذلك جنات -كان الوقف على «عند ربهم» حسنًا، وليس بوقف لمن خفض (4):«جناتٍ» بدلًا من «خير» ، ولا يوقف على ما قبل «جنات» ، ولا «عند ربهم» ،
(1) البيت من بحر البسيط، وقائله ذو الرُمَّة من قصيدة يقول في مطلعها:
يا دارَ مَيَّةَ لَم يَترُك لَنا عَلَما
…
تَقادُمُ العَهدِ وَالهوجُ المَراويدُ
- الموسوعة الشعرية
(2)
وهي قراءة ابن السميفع وابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 314)، الإملاء للعكبري (1/ 74)، البحر المحيط (2/ 393)، تفسير القرطبي (4/ 25)، تفسير الرازي (2/ 414).
(3)
وهي قراءة الأئمة العشرة بالإجماع.
(4)
وهي قراءة أبي حاتم ويعقوب في غير المتواتر، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 315)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 399)، تفسير الرازي (2/ 419).
و «أزواج مطهرة» ، و «رضوان» بالجر في الجميع؛ لعطفه على ما قبله.
{جَنَّاتٌ} [15] جائز؛ لأنَّ «تجري» في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب القراءتين (1).
{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [15] كاف.
{بِالْعِبَادِ (15)} [15] تام، قال (صاحب الدر النظيم): أؤنبئكم، رسموها بواو بعد ألف الاستفهام صورة للهمزة المضمومة كما ترى، وحذفوا الألف بعد النون في «جنات» في جميع القرآن اتفاقًا، وفي محل «الذين يقولون» الحركات الثلاث الرفع والنصب والجر؛ فمن رفعه خبر مبتدأ محذوف، أو نصبه بمقدر -كان الوقف على «بالعباد» تامًّا، أو كافيًا، وليس بوقف لمن جره بدلًا من قوله:«للذين اتقوا» ، أو نعتًا للعباد، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{ذُنُوبَنَا} [16] جائز.
{وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [16] كاف إن نصب ما بعده على المدح بإضمار أعني، أو أمدح، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «الذين يقولون» ، أو مخفوضًا نعتًا، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{بِالْأَسْحَارِ (17)} [17] تام.
إن قرئ (2): «شَهِدَ اللهُ» فعلًا ماضيًا بمعنى: أعلم بانفراده بالوحدانية، أو قضى الله، أو قرئ (3):«شُهَدَاءُ للهِ» بالرفع، على إضمار مبتدأ محذوف والإضافة، أي: هم شهداء الله، وليس بوقف إن قرئ (4):«شُهِدَ» مبنيًّا للمفعول، أي: شهد انفراده بالألوهية، أو قرئ (5):«شُهَدَاءَ للهِ» جمعًا منصوبًا مضافًا إلى الله حالًا، أو على المدح جمع شهيد أو شاهد، أو قرئ (6):«شُهُدًا اللهَ» بضم الشين والهاء، وفتح الدال منونًا، ونصب الجلالة، أو قرئ (7):«شُهُدَ اللهِ» بضم الشين والهاء، وفتح الدال وضمها مضافًا لاسم الله، فالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم شهد الله، والنصب على الحال، وهو جمع شهيد، كنذير ونذر، أو قرئ (8):«شهد لله» بضم الدال ونصبها وبلام الجر، ونسبت هذه القراءة للإمام عليٍّ كرم الله وجهه.
(1) وهما المشار إليهما في «جنات» سابقًا.
(2)
وهي قراءة الأئمة العشرة.
(3)
وهي قراءة أبي المهلب وأبي نهيك، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 316)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 403).
(4)
وهي قراءة أبي الشعثاء، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 403).
(5)
وهي قراءة أبي المهلب، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 316)، البحر المحيط (2/ 403).
(6)
لم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.
(7)
وهي قراءة أبو المهلب، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 403).
(8)
لم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.
{بِالْقِسْطِ} [18] حسن.
{الْحَكِيمُ (18)} [18] تام لمن قرأ: «إن الدين» بكسر الهمزة، وليس بوقف لمن فتحها، وهو الكسائي (1)؛ لأنَّ محلها نصب؛ لأنها مع مدخولها معمول لـ «شهد» ، وإن المعمولة لعامل يجب فتح همزتها ما لم تكن لقول، أو بإضمار حرف الجر، كأنَّه قال: شهد الله أنَّه لا إله إلَّا هو؛ لأنَّ الدين عند الله الإسلام، أو بأنَّ الدين عند الله الإسلام، وعلى هذا فلا يوقف على «بالقسط» ، ولا على «الحكيم» ؛ لئلَّا يفصل بين العامل ومعموله بالوقف.
{الْإِسْلَامُ} [19] كاف، ومثله «بغيًا بينهم» .
{الْحِسَابِ (19)} [19] تام؛ للابتداء بالشرط.
{وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [20] حسن؛ للابتداء بأمر يشمل أهل الكتاب والعرب، والأول مختص بأهل الكتاب، فلم يكن الثاني من جملة الشرط، قاله السجاوندي.
{أَأَسْلَمْتُمْ} [20] حسن؛ لتناهي الاستفهام إلى الشرط.
{فَقَدِ اهْتَدَوْا} [20] حسن؛ للابتداء بشرط آخر، وقال أبو عمرو فيهما: كاف.
{الْبَلَاغُ} [20] كاف.
{بِالْعِبَادِ (20)} [20] تام؛ للابتداء بـ «إن» .
{بِغَيْرِ حَقٍّ} [21] جائز لمن قرأ: «ويقاتلون» بألف بعد القاف؛ لعدول المعنى عن قوله: «ويقتلون» بغير ألف، وليس بوقف لمن قرأ:«ويقتلون» بغير ألف (2)؛ لفصله بين اسم «إنَّ» وخبرها، وقوله:«فبشرهم» في موضع خبر إن، وإن جعل خبر إن «أولئك الذين حبطت أعمالهم» -فلا يوقف على «أليم» ، ولا على «الناس» للعلة المذكورة.
{أَلِيمٍ (21)} [21] كاف.
{وَالْآَخِرَةِ} [22] صالح، وقال أبو عمرو: كاف؛ للابتداء بالنفي، مع اتحاد المقصود.
(1) وقرأ الباقون بكسرها. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 172)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 407)، التيسير (ص: 87)، تفسير الطبري (6/ 268)، الحجة لابن خالويه (ص: 107)، الحجة لابن زنجلة (ص: 157)، السبعة (ص: 203)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 338)، النشر (2/ 238).
(2)
قرأ حمزة وحده: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ} [21] بألف مع ضم الياء وكسر التاء، وقرأ الباقون بفتح الياء وإسكان القاف بغير ألف وضم التاء، وجه من قرأ بزيادة الألف فهو من المقاتلة، ووجه من قرأ بفتح الياء وإسكان القاف بغير ألف وضم التاء، من القتل. انظر: الإعراب للنحاس (1/ 317)، البحر المحيط (2/ 413)، التبيان للطوسي (2/ 422)، التيسير (ص: 87) تفسير الطبري (6/ 284) الحجة لأبي زرعة (ص: 158)، الغيث للصفاقسي (175) الكشاف (1/ 181).
{مِنْ نَاصِرِينَ (22)} [22] تام، ومثله «معرضون» .
{مَعْدُودَاتٍ} [24] صالح؛ لأنَّ الواو بعده تصلح للعطف وللحال، أي: وقد غرهم، أو قالوا مغرورين.
{يَفْتَرُونَ (24)} [24] كاف.
{لَا رَيْبَ فِيهِ} [25] جائز، وقال نافع: تام، وخولف في هذا؛ لأنَّ ما بعده معطوف على الجملة قبله، فهو من عطف الجمل.
{لَا يُظْلَمُونَ (25)} [25] تام.
{مَنْ تَشَاءُ} [26] جائز في المواضع الأربعة، وقد نص بعضهم على الأول منها والأخير، والوجه أنها شيء واحد.
{بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [26] كاف.
{قَدِيرٌ (26)} [26] تام.
{فِي النَّهَارِ} [27] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على أحد المتقابلين حتى يؤتى بالثاني، ومثله «من الميت» ، و «من الحي» .
{بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)} [27] تام.
{مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [28] تام؛ للابتداء بالشرط.
{فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [28] قال أبو حاتم السجستاني: كاف، ووافقه أبو بكر بن الأنباري، ولم يمعن النظر، وأظنه قلده، وكان يتحامل على أبي حاتم، ويسلك معه ميدان التعصب تغمدنا الله وإياهم برحمته، ولعل وجه هذا الوقف أنه رأى الجملة مركبة من الشرط والجزاء، وهو قوله:«ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء» ، استأنف بعده «إلا» ، على معنى: إلَّا أن يكون الخوف يحمله عليه، فعلى هذا التأويل يسوغ الوقف على شيء، وأجاز الابتداء بـ «إلَّا» هنا، وفيه ضعف؛ لأنَّ «إلَّا» حرف استدراك يستدرك بها الإثبات بعد النفي، أو النفي بعد الإثبات؛ فهي متعلقة بما قبلها في جميع الأحوال، مع أنَّ أبا حاتم في باب الوقف والابتداء هو الإمام المقتدى به في هذا الفن، ووافقه الكواشي، وقال: إلَّا أن يجعل حرف الاستثناء بمعنى: اللهم، والله أعلم بكتابه، وفصل أبو العلاء الهمداني؛ حيث قال: من العلماء من قال: إذا كان بعد الاستثناء كلام تام -جاز الابتداء بإلَّا إذا لم يتغير معنى ما قبلها، نحو:
1 -
{أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} [التين: 5].
2 -
وقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا} [الانشقاق: 24، 25].
3 -
وكقوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 159، 160].
وأما لو تغير بالوقف معنى ما قبله نحو:
1 -
{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14].
2 -
و {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأحقاف: 3].
1 -
{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249].
2 -
{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ} [الحجر: 30، 31]-فلا يبتدأ بـ «إلَّا» ، وأما إذا لم يكن بعد (إلَّا) كلام تام، بل كان متعلقًا بما قبله- فلا يوقف دونه، وقال ابن مقسم: إذا كان الاستثناء متصلًا فالوقف على ما بعدها أحسن، نحو:
1 -
{تولوا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 246].
2 -
{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249].
3 -
{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14].
إلَّا أن يكون الاستثناء بعد الآية فيوقف على ما قبل إلَّا لتمام الآية وعلى ما بعدها؛ لتمام الكلام، نحو:
1 -
{وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ} [الحجر: 39، 40].
2 -
{إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا} [الصافات: 134، 135]. وإن كان منقطعًا عما قبله فالوقف على ما قبل «إلَّا» أجود، وعلى ما بعدها حسن، ثم ما كان منه رأس آية ازداد حسنًا في الوقف، فمن المنقطع قبل تمام الآية قوله:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150] هنا الوقف، ثم يبتدئ:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة: 150]، وكذلك:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: 62]، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، والتام في ذلك كله آخر الآية، وأما المنقطع بعد تمام الآية فقوله:{قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا} [الحجر: 58 - 60]، {عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 9، 10]، {بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا} [النبأ: 24، 25]، {أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا} [التين: 5، 6]؛ فإنَّ اللفظ لفظ الاستثناء، والتقدير: الرجوع من إخبار إلى إخبار، ومن معنى إلى معنى، وللعلماء في ذلك اختلاف كبير يطول شرحه، وحاصله: أنَّ الاستثناء إن كان يتعلق بالمستثنى منه لم يوقف قبل الأوان كان بمعنى لكن، وإن ما بعده ليس من جنس ما قبله، نحو:{لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78]، {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)} [الليل: 20]، {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]؛ إذ لم يستثن «الظن» من العلم؛ لأنَّ «اتباع الظن» ليس بعلم المعنى، لكنهم يتبعون الظن، والنحويون يجعلون هذا الاستثناء منقطعًا؛ إذ لم يصح دخول ما بعد «إلَّا» فيما قبلها، ألا ترى أنَّ «الأماني» ليست من الكتاب، وتكون «إلَّا» بمعنى الواو عند قوم، نحو قوله:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
[العنكبوت: 46]، وكقوله:{إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا} [النمل: 11]، ونحو قوله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92] قال أبو عبيدة بن المثنى: «إلَّا» بمعنى الواو؛ لأنه لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدًا ولا خطأ، ومن الاستثناء ما يشبه المنقطع كقوله:{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس: 61]، فقوله:«إلَّا في كتاب» منقطع عما قبله؛ إذ لو كان متصلًا لكان بعد النفي تحقيقًا، وإذا كان كذلك وجب أن يعزب عن الله تعالى مثقال ذرة وأصغر وأكبر منها إلَّا في الحال التي استثناها، وهو قوله:«إلَّا في كتاب مبين» ، وهذا لا يجوز أصلًا، بل الصحيح الابتداء بـ «إلَّا» على تقدير الواو، أي: وهو أيضًا في كتاب مبين، ونحو ذلك قوله:{وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59]، ومعنى «فليس من الله في شيء» ، أي: ليس من توفيق الله وكرامته في شيء، أو ليس فيه لله حاجة، أي: لا يصلح لطاعته، ولا لنصرة دينه، وقال الزجاج: معناه من يتول غير المؤمنين فالله بريء منه.
{تُقَاةً} [28] حسن، وقال أبو عمرو: كاف.
{نَفْسَهُ} [28] كاف.
{الْمَصِيرُ (28)} [28] تام.
{يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [29] كاف؛ لاستئناف ما بعده، وليس معطوفًا على جواب الشرط؛ لأنَّ علمه تعالى بما في السموات وما في الأرض غير متوقف على شرط، ومثله «وما في الأرض» .
{قَدِيرٌ (29)} [29] كاف إن نصب «يوم» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وليس بوقف إن نصب بـ «يحذركم» الأولى، وكذا إن نصب بـ «المصير» ؛ للفصل بين المصدر ومعموله، كأنه قال: تصيرون إليه يوم تجد كل، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، ويضعف نصبه بـ «قدير» ؛ لأنَّ قدرته تعالى على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم، بل هو متصف بالقدرة دائمًا، ويضعف نصبه بـ «تودُّ» ، أي: تودُّ يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها تتمنى بُعْدَ ما بينها وبين ذلك اليوم وهوله.
{مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [30] تام إن جعلت «ما» مبتدأ، وخبرها «تود» ، ومن جعلها شرطية وجوابها «تود» لم يصب، ولم يقرأ أحد إلَّا بالرفع، ولو كانت شرطية لجزم «تود» ، ولو قيل: يمكن أن يقدر محذوف، أي: فهي تود، أو نوى بالمرفوع التقديم، ويكون دليلًا للجواب لا نفس الجواب -لكان في ذلك تقديم المضمر على ظاهره في غير الأبواب المستثناة، وذلك لا يجوز، وقراءة عبد الله (1):«من سوء ودت» تؤيد كون ما شرطية مفعولة بعملت، وفي الكلام حذف تقديره: تسر به، ومن سوء محضرًا
(1) وهو عبد الله بن مسعود، وكذا رويت عن ابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 430)، الكشاف (1/ 184)، المعاني للفراء (1/ 207)، تفسير الرازي (2/ 437).
حذف تسر من الأول، ومحضرًا من الثاني، والمعنى وتجد ما عملت من سوء محضرًا تكرهه، وليس بوقف إن عطف «وما عملت من سوء» على «ما عملت من خير» .
{أَمَدًا بَعِيدًا} [30] حسن، وكرر التحذير تفخيمًا وتوكيدًا، كما في قوله:
لَا أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيءٌ
…
نَغَصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى وَالفَقِيرَا (1)
{نَفْسَهُ} [30] كاف.
{بِالْعِبَادِ (30)} [30] تام.
{يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [31] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله.
{ذُنُوبَكُمْ} [31] كاف.
{رَحِيمٌ (31)} [31] تام.
{وَالرَّسُولَ} [32] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء.
{فَإِنْ تَوَلَّوْا} [32] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأتِ بعد.
{الْكَافِرِينَ (32)} [32] تام.
{الْعَالَمِينَ (33)} [33] جائز؛ من حيث كونه رأس آية، وليس بمنصوص عليه؛ لأنَّ «ذرية» حال من «اصطفى» ، أي: اصطفاهم حال كونهم ذرية بعضها من بعض، أو بدل من «آدم» وما عطف عليه على قول من يطلق الذرية على الآباء والأبناء، فلا يفصل بين الحال وذيها، ولا بين البدل والمبدل منه، فإن نصبت «ذرية» على المدح كان الوقف على «العالمين» كافيًا.
{مِنْ بَعْضٍ} [34] كاف.
{عَلِيمٌ (34)} [34] تام، على قول أبي عبيدة معمر بن المثنى أن «إذ» زائدة لا موضع لها من الإعراب، والتقدير: عنده قالت امرأة عمران رب إني نذرت؛ على أنه مستأنف، وهذا وهم من أبي عبيدة، وذلك أنَّ «إذ» اسم من أسماء الزمان فلا يجوز أن يلغى؛ لأنَّ اللغو إنَّما يكون في الحروف، وموضع «إذ» نصب بإضمار فعل، أي: اذكر لهم وقت إذ قالت، قاله المبرد، والأخفش فهي مفعول به،
(1) البيت من بحر الخفيف، وقائله عدي بن زيد، من قصيدة يقول في مطلعها:
إِنَّ لِلدَهرِ صَولَةً فَاِحذَرنَها
…
لا تَنامَنَّ قَد أَمِنتَ الدُهورا
عدي بن زيد (? - 36 ق. هـ /? - 587 م) عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي، شاعر من دهاة الجاهليين، كان قرويًا من أهل الحيرة، فصيحًا، يحسن العربية والفارسية، والرمي بالنشاب، وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، الذي جعله ترجمانًا بينه وبين العرب، فسكن المدائن ولما مات كسرى وولي الحكم هرمز أعلى شأنه ووجهه رسولًا إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية، فزار بلاد الشام، ثم تزوج هندًا بنت النعمان، وشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة.-الموسوعة الشعرية
لا ظرف، وقال الزجاج: الناصب له اصطفى مقدرًا مدلولًا عليه باصطفى الأول، أي: اصطفى آل عمران إذ قالت، فعلى هذين الوجهين لا يوقف على «عليم» ؛ لتعلق ما بعده بما قبله، أي: سمع دعاءها ورجاءها؛ فـ «إذ» متعلقة بالوصفين معًا.
{مُحَرَّرًا} [35] جائز، وهو حال من الموصول، وهو «ما في بطني» ، والعامل فيها «نذرت» ، ولا يستحسن؛ لتعلق الفاء بما قبلها.
{فَتَقَبَّلْ مِنِّي} [35] تام، عند نافع؛ للابتداء بـ «إن» .
{الْعَلِيمُ (35)} [35] كاف، ومثله «أنثى» لمن قرأ «وضعتْ» بسكون التاء (1)؛ لأنه يكون إخبارًا من الله عن أم مريم، وما بعده من كلام الله فهو منفصل من كلام مريم ومستأنف، وبها قرأ أبو جعفر، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وليس بوقف لمن قرأ بضم التاء، وهو ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم (2)، وعليه فلا يوقف على «أنثى» الأول والثاني؛ لأنهما من كلامها، فلا يفصل بينهما، فكأنها قالت اعتذارًا: إنَّي وضعتها وأنت يا رب أعلم بما وضعت.
{بِمَا وَضَعَتْ} [36] جائز، على قراءة سكون التاء (3)، وليس بوقف لمن ضمها (4).
{كَالْأُنْثَى} [36] جائز، إن جعل من كلام الله، وليس بوقف إن جعل ما قبله من كلام أم مريم، ولا وقف من «وإنِّي سميتها مريم» إلى «الرجيم» فلا يوقف على «مريم» سواء قرئ «وضعت» بسكون التاء أو بكسرها (5)، على خطاب الله لها؛ لأنَّه معطوف على «إنِّي وضعتها» ، وما بينهما معترض بين المعطوف والمعطوف عليه، مثل:{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)} [الواقعة: 76] اعترض بجملة «لو تعلمون» بين المنعوت الذي هو «لقسم» ، وبين نعته الذي هو «عظيم» ، وهنا بجملتين الأولى «والله أعلم بما وضعت» ، والثانية «وليس الذكر كالأنثى» ، قرأ نافع (6):«وإني» بفتح ياء المتكلم التي قبل الهمزة المضمومة، وكذلك كل ياء وقع بعدها همزة مضمومة إلَّا في موضعين، فإنَّ الياء تسكن فيهما:
…
{بِعَهْدِي أُوفِ} [البقرة: 40]، و {آَتُونِي أُفْرِغْ} [الكهف: 96].
{الرَّجِيمِ (36)} [36] كاف، وقيل: تام.
(1) بتاء التأنيث الساكنة.
(2)
انظر: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإعراب للنحاس (1/ 325)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، السبعة
(ص: 204).
(3)
وهي القراءة المشار إليها سابقا.
(4)
وهي قراءة ابن عامر وشعبة عن عاصم. انظر: المصادر السابقة.
(5)
وهي قراءة شاذة رويت عن عبد الله بن عباس. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 325)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، البحر المحيط (2/ 439)، الكشاف (1/ 186).
(6)
راجعها في أصول الإمام نافع بالشاطبية والطيبة.
{نَبَاتًا حَسَنًا} [37] حسن، عند من خفف «وكفّلها» ؛ لأنَّ الكلام منقطع عن الأول بتبدل فاعله؛ فإنَّ فاعل المخفف «زكريا» ، وفاعل المشدد ضمير اسم الرب عز وجل، أي: وكفلها الله زكريا، وليس بوقف لمن شدد؛ لأنَّ الفعلين معًا لله تعالى، أي: أنبتها الله نباتًا حسنًا، وكفلها الله زكريا، وبها قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم (1)، وقصر «زكريا» غير عاصم (2)؛ فإنه قرأ بالمد، فمن مدَّ أظهر النصب، ومن قصر كان في محل النصب، وخفف الباقون، ومدُّوا «زكريا» مرفوعًا (3)، أي: ضمها زكريا إلى نفسه، ومن حيث إنه عطف جملة على جملة يجوز عند بعضهم.
{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [37] جائز، على القراءتين (4)، ومثله «رزقًا» ، وكذا هذا منصوص عليهما.
{مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [37] كاف، إن جعل ما بعده من كلام الله، وجائز إن جعل من الحكاية عن مريم أنَّها قالت:«إن الله يرزق من يشاء بغير حساب» ، والأولى وصله بما بعده.
{بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)} [37] تام، وقيل: كاف؛ لأنَّ ما بعده متعلق به من جهة المعنى، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال لما رأى زكريا عليه السلام فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء –قال: إنَّ الذي يفعل هذا قادر على أن يرزقني ولدًا، فعند ذلك دعا زكريا ربه.
{طَيِّبَةً} [38] حسن؛ للابتداء بـ «إن» .
{الدُّعَاءِ (38)} [38] تام.
{الْمِحْرَابِ} [39] حسن، على قراءة من كسر همزة «إن» (5)، على إضمار القول، أي: قالت: إنَّ الله، وقد جاء إضمار القول كثيرًا، من ذلك قوله:{وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 24] أي: يقولون سلام عليكم، فإن تعلقت «إن» المكسورة بفعل مضمر، ولم تتعلق
(1) وهم أهل الكوفة وقرءوا بتشديد الفاء، ولا أعلم إن كان قصد المؤلف بالتخفيف أم التشديد؟، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بتشديد الفاء. انظرهذه القراءة: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، البحر المحيط (2/ 422)، السبعة (ص: 204)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 341)، التبيان للطوسي (2/ 435)، المعاني للأخفش (1/ 200)، المعاني للفراء (1/ 208)، النشر (2/ 239)، الإرشاد (ص: 261).
(2)
قرأ عاصم وحمزة والكسائي -وهم أهل الكوفة- بالقصر، ولا أعلم من أين أتى المؤلف بوجه مد «زكريا» لعاصم. انظرهذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، السبعة (ص: 204)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 341)، المعاني للأخفش (1/ 200)، النشر (2/ 239).
(3)
وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. انظر: المصادر السابقة.
(4)
أي: تخفيف الفاء وتشديدها من «كفلها» ، وقصر ومد «زكرياء» ، وهما المشار إليهما سابقًا.
(5)
وهي قراءة ابن عامر، وحمزة وهي من قوله تعالى:{أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ} [39]. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 174)، الإملاء للعكبري (1/ 78)، البحر المحيط (2/ 446)، التيسير للداني (ص: 87)، تفسير الطبري (6/ 366)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 343)، المعاني للفراء (1/ 210).
بما قبلها من الكلام -حسن الابتداء بها، والوقف على ما قبلها، وليس بوقف لمن فتحها (1)؛ لأنَّ التقدير: بأن الله، فحذف الجار، ووصل الفعل إلى ما بعده، فهو منصوب المحل بقوله: فنادته؛ لأنَّه فعل يتعدى إلى مفعولين أحدهما: الهاء، والثاني:«أنَّ الله» ، وأما من أقام النداء مقام القول فلا يقف على «المحراب» ، وكذا على قراءة من قرأ:«أنَّ الله» بفتح الهمزة (2)، على تقدير: بأنَّ الله، أي: بهذا اللفظ؛ لتعلق ما بعد المحراب بما قبله، انظر: النكزاوي.
{الصَّالِحِينَ (39)} [39] كاف، وقيل: تام
{عَاقِرٌ} [40] حسن، ووقف بعضهم على «كذلك» ، على أن الإشارة بكذلك إلى حال زكريا وحال امرأته، كأنه قال: رب على أيِّ وجه يكون لنا غلام ونحن بحال كذا؟ فقال له: كما أنتما يكون لكما الغلام، والكلام تم في قوله:«كذلك» ، وقوله:«الله يفعل ما يشاء» جملة مبينة مقررة في النفس وقوع هذا الأمر المستغرب، وعلى هذا يكون «كذلك» متعلقًا بمحذوف، «والله يفعل ما يشاء» جملة منعقدة من مبتدأ وخبر، وليس بوقف إن جعلت الكاف في محل نصب حال من ضمير ذلك، أي: يفعله حال كونه مثل ذلك، أو جعلت في محل رفع خبر مقدم، والجلالة مبتدأ مؤخر. اهـ سمين
{مَا يَشَاءُ (40)} [40] تام، وهو رأس آية.
{اجْعَلْ لِي آَيَةً} [41] حسن، ومثله «رمزًا» ، وقيل: تام؛ للابتداء بالأمر.
{وَالْإِبْكَارِ (41)} [41] تام، على أنَّ «إذ» منصوبة المحل بمضمر، تقديره: واذكر، وحسن إن جعل ما بعده معطوفًا على ما قبله من عطف الجمل.
{الْعَالَمِينَ (42)} [42] تام؛ للابتداء بالنداء.
{الرَّاكِعِينَ (43)} [43] حسن.
{نُوحِيهِ إِلَيْكَ} [44] كاف عند أبي حاتم، ومثله «يكفل مريم» ، و «يختصمون» .
{بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} [45] جائز، ويبتدئ اسمه «المسيح» بكسر الهمزة، ومثله «عيسى ابن مريم» إن جعل «عيسى» خبر مبتدأ محذوف، أي: هو عيسى، وليس بوقف إن جعل اسمه المجموع من قوله:«المسيح عيسى ابن مريم» كما في (الكشاف)، أو جعل «عيسى» بدلًا من المسيح، أو عطف بيان، و «ابن مريم» صفة لـ «عيسى» .
{وَالْآَخِرَةِ} [45] جائز، ومثله «المقربين» عند من جعل «ويكلم» مستأنفًا على الخبر، والأَوْجَهُ أنَّ «وجيهًا» ، «ومن المقربين» ، «ويكلم» ، «من الصالحين» ، هذه الأربعة أحوال انتصبت عن قوله:«بكلمة» ، والمعنى: إنَّ الله يبشرك بهذه الكلمة موصوفة بهذه الصفات الجميلة، ولا يجوز أن تكون من
(1) وهي قراءة نافع - ابن كثير - أبو عمرو - والكسائي. انظر: المصادر السابقة.
(2)
وهي القراءة المشار إليها آنفًا.
«المسيح» ، ولا من «عيسى» ، ولا من «ابن مريم» ولا من الهاء في «اسمه» ، انظر تعليل ذلك في: المطولات فلا يوقف على «كهلًا» ؛ لأنَّ «ومن الصالحين» معطوف على وجهين، أي: وجيهًا، ومقربًا، وصالحًا، أو يبشرك بعيسى في حال وجاهته، وكهولته، وتقريبه، وصلاحه.
{الصَّالِحِينَ (46)} [46] تام.
{بَشَرٌ} [47] كاف، ومثله «ما يشاء» .
{كُنْ} [47] جائز.
{فَيَكُونُ (47)} [47] تام لمن قرأ: «ونعلمه» بالنون، على الاستئناف، وكاف لمن قرأ بالياء التحتية عطفًا على «يبشرك» من عطف الجمل (1).
{وَالْإِنْجِيلَ (48)} [48] حسن إن نصب «ورسولًا» بمقدر، أي: ونجعله رسولًا، وليس بوقف لمن عطفه على «وجيهًا» ، فيكون حالًا، أي: ومعلمًا الكتاب، وهو ضعيف؛ لطول الفصل بين المتعاطفين، وكذا على قراءة البزي، و «رسولٍ» بالجر عطفًا على «بكلمة منه» ، أي: يبشرك بكلمة منه ورسول؛ لبعد المعطوف عليه والمعطوف (2).
{مِنْ رَبِّكُمْ} [49] كاف لمن قرأ: «إني أخلق» بكسر الهمزة، وهو نافع (3)؛ على الاستئناف، أو على التفسير، فسر بهذه الجملة قوله:«بآية» كأنَّ قائلًا قال: وما الآية؟ فقال: إني أخلق، ونظيرها يأتي في قوله:{إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} [59]، فجملة «خلقه» مفسرة للمثل، وكما في قوله:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 9]، ثم فسّر الوعد بقوله:{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} [المائدة: 9]، فالاستئناف يؤتى به تفسيرًا لما قبله، وليس بوقف لمن قرأ بفتحها بدلًا من «أني قد جئتكم» ، أو جعله في موضع خفض بدلًا من آية؛ بدل كل من كل إن أريد بالآية الجنس، أو جعلت خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أني؛ فقوله: «أني» يجوز أن يكون في موضع رفع، أو نصب، أو جر، على اختلاف المعنى، وفتحها
(1) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالنون، والباقون بالياء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 174)، الإعراب للنحاس (1/ 334)، الإملاء للعكبري (1/ 79)، البحر المحيط (2/ 463)، التيسير (ص: 88)، تفسير الطبري (6/ 422)، الحجة لابن خالويه (ص: 109)، الحجة لابن زنجلة (ص: 163)، السبعة (ص: 206)، الغيث للصفاقسي (ص: 176)، الكشف للقيسي (1/ 344)، المعاني للأخفش (1/ 205)، تفسير الرازي (2/ 457)، النشر (2/ 240).
(2)
قراءة الجماعة بالنصب، ولا أعلم من أين أتى المؤلف بالجر للبزي؟ وإنما قرأ بالجر شاذًا لليزيدي. انظر: البحر المحيط (2/ 465)، والكشاف (1/ 190).
(3)
وقرأ الباقون بفتح الهمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 175)، الإملاء للعكبري (1/ 79)، البحر المحيط (2/ 465)، التبيان للطوسي (2/ 467)، التيسير (ص: 88)، المجمع للطبرسي (2/ 444)، تفسير الرازي (2/ 458).
على إسقاط الخافض، فموضعها جر، أي: بأني، ويجري الخلاف المشهور بين سيبويه والخليل في محل «أني» نصب عند سيبويه، وجر عند الخليل.
{بِإِذْنِ اللَّهِ} [49] جائز في الموضعين.
{فِي بُيُوتِكُمْ} [49] كاف، ومثله «مؤمنين» إن نصب «ومصدقًا» بفعل مقدر، أي: وجئتكم مصدقًا لما بين يديَّ، وليس بوقف إن نصب عطفًا على «رسولًا» ، أو على الحال مما قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، وجواب «إن كنتم» محذوف، أي: انتفعتم بهذه الآية وتدبرتموها.
{حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [50] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن عطف ما بعده على ما قبله.
{مِنْ رَبِّكُمْ} [50] حسن.
{وَأَطِيعُونِ (50)} [50] كاف.
{فَاعْبُدُوهُ} [51] حسن، وقيل: كاف.
{مُسْتَقِيمٌ (51)} [51] تام.
{إِلَى اللَّهِ} [52] الأول حسن، والثاني ليس بوقف؛ لأنَّ «آمنا» في نظم الاستئناف، مع إمكان الحال، أي: قد آمنا كذلك.
{مُسْلِمُونَ (52)} [52] كاف، ومثله «الشاهدين» .
{وَمَكَرَ اللَّهُ} [54] حسن.
{الْمَاكِرِينَ (54)} [54] كاف.
{مُتَوَفِّيكَ} [55] جائز، ومثله «ورافعك إليَّ» ، وليس منصوصًا عليهما، والأولى وصلهما، وقيل: هو من المقدم والمؤخر، أي: رافعك إليَّ حيًّا، ومتوفيك.
{وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [55] حسن، إن جعل الخطاب في «اتبعوك» للنبي صلى الله عليه وسلم، والذين اتبعوه هم المسلمون، أي: وجاعل الذين اتبعوك يا محمد فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، فهو منقطع عما قبله في اللفظ، وفي المعنى؛ لأنَّه استئناف خبر له، ومعنى قوله:«فوق الذين كفروا» ، أي: في الحجة وإقامة البرهان، وقيل: في اليد والسلطنة والغلبة، ويؤيد هذا ما في الصحيح: عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» (1)، وقيل: يراد بالخطاب عيسى، وليس بوقف إن جعل الخطاب لعيسى عليه وعلى نبينا أفضل
(1) أخرجه أحمد (5/ 278، رقم: 22448)، ومسلم (4/ 2215، رقم: 2889)، وأبو داود (4/ 97، رقم: 4252)، والترمذى (4/ 472، رقم: 2176)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2/ 1304، رقم: 3952)، وأبو عوانة (4/ 508، رقم: 7509)، وابن حبان (16/ 220، رقم: 7238)، وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/ 311، رقم: 31694).
الصلاة والسلام، ولا يخفى أنَّ المذكور في الآية الشريفة إنما هو عيسى؛ لكون الكلام مع اليهود الذين كفروا به، وراموا قتله، وما في خط شيخ الإسلام، وفي النسخ القديمة موسى، لعله سبق قلم، أو تصحيف من النساخ، وفي ترتيب هذه الأخبار الأربعة أعني:«متوفيك» ، «ورافعك إليَّ» ، «ومطهرك» ، و «وجاعل» ترتيب حسن؛ وذلك أنَّ الله تعالى بشره أولًا بأنه متوفيه ومتولي أمره، فليس للكفار المتوعدين له بالقتل سلطان ولا سبيل، ثم بشره ثانيًا بأنه رافعه إليه، أي: إلى سمائه محل أنبيائه وملائكته، ومحل عبادته؛ ليسكن فيها، ويعبد ربه مع عابديه، ثم ثالثًا بتطهيره من أوصاف الكفرة وأذاهم، وما قذفوه به، ثم رابعًا برفعة تابعيه على من خالفه؛ ليتم بذلك سروره، وقدم البشارة بنفسه؛ لأنَّ الإنسان بنفسه أهم، قال تعالى:{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}
[التحريم: 6]، وفي الحديث:«ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» (1).
{يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [55] جائز.
{تَخْتَلِفُونَ (55)} [55] كاف؛ للتفصيل بعده.
{وَالْآَخِرَةِ} [56] كاف أيضًا؛ للابتداء بالنفي.
{مِنْ نَاصِرِينَ (56)} [56] تام.
{أُجُورَهُمْ} [57] حسن.
{الظَّالِمِينَ (57)} [57] كاف؛ لأنَّ «ذلك» مبتدأ، و «من الآيات» في محل رفع خبر.
{الْحَكِيمِ (58)} [58] تام.
{كَمَثَلِ آَدَمَ} [59] حسن، وليس بتام، ولا كاف؛ لأنَّ «خلقه من تراب» تفسير للمثل، وهو متعلق به، فلا يقطع منه، وقال يعقوب: تام، و «خلقه من تراب» مستأنف، وإنما لم يكن خلقه متصلًا به؛ لأنَّ الإعلام لا يتصل بها الماضي، فلا تقول: مررت بزيد قام؛ لأنَّ قام لا يكون صفة لزيد ولا حالًا؛ لأنه قد وقع وانقطع، فإن أضمرت في الكلام قد جاز أن يتصل الماضي بالإعلام؛ لأنَّ الجمل بعد المعارف أحوال، وفي جملة «خلقه من تراب» وجهان: أظهرهما: أنها مفسرة لوجه التشبيه، فلا محل لها من الإعراب، والثاني: أنها في محل نصب على الحال من «آدم» ، و «قد» معه مقدرة؛ لتقربه من الحال؛ والعامل فيها معنى التشبيه والضمير في «خلقه» عائد على «آدم» ، لا على «عيسى» ؛ لفساد المعنى.
{كُنْ} [59] جائز؛ لاستئناف ما بعده، وما بعد الأمر ليس جوابًا له، وإنما أراد تعالى، فهو يكون
(1) قال الألباني: حديث "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" صحيح. وهو مركب من حديثين في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، (ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك).
على الاستئناف؛ فلذلك انقطع عما قبله، وليس بوقف على قراءة الكسائي من نصب ما بعد الفاء (1)، وذلك أن ما بعدها معطوف على ما عملت فيه «كن» ، واختلف في المقول له «كن» ، فالأكثر على أنَّه «آدم» ، وعليه يسئل، ويقال: إنما يقال له: «كن» قبل أن يخلقه، لا بعده، وهنا «خلقه» ، ثم قال له:«كن» ، ولا تكوين بعد الخلق؟ فالجواب: أنه تعالى أخبرنا أولًا بأنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، ثم ابتدأ خبرًا آخر فقال: إني مخبركم بعد خبري الأول أني قلت له: كن فكان مثل قوله:
إنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ
…
ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهُ (2)
ومعلوم أن الأب متقدم عليه، والجد متقدم على الأب، فالترتيب يعود إلى الخبر، لا إلى الوجود.
{فَيَكُونُ (59)} [59] تام.
{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [60] جائز، أي: الذي أنبأك به في قصة عيسى الحق من ربك، أو هو الحق من ربك، أو أمر عيسى فهو خبر مبتدأ محذوف.
{الْمُمْتَرِينَ (60)} [60] تام، ولا وقف من قوله:«فمن حاجك» إلى «الكاذبين» ، فلا يوقف على «من العلم» ؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد.
{الْكَاذِبِينَ (61)} [61] تام.
{الْحَقُّ} [62] كاف.
{إِلَّا اللَّهُ} [62] حسن؛ لأنَّ «من إله» مبتدأ، و «من» زائدة، و «إلَّا الله» خبر، أي: ما إله إلَّا الله.
{الْحَكِيمُ (62)} [62] تام، ومثله «بالمفسدين» ، وكذا «بيننا وبينكم» عند نافع إن رفع ما بعده؛ على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ فإنَّ العادة أنه لا يبتدأ بـ «إلَّا» ؛ لأنَّ الغالب أنها تكون في محل نصب أو جر، فهي مفتقرة إلى عاملها، وهنا كأنَّ قائلًا قال: ما الكلمة؟ فقيل: هي ألَّا نعبد إلَّا الله، وهذا وإن كان جائزًا عربية رفعه -فالأحسن وصله، وليس بوقف إن جعلت «أن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء، والظرف قبلها خبر، وكذا لا يوقف على «بينكم» إن جعلت «أن» فاعلًا بالظرف قبلها، وحينئذ يكون الوقف على «سواء» ، ثم يبتدأ «بيننا وبينكم ألَّا نعبد إلَّا الله» ، وهذا فيه بعد من حيث المعنى، وكذا لا يوقف عليه إن جر على أنه بدل من كلمة بتقدير: تعالوا إلى كلمة، وإلى «ألَّا نعبد إلَّا الله» ؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله، ورسموا «ألَّا نعبد» بغير نون بعد الألف.
(1) روي نصب النون بعد الفاء من «فيكون» ، ابن عامر وحده من العشر، أما ما ذكره المصنف فلا أصل له إن كان يقصد ما ذكرته؟!. انظر هذه القراءة في: التيسير (ص: 76، 88)، الحجة لابن خالويه (ص: 110)، السبعة
(ص: 207).
(2)
البيت من بحر الخفيف، مجهول القائل، وذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب-الموسوعة الشعرية
{دُونِ اللَّهِ} [64] تام؛ للابتداء بعده بالشرط، ومثله «مسلمون» .
{إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} [65] كاف؛ للابتداء بالاستفهام.
{تَعْقِلُونَ (65)} [65] تام.
{فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [66] جائز؛ للاستفهام بعده.
{لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [66] كاف؛ لاستئناف ما بعده.
{وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66)} [66] تام؛ للابتداء بالنفي بعده.
{وَلَا نَصْرَانِيًّا} [67] ليس بوقف؛ لأنَّ «لكن» حرف يقع بين نقيضين، وهما هنا اعتقاد الباطل والحق.
{مُسْلِمًا} [67] جائز.
{مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)} [67] تام.
{لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [68] كاف، فـ «أولى الناس» في محل نصب اسم «إنَّ» ، و «للذين» في محل رفع خبرها، واللام في «للذين» لام التوكيد، و «هذا النبي» عطف على «للذين» ، و «الذين آمنوا» في محل رفع بالعطف على «النبي» والوقف على «آمنوا» ، وقال النكزاوي: اختلف في ضمير «اتبعوه» ، فقيل: هو ضمير جماعة المسلمين راجع إلى «الذين» ، وقيل: راجع إلى القوم الذين كانوا في زمن إبراهيم، فآمنوا به واتبعوه كقس بن ساعدة، وزيد بن عمرو، وقال يعقوب: الوقف على «اتبعوه» كاف، ويبتدأ «وهذا النبي» على الاستئناف، والأجود العطف، ويدل على صحته الحديث المسند:«إنَّ لكل بيت وليًّا، وإنَّ ولييَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام» ، ثم قرأ هذه الآية اهـ (1). مع حذف، وقرأ أبو السَمَّال العدوي (2):«وهذا النبيَّ» بالنصب (3)؛ عطفًا على الهاء في «اتبعوه» ، كأنه قال: اتبعوه واتبعوا هذا النبي، ذكره ابن مقسم، والوقف على هذا الوجه على «آمنوا» ، ومن نصب «النبي» على الإغراء وقف على «اتبعوه» ثم يبتدئ «وهذا النبي» بالنصب، كأنه قال: واتبعوا هذا النبي على لفظ الأمر، وهذا أضعف الأوجه، وقرئ بالجر (4)؛ عطفًا على إبراهيم، أي: إنَّ أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي، وعلى هذا كان ينبغي أن يثني الضمير في «اتبعوه» ، فيقول: اتبعوهما، اللهمّ إلَّا أن يقال: هو من
(1) لم أعثر عليه.
(2)
قعنب بن أبي قعنب أبو السّمَّال، العدوي البصري، له اختيار في القراءة شاذ عن العامة، رواه عنه أبو زيد سعيد بن أوس، وأسند الهذلي قراءة أبي السَمَّال عن هشام البربري عن عباد بن راشد عن الحسن عن سمرة عن عمر وهذا سند لا يصح. انظر: غاية النهاية -الموسوعة الشاملة
(3)
وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 341)، الإملاء للعكبري (1/ 81)، البحر المحيط (2/ 488)، الكشاف (1/ 94).
(4)
لم أستدل على من قرأ بها، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 488).
باب والله ورسوله أحق أن يرضوه.
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [68] حسن.
{وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [68] تام.
{لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [69] حسن.
{وَمَا يَشْعُرُونَ (69)} [69] تام، ومثله «تشهدون» ، وكذا «وأنتم تعلمون» .
آخره ليس بوقف؛ لحرف الترجي بعده؛ لأنَّ الإنسان يترجى بها شيئًا يصل إليه بسبب من الأسباب.
{يَرْجِعُونَ (72)} [72] صالح؛ لأنَّ ما بعده من جملة الحكاية عن اليهود، وأنَّ الواو بعده للعطف، فإن جعلت للاستئناف كان الوقف على «ترجعون» كافيًا.
{دِينَكُمْ} [73] تام، يبنى الوقف على «هدى الله» ، ووصله بما بعده على اختلاف القراء والمعربين، فللقراء في محل «أن يؤتى» خمسة أوجه، وللمعربين فيه تسعة أوجه، والوقف تابع لها في تلك الأوجه، ولهذا قال الواحدي (1): وهذه الآية من مشكلات القرآن، وقال غيره: هي أشكل ما في السورة، قرأ العامة:«أَن يؤتى» بفتح الهمزة والقصر (2)، ومعناها: قالت اليهود بعضهم لبعض: لا تصدقوا، ولا تقروا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والحكمة إلَّا لمن اتبع اليهودية، وقرأ ابن محيصن (3)، وحميد (4) ..............................................
(1) علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي: مفسر، عالم بالأدب، نعته الذهبي بإمام علماء التأويل، كان من أولاد التجار أصله: من ساوة (بين الري وهمذان) ومولده ووفاته بنيسابور، له: البسيط، والوسيط، والوجيز -كلها في التفسير، وقد أخذ الغزالي هذه الأسماء وسمى بها تصانيفه، وشرح ديوان المتنبي، وأسباب النزول، وشرح الأسماء الحسنى، وغير ذلك وهو كثير، والواحدي نسبة إلى الواحد بن الديل ابن مهرة (ت 468 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 255).
(2)
وهي قراءة متواترة رويت عن جمهور القراء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480).
(3)
محمد بن عبد الرحمن ابن محيصن السهمي بالولاء، أبو حفص المكي: مقرئ أهل مكة بعد ابن كثير، وأعلم قرائها بالعربية، انفرد بحروف خالف فيها المصحف، فترك الناس قراءته ولم يلحقوها بالقراءات المشهورة، وكان لا بأس به في الحديث، روى له مسلم والترمذي والنسائي حديثا واحدا (ت 123 هـ). انظر: غاية النهاية (2/ 167)، العبر (1/ 157)، تهذيب التهذيب (7/ 474)، الأعلام للزركلي (6/ 189).
(4)
حميد بن قيس الأعرج، أبو صفوان المكي القارئ ثقة، أخذ القراءة عن مجاهد بن جبر، وعرض عليه ثلاث مرات، روى القراءة عنه سفيان بن عيينة، وأبو عمرو بن العلاء وإبراهيم بن يحيى ابن أبي حية وجنيد بن عمرو العدواني وعبد الوارث بن سعيد، (ت 130هـ). انظر: غاية النهاية ترجمة رقم: 1200 - الموسوعة الشاملة
فوق العشرة بمد الهمزة (1)؛ على الاستئناف التوبيخي الإنكاري، وقرأ ابن كثير في السبع على قاعدته بتسهيل الثانية بَيْنَ بَيْنَ من غير مدٍّ بينهما على الاستفهام (2)، ولام العلة والمعلل محذوفان، أي: إلا أن يؤتى أحد دبرتم ذلك وقلتموه، فحذفت اللام، ونصبت أن ومدخولها، أي: محلهما، كأنه قال: لا تؤمنوا إلَّا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، وقرأ الأعمش (3)، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن جبير (4):«إن يؤتى» بكسر الهمزة (5)؛ على أنها نافية، أي: ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم خطاب من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، والوقف على «دينكم» ؛ لأنَّ ما بعده يكون منقطعًا عن الأول، وقرأ الحسن (6): «أن
(1) وهي قراءة شاذة ورويت أيضا عن الحسن. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 497)، تفسير القرطبي (4/ 114)، المحتسب لابن جني (1/ 163).
(2)
انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480).
(3)
سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش: تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشأه ووفاته في الكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، يروي نحو (1300) حديث، قال الذهبي: كان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح، وقال السخاوي: قيل: لم ير السلاطين والملوك والأغنياء في مجلس أحقر منهم في مجلس الأعمش مع شدة حاجته وفقره (ت 148 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (3/ 153).
(4)
سعيد بن جبير الأسدي، بالولاء، الكوفي، أبو عبد الله: تابعي، كان أعلمهم على الإطلاق، وهو حبشي الأصل، من موالي بني والبة بن الحارث من بني أسد، أخذ العلم عن عبد الله بن عباس وابن عمر، ثم كان ابن عباس، إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، قال: أتسألونني وفيكم ابن أم دهماء؟ يعني سعيدا، ولما خرج عبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث، على عبد الملك بن مروان، كان سعيد معه إلى أن قتل عبد الرحمن، فذهب سعيد إلى مكة، فقبض عليه واليها (خالد القسري)، وأرسله إلى الحجاج، فقتله بواسط، قال الإمام أحمد بن حنبل: قتل الحجاج سعيدا وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه (ت 95 هـ). انظر الأعلام للزركلي (3/ 93).
(5)
وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 497)، تفسير القرطبي (4/ 114)، المحتسب لابن جني (1/ 163).
(6)
الحسن البصري (21 - 110 هـ = 642 - 728 م) الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد: تابعي، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك، ولد بالمدينة، وشبّ في كنف علي بن أبي طالب، واستكتبه الربيع ابن زياد والي خراسان في عهد معاوية، وسكن البصرة، وعظمت هيبته في القلوب فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، لا يخاف في الحق لومة، وكان أبوه من أهل ميسان، مولى لبعض الأنصار، قال الغزّالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلامًا بكلام الأنبياء، وأقربهم هديًا من الصحابة، وكان غاية في الفصاحة، تتصبب الحمكة من فيه، وله مع الحجاج ابن يوسف مواقف، وقد سلم من أذاه، ولما ولي عمر ابن عبد العزيز الخلافة كتب إليه: إني قد ابتليت بهذا الأمر فانظر لي أعوانًا يعينونني عليه، فأجابه الحسن: أما أبناء الدنيا فلا تريدهم، وأما أبناء الآخرة فلا يريدونك، فاستعن بالله. أخباره كثيرة، وله كلمات سائرة وكتاب في: فضائل مكة، توفي بالبصرة. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 226).
يؤتِىَ» (1) بفتح الهمزة، وكسر الفوقية، وفتح التحتية مبنيًّا للفاعل، و «أحد» فاعل، والمفعول الأول محذوف، أي: أحدًا وأبقى الثاني وهو مثل، والتقدير: أن يؤتى أحد أحدًا مثل ما أوتيتم هذا توجيه القراءات، وأما توجيه الإعراب ففي محل أن يؤتى تسعة أوجه: ثلاثة من جهة الرفع، وأربعة من جهة النصب، وواحد من جهة الجر، وواحد محتمل للنصب والجر، ويوقف على «هدى الله» في أربعة منها، وهي إن قرئ (2):«ءأن يؤتى» بالاستفهام؛ لأنَّ الاستفهام له صدر الكلام سواء قرئ بهمزة محققة، أو مسهلة، أو نصب «أن» على الاشتغال، أو علق بالهدى، أو أنَّ «إن» بمعنى ما، وليس بوقف إن أعرب «أن» بدلًا من «هدى الله» ، أو خبرًا لـ «أن» ، أو معمولًا لما قبله، أو متعلقًا بما قبله، أو متعلقًا بلا تؤمنوا، أو قرئ:«أن يؤتَى» بالفتح والقصر؛ لأنه يصير علة لما قبله، كما ستراه.
فالأول من أوجه الرفع: أن «يؤتى» يصح أن يكون محله رفعًا؛ على أنه مبتدأ على قول من يرفع، نحو: أزيد ضربته، والخبر محذوف، أي: إيتاء أحد مثل ما أوتيتم تصدقونه، أو تقرون به، أي: لا تصدقوا بذلك، فهو إنكار أن يؤتى أحد مثل الذي أوتوه من التوراة وغيرها، فهو حينئذ من كلام اليهود بعضهم لبعض، والوقف على «هدى الله» تام؛ لأنه من كلام الله.
والثاني من أوجه الرفع: أن «يؤتى» بدل من «هدى الله» الذي هو خبر «إن» ، أي: إنَّ الهدى هدى الله هو أن يؤتى أحد كالذي جاءنا نحن، فيكون من كلام اليهود.
والثالث من أوجه الرفع: أن «أن يؤتى» خبر إن.
وأما أوجه النصب: فأحدها: أنَّ «أن» بفتح الهمزة بمعنى: لا، نقل ذلك بعضهم عن الفراء، فأقام «أن» مقام ما، و «أو» بمعنى: إلَّا، فـ «أن» ومدخولها في محل نصب بالقول المحذوف، أي: وقولوا لهم لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلَّا أن يحاجوكم، وردَّ بأن جعل «أن» المفتوحة للنفي غير محفوظ، بل هو قول مرغوب عنه.
والثاني من أوجه النصب: أن يكون مفعولًا بمحذوف، أي: إذا كان الهدى هدى الله فلا تنكروا أن
(1) وهي قراءة متواترة رويت عن جمهور القراء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480).
(2)
وهي قراءة ابن كثير المكي. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، الإعراب للنحاس (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196).
يؤتى أحد، واستبعده أبو حيان بأنَّ فيه حذف حرف النهي، وحذف معموله، وهو غير محفوظ، وردّ عليه تلميذه السمين (1) بأنه متى دل دليل على حذف العامل جاز على أي وجه كان.
والثالث من أوجه النصب: هو «أن يؤتى» مفعول لأجله، أي: ولا تؤمنوا إلَّا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد، أو مخافة أن يحاجوكم، أو أن آن يؤتى بالمد على الاستفهام مفعول لأجله أيضًا، فليس هو من قول اليهود، أي: الخوف أن يؤتى أحد قلتم ذلك، ونقل ابن عطية الإجماع على أنَّ ولا تؤمنوا من مقول اليهود غير سديد.
والرابع من أوجه النصب: أنَّ «أن يؤتى» منصوب على الاشتغال، أي: تذكرون أن يؤتى أحد تذكرونه، فتذكرونه مفسر بكسر السين، ولكونه في قوة المنطق صح أن يفسر.
وأما وجه الجر: فـ «أن» أصلها لأن فأبدلت لام الجر مدة كقراءة ابن عامر: «آن كان ذا مال» بهمزة محققة ومسهلة، أو محققتين، وبها قرأ حمزة، وعاصم، أي: لأن كان ذا مال (2).
والوجه المحتمل: هو أنَّ «أن يؤتى» متعلق بـ «لا تؤمنوا» على حذف حرف الجر، أي: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد، ولا يؤمنوا بأن يحاجوكم، فيكون «أن يؤتى» وما عطف عليه مفعولًا لقوله:«ولا تؤمنوا» ، وعلى هذا لا يوقف على «من تبع دينكم» ؛ لأنَّ «أن» متصلة بما قبلها، فلا يفصل بين الفعل والمفعول، ويجوز أن لا تقدر الباء، فتقول: ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد النبوة والكتاب إلَّا لمن اتبع دينكم، فـ «أن يؤتى» من تمام الحكاية عن اليهود، وقوله:«قل إن الهدى هدى الله» اعتراض بين الفعل والمفعول، وإن جعل «أن يؤتى» متصلًا بـ «الهدى» بتقدير: قل إنَّ الهدى هدى الله أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون وأن لا يحاجوكم -كان الوقف على «لمن تبع دينكم» اهـ من أبي حيان، وتلميذه السمين ملخصًا، وهذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف، ولكن ما ذكر فيه كفاية، غفر الله لمن نظر بعين الإنصاف وستر ما يرى من الخلاف.
{عِنْدَ رَبِّكُمْ} [73] حسن.
(1) السمين (000 - 756 هـ = 000 - 1355 م) أحمد بن يوسف بن عبد الدايم الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، المعروف بالسمين: مفسِّر، عالم بالعربية، والقراءات، شافعي، من أهل حلب، استقر واشتهر في القاهرة، من كتبه: تفسير القرآن، والقول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز، والدر المصون -في إعراب القرآن، وعمدة الحفاظ، في تفسير أشرف الألفاظ -في غريب القرآن، وشرح الشاطبية -في القراءات، قال ابن الجزري: لم يسبق إلى مثله. انظر: الأعلام للزركلي (1/ 274).
(2)
انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 421)، الإعراب للنحاس (3/ 485)، التيسير (ص: 213)، تفسير الطبري (29/ 18)، تفسير القرطبي (18/ 336)، الحجة لابن خالويه (ص: 351)، الحجة لابن زنجلة (ص: 717)، السبعة (ص: 646)، الغيث للصفاقسي (ص: 371)، الكشاف (4/ 143)، الكشف للقيسي (2/ 331)، المعاني للفراء (3/ 173)، تفسير الرازي (30/ 86)، النشر (1/ 367).
{بِيَدِ اللَّهِ} [73] كاف؛ لأنَّ «يؤتيه» لا يتعلق بما قبله، مع أنَّ ضميري فاعله ومفعوله عائدان إلى الله وإلى الفضل، قاله السجاوندي.
{مَنْ يَشَاءُ} [73] كاف، ومثله «واسع عليم» ، وكذا «من يشاء» .
{الْعَظِيمِ (74)} [74] تام.
{يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [75] حسن.
{قائِماً} [75] كاف؛ لأنَّ «ذلك» مبتدأ.
{سَبِيلٌ} [75] حسن.
{يَعْلَمُونَ (75)} [75] كاف، وقيل: تام.
{بَلَى} [76] ليس بوقف، وقيل: وقف؛ لأنَّ «بلى» جواب للنفي السابق، أي: بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم، وتقدم في البقرة ما يغني عن إعادته.
{الْمُتَّقِينَ (76)} [76] تام.
{فِي الْآَخِرَةِ} [77] جائز.
{وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [77] كاف.
{أَلِيمٌ (77)} [77] تام.
{وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ} [78] كاف؛ على استئناف ما بعده، ومثله «ويقولون هو من عند الله» .
وقوله: {وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] أكفى منهما.
{يَعْلَمُونَ (78)} [78] تام، ولا وقف من قوله:«ما كان لبشر» إلى «تدرسون» ، فلا يوقف على «النبوة» ؛ لاتساق ما بعده على ما قبله؛ لأنَّ ما بعده جملة سيقت توكيدًا للنفي السابق، أي: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، ولا له أن يقول كما تقول: ما كان لزيد قيام ولا قعود؛ على انتفاء كل منهما، فهي مؤكدة للجملة الأولى، والجملة -وإن كانت في اللفظ منفصلة- فهي في المعنى متصلة؛ إذ شرط عطف الجملة على الجملة أن يكون بينهما مناسبة بجهة جامعة، نحو: زيد يكتب، ويشعر، وسبب نزولها: أنَّ أبا رافع القرظي اليهودي، والرئيس من نصارى نجران قالا: يا محمد، تريد أن نعبدك ونتخذك ربًّا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«معاذ الله ما بذلك أمرت ولا إليه دعوت» (1) فانتفاء القول معطوف على أن يؤتيه، فلا يفصل بينهما بالوقف، ولا يوقف على «من دون الله» ؛ لتعلق ما بعده بما قبله استدراكًا وعطفًا، وما رأيت أحدًا دعم هذين الوقفين بنقل تستريح النفس به.
(1) وهذه الرواية ذكرت في: البحر المحيط وتفسير الثعالبي والمحرر الوجيز، عند تفسير قوله تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ الله وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].
{تَدْرُسُونَ (79)} [79] كاف؛ على قراءة «ولا يأمركم» بالرفع، وليس بوقف لمن قرأه بالنصب (1)، عطفًا على أن يؤتيه الله، أي: ولا أن يأمركم؛ ففاعل «يأمركم» في الرفع الله تعالى، أي: ولا يأمركم الله، وفي النصب لبشر، أي: ما كان لبشر أن يأمركم.
{أَرْبَابًا} [80] كاف.
{مُسْلِمُونَ (80)} [80] تام.
{وَالنَّبِيِّينَ} [80] صالح، فرقًا بين «النبيين» ، وضمير الأمم على قول من يقول: إن الكاف والميم في «آتيتكم» ضمير الأمم، وتقدير ذلك: واذكر يا محمد حين أخذ الله العهد على النبيين والميثاق، فأمرهم أن يخبروا الأمم عن الله تعالى، فقال لهم: قولوا للأمم عني: مهما أوتيتم من كتاب وحكمة، ثم يجيئكم رسول مصدق لما معكم من ذلك الكتاب والحكمة لتؤمنن به ولتنصرنه، وقال بعضهم: إنَّ قوله: «ثم جاءكم» بمعنى: أن جاءكم رسول، يعني: أن أتاكم ذكر محمد لتؤمنن به، أو ليكونن إيمانكم به كالذي عندكم في التوراة، وقيل: الكاف والميم ضمير الأنبياء، كأنه أوجب على كل نبي إن جاءه رسول بعده أن يؤمن به، ويصدقه، وينصره، وعلى هذا لا يوقف على النبيين؛ لأنَّ الخطاب للأنبياء، لا للأمم، ولا يوقف على قوله:«وحكمة» ، ولا على قوله:«لما معكم» ؛ لأنَّ جواب القسم لم يأت، وهو قوله: لتؤمنن به، ولتنصرنه، وهذا أوفى بتأدية المراد؛ إذ ليس فيه الفصل بين المتلازمين، وهما القسم وجوابه، وأحدهما يطلب الآخر.
{وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [81] كاف.
{إِصْرِي} [81] صالح، وقيل: كاف.
{قَالُوا أَقْرَرْنَا} [81] كاف.
{مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)} [81] تام.
{الْفَاسِقُونَ (82)} [82] كاف.
{يَبْغُونَ} [83] حسن، لمن قرأه بالياء التحتية (2)، وقُرِأ:«ترجعون» بالتاء الفوقية (3)؛ لانتقاله من الغيبة إلى الخطاب، وليس بوقف لمن قرأهما بالتحتية، أو بالفوقية، والأولى الوصل؛ لأنَّ التقدير:
(1) قرأ حمزة وابن عامر وعاصم بنصب الراء، وقرأ الباقون بالرفع. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 177)، الإعراب للنحاس (1/ 347)، الإملاء للعكبري (1/ 83)، البحر المحيط (2/ 507)، التبيان للطوسي (2/ 512)، التيسير (ص: 89)، علل القراءات (1/ 121)، الكشف للقيسي (1/ 350).
(2)
قرأ أبو عمرو وحفص بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 177)، البحر المحيط (2/ 515، 516)، التيسير (ص: 89)، تفسير الطبري (6/ 563، 564)، تفسير القرطبي (4/ 127)، النشر (2/ 241)، السبعة (ص:214)، الإرشاد (ص: 26).
(3)
وقرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون بالياء. انظر: المصادر السابقة.
أتبغون غير دين إله هذه صفته، وهو الله تعالى؟ فلا يفصل بينهما، كذلك:«من في السموات والأرض» .
{طَوْعًا وَكَرْهًا} [83] جائز لمن قرأ: «يرجعون» بالتحتية، وكاف لمن قرأه بالفوقية (1).
{يُرْجَعُونَ (83)} [83] تام، ولا وقف من:«قل آمنا» إلى: «من ربهم» ، فلا يوقف على «الأسباط» ؛ لعطف ما بعده على ما قبله.
{مِنْ رَبِّهِمْ} [84] جائز؛ لأنَّ ما بعده حال، أي: آمنا غير مفرقين.
{مِنْهُمْ} [84] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح مستأنفًا وحالًا.
{مُسْلِمُونَ (84)} [84] تام.
{فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [85] جائز.
{مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [85] تام.
{حَقٌّ} [86] تام عند نافع، وخولف في هذا؛ لأنَّ قوله:«وجاءهم البينات» معطوف على ما قبله، ولكن هو من عطف الجمل فيجوز.
{الْبَيِّنَاتُ} [86] كاف، وكذا:«الظالمين» .
{أَجْمَعِينَ (87)} [87] جائز؛ لأنه رأس آية، وليس بمنصوص عليه، غير أنَّ «خالدين» حال من الضمير في «عليهم» ، والعامل الاستقرار، أو الجار؛ لقيامه مقام الفعل.
{خَالِدِينَ فِيهَا} [88] أحسن، ومعنى خلودهم في اللعنة: استحقاقهم لها دائمًا.
{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)} [88] جائز عند بعضهم، وقيل: لا يجوز؛ للاستثناء، وتقدم ما فيه.
{غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)} [89] تام، ومثله:«الضآلون» .
{وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [91] حسن، وقال أبو عمرو: كاف، وقرأ عكرمة:«لن نقبل» بنون العظمة، و «توبتَهم» بالنصب (2)؛ أيضًا مفعول به، ورسموا «ملء» بلام واحدة، ومثلها:«الخبء، ودفء» من كل ساكن قبل الهمز.
{أَلِيمٌ} [91] كاف.
{مِنْ نَاصِرِينَ (91)} [91] تام، ومثله «تحبون» ؛ للابتداء بالنفي، وهو رأس آية عند أهل الحجاز.
{بِهِ عَلِيمٌ (92)} [92] تام.
{عَلَى نَفْسِهِ} [93] ليس بوقف؛ لتعلق حرف الجر بما قبله.
{التَّوْرَاةُ} [93] كاف عند أبي حاتم، وقال نافع: تام.
{صَادِقِينَ (93)} [93] كاف، وقيل: تام؛ للابتداء بالشرط بعده.
(1) سبق وأن أشرنا إليه.
(2)
وهي قراءة شاذة وذكرت في البحر المحيط (2/ 520).
{الظَّالِمُونَ (94)} [94] تام.
{صَدَقَ اللَّهُ} [95] حسن عند بعضهم.
{حَنِيفًا} [95] أحسن منه.
{مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)} [95] تام؛ للابتداء بـ «إن» .
{مُبَارَكًا} [96] كاف إن جعل ما بعده في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: وهو هدى مستأنفًا، وليس بوقف إن جعل في موضع نصب معطوفًا على «مباركًا» .
{لِلْعَالَمِينَ (96)} [96] كاف، ومثله «بينات» على أنَّ ما بعده خبر مبتدأ، أي: منها مقام إبراهيم، أو أحدها مقام إبراهيم، ارتفع «آيات» بالفاعلية بالجار والمجرور؛ لأنَّ الجار متى اعتمد رفع الفاعل، وهذا أولى من جعلها جملة من مبتدأ وخبر؛ لأنَّ الحال، والنعت، والخبر الأصل فيها أن تكون مفردة، فما قرب منها كان أولى، والجار قريب من المفرد، ولذلك يقدم المفرد، ثم الظرف، ثم الجملة، قال تعالى:
{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [28]، فقدم الوصف بالمفرد، وهو «مؤمن» ، وثنى بما قرب منه، وهو «من آل فرعون» ، وثلث بالجملة، وهو «يكتم إيمانه» ، وليس «بينات» بوقف إن جعل «مقام» بدلًا من «آيات» ، أو عطف بيان.
{مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [97] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الواو؛ لأنَّ الأمن من الآيات، وهذا إن جعل مستأنفًا، وليس بوقف إن عطف عليه «ومن دخله كان آمنًا» لمن قرأ:«آيات» بالجمع، ومن أفرده كان وقفه «مقام إبراهيم» (1)، كأنَّه قال: فيه آية بينة هي مقام إبراهيم الذي هو الحجر، أو المقام الحرم كله كما فسر ذلك مجاهد؛ لأنَّ الآية مفردة، فوجب أن يكون تفسيرها كذلك.
والوقف على {آَمِنًا} [97] تام.
{حِجُّ الْبَيْتِ} [97] كاف، إن جعل «من» خبر مبتدأ محذوف، كأنَّه قيل: من المفروض عليه؟ قيل: هو من استطاع، وليست «من» فاعلًا بالمصدر، لما يلزم عليه أنَّه إذا لم يحج المستطيع تأثم الناس كلهم، وذلك باطل باتفاق، على أنَّ «حج» مصدر مضاف لمفعوله، أي: ولله على الناس أن يحج من استطاع منهم البيت، والأفصح أن يضاف المصدر لفاعله كقوله:
أَفْنَى تِلَادِي وَمَا جَمَعتُ مِنْ نَشَبٍ قَرْعُ القَواقِيزَ أَفْوَاهُ الأَبَارِيقِ (2)
(1) وقرأ جمهور القراء بالجمع «آيات» ، وقُرأ بالإفراد شاذا لمجاهد وابن عباس وسعيد بن جبير وأُبيّ وقتيبة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 8)، تفسير الطبري (7/ 26)، تفسير القرطبي (4/ 139)، الكشاف (1/ 204)، المعاني للفراء (1/ 227)، تفسير الرازي (3/ 10).
(2)
البيت من بحر البسيط، وقائله الأُقَيشِرِ الأَسَدِيّ، من قصيدة يقول في مطلعها:
أَقولُ وَالكَأسُ في كَفّي أُقَلِّبُها
…
أُخاطِبُ الصيدَ أَبناءَ العَماليق
الأُقَيشِرِ الأَسَدِيّ (? - 80 هـ /? - 699 م) المغيرة بن عبد الله بن مُعرض، الأسدي، أبو معرض، شاعر هجاء، عالي الطبقة من أهل بادية الكوفة، كان يتردد إلى الحيرة، ولد في الجاهلية ونشأ في أول الإسلام وعاش وعمّر طويلًا وكان (عثمانيًا) من رجال عثمان بن عفان رضي الله عنه وأدرك دولة عبد الملك بن مروان وقتل بظاهر الكوفة خنقًا بالدخان، لُقّب بالأقيشر؛ لأنه كان أحمر الوجه أَقشر وكان يغضب إذا دُعي به، قال المرزباني: هو أحد مُجّان الكوفة وشعرائهم، هجا عبد الملك ورثى مصعب بن الزبير.-الموسوعة الشعرية.
يروى بنصب «أفواه» على إضافة المصدر، وهو «قرع» إلى فاعله، وبالرفع على إضافته إلى مفعوله، وإذا اجتمع فاعل ومفعول مع المصدر العامل فيهما -فالأولى إضافته لمرفوعه، فيقال: يعجبني ضرب زيدٍ عمرًا، ولا يقال: ضرب عمرو زيد، وليس البيت بوقف إن جعل «من» بدلًا من الناس؛ بدل بعض من كل، والتقدير: ولله حج البيت على من استطاع إليه سبيلًا من الناس.
{سَبِيلًا} [97] كاف.
{الْعَالَمِينَ (97)} [97] تام؛ لأنَّه آخر القصة.
{بِآَيَاتِ اللَّهِ} [98] كاف.
{تَعْمَلُونَ (98)} [98] تام.
{مَنْ آَمَنَ} [99] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده جملة حالية، أي: باغين لها عوجًا، ومثله «عوجًا» .
{وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} [99] كاف؛ للابتداء بعده بالنفي.
تَعْمَلُونَ (99)} [99] تام.
{كَافِرِينَ (100)} [100] كاف.
{وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [101] حسن، وقال أبو عمرو: كاف؛ لتناهي الاستفهام، وللابتداء بالشرط.
{مُسْتَقِيمٍ (101)} [101] تام.
{حَقَّ تُقَاتِهِ} [102] جائز.
{مُسْلِمُونَ (102)} [102] كاف؛ للابتداء بالأمر.
{بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [103] كاف؛ على استئناف ما بعده، وقيل: صالح، وهو الأظهر؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله.
{وَلَا تَفَرَّقُوا} [103] أكفى مما قبله، ولا يوقف على «عليكم» ؛ لأنَّ ما بعده تفسير، ولا يفصل بين المفسِّر والمفسَّر بالوقف؛ فالناصب لـ «إذ» الفعل الذي بعده، وهو قوله:«فألف بين قلوبكم» ، كأنه قال: واذكروا نعمة الله عليكم، قيل: ما هذه النعمة؟ قال: هي تأليفه بين قلوبكم في الوقت الذي كنتم فيه أعداء، فيكون الكلام خرج على وجه التفسير للنعمة، ويجوز أن تكون «إذ» منصوبة باذكروا، يعني: مفعولًا به، ولا يجوز أن تكون ظرفًا؛ لفساد المعنى؛ لأنَّ «اذكروا» مستقبل، و «إذ» ظرف لما مضى من
الزمان، وعلى كل حال لا يوقف على «عليكم» ، انظر: العماني، والسمين.
{فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [103] صالح؛ على أنَّ الواو في «وكنتم» عاطفة.
{فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [103] حسن.
{تَهْتَدُونَ (103)} [103] كاف، ومثله «المنكر» على استئناف ما بعده، وجائز إن جعلت الواو بعده للعطف؛ لأنَّه من عطف الجمل.
{الْمُفْلِحُونَ (104)} [104] تام.
{الْبَيِّنَاتُ} [105] كاف؛ على استئناف ما بعده، وجائز إن عطف ما بعده على ما قبله.
{عَظِيمٌ (105)} [105] جائز، وليس بحسن؛ لأنَّ ما بعده عامل فيه ما قبله، وإنَّما جاز؛ لكونه رأس آية، أي: وأولئك لهم عذاب عظيم يوم كذا، ولا يجوز نصبه بـ «عذاب» ؛ لأنَّه مصدر، وقد وصف قبل أخذ متعلقاته، وشرطه أن لا يتبع قبل العمل، ومعمولاته من تمامه، فلا يجوز إعماله، فلو أعمل وصفه -وهو «عظيم» - جاز، ولا يجوز الوقف على «عذاب» ؛ لفصله بين الصفة والموصوف.
{وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [106] كاف إن لم يوقف على «عظيم» ، وجائز إن وقف عليه.
{بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [106] جائز.
{تَكْفُرُونَ (106)} [106] كاف.
{فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [107] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال، كأنَّه قال: في حال الخلود ينعمون.
{خَالِدُونَ (107)} [107] تام، وقيل: كاف.
{بِالْحَقِّ} [108] كاف.
{لِلْعَالَمِينَ (108)} [108] تام.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [109] كاف.
{الْأُمُورُ (109)} [109] تام.
{وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [110] حسن.
{خَيْرًا لَهُمْ} [110] أحسن منه.
{الْفَاسِقُونَ (110)} [110] كاف.
{إِلَّا أَذًى} [111] أكفى منه، و «أذى» منصوب بالاستثناء المتصل، وهو مفرغ من المصدر المحذوف، أي: لن يضروكم ضررًا إلَّا ضررًا يسير إلَّا نكاية فيه، ولا غلبة.
{الْأَدْبَارَ} [111] حسن، قوله:«وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار» ، «إن» حرف شرط جازم، وعلامة الجزم فيهما حذف النون.
وقوله: {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)} [111] كاف؛ لأنَّه مستأنف؛ لرفع الفعل بالنون التي هي علامة رفعه، فهو منقطع عما قبله؛ لأنَّ ما قبله مجزوم؛ لأنَّه ليس مترتبًا على الشرط، بل التولية مترتبة على المقاتلة، فإذا وجد القتال وجدت التولية، والنصر منفي عنهم أبدًا سواء قاتلوا، أولم يقاتلوا؛ لأنَّ مانع النصر هو الكفر، فإذا وجد الكفر منع صاحبه النصر، فهي جملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء.
{ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)} [111] كاف.
{مِنَ النَّاسِ} [112] حسن، فسر حبل الله بالإسلام، وحبل الناس بالعهد والذمة.
{بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [112] أحسن منه.
{الْمَسْكَنَةُ} [112] أحسن منهما.
{بِغَيْرِ حَقٍّ} [112] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده سببًا لما قبله.
{يَعْتَدُونَ (112)} [112] كاف.
{لَيْسُوا سَوَاءً} [113] تام، على أنَّ الضمير في «ليسوا» لأحد الفريقين، وهو من تقدم ذكره في قوله:«منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون» ، أي: ليس الجميع سواء، أي: ليس من آمن كمن لم يؤمن، وترتفع «أمة» بالابتداء، والجار والمجرور، وقبله الخبر، وهذا قول نافع، ويعقوب، والأخفش، وأبي حاتم، وهو الأصح، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لا يجوز الوقف عليه؛ لأنَّ «أمة» مرفوعة بـ «ليسوا» ، وجمع الفعل على اللغة المرجوحة نحو:{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)} [طه: 62] قالوا: وفي «ليسوا» للفريقين اللذين اقتضاهما سواء؛ لأنَّه يقتضي شيئين، والصحيح: أنَّ الواو ضمير من تقدم ذكرهم، وليست علامة الجمع، فعلى قول أبي عبيدة الوقف على «يعتدون» تام، ولا يوقف على «سواء» ، والضمير في «ليسوا» عائد على أهل الكتاب، و «سواء» خبر ليس يخبر به عن الاثنين وعن الجمع، وسبب نزولها: إسلام عبد الله بن سلام، وغيره، وقول الكفار: ما آمن بمحمد إلَّا شرارنا، ولو كانوا أخيارًا ما تركوا دين آبائهم، قاله ابن عباس.
{وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} [113] تام، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده- وهو «يؤمنون» - بدلًا من «يسجدون» ، أو جعل «يؤمنون» في موضع الحال من الضمير في «يسجدون» ، ويكون الفعل المتصل بالضمير العامل في الحال، فلا يوقف على «يسجدون» ؛ لأنَّه لا يفصل بين البدل والمبدل والمبدل منه، ولا بين الحال وصاحبها ولا العامل فيها، ولا يصح؛ لأنَّ الإيمان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أوصاف لهم مطلقة غير مختصة بحال السجود.
{فِي الْخَيْرَاتِ} [114] كاف.
{مِنَ الصَّالِحِينَ (114)} [114] تام إن قرئ ما بعده بالفوقية فيهما؛ لانتقاله من الغيبة إلى الخطاب، فكأنه رجع من قصة إلى قصة أخرى، وكاف إن قرئ بالتحتية فيهما جريًا على نسق الغيبة ردًّا على قوله:«من أهل الكتاب أمة قائمة» (1).
{فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [115] كاف.
{بِالْمُتَّقِينَ (115)} [115] تام.
{شَيْئًا} [116] جائز، وضعِّف هذا الوقف؛ لأنَّ الواو في «وأولئك» للعطف.
{أَصْحَابُ النَّارِ} [116] جائز.
{خَالِدُونَ (116)} [116] تام.
{فَأَهْلَكَتْهُ} [117] حسن، وقال أبو عمرو: كاف.
{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} [117] ليس بوقف؛ للاستدراك، والعطف.
{يَظْلِمُونَ (117)} [117] تام؛ للابتداء بعده بالنداء.
{مِنْ دُونِكُمْ} [118] ليس بوقف؛ لأنَّ جملة «لا يألونكم خبالًا» مفسرة لحال البطانة الكافرة، والتقييد بالوصف يؤذن بجواز الاتخاذ عند انتفائهما، وقد عتب عمر أبا موسى الأشعري على استكتابه ذميًّا، وتلا هذه الآية عليه، وقد قيل لعمر في كاتب يجيد من نصارى الحيرة: ألا يكتب عنك؟ فقال: إذًا أتخذ بطانة سوء؛ لأنَّه ينبغي استحضار ما جبلوا عليه من بعضنا، وتكذيب نبينا، وإنهم لو قدروا علينا لاستولوا على دمائنا، وما أحسن قول الطرطوشي (2) لما دخل على الخليفة بمصر، وكان من الفاطميين، ورآه سلَّم قياده لوزيره الراهب، ونفذ كلمته المشئومة حتى في الطرطوشي، ورآه مغضبًا عليه، فأنشده:
(1) قرأ بالياء فيهما حفص وحمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون بتاء الخطاب. انظر: الإملاء للعكبري (1/ 86)، البحر المحيط (3/ 36)، التبيان للطوسي (2/ 566)، التيسير (ص: 90)، تفسير الطبري (7/ 131، 132)، السبعة (ص: 215)، الحجة لابن خالويه (ص: 113)، الحجة لأبي زرعة (ص: 170)، الغيث للصفاقسي (182)، الكشاف (1/ 211)، الإرشاد (ص: 267)، النشر (2/ 241).
(2)
الطرطوشي (451 - 520 هـ = 1059 - 1126 م) محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشى الفهرى الأندلسي، أبو بكر الطرطوشى، ويقال له ابن أبى رندقة: أديب، من فقهاء المالكية، الحفاظ، من أهل طرطوشة بشرقي الأندلس، تفقّه ببلاده، ورحل إلى المشرق سنة (476هـ) فحجَّ وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان، وأقام مدة في الشام، وسكن الإسكندرية، فتولى التدريس واستمر فيها إلى أن توفى، وكان زاهدًا لم يتشبث من الدنيا بشئ، من كتبه: سراج الملوك، والتعليقة -في الخلافيات، وكتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالي، وبر الوالدين، والفتن، والحوادث والبدع، ومختصر تفسير الثعلبي، والمجالس. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 133).
يَا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي جُودُهُ
…
يَطْلُبُه القَاصِدُ وَالرَّاغِبُ
إنَّ الَّذِي شُرِّفْتَ مِنْ أَجْلِهِ
…
يَزْعُمُ هَذَا إنَّهُ كَاذِبُ (1)
فغضب الخليفة عند سماع ذلك، فأمر بالراهب، فسحب، وضرب، وقتل، وأقبل على الطرطوشي، وأكرمه بعد عزمه على أذيته، وإذا كانوا هم الظلمة كما هم بمصر، فهم كما قيل فيهم:
لُعِنَ النَّصَارَى وَاليَهُودُ لأنَّهُمْ
…
بَلَغُوا بِمَكْرِهِمْ بِنَا الآمَالَا
جُعِلُوا أطباءَ وحُسَّابًا لِكَي
…
يَتَقَاسَمُوا الْأَرْوَاحَ وَالْأَمْوَالَا (2)
وجاءت لهذا الملك امرأة -وكان وزيره يهوديًّا، وكاتبه نصرانيًّا- وقالت له: فبالذي أعز اليهود بموسى، والنصارى بعيسى، وأذل المسلمين بك إلَّا نظرت في ظلامتي.
{مَا عَنِتُّمْ} [118] حسن، فـ «ما» مصدرية، أي: ودوا عنتكم، أي: هم لا يكتفون ببغضكم، حتى يصرحوا بذلك بأفواههم.
{أَكْبَرُ} [118] أحسن مما قبله؛ للابتداء بـ «قد» .
{تَعْقِلُونَ (118)} [118] كاف.
{بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} [119] صالح.
{آَمَنَّا} [119] الأولى وصله؛ لأنَّ المقصود: بيان تناقض أحوالهم في النفاق.
{مِنَ الْغَيْظِ} [119] كاف، ومثله «بغيظكم» ؛ للابتداء بـ «إن» .
{الصُّدُورِ (119)} [119] تام.
{تَسُؤْهُمْ} [120] حسن؛ للابتداء بالشرط.
{يَفْرَحُوا بِهَا} [120] أحسن منه؛ لتناهي وصف الذم لهم، وللابتداء بالشرط.
{كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [120] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{مُحِيطٌ (120)} [120] تام.
{لِلْقِتَالِ} [121] كاف.
{عَلِيمٌ (121)} [121] تام إن نصبت «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن جعل العامل في «إذ» ما قبلها، والتقدير: والله سميع عليم إذ همت طائفتان، أي: سمع ما أظهروه، وعلم ما أضمروه حين
(1) البيتان من بحر السريع، وذكرا في: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، للمقري التلمساني، المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي، النجوم الزاهرة في ملزك مصر والقاهرة، لابن تغري بردي، الوافي بالوفيات، لصلاح الدين الصفدي.-الموسوعة الشعرية.
(2)
لم أستدل عليهما.
هموا.
{تَفْشَلَا} [122] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الواو بعده للحال.
{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [122] أحسن مما قبله.
{الْمُؤْمِنُونَ (122)} [122] كاف.
{أَذِلَّةٌ} [123] حسن عند نافع.
{تَشْكُرُونَ (123)} [123] كاف؛ إن نصبت «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن جعلت «إذ» متعلقة بما قبلها، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{مُنْزَلِينَ (124)} [124] كاف، و «بلى» وما بعدها جواب للنفي السابق الذي دخلت عليه ألف الاستفهام، وما بعد «بلى» في صلته فلا يفصل بينهما، ولا وقف من قوله:«بلى» إلى «مسومين» ، فلا يوقف على «فورهم» ، ولا على «هذا» ؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد وهو «يمددكم» ، فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف.
{مُسَوِّمِينَ (125)} [125] كاف، ومثله «قلوبكم به» .
{الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} [126] جائز؛ لأنه رأس آية، والأولى وصله؛ لأنَّ لام كي في قوله:«ليقطع» متعلقة بما قبلها بقوله: «ولقد نصركم» ، أي: ولقد نصركم الله ببدر؛ ليقطع طرفًا من الذين كفروا، وقيل معناه: إنَّما وقع التأييد من الله تعالى في إمدادكم بالملائكة؛ ليقطع طرفًا من الذين كفروا، فعلى كل حال اللام متعلقة بما قبلها، فلا يفصل بينها وبين ما قبلها بالوقف.
{مسومين (127)} [127] تام إن جعل «أو يتوب عليهم» عطفًا على شيء، أي: ليس لك من الأمر شيء، أو من أن يتوب عليهم، فليس منصوبًا بما قبله، أو إنَّما كان تامًّا؛ لاختلاف نزول الآيتين في غزوتين؛ لأنَّ من أوَّل القصة إلى «خائبين» نزل في غزوة بدر، ومن قوله:«ليس لك من الأمر شيء» إلى «ظالمون» نزل في غزوة أحد، وبينهما مدة، روي عن أنس بن مالك: أنه قال: لما كان يوم أحد كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم، وشج وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول:«كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله؟!» ، فأنزل الله:«ليس لك من الأمر شيء» (1)، وكاف إن جعلت «أو» بمعنى: إلَّا، أو حتى كأنه قا، ل ليس يؤمنون إلَّا أن يتوب عليهم، فجعلوا «أو» بمعنى: إلَّا، وقد أجازه الزجاج، وأجاز أيضًا أن تكون «أو» بمعنى: حتى، كأنه قال: ليس يؤمنون حتى يتوب عليهم، كما قال الشاعر:
(1) انظر: تفسير الطبري (7/ 197: 199)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عينكَ إِنَّمَا
…
تُحَاوِلُ مِلْكًا أَوْ نَمُوتُ فَنُعْذَرَا (1)
بتقدير: حتى، فعلى هذين الوجهين يكون الوقف على «خائبين» كافيًا، وليس بوقف إن عطف ذلك على «ليقطع» ، وهذا قول أبي حاتم، والأخفش؛ لأنهما جعلا «أو يتوب» منصوبًا عطفًا على «ليقطع» ، وجعلا «ليس لك من الأمر شيء» اعتراضًا بين المتعاطفين.
{ظَالِمُونَ (128)} [128] تام.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [129] كاف على استئناف ما بعده.
{لِمَنْ يَشَاءُ} [129] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على الأول حتى يؤتى بالثاني، وهو «ويعذب من يشاء» .
{وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [129] كاف.
{رَحِيمٌ (129)} [129] تام.
{مُضَاعَفَةً} [130] كاف.
{تُفْلِحُونَ (130)} [130] تام.
{لِلْكَافِرِينَ (131)} [131] كاف.
{تُرْحَمُونَ (132)} [132] تام على قراءة «سارعوا» بلا واو؛ لأنه يصير منقطعًا عما قبله، فهو كلام مستأنف، وبها قرأ نافع، وابن عامر، وكاف على قراءته بواو (2)، وإنما نقصت درجته عن التمام مع زيادة الواو؛ لأنه يكون معطوفًا على ما قبله إلَّا إنه من عطف الجمل.
{عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [133] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده صفة «جنة» ، أي: جنة واسعة معدة للمتقين.
{لِلْمُتَّقِينَ (133)} [133] تام إن جعل «الذين ينفقون» مبتدأ خبره «أولئك جزاؤهم مغفرة» ، وجائز إن جعل «الذين» في محل جر نعتًا، أو بدلًا من «المتقين» ، ففي محل «الذين» الرفع والجر، وإن نصب بتقدير: أعني، أو أمدح كان كافيًا.
{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [134] كاف.
(1) البيت من بحر الطويل، وقائله امرؤ القيس، والبيت جاء في قصيدة يقول في مطلعها:
سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَرا
…
وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا
- الموسوعة الشعرية.
(2)
وقرأ الباقون بالواو «وسارعوا» . انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 179)، الإعراب للنحاس (1/ 364)، البحر المحيط (3/ 57)، التبيان للطوسي (2/ 591)، التيسير (ص: 90)، تفسير القرطبي (4/ 203)، الحجة لأبي زرعة (ص: 174)، المقنع (ص: 102)، النشر (2/ 242).
{الْمُحْسِنِينَ (134)} [134] تام إن جعل «الذين ينفقون» نعتًا، أو بدلًا للمتقين، وجعل «والذين إذا فعلوا فاحشة» مبتدأ، وإن جعل معطوفًا لم يحسن الوقف على «المحسنين» سواء جعل «الذين ينفقون» نعتًا، أو مبتدأ؛ للفصل بين المتعاطفين، أو بين المبتدأ والخبر، ومع ذلك هو جائز؛ لأنه رأس آية.
{لِذُنُوبِهِمْ} [135] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالاستفهام، ومثله «إلَّا الله» ، والجمع بين «فاستغفروا» ، و «من يغفر» أولى؛ لشدة اتصالهما.
{وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} [135] تام إن جعل «الذين ينفقون» الأول نعتًا، أو بدلًا، والثاني عطفًا عليه، وليس بوقف إن جعل «أولئك» خبر «الذين» الأول؛ للفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف.
{خَالِدِينَ فِيهَا} [136] حسن.
{الْعَامِلِينَ (136)} [136] تام؛ لانقضاء القصة.
{سُنَنٌ} [137] جائز، وليس بمنصوص عليه؛ لمكان الفاء.
{الْمُكَذِّبِينَ (137)} [137] تام، ومعنى الآية: قد مضى من قبلكم قوم كانوا أهل سنن، فأهلكوا بمعاصيهم وافتياتهم على أنبيائهم.
{لِلْمُتَّقِينَ (138)} [138] تام.
{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [139] ليس بوقف؛ لأنَّ «إن كنتم» شرط فيما قبله.
{قَرْحٌ مِثْلُهُ} [140] حسن، ومثله «بين الناس»؛ على أنَّ اللام في «وليعلم» متعلقة بنداولها المحذوف بتقدير: وليعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ منكم شهداء نداولها بينكم، وليس بوقف إن جعلت اللام متعلقة بـ «نداولها» الظاهر، قاله أبو جعفر، ونقله عنه النكزاوي.
{شُهَدَاءَ} [140] كاف.
{الظَّالِمِينَ (140)} [140] تام، ومثله «الكافرين» .
{أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [142] تام عند نافع، وخولف؛ لأنَّ ما بعده متعلق به؛ لأنَّ الله أراد أن يعلمنا أن الطمع في دخول الجنة مع تضييع الجهاد، وغيره -هو الطمع الكاذب، والظن الفاسد، فقال:«أم حسبتم» الآية، أي: لا تدخلون الجنة إلَّا بوجود الجهاد منكم، والمصابرة عليه، وبفعل الطاعات، فعلى هذا لا معنى للوقف؛ لأنَّ فائدة الكلام فيما بعده.
{جَاهَدُوا} [142] حسن لمن قرأ: «ويعلمُ» بالرفع، وهو أبو حيوة، على الاستئناف، أي: وهو يعلم، والوقف على «منكم» ، وليس بوقف لمن نصبه على جواب النفي، وكذا على قراءة من قرأ:
«ويعلمِ» بالجر (1)؛ عطفًا على «ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم» .
{الصَّابِرِينَ (142)} [142] كاف.
{أَنْ تَلْقَوْهُ} [143] ليس بوقف؛ لمكان الفاء.
{تَنْظُرُونَ (143)} [143] تام.
{إِلَّا رَسُولٌ} [144] جائز؛ لأنَّ الجملة بعده تصلح أن تكون صفة، أو مستأنفة.
{الرُّسُلُ} [144] حسن.
{أَعْقَابِكُمْ} [144] كاف؛ لتناهي الاستفهام، والابتداء بالشرط، وهذان يقربانه إلى التمام.
{شَيْئًا} [144] حسن.
{الشَّاكِرِينَ (144)} [144] تام.
{إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [145] حسن عند نافع، والأخفش، على أنَّ «كتابًا» منصوب بمقدر تقديره: كتب الله كتابًا، و «مؤجلًا» نعته.
{مُؤَجَّلًا} [145] كاف، وقيل: تام.
{نُؤْتِهِ مِنْهَا} [145] الأول حسن.
و {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [145] الثاني أحسن منه.
{الشَّاكِرِينَ (145)} [145] تام.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ} [146] كاف، قرئ:«قُتِل» بغير ألف (2)، و «قَاتَل» بألف (3)، فمن قرأ:«قتل» بغير ألف مبنيًّا للمفعول بإسناد القتل للنبي فقط عملًا بما شاع يوم أُحد: ألا إنَّ محمدًا قد قتل؛ فالقتل واقع على النبي فقط، كأنه قال: كم من نبي قُتِل ومعه ربيون كثير، فحذف الواو، كما تقول: جئت مع زيد، بمعنى: ومعي زيد، أي: قُتِل ومعه جموع كثيرة فما وهنوا بعد قتله، هذا بيان هذا الوقف، ثم يبتدئ:«معه ربيون كثير» ، فـ «ربيون» مبتدأ ومعه الخبر، فما وهنوا لقتل نبيهم، ولو وصله لكان ربيون مقتولين أيضًا، فقتل خبر لـ «كأيٍّ» التي بمعنى: كم، و «من نبي» تمييزها، وبها قرأ ابن عباس، وابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وليس بوقف لمن قرأ:«قاتل» بألف مبنيًّا للفاعل بإسناد القتل للربيين؛ لأنَّ رفعهم بقاتل، فكأنه قال: كم من نبي قاتل معه ربيون، وقتل بعضهم فما وهن الباقون؛ لقتل من
(1) ونسب هذه الرواية الشاذة ابن خالويه في مختصر الشواذ (ص: 22)، والطبري في تفسيره:(4/ 108)، والنحاس في إعرابه (1/ 409) إلى الحسن. انظر: معاني الفراء (1/ 235)، التبيان للعكبري (1/ 295).
(2)
وهي قراءة نافع - ابن كثير - أبو عمرو. انظر: إتحاف الفضلاء (ص: 180)، البحر المحيط (3/ 72)، الحجة لأبي زرعة (ص: 175)، السبعة (ص: 217)، الغيث للصفاقسي (ص: 183)، النشر (2/ 242).
(3)
وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. انظر: المصادر السابقة.
قتل منهم، وما ضعفوا، وما استكانوا، وما جبنوا عن قتال عدوهم، فلا يفصل بين الفعل وفاعله بالوقف، وعليها يكون الوقف على «استكانوا» ، وعلى الأولى على «قتل» .
{الصَّابِرِينَ (146)} [146] تام على القراءتين (1).
{فِي أَمْرِنَا} [147] جائز، ومثله «أقدامنا» ، وليس منصوصًا عليهما.
{الْكَافِرِينَ (147)} [147] كاف؛ لفصله بين الإنشاء والخبر؛ لأنَّ ما قبله دعاء، وهو إنشاء، وما بعده خبر، وذلك من مقتضيات الوقف، كما تقدم نظيره في البقرة، ومثله «الآخرة»
{الْمُحْسِنِينَ (148)} [148] تام.
{خَاسِرِينَ (149)} [149] كاف.
{مَوْلَاكُمْ} [150] صالح؛ لأنَّ الواو تصلح أن تكون للاستئناف، وللحال.
{خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)} [150] تام.
{سُلْطَانًا} [151] جائز.
{وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [151] كاف.
{الظَّالِمِينَ (151)} [151] تام.
{بِإِذْنِهِ} [152] حسن؛ للابتداء بـ «حتى» ؛ لأنها حرف يبتدأ بما بعده على وجه الاستئناف، وجواب «إذا» محذوف تقديره: انهزمتم، أو انقسمتم، وقدره الزمخشري (2): منعكم نصره، وقيل: امتحنتم.
{مَا تُحِبُّونَ} [152] حسن، ومثله «الآخرة» ؛ لفصله بين من عصى ومن ثبت، وقيل: كاف؛ لأنَّ الذي بعده مخاطبة للذين تقدموا؛ لأنَّ الذين عصوا ليس هم الذين صرفوا، والذين صرفوا هم الذين ثبتوا، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ينحازوا؛ لينضم إلى بعض، قاله النكزاوي؛ لأنَّ الرسول أجلس الرماة
(1) وهما المشار إليهما في «قاتل» سابقًا.
(2)
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والأداب، ولد في زمخشر (من قرى خوارزم)، وسافر إلى مكة فجاور بها زمنا فلقب بجار الله، وتنقل في البلدان، ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفى فيها، أشهر كتبه: الكشاف -في تفسير القرآن، وأساس البلاغة، والمفصل، ومن كتبه: المقامات، والجبال والأمكنة والمياه، والمقدمة -معجم عربي فارسي، ومقدمة الأدب -في اللغة، والفائق -في غريب الحديث، والمستقصى -في الأمثال، ورؤوس المسائل، ونوابغ الكلم -رسالة، وربيع الأبرار، والمنتقى من شرح شعر المتنبي، للواحدي، والقسطاس -في العروض، ونكت الأعراب في غريب الإعراب -رسالة، والأنموذج -اقتضبه من المفصل، وأطواق الذهب، وأعجب العجب في شرح لامية العرب، وله: ديوان شعر، وكان معتزلي المذهب، مجاهرًا، شديد الإنكار على المتصوفة، أكثر من التشنيع عليهم في الكشاف وغيره. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 187).
بسفح الجبل، وقال لهم: الزموا هذا المكان غُلِبنا، أو نُصِرنا، فقال بعضهم: نذهب؛ فقد نُصِر أصحابنا، فتركوا المركز؛ لطلب الغنيمة، وبعضهم ثبت به حتى قتل، ثم صرفكم معشر المسلمين عنهم يعني: عن المشركين، أي: ردكم بالهزيمة عن الكفار؛ ليظهر المخلص من غيره (1).
{وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [152] كاف، راجع إلى الذين عصوا.
{الْمُؤْمِنِينَ (152)} [152] تام على استئناف ما بعده، وقيل: لا يوقف عليه؛ لأنَّ قوله: «إذ تصعدون» العامل في «إذ» ، و «لقد عفا عنكم» ، أي: الوقت الذي انهزمتم، وخالفتم أمر نبيكم، فعلى هذا التأويل لا يوقف على «عنكم» ؛ لأنَّ فيه فصلًا بين العامل والمعمول (2).
{وَلَا تَلْوُونَ} [153] كاف على استئناف ما بعده.
{مَا أَصَابَكُمْ} [153] كاف.
{تَعْمَلُونَ (153)} [153] تام.
{طائفةً مِنْكُمْ} [154] كاف؛ لأنَّ «وطائفة» مبتدأ، والخبر «قد أهمتهم» ، وسوغ الابتداء بالنكرة التفصيل.
{أَنْفُسُهُمْ} [154] جائز؛ إن جعل خبر «وطائفة» ، وليس بوقف إن جعل الخبر «يظنون بالله» ، والوقف على «الجاهلية» .
{الْجَاهِلِيَّةِ} [154] جائز، وقال أحمد بن جعفر: تام إن جعل ما بعده مستأنفًا، وليس بوقف إن جعل «يقولون» في موضع الحال من الضمير في «يظنون» ، أو خبرًا بعد خبر.
{مِنْ شَيْءٍ} [154] كاف.
{كُلَّهُ لِلَّهِ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من «يظنون» أيضًا، ويكون حالًا بعد حال، وكذا لو جعل «يخفون» نعتًا لـ «طائفة» .
{مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل نعتًا بعد نعت، أو خبرًا بعد خبر.
{هَاهُنَا} [154] كاف؛ للابتداء بالأمر بعدُ.
{إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [154] حسن إن علقت اللام في «وليبتلي» بمحذوف، أي: فعل ذلك؛ لينفذ الحكم فيكم، وليبتلي
…
إلخ، وليس بوقف إن علقت (لام كي) بما قبلها.
{مَا فِي قُلُوبِكُمْ} [154] كاف.
(1) انظر: تفسير الطبري (7/ 254)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(2)
انظر: المصدر السابق (7/ 281).
{بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)} [154] تام.
{الْجَمْعَانِ} [155] ليس بوقف؛ لأنَّ «إنما» خبر إن.
{مَا كَسَبُوا} [155] حسن.
{عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [155] كاف؛ للابتداء بعدُ بإن.
{حَلِيمٌ (155)} [155] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء.
{وَمَا قُتِلُوا} [156] تام عند الأخفش؛ لأنه آخر كلام المنافقين، واللام في «ليجعل» متعلقة بمحذوف، أي: لا تكونوا كهؤلاء؛ ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم دونكم، وقدّره الزمخشري: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعل، وليس بوقف إن علقت بـ «قالوا» ، أي: أنهم لم يقولوا لجعل الحسرة، إنما قالوا ذلك لعلة، فصار مآل ذلك إلى الحسرة والندامة.
{فِي قُلُوبِهِمْ} [156] كاف، ومثله:«ويميت» ، و «بصير» ، و «تجمعون» ، و «تحشرون» ، ورسموا «لانفضوا» كلمة واحدة، وهي لام التوكيد دخلت على انفضوا، ورسموا «لا إلى الله» بألف بعد لام ألف؛ لأنهم يرسمون ما لا يتلفظ به، وذلك لا يخفى على العظماء الذين كتبوا مصحف عثمان بن عفان، أشار الشاطبي إليه في الرائية بقوله (1):
وَكُلُّ مَا فِيهِ مُشْهُورٌ بسُنَّته
…
وَلَمْ يُصِبْ مَنْ أَضَافَ الوَهْمَ والغِيرَا
رد بذلك على الملحدة الذين يقولون: إنَّ القرآن غيَّره الذين كتبوه، وحرَّفوه، فأضافوا الوهم والتغيير لكتاب المصحف، فكيف وهم السادة الأبرار، وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبان بن سعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومجمع بن حارثة؟! فكيف يصح تفريط هؤلاء النجباء؟!
{لِنْتَ لَهُمْ} [159] حسن.
{مِنْ حَوْلِكَ} [159] أحسن.
{فِي الْأَمْرِ} [159] صالح.
{عَلَى اللَّهِ} [159] كاف.
{الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [159] تام، ومثله «فلا غالب لكم» ؛ للابتداء بعده بالشرط.
{مِنْ بَعْدِهِ} [160] كاف.
{الْمُؤْمِنُونَ (160)} [160] تام.
{أَنْ يَغُلَّ} [161] كاف؛ للابتداء بالشرط، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم:«أن يَغُل» بفتح
(1) وهي قصيدته الشهيرة المسمى: عقيلة أتراب القصائد في معرفة رسوم المصاحف.
التحتية وضم الغين، أي: يخون، والباقون بضم الياء وفتح الغين (1)، قيل: معناه أن يخون، أي: ينسب إلى الخيانة، وقيل: أن يخان يعني: أن يؤخذ من غنيمته.
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [161] جائز.
{لَا يُظْلَمُونَ (161)} [161] تام.
{وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} [162] حسن.
{الْمَصِيرُ (162)} [162] تام.
{عِنْدَ اللَّهِ} [163] كاف.
{بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} [163] تام.
{عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [164] ليس بوقف؛ لأنَّ العامل في «إذ منَّ» بتقدير: لمن منَّ الله على المؤمنين منه أو بعثه، فبعثه مبتدأ، ومحل الظرف خبر، وقرئ شاذًّا (2):«لمن منَّ الله» .
{مُبِينٍ (164)} [164] تام.
{مِثْلَيْهَا} [165] ليس بوقف؛ لأنَّ الاستفهام الإنكاري دخل على «قلتم» ، أي: أقلتم أنى هذا لما أصابتكم مصيبة، وهي ما نزل بالمؤمنين يوم أحد من قتل سبعين منهم، والمثلان: هو قتلهم يوم بدر سبعين، وأسرهم سبعين (3).
{أَنَّى هَذَا} [165] حسن.
{مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [165] كاف؛ للابتداء بإن.
{قَدِيرٌ (165)} [165] تام، ولا وقف من قوله:«وما أصابكم» إلى «أو ادفعوا» ، فلا يوقف على «الجمعان» ، ولا على «فبإذن الله»؛ لأنَّ اللام في «وليعلم المؤمنين» من تمام خبر المبتدأ الذي هو «وما أصابكم»؛ لأنَّ «ما» بمعنى: الذي، وهي مبتدأ، وخبرها «فبإذن الله» ، وقوله:«وليعلم المؤمنين» عطف على «فبإذن الله» من جهة المعنى، والتقدير: وهو بإذن الله، وهو ليعلم المؤمنين، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأنَّ «ما» بمعنى: الذي يشبه خبرها الجزاء، ومعنى «فبإذن الله» ، أي: ما أصابكم كان بعلم الله، «وليعلم المؤمنين» ، أي: ليظهروا إيمان المؤمنين، ويظهر نفاق المنافقين، وإذا كان «وليعلم المؤمنين» من جملة الخبر لم يفصل بينه وبين المبتدأ، أي: فلا يوقف على «فبإذن الله» ، ولا «على المؤمنين» ، ولا على «نافقوا» ؛ لما ذكره.
(1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 181)، الإعراب للنحاس (1/ 375)، التبيان للطوسي (3/ 34)، التيسير (ص: 61)، تفسير الطبري (7/ 350)، السبعة (ص: 218)، الإرشاد (ص: 271)، النشر (2/ 243).
(2)
لم أستدل على هذه القراءة في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.
(3)
انظر: تفسير الطبري (7/ 371)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{أَوِ ادْفَعُوا} [167] كاف، ومثله «لاتبعناكم» .
{لِلْإِيمَانِ} [167] حسن.
{فِي قُلُوبِهِمْ} [167] كاف، ومثله:«يكتمون» إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أو جعل في موضع رفع بالابتداء، وما بعده الخبر، أو في موضع نصب بإضمار أعني، وليس بوقف إن نصب ذلك بدلًا من «الذين نافقوا» ، أو جعل في موضع رفع بدلًا من الضمير في «يكتمون» ، أو جعل نعتًا لما قبله، ففي محل «الذين» الحركات الثلاث: الجر على أنه تابع لما قبله نعتًا، والرفع والنصب على القطع.
{وَقَعَدُوا} [168] ليس بوقف؛ لأنَّ «لو أطاعونا ما قتلوا» معمول «قالوا» ، والتقدير: قالوا لإخوانهم: لو أطاعونا ما قتلوا وقعدوا عن القتال؛ على التقديم والتأخير.
{مَا قُتِلُوا} [168] كاف على القراءتين: تشديد التاء، وتخفيفها (1).
{صَادِقِينَ (168)} [168] تام.
{أَمْوَاتًا} [169] كاف عند أبي حاتم، وتام عند محمد بن عيسى؛ لأنَّ «بل» بعد «أمواتًا» ليست عاطفة، ولو كانت عاطفة لاختل المعنى، وتقدير الكلام: بل هم أحياء، وهو عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف.
{بَلْ أَحْيَاءٌ} [169] جائز إن جعل «عند ربهم» ظرفًا لـ «يرزقون» ، كأنه قال: يرزقون عند ربهم، وليس بوقف إن جعل ذلك ظرفًا لقوله:«أحياء» ، كأنه قال: بل هم عند ربهم أحياء؛ لأنَّ فيه الفصل بين الظرف وما عمل فيه، والوقف على «بل أحياء عند ربهم» ؛ لأنك جعلت الظرف لـ «أحياء» ، ثم ابتدأت بـ «يرزقون فرحين» ، وهذا الوقف ينبئ عن اجتماع الرزق والفرح في حالة واحدة، فلا يفصل بينهما وكثير من القراء يتعمده، وليس بخطأ، وهو منصوص عليه، والله أعلم بكتابه، قاله الكواشي تبعًا لغيره، وفيه شيء؛ إذ التعلق هنا من جهة اللفظ، وإن كان الوقف في نفسه حسنًا دون الابتداء بما بعده؛ إذ الابتداء لا يكون إلَّا اختياريًّا مستقلًّا بالمعنى المقصود، وهنا ليس كذلك، وتعمد الوقف لا يكون إلَّا لمعنى مقصود كمن لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب، فإنه يقف على «أبدًا» ، ومن ذلك تعمد الوقف على رءوس الآي للسُّنَّة، وهنا لا معنى للوقف؛ لشدة تعلق ما بعده بما قبله، والنص عليه من غير بيان كالعدم.
والوقف على {(يُرْزَقُونَ (169)} [169] جائز؛ لكونه رأس آية، وليس بجيد؛ لأنَّ «فرحين» حال من فاعل «يرزقون» .
(1) فقراءة التشديد لهشام، وقراءة التخفيف للباقين. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 182)، البحر المحيط (3/ 111)، التيسير (ص: 91)، الغيث للصفاقسي (ص: 185)، الكشف للقيسي (1/ 364)، النشر (2/ 243).
{مِنْ فَضْلِهِ} [170] جائز.
{مِنْ خَلْفِهِمْ} [170] ليس بوقف؛ لأنَّ أن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور؛ على أنه بدل اشتمال من «الذين» ، فلا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف.
{يَحْزَنُونَ (170)} [170] كاف.
{وَفَضْلٍ} [171] تام على قراءة من كسر همزة «إنَّ» على الاستئناف، وبها قرأ الكسائي، وليس بوقف على قراءة من فتحها (1)؛ عطفًا على ما قبلها، والتقدير: يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وبأنَّ الله لا يضيع، وعلى هذا فلا يوقف على «وفضل» ؛ لعطفه على ما قبله.
{أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [171] تام إن رفع «الذين» بالابتداء، وما بعده الخبر، أو رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين استجابوا، وكاف إن نصب على المدح، بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جر نعت المؤمنين، أو بدلًا منهم.
{أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [172] حسن إن جعل «الذين استجابوا» نعت المؤمنين، أو نصب على المدح، وليس بوقف إن جعل ذلك مبتدأ، و «للذين أحسنوا منهم واتقوا» خبرًا؛ لأنه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف، يرتفع «أجر عظيم» بقوله:«للذين أحسنوا» .
والوقف على {أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} [172] تام؛ على أنَّ ما بعده مبتدأ، وخبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعل ذلك بدلًا من «الذين استجابوا» قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{فَاخْشَوْهُمْ} [173] جائز، ومثله «إيمانًا» ؛ لأنَّ هذا عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف.
{الْوَكِيلُ (173)} [173] كاف.
{وَفَضْلٍ} [174] ليس بوقف؛ لأنَّ «لم يمسسهم سوء» في موضع الحال تقديره: فانقلبوا سالمين لم يمسهم سوء.
والوقف على {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [174] تام عند نافع؛ على استئناف ما بعده، وعند أبي حاتم:«رضوان الله» أتم منه.
{عَظِيمٍ (174)} [174] تام.
{يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [175] كاف، وتام، عند أبي حاتم، قال: لأنَّ المعنى: يخوف الناس أولياءه، أو يخوفونكم أولياءه، أو بأوليائه، وقال غيره: بل الوقف على قوله: «فلا تخافوهم» ، وقال نافع: بل الوقف
(1) وقرأ الباقون بفتح الهمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 182)، تفسير الطبري (7/ 398)، التيسير (ص: 91)، السبعة (ص: 219)، النشر (2/ 244).
على «وخافون» ، قاله النكزاوي.
{مُؤْمِنِينَ (175)} [175] كاف، ومثله «في الكفر» ؛ للابتداء بـ «إن» .
{شَيْئًا} [176] الأول جائز؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من اسم بالله، والعامل «لن يضروا» ، والتقدير: مريدًا لإحباط أعمالهم، وأعيد ذكر الله تفخيمًا وتوكيدًا لإزالة الشك؛ إذ جائز أن يتوهم أنَّ المراد غيره، فلا يوقف على «شيئًا» .
{فِي الْآَخِرَةِ} [176] حسن.
{عَظِيمٌ (176)} [176] تام.
{شَيْئًا} [177] جائز.
{أَلِيمٌ (177)} [177] تام.
{لِأَنْفُسِهِمْ} [178] كاف، وقال الأخفش: تام.
{إِثْمًا} [178] صالح.
{مُهِينٌ (178)} [178] كاف؛ للابتداء بالنفي.
{مَنْ يَشَاءُ} [179] كاف؛ للابتداء بالأمر.
{وَرُسُلِهِ} [179] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{عَظِيمٌ (179)} [179] تام.
{خَيْرًا لَهُمْ} [180] كاف.
{بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} [180] أكفى منه.
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [180] حسن.
{وَالْأَرْضِ} [180] كاف.
{خَبِيرٌ (180)} [180] تام.
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} [181] ليس بوقف؛ لقبح الابتداء بما بعده، ويوهم الوقوع في محذور، وإن اعتقد المعنى كفر، سواء وقف أم لا، وإن اعتقد حكايته عن قائليه غير معتقد معناه فلا يكفر؛ لأنَّ حاكي الكفر لا يكفر، ووصله بما بعده أسلم، وينبغي أن يخفض بها صوته حذرًا من التشبيه بالكفر.
{وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [181] تام؛ إذ لو وصله بما بعده لصار ما بعده من مقولهم، وهو إخبار من الله عن الكفار.
{بِغَيْرِ حَقٍّ} [181] صالح لمن قرأ (1): «سيُكتَب» بالياء التحتية، وبالبناء للمفعول، ورفع «قتلُهم» وما عطف عليه، و «يقولُ» بالياء، أي: ويقول الله، أو الزبانية، وليس بوقف لمن قرأ (2):«سنَكتُب» بالنون، وبناء الفعل للفاعل، ونصب «قتلَهم» ، و «نقولُ» بالنون.
{الْحَرِيقِ (181)} [181] كاف.
{لِلْعَبِيدِ (182)} [182] تام، إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، أو نصب بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جعل بدلًا من الذين الأول، أو جعل في محل جر نعتًا «للعبيد» ، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{تَأْكُلُهُ النَّارُ} [183] كاف، وتام عند نافع.
{وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} [183] كاف؛ للابتداء بعده بالاستفهام.
{صَادِقِينَ (183)} [183] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «المنير» ، و «ذائقة الموت» ، و «يوم القيامة» ، و «فاز» كلها حسان عند أبي حاتم.
{الْغُرُورِ (185)} [185] تام.
{وَأَنْفُسِكُمْ} [186] جائز.
{أَذًى كَثِيرًا} [186] كاف.
{الْأُمُورِ (186)} [186] تام.
{وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [187] جائز.
{ثَمَنًا قَلِيلًا} [187] حسن.
{مَا يَشْتَرُونَ (187)} [187] تام.
{بِمَا أَتَوْا} [188] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله.
{بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [188] جائز، كذا نقل عن نافع، وهو غير جيد، والأولى وصله؛ لأنَّ قوله:«فلا تحسبنهم» بدل مما قبله سواء قرئ بالتحتية (3)، أو بالفوقية (4)، أو على قراءة من قرأ الأول بالتحتية،
(1) وهي قراءة حمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 183)، الإعراب للنحاس (1/ 382)، الإملاء للعكبري (1/ 93)، البحر المحيط (3/ 131)، التبيان للطوسي (3/ 65)، التيسير (ص: 92)، تفسير الطبري (7/ 444، 445)، المعاني للأخفش (1/ 249).
(2)
وهي قراءة الباقين. انظر: المصادر السابقة.
(3)
وهي قراءة ابن كثير - أبو عمرو. انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: 60)، الإرشاد (ص: 273)، النشر (2/ 246).
(4)
وهي قراءة الباقين من القراء. انظر: المصادر السابقة.
والثاني بالفوقية (1)؛ على اختلاف المعاني والإعراب، وجعل الثاني معطوفًا على الأول؛ لأنَّ المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد؛ لأنه قد استغنى عن مفعولي «يحسب» الأولى بذكر مفعولي الثانية، على قراءته بالتحتية، وعلى قراءته بالفوقية حذف الثاني فقط، وقال ابن عطية: لا يصح أن يكون بدلًا؛ لوجود الفاء؛ فإنها تمنع من البدل.
{بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [188] كاف.
{عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)} [188] تام.
{وَالْأَرْضِ} [189] كاف.
{قَدِيرٌ (189)} [189] تام.
{لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [190] تام إن جعل ما بعده خبر مبتدأ محذوف تقديره: لهم الجنة، أو الخبر «ربنا ما خلقت هذا باطلًا» بتقدير: يقولون، كما قدره شيخ الإسلام، وحسن إن جعل في موضع نصب بإضمار أعني، وليس بوقف إن جعل نعتًا له، أو بدلًا منه، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{جُنُوبِهِمْ} [191] جائز إن جعل «الذين يذكرون الله» نعتًا، أو بدلًا، أو خبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعل مبتدأ، وكذا الكلام على «والأرض» .
{بَاطِلًا} [191] ليس بوقف؛ لاتحاد الكلام في تنزيه الباري عن خلقه الباطل.
{النَّارِ (191)} [191] كاف، ومثله:«فقد أخزيته» ، و «من أنصار» ، و «فآمنا» ، و «الأبرار» كلها وقوف كافية.
{عَلَى رُسُلِكَ} [194] جائز، ومثله «يوم القيامة» .
{الْمِيعَادَ (194)} [194] كاف؛ لأنه آخر كلامهم.
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [195] صالح على قراءة عيسى بن عمر: «لا أضيع» بكسر الهمزة على الاستئناف (2)، وليس بوقف على قراءة الجماعة بفتحها (3).
{أَوْ أُنْثَى} [195] كاف، وقال أبو حاتم: تام، ثم يبتدئ «بعضكم من بعض» ، أي: في المجازاة بالأعمال، أي: مجازاة النساء على الأعمال كالرجال، وإنه لا يضيع لكم عملًا، وإنه ليس لأحد على أحد فضل إلَّا بتقوى الله، قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فعلى هذا
(1) وهي قراءة شاذة رويت عن الضحاك وعيسى بن عمر. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 137)، وتفسير القرطبي (4/ 307).
(2)
أي: همزة «إني» ، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 386)،البحر المحيط (3/ 143)، تفسير القرطبي (4/ 318).
(3)
أي: جمهور القراء.
«بعضكم من بعض» مبتدأ وخبر.
{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [195] تام؛ لأنه كلام مستقل بنفسه كقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وكقوله:«كلكم من آدم» ، فـ «بعضكم» مبتدأ، وخبره «من بعض» ، وقوله:«فالذين هاجروا» مبتدأ، وخبره «لأكفرنَّ عنهم» ، وقوله: و «لأدخلنهم» عطف على الخبر.
{الْأَنْهَارُ} [195] ليس بوقف؛ لأنَّ «ثوابًا» منصوب على الحال، والعامل فيه «ولأدخلنهم» ، أو مفعولًا له، أو مصدرًا.
{مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [195] كاف.
{الثَّوَابِ (195)} [195] تام.
{فِي الْبِلَادِ (196)} [196] كاف؛ لأن ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هو متاع، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: تقلبهم متاع قليل، وقال أبو حاتم: تام، وغلط؛ لأنَّ ما بعده متعلق بما قبله؛ لأنَّ المعنى: تقلبهم في البلاد، وتصرفهم فيها متاع قليل، وقال أبو العلاء الهمداني: الوقف على «قليل» ، ثم يبتدئ «ثم مأواهم جهنم» ، وضعف للعطف بثم إلَّا أنه عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف عند بعضهم.
{ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [197] كاف.
{الْمِهَادُ (197)} [197] جائز؛ لحرف الاستدراك بعده، ومن حيث كونه رأس آية.
{خَالِدِينَ فِيهَا} [198] ليس بوقف؛ لأنَّ «نزلًا» حال من «جنات» قبله، وإن جعل مصدرًا، والعامل فيه ما دل عليه الكلام؛ لأنه لما قال لهم: ذلك دل على انزلوا نزالًا -كان الوقف على «خالدين فيها» كافيًا.
{مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [198] كاف؛ للابتداء بالنفي، نص عليه أبو حاتم السجستاني.
{لِلْأَبْرَارِ (198)} [198] تام.
{خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [199] حسن عند الأكثر، وزعم بعضهم أن الوقف على «خاشعين» ، ثم يبتدئ لله، وهو خطأ؛ لأنَّ اللام في «لله» لا تتصل بما بعدها؛ لأنَّ لله من صلة خاشعين فلا يقطع عنه.
{ثَمَنًا قَلِيلًا} [199] حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده خبرًا بعد خبر؛ لأنَّ «ولمن» اسمها دخلت عليها اللام، وحمل على لفظ من فأفرد الضمير في «يؤمن» ، ثم حمل على المعنى، فجمع في «وما أنزل إليهم» ، وفي «خاشعين» ، وعلى هذا فلا يوقف على «قليلًا» ، ولا على «لله» ؛ لأنَّ «لا يشترون» حال بعد حال، أي: خاشعين غير مشترين.
{عِنْدَ رَبِّهِمْ} [199] كاف.
{الْحِسَابِ (199)} [199] تام.
{وَرَابِطُوا} [200] جائز.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ} [200] ليس بوقف لحرف الترجي، وهو في التعلق كلام «كي» .
آخر السورة تام.
سورة النساء
مدنية
-[آيها:] وهي مائة آية وخمس وسبعون آية في المدني والمكي والبصري، وست في الكوفي، وسبع في الشامي.
- وكلمها: ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأربعون كلمة.
- وحروفها: ستة عشر ألف حرف وثلاثون حرفًا.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودًا منها إجماعًا ستة مواضع:
1 -
{فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [34].
2 -
{إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [77].
3 -
{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [79].
4 -
{وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [81].
5 -
{وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [125].
6 -
{وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [172].
ولا وقف من أولها إلى «ونساء» ؛ فلا يوقف على من «نفس واحدة» ؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ومثله «كثيرًا» .
{وَنِسَاءً} [1] تام.
{وَالْأَرْحَامَ} [1] كاف على قراءتي: نصبه، وجره (1)؛ فمن قرأ بالنصب؛ عطف على لفظ الجلالة، أي: واتقوا الأرحام، أي: لا تقطعوها، أو على محل به، نحو: مررت بزيد وعمرًا بالنصب؛ لأنه في موضع نصب؛ لأنه لما شاركه في الاتباع على اللفظ تبعه على الموضع، وانظر هذا، مع ما قاله السمين في سورة الإنسان لا يعطف إلَّا على محل الحرف الزائد، وما هنا ليس كذلك، وقرأه بالجر عطفًا على الضمير في «به» على مذهب الكوفيين، وهي قراءة حمزة، وحمزة أخذها عن سليمان بن مهران الأعمش، وحمران بن أعين (2)، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (3)، وجعفر بن
(1) قرأ حمزة وحده بالجر وقرأ الباقون بالفتح. انظر هذه القراءة في: تفصيل ذلك في إبراز المعاني (ص:410)، النشر (2/ 247)، إتحاف الفضلاء (ص: 185)، الإعراب للنحاس (1/ 390)، الإملاء للعكبري (1/ 96)، البحر المحيط (3/ 157)، التيسير (ص: 93).
(2)
أبو حمزة الكوفي، مقرئ كبير، أخذ القراءة عرضًا عن عبيد بن نضلة ويحيى بن وثاب، وروى القراءة عنه عرضًا حمزة الزيات، وكان ثبتًا في القراءات ضعيفًا في الحديث رمي بالرفض (ت 130هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 161).
(3)
ابن أبي ليلى (74 - 148 هـ = 693 - 765 م) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار، وقيل: داود ابن بلال الأنصاري الكوفي: قاض، فقيه، من أصحاب الرأي، ولي القضاء والحكم بالكوفة لبني أمية، ثم لبني العباس، واستمر (33 سنة)، له أخبار مع الإمام أبي حنيفة وغيره، مات بالكوفة. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 189).
محمد الصادق (1)، وعرض القرآن على جماعة منهم: سفيان الثوري (2)، والحسن بن صالح (3)، ومنهم إمام الكوفة في القراءات والعربية أبو الحسن الكسائي، ولم يقرأ حرفًا من كتاب الله إلَّا بأثر صحيح، وكان حمزة إمامًا ضابطًا، صالحًا جليلًا، ورعًا مثبتًا، ثقةً في الحديث وغيره، وهو من الطبقة الثالثة، ولد سنة ثمانين، وأحكم القرآن وله خمس عشرة سنة، وأمَّ الناس سنة مائة، وعرض عليه القرآن من نظرائه جماعة، وما قرأ به حمزة مخالف لأهل البصرة؛ فإنهم لا يعطفون على الضمير المخفوض إلَّا بإعادة الخافض، وكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، ومن ذلك قول الشاعر:
إِذَا أَوْقَدُوا نَارًا لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ
…
فقْدُ خَابَ مَنْ يَصْلَى بِهَا وَحَمِيمِهَا (4)
بجر حميمها عطفًا على الضمير المخفوض في بها، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، ولا التفات لمن طعن في هذه القراءة كالزجاج، وابن عطية، وما ذهب إليه البصريون، وتبعهم الزمخشري من امتناع العطف على الضمير المجرور إلَّا بإعادة الجار غير صحيح، بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك، وعلى هاتين القراءتين أعني: نصبه، وجره: كاف، وقرئ
(1) جعفر الصادق (80 - 148 هـ = 699 - 765 م) جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقب بالصادق: سادس الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية، كان من أجلاء التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم، أخذ عنه جماعة، منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العباس وكان جريئًا عليهم صدّاعًا بالحق، له: رسائل، مجموعة في كتاب، مولده ووفاته بالمدينة. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 126).
(2)
سفيان الثوري (97 - 161 هـ = 716 - 778 م) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، من بني ثور بن عبد مناة، من مضر، أبو عبد الله: أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد ونشأ في الكوفة، ورَاوَدَهُ المنصور العباسي على أن يلي الحكم، فأبى، وخرج من الكوفة (سنة 144 هـ) فسكن مكة والمدينة، ثم طلبه المهدي، فتوارى، وانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيًا، له من الكتب: الجامع الكبير، والجامع الصغير -كلاهما في الحديث، وكتاب في الفرائض، وكان آية في الحفظ، من كلامه: ما حفظت شيئا فنسيته. انظر: الأعلام للزركلي (3/ 104).
(3)
ابن حي (100 - 168 هـ = 718 - 785 م) الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفي، أبو عبد الله: من زعماء الفرقة البترية، من الزيدية، كان فقيهًا مجتهدًا متكلمًا، أصله من ثغور همدان، وتوفي متخفيًا في الكوفة، قال الطبري: كان اختفاؤه مع عيسى بن زيد في موضع واحد سبع سنين، والمهدي جادٌّ في طلبهما، له كتب منها: التوحيد، وإمامة ولد علي من فاطمة، والجامع -في الفقه، وهو من أقران سفيان الثوري، ومن رجال الحديث الثقات، وقد طعن فيه جماعة لما كان يراه من الخروج بالسيف على أئمة الجور. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 192).
(4)
لم أستدل عليه.
«والأرحامُ» بالرفع (1)؛ على أنَّه مبتدأ حذف خبره، كأنه قيل: والأرحام محترمة، أي: واجب حرمتها، فلا تقطعوها، حثهم الشارع على صلة الأرحام، ونبههم على أنَّه كان من حرمتها عندهم أنهم يتساءلون، أي: يحلفون بها، فنهاهم عن ذلك، وحرمتها باقية، وصلتها مطلوبة، وقطعها محرم إجماعًا، وعلى هذا يكون الوقف حسنًا، وليس بوقف لمن خفض «الأرحام» على القسم، والتقدير بالله وبالأرحام، كقولك: أسألك بالله وبالرحم، وقيل: الوقف على «به» ، وإن نصب ما بعده على الإغراء بمعنى: عليكم الأرحام فصلوها، فالوقف على «به» كاف عند يعقوب، وتام عند الأخفش، وخالفهما أبو حاتم، ووقف على «تساءلون به والأرحام» على قراءتي: النصب، والجر.
{رَقِيبًا (1)} [1] كاف.
{الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [2] جائز.
{بِالطَّيِّبِ} [2] كاف عند نافع.
{إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [2] حسن.
{كَبِيرًا (2)} [2] كاف.
{وَرُبَاعَ} [3] حسن.
{أَيْمَانُكُمْ} [3] حسن.
{أَلَّا تَعُولُوا (3)} [3] كاف، وقال نافع: تام، وهو رأس آية.
{نِحْلَةً} [4] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{مَرِيئًا (4)} [4] حسن، ومن وقف على «فكلوه» ، وجعل «هنيًّا مريًّا» دعاء، أي: هنأكم الله وأمرأكم -كان جائزًا، ويكون «هنيًّا مريًّا» من جملة أخرى غير قوله:«فكلوه» لا تعلق له به من حيث الإعراب، بل من حيث المعنى، وانتصب «مريَّا» على أنه صفة، وليس وقفًا إن نصب نعتًا لمصدر محذوف، أي: فكلوه أكلًا هنيًّا، وكذلك إن أعرب حالًا من ضمير المفعول، فهي حال مؤكدة لعاملها، وعند الأكثر معناه الحال، ولذلك كان وصله أولى.
{قِيَامًا} [5] جائز؛ لاتفاق الجملتين.
{مَعْرُوفًا (5)} [5] كاف.
{النِّكَاحَ} [6] حسن عند بعضهم، وبعضهم وقف على «وابتلوا اليتامى» ، وجعل «حتى» لانتهاء الابتداء، لا للابتداء، أي: غيًا الابتداء بوقت البلوغ؛ لأنَّ الآية لم تتعرض لسن البلوغ، ثم ابتدأ حتى إذا بلغوا النكاح، والجواب مضمر، أي: حتى إذا بلغوا النكاح زوِّجوهم وسلِّموا إليهم أموالهم، فحذف
(1) وهي قراءة عبد الله بن يزيد، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 96)، البحر المحيط (3/ 157)، تفسير القرطبي (5/ 5)، الكشاف (1/ 241)، المحتسب لابن جني (1/ 179).
الجواب؛ لأنَّ في قوله: «فإن آنستم منهم رشدًا» دلالة عليه.
{رُشْدًا} [6] ليس بوقف؛ لشدة اتصاله بما بعده.
{فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [6] حسن.
{أَنْ يَكْبَرُوا} [6] أحسن منه، وقال أبو عمرو: كاف.
{فَلْيَسْتَعْفِفْ} [6] حسن.
{بِالْمَعْرُوفِ} [6] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [6] حسن.
{حَسِيبًا (6)} [6] تام.
{وَالْأَقْرَبُونَ} [7] الأول حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده، ومثله «أو كثر» إن نصب «نصيبًا» بمقدر.
{مَفْرُوضًا (7)} [7] تام.
{فَارْزُقُوهُمْ} [8] حسن، وقال ابن عامر: كاف.
{قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)} [8] تام، وقيل: كاف.
{عَلَيْهِمْ} [9] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الفاء في قوله:«فليتقوا لله» جواب قوله: «وليخش الذين» .
{سَدِيدًا (9)} [9] تام.
{نَارًا} [10] حسن.
{وَسَيَصْلَوْنَ} [10] قرئ بفتح الياء وضمها (1)، فمن قرأ:«وسيُصلون» بضم الياء مبنيًّا -كان أحسن مما قبله.
{سَعِيرًا (10)} [10] تام على القراءتين (2).
{فِي أَوْلَادِكُمْ} [11] حسن؛ على استئناف ما بعده.
{الْأُنْثَيَيْنِ} [11] كاف، ومثله «ما ترك» لمن قرأ «واحدةٌ» بالرفع؛ على أنَّ «كان» تامة، وحسن لمن قرأ بنصبها على أنها خبر كان (3).
(1) قرأ شعبة ابن عامر وشعبة بالضم، وقرأ الباقون بالفتح. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 186)، الإعراب للنحاس (1/ 398)، الإملاء للعكبري (1/ 98)، البحر المحيط (3/ 179)، التيسير (ص: 94)، الحجة لابن خالويه (ص: 120)، الحجة لأبي زرعة (ص: 191)، السبعة (ص: 227)، الغيث للصفاقسي (ص: 188).
(2)
أي: الفتح والضم في الياء السابق الإشارة إليها.
(3)
قرأ نافع بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 186)، الإملاء للعكبري (1/ 97)، البحر المحيط (3/ 182)، التيسير (ص: 94)، تفسير القرطبي (5/ 64)، الحجة لابن خالويه (ص: 120)، الحجة لأبي زرعة (ص: 192).
{فَلَهَا النِّصْفُ} [11] حسن؛ لانتهاء حكم الأول.
{السُّدُسُ} [11] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله.
{لَهُ وَلَدٌ} [11] حسن، ومثله «فلأمه الثلث» ، وكذا «فلأمه السدس» ، وعند أبي حاتم لا يحسن الوقف حتى يقول:«من بعد وصية يوصي بها أو دين» ؛ لأنَّ هذا الفرض كله إنما يكون بعد الوصية والدَّيْن، قاله النكزاوي.
{أَوْ دَيْنٍ} [11] تام؛ إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «لا تدرون» ، وكاف إن رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم آباؤكم، و «أيهم أقرب» مبتدأ وخبر علق عنه «تدرون» ؛ لأنه من أفعال القلوب، والجملة في محل نصب.
{أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [11] حسن عند من نصب «فريضةً» على المصدر، أي: فرض ذلك فريضة، أو نصبها بفعل مقدر، أي: أعني، وليس بوقف إن نصب على الحال مما قبلها.
{فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [11] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{حَكِيمًا (11)} [11] أكفى، ولم يبلغ درجة التمام؛ لاتصال ما بعده بما قبله معنًى.
{لَهُنَّ وَلَدٌ} [12] حسن، وكذا «أو دين» ، ومثله «إن لم يكن لكم ولد» ، وكذا «أو دين» ، وكذا «منهما السدس» ؛ كلها حسان.
{أَوْ دَيْنٍ} [12] الأخير ليس بوقف؛ لأنَّ «غير» منصوب على الحال من الفاعل في «يوصي» .
{غَيْرَ مُضَارٍّ} [12] حسن إن نصب بعده بفعل مضمر، أي: يوصيكم الله وصية.
والوقف على {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [12] كاف.
{حَلِيمٌ (12)} [12] حسن، أي: حيث لم يعجل العقوبة حين ورثتم الرجال دون النساء –قلتم: لا نورث إلَّا من قاتل بالسيف، أو طاعن برمح.
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [13] تام؛ للابتداء بالشرط بعده.
{خَالِدِينَ فِيهَا} [13] حسن.
{الْعَظِيمُ (13)} [13] تام؛ للابتداء بعده بالشرط.
{خَالِدًا فِيهَا} [14] جائز.
{مُهِينٌ (14)} [14] تام؛ لأنه آخر القصة.
{أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [15] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء.
{سَبِيلًا (15)} [15] تام.
{فَآَذُوهُمَا} [16] حسن.
{عَنْهُمَا} [16] أحسن مما قبله، وقيل: كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{رَحِيمًا (16)} [16] تام.
{بِجَهَالَةٍ} [17] ليس بوقف؛ لأنَّ «ثم» لترتيب الفعل، وكذا «من قريب» ؛ لمكان الفاء.
{يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [17] كاف.
{حَكِيمًا (17)} [17] أكفى مما قبله، ولا وقف من قوله:«وليست التوبة» إلى «أليمًا» ، فلا يوقف على «السيئات» ، ولا على «الموت» ، ولا على «إني تبت الآن»؛ لأنَّ قوله:«ولا الذين يموتون» عطف على «وليست» ، والوقف على المعطوف عليه دون المعطوف قبيح، فكأنه قال: وليست التوبة للذين يعملون السيئات الذين هذه صفتهم، ولا الذين يموتون وهم كفار، «فالذين» مجرور المحل عطفًا على الذين يعملون، أي ليست: التوبة لهؤلاء، ولا لهؤلاء، فسوَّى بين من مات كافرًا، وبين من لم يتب إلَّا عند معاينة الموت -في عدم قبول توبتهما، وإن جعلت «وللذين» مستأنفًا مبتدأ، وخبره «أولئك» -حسن الوقف على «الآن» ، ويبتدئ «وللذين يموتون» ، واللام في «وللذين» لام الابتداء، وليست لا النافية، وإن جعلت قوله:«أولئك» مبتدأ، و «أعتدنا» خبره -حسن الوقف على «كفار» ، وقيل: إن «أولئك» إشارة إلى المذكورين قبل «أولئك» .
{أَلِيمًا (18)} [18] تام؛ للابتداء بالنداء.
{كَرْهًا} [19] كاف؛ على استئناف ما بعده، وجعل قوله:«ولا تعضلوهن» مجزومًا بلا الناهية، وليس بوقف إن جعل منصوبًا عطفًا على «أن ترثوا» ، فتكون الواو مشركة عاطفة فعلًا على فعل، أي: ولا أن تعضلوهنَّ، وإن قدرت أن بعد لا كان من باب عطف المصدر المقدر على المصدر المقدر، لا من باب عطف الفعل على الفعل، انظر: أبا حيان.
{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [19] ليس بوقف؛ للام العلة.
{مُبَيِّنَةٍ} [19] جائز.
{بِالْمَعْرُوفِ} [19] تام؛ للابتداء بالشرط والفاء.
{خَيْرًا كَثِيرًا (19)} [19] كاف، وقيل: تام.
{مَكَانَ زَوْجٍ} [20] ليس بوقف؛ لأنَّ الواو بعده للحال، أي: وقد آتيتم.
{مِنْهُ شَيْئًا} [20] حسن.
{مُبِينًا (20)} [20] كاف.
{غَلِيظًا (21)} [21] تام.
{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [22] كاف؛ للابتداء بعده بـ «إن» .
{سَبِيلًا (22)} [22] تام.
{أُمَّهَاتُكُمْ} [23] كاف، ومثله ما بعده؛ لأنَّ التعلق فيما بعده من جهة المعنى فقط، قال أبو حاتم السجستاني: الوقف على كل واحدة من الكلمات إلى قوله في الآية الثانية: «إلَّا ما ملكت أيمانكم» كاف.
{وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [23] جائز؛ للفرق بين التحريم النسبي والسببي، والوقف على «من الرضاعة» ، و «في حجوركم» ، و «دخلتم بهن» ، و «فلا جناح عليكم» ، و «من أصلابكم» ، و «إلَّا ما قد سلف» ، و «رحيما» كلها وقوف جائزة؛ لأنَّ التعلق فيها من جهة المعنى، والنَّفَس يقصر عن بلوغ التمام.
{أَيْمَانُكُمْ} [24] كاف إن انتصب «كتابًا» بإضمار فعل، أي: الزموا كتاب الله، وعند الكوفيين أنه منصوب على الإغراء، وهو بعيد، والصحيح أنَّ الإغراء إذا تأخر لم يعمل فيما قبله، وتأول البصريون قول الشاعر:
يَا أَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا
…
إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا (1)
على أنَّ دلوي منصوب بالمائح، أي: الذي ماح دلوي، والمشهور: أنَّ ذلك من باب المبتدأ والخبر، وأن دلوي مبتدأ، ودونك خبره، وما استدل به الكسائي على جواز تقديم معمول اسم الفعل عليه، وأنَّ دونك اسم فعل، ودلوي معموله -لا يتعين في الصحاح المائح بالمثناة الفوقية المستقى من أعلى البئر، والمائح بالتحتية الذي يملأ دلوه من أسفلها.
{كِتَابَ اللَّهِ} [24] كاف إن قرئ: «وأحل» ببنائه للفاعل، وليس بوقف إن قرئ بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول عطف على «حرمت» (2).
{غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [24] جائز.
{فَرِيضَةً} [24] كاف، ومثله «من بعد الفريضة» .
{حَكِيمًا (24)} [24] تام؛ لأنَّه تمام القصة.
(1) قائل هذا البيت كما ورد في بعض المصادر رؤبة، وذكر في: الأزمنة والأمكنة، للمرزوقي، الوساطة بين المتنبي وخصومه، لأبي الحسن الجرجاني، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي، مجمع الأمثال، للميداني.-الموسوعة الشعرية
(2)
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ببنائه للفاعل، وقرأ الباقون ببنائه للمفعول. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 189)، الإعراب للنحاس (1/ 406)، الإملاء للعكبري (1/ 102)، البحر المحيط (3/ 216)، التيسير (ص: 95)، تفسير الطبري (8/ 173)، تفسير القرطبي (5/ 124)، الحجة لابن خالويه (ص: 122)، الحجة لابن زنجلة (ص: 198)، السبعة (ص: 231)، الغيث للصفاقسي (ص: 190)، الكشاف (1/ 262)، الكشف للقيسي (1/ 315)، تفسير الرازي (3/ 190)، النشر (2/ 249).
{الْمُؤْمِنَاتِ} [25] كاف.
{بِإِيمَانِكُمْ} [25] جائز، وقيل: كاف على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع الحال على المعنى، أي: فانكحوا مما ملكت أيمانكم غير معايرين بالأنساب؛ لأنَّ بعضكم من جنس بعض في النسب والدين، فلا يترفع الحر عن نكاح الأمة عند الحاجة إليه (1)، وما أحسن قول أمير المؤمنين عليٍّ كرم الله وجهه:
النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكْفَاءُ
…
أَبُوهُمُ آدَمُ وَالأُمُّ حَوْاءُ (2)
{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [25] جائز، ومثله «بإذن أهلهن» .
{بِالْمَعْرُوفِ} [25] ليس بوقف؛ لأنَّ «محصنات غير مسافحات» حالان من مفعول «وآتوهن» .
{أَخْدَانٍ} [25] حسن، وقيل: تام سواء قرئ: «أحصن» مبنيًّا للفاعل، أو للمفعول، قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم:«أُحصِن» بضم الهمزة، وكسر الصاد مبنيًّا للمفعول، والباقون بفتحهما بالبناء للفاعل (3)، ومعنى الأولى: فإذا أحصن بالتزويج -فالمحصن لهن: هو الزوج، ومعنى الثانية: فإذا أحصن فروجهن، أو أزواجهن (4).
{مِنَ الْعَذَابِ} [25] جائز.
{مِنْكُمْ} [25] حسن، ومثله «خير لكم» ، أي: وصبركم عن نكاح الإماء خير لكم؛ لئلَّا يرق ولدكم، ويبتذل، وفي سنن أبي داود، وابن ماجه من حديث أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أراد أن يلقى الله طاهرًا مطهرًا فليتزوج الحرائر» (5).
{رَحِيمٌ (25)} [25] تام.
{عَلَيْكُمْ} [26] حسن.
{حَكِيمٌ (26)} [26] تام، ومثله «عظيمًا» .
(1) انظر: تفسير الطبري (8/ 182)، بتحقيق أحمد محمد شاكر-مؤسسة الرسالة.
(2)
وهو مذكور في: زهر الأكم في الأمثال والحكم، لليوسي، نهاية الأرب في فنون الأدب، للنويري.
-الموسوعة الشعرية.
(3)
انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 189)، الإعراب للنحاس (1/ 407)، الإملاء للعكبري (1/ 103)، البحر المحيط (3/ 224)، التيسير (ص: 95)، تفسير الطبري (8/ 187)، تفسير القرطبي (5/ 143)، الحجة لابن زنجلة (ص: 198)، السبعة (ص: 231)، الغيث للصفاقسي (ص: 190)، الكشف للقيسي (1/ 385)، تفسير الرازي (3/ 201)، النشر (2/ 249).
(4)
انظر: تفسير الطبري (8/ 182)، بتحقيق أحمد محمد شاكر-مؤسسة الرسالة.
(5)
قال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/ 611): ضعيف، رواه ابن ماجه، برقم:(1862)، وابن عدي (164/ 2)، وعنه ابن عساكر (4/ 284/1).
{عَنْكُمْ} [28] كاف على قراءة «وخُلق» بضم الخاء، وعلى قراءته بفتحها (1)، الوصل أولى؛ لأنهما كلام واحد.
{ضَعِيفًا (28)} [28] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء.
{عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [29] حسن.
{أَنْفُسَكُمْ} [29] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{رَحِيمًا (29)} [29] تام.
{نُصْلِيهِ نَارًا} [30] حسن.
{يَسِيرًا (30)} [30] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «كريما» .
{عَلَى بَعْضٍ} [32] حسن.
{مِمَّا اكْتَسَبُوا} [32]، ومثله {مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [32]، وكذا {مِنْ فَضْلِهِ} [32].
{عَلِيمًا (32)} [32] تام، ووقف بعضهم على «مما ترك» إن رفع «الوالدان» بخبر مبتدأ محذوف جوابًا لسؤال مقدر، كأنه قيل: ومن الوارث؟ فقيل: هم الوالدان، والأقربون، أي: لكل إنسان موروث جعلنا موالي، أي: ورَّاثًا مما ترك، ففي «ترك» ضمير يعود على «كل» ، وهنا تم الكلام، ويتعلق «مما ترك» بـ «موالي» ؛ لما فيه من معنى الوراثة، و «موالي» مفعول أول لـ «جعل» ، و «لكل» جار ومجرور وهو الثاني قدِّم على عامله، ويرتفع «الوالدان» على أنه خبر مبتدأ محذوف إلى آخر ما تقدم، وعلى هذا فالكلام جملتان، ولا ضمير محذوفًا في «جعلنا» ، وإن قدرنا: ولكل إنسان وارث مما تركه الوالدان والأقربون جعلنا موالي، أي: مورثين، فيراد بالمولى: الموروث، ويرتفع «الوالدان» بـ «ترك» ، وتكون «ما» بمعنى: من، والجار والمجرور صفة للمضاف إليه «كل» ، والكلام على هذا جملة واحدة، وفي هذا بعد، وهذا غاية في بيان هذا الوقف، ولو أراد الإنسان استقصاء الكلام لاستفرغ عمره ولم يحكم أمره.
{وَالْأَقْرَبُونَ} [33] كاف؛ لأنَّ «والذين» بعده مبتدأ، والفاء في خبره؛ لاحتمال عمومه معنى الشرط.
{نَصِيبَهُمْ} [33] كاف؛ للابتداء بعده بـ «إن» .
{شَهِيدًا (33)} [33] تام.
{مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [34] حسن، وقيل: تام؛ لأنَّ «فالصالحات» مبتدأ، وما بعده خبر إن، و «للغيب» متعلق بـ «حافظات» .
{بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [34] كاف، ومثله «واضربوهن» ؛ للابتداء بالشرط مع اتحاد الكلام، ومثله «سبيلاً» .
(1) وقراءة الضم هي قراءة الجمهور، وقراءة الفتح قراءة شاذة رويت عن ابن عباس ومجاهد. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 228)، الكشاف (1/ 264).
{كَبِيرًا (34)} [34] تام.
{بَيْنِهِمَا} [35] الأول ليس بوقف؛ لمكان الفاء.
{بَيْنَهُمَا} [35] الثاني كاف.
{خَبِيرًا (35)} [35] تام.
{بِهِ شَيْئًا} [36] كاف؛ على استئناف ما بعده، على معنى: وأحسنوا بالوالدين إحسانًا، وقال الأخفش: لا وقف من قوله: «واعبدوا الله» إلى «أيمانكم» ؛ لأنَّ الله أمركم بهذه، فلا يوقف على «شيئا» ، ولا على «إحسانًا» ، ولا على «وابن السبيل» ؛ لاتساق ما بعده على ما قبله.
{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [36] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{فَخُورًا (36)} [36] تام إن رفع «الذين» مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: أولئك قرناء السوء، وكذا إن جعل مبتدأ خبره «إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة» ، وكذا إن جعل في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، وإن جعل في موضع نصب بتقدير: أعني -كان الوقف على «فخورًا» كافيًا، وليس بوقف إن جعل «الذين» منصوبًا بدلًا من الضمير المستكن في «فخورًا» ، أو من «من» ، أو نعتًا لـ «من» ؛ لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه، ولا بين النعت والمنعوت.
{مِنْ فَضْلِهِ} [37] حسن.
{مُهِينًا (37)} [37] تام إن جعل ما بعده مستأنفًا مبتدأ، والكلام فيه كالذي قبله من الرفع والنصب والجر؛ فالرفع بالابتداء، والنصب بتقدير: أعني، والجر عطفًا على «للكافرين» .
{وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [38] تام؛ للابتداء بالشرط.
{فَسَاءَ قَرِينًا (38)} [38] كاف، ومثله «رزقهم الله» .
{عَلِيمًا (39)} [39] تام، ومحل هذه الوقوف الأربعة ما لم يجعل الذين يبخلون مبتدأ، وخبره «إن الله لا يظلم» فإن كان كذلك لم يوقف عليها؛ لأنَّه لا يفصل بين المبتدأ وخبره بالوقف.
{مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [40] حسن، ومن قرأ (1):«حسنةٌ» بالرفع كان أحسن.
{أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [40] حسن، وقال بعضهم: لا يوقف عليه؛ لأنَّ قوله: «فكيف» توكيد لما قبله، معناه: إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة في الدنيا فكيف في الآخرة إذا جئنا من كل أمة بشهيد (2).
(1) وهي قراءة المدنيان وابن كثير، وقرأها الباقون بالنصب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 190)، البحر المحيط (3/ 251)، التيسير (ص: 96)، تفسير الطبري (8/ 365)، تفسير القرطبي (5/ 195)، الحجة لابن خالويه (ص: 123)، الحجة لابن زنجلة (ص: 203)، السبعة (ص: 233)، الغيث للصفاقسي (ص: 191)، الكشف للقيسي (1/ 389، 390)، النشر (2/ 249).
(2)
انظر: تفسير الطبري (8/ 359)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{عَظِيمًا (40)} [40] حسن، ومثله «بشهيد» .
{شَهِيدًا (41)} [41] كاف.
{الْأَرْضُ} [42] جائز إن كان ما بعده داخلًا في التمني، وإلَّا فالوقف عليه حسن، قرأ نافع، وابن عامر:«تسّوي» بتشديد السين، وقرأ أبو عمرو، وابن كثير، وعاصم بضم التاء وتخفيف السين مبنيًّا للمفعول، وقرأ حمزة، والكسائي بفتح التاء والتخفيف (1)، وجواب:«لو» محذوف تقديره: لسروا بذلك.
{حَدِيثًا (42)} [42] تام.
{تَغْتَسِلُوا} [43] كاف، أي: لا تقربوا مواضع الصلاة جنبًا حتى تغتسلوا.
{صَعِيدًا طَيِّبًا} [43] ليس بوقف؛ لمكان الفاء، أو لما كانت الجمل معطوفة بـ «أو» صيرتها كالشيء الواحد.
{وَأَيْدِيكُمْ} [43] كاف؛ للابتداء بعد بـ «ان» .
{غَفُورًا (43)} [43] تام.
{السَّبِيلَ (44)} [44] كاف.
{بأعدائكم} [45] حسن.
{وَلِيًّا} [45] جائز؛ للفصل بين الجملتين المستقلتين.
{نَصِيرًا (45)} [45] كاف؛ إن جعل «من الذين» خبرًا مقدمًا، و «يحرفون» جملة في محل رفع صفة لموصوف محذوف، أي: من الذين هادوا ناس، أو قوم، أو نفر يحرفون الكلم عن مواضعه، فحذف الموصوف، واجتزأ بالصفة عنه، أو تقول حذف المبتدأ، وأقيم النعت مقامه، وكذا إن جعل «من الذين» خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين هادوا، وليس بوقف إن جعل «من الذين» حالًا من فاعل «يريدون» ، أو جعل بيانًا للموصول في قوله:«ألم تر إلى الذين أوتوا» ؛ لأنهم يهود ونصارى، أو جعل بيانًا لأعدائكم، وما بينهما اعتراض، أو علق بـ «نصيرًا» ، وهذه المادة تتعدى بـ «من» ، قال تعالى:
{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 77]، {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} [غافر: 29]، وأما على تضمين النصر معنى المنع، أي: منعناه من القوم، وكذلك وكفى بالله مانعًا ينصره من الذين هادوا، فهي ستة أوجه يجوز الوقف على «نصيرًا» في وجهين، وفي هذا غاية في بيان هذا الوقف،،، ولله الحمد
{وَرَاعِنَا} [46] حسن إن جعل «ليًّا» مصدرًا، أي: يلوون ليًّا بألسنتهم، ودل المصدر على فعله،
(1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 190)، الإملاء للعكبري (1/ 106)، البحر المحيط (3/ 253)، التيسير (ص: 96) تفسير الطبري (8/ 372)، تفسير القرطبي (5/ 198)، الحجة لابن خالويه (ص: 124)، الحجة لأبي زرعة (ص: 204).
وليس بوقف إن جعل مفعولًا من أجله، أي: يفعلون ذلك من أجل اللي، وقرئ (1):«راعنًا» بالتنوين، وخُرِّج على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: قولًا راعنًا متصفًا بالرعن.
{فِي الدِّينِ} [46] حسن.
{وَأَقْوَمَ} [46] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده به استدراكًا، وعطفًا.
{إِلَّا قَلِيلًا (46)} [46] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء.
{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [47] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله.
{أَصْحَابَ السَّبْتِ} [47] كاف.
{مَفْعُولًا (47)} [47] تام.
{أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [48] جائز.
{لِمَنْ يَشَاءُ} [48] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{عَظِيمًا (48)} [48] تام.
{أَنْفُسَهُمْ} [49] كاف، وقال الأخفش: تام، وقيل: ليس بتام؛ لأنَّ ما بعده متصل به، والتفسير يدل على ذلك، قال مجاهد: كانوا يقدمون الصبيان يصلون بهم، ويقولون هؤلاء أزكياء لا ذنوب لهم، «بل الله يزكي من يشاء» ، أي: ليست التزكية إليكم؛ لأنَّكم مفترون، «والله يزكي من يشاء» بالتطهير، فبعض الكلام متصل ببعض، قاله النكزاوي (2).
{مَنْ يَشَاءُ} [49] جائز.
{فَتِيلًا (49)} [49] كاف.
{عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [50] جائز.
{مُبِينًا (50)} [50] تام.
{سَبِيلًا (51)} [51] كاف، ومثله «لعنهم الله» ؛ للابتداء بالشرط.
{نَصِيرًا (52)} [52] كاف؛ لأنَّ «أم» بمعنى: ألف الاستفهام الإنكاري.
{نَقِيرًا (53)} [53] كاف، النقير: النقرة التي في ظهر النواة، والفتيل: خيط رقيق في شق النواة، والقطمير: القشرة الرقيقة فوق النواة، وهذه الثلاثة في القرآن ضرب بها المثل في القلة، والثفروق بالثاء المثلثة والفاء: غلافة بين النواة والقمع الذي يكون في رأس التمرة كالغلافة، وهذا لم يذكر في القرآن (3).
{مِنْ فَضْلِهِ} [54] حسن؛ لتناهي الاستفهام، وقيل: ليس بوقف؛ لمكان الفاء.
(1) وهي قراءة الحسن وابن محيصن، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 191).
(2)
انظر: تفسير الطبري (8/ 452)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(3)
انظر: تفسير الطبري (8/ 472)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{عَظِيمًا (54)} [54] كاف.
{مَنْ صَدَّ عَنْهُ} [55] كاف.
{سَعِيرًا (55)} [55] تام.
{نَارًا} [56] كاف؛ لاستئناف ما بعده؛ لما فيه من معنى الشرط.
{العذاب} [56] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{حَكِيمًا (56)} [56] تام.
{الْأَنْهَارُ} [57] ليس بوقف؛ لأنَّ «خالدين» حال مما قبله.
{أَبَدًا} [57] حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده.
{مُطَهَّرَةٌ} [57] كاف.
{ظَلِيلًا (57)} [57] تام.
{إِلَى أَهْلِهَا} [58] حسن إن كان الخطاب عامًّا؛ لأنَّ قوله: «أن تحكموا» معطوف على «أن تؤدوا» ، أي: أن تؤدوا، وأن تحكموا بالعدل إذا حكمتم، فـ «أن تؤدوا» منصوب المحل إما على إسقاط حرف الجر؛ لأنَّ حذفه يطرد مع أن، وليس بوقف إن كان الخطاب لولاة المسلمين.
{بِالْعَدْلِ} [58] كاف، ومثله «يعظكم به» .
{بَصِيرًا (58)} [58] تام.
{مِنْكُمْ} [59] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الفاء، و «اليوم الآخر» كذلك.
{تَأْوِيلًا (59)} [59] تام.
{وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [60] جائز؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من الضمير في «يزعمون» وهو العامل في الحال.
{إِلَى الطَّاغُوتِ} [60] حسن.
{أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [60] أحسن مما قبله.
{بَعِيدًا (60)} [60] حسن.
{وَإِلَى الرَّسُولِ} [61] ليس بوقف؛ لأن جواب إذا لم يأت وهو رأيت، فلا يفصل بينهما بالوقف.
{صُدُودًا (61)} [61] تام، ولا وقف من قوله:«فكيف» إلى «وتوفيقًا» ، فلا يوقف على «أيديهم» ، ولا على «يحلفون» ، وبعضهم تعسف ووقف على «يحلفون» ، وجعل «بالله» قسمًا، و «إن أردنا» جواب القسم، و «إن» نافية بمعنى: ما، أي: ما أردنا في العدول عنك عند التحاكم إلَّا إحسانًا وتوفيقًا، وليس بشيء؛ لشدة تعلقه بما بعده؛ لأنَّ الأقسام المحذوفة في القرآن لا تكون إلَّا بالواو، فإن ذكرت الباء أتى بالفعل، كقوله:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} [الأنعام: 109] أي، يحلفون بالله، ولا تجد الباء مع حذف الفعل
أبدًا، والمعتمد أنَّ الباء متعلقة بـ «يحلفون» ، وليست باء القسم كما تقدم، ويأتي إن شاء الله تعالى في سورة لقمان في قوله:{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] بأوضح من هذا.
{وَتَوْفِيقًا (62)} [62] كاف.
{مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [63] جائز، ومثله «وعظيم» .
{بَلِيغًا (63)} [63] تام.
{بِإِذْنِ اللَّهِ} [64] كاف، ومثله «توابًا رحيما» ، وبعضهم وقف على قوله:«فلا» ، وابتدأ «وربك لا يؤمنون» ، وجعل «لا» ردًّا لكلام تقدمها تقديره: فلا يفعلون، أو ليس الأمر كما زعموا من أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف قسمًا بعد ذلك بقوله:«وربك لا يؤمنون» وهو توجيه حسن يرقيه إلى التمام، والأحسن الابتداء بها بناء على أنها توطئة للنفي بعدها؛ فهو آكد.
{تَسْلِيمًا (65)} [65] كاف، أكد الفعل بمصدره؛ لرفع توهم المجاز فيه، ومثله «إلَّا قليل منهم» على القراءتين: رفعه بدل من الضمير في «فعلوه» ، ونصبه على الاستثناء.
{تَثْبِيتًا (66)} [66] حسن، قال الزمخشري: و «إذا» جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: وماذا يكون لهم بعد التثبيت؟ فقيل: وإذا لو ثبتوا لآتيناهم؛ لأنَّ «إذا» جواب وجزاء، وعليه فلا يوقف على «تثبيتًا» ، ولا على «عظيمًا»؛ لأنَّ قوله:«وإذا لآتيناهم» ، «ولهديناهم» من جواب لو، قاله السجاوندي مع زيادة للإيضاح.
{مُسْتَقِيمًا (68)} [68] تام.
{وَالصَّالِحِينَ} [69] حسن.
{رَفِيقًا (69)} [69] كاف.
{مِنَ اللَّهِ} [70] حسن.
{عَلِيمًا (70)} [70] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء.
{جَمِيعًا (71)} [71] كاف.
{لَيُبَطِّئَنَّ} [72] تام؛ للابتداء بالشرط مع الفاء.
{شَهِيدًا (72)} [72] كاف.
{مَوَدَّةٌ} [73] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «كأن لم تكن بينكم وبينه مودة» معترضة بين قوله: «ليقولن» ، ومعمول القول، وهو:«يا ليتني» سواء جعلت للجملة التشبيهية محلًّا من الإعراب نصبًا على الحال من الضمير المستكن في «ليقولن» ، أو نصبًا على المفعول بـ «يقولن» ، فيصير مجموع جملة التشبيه، وجملة التمني من جملة المقول، أو لا محل لها؛ لكونها معترضة بين الشرط وجملة القسم وأخرت والنية بها التوسط بين الجملتين، والتقدير: ليقولن يا ليتني، انظر: أبا حيان، وتوسمه شيخ الإسلام
بجائز، لعله فرق به بين الجملتين.
{مَعَهُمْ} [73] كاف؛ لمن رفع ما بعد الفاء على الاستئناف، أي: فأنا أفوز، وبها قرأ الحسن (1)، وليس بوقف لمن رفعه عطفًا على «كنت» ، وجعل «كنت» بمعنى: أكون على معنى: يا ليتني أكون فأفوز، فيكون الكون معهم، والفوز العظيم متمنيين معًا؛ لأنَّ الماضي في التمني بمنزلة المستقبل؛ لأنَّ الشخص لا يتمنى ما كان، إنما يتمنى ما لم يكن؛ فعلى هذا لا يوقف على «معهم» ؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ونصبه على جواب التمني، والمصيبة: الهزيمة، والفضل: الظفر والغنيمة؛ لأنَّ المنافقين كانوا يوادون المؤمنين في الظاهر تهكمًا، وهم في الباطن أعدى عدو لهم، فكان أحدهم يقول وقت المصيبة:
{قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72)} [72]، ويقول وقت الغنيمة والظفر:{يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)} [73]، فهذا قول من لم تسبق منه مودة للمؤمنين (2).
{فَوْزًا عَظِيمًا (73)} [73] تام؛ للأمر بعده.
{بِالْآَخِرَةِ} [74] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «عظيما» .
{الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [75] حسن.
{وَلِيًّا} [75] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على أحد المزدوجين حتى يؤتى بالثاني، والأولى الفصل بين الدعوات.
{نَصِيرًا (75)} [75] تام.
{فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [76] جائز، وكذا «الطاغوت» .
{أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} [76] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{ضَعِيفًا (76)} [76] تام.
{وَآَتُوا الزَّكَاةَ} [77] جائز، ومثله «أو أشدَّ خشية» ، وكذا «القتال»؛ لأنَّ لولا بمعنى: هلَّا وهلَّا بمعنى الاستفهام، وهو يوقف على ما قبله، و «قريب» ، و «قليل» كلها وقوف جائزة، وقال نافع: تام؛ لأنَّ الجملتين -وإن اتفقتا- فالفصل بين وصفي الدارين؛ لتضادهما مستحسن.
{لِمَنِ اتَّقَى} [77] حسن على القراءتين في «يظلمون» ، وقرأ ابن كثير، والأخوان (3):«ولا يظلمون» بالغيبة جريًا على الغائبين قبله، والباقون بالخطاب التفاتًا (4).
(1) وكذا رويت عن يزيد النحوي: «فأفوزُ» ، برفع الزاي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 292)، تفسير القرطبي (5/ 277)، الكشاف (1/ 280)، المحتسب لابن جني (1/ 193).
(2)
انظر: تفسير الطبري (8/ 540)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(3)
وهما حمزة والكسائي، الكوفيان.
(4)
انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: 235)، النشر (2/ 250).
{فَتِيلًا (77)} [77] كاف.
{أَيْنَمَا تَكُونُوا} [78] جائز، يجوز أن يتصل بقوله:«ولا تظلمون» ، ثم يبتدئ بـ «يدرككم الموت» ، والأولى وصله، انظر: ضعفه في أبي حيان.
{الْمَوْتُ} [78] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده مبالغة فيما قبله، فلا يقطع عنه.
{مُشَيَّدَةٍ} [78] حسن.
{مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] حسن، ومثله «من عندك» .
{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] كاف، أي: خلقًا وتقديرًا.
{حَدِيثًا (78)} [78] تام، اتفق علماء الرسم على قطع اللام هنا عن «هؤلاء» ، وفي:
1 -
{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} [الكهف: 49].
2 -
و {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} [الفرقان: 7].
3 -
و {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المعارج: 36]، وقال أبو عمرو في هذه الأربعة: اللام منفصلة عما بعدها، ووجه انفصال هذه الأربعة ما حكاه الكسائي من أنَّ مال فيها جارية مجرى: ما بال، وما شأن، وأنَّ قوله: مال زيد، وما بال زيد؛ بمعنى واحد، وقد صح أنَّ اللام في الأربعة لام جر. اهـ أبو بكر (اللبيب على الرائية) باختصار، وأبو عمرو يقف على ما وقف بيان؛ إذ لا يوقف على لام الجر دون مجرورها، والكسائي قال: عليها وعلى اللام: منفصلة عما بعدها اتباعًا للرسم العثماني، وليست اللام في هذه الأربعة متصلة بما، كما قد يتوهم أنها حرف واحد.
{فَمِنَ اللَّهِ} [79] حسن؛ فصلًا بين النقيضين.
{فَمِنْ نَفْسِكَ} [79] كاف، أي: وأنا كتبتها عليك، قيل في قوله:«فمن نفسك» : إنَّ همزة الاستفهام محذوفة، والتقدير: أفمن نفسك؟ نحو قوله: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] على التقدير: أو تلك نعمة؟ وقرأت عائشة رضي الله عنها: «فمَن نفسُك» بفتح ميم «مَن» ورفع السين (1)، على الابتداء والخبر، أي: أيّ شيء نفسُك حتى تنسب إليها فعلًا؟
{رَسُولًا} [79] حسن.
{شَهِيدًا (79)} [79] تام.
{فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [80] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{حَفِيظًا (80)} [80] حسن.
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} [81] كاف؛ على استئناف ما بعده، وارتفع «طاعة» على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أمرنا طاعةٌ لك، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ الوقف عليه يوهم أنَّ المنافقين موحدون،
(1) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 302)، تفسير الرازي (3/ 267).
وليس كذلك، وسياق الكلام في بيان نفاقهم، وذلك لا يتم إلَّا بوصله إلى «تقول» .
{غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} [81] حسن، ومثله «ما يبيتون» .
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [81] كاف.
{وَكِيلًا (81)} [81] تام.
{الْقُرْآَنَ} [82] حسن؛ لانتهاء الاستفهام على قول من قال: المعنى ولو كان ما تخبرونه مما ترون من عند غير الله -لاختلف فيه، ومن قال: المعنى ولو كان القرآن من عند غير الله -لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا، فعلى هذا يكون كافيا؛ لأنَّ كلام الناس يختلف فيه، ويتناقض إما في اللفظ والوصف، وإما في المعنى بتناقض الأخبار، أو الوقوع على خلاف المخبر به، أو اشتماله على ما يلتئم وما لا يلتئم، أو كونه يمكن معارضته، والقرآن ليس فيه شيء من ذلك، كذا في أبي حيان.
{اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [82] كاف.
{أَذَاعُوا بِهِ} [83] يبنى الوقف على ذلك، والوصل على اختلاف المفسرين في المستثنى منه، فقيل: مستثنى من فاعل «اتبعتم» ، أي: لاتبعتم الشيطان إلَّا قليلًا منكم؛ فإنه لم يتبعه قبل إرسال محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك القليل كقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل ممن كان على دين عيسى عليه السلام قبل البعثة، وعلى هذا فالاستثناء منقطع؛ لأنَّ المستثنى لم يدخل تحت الخطاب، وقيل: الخطاب في قوله: «لاتبعتم» لجميع الناس على العموم، والمراد بالقليل: أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصةً، أي: هم أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا طائفة منهم، ويؤيد هذا القول حديث:«ما أنتم في من سواكم من الأمم إلَّا كالرقمة البيضاء في الثور الأسود» (1)، وقيل: مستثنى من قوله: «لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ، وقيل: مستثنى من الضمير في «أذاعوا به» ، وقيل: مستثنى من الاتباع، كأنه قال: لاتبعتم الشيطان اتباعًا غير قليل، وقيل: مستثنى من قوله: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته» ، أي: إلَّا قليلًا منكم لم يدخله الله في فضله ورحمته، فيكون الممتنع من اتباع الشيطان ممتنعًا بفضله ورحمته، فعلى الأول يتم الكلام على «أذاعوا به» ، ولا يوقف على «منهم» حتى يبلغ قليلًا؛ لأنَّ الأمر إذا ردوه إلى الرسول، وإلى أولي الأمر منهم -لعلمه الجماعة، ولم يكن للاستثناء من المستنبطين معنا، وجعله مستثنى من قوله:«ولولا فضل الله عليكم ورحمته» بعيد؛ لأنه يصير المعنى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبع الجماعة الشيطان، والكلام في كونه استثناءً منقطعًا أو متصلًا، وعلى كل قول مما ذكر يطول شرحه، ومن أراد ذلك فعليه بـ (البحر المحيط) ففيه العذب العذاب، والعجب العجاب، وما ذكرناه هو ما يتعلق بما نحن فيه، وهذا الوقف جدير بأن
(1) أخرج نحوه أحمد (2/ 378)، برقم:(8900)، قال: حدَّثنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا عبد العزيز بن محمد، والبُخاري (8/ 137)، برقم:(6529).
يخص بتأليف (1).
{يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [83] كاف.
{إِلَّا قَلِيلًا (83)} [83] تام؛ للابتداء بالأمر.
{فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [84] جائز؛ لأنَّ ما بعده يصلح مستأنفًا وحالًا.
{الْمُؤْمِنِينَ} [84] حسن.
{كَفَرُوا} [84] كاف.
{تَنْكِيلًا (84)} [84] تام؛ للابتداء بالشرط.
{نَصِيبٌ مِنْهَا} [85] جائز؛ للابتداء بالشرط، وعلى قاعدة يحيى بن نصير: لا يوقف على أحد المزدوجين حتى يأتي بالثاني، وهو «كفل منها» .
{كِفْلٌ مِنْهَا} [85] كاف.
{مُقِيتًا (85)} [85] تام.
{أَوْ رُدُّوهَا} [86] كاف.
{حَسِيبًا (86)} [86] تام.
{إِلَّا هُوَ} [87] جائز.
{لَا رَيْبَ فِيهِ} [87] كاف.
{حَدِيثًا (87)} [87] تام.
{فِئَتَيْنِ} [88] جائز عند أبي حاتم، قاله الهمداني، وقال النكزاوي: ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: والله أركسهم بما كسبوا من تمام المعنى؛ لأنَّ هذه الآية نزلت في قوم هاجروا من مكة إلى المدينة سرًّا، فاستثقلوها فرجعوا إلى مكة سرًّا، فقال بعض المسلمين: إن لقيناهم قتلناهم، وصلبناهم؛ لأنهم قد ارتدوا، وقال قوم: أتقتلون قومًا على دينكم من أجل أنهم استثقلوا المدينة، فخرجوا عنها، فبين الله نفاقهم، فقال:«فما لكم في المنافقين فئتين» ، أي: مختلفين، والله أركسهم بما كسبوا، أي: ردهم إلى الكفر، فعتب الله على كونهم انقسموا فيهم فرقتين، و «فئتين» حال من الضمير المتصل بحرف الجر (2).
{مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [88] كاف؛ لانتهاء الاستفهام.
{سَبِيلًا (88)} [88] أكفى مما قبله.
{سَوَاءً} [89] حسن.
{فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [89] حسن مما قبله؛ للابتداء بالشرط.
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 8)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(2)
انظر: تفسير الطبري (9/ 13)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{وَجَدْتُمُوهُمْ} [89] كاف.
{وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)} [89] تقدم ما يغني عن إعادته، فلا وقف من قوله:«ولا تتخذوا منهم وليًّا» إلى «أو يقاتلوا قومهم» ، فلا يوقف على «نصيرًا» ، ولا على «ميثاق» ، ولا «على صدورهم» ؛ لاتصال الكلام بعضه ببعض.
{أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} [90] كاف، ومثله «فلقاتلوكم» ؛ للابتداء بالشرط مع الفاء.
{السَّلَمَ} [90] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب «فإن» لم يأت بعد.
{سَبِيلًا (90)} [90] كاف.
{قَوْمَهُمْ} [91] جائز.
{أُرْكِسُوا فِيهَا} [91] حسن، تقدم أنَّ «كلما» أنواع ثلاثة: ما هو مقطوع اتفاقًا وهو قوله: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34]، ونوع مختلف فيه، وهو:{كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [91]، و {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ} [الأعراف: 38]، و {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً} [المؤمنون: 44]، و {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [الملك: 8]، والباقي موصول اتفاقًا.
{حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [91] صالح.
{مُبِينًا (91)} [91] تام.
{إِلَّا خَطَأً} [92] ليس بوقف، جعل أبو عبيدة، والأخفش «إلَّا» في معنى: ولا، والتقدير: ولا خطًا، والفراء جعل «إلَّا» في قوّة لكن، على معنى الانقطاع، أي: لكن من قتله خطًا فعليه تحرير رقبة، فعلى قوله يحسن الابتداء بـ «إلَّا» ، ولا يوقف على خطًا؛ إذ المعنى فيما بعده.
{إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [92] كاف؛ للابتداء بحكم آخر، ومثله «مؤمنة» في الموضعين.
{مُتَتَابِعَيْنِ} [92] جائز إن نصب «توبة» بفعل مقدر، أي: يتوب الله عليه توبة، وليس بوقف أن نصب بما قبله؛ لأنه مصدر وضع موضع الحال.
{تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [92] كاف.
{حَكِيمًا (92)} [92] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «عظيمًا» ؛ للابتداء بـ «يا» النداء.
{فَتَبَيَّنُوا} [94] حسن.
{لَسْتَ مُؤْمِنًا} [94] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح أن يكون حالًا، أي: لا تقولوا مبتغين، أو استفهامًا بإضمار همزة الاستفهام، أي: أتبتغون؟ قاله السجاوندي.
{الدُّنْيَا} [94] حسن، ومثله «كثيرة» .
{فَتَبَيَّنُوا} [94] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{خَبِيرًا (94)} [94] تام.
{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [95] ليس بوقف، سواء قرئ: بالرفع صفة لقوله: «القاعدون» ، أو بالنصب حالًا مما قبله، أو بالجر صفة «للمؤمنين» (1).
{وَأَنْفُسِهِمْ} [95] الأول حسن، وقال الأخفش: تام؛ لأنَّ المعنى: لا يستوي القاعدون والمجاهدون؛ لأنَّ الله قسم المؤمنين قسمين: قاعد، ومجاهد، وذكر عدم التساوي بينهما.
{دَرَجَةً} [95] حسن، ومثله «الحسنى» .
{أَجْرًا عَظِيمًا (95)} [95] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده بدل من «أجرًا» ، وإن نصب بإضمار فعل حسن الوقف على «عظيمًا» .
{وَرَحْمَةً} [96] حسن.
{رَحِيمًا (96)} [96] تام.
{فِيمَ كُنْتُمْ} [97] جائز، ومثله «في الأرض» .
{فِيهَا} [97] كاف؛ لتناهي الاستفهام بجوابه.
{جَهَنَّمُ} [97] حسن.
{مَصِيرًا (97)} [97] تقدم ما يغني عن إعادته، وهو رأس آية، وما بعده متعلق بما قبله؛ لأنَّ قوله:«إلَّا المستضعفين» منصوب على الاستثناء من الهاء والميم في «مأواهم» ، وصلح ذلك؛ لأنَّ المعنى: فأولئك في جهنم، فحمل الاستثناء على المعنى، فهو متصل، وأيضًا فإن قوله:«لا يستطيعون حيلة» جملة في موضع الحال من «المستضعفين» ، والعامل في الحال هو العامل في المستثنى بتقدير: إلَّا المستضعفين غير مستطيعين حيلة، وإن جعل منقطعًا، وأنَّ هؤلاء المتوفين إما كفار، أو عصاة بالتخلف، فلم يندرج فيهم المستضعفون، وهذا أوجه وحسن الوقف على «مصيرا» (2).
{سَبِيلًا (98)} [98] جائز.
{عَنْهُمْ} [99] حسن، قال أبو عمرو في (المقنع): اتفق علماء الرسم على حذف الألف بعد الواو الأصلية في موضع واحد، وهو هنا:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [99] لا غير، وأما قوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي} [البقرة: 237]، وقوله:{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)} [محمد: 31]، و {لَنْ نَدْعُوَ} [الكهف: 14] فإنهن كتبن بالألف بعد الواو.
{عَفُوًّا غَفُورًا (99)} [99] تام؛ للابتداء بالشرط.
(1) قرأ بالرفع ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب، وقرأ الباقون: بالنصب، وقرأ أبو حيوة والأعمش بالجر، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 447)، البحر المحيط (3/ 330)، تفسير القرطبي (5/ 344)، الكشاف (1/ 291)، تفسير الرازي (3/ 294).
(2)
انظر: تفسير الطبري (9/ 100)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{وَسَعَةً} [100] كاف؛ للابتداء بالشرط أيضًا، ولا وقف من قوله:«ومن يخرج من بيته» إلى «فقد وقع أجره على الله» ، فلا يوقف على «ورسوله» ، ولا على «الموت» ؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت، وهو «فقد وقع أجره على الله» ، وهو كاف.
{رَحِيمًا (100)} [100] تام.
{أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [101] تام؛ لتمام الكلام على قصر صلاة المسافر، وابتدئ «إن خفتم» ؛ على أنهما آتيان، والشرط لا مفهوم له؛ إذ يقتضي أن القصر مشروط بالخوف، وأنها لا تقصر مع الأمن، بل الشرط فيما بعده وهو صلاة الخوف، وإن أمنوا في صلاة الخوف أتموها صلاة أمن، أي: إن سفرية فسفرية، وإن حضرية فحضرية، وليس الشرط في صلاة القصر، ثم افتتح تعالى صلاة الخوف، فقال تعالى:«إن خفتم» على إضمار الواو، أي: وإن خفتم كما تقدم في «معه ربيون» ، ولا ريب لأحد في تمام القصة، وافتتاح قصة أخرى، ومن وقف على «كفروا» ، وجعلها آية مختصة بالسفر معناه: خفتم أم لم تخافوا، فلا جناح عليكم أن تقصروا الصلاة في السفر، فقوله:«من الصلاة» مجمل؛ إذ يحتمل القصر من عدد الركعات، والقصر من هيئات الصلاة، ويرجع في ذلك إلى ما صح في الحديث (1)، انظر: أبا العلاء الهمداني.
{مُبِينًا (101)} [101] تام.
{أَسْلِحَتَهُمْ} [102] حسن، ومثله «من ورائكم» ، وكذا «أسلحتهم» ، وهو أحسن؛ لانقطاع النظم مع اتصال المعنى.
{مَيْلَةً وَاحِدَةً} [102] حسن.
{وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [102] كاف؛ للابتداء بـ «إن» .
{مُهِينًا (102)} [102] تام.
{وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [103] كاف؛ للابتداء بالشرط، ومثله «فأقيموا الصلاة» .
{مَوْقُوتًا (103)} [103] تام.
{فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} [104] كاف.
{كَمَا تَأْلَمُونَ} [104] حسن؛ لأنَّ قوله: «وترجون» مستأنف، غير متعلق بقوله:«إن تكونوا» ، وليس بوقف إن جعلت الواو للحال، أي: والحال أنتم ترجون.
{مَا لَا يَرْجُونَ} [104] كاف.
{حَكِيمًا (104)} [104] تام.
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 123)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [105] حسن.
{خَصِيمًا (105)} [105] كاف، ومثله «واستغفر الله» ؛ للابتداء بـ «إن» .
{رَحِيمًا (106)} [106] تام.
{أَنْفُسَهُمْ} [107] كاف، ومثله «أثيمًا» ؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل «يستخفون» نعتًا لقوله:«خوَّانًا» ؛ لأنه لا يفصل بين النعت والنعوت بالوقف، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{مِنَ الْقَوْلِ} [108] حسن.
{مُحِيطًا (108)} [108] تام إن جعل «ها أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» خبرًا، و «أنتم» خبرًا مقدمًا، و «هؤلاء» مبتدأ مؤخرًا، أو «أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» منادى، و «جادلتم» خبر.
{فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [109] كاف؛ للاستفهام بعده.
{وَكِيلًا (109)} [109] تام، قال علماء الرسم: كل ما في كتاب الله من ذكر «أمن» فهو بميم واحدة إلَّا في أربعة مواضع فبميمين:
1 -
{أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} [109].
2 -
{أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} [التوبة: 109].
3 -
{أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} [الصافات: 11].
4 -
{أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا} [فصلت: 40].
وما سوى ذلك فبميم واحدة.
{غَفُورًا رَحِيمًا (110)} [110] كاف، ومثله «على نفسه» .
{حَكِيمًا (111)} [111] تام.
{بِهِ بَرِيئًا} [112] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد.
{مُبِينًا (112)} [112] تام.
{أَن يُضِلُّوكَ} [113] حسن، ومثله «من شيء» ، و «ما لم تكن تعلم» .
{عَظِيمًا (113)} [113] تام.
{بَيْنَ النَّاسِ} [114] حسن.
{عَظِيمًا (114)} [114] تام.
{وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [115] حسن.
{مَصِيرًا (115)} [115] تام.
{أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [116] جائز.
{لِمَنْ يَشَاءُ} [116] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{بَعِيدًا (116)} [116] كاف.
{إِلَّا إِنَاثًا} [117] جائز؛ للابتداء بالنفي.
{مَرِيدًا (117)} [117] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده نعت له.
{لَعَنَهُ اللَّهُ} [118] حسن؛ لأنَّ ما بعده غير معطوف على «لعنه الله» .
{نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)} [118] ليس بوقف؛ لعطف الخمس التي أقسم إبليس عليها، وهي: اتخاذ نصيب من عباد الله، وإضلالهم، وتمنيته لهم، إلى قوله:«خلق الله» ؛ لأنَّ العطف صيرها كالشيء الواحد، قوله:«فليغيرنّ خلق الله» ، أي: دين الله، وقيل: الخصاء، قالهما ابن عباس، وقال مجاهد: الفطرة يعني: أنهم ولدوا على الإسلام، فأمرهم الشيطان بتغييره، وعن الحسن: أنَّه الوشم، وهذه الأقوال ليست متناقضة؛ لأنها ترجع إلى الأفعال، فأما قوله:«لا تبديل لخلق الله» ، وقال هنا:«فليغيرنّ خلق الله» -فإن التبديل: هو بطلان عين الشيء، فهو هنا مخالف للتغيير، قال محمد بن جرير (1): أولاها أنه دين الله، وإذا كان معناه فقد دخل فيه كل ما نهى الله عنه من: خصاء، ووشم، وغير ذلك من المعاصي؛ لأنَّ الشيطان يدعو إلى جميع المعاصي (2). اهـ نكزاوي
{خَلْقَ اللَّهِ} [119] حسن.
{مُبِينًا (119)} [119] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من الضمير المستتر في «خسر» ، والعامل في الحال «خسر» ؛ لأنه لا يجوز الفصل بين الحال والعامل فيها، والاستئناف في ذلك أظهر، قاله النكزاوي.
{وَيُمَنِّيهِمْ} [120] حسن.
{إِلَّا غُرُورًا (120)} [120] كاف، ومثله «محيصا» .
{أَبَدًا} [122] ليس بوقف؛ لأنَّ «وعد» منصوب بما قبله، فهو مصدر مؤكد لنفسه، و «حقًّا» مصدر مؤكد لغيره، فـ «وعد» مؤكد لقوله:«سندخلهم» ، و «حقًّا» مؤكد لقوله:«وعد الله» ، و «قيلًا» تمييز.
(1) ابن جرير الطبري (224 - 310 هـ = 839 - 923 م) محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر: المؤرخ المفسّر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن بغداد وتوفي بها، وعرض عليه القضاء فامتنع، والمظالم فأبى، له: أخبار الرسل والملوك، يُعرف بتاريخ الطبري، وجامع البيان في تفسير القرآن -يُعرف بتفسير الطبري، واختلاف الفقهاء، والمسترشد -في علوم الدين، وجزء في الاعتقاد، والقراءات، وغير ذلك، وهو من ثقات المؤرخين، قال ابن الأثير: أبو جعفر أوثق من نقل التاريخ، وفي تفسيره ما يدل على علم غزير وتحقيق، وكان مجتهدًا في أحكام الدين لا يقلد أحدًا، بل قلّده بعض الناس وعملوا بأقواله وآرائه، وكان أسمر، أعين، نحيف الجسم، فصيحًا. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 69).
(2)
انظر: تفسير الطبري (9/ 212)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{حَقًّا} [122] حسن.
{قِيلًا (122)} [122] تام؛ إن جعل «ليس بأمانيكم» مخاطبة للمسلمين مقطوعًا عما قبله مستأنفًا، وإن جعل مخاطبة للكفار الذين تقدم ذكرهم كان الوقف حسنًا، وبكلا القولين قال أهل التفسير، فمن قال: إنه مخاطبة للمسلمين –مسروق، قال: احتج المسلمون، وأهل الكتاب، فقال المسلمون: نحن أهدى منكم، فقال تعالى:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [123]، ومن قال: إنه مخاطبة للكفار، وإنه متصل بما قبله –مجاهد، قال مشركو العرب: لن نعذب، ولن نبعث، وقال أهل الكتاب: نحن أبناء الله وأحباؤه، ولن تمسنا النار إلَّا أيامًا معدودة، وديننا قبل دينكم، ونبينا قبل نبيكم، واختار هذا القول محمد بن جرير؛ ليكون الكلام متصلًا بعضه ببعض، ولا يقطع ما بعده عما قبله إلَّا بحجة قاطعة (1)، قاله النكزاوي.
{أَهْلِ الْكِتَابِ} [123] كاف، وقال ابن الأنباري: تام؛ لأنه آخر القصة على قول من جعل قوله: من يعمل سوءًا يجز به عامًّا للمسلمين وأهل الكتاب، ومن جعله خاصًّا للمشركين جعل الوقف على ما قبله كافيًا، فمن قال: إنه عام لجميع الناس، وإن كل من عمل سيئة جوزي بها -أبيُّ بن كعب، وعائشة؛ فمجازاة الكافر النار، ومجازاة المؤمن نكبات الدنيا، ومن قال: إنه خاص بالكفار -ابن عباس، والحسن البصري، واختار الأول ابن جرير، وقال: إن التخصيص لا يكون إلَّا بتوقيف، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنَّه عام (2).
{نَصِيرًا (123)} [123] تام؛ للابتداء بالشرط.
{وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [124] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد.
{نَقِيرًا (124)} [124] تام.
{وَهُوَ مُحْسِنٌ} [125] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله.
{حَنِيفًا} [125] حسن، وقال أبو عمرو: تام.
{خَلِيلًا (125)} [125] تام.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [126] حسن.
{مُحِيطًا (126)} [126] تام.
{فِي النِّسَاءِ} [127] جائز.
{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [127] جائز عند بعضهم، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «وما يتلى» معطوف على اسم الله، ويبنى الوقف والوصل على إعراب «ما» من قوله:«وما يتلى عليكم» ؛ فمحلها
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 226)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(2)
انظر: المصدر السابق (9/ 228).
يحتمل الرفع، والنصب، والجر؛ فالرفع عطف على لفظ «الله» ، أو عطف على الضمير المستكن في «يفتيكم» ، أو على الابتداء، والخبر محذوف، أي: ما يتلى عليكم في يتامى النساء يبين لكم أحكامهن، والنصب على تقدير: ويبين الله لكم ما يتلى عليكم، والجر على أن الواو للقسم، أو عطف على الضمير المجرور في «فيهن» ، قاله محمد بن أبي موسى، قال: أفتاهم الله فيما سألوا عنه، وفيما لم يسألوا عنه، إلَّا أنَّ هذا ضعيف؛ لأنه عطف على الضمير المجرور، ومن غير إعادة الجار، وهو رأي الكوفيين، ولا يجيزه البصريون إلَّا في الشعر، فمن رفع «ما» على الابتداء كان الوقف على «فيهن» كافيًا، وليس بوقف لمن نصبها، أو جرها، والوقف على «ما كتب لهن» ، و «أن تنكحوهنَّ» ، والوالدان» لا يسوغ؛ لأنَّ العطف صيرهن كالشيء الواحد (1).
{بِالْقِسْطِ} [127] حسن، وقال أحمد بن موسى: تام.
{عَلِيمًا (127)} [127] تام.
{صُلْحًا} [128] حسن.
{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [128] أحسن منه.
{الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [128] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{خَبِيرًا (128)} [128] تام.
{وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [129] كاف عند أبي حاتم، وتام عند نافع.
{كَالْمُعَلَّقَةِ} [129] كاف، ومثله «رحيمًا» ؛ للابتداء بالشرط.
{كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [130] كاف.
{حَكِيمًا (130)} [130] تام.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [131] كاف، أي: ولله ما حوته السموات والأرض، فارغبوا إليه في التعويض ممن فارقتموه؛ فإنه يسد الفاقة، ويلم الشعث، ويغني كلًّا من سعته: يغني الزوج بأنَّ يتزوج غير من طلق، أو برزق واسع، وكذا المرأة، فعلى هذا تم الكلام على قوله:«من قبلكم» (2).
{وَإِيَّاكُمْ} [131] تام عند نافع، وخالفه أهل العربية في ذلك، قال الأخفش: لا يتم الكلام إلَّا بقوله: «وإياكم أن اتقوا الله» ؛ للابتداء بالشرط، وليس ما بعده داخلًا في معمول الوصية؛ فهي جملة مستأنفة، وقيل: معطوفة على «اتقوا الله» ، وضعف؛ لأنَّ تقدير القول ينفي كون الجملة الشرطية، سواء جعلت أن مفسرة أو مصدرية.
{وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [131] أي: ليس به حاجة إلى أحد، ولا فاقة
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 253)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(2)
انظر: تفسير الطبري (9/ 295)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
تضطره إليكم، وكفركم يرجع عليكم عقابه.
{حَمِيدًا (131)} [131] تام.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [132] كاف.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [132] كاف إذا فهمت هذا علمت ما أسقطه شيخ الإسلام، وهو ثلاثة وقوف وهو:«وما في الأرض» مرتين، و «حميدًا» ، والحكمة في تكرير «ولله ما في السموات وما في الأرض» ؛ أنَّ ذلك لاختلاف معنى الخبرين عما في السموات والأرض؛ فإنَّ لله تعالى ملائكة، وهم أطوع له تعالى منكم؛ ففي كل واحدة فائدة، وقال ابن جرير: كررت تأكيدًا.
{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132)} [132] تام؛ للابتداء بالشرط.
{وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ} [133] كاف؛ لانتهاء الشرط بجوابه، لكن أجمع العادون على ترك عدِّ هذا، ومثله {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [172]؛ حيث لم يتشاكل طرفاهما.
{قَدِيرًا (133)} [133] تام.
{وَالْآَخِرَةِ} [134] كاف.
{بَصِيرًا (134)} [134] تام.
{((} [135] ليس بوقف؛ لأنَّ «ولو على أنفسكم» مبالغة فيما قبله.
{وَالْأَقْرَبِينَ} [135] كاف؛ للابتداء بالشرط.
{أَوْلَى بِهِمَا} [135] جائز.
{أَنْ تَعْدِلُوا} [135] كاف.
{خَبِيرًا (135)} [135] تام.
{أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [136] كاف.
{بَعِيدًا (136)} [136] تام، ولا وقف من قوله:«إنَّ الذين آمنوا» إلى «سبيلًا» ، فلا يوقف على «ثم ازدادوا كفرًا» ؛ لأنَّ خبر إن لم يأت بعد.
{سَبِيلًا (137)} [137] تام؛ لانتهاء خبر إن.
{أَلِيمًا (138)} [138] كاف إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «أيبتغون عندهم العزة» ، أو جعل خبر مبتدأ محذوف، أو نصب على الذم، كأنه قال: أذم الذين، وليس بوقف إن جعل صفة للمنافقين، أو بدلًا منهم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [139] كاف، على القول الثاني أعني: إنَّ الذين نعت، أو بدل، وليس بوقف إن جعل «الذين» مبتدأ، والخبر «أيبتغون» ؛ للفصل بين المبتدأ والخبر.
{عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} [139] جائز، عند نافع.
{جَمِيعًا (139)} [139] كاف.
{فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [140] جائز.
{مِثْلُهُمْ} [140] حسن، وقال أبو عمرو: تام.
{جَمِيعًا (140)} [140] كاف؛ إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «فالله يحكم بينكم» ، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ حذف خبره، أو نصب بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جر نعتًا للمنافقين على اللفظ، أو تابع لهم على المحل؛ لأنَّ اسم الفاعل إذا أضيف إلى معموله جاز أن يتبع معموله لفظًا وموضعًا، تقول: هذا ضارب هند العاقلة بجر العاقلة ونصبها، لكن إن رفع «الذين يتربصون» على الابتداء، و «فالله يحكم بينكم يوم القيامة» الخبر، لا يوقف على «بكم» ، ولا «معكم» ، ولا على «المؤمنين» ؛ لأنَّه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف، وإن نصب أو جر ساغ الوقف على الثلاث، فيسوغ على «بكم» ؛ للابتداء بالشرط، وعلى «ألم نكن معكم» ؛ لانتهاء الشرط بجوابه، وللابتداء بشرط آخر، «وإن كان للكافرين نصيب» ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت، وهو:«قالوا» .
{وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [141] حسن؛ إن جعل «الذين يتخذون» نعتًا، أو بدلًا.
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [141] حسن؛ إن جعل ما بعده عامًّا للكافرين، أي: ليس لهم حجة في الدنيا ولا في الآخرة، وليس بوقف إن جعل ذلك لهم في الآخرة فقط.
{سَبِيلًا (141)} [141] تام.
{وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [142] حسن.
{كُسَالَى} [142] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع الحال، والعامل فيها «قاموا» .
{إِلَّا قَلِيلًا (142)} [142] كاف؛ إن نصب ما بعده بإضمار فعل على الذم، وليس بوقف إن نصب على الحال من فاعل «يراءون» ، أو من فاعل «ولا يذكرون» ، قال أبو زيد: مذبذبين بين الكفر والإسلام، روي في الحديث عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:«مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (1) بين غنمين» (2)، أي: المترددة إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع، إذا جاءت إلى هذه نطحتها، وإذا جاءت إلى هذه نطحتها، فلا تتبع هذه ولا هذه (3).
{وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [143] الثانية كاف.
(1) العائرة: أى المترددة الحائرة.
(2)
أخرجه أحمد (2/ 143)، برقم:(6298)، ومسلم (4/ 2146)، برقم:(2784)، والنسائى (8/ 124)، برقم:(5037).
(3)
انظر: تفسير الطبري (9/ 329)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{سَبِيلًا (143)} [143] تام.
{مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [144] حسن.
{مُبِينًا (144)} [144] تام.
{مِنَ النَّارِ} [145] حسن؛ للابتداء بالنفي.
{نَصِيرًا (145)} [145] ليس بوقف؛ إذ لا يبتدأ بحرف الاستثناء، وتقدم التفصيل فيه في قوله:«إلَّا أن تتقوا منهم تقاة» .
{مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [146] كاف؛ للابتداء بـ «سوف» ، واتفق علماء الرسم على حذف الياء من «يؤت» اتباعًا للمصحف العثماني، وحذفت في اللفظ؛ لالتقاء الساكنين، وبني الخط على ظاهر التلفظ به في الإدراج، وسوغ لهم ذلك استغناؤهم عنها؛ لانكسار ما قبلها، والعربية توجب إثباتها؛ إذ الفعل مرفوع وعلامة الرفع فيه مقدرة؛ لثقلها، فكان حقها أن تثبت لفظًا وخطًّا، إلَّا أنها حذفت؛ لسقوطها في الدرج، وكذا مثلها في:
1 -
{يَقُصُّ الْحَقَّ} [الأنعام: 57].
2 -
{نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)} [يونس: 103].
3 -
{لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا} [الحج: 54].
4 -
{بِهَادِي الْعُمْيِ} [الروم: 53].
5 -
{إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} [الصافات: 163].
6 -
{يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41].
7 -
{فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)} [القمر: 5].
كل هذه كتبت بغير ياء، والوقف عليها كما كتبت، ويعقوب أثبتها حال الوقف، ولا يمكن إثباتها حال الوصل؛ لمجيء الساكنين بعدها.
{أَجْرًا عَظِيمًا (146)} [146] تام.
{وَآَمَنْتُمْ} [147] حسن.
{شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [147] تام إن قرئ: «إلَّا من ظلم» بالبناء للمفعول، وبها قرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعاصم، وحمزة، وأبو عمرو، والكسائي، وابن كثير، وابن عامر (1)؛ لأنَّ موضع «من» نصب على الاستثناء، والاستثناء منقطع فعلى قراءة هؤلاء يتم الوقف على «عليما» .
(1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 195)، الإعراب للنحاس (1/ 465)، الإملاء للعكبري (1/ 116)، البحر المحيط (3/ 382)، تفسير الطبري (9/ 343)، تفسير القرطبي (6/ 1، 3)، المحتسب لابن جني (1/ 203)، تفسير الرازي (3/ 335).
{مِنَ الْقَوْلِ} [148] ليس بوقف إن جعلت «من» فاعلًا بالجهر، كأنه قال: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلَّا المظلوم فلا يكره جهره به، والمصدر إذا دخلت عليه أل، أو أضيف عمل عمل الفعل، وكذلك إذا نون، نحو قوله:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا} [البلد: 14، 15]، وقرأ الضحاك، وزيد بن أسلم:«إلَّا من ظَلَم» بفتح الظاء واللام (1)، فعلى هذه القراءة يصح في «إلَّا» الاتصال والانقطاع، ويكون من التقديم والتأخير، وكأنَّه قال: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلَّا من ظلم، فعلى هذا لا يوقف على «عليمًا» (2).
{إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [148] كاف.
{عَلِيمًا (148)} [148] حسن؛ لأنَّ ما بعده متصل به من جهة المعنى.
{قَدِيرًا (149)} [149] تام، ولا وقف من قوله:«إنَّ الذين يكفرون» إلى «حقًّا» ، فلا يوقف على «ورسله» ، ولا على «ببعض» ، ولا على «سبيلًا» ؛ لأنَّ خبر «إن» لم يأت، وهو «أولئك» .
{حَقًّا} [151] كاف.
{مُهِينًا (151)} [151] تام.
{أُجُورَهُمْ} [152] كاف.
{رَحِيمًا (152)} [152] تام.
{مِنَ السَّمَاءِ} [153] حسن.
{مِنْ ذَلِكَ} [153] ليس بوقف؛ لمكان الفاء.
{أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [153] جائز، ومثله «بظلمهم» ، و «ثم» ؛ لترتيب الأخبار، لا لترتيب الفعل.
{فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ} [153] حسن.
{مُبِينًا (153)} [153] كاف.
{فِي السَّبْتِ} [154] جائز.
{غَلِيظًا (154)} [154] كاف، وقيل: تام؛ على أنَّ الباء تتعلق بمحذوف تقديره: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم، قاله الأخفش، وقتادة، وقال الكسائي: هو متعلق بما قبله، وقول قتادة ومن تابعه أولاها بالصواب، قاله النكزاوي.
{غُلْفٌ} [155] جائز.
{قَلِيلًا (155)} [155] كاف، ومثله «عظيمًا» ، والوقف على «ابن مريم» وقف بيان، ويبتدئ «رسول
(1) وهي قراءة شاذة، ورويت أيضًا عن الحسن وابن عباس وابن جبير وابن عمر وعطاء بن السائب. انظر: المصادر السابقة.
(2)
انظر: تفسير الطبري (9/ 343)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
الله»؛ على أنه منصوب بإضمار أعني؛ لأنهم لم يقروا بأنَّ عيسى ابن مريم رسول الله، فلو وصلنا «عيسى ابن مريم» بقوله:«رسول الله» -لذهب فهم السامع إلى أنَّه من تتمة كلام اليهود الذين حكى الله عنهم، وليس الأمر كذلك، وهذا التعليل يرقيه إلى التمام؛ لأنَّه أدل على المراد، وهو من باب صرف الكلام لما يصلح له، ووصله بما بعده أولى؛ فإنَّ رسول الله عطف بيان، أو بدل، أو صفة لعيسى كما أنَّ عيسى بدل من المسيح، وأيضًا فإنَّ قولهم:«رسول الله» هو على سبيل الاستهزاء منهم به كقول فرعون: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)} [الشعراء: 27]، وهذا غاية في بيان هذا الوقف لمن تدبر،،، ولله الحمد (1).
{وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [157] حسن، ووقف نافع على «لفي شك منه» ، أي: وما قتلوا الذي شبه لهم يقينًا أنَّه عيسى، بل قتلوه على شك، ومنهم من وقف على «ما لهم به من علم» ، وجعل الاستثناء منقطعًا، ووقف على «قتلوه» ، وجعل الضمير لعيسى، وابتدأ «يقينًا» ، وجعل «يقينًا» متعلقًا بما بعده، أي: يقينًا لم يقتلوه، فـ «يقينًا» نعت لمصدر محذوف، فهو تقرير لنفي القتل، وليس «قتلوه» بوقف إن نصب «يقينًا» برفعه لما فيه أن ما بعد بل يعمل فيما قبلها، وذلك ضعيف، وقيل: الضمير في «قتلوه» يعود على «العلم» ، أي: ما قتلوا العلم يقينًا، على حد قولهم قتلت العلم يقينًا، والرأي يقينًا، بل كان قتلهم عن ظن وتخمين، وقيل: يعود على الظن، فكأنه قيل: وما صح ظنهم، وما تحققوه يقينًا، فهو كالتهكم بهم، والذي نعتقده أنَّ المشبه هو الملك الذي كان في زمان عيسى، لما رفعه الله إليه، وفقدوه -أخرج لهم شخصًا، وقال لهم: هذا عيسى فقتله وصلبه، ولا يجوز أن يعتقد أنَّ الله ألقى شبه عيسى على واحد منهم، كما قال وهب بن منبه: لما هموا بقتل عيسى، وكان معه في البيت عشرة –قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل، ويدخل الجنة؟ فكل واحد منهم بادر، فألقى شبهه على العشرة، ورفع عيسى، فلما جاء الذين قصدوا القتل، وشبه عليهم، فقالوا: ليخرج عيسى، وإلَّا قتلناكم كلكم، فخرج واحد منهم، فقتل وصلب، وقيل: إنَّ اليهود لما هموا بقتله دخل عيسى بيتًا، فأمر الله جبريل أن يرفعه من طاق فيه إلى السماء، فأمر ملك اليهود رجلًا بإخراجه، فدخل عليه البيت فلم يجده فألقى الله شبه عيسى على ذلك الرجل، فلما خرج ظنوا أنَّه عيسى فقتلوه وصلبوه، ثم قالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ واختلفوا فأنزل الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [157]، وهذا وأمثاله من السفسطة، وتناسخ الأرواح الذي لا تقول به أهل السُّنَّة (2).
{وَمَا قَتَلُوهُ} [157] تام إن جعل «يقينًا» متعلقًا بما بعده كما تقدم، أي: بل رفعه الله إليه يقينًا، وإلَّا فليس بوقف.
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 363)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(2)
انظر: المصدر السابق (9/ 367).
{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [158] كاف، ومثله «حكيما» .
{قَبْلَ مَوْتِهِ} [159] جائز؛ لأنَّ قوله: «ويوم القيامة» ظرف كونه شهيد إلَّا ظرف إيمانهم، قالوا: وللاستئناف، والضمير في «به» ، وفي «موته» لعيسى، وقيل: إنه في «به» لعيسى، وفي «موته» للكتابي، قالوا: وليس بموت يهودي حتى يؤمن بعيسى، ويعلم أنَّه نبي، ولكن ذلك عند المعاينة والغرغرة، فهو إيمان لا ينفعه.
{شَهِيدًا (159)} [159] كاف، ولا وقف من قوله:«فبظلم» إلى قوله: «بالباطل» ، فلا يوقف على «أحلت لهم» ؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ولا على «كثيرًا» ، ولا على «نهوا عنه» .
{بِالْبَاطِلِ} [161] حسن.
{أَلِيمًا (161)} [161] تام، وقال بعضهم: ليس بعد قوله: «فبما نقضهم» وقف تام إلى «أليما» على تفصيل في لكن، إذا كان بعدها جملة صلح الابتداء كما هنا، وإذا تلاها مفرد فلا يصلح الابتداء بها.
{وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [162] حسن إن نصب ما بعده على المدح، أي: أمدح المقيمين، وإنما قطعت هذه الصفة عن بقية الصفات؛ لبيان فضل الصلاة على غيرها، وهو قول سيبويه، والمحققين، وليس بوقف إن عطف على «بما أنزل إليك» ، أي: يؤمنون بالكتب وبالمقيمين، أو عطف على «ما من» قوله:«وما أنزل من قبلك» فإنها في موضع جر، أو عطف على الضمير في «منهم» .
{وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [162] حسن؛ على استئناف ما بعده بالابتداء، والخبر فيما بعده، أو جعل خبر مبتدأ محذوف، أي: هم المؤتون، وليس بوقف إن عطف على «الراسخون» .
{وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [162] كاف؛ إن جعل «أولئك» مبتدأ وخبر، وليس بوقف إن جعل خبر «الراسخون» .
{أَجْرًا عَظِيمًا (162)} [162] تام.
{مِنْ بَعْدِهِ} [163] كاف، وتام عند نافع.
{وَسُلَيْمَانَ} [163] حسن، ومثله «زبورًا» إن نصب «رسلًا» بإضمار فعل يفسره ما بعده، أي: قصصنا رسلًا عليك، أي: قصصنا أخبارهم، فهو على حذف مضاف، فهو من باب الاشتغال، وجملة «قد قصصناهم» مفسرة لذلك الفعل المحذوف، وليس بوقف إن عطف على معنى ما قبله؛ لأنَّ معناه: إنا أوحينا إليك وبعثنا رسلًا، وقرأ الجمهور (1):«زَبورًا» بفتح الزاي جمع جمع؛ لأنك تجمع زبورًا زبرًا،
(1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 169)، الإملاء للعكبري (1/ 118)، البحر المحيط (3/ 397)، التيسير (ص: 98)، تفسير الطبري (9/ 401)، تفسير القرطبي (6/ 17)، الحجة لابن خالويه (ص: 128)، الحجة لابن زنجلة (ص: 219)، السبعة (ص: 240)، الغيث للصفاقسي (ص: 197)، الكشاف (1/ 313)، الكشف للقيسي (1/ 402، 403)، تفسير الرازي (3/ 343)، النشر (2/ 253).
ثم تجمع زبرًا زبورًا، وقرأ حمزة (1): بضم الزاي جمع زبر، وهو الكتاب يعني: أنه في الأصل مصدر على فعل جمع على فعول، نحو: فلس وفلوس، فهو مصدر واقع موقع المفعول به، وقيل: على قراءة العامة جمع: زبور، على حذف الزوائد يعني: حذفت الواو منه، فصار زبر، كما قالوا: ضرب الأمير ونسج اليمن، قاله أبو علي الفارسي (2).
{عَلَيْكَ} [164] حسن، ومثله «تكليمًا» إن نصب «رسلًا» على المدح، وليس بوقف إن نصب ذلك على الحال من مفعول «أوحينا» ، أو بدلًا من «رسله» قبله؛ لأنه تابع لهم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{بَعْدَ الرُّسُلِ} [165] كاف.
{حَكِيمًا (165)} [165] تام؛ لأنَّ «لكن» إذا كان بعدها ما يصلح جملة -صلح الابتداء بما بعدها، كذا قيل.
{بِعِلْمِهِ} [166] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح أن يكون مبتدأ، وحالًا مع اتحاد المقصود.
{يَشْهَدُونَ} [166] حسن.
{شَهِيدًا (166)} [166] تام.
{بَعِيدًا (167)} [167] كاف.
{طَرِيقًا (168)} [168] ليس بوقف إن أريد بالطريق الأولى العموم، وكان استثناء متصلًا، وإن أريد بها شيئًا خاصًّا وهو العمل الصالح -كان منقطعًا.
{أَبَدًا} [169] كاف.
{يَسِيرًا (169)} [169] تام؛ للابتداء بعد بالنداء.
{خَيْرًا لَكُمْ} [170] حسن.
{وَالْأَرْضِ} [170] كاف.
(1) انظر: المصادر السابقة.
(2)
الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل، أبو علي: أحد الأئمة في علم العربية، ولد في فسا (من أعمال فارس)، ودخل بغداد سنة (307 هـ)، وتجول في كثير من البلدان، وفدم حلب سنة (341 هـ)، فأقام مدة عند سيف الدولة، وعاد إلى فارس، فصحب عضد الدولة ابن بويه، وتقدم عنده، فعلمه النحو، وصنف له كتاب: الإيضاح -في قواعد العربية، ثم رحل إلى بغداد فأقام إلى أن توفي بها، كان متهما بالاعتزال، وله شعر قليل، من كتبه: التذكرة -في علوم العربية، وتعاليق سيبويه، والشعر، والحجة -في علل القراءات، وجواهر النحو، والإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني، والمقصور والممدود، والعوامل -في النحو، وسئل في حلب وشيراز وبغداد والبصرة أسئلة كثيرة فصنف في أسئلة كل بلد كتابا، منها المسائل الشيرازية، والمسائل البصريات
(ت 377 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (2/ 179).
{حَكِيمًا (170)} [170] تام.
{إِلَّا الْحَقَّ} [171] كاف.
{رَسُولُ اللَّهِ} [171] حسن.
{وَكَلِمَتُهُ} [171] أحسن مما قبله إن عطف «وروح منه» على الضمير المرفوع في «ألقاها» ، وليس بوقف إن جعل «ألقاها» نعتًا لقوله:«وكلمته» ، وهي معرفة، والجملة في تأويل النكرة، وفي موضع الحال من الهاء المجرورة، والعامل فيها معنى الإضافة، أي: وكلمة الله ملقيًا إياها، وقيل:«ألقاها» لا يصلح نعتًا لـ «كلمته» ؛ لما ذكر، ولا حالًا لعدم العامل، فكان استئنافًا مع أنَّ الكلام متحد، ومن غريب ما يحكى: أن بعض النصارى ناظر عليَّ بن الحسين بن واقد المروزي، وقال: في كتاب الله ما يشهد أنَّ عيسى جزء من الله، وتلا:«وروح منه» ، فعارضه ابن واقد بقوله:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]، وقال: يلزم أن تكون تلك الأشياء جزأ من الله تعالى، وهو محال بالاتفاق، فانقطع النصراني وأسلم، وروي عن أبيِّ بن كعب أنه قال: لما خلق الله أرواح بني آدم أخذ عليهم الميثاق، ثم ردها إلى صلب آدم، وأمسك عنده روح عيسى، فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم، فكان منه عيسى، فلهذا قال:«وروح منه» ، ومعنى كون عيسى روح الله: أنَّ جبريل نفخ في درع مريم بأمر الله، وإنَّما سمى النفخ روحًا؛ لأنَّه ريح يخرج عن الروح، قاله بعض المفسرين، أو أنه ذو روح، وأضيف إلى الله تشريفًا (1).
{وَرُوحٌ مِنْهُ} [171] تام؛ لأنه آخر القصة.
{فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [171] جائز، ومثله «ثلاثة» ، أي: هم ثلاثة؛ فالنصارى زعموا أن الأب إله، والابن إله، والروح إله، والكل إله واحد، وهذا معلوم البطلان ببديهة العقل أنَّ الثلاثة لا تكون واحدًا، وأنَّ الواحد لا يكون ثلاثة.
{خَيْرًا لَكُمْ} [171] حسن، وقيل: كاف، وقيل: تام.
{إِلَهٌ وَاحِدٌ} [171] حسن، ووقف نافع على «سبحانه» ، وخولف في ذلك؛ لأنَّ «أن» متعلقة بما قبلها.
{وَلَدٌ} [171] تام، ولا يجوز وصله بما بعده؛ لأنه لو وصله لصار صفة له، فكان المنفي ولدًا موصوفًا بأنه يملك السموات والأرض، والمراد: نفي الولد مطلقًا.
{وَمَا فِي الْأَرْضِ} [171] كاف.
{وَكِيلًا (171)} [171] تام.
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 415)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
{الْمُقَرَّبُونَ} [172] كاف؛ للشرط بعده.
{جَمِيعًا (172)} [172] تام.
{مِنْ فَضْلِهِ} [173] كاف.
{عَذَابًا أَلِيمًا} [173] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله.
{وَلَا نَصِيرًا (173)} [173] تام، وكذا «مبينًا» ، ولا وقف من قوله:«فأما الذين» إلى «مستقيمًا» ، فلا يوقف على «واعتصموا به» ، ولا على «وفضل» ؛ لاتساق ما بعدهما على ما قبلهما.
{مُسْتَقِيمًا (175)} [175] تام.
{فِي الْكَلَالَةِ} [176] كاف؛ على استئناف ما بعده؛ لأنَّ «في الكلالة» متعلق بـ «يفتيكم» ، وهو من أعمال الثاني؛ لأنَّ «في الكلالة» يطلبها «يستفتونك» ، و «يفتيكم» فأعمل الثاني، ورسم الهمداني «يستفتونك» بالحسن تبعًا لبعضهم تقليدًا، ولم يدعمه بنقل يبين حسنه، ومقتضى قواعد هذا الفن إنه لا يجوز؛ لأنَّ جهتي الأعمال مثبتة إحداهما بالأخرى، فلو قلت: ضربني زيد وسكت، ثم قلت: وضربت زيدًا -لم يجز، ونظيره في شدة التعلق قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [المائدة: 10]،
{آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)} [96] فـ «قطرًا» منصوب بـ «أفرغ» على إعمال الثاني؛ إذ تنازعه «آتوني» ، و «أفرغ» ،
…
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 5] فـ «يستغفر» مجزوم على جواب الأمر، و «رسول الله» يطلبه عاملان:
أحدهما: «يستغفر» .
…
والآخر: «تعالوا» ، فأعمل الثاني عند البصريين، ولذلك رفعه، ولو أعمل الأول لكان التركيب: تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله اهـ أبو حيان بزيادة للإيضاح، وهذا غاية في بيان ترك هذا الوقف،،، ولله الحمد (1)
{نِصْفُ مَا تَرَكَ} [176] كاف؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ.
{إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [176] حسن.
{مِمَّا تَرَكَ} [176] كاف؛ للابتداء بالشرط بحكم جامع للصنفين.
{الْأُنْثَيَيْنِ} [176] حسن.
{أَنْ تَضِلُّوا} [176] كاف، ووقف يعقوب على قوله:«يبين الله لكم» ، وخولف في ذلك؛ لأنَّ «أن» متعلقة بما قبلها على قول الجماعة، وحمله البصريون على حذف مضاف، أي: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، وحمله الكوفيون على حذف لا بعد «أن» ، أي: لئلَّا تضلوا، ونظيرها:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] أي: لئلَّا تزولا، فحذفوا إلَّا بعد أن، وحذفها شائع ذائع قال الشاعر:
(1) انظر: تفسير الطبري (9/ 430)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
رَأَيْنَا مَا رَأَى البُصَرَاءُ مِنْهَا
…
فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أن تُبَاعَا (1)
أي: أن لا تباعا، وقيل: مفعول البيان محذوف، أي: يبين الله لكم الضلالة؛ لتجتنبوها؛ لأنه إذا بين الشر اجتنب، وإذا بين الخير ارتكب؛ فالوقف على هذه الأقوال كلها على قوله:«أن تضلوا» .
وعلى آخر السورة تام، ورسموا «إن امرؤا» بواو وألف، ومثله الربوا حيث وقع، كما مر التنبيه عليه.
(1) البيت من بحر الوافر، وقائله القطامي التغلبي، والبيت جاء في قصيدة له يقول في مطلعها:
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا
…
ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعا
القطامي التغلبي (? - 130 هـ /? - 747 م) عُمير بن شُييم بن عمرو بن عبّاد، من بني جُشَم بن بكر، أبو سعيد، التغلبي الملقب بالقطامي، شاعر غزل فحل، كان من نصارى تغلب في العراق، وأسلم، وجعله ابن سلّام في الطبقة الثانية من الإسلاميين، وقال: الأخطل أبعد منه ذكرًا وأمتن شعرًا، وأورد العباسي (في معاهد التنصيص) طائفة حسنة من أخباره يفهم منها أنه كان صغيرًا في أيام شهرة الأخطل، وأن الأخطل حسده على أبيات من شعره. ونقل أن القطامي أول من لُقب (صريع الغواني) بقوله:
صريع غوان راقهنّ ورقنه
…
لدن شبَّ حتى شاب سود الذوائب
من شعره البيت المشهور:
قد يدرك المتأني بعض حاجته
…
وقد يكون مع المستعجل الزلل
له: ديوان شعر، والقطامي: بضم القاف وفتحها. قال الزبيدي: الفتح لقيس، وسائر العرب يضمون.-الموسوعة الشعرية